انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 290/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 290/البَريدُ الأدبيّ

مجلة الرسالة - العدد 290
البَريدُ الأدبيّ
ملاحظات: بتاريخ: 23 - 01 - 1939



في الشعر العربي

ليس بيني وبين الأستاذ علي الجارم بك إلا محض صفاء، بل له عندي

مكانة. فإذا أنا أقبلت على شعره أنظر إليه بمؤخَّر العين فإنما شعره

وحده يشغل نظري. وللأستاذ علي الجارم بك أن يعتدّ بالمعجبين

بشعره - وهم غير قليل على ما ينتهي إلى آذاننا - فيهما ما يقوله في

طريقة نظمه من يجب أن يدون تاريخ الشعر العربي تدويناً لا يعرف

الغرض

عندي أنَّ الشعر العربي المسجون في القصر الذي بناه به أمثال المتنبي والبحتري في معالجة النزع، لأن أمثال المتنبي والبحتري تركوا نوافذ القصر مغلقة يوم ماتوا. ثم جاء خلفاؤهم وأتباعهم فسمّروا خُشُب النوافذ، ففسد الهواء وضوي الشعر المسجون. إلا أنه اتفق لهذا الشعر أن تُثقب له كُوَّتان في الحائط، إحداهما على يد رجل يدعى أحمد شوقي، والأخرى على يد رجل اسمه خليل مطران. أما هذه فقد أقيم بينها وبين القصر حاجز فوُقفت على حجرة ضيقة سرعان ما أضحكت أرجاءها نسمات مقدمها من هناك في مصر ثم من أمريكة الشمالية والجنوبية. وأما تلك فقد سُدَّت فجأة ولم يبسط أحد إليها يداً، فعاد الهواء إلى فساده

ومن هذا الشعر الشاحب قصيدة ألقاها الأستاذ على الجارم بك في (حفلة تأبين المرحومين السكندري ونالينو في دار الأوبرا الملكية) يوم الجمعة الماضي (انظر الأهرام 14 - 1 - 1939) وإليك المطلع، وفيه ما فيه من (براعة الاستهلال) (حسب الدستور الأكبر المسمى بعلم البديع):

غداً في سماء العبقرية نلتقي ... وتجتمع الأنداد بعد التفرق

أما المصراع الأول ففيه (فخر) لطيف مع شيء من (المبالغة) وأما المصراع الثاني ففيه (تأكيد) و (طباق)

وفي القصيدة ما تشاء من (محسنات معنوية ولفظية) لا يقوم مثل هذا الشعر إلا بها، لأن لبابه يتفتت إذا خطر لك أن تقبض عليه فَمَثله مَثل الفتاة المصدورة تحمِّل وجهها ما لا يطيق من ألوان الطلاء المعروضة في جميع الحوانيت

وحسبي أن أقتطف بعض الأبيات، فليس بقارئ (الرسالة) حاجة إلى التلقين:

وأبعث في الصحراء أنّات شيّق ... وهل تسمع الصحراء أنّات شيّق

وأعجبني رأي سليم ومنطق ... يصول على رأي سليم ومنطق

تتقاسَمَه غرب وشرق فألّفت ... مناقبه ما بين غرب ومشرق

ينسَّق علم الأولين مجاهداً ... ولا خير في علمٍ إذا لم ينسًّق

تلك أمثلة على ما يسمونه (رد العجز على الصدر)، ولكن أين الفائدة من هذا الترديد؟. ثم:

ويمضي الحجا ما بين يومٍ وليلةٍ ... كلمحة طرف أو كومضة مبرق

ذلك مثل على استعمال التراكيب المطروقة أي المبتذلات (لمحة طرف) و (ومضة مبرق). ثم:

يضيق فناء الأرض عن همة الفتى ... ويجمع في لحد من الأرض ضيّق

انظر إلى (الطباق): (فضاء وضيق). ثم:

كأني أراك اليوم تخطب صائلاً ... وتهدر تهدار البعير المشقشق

الشيخ الإسكندري - رحمه الله - كان (يهدر تهدار البعير المشقشق). انظر كيف استدرجت القافيةُ الشاعر إلى صورة أقل ما يقال فيها أنها مستكرهة. ثم:

فقل للذي يسمو لذيل غباره ... ظلمت العتاق الشيظميات فارفق!

