مجلة الرسالة/العدد 257/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 257/البريد الأدبي
مجمع أدبي مصري
منذ دخل صاحب المعالي الدكتور هيكل باشا عضواً في هذه الوزارة وهو يفكر مجداً في إنهاض الأدب وتوجيه الثقافة إلى الوجهة المنتجة. وقد طالع بهذا العزم فريقاً من أصدقائه الأدباء فيحثوا معه الأمر ورسموا له مشروعاً. فلما ولي الأمر في وزارة المعارف عقد النية على دراسة هذا المشروع فأصدر القرار التالي بعد الديباجة
بما أنه قد لوحظ أن الحركة الأدبية في مصر وأن كانت قد نشطت وأصبح لها أثر ظاهر في تثقيف الجمهور وتوجيهه، إلا أنها لا تزال يعوزها التنظيم الذي يكفل لها اطراد التقدم وحسن التوجيه. وبما أنه قد نبتت فكرة الدعوة إلى إنشاء مجمع أدبي مصري يقصد به على الأخص إلى تنظيم الحياة الأدبية في مصر وإيجاد صلة منظمة تربط الأدب والأدباء بالجهود التي تبذلها وزارة المعارف في تنشيط هذه الناحية وتعاون على تنمية الثروة الأدبية في البلاد - على غرار ما هو متبع في البلاد ذات النهضات الأدبية الكبيرة. وبما أننا نرى تكوين لجنة تقوم بدراسة هذا المشروع والتقدم باقتراحاتها في نوع الوسائل الكفيلة بتحقيق الأغراض المتقدمة
لذلك قرر:
مادة وحيدة - تؤلف لجنة برياستنا وعضوية: - حضرة صاحب المعالي الشيخ مصطفى عبد الرزاق بك والدكتور طه حسين بك والأساتذة أحمد أمين وخليل مطران وعباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني وتوفيق الحكيم: لبحث وسائل تنظيم الحركة الأدبية في مصر
الأدب العربي في مصر منذ الفتح الإسلامي
أصدر وزير المعارف القرار التالي. وهذا نصه بعد بالديباجة. بما أن للأدب العربي في مصر طابعاً خاصاً اختلف في العصور الأولى للفتح الإسلامي عنه فيما تلا ذلك من العصور ويتناول هذا الأدب إنتاج الكتاب والشعراء الذين وفدوا من البلاد العربية والإسلامية إلى مصر وأقاموا بها كما يتناول إنتاج الكتاب والشعراء المصريين
وبما أننا نرى ضرورة العناية بدراسة هذا الأدب في مختلف عصوره، وعلى الأخص تاريخه وصلته بالحياة العامة المصرية - اجتماعية وسياسية واقتصادية - وإظهار الصورة التاريخية التي يرسمها هذا الأدب المصري في عصوره المختلفة
ولما كانت دراسة هذا الموضوع تتطلب الاستعانة برأي طائفة من المشتغلين بالأدب العربي في مصر لتعرف الوسائل التي تؤدي إلى حفز الهمم لإبراز هذه الناحية قرر:
مادة وحيدة - تشكل لهذا الغرض لجنة برياستنا وعضوية: حضرة صاحب المعالي الشيخ مصطفى عبد الرزاق بك ووكيل وزارة المعارف العمومية. والدكتور طه حسين بك. والأستاذ أحمد أمين. والأستاذ علي الجارم بك. وأستاذ الأدب العربي بدرا العلوم
وسائل مكافحة الأمية بين طبقات الشعب
أصدر وزير المعارف قراراً بإنشاء لجنة لبحث وسائل مكافحة الأمية، بين طبقات الشعب، سواء منهم من كان في سن الإلزام أو من تجاوزه. وهذا هو القرار:
بعد الإطلاع على التقرير المقدم من اللجنة التي عهد إليها بحث مشروع مكافحة الأمية
وبما أن جهد وزارة المعارف في مكافحة الأمية بنشر المكاتب العامة يقتصر أثره على الأطفال الذين في سن الإلزام، ومن نتيجة الاقتصار عليهم أن تبقي أغلبية الشعب الساحقة غارقة في غمار الأمية
