مجلة الرسالة/العدد 213/(3) مصر والشام
مجلة الرسالة/العدد 213/(3) مصر والشام
يا نسمة النيل مُرِّي بالسلام إلى ... نسيم وادي الهوى في أرض لبنان
إلى النسيم الذي رَفَّت نضارتهُ ... كدمعة الفجر رفَّتْ فوق ريحانِ
إلى النسيم الذي يَنْدَى على كَبِدي ... نَدَى السرورِ على آفاق أحزانِ
إلى النسيم الذي من طول أُلْفَنِهِ ... للزهر أحْياء بروح الزهر أغصاني
بالله يا نسمات النيل طِرْنَ إلى ... ذاكَ النسيم بأشواقي وتحناني
قلبي يرفُّ رفيفَ الطير بينكما ... كأنَّما أنتما فيهِ جَناحانِ
لَمِصر في حَقِّها الأدنى عليَّ هوىً ... وللشام هوىً في حقِّها الداني
لستُ الكريمَ بدارِي إنْ رعيتُ لها ... عهداً ولم أَرْعَ فيهِ عهدَ جيراني
يا مصرُ أرضُكِ مهدُ العقل كان بها ... والشام منبت أرواحٍ وأديانِ
نُبّوة العقلِ في مصرٍ، وجارتُها ... نُبُوَّة الروحِ فيها مُنْذُ أَزمانِ
كلتاهما تركتْ فيِ الدهرِ معجزةً ... إيمانُ عقلي فيها عقل إيماني
معنَى من الحسن أعياني تفهُّمُهُ ... لكنهُ هو معنى الخالدِ الفاني
الشام من مصرَ، لكن قد تجاورتا ... لِتُصبحا للمعالي شِبْهَ ميزانِ
أَلم ترَ الدهرَ وزَّاناً بمجدهما ... مُلكاً بملكٍ وتيجاناً بتيجانِ
الشام من مصرَ لكن قد تباينتا ... لأَنَّ حسنَهما فيِ الأرض حُسْنَانِ
لونانِ فيِ واحدٍ كالغصن تنظرهُ ... لوناً وبالوردِ غصنُ الوردِ لونانِ
والشرق وَجهٌ من الدنيا تُطلُّ بهِ ... ومصر والشامُ في ذا الوجهِ عينانِ
يا مصرَ يا سوريا المجدُ (دائرةٌ) ... وأنتما في محيط المجد (قُطران)
كلا كما مُشْبِهٌ في الحسن صاحبَهُ ... أأَنتما واحدٌ أَمْ أنتما اثنانِ
أرى الممالكَ أخواناً مُعَلَّلَةً ... لكنَّما مصرُ والشامُ الشقيقانِ
لو تُسأَلُ الأرضُ: أين ابناك؟ لاَلتفتتْ ... إليهما ثم قالتْ: هاهما ذانِ