انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 318/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 318/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 07 - 08 - 1939



حول نعيم الفردوس

لبعض القراء غرام بتعقب ما أكتب في الدين من حين إلى حين، لأنهم

يتوهمون أن الذين في مثل حالي من المشغولين بالدراسات الفلسفية

يغلب عليهم التطرف والخروج على المألوف من قواعد الدين.

وأنا أرحب بالنقد، وأراه علامة من علائم الحيوية العقلية فلا يضايقني أن يكون في القراء من يراقب ما أكتب في الشئون الدينية عساه يجد مجالاً للتعقيب أو التصحيح.

ولكن الذي أنكره على بعض القراء أن يحرِّف الكلم عن مواضعه ليصح له أن يصورني بصورة المسيء، كالذي وقع من الفاضل الذي زعم أني قلت:

(اشغلني عنك، يا رباه، بما في الجنة من أطايب النعيم) ليجوز له أن يقول؛ (فهل رؤي سوء أدب وسوء فهم للدين كالسوءين المتجسمين في دعاء زكي مبارك هذا)؟

وأنا لم أقل ما نسبه إلي هذا الرجل الفاضل، وإنما قلت:

(اشغلني عنك، يا رباه، بما في الجنة من أطايب النعيم، فإن بصري أضعف من أين يواجه نورك الوهاج).

وهذه العبارة هي غاية الغايات في الإيمان بعظمة الله ذي العزة والجبروت، ولكن ذلك الفاضل حذف الشطر الأخير ليجد الفرصة لادعاء الغيرة على الدين، فهنيئاً له ما ظفر به من التقول على رجل أعزه الله بالإسلام الصحيح، وعصمه من الاتجار بالدين.

ألا يكفي أن نسكت عن الأوهام التي يذيعها بعض الناس من وقت إلى وقت بحجة أنهم المرجع الأول لنشر التعاليم الدينية؟ وفي أي شرع يجوز تحريف الكلام عمداً ليتمكن من في قلوبهم مرض من تجريح الأصحاء؟

إن الكلمة التي قلتها لها معان لا يدركها غير صفوة المؤمنين.

ولو طُلب مني توضيحها لقلت: إن العبادة الصحيحة هي رؤية الله في نعمه المشكورة، وليست في دعوى النظر إليه، وهي دعوى أعرض من الصحراء.

وأنا دعوت الله بما دعوت، وأرجوه أن يتقبل ذلك الدعاء، فإن بصري على حدته أضعف من أن يواجه نوره الوهاج.

أحب أن أراك في نعمك، يا رباه! في الحدود التي تساميت إليها في كتاب (التصوف الإسلامي)، وكن وحدك الرقيب على عبدك الحافظ لفضلك ونعمتك، فليس له في الوجود نصير سواك.

زكي مبارك

الوحدة العربية

سيدي الأستاذ الزيات

لقد قرأت كما قرأ غيري ما جرى بين الأستاذ (ساطع الحصري بك) و (الدكتور طه حسين بك) من نقاش حول (الوحدة العربية) فرغبت في نشر حديث كان قد جرى بيني وبين أستاذ فرنسي يدور حول هذا الموضوع.

بدأ الأستاذ الفرنسي حديثه معي بالكلام على ما يسميه الناس بالحقائق فقال: ليس هناك حقيقة مطلقة.

قلت: نعم. لأنه ليس هناك نظر مجرد، فبقدر ما يكون امتداد النظر يكون اتساع الأفق.

فشجعه ذلك على الاسترسال فقال:

أراكم تلهجون كثيراً (بالوحدة العربية) في هذه الأيام. فهل ترى إمكانها؟ إن مقياس كل شيء في هذا العصر هو الفائدة منه، فما فائدة هذه الوحدة لكم؟ أتعتقد أنك عربي؟ أنت مصري قبل أن تكون عربياً، قبل أن تكون مسلماً. أليس كذلك؟

قلت: ألست تسأل لتعرف الحقيقة؟

قال: بلى!