نعود إلى الإبل كأن الشاعر يكره أن يسلم بأنه يعيش في القرن العشرين. أما لفظة (الشيظميات) فاطلبها في المطوّلات من المعجمات و (الغريب) في ذلك الشعر مستحسن. ثم:

فقلت أرى ليثاً وليثاً تجمعا ... وأشدق ملء العين يمشي لأشدق

وهو بيت بعض ألفاظه مأخوذة من بيت مشهور لبشر بن عوانة وهذا مستحسن أيضاً

لأمهل هنا، فإنما أرغب في أن أدلك على تداعي هذا الصنف من القريض، لأنه مختلق اختلاقاً بكدّ الذهن وقوة الذاكرة واختيار اللفظ المدوّي (والغريب أحياناً) واستعمال المحسنات اللفظية والمعنوية إلى كل ما يتصل ولأساليب المصطلح عليها للصناعة الموقوفة. ومعنى هذا أنه بعيد عن لفظ يحصر فيه معنى الشعر كله، وهو: الإلهام

وليعذرني الأستاذ علي الجارم بك! فإنه اختار هذا الضرب من النظم وما هو بمسئول عنه. وأملي أن يأذن لي أن يجذبني ضرب آخر يكون من ذلك الضرب مكان من الضد.

بشر فارس

الأستاذ طنطاوي جوهري يتقدم إلى جائزة نوبل للسلام

عن سنة 1939

كان الأستاذ طنطاوي جوهري قد تقدم إلى أولي الأمر في مصر ليرشحوه إلى جائزة نوبل للسلام، فلم يلق أحد باله إليه. فاضطر إلى أن يتقدم بنفسه إلى لجنة هذه الجائزة بالبرلمان النرويجي، فسألت عنه وزارة الخارجية المصرية، وهذه سألت عنه وزارة المعارف العمومية. فلم تر الوزارة بداً من النظر في طلب الأستاذ وإحالة كتبه إلى عميد كلية العلوم لفحصها وإبداء رأيه فيها. والكتب المقدمة هي: (1) أحلام السياسة وكيف يتحقق السلام العام. (2) أين الإنسان، وقد تقدم به إلى مؤتمر الأجناس العام سنة 1911. (3) صورة ما كتبه بعض عظماء ملوك الشرق وجمعيات أوربا وعلمائها في هذين الكتابين. (4) أساس النظام الدولي، والموازنة بين آراء حكماء الشرق والغرب، وبين الرأي المصري الحديث. (5) نسخة منقولة من المجلة الشرقية برومة بتاريخ سنة 1911 للأستاذ سانتلانة: الدكتور في الفلسفة. (6) نسخة مما أرسله الأستاذ كرستيان جوب من لوكسنبرج مكتوباً باللغة الفرنسية إلى المؤلف، وقال إنه ملخص من كتاب (أحلام السياسة)

وهذه الكتب والرسائل تتجه كلها اتجاهاً عالياً في الدعوة إلى السلام، ونصيب الإنسانية من السعادة إذا ما رفرف عليها علمه، وسار فيها نظامه

وآخر موعد للتقدم إلى جائزة نوبل للسلام ينتهي قبل أول فبراير القادم فلا بد من البت في طلب الأستاذ قبل ذلك

جائزة نوبل للسلم

تلقينا من لجنة (نوبل) في البرلمان النرويجي بيان الشروط التي يجب توفرها للحصول على (جائزة نوبل للسلم). وقد جاء في البيان ألا تقبل الترشيحات لهذه الجائزة - التي ستمنح في 10 ديسمبر سنة 1939 - إلا إذا قدمت إلى (لجنة نوبل للبرلمان النرويجي) من شخص له حق الترشيح قبل أول فبراير سنة 1939

والأشخاص الذين لهم حق الترشيح هم:

الأعضاء الحاليون والسابقون للجنة البرلمان النرويجي لجائزة نوبل والمستشارون الملحقون بمعهد نوبل النرويجي

أعضاء الهيئات التشريعية وأعضاء الحكومات في مختلف الدول وكذلك أعضاء الاتحاد البرلماني الدولي

أعضاء محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي

أعضاء مكتب مجلس السلم الدولي

أعضاء معهد القانون الدولي والمشتركون فيه

أساتذة الحقوق والعلوم السياسية والتاريخ والفلسفة في الجامعات

الأشخاص الذين نالوا جائزة نوبل للسلم فيما قبل

وقد تمنح جائزة (نوبل للسلم) للمعاهد والجماعات

وطبقاً لأحكام المادة الثامنة من القانون الأساسي لهبة نوبل، يجب أن يكون الطلب مسبباً وأن يشفع بالمؤلفات والمستندات الأخرى المؤيدة له.

