انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 184/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 184/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 184
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 11 - 01 - 1937



توحيد الثقافة العربية

بحث أساتذة كلية الآداب بالجامعة المصرية منذ أسابيع في امثل الطرق إلى توحيد الثقافة في البلاد العربية، ثم رأوا أن يذاكروا ذلك إخوانهم القائمين على أمور الثقافة في لبنان وسورية وفلسطين، فدعوهم إلى القاهرة في عطلة عيد الفطر، فلبى الدعوة بعض أساتذة الجامعة الأمريكية في بيروت والأستاذ اسحق الحسيني عن فلسطين، ولم يستطع الأساتذة الدمشقيون الحضور لأسباب طارئة؛ ثم قضوا في القاهرة أسبوعا حافلا بالزيارات والمشاهدات على برنامج معين؛ واجتمعوا مرارا في دار (لجنة التأليف والترجمة والنشر) وتناقشوا في موضوع الدعوة ومنهاجها ووسائلها، فأسفرت المناقشة عن اتفاقهم على هذه الأسس آلاتية:

1 - أن تؤلف جمعية لتوحيد الثقافة العربية وتركيزها وتقويتها تتكونه من 24 عضواً هم الداعون والمؤسسون

2 - أن تسعى الجمعية في أن تضم أليها أعضاء من البلدان العربية الأخرى، وهي العراق وشرق الأردن وتونس والجزائر ومراكش

3 - أن يراعى في اختيار الأعضاء الجدد أن يمثلوا فروع الثقافة المختلفة

4 - أن تؤلف لجنة فنية لدرس النهضات الفكرية والبرامج التعليمية في البلاد العربية لتوحد غاية التعليم وتقرب مناحي الفكر بقد ما تسمح بذل طبيعة الإقليم

5 - أن تتلافى تعارض الجهود الادبية، فلا ينشر مثلا كتاب قديم في بلد يكون بلد آخر قد اخذ ينشره على صورة مرضية

6 - أن تعمل الجمعية لإصدار مجلة خاصة بها يعالج فيها أعضاؤها الأغراض التي أنشئت لها

7 - أن تعقد الجمعية مؤتمرات ثقافية في العواصم العربية على التتابع يحضرها الأعضاء ومن يدعون من الأدباء والعلماء فيوثقون الروابط ويرصدون التطور ويوجهون الجهود إلى الغرض المشترك. وسننشر أسماء الأعضاء وتفاصيل المشروع في فرصة أخرى

لجنة تفسير القران تحدد الفرص وتضع قواعد العم حددت الجنة التي ألفت لتفسير القرآن الكريم تمهيداً لترجمة معانيه غرضها بأنه: (وضع تفسير يقصد به إلى فهم معاني القران الكريم كما يدل عليه نظمه العربي المبين، ومعرفة ما فيه من أنواع الهداية، ويكون في متناول جمهرة المتعلمين فهمه والاهتداء به إلى معاني القران في سهولة ويسر)

ولتحقيق ذلك نتبع القواعد الآتية في التفسير:

1 - أن يكون التفسير خاليا ما أمكن من المصطلحات والمباحث العلمية إلا ما استدعاه فهم الآية

2 - ألا يتعرض فيه للنظريات العلمية فلا يذكر مثلا التفسير العلمي للرعد والبرق عند آية فيها رعد وبرق، ولا رأي الفلكيين في السماء والنجوم عند آية فيها سماء ونجوم؛ إنما تفسر الآية بما يدل عليه اللفظ العربي، وتوضح مواضع العبرة والهداية فيها

3 - إذا مست الحاجة إلى التوسع في تحقيق بعض المسائل وضعته اللجنة في حاشية التفسير

4 - ألا تخضع اللجنة إلا لما تدل عليه الآية الكريمة، فلا تتقيد بمذهب معين من المذاهب الفقهية، ولا مذهب معين من المذاهب الكلامية وغيرها. ولا تتعسف في تأويل آيات المعجزات وأمور الآخرة ونحو ذلك

5 - أن يفسر القران بقراءة حفص، ولا يتعرض لتفسير قراءات أخرى إلا عند الحاجة أليها

6 - أن يجتنب التكلف في ربط الآيات والسور بعضها ببعض

7 - أن يذكر من أسباب النزول ما صح بعد البحث، وأعان فهم الآية

8 - عند التفسير تذكر الآية كاملة أو الآيات إذا كانت كلها مرتبطة بموضوع واحد ثم تحرر معاني الآية أو الآيات مسلسلة في عبارة واضحة قوية، ويوضع سبب النزول والربط وما يؤخذ من الآيات في الموضع المناسب

