انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 300/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 300/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 03 - 04 - 1939



عطف ملكي كريم

تلقينا من ديوان حضرة صاحب المعالي كبير الأمناء هذا الكتاب الكريم الذي نتشرف بنشره:

حضرة المحترم الأستاذ أحمد حسن الزيات.

أتشرف بإبلاغ حضرتكم الشكر السامي على النسخة التي قدمتموها إلى حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم من عدد الرسالة الممتاز الخاص بالهجرة.

وتقبلوا حضرتكم وافر الاحترام

تحريراً في 26 مارس سنة 1939

كبير الأمناء

محمد سعيد ذو الفقار

حول إنسانية الرسول

قد قرأت ما كتب الدكتور زكي مبارك في إنسانية الرسول في العدد 297 من الرسالة الغراء، وقرأت ما عقب به الأستاذ عبد المتعال الصعيدي في العدد 298، فوجدت كلا منهما قد غلب على قلمه فغالى فأخطأ. ومغالاة الأستاذ الصعيدي وخطؤه على قلته أعجب عندي من مغالاة الدكتور زكي مبارك وخطته على كثره. فالدكتور لم يتضلع من علم الأزهر ولا من فقه الإسلام وإن كان قد تقدم للعالمية المؤقتة منذ عامين. والقدر الذي عرفه في الأزهر أيام كان أزهريّاً قد عفت عليه السنون الكثيرة التي قضاها خارج الأزهر في جوه غير جوه الديني، بين القاهرة وباريس. ومن هنا الغلطة التي أخذها عليه الأستاذ عبد المتعال الصعيدي من تصويره شخصية الرسول غير مدروسة حق الدرس في البيئات الإسلامية. ومن هنا المعاني الشاذة الأخرى التي يعرفها القارئ في لحن مقاله مما لا يسنده فيه كتاب ولا سنة ولا عقل: من نحو أن النبوة تكتسب، وأن وحي السماء ينزل على الرسول صلوات الله عليه هو من هذا الذي يسميه الدكتور وحيا يهبط كل وقت من السماء!

هذا وأمثاله ليس غريباً أن يقع فيه مثل الدكتور زكي مبارك لأنه لم يقل هذا لقال كما تقول جماعة المسلمين. ولكن الغريب أن يقول الأستاذ عبد المتعال الصعيدي في خطابه: (والذي يعرفه المسلمون جميعا أن الوحي لم يكن له مع النبي شأن في أمور الدنيا). هذا غريب من القول فيه غلو كبير من غير شك، وعبارته من غير شك أعم كثيراً من المعنى الذي إليه قصد. فتأبير النحل الذي ضربه مثلا ليس هو كل أمور الدنيا، ولا هو مثال لأهم أمور الدنيا، وإنما هو مثال لدنيا الناس التي يعرفونها بالتجربة من نحو حرث وزرع وسقي وصناعة، فهذه لم يأت الدين ليعلمهم إياها وإنما وجههم إلى البحث فيها ووكلهم في التفاصيل إلى نتائج بحثهم وتجاربهم. أما غير هذا النوع من أمور الدنيا فالإسلام قد هدى الإنسان فيه، وهداه فيه بالوحي، كما يعرف الأستاذ من الآيات الكثيرة المتعلقة بالأحكام في القرآن. فليست هناك ناحية من نواحي الحياة إلا وقد شملها الإسلام بهديه ووحيه حتى ما يأكل الإنسان وما لا يأكل، وما يشرب وما لا يشرب، وما يلبس وما لا يلبس، وما يبدي من جسده وزينته وما لا يبدي، وحتى الاستئذان قبل الدخول والسلام عند الدخول لم يهمل الإسلام تأديب الإنسان فيه. فإذا كانت هذه الأمور وأمثالها ليست من أمور الدنيا فما هي أمور الدنيا يا ترى؟

إن الأمثلة التي ساقها الأستاذ في خطابه على أنها من أمور الدين أكثرها من هذا القبيل كعتاب الله سبحانه لرسوله في إذنه في غزوة تبوك لبعض من استأذنه من المنافقين في القعود، وفي قبوله الفدية ممن قبل منهم من أسرى بدر. هذا كله من أمور الدنيا في الصميم. وإذا لم يكن القتال وأموره من أمور الدنيا فماذا يكون؟ طبعاً هذا كله أيضاً من أمور الدين، وهذا بالضبط هو الدليل الذي لا ينقض على أن أمور الدنيا في الإسلام جزء من أمور الدين