قلت: حسن إذن. قد يكون الجواب على السؤال سؤالاً آخر، فما هي الدولة؟ وما الفائدة من وجودها؟

قال: إن تعريفها غير متفق عليه، ولم يصل أحد بعد إلى تعريف حاسم لها. أما فائدتها فما أظن أحداً ينكر الفائدة من وجودها؟

قلت: أمعنى ذلك أن الدولة لا توجد لأن تعريفها لم يُحدد؟ قال: من ذا الذي يقول بهذا؟ إنها موجودة رغم ذاك!

قلت: أنت تدري أن الدولة مكونة من عناصر هي: وحدة الدين، واللغة، والجنس، والتقاليد، والتاريخ، والأماني، والغايات. . . وكل هذه العناصر ينتظمها (روح معنوي) يسرى بين سكان الدولة - هو شعورهم - بأنهم يكونون دولة لها وجود، ولها حياة، ولها غاية تسعى إليها. . . الكل المجموعي لا الجميعي لكل هذه العناصر، تنتظمه هذه الروح، هو ما يسمى بالدولة. فماذا ينقص الشعوب العربية من ذلك؟ لا شيء البتة. بل أنا أنظر حولي، فلا أرى شعباً في العالم يضم منه هذه العناصر ما يضمه الشعب العربي. إن ألمانيا الحديثة تقوم على أكذوبة (الجنس) فلنفرض أن (الوحدة العربية) تقوم على أكذوبة من هذا النوع. . . هذا إذا أعوزنا التعلل، وعجزنا عن التعليل!

إن الصعوبة الكبرى في قيام الوحدة العربية، تنشأ من أن العرب شعوب متعددة تخضع خضوعاً تاماً - أو ناقصاً - لدول شتى. كما أن هناك اختلافاً على مدلول هذه الكلمة وتفاصيل هذا المدلول (الوحدة العربية) يفسره كل تبعاً لما يراه أنه الأفق لمصلحته، أو رأيه، أو هواه.

فلو كان العرب كلهم أحراراً، أو لو كانوا كلهم يخضعون لسيادة دولة واحدة لحفزهم الغرض من وجودهم إلى الاتحاد، أو لدفعتهم الغاية المتحدة في التخلص من نير الأجنبي إلى تكوين الوحدة المرتجاة، كما أنهم لو تفاهموا لاتحدوا في وجهة النظر، وسبيل الوصول.

لو لم تكن (الوحدة العربية) حقيقةً واقعة، لكانت أمراً واجباً. إن الوحدة العربية ليست هدماً للمزايا الجنسية للشعوب القديمة: كالمصريين، والآشوريين، والبابليين. ولكنها جمع لكل هذه المزايا لتكوين شعب وأحد، وحدته خير من تفرقه على كل حال. أما مزايا الجنس فلا تموت والتوحيد لها بمثابة التطعيم، والتطعيم خير سبيل: للتجديد والتخليد والبقاء. إن الكبرياء العنصرية جهل بمزايا الوحدة، وإذا كانت الوحدة العربية كذباً، فكم من كذب هو أنفس من الصواب عند ذوي الزكانة والبصيرة، والكذب في السياسة، صدق في النظر!

الوحدة العربية، حقيقة واقعة، لأنها عقيدة راسخة!

الله موجود لأنه واجب الوجود، والوحدة العربية موجودة لأنها واجبة الوجود! هذا رأيي في الوحدة العربية. أما رأيي في الدكتور طه حسين فهو أن ديدنه أن يأخذ الرأي من طريق السماع والاتباع. فهو لم ينظر في نفسه باعتباره رجلاً موطنه الشرق، ولغته العربية، ودينه الإسلام، ومأمله العروبة. بل نظر فيما سمع من كلام الأوربيين واتبع ما قالوه بلا تمحيص، وكان خيراً له لو رجع إلى بيئته، وسار مع طبيعته، ونظر في نفسه واستوحى ما يمليه النظر المجرد والمنطق السليم؛ كما أن نظر الدكتور نظر جزئي لا يتسع للشمول والتعميم، وما ذلك بعيب فيه، ولكنه طبيعة مطبوعة، وإنما العيب أن يخرج الإنسان عن طبيعته، فيكون كمن يجرد نفسه من نفسه، ومن هنا كان خطؤه في فهم الأشياء. هذا إلى أنه من الأدباء وليس من العلماء.

