مجلة الرسالة/العدد 202/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 202/البريد الأدبي
الفن المصري في حاجة إلى الرعاية
ارتفع صوت الفنانين المصريين بالشكوى من موقف الحكومة معهم وضنها عليهم بالتشجيع والرعاية. بينما هي لا تضن بتشجيعها ورعايتها على الفنانين الأجانب الذين يهبطون مصر ويجدون فيها سبيل العيش خصبا موفورا في ظل هذه الرعاية. وفي مصر الآن طائفة لا بأس بها من الشباب الذين برعوا في الفنون الجميلة وتلقوها في أحسن المعاهد الأوربية، وقد ظهرت هذه البراعة ماثلة في كثير من المعارض التي عرضت فيها صور وتماثيل من صنع الشباب المصري؛ ولكن الحكومة المصرية أو بالحري وزارة المعارف لم تحفل كثيرا بمجهود أولئك الفنانين الشبان، وقلما عنيت بشهود معارضهم، بينما لا تتوانى عن شهود معارض الفنانين الأجانب سواء بحضور الوزير ذاته أو بعض أكابر الموظفين، أو شراء بعض اللوحات والقطع المعروضة. ومنذ أعوام قلائل أنشأ الفنانون المصريون لهم رابطة لتعنى بشؤونهم، فلم تولها الجهات الرسمية أية رعاية، ولم تتكرم عليها بأية معاونة. وهذه سياسة تحمل على التساؤل. ونحن لا نأخذ على وزارة المعارف أنها تشجع الفن والفنانين من أي الجنسيات؛ ولكن الذي يحز في نفس كل مصري أن يبقى هذا التشجيع كأنه وقف على الفنانين الأجانب؛ وأن يترك الفنانون المصريون بلا رعاية رسمية تذكي عمهم وتحقق أمانيهم. وقد آن الوقت الذي يحسن أن تعدل فيه وزارة المعارف خطتها، وأن تشمل الفنانين المصريين بسابغ رعايتها
مؤتمر القلم الدولي وبرنامجه:
يعقد المؤتمر الدولي الخامس عشر لاتحاد نوادي القلم في باريس في يوم الأحد 20 يونيه، ويستمر انعقاده إلى الرابع والعشرين وتقام حفلة الافتتاح في معهد التعاون العقلي، ويشمل البرنامج عدة حفلات واستقبالات ومآدب منها حفلة استقبال يقيمها رئيس الجمهورية للمندوبين، وحفلة ساهرة تقام في الكوميدي فرانسيز، وزيارات لمعالم باريس وفرساي، وحضور اللوار، ومعرض باريس الدولي. ويشمل برنامج العمل فضلا عن بحث الاقتراحات المختلفة مناقشة عدة مسائل أدبية هامة منها:
(1) هل يوجد أسلوب معاصر للأدب العالمي؟ (2) كيف يمكن التوصل إلى جعل الثقافة عالمية بغير طريق الترجمة؟
(3) وكيف يمكن تنظيم التبادل في مسألة العقد الأدبي بين مختلف الأمم وإنشاء نقد أدبي دولي؟
(4) الوسائل التي يمكن بحثها للتعبير المشترك في أدب الجيل الحاضر والمستقبل.
(5) مستقبل الشعر في العالم الحديث.
وسينزل المندوبون ضيوفاً على لجنة تنظيم المؤتمر أيام المؤتمر الرسمية. وقد سبق أن أشرنا إلى أن نادي القلم المصري سيشترك في هذا المؤتمر على يد وفد من أعضائه برياسة الدكتور طه حسين بك عميد كلية الآداب، وقد ينتهز ممثلو مصر هذه الفرصة فيقدمون الدعوة إلى لجنة تنظيم المؤتمر بعقد أحد المؤتمرات لا قريبة المقبلة لنوادي القلم بمدينة القاهرة؛ على أن ذلك لا يمكن أن يكون قبل سنة 1940.