وتقضي المادة الثالثة من القانون بأنه لا يقبل أي مؤلف في المباراة يسبق نشره في الصحف

ولاستيفاء البيانات، يمكن من لهم الحق الترشيح أن يتصلوا في هذا الشأن بلجنة نوبل بالبرلمان النرويجي، وعنوانها هو:

(19 درا منسفاي - أسلو)

) (

19 ,

المجمع العلمي المصري - ملخص جلسة 9 يناير الوشم في مصر القديمة - للمسيو كيمر

ليس لدينا براهين مطلقة عن استعمال الوشم في مصر قبل الأسرة الحادية عشرة على الرغم من كون هذا الأمر محتملاً. والمعروف هو أنه يوجد ثلاث موميات ظاهر عليها الوشم، وعدة رسوم لنساء (موشومات) يرتقين إلى عهد الإمبراطورية المتوسطة وقد عثروا على الموميات في طيبة فإحداها كشفت في سنة 1891 والأخريان في سنة 1922 ومن عهد الإمبراطورية الجديدة فما بعد عثروا على رسوم نسوية كثيرة يظهر الوشم على الأفخاذ فيها، وهو يمثل الإله باين. وكانت النساء (الموشومات) في مصر القديمة ينتسبن كلهن، على ما يظهر إلى طبقة الحظايا والراقصات والمغنيات، وفي جملة أشكال الوشم التي ترى على أبدان الأسرى الليبيين التي تشاهد في الهياكل والمدافن في عهد الإمبراطورية الجديدة، رموز تدل على الإلهة (نيت) وهي إحدى الإلاهات الليبيات، ولا يزالون يرون مثل تلك الرموز في أيامنا هذه عند بعض المصريين وسكان شمال أفريقية، فهم يغطون بالوشم أذرعهم وأيديهم

وعقب ذلك بحث لحضرة الدكتور مونرو دومين عن بعض الأمراض المصرية وعن المساعي المبذولة للوصول إلى معرفة كنهها

وبعد الجلسة العلنية عقدت اللجنة جلسة سرية لانتخاب هيئة المكتب لدورة سنة 1939 - 1940 فأسفرت النتيجة عما يلي:

الرئيس: الدكتور حسن صادق بك المدير العام للمساحة والمناجم

نائبه: الرئيس المستر لتل مدير المتحف الجيولوجي

السكرتير العام: المسيو فيات مدير متحف الآثار العربية

أمين الصندوق: المسيو كنز معاون مدير المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بمصر

لجنة النشر: معالي الشيخ مصطفى عبد الرازق بك والمسيو لوكاس والأستاذ ساماركو والدكتور رمايرهوف

برنامج المؤتمر الطبي العربي

يوم الأحد 29 يناير - (وقفة عيد الأضحى المبارك) - الساعة العاشرة صباحاً تقام حفلة افتتاح المؤتمر بصالة الاحتفالات بالجامعة، وتؤخذ للأعضاء صورة فوتوغرافية أمام الجامعة، ثم يقصدون إلى كلية الطب حيث يفتح معرض المؤتمر

وفي الساعة الرابعة بعد الظهر يقيم سعادة عبد السلام الشاذلي باشا محافظ القاهرة حفلة شاي لأعضاء المؤتمر بحدائق الحيوانات بالجيزة

وفي المساء يقيم رفعة محمد محمود باشا رئيس الوزراء مأدبة عشاء احتفاء بأعضاء المؤتمر

يوم الاثنين 30 يناير قبل الظهر تعطل أعمال المؤتمر للمعايدة، وفي الساعة الثانية بعد الظهر يقوم الأعضاء بزيارة معالم الآثار بالقاهرة، ثم يزورون مستشفى الهلال الأحمر حيث تقام لهم حفلة شاي

يوم الثلاثاء 31 يناير، الساعة الثامنة والنصف صباحاً تبحث الموضوعات الآتية بقاعة محاضرات كلية الطب وهي:

1 - الصحة الدولية في مصر والشرق الأدنى.

2 - جراحة الأكياس الديدانية ومضاعفات البول السكري.

3 - التغذية والأمراض الناشئة عن سوء تدبير الغذاء.

4 - الأمراض الزهرية.

وبعد الظهر يقوم الأعضاء بزيارة أهرام الجيزة وحفريات الجامعة، حيث يقيم لهم معالي وزير المعارف حفلة شاي في سفح الأهرام

وفي المساء تقام حفلة غنائية موسيقية ساهرة

يوم الأربعاء أول فبراير - في الصباح يستأنف بحث مسألتي جراحة الأكياس والتغذية، ثم تبحث مسائل طبية متنوعة باطنية وجراحية، وبعد ذلك تبحث مسألة توحيد المصطلحات الطبية في اللغة العربية

وفي الساعة الثانية بعد الظهر يقوم الأعضاء بنزهة نيلية إلى القناطر الخيرية، وتقيم الجامعة حفلة شاي لهم في حدائق القناطر الخيرية.

