مجلة الرسالة/العدد 294/من برجنا العاجي
مجلة الرسالة/العدد 294/من برجنا العاجي
جاءني بريد (بيروت) هذا الأسبوع بمجلة أدبية فاضلة ما كنت ألقي نظرة على صدرها حتى وجدته زاخراً بسب مصر ورجال الأدب في مصر. مع استنكار (لامتداد الأدب المصري والثقافة المصرية في أجواء البلاد العربية) وبعد أن نفى الكاتب الكريم عن مؤلفات المصريين كل قيمة في بضعة أسطر. ختم الكلام بقوله: (أنني أنكر هذه الثقافة (اللقيطة) ويعز علي كلبناني عربي أن تؤخذ بلادي بالتدجيل وتخدع بالدعايات المجانية أو المأجورة)
ما هو الدافع إلى هذا القول؟ أهو نقد الجهود في ذاتها حتى نستيقظ قليلاً ونرى أن قراءنا في البلاد الشقيقة قد بدءوا يسأمون إنتاجنا، ويستحثوننا على تجديد طرائقنا وتعزيز وسائلنا، حتى يظفروا الأدب العربي الحديث بالنهضة الباهرة المنشودة؟ أن كان هذا هو قصد المجلة والكاتب فهو قصد نبيل، لا يسع مصر وكتابها إلا أن يبعثوا إليهما من أجله أصدق عبارات الشكر
أما إذا كان الباعث هو مجرد الغضب لأن مصر بالذات هي التي تنبعث منها أشعة الثقافة العربية الحديثة في الوقت الحاضر، فتلك عاطفة لا تشرف صاحبها ولا نحب نحن أن نسلم بوجودها، خصوصاً في بلد تربطنا به أواصر النسب
ومع ذلك فهذا أمر لا ينبغي أن يكون موضع جدال، لأنه أمر يتعلق بالواقع
فإذا كان الواقع هو أن نسيم الثقافة يهب علينا اليوم من جبال لبنان، فلا أحب إلينا نحن المصريين من هذا. وهو خير لنا وأشرف من أن يهب علينا من جبال الألب.
غير أن الذي يؤلمني هو أننا معشر الشرقيين يكبر علينا دائماً أن نرى الفضل يأتينا من شرقي، ولا نغضب بل نفخر إذ يأتينا الفضل من غربي!
ولأرفع صوتي صريحاً: أن الشرق لن تقوم له قائمة إذا بقيت فيه ذرة من روح التنابذ والتحاسد. فإن لم يسعفنا التعاون والتساند فلنوقن بسقوطنا العاجل بين فكي الغرب النهم.
توفيق الحك