استعمار المناطق القطبية
لفتت روسيا السوفياتية في الأعوام الأخيرة أنظار العالم بالجهود الجبارة التي تقوم بها في سبيل إصلاح المناطق القطبية واستثمارها وتعميرها. والمناطق القطبية كما هو معروف بسائط شاسعة لا نهائية من الجليد، وتكاد تكون قفراً من البشر. وروسيا تسيطر على مساحات عظيمة من هذه المناطق سواء في سيبيريا أو في الجزر الشمالية القطبية مثل نوفازمبلا وستبزبرجن. وقد صدر أخيراً كتاب عجيب عن الجهود التي تبذلها روسيا لتعمير هذه الوهاد الثلجية الهائلة، وفيه بحوث هامة عن (المعهد القطبي) الذي أقامته الحكومة الروسية في لنتجراد وزودته بجمع عظيم من العلماء في مختلف الفروع التي تعاون على تحقيق هذه المهمة الاستعمارية العظيمة مثل الجيولوجيا والمترولوجيا والكيميا وعلوم المحيط واليولوجيا والتحليلات وغيرها. وعدد هؤلاء الأخصائيين ثلاثمائة وخمسون، وهم يبذلون جهوداً تدعو إلى الإعجاب في الكشف عن أسرار هذه الأنحاء القطبية. وعنوان الكتاب المذكور هو: (أربعون ألفاً ضد المحيط المتجمد) ومؤلفه كاتب خبير بشئون روسيا هو هوسمولكا. وقد يتعرض المؤلف جهود روسيا في سبيل اكتشاف المناطق القطبية وتعميرها، وذكر أن هذه المهمة تكاد تكون اليوم وقفاً على روسيا؛ وروسيا تقوم فيها بأعظم قسط من الجهود الإنسانية وربما كانت جهودها في ذلك أعظم ما قدمته في العصر الأخير للعالم وللإنسانية. ويصف الكاتب أعاجيب (المعهد القطبي) وجهود علمائه وما وفقوا إليه من الاكتشافات العلمية والعمرانية، كل ذلك في فصول قوية شائقة بما تحويه من مختلف المعلومات الغربية عن الحياة في تلك الأصقاع المتجمدة
جوائز أدبية أمريكية
من أنباء نيويورك أن جائزة الأدب الكبرى المعروفة بجائزة (بولتزر) وقدرها ألف دولار (مائتا جنية)، وهي المخصصة لأحسن رواية، تصدر في العام قد منحت بواسطة جامعة كولومبيا التي تتولى أمرها، إلى الكاتبة الأمريكية مس مرجريت متشل من أجل روايتها (ذهبت مع الريح) التي بيع منها في أقل من عام نحو مليون ونصف نسخة
ومنحت نفس الجائزة عن أحسن قطعة مسرحية تصدر في العام إلى الكاتبين المسرحيين جورج كاوفجان وموسى هارت من أجل مسرحيتيهما (لن تستطيع أخذها معك)، وهي تمثل الآن على جميع المسارح الأمريكية الكبرى
ومنحت جائزة (بولتزر) أيضاً عن الصحافة لمستر جون ومن محرر جريدة (شمس بلتيمور) لأنه نشر أبدع مقال افتتاحي في سنة 1936
بحث عن البغاء
صدر أخيراً في فرنسا كتاب اجتماعي خطير عنوانه (بحث عن البغاء) بقلم الكاتب الكبير جان جوسي فرابا، وهو عبارة عن صور قوية مؤثرة مما شهد الكاتب وبحث بنفسه سواء في أماكن البغاء العلنية، أو في الشارع، أو في المنازل السرية الرفيعة، أو في أوكار البؤس المروعة. وقد قضى الكاتب في بحثه أعواما يجوس فيها أعماق باريس، ويحقق حالها الاجتماعية الخطيرة، وهو يتوجه فيه بالدعوة الحارة إلى الحكومة والبرلمان والأمة الفرنسية أن يعملوا جميعا لإنقاذ الإنسانية من هذا الوباء الاجتماعي الجارف وقد أثار الكتاب منذ ظهوره كثيراً من الاهتمام.