بقيت نقطة في خطاب الأستاذ كان يحسن أن يحتاط لها فيستتمها ولا يتركها كما تركها. فقد قال إن أكثر العلماء جوّزوا على النبي صلوات الله عليه الاجتهاد في أمور الدين بدون الوحي (وجوزوا عليه الخطأ فيها أيضاً) وسكت عند هذا. ولا عند هذا يكون السكوت، فإن إطلاق القول هكذا يوهم أن كثرة العلماء أو قلتهم ترى أن بعض أحكام الدين التي جاءتنا عن الرسول. يجوز أن تكون في ذاتها. هذا هو لازم القول بعدم الخطأ على النبي في الاجتهاد من غير تنبيه إلى الحقيقة الكبرى وهي إنه ما من خطأ اجتهادي وقع فيه النبي. ومن هنا الأمثلة غير الكثيرة التي عاتب الله فيها رسوله في القرآن. فكل ما لم يعاتب فيه النبي، وكل ما لم ينبه هو الناس إلى خلافه هو من الدين طبق مراد الله سبحانه، وإلا لأرشد سبحانه نبيه ورسوله إلى الصواب فيه

هذا ما نرى أن الأستاذ الصعيدي كان عليه أن يحتاط فيه للناس فينبه إليه حين كتب ذلك الخطاب. والسلام على الأستاذ.

محمد أحمد الغمراوي

إصلاح بيتين في مجلتين

قال أديب في مجلة مشهورة شهرية: (إن قول عديّ بن زيد العبادي:

ويلومون فيك يا ابنة عبدا ال ... له والقلب عندكم موثوق

خطأ، والصواب: موثق)

وعدي لم يقل (موثوق)، بل قال: موهوق، والموهوق المحبوس، ووهقه حبسه، والبيت من شواهدهم

وروى (فاضل) في مجلة شهرية أسبوعية بيتاً في أبيات لأحد الشعراء، والبيت هو:

وقبة ملك كأن النجوم ... تضيء إليها بأسرارها

والأبيات لعلي بن الجهم صاحب (عيون المها. . .) وقد حرم بيتَه ذاك الرواية الصحيحة في كل موضع ورد فيه، فكتاب ذكر تضيء وميم النجوم في آخر الصدر، ومجموع قال تصفى والميم المذكورة في أول العجز. وإني لموقن أن علياً قال:

وقبة ملك كأن النجو ... م تفضي إليها بأسرارها

وأفضى إليه بسره أعلمه به. والبيت من المتقارب، ومن المعلوم أن بحر هذا الشعر تتلاقى فيه العروض الصحيحة (والقبض فيها أحسن من التمام) والعروض المحذوفة. وقد بلبل ترتيب الصدور والأعجاز في أبيات هذا البحر كثيراً من الشعراء والأدباء - من شوقي والعقاد فنازلا - لتلاقي تلك الأعاريض التي تطول وتقصر. . .

(* * *)

مسلمو يوغوسلافيا

سيدي الأستاذ الجليل صاحب الرسالة:

قرأت مقالكم الشائق (رسالة الأزهر) وأعجبت به وهزتني نشوة الطرب لأنه بشير بعدة مقالات لعلمي بصرخاتكم الاجتماعية والدينية الاستنهاضية

بيد أنني قد رأيت في حكمك على مسلمي يوغوسلافيا شيئاً من الشدة لعل سببها عدم إلمام الذي رويتم عنه - بأحوال المسلمين هناك، وإني مسلم عربي أعرف أحوال المسلمين في يوغسلافيا وأدواءهم لأني عرفت القوم وعاشرتهم وأقمت بين ظهرانيهم

لذلك أعلن أن البوسنيين والهرسك وهما العنصران اللذان يدينان بالإسلام في يوغسلافيا - لا يؤمنون بالصوفية الزائفة ولا يدينون بالخرافات، إلا أن فيهم جهالاً وفي طباعهم شيء من الشدة وفي تمسكهم بالدين شيء من العصبية لعل سببها أنهم مطوقون بالأمم الأجنبية التي لا تعتقد عقيدتهم ولا تدين بدينهم

ولئن كانوا يمتازون عن مواطنيهم بشيء فإنما يمتازون عنهم بطرابيشهم الحمراء القانية وعمائمهم البيضاء الناصعة، ثم بجرأة المسلم وعزة المؤمن والنشاط الإسلامي الذي لا يلهي بدنيا ولا يصرف عن دين

ولئن كانت العجمة والأمية تحولان بين المسلم الأوربي وبين دينه، فطغيان العامية وانتشار الأمية، وشظف العيش، وأعاصير السياسة وعسف السلطات، والأمراض الفتاكة في الشرق العربي كفيلة بصرف المسلم عن دينه والحيلولة بينه وبين فهمه.

