انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 322/ترنمية الرياح. . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 322/ترنمية الرياح. . .

ملاحظات: بتاريخ: 04 - 09 - 1939



للأستاذ ميخائيل نعيمة

هّللي، هللي يا رياحْ ... وانسجي حول نومي وشاح

مٍن خرير الغديرْ ... واهتزاز الأثير

واختلاج العبير ... في دموع الصباح

هللي، هللي يا رياح

طوّقيني بنور النجوم ... وافتحي لي قصور الغيومْ

واتركيني هناك ... فَوراء السماك

قد لمحت ملاك ... باسطاً لي الجناحْ

هللي، هللي يا رياح!

هاأنا يا ملاك النعيمْ ... يا رسول الإله الرحيم

ما عساك تشاء ... مِن تراب وماء

فيهما ألف داء ... ما لها مِن براح؟

صفّقي، صفقي يا رياح!

ما أنا يا ملاكي السعيد ... غير طيف شريد طريد

علَّمَتْهُ الحنينْ ... عاديات السنين

فاستطاب الأنين ... واسترقَّ النواحْ

صفقي، صفقي يا رياح!

أتَرَدّى رداَء المنون ... وأداوي الأسى بالظنون

كل فكري عناد ... كل قلبي سواد

كل دربي قاد ... كل عيشي كفاح

قهقهي، قهقهي يا رياح!

كان لي في قديم الزمان ... مرتع في رياض الجنان

بِعتُه بالوعود ... هل تراه يعود

لو نكثتُ العهود ... والتمستُ السماحْ قهقهي، قهقهي يا رياح!

يا ملاكي، ألا من مآب ... لطريد براه العذاب؟

إنْ يعزّ الرجوع ... أفَلاَ من هجوع

لغريب الربوع ... يا ملاك الصلاح؟

ولولي، ولولي يا رياح!

قل، لماذا اعتراكَ الذبول ... هل تراك نظيري تجول

في رحاب الفضا ... نادباً ما مضى

طالباً عوضاً ... عن ديار الفلاح؟

ولولي، ولولي يا رياح!

عجباً بالدموع تجيب ... فإذن أنت مثلي غريب

أنت مثلي طريدْ ... هائم تستعيد

ذكر ماض بعيد ... كان حلماً وراح

هّومي، هومي يا رياح!

أنت مثلي ضللت الطريق ... فيكَ سرٌّ كسرِّي عميق

لا تَنُحْ يا ملاكْ ... ما دهاني دهاك

إن نكن للهلاك ... فالهلاك ارتياح

هوّمي، هومي يا رياحَ

قم بنا فالرياح تكادْ ... تجعل الدمع مِنّا جماد

وتَعالَ نَنَمْ ... في سرير الندمْ

علَّ شهر الظُلَم ... في المنام يزاحْ

أسكتي، أسكتي يا رياح

مخائيل نعيمة