موقع طروادة
لبثت إلياذة هوميروس حتى العصر الحديث تعتبر قطعة من الخيال المحض، ولبثت مدينة طروادة التي اتخذت مسرحا لحوادث الإلياذة مدينة خيالية؛ ولكن مباحث العلامة الأثري شليمان في منطقة (حصارلك) في غرب الأناضول كشفت عن موقع مدينة مسورة، عليها آثار الغنى والفخامة، ودلائل تدل على أنها احرقت؛ فقيل عندئذ أن هذه ليست سوى مدينة طروادة، وأن هوميروس حينما تحدث عن حصار طروادة حديثه الرائع لم يكن يروي سوى واقعة تاريخية؛ وحاول كثير من العلماء أن يطبقوا أوصاف الإلياذة على المدينة المكتشفة؛ بيد أن الحفر المتواصل في هذه المنطقة كشف عن سبع مدائن قديمة. فأيها في الواقع طروادة؟ ولاحظ بعض العلماء من جهة أخرى أن هذه المدن المتواضعة لا تتناسب مع الأوصاف الرائعة التي يسبغها الشاعر على (طروادة). وقد ظهر أخيراً كتاب بالفرنسية عنوانه (الجدل حول طروادة). بقلم العلامة الفرنسي شارل فلاي، يستعرض فيه مختلف الفروض والنظريات التي تنطبق على طروادة وظروفها. ذلك أن المعروف أن طروادة قد خربت وأبيدت، فكيف يرجو المنقبون أن يقفوا على أطلالها كاملة؟ ومن جهة أخرى فليس من المحقق أن هوميروس كتب عن علم دقيق بالجغرافيا والمواقع، وقد يكون للخيال شأن كبير في الأوصاف التي يقدمها ألينا عن المدينة الشهيرة، ويحاول المؤلف أن يناقش هذه الآراء كلها، وأن يستخلص أوضح النتائج التي تؤيدها الأسانيد التاريخية والجغرافية والأثرية عن موقع طروادة، وعن مصايرها منذ التاريخ القديم
الخطابات الغفل
ذاع في العهد الأخير في فرنسا توجيه الخطابات القاذفة الغفل من التوقيع، وضبطت لهذه الخطابات عدة وقائع رنانة؛ وكتب الكتاب والعلماء بهذه المناسبة يبحثون عن أعراض هذه العلة وأسبابها؛ ويقول الدكتور لوكار في مقال نشرته جريدة الجورنال الباريسية أن كتابة الخطابات الغفل ترجع إلى بواعث ثلاثة هي المصلحة والانتقام والحسد، فهذه البواعث الثلاثة هي التي تحمل الشخص العاقل على عدم توقيع ما يكتبه. بيد أن هناك أشخاصا تنتابهم أزمات عقلية وعصبية معينة فيكتبون مئات الخطابات الغفل، وهنا تبدأ أعراض المرض ذلك لأن شهوة الخطابات الغفل مرض حقيقي؛ وربما كانت أهم أسبابه راجعة إلى عوامل جنسية، ومن النادر أن تجد الخطابات الغفل مكتوبة باتزان أو لغة محتشمة، فهي في الغالب مصوغة في لهجة فاحشة. ولكنها تدل أيضاً على جهل كاتبيها بهذه الصيغ القاذفة لأنهم في الواقع ينتمون إلى بيئة رفيعة.
وكثير من العذارى اللائي تقدمن في السن. أو أرهقهن الضغط الاجتماعي يجدن متنفسا في كتابة الخطابات الغفل؛ وقلما تصدر هذه الخطابات من شخص - رجل أو امرأة - يتمتع بحياة جنسية منتظمة
ومن خواص كاتب الخطاب الغفل إلا يعترف أبداً. وكثير من النساء يضبطن وهن متلبسات بالكتابة ومع ذلك ينكرن عملهن.
والخلاصة أن شهوة الخطابات الغفل مرض؛ والمصاب بها يمكن أن يعتبر شخصا غير عادي إذا لم يكن مجنونا في الواقع