انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 241/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 241/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 241
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 14 - 02 - 1938



تنظيم أوراق البردي المصرية

كانت الحكومة المصرية قد استدعت في العام الماضي العلامة الأثري الألماني الدكتور هوجو إبشر أمين المحفوظات البردية في متحف برلين ليقوم بإصلاح مجموعة البردي المصرية وتنظيمها.

وفي المتحف المصري مجموعة كبيرة من هذه الوثائق القديمة التي لم تنظم ولم تعرف جميع محتوياتها بعد؛ وقد قدم الدكتور إبشر إلى مصر في شهر مايو الماضي وقضى ثلاثة أشهر في تنظيم المجموعة البردية بالمتحف المصري، ولكنه لم يستطع يومئذ أن يتم كل مهمته، وما زال كثير من الوثائق البردية في حاجة إلى عنايته

ومن ثم فقد استدعى الدكتور إبشر لاستئناف عمله في القاهرة مرة أخرى؛ وفد قدم العلامة إلينا منذ أيام قلائل ليتم تنظيم مجموعة البردي؛ وسوف ينتهز هذه الفرصة ليزور البقاع الأثرية التي وجدت فيها من البردي، ولاسيما منطقة بحيرة قارون التي وجدت فيها منذ أعوام أوراق بردية ثمينة تحتوي على شروح كاملة لبعض كتب الفيلسوف ماني؛ وشروح أخرى لمذهب زرادشت؛ وقد نقلت هذه المجموعات من مصر سراً إلى برلين، وتولى الدكتور إبشر تنظيمها وقراءتها، كان لظهورها ضجة كبيرة في جميع الأوساط الأثرية

وقد روت الصحف الألمانية بهذه المناسبة أن الدكتور إبشر سيقوم لجلالة ملك مصر بمهمة خاصة، وهي إصلاح خريطة قديمة ثمينة لإفريقية كانت ملكاً لمحمد علي باشا رأس الأسرة المالكة، وقد بليت وتآكلت بعض أجزائها، وكان المغفور له الملك فؤاد يتوق إلى إصلاحها وردها إلى أصلها؛ وسيقوم الدكتور إبشر بهذه المهمة، وهو اليوم أشهر علماء الصيانة الأثرية

معرضان للفن الأجنبي في مصر

نظم في هذا الأسبوع معرضان للفن الأجنبي بدار الجمعية الزراعية الملكية بالقاهرة، أحدهما معرض هولندي للتجارة والصناعة، وقد افتتح في الخامس من فبراير الجاري؛ والثاني معرض فرنسي للفنون الجميلة والزخارف الفنية، وقد أفتتح في الثامن من فبراير، وتفضل صاحب الجلالة الملك فاروق الأول بافتتاحه بحضور مسيو جان زاي وز المعارف الفرنسية الذي قدم إلى مصر خصيصاً لذلك، وعدة من الشخصيات الكبيرة مصرية وأجنبية. وقد بذلت الحكومة الفرنسية في تنسيق هذا المعرض جهوداً عظيمة، وعرضت فيه مجموعات فنية نادرة من الصور والتحف الفنية الدقيقة استحضرت من فرنسا؛ وهذا دليل جديد على ما تبديه فرنسا في العهد الأخير من الاهتمام بتوطيد نفوذها الثقافي بمصر بعد أن تطورت الأحوال السياسية والاجتماعية عقب المعاهدة المصرية وإلغاء الامتيازات الأجنبية

ذكرى الفيلسوف شوبنهارور

تحتفل ألمانيا في العشرين من الشهر الجاري بذكرى فيلسوفها العظيم شوبنهاور لمناسبة انقضاء مائة وخمسين عاماً على مولده. وتقام لهذه الذكرى بالأخص حفلات عظيمة في مدينة دانتزيج مسقط رأس الفيلسوف ومدينة فرانكفورت حيث قضى شطراً عظيماً من حياته. وستذاع في كل منهما محاضرات وخطب بالراديو عن الفيلسوف الراحل وآثاره وآرائه، ويقام في كل منهما حفل تذكاري رسمي، وتوضع أكاليل الزهر التي ترسلها مختلف الهيئات العلمية على قبره في فرانكفورت