ولقد طفت الشمال الأفريقي كله وتجولت في مصر، والشام، والحجاز والعراق، واختلطت بالعامة وتغلغلت في طبقات المتعلمين فما وجدت فرقا بين هذه الشعوب.

وما أراها أحسن حالاً من مسلمي يوغوسلافيا ولا سيما إذا صرفنا النظر عن طائفة القرويين في مراكش، والزيتونيين في تونس، والأزهريين في مصر، وجماعة النجف الأشرف في العراق

فالمسلم العامي في يوغوسلافيا لا يختلف في عقيدته، وعقليته، وعاداته عن أخيه المسلم العامي في الشرق العربي، والمسلم اليوغسلافي الذي نزح إلى الشرق ودرس اللغة العربية لا يختلف عن أخيه المسلم الأزهري، والمسلم اليوغسلافي الذي تخرج في مدارس يوغسلافيا المدنية لا يبعد عن أخيه المسلم المصري الذي تخرج في جامعة فؤاد الأول. على أن المسلم اليوغسلافي لا يألو جهداً في فهم دينه بواسطة العلماء والكتب المترجمة، والتفاسير المنقولة إلى لغته أو غير لغته؛ أما كون هذه التفاسير أو تلك الكتب صحيحة أو غير صحيحة، فهذا ما نوجه السؤال عنه إلى مشيخة الأزهر.

والحقائق المرة التي نقررها والأسف يملأ جوانحنا هي أن الجهل لا يزال منتشراً بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن الذين فهموا الدين أو قاربوا نهجه من المتعلمين لم يتجاوزوا العدد القليل بعد، وأن الجهل سبب ويلات المسلمين أينما حلوا، وأن الأزهر لم يؤد رسالته على الوجه الأكمل بعد، وأن مصر لم تقم بأعباء الزعامة الإسلامية التي تطفح بها صحفها صباح مساء، وأن الأغلبية من المفكرين والشباب الإسلامي في مصر لا يعلمون عن إخوانهم في الأقطار النائية قليلاً ولا كثيراً

حمدا لك يا حضرة الأستاذ وشكراً على اهتمامك بإخوانك وعنايتك بقضيتهم. وإنا معشر الغرباء والضيوف نهيب بحضرتك وحضرات السادة قادة الفكر الإسلامي، أن تؤدوا زكاة أقلامكم وتبذلوا لإخوانكم المسلمين شيئاً من عنايتكم وتنشروا عنهم الحقائق الصحيحة حتى يعلم قراؤكم العرب أن لهم إخوانا يمدون أيديهم للتعارف. وأملنا وطيد ورجاؤنا أكيد أن تعالج أنت القضية الإسلامية كما عالجت في الشهور الماضية قضية القضايا (الغني والفقر)، ورسالتكم كفيلة إن شاء الله بتحقيق كل أمنية، لأنها منتظرة كالحبيب، شافية كالمطهر، منتشرة كالقمر، محبوبة كالعافية. ونسأل الله أن يحقق آمالنا ويصلح أعمالنا ويوفقنا إلى فهم ديننا

علي محمد رفعت

مسلمون في فنلندا

هذا عنوان المحاضرة الطريفة التي ألقاها الدكتور بشر فارس في قاعة جمعية الشبان المسلمين في الأسبوع الماضي. وأولئك المسلمون لم يسمع بأمرهم قبل رحلة الدكتور بشر إلى بلاد الشمال سنة 1934. فلما لقيهم هنالك تتبع آثارهم وفحص عن أحوالهم الدينية والثقافية والاجتماعية وبحث في شؤونهم القومية والقانونية فخرج برسالة وجيزة نشرها سنة 1935 باللغة الفرنسية في مجلة الدراسات الإسلامية الصادرة في باريس

والمحاضرة جمعت بين الوصف والإخبار والتقرير، وقد قسم المحاضر الكلام، فتناول الدين والثقافة والقومية وشؤون المرأة على الترتيب، ثم تلا القرار الذي به اعترفت الحكومة الفنلندية بالدين الإسلامي وأعقبه بقانون الطائفة الإسلامية الفنلندية وهو على خمس وعشرين فقرة تحدد واجب أبناء الطائفة وتعين معاملة بعضهم لبعض وغير ذلك من الشؤون الخاصة

وبعد المحاضرة ابرز الدكتور بشر بعض صور بالفانوس السحري؛ منها صورة الإمام، وثانية لزفاف بنت الإمام، وثالثة لدكان أحد المسلمين الأغنياء، وأخرى لفرقة كرة القدم

وقد وقعت المحاضرة عند السامعين ألطف موقع لما اشتملت عليه من البيانات الجديدة في عبارة فصيحة وأسلوب جذاب.