وفي المساء تقام حفلة تمثيلية في دار الأوبرا الملكية.

يوم الخميس 2 فبراير - في الصباح تبحث الموضوعات الآتية: أمراض النساء وأمراض الأسنان، ثم المتنوعات، وتوحيد المصطلحات الطبية.

وفي الساعة الرابعة بعد الظهر يقوم الأعضاء بزيارة مصلحة الطب الشرعي حيث تقام حفلة شاي.

وفي المساء تقام حفلة العشاء السنوية للجمعية الطبية المصرية.

وقد تقرر وضع شعار للمؤتمر يضم رسم عظيمين من عظماء الطب عند الفراعنة والعرب، وهما أمنحوتب وأبن سينا، وقد وقفا وجهاً لوجه: أحدهما في ظل الأهرام والآخر في ظل أحد المساجد الشهيرة

حفلة تأبين الأستاذين السكندري ونلينو

كانت الحفلة التي أقامها مجمع فؤاد الأول للغة العربية في دار الأوبرا لتأبين عضوية المرحومين الشيخ أحمد علي السكندري والسنيور نلينو كاملة، حضرها صاحب العزة إسماعيل تيمور بك مندوباً من جلالة الملك وحضرات أصحاب المعالي الدكتور محمد حسين هيكل باشا وزير المعارف والأستاذ مصطفى عبد الرازق بك وزير الأوقاف وسابا حبشي بك وزير التجارة والصناعة ونخبة مختارة من كبار الأدباء والموظفين وحضرات الشيوخ والنواب

وقد ألقى صاحب المعالي الدكتور محمد حسين هيكل باشا وزير المعارف كلمة الافتتاحية فأشار إلى سمو المعنى الذي يستخرج من تأبين رجلين كبيرين من أعضاء مجمع فؤاد الأول للغة العربية أحدهما مصري هو المرحوم الأستاذ أحمد السكندري والآخر إيطالي هو المرحوم الأستاذ نللينو، ونوه بجهودهما في المجتمع واشتراكهما في سعيه الجليل لمسايرة لغتنا حياة العالم والفن وفي جميع مظاهر الحياة النظرية والعملية وقال: إن اختلاف الوطن والدين لا يحولان دون الاشتراك الوثيق في العمل لخير الإنسانية كما تجلى في عمل هذين الرجلين اللذين يسرهما القدر لغاية واحدة وجمع بينهما في الحياة والممات. ثم وجه إلي سعادة ممثل إيطاليا وإلى أسرة السكندري كلمات التعزية على فقدهما

وتلاه صاحب المعالي الدكتور محمد توفيق رفعت باشا رئيس المجمع فقال: إننا حين يسلمنا إلى الجزع تعاظم الخطب فيمن فقدنا من رجال أكفاء يحملنا على الصبر كريم العزاء وصادق الوفاء الذي نلقاه من رجال الحكومة وعظماء الدولة وجمهرة أهل العلم والفضل الذين حضروا هذا الاجتماع

ثم ألقى الدكتور منصور فهمي بك خطبة ضافية استهلها بشرح البواعث على رثاء الجماعات لمن تفقد من أعزائها، وأفاض في تأبين المرحوم السكندري ووصف سجاياه وأعماله وجهوده في المجمع وعظم الفجيعة فيه، ثم قال: إن المجمع حين ابتلي بفقد السكندري ما كان يعلم أن القدر يتربص له بخسارة أخرى في فقد المرحوم الأستاذ نللينو وأطب في امتداح مناقب الأستاذ نللينو

ثم نهض الأستاذ ليتمان فنوه بمآثر الأستاذ السكندري وزميله المرحوم الشيخ حسين والي ثم تكلم عما كان للمرحوم الأستاذ نللينو من كفاية عظيمة في علم المشرقيات والعلوم الإسلامية

وأنشد صاحب العزة الأستاذ على الجارم بك قصيدة رائعة البيان، وفي النهاية ألقى كل من الأستاذ عمر السكندري وسعادة الكونت ماتزوليني وزير إيطاليا المفوض كلمة شكر للمحتفلين الكرام وقد بدأ كل منهما كلمته برفع آيات الحمد إلى مقام جلالة الملك المعظم على تفضله بإيفاد مندوب عن جلالته.