انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 269/الغد المشؤوم!!

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 269/الغد المشؤوم!!

ملاحظات: بتاريخ: 29 - 08 - 1938



(إليك. . . وقد وعدتني بلقاء الغد فما عدت! ولا عاد!!)

للأستاذ محمود حسن إسماعيل

وَقُلْتِ: (غَداً تَبْرَا جِرَاحُكَ) فانْطَوَتْ ... عَلَى نارِها تَحْتَ الدُّجى تَتَضَرَّم

تُغَمْغِمُ باسم الفَجْرِ، عَلَّ صباَحَهُ ... بِفَرْحَتِهاَ فَوق الرُّبَى يَتَبَسَّمُ

وَعَادَتْ كما كانَتْ جِرَاحاً حزينَةً ... تَكادُ عَلَيْها خَيْبَةُ الرُّوحِ تَلْطِمُ!

وَقُلْتِ: (غَداً ليْلاَتُكَ السُّودُ تَنْجَلِي ... ويَهْجُرُ دُنْياَناَ الْعَذابُ الْمُخَيِّمُ!)

فَقَيّدْتُ أَجْفاَني عن النَّوْمِ عَلَّهاَ ... إذا مَات لْيلِي في ضُحَى الْحُبِّ تَنْعَمُ

فَعاَدَتْ كما كانَتْ وَجُنَّ ظَلاَمُهاَ ... فَذَابَ به طَيْفُ الضِّياَءِ الْمُهَوِّمُ!

وَقُلْتِ: (غَداً يا شاَعِري تَلْمَحُ الُمُنَى ... عَلَى رُوحِكِ الشَّاكي الْحَزينِ تحَوِّمُ!)

فَعَلّلتُ ساَعَاتي! وَقُلْتُ: لَعَلّما ... هَوَاكِ غَداً يا نَفْسُ يَحْنُو وَيَرْحَمُ

وجاَء غَدِي الْمشْؤُومُ خَيْباَنَ بَعْدَ مَا ... قَضَى اللّيْلَ - مَفْطُورَ الرَّجَاءِ - الْمُتَيَّمُ!

وَقُلْتِ: غَداً صَحْراءُ عُمْرِكَ جَنَّةٌ ... وَصَفْوٌ لِدُنْياَناَ، وَلهوٌ وَأَنعُمُ

وَتَسْبِيحُ أَحْلاَمٍ، وآفاقُ نَشْوَةٍ ... وَدُنْياَ أَغانٍ لِلهَوَى تَتَرَنَّم! ُ

وَجاَء غَدِي قَفْراً مَحِيلاً سُكُونُهُ ... مَناَحاتُ جِنٍّ في الكُهُوفِ تُدَمْدِمُ!

وَقُلْتِ: دُخانُ الْيَأْسِ وَلى وَفي غَدٍ ... سَيَسْعَدُ هذا الْيَائسُ الْمُتَجَهِّمُ!

وَجاء غَديِ لا كانَ جاَء وَلا انْتَهَى ... إليِّ بهِ دَهْرِي اْلأَثيمُ المُذَمَّمُ!

فَسِرْتُ وَأَيَّامِي خَرابٌ! وَظُلَمةٌ! ... وَعَيْشِي مَلاَلٌ كلُّهُ وَتَبَرُّمُ!

عَلَى شَبَحِي الْمَهْدُودِ فَوْضَى! وَضَجَّةٌ ... وَيْأْسٌ! وَفي قلْبِي مِنَ الْحُزنِ مَأتَمُ!

وَفي نَفَسِي لوْ ينْشَقُ الْمَوْتُ رِيحَهُ ... زَوَافِرُ تَبْلَى مِنْ لظاَهاَ جَهَنَمُ

فَياَ غادَتي أَقْسَمْتُ بالْحُبِّ بالْمُنَى ... بِنُورِكِ بالْفَنِّ الذي رَاحَ يُلْهِمُ

لَقَرَّبْتِ لي يَوْمَ اللِّقاَءِ! وَعُدْتني ... لِيَهْدَأَ مَفْجُوعُ اْلأَمانِيِّ مُسْقَمُ

وَأَسْعَد قَبْلَ الموْتِ لوْ شئْتِ لَحْظَةً ... أُزَوَّدُ مِنْهاَ لِلْخُلُودِ وَأَغْنَمُ

وَإِنْ شِئْتِ نِسْياَني. . فَياَ ضَيْعَةَ الهوَى! ... وضَيْعَةَ أَحْلاَمِي التي كُنْتُ أَحلمُ!

وَياَ ضَيْعَتَي في الْعاَشقِينَ! كأنَّني ... مِنَ الْيَأْسِ لُغْزٌ في فَم الْحُب مُبْهَمُ