مجلة الرسالة/العدد 233/طيفها. . .
مجلة الرسالة/العدد 233/طيفها. . .
للأديب محمود السيد شعبان
يا مَنْ أراها بِرَغْمِ البُعْدِ دَانيَةً ... ولاَ يَراها برغْم القُرْبِ مَنْ تَصِلُ!
لا تَجْحَدِي خاطراً قد جَالَ في خَلَدِي ... أَوْحَتْهُ لِي مِن سَموَاتِ الهوى رُسُلُ
أوْ تُنكِري ما رَأَتْ نفسِي وما نظرتْ ... فَالدَّمْعُ يَشْهَدُ إنْ أنْكَرْتِ والقُبَلُ!
يا طَالَما زُرْتِنِي والفجرُ مُبْتَسمٌ ... وطَالَما جِئْتنِي واللَّيْل مُنْسَدِل!
أَلَسْتِ أنتِ التي أنْشَدْتِنِي نَغَماً ... هو الرِّضَى والهوَى والشَّوقُ والغَزَلُ؟!
أَلَسْتِ أنتِ التي أَهْدَيْتنِي قُبَلاً ... كالسِّحْرِ يَكْمُنُ في طيَّاتِهِ الخَبَلُ؟!
تذكَّري لا تقولي: لَسْتُ ذاكرةً ... فإنَّما البشْرُ قد أنْسَاكِ والجَذَلُ!!
يا طيْفَها هل تراني كنْتُ في حُلُمٍ ... أَمْ أَنَّه الحقُّ لاَ مَيْنٌ ولاَ خَطَلُ؟!
ذهَبْتَ يا طيفَها عنِّي إلى وطنٍ ... تَقَطَّعَتْ دُونَهُ الأسْبابُ والسُّبُلُ
فكْيفَ أحياَ غريباً عنكَ مبتعداً ... والحسْنُ فنٌّ فريدٌ فيكَ مكْتَمِلُ؟!
أَمُدُّ كَفِّيَ أرجو أَنْ تصافِحَنِي ... فلاَ تَمُدُّ يداً نحوِي وتَرْتَحِلُ!
تعالَ يا طيفها زُرْنِي كمن كَرُمُوا ... ولا تكن مثل مَنْ ضَنُّوا ومن بَخِلُوا!
خَلَّفْتَنِي مُفرداً لهفانَ لا وَطَرٌ ... بِه أُعَلِّلُ أنْفَاسِي ولا أَمَلُ!
أَضُمُّ ظِلَّكَ مِن شوْقٍ فيتركني ... يا حسرتاهُ وحيداً ثم يَنْفَتِلُ!
وَالآنَ. . . يا طْيفَها أَقْبِلْ لِنَنْهل مِن ... موارِدِ الحبِّ طهْراً مثل مَن نهلوا!
(الإسكندرية)
محمود السيد شعبان