وكان مولد الفيلسوف في دانتزيج سنة 1788، ولكنه لم يلبث بها طويلاً فغادرها مع أسرته سنة 1793. وبعد أن قضى حداثة مضطربة، درس في برلين وجتنجن، ثم قدم إلى فرانكفورت في سنة 1831 فاستقر بها حتى وفاته في سنة 1860. وفي سنة 1911 ألفت في ألمانيا جمعية شوبنهاور، وفي سنة 1929 نظمت هذه الجمعية جميع الوثائق والمراجع المتعلقة بحياته وفلسفته، وأنشأت مكتبة عظيمة نادرة تضم جميع الكتب والشروح المتعلقة بفلسفته

وقد كان شوبنهاور من أعظم فلاسفة العصر الحديث، وفلسفته تمتاز بطابع واضح من التشاؤم، وأعظم كتبه هو كتاب (العالم كإرادة وفكر)، وفيه يبسط أعظم وأقوى آرائه، ونظرياته الفلسفية، وقد ترجم إلى معظم اللغات الحية. وله عدة كتب ورسائل فلسفية أخرى، مثل كتاب (الإرادة في الطبيعة) وكتاب (الأساس الرباعي لمبدأ العقل الكافي) ورسالة في (الرؤيا واللون) وغيرها، بيد أنها دون كتابة الجامع قوة وطرافة. وقد تأثر شوبنهاور في فلسفته بأفلاطون وكان تأثيراً كبيراً؛ بيد أنه يعتبر مؤسس مذهب فلسفي جديد في التشاؤم.

وقد كان لتفكيره ونظرياته أثر كبير في تطور الفلسفة الألمانية في أواخر القرن التاسع عشر

من مكتشف أستراليا

ثار في الأسابيع الأخيرة جدل علمي تاريخي بين الصحافتين الإنكليزية والهولندية حول المكتشف الحقيقي للقارة الأسترالية وذلك بمناسبة الاحتفالات التي أقيمت أخيراً في أستراليا بمناسبة مرور مائة وخمسين عاماً على تأسيس أول مستعمرة أوربية في خليج (بوتاني)، والمعروف أن هنالك رأيين في هذا الموضوع: الأول النظرية الهولندية، وهي ترجع الفضل في اكتشاف أستراليا إلى البحارة الهولنديين في أواخر القرن السابع عشر، والثاني نظرية بعض المؤرخين الإنكليز وهي ترجع الفضل في هذا الاكتشاف إلى الرحالة الإنكليزي الكبتين كوك بين سنتي 1776 و 1779. والواقع أن الرأي الأول أقوى وأرجح، والبحارة الهولنديون هم أول من أطلق أسم أستراليا على هذه القارة، وظهر هذا الاسم لأول مرة في كتاب ظهر في أمستردام سنة 1597 وسميت فيه هذه الأرض وقد كان البحارة الهولنديون يبحثون قبل ذلك عن قارة مجهولة في الجنوب، وهم الذين وضعوا أول تحديد علمي لموقعها

وقد بسط هذه النظرية العلامة المؤرخ الهولندي هيريس في كتابه، فذكر أن الرحالة الهولندي دوفكن اكتشف جزاءً من خليج كربنتاريا في سنة 1605؛ وفي سنة 1616 سار الرحالة ديرك هارتوجس إلى المياه الجنوبية في السفينة الهولندية اندراخت ووصل حتى خليج شارك. وتدل وثائق العصر على أن هذا الرحالة هو أول أوربي وضع قدمه في أستراليا

وعلى ذلك فإنه من الخطأ أن ينسب فضل اكتشاف القارة الجنوبية إلى الكبتين كوك الذي لم يزر هذه المياه إلا بعد ذلك بنحو مائة وخمسين عاماً. على أن كثيراً من المؤرخين الإنجليز يفض هذه النظرية التي يستند إليها استعمار إنكلترا للقارة الأوسترالية، وما زال هذا الرأي يلقى على طلبة المدارس؛ وقد كررته بعض الصحف الإنكليزية في المناسبة الأخيرة، أما الكبتين كوك فإن فضله لا ينكر في اكتشاف الجزائر الأقيانوسية في هذه المياه مخطوط جديد للشاعر ببرون

