مجلة الرسالة/العدد 322/المسرح والسينما
مجلة الرسالة/العدد 322/المسرح والسينما
من التاريخ
3 - النهضة المسرحية في مصر
ونصيب الفرقة القومية منها وواجبها حيالها
فرقة رمسيس
جمع يوسف وهبي حوله بطلات وأبطال المسرح في ذلك الحين إلا من أبطرتهم الشهرة وأفسدهم المجد، أو خاف منهم على نفسه، وهو في مستهل حياته الفنية التي يرجى منها الخير. . . وليوسف بعض العذر فيما فعل، فما معنى أن يستظل باسم كبير لامع يتضاءل اسمه إلى جانبه ولا يفيد منه شيئاً يذكر، ويكون مصدر خطر على مشروعه الكبير الذي أرصد له ثلاثة عشر ألفاً من الجنيهات من ماله الخاص، فينسب إليه الفضل في النجاح إذا كان مقدراً له ولا يكون ليوسف إلا فضل صاحب المال، وما أتعسه من فضل لا يرتضيه فنان لنفسه! ويوسف إنسان ذكي له كل المميزات التي تجعل منه زعيماً في وسطه، وله كل عيوب الأذكياء التي تفقدهم عطف الكثيرين، وتذكي في نفوسهم الغيرة منهم والحقد عليهم. وقد شق طريقه بجرأة لا مثيل لها، وتزعم جماعة المسرحيين، وأقصى من لا يستطيع الزعامة عليهم، واحتضن من وطئوا أكنفهم له، وارتضوا بقيادته لهم على حين أن ماضيهم الطويل وخبرتهم بالمسرح ودرايتهم به كانت تجعلهم في أنفسهم ينظرون إليه ويبتسمون!
وترقب الناس ما ستخرجه لهم (فرقة رمسيس) من جديد يقبلون عليه. أما القديم فقد عرفوه وشبعوا منه وارتووا. وعلى أي حال، فهل تستطيع (فرقة رمسيس) أن تخرج أوديب أو عطيل أو مدام سان جين؟. . . إن جورج ابيض الذي تزعم التراجيدي لم يكن قد فقد مكانته فيه، وما كان أحد يعتقد أن يوسف أو سواه يحسن القيام بأدواره، وأن تستطيع فرقة رمسيس أن تخرج للناس (الموت المدني) أو (النائب هالير) ولم يكن أحد قد تصور مدى لحظة من الزمان أن عبد الرحمن رشدي يمكن أن يبزه آخر في هذه الأدوار التي اشتهر بها وأتقنها كل الإتقان.
ترقب الناس ما ستأتي لهم به فرقة رمسيس الجديدة من جديد - كما ترقبوا حين أنشئت الفرقة القومية ما ستأتي به لهم هذه الفرقة الجديدة من جديد - والناس عادة لا يرحبون بالقديم لعرفانهم به ولمللهم إياه. ثم إنهم كانوا قليلي الثقة بغير جورج أبيض وعبد الرحمن رشدي!
وقد كان هذه الفكرة التي تخامر أذهان الجماهير، والتي تحدث بها بعض النقاد والكتاب عند تكوين فرقة رمسيس من الدوافع الهامة التي حدت بيوسف لأن يعمل على هدمها نظرياً وعملياً، وتقويضها من أساسها بطرقه المعروفة - وسنفصل ذلك فيما بعد - على أن هذه المجهودات الهدامة كانت من العوامل التي أثرت تأثيراً عكسياً في النهضة المسرحية في مصر، وأساءت إلى يوسف وفرقته إساءة عظيمة، وأفقدته عطف الجماهير وتقديرها
أما يوسف من جانبه فإنه كان راغباً في عدم التحكك بمجد الآخرين، كان يريد أن يبتني المجد لنفسه وبنفسه، وكان يريد أن يظهر في ثوب جديد خلاب، حتى لا يجد الجمهور وجهاً للمقارنة بينه وبين الآخرين فيه. ومن ثم فقد أعلن أنه تلميذ (كيانتوني) الإيطالي، ووضع في برنامجه روايات جديدة لم يعرفها الجمهور من قبل، ولم يسمع بها، ولو أنه كان في أعماقه يحلم بأوديب وعطيل ولويس، وكل الروايات التي اشتهر بها غيره من الأبطال ونالوا بها المجد. وكان يعتقد في نفسه القديرة، أو يرى في نفسه أنه مستطيع التأثير في الجمهور بطريقته الخاصة. فينتزع الإعجاب منه وينتزع راية المجد من الآخرين، وقد أخرج فعلاً فيما تلا من سنين بعض الروايات القديمة المعروفة، كما قام بمشهد صغير من عطيل ضمن مشاهد إحدى الروايات العصرية، لكنه لم يظهر في عطيل نفسها أو أوديب أو سواها من الروايات الضخمة التي أصبحت ملكاً لجورج ابيض طوال عمره!
وفي الساعة الثامنة والدقيقة الخامسة والأربعين من مساء اليوم العاشر من شهر مارس عام 1923 رفع الستار في مسرح رمسيس عن رواية المجنون التي قيل يومئذ إنها من تأليف يوسف وهبي.
(للكلام بقية)
اختيار الروايات في الفرقة القومية
يخطئ من سيظن أن الفرقة القومية أو أصحاب الشأن فيها يعرفون السبب الحقيقي الذي من أجله أنشئت الفرقة، وإلا فما هذا العبث المحض الذي نراه في اختيار الروايات، وما هذه السياسة المضحكة التي يسيرون عليها، وكأنما هم موكلون بالتنكيل بفن التمثيل لقاء ما تكافئهم به الحكومة من أجر؟!