محمد أبو الفضل حفني مسعود

سعد وسعاد ومعاوية بن أبي سفيان

ذكر صديقي الأستاذ علي الجندي فيما كتبه في مجلة الرسالة الغراء تحت هذا العنوان أن سعداً لما قطع أبو سعاد صلتها به رفع أمره إلى وإلى تلك الجهة الأموي المفتون المدل بمكانه من قريش، وبمكانه من الخليفة مروان بن الحكم.

ثم ذكر ما كان من أمر ذلك الوالي مع سعاد واغتصابه لها من سعد، وأن سعداً اعتسف الصحراء إلى دمشق عاصمة الخلافة ليشكو ذلك الوالي إلى ابن عمه الخليفة معاوية بن أبي سفيان.

ولا يخفى أن في سياق قصة سعد وسعاد على ذلك الشكل اضطراباً ظاهراً، لأن ما ذكره الأستاذ الجندي في الأول من أن ذلك الوالي الأموي كان مدلاً بمكانه من الخليفة مروان بن الحكم يفيد بظاهره أن قصة سعد وسعاد كانت في عهد مروان ابن الحكم لا في عهد معاوية بن أبي سفيان، وما ذكره في الثاني من أن سعداً اعتسف الصحراء إلى دمشق ليشكو ذلك الوالي إلى ابن عمه الخليفة معاوية يفيد أن تلك القصة كانت في عهده لا في عهد مروان.

ولا يخفي على الأستاذ الجندي أن عهد معاوية بن أبي سفيان عبر عهد مروان بن الحكم، لأن معاوية ولي الملك بعد أن تنازل له عنه الحسن بن علي، فمكث فيه نحو عشرين سنة، وقد بايع من بعده لابنه يزيد، فمكث بعده ثلاث سنين وستة أشهر، ثم بويع بعده لابنه معاوية، فمكث في الملك ثلاثة أشهر، ثم رغب عنه وزهد فيه، فتولاه بعده مروان بن الحكم، وهو فرع آخر من بني أمية غير فرع معاوية بن سفيان.

ورجائي بعد هذا إلى صديقي الأستاذ علي الجندي أن يرجع إلى مصدر هذه القصة ليحقق فيه ذلك الاضطراب، ويدلنا على العهد الذي وقعت فيه من ذينك العهدين. والسلام على الأستاذ ورحمة الله.

عبد المتعال الصعيدي

هل الجزاء الأخروي حسي أم روحي؟

أخذ الأستاذ محمود قراعة على الدكتور زكي مبارك عده الجزاء الأخروي من قبيل الحسيات. والأستاذ قراعة يريد أن يكون جزاء روحياً معنوياً، فقد جزم في كلمته المنشورة في العدد 315 من الرسالة بأن الإسلام (عند ذكر الماديات الأخروية لا يريد بها جزاءها الحسي، بل يريد بها جزاءها المعنوي الروحي، وأنه إن أراد ببعضها اللذة الحسية، فإنه لا يريدها حقيرة متواضعة، كما هي في دنيانا، بل يريدها عزيزة تتصل أكبر ما تتصل بالروحيات والمعنويات) ولكنه في كلمته المنشورة في العدد 316 من الرسالة لم يبق مصراً على هذا فقد آمن بأن (في الجنة لذات روحية وحسية) ولكن الحسية راقية تسمو بالروح.

فإذا كان كذلك فماذا أخذ على الدكتور زكي مبارك؟ وهل أنكر الدكتور زكي مبارك أن في الجنة لذات روحية وحسية؟ وأن الحسية راقية تسمو بالروح؟

الواقع أن الأستاذ قراعة لم يأت بشيء يناقِش فيه أو يناقَش فيه، اللهم إلا كلمة ليست من موضوع الجدل ستأتي، والواقع أيضاً أنه لا سبيل إلى إنكار شيء مما ذكره الدكتور زكي، فإنه لو لم يكن الجزاء الحسي المذكور في القرآن الكريم حسياً على الحقيقة لا على المجاز لما كان هناك معنى للبعث والنشور. إن البعث والنشور هما مقدمة لتلقي الجزاء الحسي بالنعيم في الجنة أو العذاب في النار لا مناص من ذلك أبداً. ولو كان الجزاء روحياً لما كان هناك حاجة للبعث والنشور لأن الأرواح خالدة فتنعم أو تعذب. وما دامت الروح قد قضى عليها أن تكون في هذا اللباس (الجسم) في الدنيا والآخرة، فلا لذة هناك ولا ألم إلا عن طريق الحواس، حتى أكبر النعم وهو رؤية الله تعالى في الآخرة (وإن كانت بغير كيف) حسي لأنه آت عن طريق الحواس، فهو حسي من جهة معنوي من جهة أخرى.