9 - إلا يصار إلى النسخ إلا عند تعذر الجمع بين الآيات

10 - يوضع في أول كل سورة ما تصل إليه اللجنة من بحثها في السورة، أمكية هي أم مدنية، وماذا في السورة المكية من آيات مدنية والعكس 11 - توضع للتفسير مقدمة في التعريف بالقران وبيان مسلكه في كل فن من فنونه كالدعوة إلى الله وكالتشريع والقصص والجدل ونحو ذلك، كما يذكر فيها منهج اللجنة

طريقة التفسير

1 - تبحث أسباب النزول والتفسير بالمأثور، فتفحص مروياتها وتنقد، ويفرد الصحيح منها بالتدوين، مع بيان وجه قوة القوي وضعف الضعيف من ذلك

2 - تبحث مفردات القران بحثا لغوياً، وخصائص التراكيب القرآنية بحثاً بلاغياً وتدون

3 - تبحث آراء المفسرين بالرأي والتفسير المأثور، ويختار ما تفسر الآية به مع بيان وجه رد المردود وقبول المقبول ويفند ذلك كله

4 - يصاغ التفسير المختار مستوفياً ما نص على استيفائه في الفقرة الثانية من القواعد السابقة؛ وتكون هذه الصياغة بأسلوب مناسب لإفهام جمهرة المتعلمين خال من الأغراب والصنعة

التوزيع

نظرا لظروف أعضاء اللجنة وتحقيقاً للتعاون رئي أن تقوم لهذه الأعمال الأربعة جماعتان فقط: أولاهما تقوم ببحث أسباب النزول والتفسير بالمأثور وبحث آراء المفسرين بالرأي وما يستنبط من الآية. الخ. وتتآلف من فضيلة رئيس اللجنة وحضرات الأساتذة جاد المولى بك، واحمد أمين، وأمين الخولي، والشيخ علي الزنكلوني، والشيخ محمود شلتوت

وثانيتهما تقوم ببحث المفردات اللغوية والأوجه البلاغية كما تقوم بالصياغة الأخيرة للتفسير الذي يختار؛ وتتألف هذه الجماعة من حضرات الأساتذة علي الجارم بك، ومصطفى عبد الرازق، والشيخ إبراهيم حمروش

على أن تقدم الجماعة الثانية بحثها أولاً في المفردات اللغوية والأوجه البلاغية للجماعة الأولى التي تتقاسم بينها أعمالها وتقدم تقارير بها، وما يستقر عليه الرأي في اختيار المعنى يعرض على اللجنة العامة مجتمعة فتنتهي فيه إلى قرار يقدم بعده إلى الصياغة فتنجزها الجماعة الثانية وتعرضها على اللجنة العامة مجتمعة ليقر إقرارا نهائيا مع ملاحظة أن كل خطوة يتم حثها يطبع ما تم فيها ويوزع على أعضاء اللجنة جميعها ليدرسوه قبل مناقشته في اللجنة العامة

التفسير المختصر

تقرر كذلك أن تضع اللجنة بعد الفراغ من تفسير كل آية أو آيات موجزاً يختصر من التفسير الأول اختصاراً دقيقاً يختصر التفسير الأول اختصاراً دقيقا في جلاء ووضوح يفرد وحده ويكتب في كتاب خاص

وفاة شاعر تركيا محمد عاكف بك:

في 29 ديسمبر الماضي استعز الله بالشاعر الكبير محمد عاكف بك أستاذ اللغتين التركية والفارسية في كلية الآداب بالجامعة المصرية، وكانت علته الفادحة قد اضطرته إلى اعتزال هذا المنصب في يونيو سنة 1936 والسفر إلى الآستانة حيث قضى نحبه بين قومه. كان الفقيد أستاذاً في جامعات تركيا قبل الانقلاب، وزاول الصحافة زهاء ثمانية عشر عاماً اصدر في خلالها مجلتي (صراط مستقيم) و (سبيل الرشاد)؛ وكان إلى ذلك عضواً في المجلس الوطني أثناء حرب الأناضول

