انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 318/ابنة العار

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 318/ابنة العار

ملاحظات: بتاريخ: 07 - 08 - 1939



للأستاذ فؤاد بليبل

يا ابنةَ العارِ، والخنى، والرذيلَةْ ... أنا لولاكِ ما عرَفتُ الفضيلةْ

أنتِ كالليلِ، فيه قد كمَنَ النُّو ... رُ ومنه مدَّ الصباح تَليْلَهْ

ومن السمِّ ما يعلُّ ومنهُ ... ما تداوي بِه الجسومُ العليله

إنَّ في لحظِكِ الأثيمِ بريقاً ... طاهراً أخطأَ الوزى تأويله

هو صحوُ الضميرِ من غفلةِ الإث ... مِ على مصرعِ الخلالِ النبيله

هو ومضُ الحياءِ في غيهبِ البغ ... ي وفيضٌ من المعاني الجليله

هو ذوبٌ من الشعور رقيقٌ ... لاحَ كالفجرِ في ظلامِ الرذيله

هو روحٌ ذابتْ أَسى فاستحالت ... عبراتٍ بين الجفونِ الكحيله

أثقلتها الآثامُ فهي شرورٌ ... وَجَلَتْها الآلاُم فهي صَقيله

كلما دانت الحقيقةَ أَلْفَتْ ... دونَ إدراكِها سجوفاً سديله

ونزاعاً طيَّ الضلوع عنيفاً ... بين قلبٍ صحا ونفسٍ ضليله

ومن العارِ ما يبرِّده الجه ... لُ وما يجهلُ الورى تعليله

يا ابنةَ العارِ أنتِ بالعُذْر أولى ... منكِ بالعَذْل جارِحاً والنميله

إنما النذْلُ من حداكِ على الرج ... س وأغراكِ بالوعودِ الجميله

زيَّنَ الوِزْرَ والمخازي لعين ... ك ولم يدَّخر لخدعِكِ حيله

وأراك المنيع حِلاًّ شهيّاً ... لا لشيءٍ إلا ليروي غليله

فإذا بالنكيرِ غيرُ نكيرٍ ... ساغَ حتى لم تنكري تحليله

فخلعتِ العِذَارَ ساعةَ لهوٍ ... ونَبَذْتِ الحياَء إلا قليله

فضيَ الأمرُ، واستفقتِ على الخز ... ي فحاولتِ بالدموعِ غسيله

وأبى الشرعُ والتقاليدُ إلاّ ... أن تظلِّي - وإن ندمتِ - نذيله

وتنحَّى عنكِ الجميعُ ولم تج ... دِكِ نفعاً تلك الدموعُ الطليله

قتلوا فيكِ كلَّ روحٍ شريفٍ ... وأحلُّوا روحَ الفسادِ بديله

ثم أرادُوكِ أن تكوني بغيّاً ... وهُم أَقْلَعوكِ ثَوْبَ الفضيله فتردَّيتِ في النقائصِ والبُط ... لِ ولو أَصلحوكِ كنتِ كميله

هفوةٌ بعد هفوةٍ بعد أُخرى ... هفواتٌ كانتْ عليك وبيله

ليتَ شعري ماذا جنيتِ من الطي ... شِ سوى الغمِّ والحياةِ الذليله

وانهيارِ الآمالِ والندمِ المرِّ (م) ... وندبِ الرغائبِ المستحيله

وذبولِ الشبابِ دَارَت عليهِ ... برحاها أيدي المجونِ الثقيله

وغضونٌ تزدادُ يوماً فيوماً ... وعيونٌ كادتْ تكونُ كليله

وضميرٌ قد حجّرَتْهُ المعاصي ... وحياةٌ بالموبقاتِ حفيله

(دار الأهرام)

فؤاد بليبل $ 2