انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 170/من وراء القرون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 170/من وراء القرون

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 10 - 1936



هذه الأحداث تتوالى، والمصائب تتعاقب، والأمم الإسلامية

تخوض كل يوم بحراً من اللهيب، فأين الأدب الذي يصف

الأحداث، ويصور آثارها؟ وأين الشعر الذي يشحذ الهمم،

ويستثير العزائم؟ وأين الأدباء والشعراء الذين يشعرون بشعور

الأمة ويألمون لآلامها. ويشاركون في بناء مستقبلها؟. . .

أما حركتكم أيها الشعراء نكبة فلسطين؟ أما هزت قرائحكم؟ أما هاجت عواطفكم؟ اقرءوا الآن هذه الأبيات من قصيدة الأبيوردي في استيلاء الإفرنج على بيت المقدس في سنة اثنين وتسعين وأربعمائة. ثم افتتحوا (ديوان فلسطين) الذي ستؤلفونه من قصائدكم في فلسطين بمعارضة هذه القصيدة، عل قصائدكم تهز الأمة الغافلة فيخرج منها صلاح الدين جديد.

(ع)

قال الأبيوردي المتوفى سنة. . .

مزجنا دماءً بالدموع السواجم ... فلم يبق منها عرضة للمزاحم

وشرّ سلاح المرء دمع يفيضه ... إِذا الحرب شبت نارها بالصوارم

فإيها بني الإسلام! إن وراءكم ... وقائع يلحقن الذُّرى بالمناسم

أتهويمة في ظلّ أمن وغبطة ... وعيش كنوّار الخميلة ناعم

وكيف تنام العين ملء جفونها ... على هبوات أيقظت كل نائم

وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم ... ظهورَ المذاكي أو بطون القشاعم

يسومهم الروم الهوان وأنتم ... تجرون ذيل الخفض فعل المسالم

وكم من دماء قد أبيحت ومن دُمىً ... تواري حياء حسنها بالمعاصم

بحيث السيوف البيض محمرة الظبى ... وسحر العوالي داميات اللهاذم

وبين اختلاس الطعن والضرب وقفة ... تظل لها الولدان شيب القواد وتلك حروب من يغيب عن غمارها ... ليسلم يقرع بعدها سن نادم

سلَلن بأيدي المسلمين قواضباً ... ستغمد منهم في الطُّلى والجماجم

يكاد بهنّ المستجنّ بطيبةٍ ... ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم!

أرى أمتي لا يشرعون إلى العدا ... رماحهم والدين واهي الدعائم

ويجتنبون النار خوفاً من العدا ... ولا يحسبون العار ضربة لازم

أترضى صناديد الأعاريب بالأذى ... وتغضي على ذلّ كماة الأعاجم

فليتهم إذ لم يذودوا حمّية ... عن الدين ضنّوا غيرة بالمحارم

وإن زهدوا في الأجر إذ جمّش الوغى ... فهلاّ أتوه رغبة في المغانم

لئن أذعنت تلك الخياشيم للثرى ... فلا عطسوا إلا بأجدع راغم

دعوناكم والحرب ترنو ملحّة ... إلينا بألحاظ النسور القشاعم

تراقب فينا غارةً عربيّة ... تطيل عليها الروم عضّ الأباهم

فإن أنتم لم تغضبوا عند (هذه. . .) ... رمتنا إلى أعدائنا بالجرائم