مجلة الرسالة/العدد 32/شذرات
مجلة الرسالة/العدد 32/شذرات
صعدة في الجو جديدة
في عام 1932 أطلق ريجنر بالونات من المطاط تحمل أجهزة علمية تسجل من ذات نفسها فبلغ علوا قل الضغط عنده إلى 22م. م. وصعد البالون الروسي الحديث يحمل بروكوفييف ورفاقه فبلغ حسبما قدروا علوا قدره 61000 قدم أي ما يعدل ضغطا قدره 50 م. م.
وفي الخريف الماضي ارتفع أمريكيان ببالونهما إلى ضغط قدره 645 م. م. أما البلجيكيون كوسينس وكبفر فأقل ضغط سجلوه بلغ 83م. م. واليوم تأتي الأخبار بان محاولة جديدة ستكون يرجى فيها الصعود إلى أعلى من 68000 قدم وهي الطبقة التي بلغها الروس.
في الصعدات القديمة كان الطائرون يغلقون أنفسهم في حجيرات مكورة محكمة السد. أما في هذه المحاولة الجديدة فسيركب الطائرون في سلة البالون العادية المفتوحة ولكنهم سيلبسون بذلة من المطاط الرخص تغلف أجسامهم تغليفاً تاماً فلا تتصل بالجو الذي يبلغون. وبما أن هذا الجو سيكون قليل الضغط وبما أن هذا سيؤدي إلى انتفاخ تلك البذلات لما بها من هواء صعدوا به من سطح الأرض لذلك ستتفرع تلك البذلات من تعض هوائها، وذلك إلى الضغط الذي يحتمله جسم الإنسان في أثناء تنفسه من الأكسجين. والطائر على هذا الحال سيستطيع الحركة والتنقل في شيء كثير من الحرية واذن سيتمكن من معالجة أجهزته وتسجيل ملاحظاته عن الجو بها وهي ذات مساس بالجو نفسه لا محجوبة عنه كما كان الحال في الصعدات السابقة. وباستخدام السلة المفتوحة مكان القارب المغلق الثقيل سيخف الوزن كثيراً فيزيد لاشك العلو الذي يرجى بلوغه.
ومما يذكر عن الرحلة الروسية أنهم اكتشفوا أن تركيب الهواء في تلك الطبقات العالية هو نفسه الهواء على سطح الأرض، وأن الرطوبة نقصت على حدود الاستراتوسفير 42 في المائة وقد كانت 92 على سطح الأرض، وفي الصعدة الجديدة المزمعة سيحملون معهم جهازاً لقياس الطيف لتسجيل نور الشمس هناك وضوء السماء وجهازاً لتقدير حرارة الشمس وأجهزة لأخذ عينات من الهواء وكمرات وكل هذه الأجهزة لتشغل بالأيدي الطليقة في الجو الطلق لا في داخل الحجيرة الحبيسة كما كان الحال. ولكن مما يؤسف له ان العين والأذن لابد من تغطيتهما فلا ترى الأشياء ولا تسمع إلا من وراء الزجاج. فاللون البنفسجي الغميق الذي رآه الطيارون البلجيكيون والروس سوف لا يراه الطيارون الجدد إلا من دون الزجاج.
ولعل أرجى ما يرجى في هذه الرحلة الجديدة سيكون مما اقترحه الدكتور لوسينس من استخدام خزانة ولسن في أخذ صور فوتوغرافية لأشعة ب العالمية هذه الأشعة الأخيرة لا يزال مجهولاً.
أزمة الضباب
من متاعب الملاحة الضباب لا سيما في البحار الشمالية، ومن آخر ما حاولوا في التغلب على مصاعبه: استعاضة الكمرة
عن العين رجاء أن تنفذ عين الكمرة في طبقاته الكثيفة إلى أبعد مما تصل عين الإنسان. ففي الأيام الأخيرة ركبوا في السفينة الأمريكية الكبيرة (منهاتن كمرة تحس أفلامها أشعة ما دون الأحمر، وفي هذه الكمرة وسيلة مكنية تتوضح الصورة بها وتتثبت من نفسها فتخرج تامة كاملة بعد دقيقة من كشف الكمرة. والى الآن لم تصادف السفينة العظيمة المذكورة حالة جوية لإجراء التجارب المقصودة، فإذا هي صادقت هذا الجو فلا شك أن النتائج ستكشف القناع عن الدرجة التي بها يستطيع الملاحون الاهتداء بالكمرة مكان العين والنهار حالك والبصر كليل.