وبعد فماذا يرى المبشر الأمريكاني الذي ذكره الأستاذ قراعة من مطعن في كون نعيم الآخرة حسياً حتى ينقيه الأستاذ قراعة عن الإسلام؟

أما الكلمة التي يناقش فيها الأستاذ قراعة فهي قوله: (إن اللذات الحسية في الآخرة تسمو بالروح، فإذا هذا القول يفيد أن الروح في الآخرة تسمو باطراد عن تذوق كل لذة (وكلها لذات) وهذا أمر لا يتصور لأن الآخرة دار جزاء، فمتى وضع كل إنسان في مرتبة فقد حصل على مرتبة من السمو تناسبه فيبقى فيها إلى ما شاء الله. هذا هو المعقول. ولو كانت كل لذة تكسب الإنسان سمواً لاستحق بهذا السمو جزاء: لذة أعلى، ثم تكسبه هذه اللذة سمواً، وهكذا. وهذا أمر لا ينتهي فلا يكون والله اعلم.

(فلسطين)

داود حمدان

ما رأى علماء اللغة

يقول ابن مالك في ألفيته عند الكلام على النسب:

وفَعَلى في فَعِيلة التُزم ... وفُعلى في فُعَيلة حتم

وما أردناه من هذا البيت هو الصدر وقد شرحه الصرفيون هكذا: إذا أريد النسبة إلى ما وازن فعيلة حذفت ياؤه وفتحت عينه إن لم يكن معتل العين ولا مضاعفاً وذلك مثل حنفية فيقال فيها حنفي. أما كان معتل العين كطويلة أو مضاعفاً كجليلة فلا يحذف منه شيء وعلى ذلك يقل في النسبة إليهما طويليّ وجليليّ. هذا ما قرره الصرفيون في فعيلة، ولكني أقول إذا تقرر هذا فكيف يسوغ لنا أن نقول في النسبة إلى الطبيعة والبديهة طبيعيُّ وبديهيّ مع أن القياس كما علمت أن يقال طبَعيّ وبَدهي ولذلك عدوا ما ورد مخالفاً لذلك عن العرب شاذا لا يقاس عليه كقول الشاعر:

ولستُ بنحوي يلوك لسانُه ... ولكن سليقي أقول فأُعرب

وبيت القصيد هنا سليقي إذا كان القياس أن يقال كما علمت سلقيّ ولكنه قال سليقي فهو من باب الشواذ، وما أردته من ذلك البحث هو هل يجوز لنا إحياء شواذ اللغة والقياس عليها ونهجر القياس الشائع مع عدم وجود ما يمنعنا من استعماله - عندي أن القياس مع هذا أولى إن لم يكن واجب التقديم: وما عند علماء اللغة أريد أن أعرفه!

(معهد الزقازيق)

عبد الغني جمعة

النعيم الحسي والمعنوي في الجنة

خلقت مشكلة الجناية على الأدب مشكلة أخرى. وهي: هل نعيم الجنة حسي أم معنوي؟

وهاتان المشكلتان وأمثالهما من المشكلات الحبيبة إلى النفس لأنها في سبيل الأدب والعلم، لذلك نرجو الله أن يكثر من أمثالهما بقدر ما يريحنا من المشكلات السياسية العقيمة.