وبما أننا نرى ضرورة اتخاذ الوسائل الكفيلة بالقضاء على الأمية لتهيأ لسواد الشعب المصري وسائل الاستنارة واكتساب قسط من الثقافة يرفع من مستواه ويصله بالحياة الصالحة الجديرة بالشعوب الناهضة
وبما أننا نرى تشكيل لجنة تعني بدراسة هذا الموضوع من جميع نواحيه وتتقدم باقتراحاتها لتحقيق الغرض المتقدم
لذلك قرر:
مادة وحيدة - تشكل لهذا الغرض لجنة برياستنا وعضوية: وكيل وزارة المعارف، الوكيل المساعد لوزارة المعارف، مراقب التعليم الأولى، محمد فهيم بك، إبراهيم تكلا بك، الأستاذ محمد مظهر
مشروع أعداد المعلمين لمدارس التعليم غير الأولية بين المشروعات التي اشتغلت بها وزارة المعارف، مشروع إعداد المعلمين للمعاهد غير الأولية. وقد اتخذت الوزارة القرار التالي في صدد هذا:
بعد الاطلاع على الاقتراحات المقدمة من اللجنتين اللتين شكلتا لبحث موضوع إصلاح دار العلوم ومعهد التربية للبنين
وبعد الاطلاع على التقرير المقدم من وكيل الوزارة المتضمن رأيه في وسائل إعداد المعلمين للمعاهد غير الأولية
وبما أننا نرى وجوب العناية القصوى بحسن إعداد المعلم وذلك بوضع الأساس الصحيح الذي يقوم عليه كل إصلاح في وسائل التربية والتدريس
وبما أننا نرى - لتحقيق هذه الغاية - تشكيل لجنة تقوم بدراسة هذه المشروعات والاقتراحات وتتقدم برأيها في خير الوسائل لحسن إعداد المعلم وإصلاح المعاهد التي تقوم بهذا الإعداد
لذلك قرر:
مادة وحيدة: تشكل لهذا الغرض لجنة برياستنا وعضوية وكيل وزارة المعارف. الوكيل المساعد لوزارة المعارف. مراقبي التعليم الابتدائي والثانوي وتعليم البنات والتعليم الحر بالوزارة. عميد كلية الآداب. عميد كلية العلوم. ناظر دار العلوم ناظر معهد التربية للبنين
حول الرمزية
يسألني الأديب الفاضل السيد كامل الشرقاوي (الرسالة 256) (هل الغموض والإبهام من مستلزمات الرمزية وهل بدونهما لا تكون؟)
فالرمزية - حسبما بينت في الرسالة رقم 251 - على ألوان. فإن كانت الرمزية ناهضة على ما وراء الحس أو الطبيعة غلب الغموض بل قل الاستغلاق عليها (عند مالارميه وفاليرى وكلوديل مثلاً)، وإن كانت ناهضة على التأثر والإيقاع والتخيل المنسرح قلَّ النموض فيها (عند فرلين ودي رينييه مثلاً). وأما الرمزية الناهضة على الدفائن والخواطر والواردات من حيث القابلية والإيهام والتلويح والتمثيل من حيث الأداء فإنما ينبسط على نواحيها ظل لطيف. ولتجدن بيان هذا في (التوطثة) التي صنعتها لمسرحيتي (مفرق الطريق)
وأما قصة جيران و (وليم بليك) فإني لا أزال عند رأيي (ارجع إلى الرسالة 251). ومما يعزز هذا الرأي قول (رودان) النحات في جيران، وتصيبه في المقدمة التي عملتها فنانة أمريكية (لا يحضرني أسمها الآن) لمؤلف لجبران يضم عشرين صورة وعنوانه: (وهو مطبوع في الولايات المتحدة)
وبعد، فهذه الرمزية تشق طريقها في الأدب العربي، إذ تطَّرد الكتابة فيها (ولا سيما في الرسالة). إلا أن بعض ما كتب لا يمحصه نقد ولا يمدّه اطلاع، وليس بالقارئ اللبيب حاجة إلى التنبيه
بشر فارس
بين الرافعي والعقاد
جاء في مقال الأستاذ سيد قطب المنشور في عدد (الرسالة) الغراء رقم 256 ما يأتي:
(. . . إنه راح يتقصى ما قيل فيما يقرب من قول العقاد: فيك مني ومن. . . سائراً في تقصيه على النسق الخالي من كتب النقد العربي لقدامة وأبي هلال العسكري ومن ينقلان عنهما (كذا). . . من تتبع المعنى تتبعاً زمنياً وحسبان كل شاعر متأخراً أخذ هذا المعنى عن شاعر متقدم وزاد فيه أو نقص، وتصرف أو ولد. . . الخ)
وأنا لا أريد أن أخوض غمار المعركة وقد أرادني الأستاذ الزيات على الصمت حيناً، غير أنه يؤسفني أن أجد فينا من يحاول أن يحط من قدر القدماء ومن أجدادنا وأن ينظر إلى تراثهم الغالي نظرة احتقار وهو ما يزال في أول الطريق. . . ثم إني أريد أن أنصف الأدب والتاريخ؛ فالذي يقرأ هذه الفقرة من كلام الأستاذ قطب يخيل إليه أن قدامة بن جعفر كان يعرض للبيت من الشعر (فيتتبع المعنى تتبعاً زمنيًّا) وأنا قرأت كتابي نقد الشعر ونقد النثر لقدامة فما وقعت عيني على شيء من هذا، بل هو نقد وتحليل يستطيع الأستاذ قطب أن يرى رأي الذين يفهمون الأدب لو قرأ في المقدمة التي كتبها الدكتور طه حسين لكتاب نقد النثر الفقرة الأولى ص 17 والفقرة الأولى من ص18 من طبعة دار الكتب المصرية، ثم لو قرأ في التحقيق الذي كتبه الأستاذ عبد الحميد العبادي الفقرة الأولى ص 35 والفقرة الثانية ص 36 من نفس الطبعة. . . وإني أرجو الأستاذ قطب أن يمعن في قراءة كتابيّ النقد لقدامه لعله يرى خطأ هذا الرأي، فهو في كتابيه لم يكتب حرفاً في الطرقة التي أشار هو إليها والتي لزمها القاضي الجرجاني في كتابه الوساطة بين المتنبي وخصومه، وهي طريقة لا تخلو من فائدة جليلة. . .
أما أبو هلال العسكري فلقد قرأت له كتاب الصناعتين، وكتاب ديوان المعاني، وكتاب محاسن النثر والنظم فما عثرت على شيء مما قال الأستاذ قطب
ولست الآن بسبيل أن أعرض لكل كتاب فأكشف عن الغرض الذي رمى إليه المؤلف وعن طريقة الكتابة وأبواب الكتاب، ولكني أريد أن أطلب إلى الأستاذ قطب أن ينبئني عن تفسير قوله (ومن ينقلان عنهما) ثم عن مواضع النقل البارزة في الكتب السابقة
فهل لي أن أسمع منه كلمة هادئة في هذا الموضوع دون أن يتحدث عن القديم والجديد، فهذا باب آخر. . .
كامل محمود حبيب
تجميل وزارة المعارف وتشجيع رجال الفن
رأت وزارة المعارف أن في مصر طائفة كبيرة من رجال الفن الذين يبتدعون مختلف اللوحات الفنية الرائعة والتماثيل المنحوتة الجميلة، ثم لا يجدون الإقبال عليها مما يجعلهم في حالة يستحقون من أجلها المعاونة حتى يمكنهم النهوض بفنهم
وقد اعتزمت الوزارة إزاء هذا تجميل مكاتب كبار الموظفين بوضع اللوحات الفنية لرجال الفن المصريين كما اعتزمت تجميل حديقتها بوضع التماثيل فيها
وتأمل الوزارة أن تحذو الوزارات والمصالح الأخرى، والأسر الكريمة الراقية حذوها في اقتناء تلك الآثار الفنية الرائعة التي يضيق عنها متحف الفن، رغبة في تربية ملكة الذوق السليم في النشء من ناحية، وفي تشجيع رجال الفن من المصريين على المضي في ابتداعهم وإنتاجهم من ناحية أخرى
منحة المجلس البريطاني لخمسة من طلبة الآداب
