انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 16/حياة ثانية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 16/حياة ثانية

ملاحظات: بتاريخ: 01 - 09 - 1933



أيُّ نورٍ ألقَي علىَّ غرامي ... فاشتريتُ الآمال بالآلامِ

كان ذا الجسمُ عُصبةً من جراحٍ ... تتنزى في هيكل من حطامِ

كان ذا القلبُ شعلةً من عذاب ... وشجون ولوعة وضرام

كان ذا الطرف منهلاً سرمَدِياً ... يغمر الروح بالدموع الدوامي

كنتُ واللهِ في شبابي شيخاً ... لاح للناس في مُسُوح غلام

كان ذا الشِّعرُ غنوة اليأس في القل ... ب وناياً أنعى به أحلامي

كان عمري كأنه حلكة اللي ... ل على الدُجَى المترامي

كنتُ لا أعرف التَبَسُّم حتى ... عوَّدتنى المنى ابتذال ابتسامي

شفَتَاي الحزينتان وقلبي ... وعيوني مدينة لغرامي

عالَمٌ أنتِ من جلال وسحرٍ ... وجمالٍ وفتنةٍ وسلامِ

فيك أمر غير الجمال سيبقَى ... أبد الدهر حيرة الأيامِ

فيكِ سحرٌ من السذاجة والطه ... ر يمدّ الشعور بالا لهام

قد هجرتُ الكروم والحان والس ... اقى وصوت الكؤوس والأنغام

وأبيتُ الحياةَ الاَّ خيالا ... وعشقتُ الحياة بالأوهام

تساقي بها الكؤوس من الس ... حر ونحيا في روضة الأحلامِ

والأزاهير حولنا تَتَثنَّى ... راقصاتٍ بغير جرحٍ دوامي

وطيور الخيال فيها تَنَاغَي ... برقيق الغناء عذب الكلام

كل شئ حتى الأنين أراهُ ... مستحبَّا مُوَقَّعَ الأنغام

أشربي الكأس واتركي ليَ فيه ... قُبلةً تستقر بين عظامي

قبلَ أن يخطر النسيم فيمضي ... بأمانِ الهوَى ويذروُ حطامي!

صالح جودت