بمناسبة الاحتفالات التي أُقيمت أخيراً في أثينا تخليداً لذكر المائة والخمسين لمولد الشاعر الإنكليزي الأشهر (لورد بيرون)، والتي أشارت إليها الرسالة في عددها الماضي، أعلن الأستاذ سقراط كوجياس الأكاديمية الأثينية غداة الاحتفال بأنه عثر في مخطوطات المكتبة الوطنية اليونانية على مخطوط جديد للشاعر الكبير هو عبارة عن القسم الأول لقصيدة (تشايلد هارولد)؛ وفي ظهر المخطوط مذكرة بخط الشاعر عن إحدى قرى جزيرة دلفي. ومسودة القصيدة ملأى بالتصحيحات والتعديلات التي لم تظهر فيما ظهر من طبعات هذه القصيدة الشهيرة. ولم يعرف بعد كيف وجد هذا المخطوط في المكتبة الوطنية، ولكن وجد في ذيله بالإنكليزية ما ترجمته: (مهدي إلى فرند كلادان المعجب باللورد بيرون، من أخته أوجاستالاي) اعني أخت الشاعر؛ ووجد هامش آخر فيه؛ إن المخطوط كتب بيد الشاعر، وأهدى منه إلى كلادان هذا، وهو أحد إشراف أثينا في هذا العصر ومن هواة الخطوط الأثرية

موسم فاجنر في لايبزج

في أنباء ألمانيا الأخيرة أنه تبدأ منذ 13 فبراير الجاري في مدينة لايبزج حفلات الموسيقي الشهير فاجنر، وتمثل فيها أوبراته الخالدة كلها، ومنها تأليف حداثته، وسيراعى في تنظيم أدوارها، ما وضعه فاجنر نفسه فيما بعد. وقد استدعى بهذه المناسبة عدة من أكابر الفنانين الأجانب اللذين اشتهروا لتمثيل أوبرات فاجنر إلى لايبزج للاشتراك في هذا الموسم، وسيعاد تمثيل هذه القطع الشهيرة وعددها ثلاث عشر من عشرين أبريل إلى 19 يوليه القادم، وقد اتخذت استعدادات فنية وموسيقية عظيمة بجعل موسم فاجنر من أعظم المواسم الفنية العالمية، واختيرت مدينة لايبزج لأنها مسقط رأس الموسيقي العظيم، وفيها بزغ مجده الأول

مصير اللغة الإنجليزية

أذاع ولز محاضرة من لندن عن اللغة الإنجليزية في ديسمبر الماضي تناول فيها جملة تنبؤات طريفة عن مستقبل هذه اللغة، وقد وازن ولز بين الإنجليزية واللاتينية، وبينها وبين اللغات السامية فطمأن سامعيه إلى استحالة أن يكون مصير الإنجليزية كمصير هذه اللغات، فالظروف التي ساعدت على تمزيق اللاتينية مثلاً إلى فرنسية وإيطالية وقشتالية وقطلومية. . . الخ قد زالت في العصر الحديث، أو أن الاختراعات، وأهمها البخار والكهرباء والطباعة والراديو، قد جنبت اللغات عامة والإنجليزية خاصة شر المنقلب الذي أنتها إليه حال اللغة اللاتينية

الإنجليزية لغة عالمية

وقد تنبأ ولز أن الإنجليزية ستكون لغة عالمية في العاجل القريب، لأن الثلاثمائة مليون الذي يتكلمونها في مختلف أنحاء العالم قد اختاروها أداة للتعبير عن خلجاتهم مختارين غير مجبورين، وذلك لما آنسوا فيها من السهولة واليسر والطواعية. . . ولكن ولز يبدي تألمه من بطأ انتشار الإنجليزية في غير الإمبراطورية البريطانية من سائر الدول، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية التي تنازع الإنجليزية فيها منازعة قوية للغات شتى، أهمها الفرنسية والأسبانية والألمانية