تلقت الجامعة المصرية، كتاباً من المجلس البريطاني، ذكر فيه أنه يمنح خمسمائة جنيه لخمسة من طلاب قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، تقسم بينهم بالمساواة فتتاح لهم بفضل هذه المعاونة المادية زيارة إنجلترا لتوثيق عرى الصداقة وتمكين الأواصر العلمية بين مصر وإنجلترا
وقد أعد لهم المجلس مقراً صيفياً في أكسفورد لهذه الغاية، وقد عرض هذا الكتاب على مجلس الكلية، فتقبله شاكراً، وسيعرض على مجلس الجامعة في اجتماعه يوم الثلاثاء القادم، ثم تختار كلية الآداب الطلاب الذين يسافرون في هذه البعثة الثقافية
بين الرافعي والعقاد
قرأت ما كتبه الأستاذ كامل محمود حبيب فيما رأيته من صيحة قول العقاد:
فيك مني ومن الناس ومن ... كل موجود وموعود تؤام
لأن كل شيء في الكون لا يخلو من حسن يسوغ إجراء بيت العقاد على عمومه، فلم يسعه إلا أن يعترف بعموم هذا الحسن ولكنه فسره بمعنى الدقة في الصنع وجمال الخلق
وهو يرى أن هناك جمالين: أحدهما جمال بهذا المعنى الذي ذكره من دقة الصنع وجمال الخلق. وثانيهما جمال لم يستطع تفسيره، بل قال إنه الجمال الذي يجذب القلب، ويأسر الفؤاد، ولا يمكن أن يجده الإنسان في الدودة وفي الدبابة وغيرها مما تشمئز منه النفس، ويعافه الذوق
وإني لأقول للأستاذ الفاضل إنه لا جمال في الدنيا إلا بمعنى دقة الصنع، وجمال الخلق، وهو عام في كل ما خلق الله تعالى، وإن كان لكل نوع من ذلك جماله الذي قد يكون قبحاً في غيره
ولا شيء بعد هذا في أن يقول العقاد إن معشوقته فيها من كل شيء من هذا الكون الجميل، وهذا كما يقول إن زيداً فيه جزء من كل حيوان فيصح لك هذا القول، لأن الحيوانية العامة جزء من زيد، وهي جزء من كل حيوان
بل يجب أن نقبل هذا من العقاد كما نقبل منهم تشبيه الوجه الحسن بالبدر، مع أنك إذا ذهبت تستقصي في البدر ما تستقصيه في بيت العقاد يضيع منك هذا التشبيه الجميل، ويكون لك في البدر من الجبال والكهوف وما إلى ذلك ما في بيت العقاد من الدود والذباب ونحوها على أن الأمر لا يقف في بيت العقاد عند الصورة الحسية من معشوقته، بل يتناول مع هذا صورتها النفسية، فهي حلوه ومرة، وهي نعمة وبلاء، وهي سعادة وشقاء، وهي في مرارتها أشد من الصاب، وإن شئت قلت من الملح الإنجليزي الذي تهكم به الرافعي رحمه الله، وهي في هذا حلوة وجميلة أيضاً، ومثلها في هذا مثل ذلك الممدوح الذي قال فيه بعض الشعراء:
هو عسل إذا ياسرته ... وإن عاسرته فهو صاب
ولست بعد هذا في حاجة إلى إعادة الكلام في بيت الأستاذ العقاد، وليس عندي من التعصب له أو للرافعي ما يدعوني إلى إطالة هذا الجدال
عبد المتعال الصعيدي
وفاة عالم بريطاني
فقدَ قسم العاديات المصرية والآشورية في المتحف البريطاني، عالما الآثار المصرية من العلماء الحديثين الذين كان يرجى لهم مستقبل عظيم، بوفاة المستر الان وين شورتر قضى نحبه بذات الرئة وهو في الثانية والثلاثين من عمره
وقد التحق المستر شورتر بالمتحف البريطاني في سنة 1929 فوجه أكثر عنايته منذ ذلك الوقت، إلى دراسة النصوص الدينية المصرية وقد وضع بضعة مؤلفات عن الحياة الدينية عند قدماء المصريين أنجز أخيراً الجزء الأول من (كتالوج) أوراق البردي المصري وفي عامي 1928 و 1929 اشترك في بعثة جمعية الاستكشافات بمصر