ولنضع أمام القارئ أمثلة يسيرة من هذه السياسة العجيبة.
(الخطاب) و (جنون الشرف)
في الموسم الأسبق أخرجت الفرقة القومية رواية الخطاب (لسومرست موغام)، وهي رواية أقل ما يقال فيها أنها تحض على الرذيلة، وتشجع عليها، وتكافئ الخاطئين، وتجزي الأبرياء شر الجزاء!
ومعرب هذه الرواية هو الأستاذ سليم سعده وقد خيل إليه أنه فهم رسالة الفرقة القومية في هذا الزمان فعرض على مديرها رواية (جنون الشرف) لبيرانديللو، وهي رواية أقل ما يقال فيها أنها تصور الشرف في أجمل الصور، وتحض على حبه والتعلق به. ولكن المدير الفاضل رفضها وطلب إلى المعرب أن يختار سواها من الروايات الشعبية التي هي أقرب إلى متناول هذا الشعب الذي لم يرق إلى درجة بيرانديللو. فاختار المترجم رواية (الخطاب) فقبلت في الحال وكانت سبة للفرقة أبد الدهر!
الروايات التاريخية في السينما
تقول الأنباء: إن إخوان لاما يخرجون رواية تاريخية عن المجنون وأن الثالوث المعروف (آسيا. ماري. جلال) يخرجون رواية تاريخية تحت اسم أرمانوسة أو شيء كهذا - فمن الضروري أن نقول لهؤلاء وهؤلاء ولغيرهم كلمة، أو نسدي إليهم نصيحة.
منذ أعوام أخرجت السيدة آسيا رواية تاريخية عن (شجرة الدر)، وأخرجت السيدة بهيجة حافظ رواية عن (ليلى بنت الصحراء)، وأخرج إخوان لاما بضع روايات كانت مزيجاً من التاريخ وصور الصحراء، وأخرجت السيدة عزيزة أمير وغيرها روايات فيها تاريخ وفيها صور من أهل البدو، وكيف يعيشون، وكيف يملئون الدنيا غراماً!
وكانت هذه الروايات جميعاً تنقصها الطلاوة والحبكة مع أن أصحابها قصدوا فيما قصدوا من لياذهم بالتاريخ والصحراء والملابس المألوفة أن يستروا بها أشياء كثيرة من عدم كفاية الاستعداد، وعدم حبكة الموضوع، بعد أن جربوا التعرض للموضوعات العصرية، فأخفقوا بعض الإخفاق، أي أنهم لجئوا إلى الروايات التاريخية ليداروا بعض العيوب وليفيدوا من الضخامة والمناظر الطبيعية الساحرة، وصور التاريخ الخلابة. مع أن الروايات التاريخية أو ذات المناظر الخارجية، تحتاج لعناية أدق واستعداد أوفى. وتحتاج فيما تحتاج إلى براعة فائقة في الإخراج لا يفهمها إلا الراسخون في العلم. فمن العدل أن نقول لهؤلاء جميعاً من البداية إن تعرضهم للروايات التاريخية لن يفيدهم شيئاً إذا قصدوا إلى ستر بعض العيوب أو الإفادة من الطبيعة ومناظرها. من الحق أن نقول لهم إن إخراج رواية تاريخية معناه البذل العظيم والتضحية الكبرى. ولينظروا كيف تفعل الشركات الأمريكية والإنجليزية على الخصوص. بل ليتأملوا كيف فعل استديو مصر في إخراج (لاشين). وليتريثوا قليلاً وليفكروا كثيراً قبل الإقدام على هذه المجازفات
ونحن على أي حال ندعو لهم بالنجاح والسداد والتوفيق
(فرعون الصغير)
أخبار سينمائية
جريتا جاربو وميلفين دوجلاس
استقر الري أخيراً على أن يكون ميلفين دوجلاس زميل جريتا جاربو في رواية نينوتشكا، وهذه ليست أول مرة يظهر فيها ميلفين إلى جانب جريتا فمنذ أعوام ظهر معها في رواية (إنك في حاجة إلي) ولم يكن وقتها قد نال إلا قليلاً من الشهرة.
جاري كوبر
أمضى جاري عقداً مع سامويل جولدوين وستكون أولى رواياته (النصر الحقيقي) مع أندريه ليدز في دور القيادة.
تيرون باوار
منذ عامين لم يكن تيرون باوار شيئاً مذكوراً، ومع ذلك فإنه في العام الأخير قد ظهر في خمس روايات كل منها تكلفت أكثر من مليونين من الدولارات، وإحداها كما يذكر القراء رواية (قنال السويس) التي منع عرضها في مصر لتعرضها بغير حق لشخصيات تاريخية معروفة. أما (حريق شيكاغو) فقد نالت نصراً عظيماً وقوبلت بعاصفة من النجاح في كل مكان. وهكذا ارتفع تيرون في لمح البرق تسنده الملايين وتحوطه قلوب الفتيات في العالم
مارلين ديتريش
وقد عرفت في رواية (الملاك الأزرق) مع (أميل جاننجز) وسطع نجمها في رواية (مراكش) أو (قلوب محترقة) مع (جاري كوبر). واليوم تفخر بها شركة (بارامونت) وتعتز بمكانتها في هوليود
وقد دعاها الهر هتلر أن تعود إلى بلادها فرفضت وفضلت الخروج من جنسيتها لتعيش حرة طليقة من كل قيد