ولا تزال قصائده الوطنية وأناشيده الحماسية التي نظمها في ذلك الحين تعلق بالقلوب وتجري على الألسن. ومن روائعه الخالدة في الأدب التركي قصيدة (جناق قلعة) التي وصف فيها موقعة الدردنيل وصفا بليغ المعرض شديد الروعة؛ وقصيدته في رحلته من نجد إلى المدينة؛ ثم نشيده الوطني الذي يردده ملايين الأتراك. وقد اشتمل ديوانه على خمسة أجزاء نشرها جميعا تحت عنوان (صفحات)

وفد إلى مصر منذ أربعة عشر عاما لازم فيها المغفور له الأمير محمد عباس حليم؛ وقد نظم في مصر والمصريين قصائد رائعة، منها قصيدته (مع فرعون). وعسى أن تتهيأ الفرصة لصديقه الحميم الوفي الدكتور عبد الوهاب عزام فيجلو لقراء (الرسالة) نواحي أدبه بعد مماته، كما أمتعهم بروائع شعره في حياته

كتاب الأشباح

صدر أخيرا في إنكلترا كتاب طريف مدهش معاً عنوانه (قصص حقيقية مع الأشباح) بقلم المركيزة تونز هند أوف رينهام والسيدة مود فولكس؛ وطرافة هذا الكتاب في أن القصص التي يحتويها ليست قصصاً خيالية من مبتكرات مؤلفتها، إنما هي قصص حقيقية واقعية تؤيدها المركيزة تونز هند بكثير من الشواهد والادلة؛ وهي في مجموعها تدور عن العلاقة بين الأحياء والأموات، وعلى الاتصال بأرواح الذاهبين ومثولها في كثير من الأحيان. والمركيزة تونز هند مؤلفة هذه المجموعة من اشهر المشتغلات بمسائل الأرواح والغيب، ولها في ذلك تجارب شهيرة؛ وهي تقيم منذ أعوام في دار اشتهرت منذ بعيد بما يسكنها من الأشباح والأرواح، وهي دار رينهام وتعرف في مقاطعة نور فولك (البيت الأعظم)، وقد كانت هذه الدار مسرحاً لأكثر من مأساة دموية، ولها شهرة مرعبة في جميع الأنحاء المجاورة

وإذا كانت تلاوة قصص الأشباح المختلفة تثير الدهشة والجزع أحيانا، فان تلاوة هذه القصص الحقيقية تثير الروعة والرعب في الأذهان المؤمنة

وفاة الشاعر والفيلسوف الأسباني أومانومو

من أنباء أسبانيا الأخيرة أن الفيلسوف الكاتب الشاعر الأسباني الكبير ميجويل دل اومانومو مدير جامعة شلمنقة (سلامانكا) قد توفي في الثاني من يناير. وكان موله بثغر بلباءو في سنة 1864؛ ودرس دراسة جامعية حسنة، وبدأ أستاذاً للغة اليونانية في جامعة شلمنقة سنة 1891؛ واشتغل منذ حداثته بالشعر والأدب، ودرس الفلسفة دراسة مستفيضة. واخرج في سنة 1907 ديوانه، فلقي تقديراً عظيماً، وتبوأ اومانومو مكانته في الطليعة بين شعراء أسبانيا المعاصرين. وعالج اومانومو كتابة القصة أيضاً؛ واخرج منذ سنة 1897 قصته الشهيرة: (السلام في الحرب) وفيها يصف مسقط رأسه، ومشاهد صباه؛ ثم اتبعها بقصة عنوانها (من بلادي)، ثم بقصة (المركيز دي لومبريا)

بيد انه اشتهر على الأخص بمباحثه الفلسفية. فاخرج في سنة 1913 كتابه (الشعور المؤسى بالحياة)؛ وفي سنة 1925 اخرج كتابه الشهير: (احتضار النصرانية)، واخرج أيضاً عدة كتب أخرى فلسفية ولغوية

ومنذ سنة 1914 يشغل لومانومو منصب مدير جامعة شلمنقة. وقد عزل عن كرسيه لمطاعنه اللاذعة في نظام الطغيان العسكري الذي أنشأه الجنرال دي ريفيرا؛ ثم نفي مدى حين إلى جزر الكناري، ثم رحل إلى فرنسا. وكتب في منفاه عدة رسائل وكتباً شائقة منها: (كيف تكتب القصة)، ومنها كتابه المؤثر: (رومانشيرو في المنفى)، ولما انهارت دعائم الطغيان في أسبانيا عاد اومانومو إلى شلمنقة وأعيد إلى منصبه الجامعي

وقد كان اومانومو من اعظم الشخصيات الأدبية التي طبعت الأدب الأسباني المعاصر بطابعها العميق