اللغة العربية وتدريسها في بعض جامعات الصين

ورد من (هونغ كونغ) عاصمة الصين المؤقتة، أن وزارة التربية والتعليم هناك قررت تدريس اللغة العربية والثقافة الإسلامية في ثلاث من جامعاتها ابتداء من العام الدراسي المقبل، واختارت لهذا الغرض ثلاثة من أعضاء البعثة الصينية بالأزهر الشريف، هم: السيد محمد مكين والسيد عبد الرحمن ناجون والسيد بدر الدين هاي ويليانغ

وسيتولى الأول تدريس اللغة العربية والثقافة الإسلامية في الجامعة المركزية بهونغ كونغ، والثاني في جامعة يونان بكوتمينغ حاضرة مقاطعة يونان، والثالث في جامعة شمال الصين الغربي بخانغ شونغ في مقاطعة شينسي

ونذكر لهذه المناسبة أن السيد ناجون نال شهادة العالمية من الأزهر الشريف عام 1936، ونالها السيد هاي ويليانغ عام 1937 أما السيد مكين فقد نال شهادة الأهلية من الأزهر عام 1935 وسيتقدم لنيل إجازة التدريس من دار العلوم في الصيف القادم

رقص ورقص سيدي الأستاذ الزيات:

طالعت اليوم مقال الأستاذ العقاد (رقص ورقص) وقد ملأني الحماس والفرح وكلما اكتملت جمهرة من الإخوان قرأت على مسامعهم تلك الكلمات الحقة التي أجمع الكل على صحتها، فهو يعبر فيها عما يخالج كل مصري يهوى الموسيقى. وقد اتفق صدور المقال في يوم الذكرى الثانية عشرة بعد المائة لوفاة الموسيقي العظيم بيتهوفن، وأحيت محطة إذاعة أنقرة (التركية) تلك الذكرى بمقطوعات من ذلك الشاعر الموسيقي. وفي اليوم السابق سمعت أغاني وطنية من محطة روما. والحقيقة أن الإنسان قد حرم على نفسه المقارنة أو المشابهة لأنها كانت تنتج الحسرة والألم

أنعقد مؤتمر الموسيقى الشرقية منذ أعوام وسمع أغانينا وسجلها على أقراص احتفظت بها وزارة المعارف، وقرر التمسك بالموسيقى المصرية لمصر، وما كانوا إلا مؤتمرين هازئين بالموسيقى الشرقية ولا حاجة بي أن أردد شعورهم نحونا لأنه مفهوم. وقد كتبت مرة في المجلة الموسيقية أحبذ نشر الموسيقى الأسبانية لأنها سلالة من الأغاني العربية درسها الأوربيون وتتلمذوا عليها ثم كيفوها حسب طبيعتهم، وتغنوا بها، فصارت عالمية تعبر عن الشعور والإحساس والعواطف. وأمامنا الموسيقى الروسية، وهي تلائم شرقيتنا. ولم لا تبدأ مراقبة الموسيقى بوزارة المعارف في تعليم الناشئة أغاني الأطفال التي أصبحت عالمية يتغنى بها الطفل الإنجليزي الألماني والهولندي وغيرهما كل بلغته، وهي سهلة سائغة محببّة للنفس. تلك كلمات سريعة أذكرها وأفوض لأستاذي العقاد وللفنان المويلحي أمر تلك المسألة الحيوية

(أسيوط)

دكتور حسن إبراهيم وهبه

حول عياش بن أبي ربيعة

حضرة أستاذنا الزيات

السلام عليكم ورحمة الله. وبعد فقد قرأت بالعدد رقم 297 من الرسالة للأستاذ كامل محمود حبيب قصة إسلام عياش بن أبي ربيعة وافتتانه ثم عودته إلى حظيرة الإسلام بعد أن نزلت الآيات: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم. . .) إلى آخر الآيات الشريفة

غير أن الحقيقة المذكورة في كل مراجع السيرة هي أن الآيات لما كتبها عمر بن الخطاب رضى الله عنه أرسلها إلى هشام ابن العاص (الثالث الذي واعدهم على الهجرة) لا إلى عياش (كما هو مذكور في قصة الأستاذ)

فعمر رضى الله عنه يقول:

- (فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاص) وقال هشام في ذلك:

- (فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى. . .) إلى آخر حديث هشام

(المنصورة)

دروش الجميل

تنبيه مهم

وقع في الآية الكريمة التي استشهدت بها في آخر مقالي في العدد الماضي من الرسالة تحريف بتقديم كلمة (الكافرين) على كلمة (المنافقين) وصحتها: (إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) فأرجو كل قارئ أن يتفضل بتصحيحها في العدد الذي عنده

الغمراوي