مجلة الرسالة/العدد 153/نشيد وطني
مجلة الرسالة/العدد 153/نشيد وطني
للأستاذ محمود الخفيف
مِصر يا أرض الفراعين الأولى ... موطِنَ العِزةِ في فجرِ الزَّمنْ
أسلمي أنا نزعنا للعلا ... مُذْ دعانا للعلا داعي الوطنْ
وَحيُ ماضينا جَلاَ المستقبلا
فتبينا المكانَ الأوَّلا
وسئمنا في الحمى طولَ الوسَنْ
دَرَجتْ في ظِل وادينا الحياه ... وبماضي عزمنا سارَ المثلْ
قل لمن يُزهى بمجدٍ أو بجاه ... نحنُ أهلُ السَّبْق في المجدِ الأوَلْ
نحن أبناءُ الميامينِ الغُزاه
قد رفعنا اليومَ في مِصرَ الجباه
وتغنينا بألحان الأملْ
رُوحنا أعيتْ على الدهر الفناء ... وطوت في صمتها طول الحقبْ
أبداً لن يفقد النيلُ الرجاء ... أو يرى واديه سوَء المنقَلبْ
عادت الروحُ وإن طال الخفاء
فتطلعنا إلى أوج العَلاءْ
وطلبنا موضعاً فوق الشهبْ
سِرُّ وادينا وإن طال السكون ... مستكنٌ فيه باقٌ مُدَّخَرْ
خالدٌ يطفو علىٍ غمر القرون ... نجتليه اليومَ محمودَ الأثرْ
في غدٍ نُحيي به عهد الفنونْ
في حمى النيل كما كُنَّا نكون
نجتني من غرسنا أحلى الثمرْ
يا وَريد القلب في الوادي الخضيب ... أنت يا من وهَبَ الوادي ثراه
سر، تدفق أيها النهرُ الحبيب ... يا عباباً يُبهر الفكرَ مداه
يا جَدِيداً وَهوَ للدهرِ ضريبْ يتجلىَّ فيك لي معنى عجيب
فطن القلبُ إليه فوعاه
أنت كالمصريّ في نزعته ... زاخر بالخير فياض المعين
خالد تحكيه في فطرته ... وادع تنساب في خفض ولين
حالم كابنك في رقته
ولقد تحكيه في غضبته
باعتكار ثم تصفو بعد حين
إيه يا رمز المعالي والخلود ... قد شهدت المجد والدهر غلاء
وصحبت العزَّ في كل العهود ... في هجير الحرب أو ظلِّ السلام
قِرَّ عيناً أيها النهرُ الودود
قد صحونا بعد أن طال الهجود
وجمعنا بين رأي واعتزام
قد أبينا ذلة المستضعفين ... فوثبنا وثبة الأسْد الغضابْ
قد كرهنا البحر مسلوب السفين ... وملِلناَ البرَّموهون الجناب
فتآخينا على ضوء اليقين
وهتفنا نصرةُ الأوطان دين
قد دعت مصرُ فما أحلى العذاب
لم ينل من عزمنا حرُّ الجهاد ... لا ولن نخشى مع الحق الردى
قل لمن أعماه حقدٌ أو عناد ... نحن بالأرواح أعْززْنا الفدى
لازم الجدُ خطانا والسداد
ولغير الحق لم نُلق القياد
أقبل الدهر علينا أو عدا
جنة الأرض رفعنا ذكرها ... وملأنا باسمها سمْع الأمم
أوٍَلم ننشر لها دُستورَها ... بالدَّم المسفوح من طيِّ العدم
بُغية النيل عرفنا مهرَها فَلمحنا بعد حين فجَرها
وغداً نكشف عن مصرَ الَظلم
شَيِّع الليلَ فَقَدْ لاح الصباحْ ... لم يَقِفْ يوماً على الدَّأْبِ الفَلَكْ
عَهدُنا عهدٌ جهاد وكفَاحْ ... بهما كلُّ عصيٍّ يُمتلكْ
فامتلئ من كبرياءٍ وطماح
وأتجِهْ صوبَ السموات الفساح
يا ابن مِصْر فالعلا والمجد لك
محمود الخفيف