ولقد قرأت ما كتبه الدكتور زكي مبارك. وما كتبه الأستاذ قراعة في هذا الصدد فعنت لي بعض ملاحظات على رأى الأستاذ قراعة أسطرها فيما يلي:

أولاً: يتشبث الأستاذ بأن لذات الجنة لذات معنوية، ويذهب إلى وجوب تأويل النصوص التي يدل ظاهرها على أنها حسية. وهذا فضلاً عن أنه مخالف لإجماع أهل السنة فإن كثيراً من النصوص لا يمكن تأويلها إلا بتعسف شديد لا يحتمله. وكذلك قوله تعالى

(قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) فقد دلت الآية الكريمة على أن أنواع الزينة والطيبات من الرزق مباحة للمؤمنين والكافرين في الدنيا، خالصة للمؤمنين في الآخرة لا يشركهم فيها أحد. ولا شك أن أكثر لذات الدنيا ونعيمها حسي محض. وسيكون في الآخرة بهذا الاعتبار نفسه. . .

وقال تعالى: (ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون. يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين) فإن في قوله تعالى فيها ما تشتهيه الأنفس مع ملاحظة اختلاف النفس والروح يشعر بأن النعيم الأخروي حسي في كثير من النعم. . .

وفي الصحيح عن حذيفة أنه سمع النبي يقول: (لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها. فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة). أفليس المناسب أن يكون النعيم بالحرير والديباج، والذهب الفضة في الآخرة، نعيماً حسياً لأنه هو القريب في استعمالها؟

ولو تتبعنا نصوص الكتاب والسنة لوجدنا الكثير منها لا يمكن تأويله وصرفه عن وجهه.

ثانياً: مثل الأستاذ برؤية المنظر الجميل، وسماع الصوت الجميل من الجميل، وبين أنه بإضافة الحاسة الفنية إليهما يكون فيهما جهتان من اللذة: روحية، وحسية، وأن البحث عن الأولى ارتفاع بالروح إلى أوج الكمال، والبحث عن الثانية نزول بها إلى الحضيض. . .! وهذا التمثيل صحيح لا غبار عليه. ولكنه لا يظهر إلا في مثل هذين المثالين مما يمكن أن تضاف إليه الحاسة الفنية ويكون له جهتان.

ولكن ماذا يقول الأستاذ في مثل قوله تعالى: (وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون - فيهما فاكهة ونخيل ورمان) إلى غير ذلك من الآيات التي يظهر فيها أن المقصود التذوق الحسي ولا تظهر فيها اللذة الروحية إلا إذا رأى الأستاذ أننا نأكل طيبات العيش لنقوي أرواحنا لا أجسامنا.

على أني لا أنسي أن أشكر للأستاذ مجهوده القيم، وأطمئنه على عقيدته رغم ما يرميه به الغير من الكفر أعاذنا الله منه.

محمد علي حسنين جويق

كلية اللغة العربية

هل انتهت الثورة؟

سيدي الأستاذ الجليل. . .

تحية واحتراماً. وبعد فقد وردتني رسالة من طالب فلسطيني فاضل يعلن فيها احتجاجه - والنية حسنة - على عبارتي الواردة في كلمتي (هل في الحيوان غريزة الغيب) (الرسالة رقم 314) إذ أقول: (وها قد انتهى أمر الثورة) وهو يقول: إن سكون البلاد لا يعني انتهاء الثورة، وسوف لا يكون هذا إلا إذا نالت البلاد أمانيها.

وأجيب الطالب الفاضل بأنني حين قلت عبارتي تلك لم أكن اقصد هذا المعنى الذي ذهب إليه ومعاذ الله أن أقصده، وإنه من المحقق إن الثورة وإن أخمدتها القوة فليس معنى هذا أن النفوس قد هدأت وقرت، أو أنها رضيت بالمصير الذي يوده لها (القوم) وكلنا يرى هذا ويحسه.

على أنني أجئ هنا بأبيات من قصيدة لي تلقي ضوءا على المعنى الذي ضمنته عبارتي، والخطاب في الأبيات موجه إلى الوطن العزيز.

وعلاك لم يخضع بنوك ولا ونت ... همم لهم كالراسيات عظامُ

هيهات، تأبى ذاك أخلاق لهم ... لا وهْيَ فيها، لا ولا استسلام

لكنّ من عنت القوى وكيده ... شُدت هناك شكيمة ولجام

هذا وإنني أشكر للطالب الفاضل حسن رأيه وأكبر فيه ذلك الروح السامي الذي يتجلى في رسالته.

(نابلس)

فدوى عبد الفتاح طوقان