مجلة الرسالة/العدد 16/في الأب الغربي
مجلة الرسالة/العدد 16/في الأب الغربي
وإذا أتى يوماً؟
قصيدة لموريس ماترلنك
للأستاذ أبي قيس عز الدين علم الدين. عضو المجمع العلمي العربي
بمناسبة ما نشرته الرسالة البارعة في العدد الرابع عشر من رواية بلياس ومليزاند ترجمة الأستاذ حسن صادق، أبعث للرسالة بقصيدة تعد من روائع الأب الرمزي، وقد نقلت إلى معظم اللغات الغربية، وأما شاعر هذه القلادة المروية فهو الأديب البلجى الكبير موريس ماترلنك ولد في غاند سنة 1862، وقد نشأ مفطوراً على حب الأب، فحذق الصناعتين ويعده البلجيون من عباقرة شعرائهم وكتّابهم الخالدين: وقد أدخل في الأب البلجى أسلوباً جديداً وامتازت قصائده بطابع حزن عميق يثير مكنون الأسى، وأما رواياته التمثيلية فإنها تقنع مطالعها بأن حياة الناس خاضعة لعوامل خفية، وأن العالم الأرضي مفضي عليه بقضاء وقدر مضاعف: قدر الحِمام، وقدر الغرام. وأهم آثاره: بيوت الزجاج (1889)، الأغاني الاثنتا عشرة (1897)، الأميرةمالين (1889)، العميان (1890)، بلياس ومليزاند (1892)، العصفور الأزرق (1911)، كنز المتواضعين (1896)، الحكمة والقدر (1898)، حياة النحل (1901). والآثار الثلاثة الأخيرة تدل على براعة ماترلنك وعبقريته، وعلى رسوخه في فلسفة الأخلاق وعلى شاعر يته الجبارة. وأما قصيدته الخالدة الموسومة بعنوان (وإذا أتى يوماً؟) فهي من مرويات أغانيه الاثنتيعشرة، ويعود تأثيرها البليغ إلى تأثير موقفها الفاجع، ولعمري أي أمر أفجع من موقف شقيقتين تحتضر إحداهمافتسألها الأخرى عما تجيب به أسئلة خطيبها إذاما عاد يوماً من دار هجرته إلى دار مهجته، فتجيبها، ولم يبقى من شقيقتها إلا حشاشة، بأجوبة رمزية تشبه غصص المنية، وإليك الآن هذه الأغنية تلتاع القلوب الشاعرة لزفراتها، وتنتزع العقول العبرة من عبراتها. . .
سوإذا أتى يوماً وعاد=فما أقول لمن يعود؟
جقولي له: انتظرتك حتى=فارقت هذا الوجود سوإذا ألحّ وليس يع=رفني ليكتشف الحقيقة؟
جفتحدثي معه كما=تتحدثينإلىشقيقه
سوإذا تساءل: أين أنت=فما يكون جوابه؟
جأعطيه خاتم خطبتي=الذهبي فهو جوابه
سوإذا إستراب وقد رأى=في المخدع الخالي العجاج؟
جفأريه أن الباب مف_توح مذانطفأ السراج
سوإذا استزاد مروَّعاً=عن حال ساعتك الأخيرة؟
جقولي له: ابتسمت مخا_فة أن تنوحَ على الكسيرة