مجلة الرسالة/العدد 153/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 153/البريد الأدبي
المباحث المصرية والعلم الحديث
صدرت نشرة خاصة بمحاضرة ألقاها الأستاذ بلاكمان في جامعة ليفربول عن (قيمة المباحث المصرية في العالم الحديث)؛ وفيها يبسط التجارب الأولى التي قام بها الحكماء المصريون في الرياضة والفلك، وينوه بحقيقة تاريخية هامة فطن إليها الفراعنة وهي أنه من الخطر أن يسمح لدولة أجنبية أن تحتل فلسطين. ويقول الأستاذ في رسالته إن دراسة الاقتصاديات المصرية في عصر البطالسة تفيد العالم الحديث، وأنه يمكن أن نلاحظ أن مثل هذه الظروف كانت موجودة بمصر منذ الأسرة الثامنة عشرة، وأن المهندس الحديث يستطيع أن يفيد من دراسة الآثار المصرية القديمة، ولا سيما الأهرام، وما تدلي به من نظريات هندسية بارعة في شؤون الزوايا والمخروطات، وفي شؤون الزخارف البديعة التي تناسب أبنيتها. وإذا كان الذوق الحديث يتطلب التناسق بين الأبنية والزخارف، فأنه لم تحرز أمة في التأريخ براعة المصريين القدماء في إتقان هذا التناسق.
ويرى الأستاذ بلاكمان أيضاً أن المصريين كان لهم أثر كبير في نمو الحضارة الغربية، وذلك بتأثيرهم المباشر أو غير المباشر على الحضارة اليونانية، وأن حكمة المصريين كانت ذات اثر قوي في صوغ تعاليم (العهد القديم) بل كانت ذات اثر في صوغ التعاليم النصرانية ذاتها.
كشف جديد لصحراء الأهرام
وفق الأستاذ سليم بك حسن إلى كشف جديد بصحراء الأهرام، وهو مقبرة كاهن من كهنة الأسرة الخامسة اسمه (نخت كا) كان رئيس للمحفوظات الملكية وأمينا على مخازن الملك. وتقع المصطبة التي وجدت بها مقبرته جنوب مصطبة الأمير (جونوم بات)، وهي مبنية من الحجارة الجيرية، ولها مدخل يفتح إلى جهة الشرق، ويفضي إلى بهو ذي أعمدة من الحجر؛ وفي الحائط الجنوبي للبهو نافذة يدخل منها الضوء إلى المكان.
وفي الطرف الجنوبي الغربي مدخل يفضي إلى حجرة زينت بنقوش ورسوم تمثل الحياة اليومية حينذاك.
وهناك بابان وهميان نقشت عليهما تعاويذ وصيغ معروفة ومن خلف هذين البابين عثر الكاشف على بئر وجدت بعد تفريغها منتهية إلى حجرة صغيرة منحوتة في الصخر، وفي هذه الحجرة عثر على تابوت من الصخر أيضاً فيه الهيكل العظمي للكاهن (نخت كا) ملفوفاً بالذهب.
وقد عثر في هذه المقبرة على 15 آنية من النحاس بينها طست وإبريق لا يختلفان عما يصنع منهما الآن، وكذلك عثر على أطباق ومعدات للأكل موضوعة على شكل مائدة استعداداً لتناول الطعام عندما يبعث صاحب المقبرة، كما عثر بالقرب من هذه المائدة على عظام الثيران التي نحرت وأعدت للطعام.
وعلى جدران المقبرة نقوش تمثل الحياة المصرية، فمنها ما يمثل جوقات رقص وموسيقى، وفي مقدمة الآلات الموسيقية القيثارة والصفارة وإلى جانب هذه النقوش الفنية ما يمثل نوعاً من أنواع التحتية عند قدماء المصريين وهي التحتية الخاصة بقدامى القرابين إلى الكاهن الأكبر، فقد كان كل منهم يتقدم نحو الكاهن وهو يجر بيمناه الثور في حين أنه يلتفت إلى المكان ويضع يسراه على صدره بحيث تلمس الأصابع أعلى الكتف.
إلى زميلنا المهذب صاحب (المكشوف)
شوهت - سامحك الله - في ذهني صورة جميلة كانت للمكشوف. فقد اعتقدت - وكنت على وشك أن أعلن هذا الاعتقاد - أن مجلة (العصبة) في سان باولو، وجريدة (المكشوف) في بيروت، تكتبان اليوم فصلاً قيماً في تأريخ الأدب العربي الحديث؛ وأن العصبة الأندلسية الكريمة التي تصدر تلك المجلة في المهجر، وعصبة العشرة التي تحرر هذه الجريدة في الموطن، إنما تجريان على تقاليد لبنان العربي فتتمان ما بدأ به آل اليازجي وآل البستاني وأضرابهم من رجال الفكر والترجمة والصحافة والتمثيل الذين عاونوا مصر على إحياء هذه النهضة؛ وأن هؤلاء الأدباء الأوفياء إنما هم حجة العربية والعروبة على هذا الأدب الدخيل الذي يستمد وجوده من فينيقية القديمة وفرنسا الجديدة ثم يزعم للأغرار أنه أدب لبنان!
نعم كنت أعتقد في المكشوف ما أعتقد في العصبة حتى قرأت في عدده الأخير مقالاً وجهته إليّ فزعزع في نفسي أساس هذه العقيدة!
ما رأيك في رجل تكلمه في موضوع عام في الأدب فيقول لك: إنك شتمتني فأنا أشتمك؟! إن كنت تقول إن هذا الرجل لا يوجد في الناس فتعال إذن أسألك: كيف فهمت من مقال (النقد المزيف) أنه رد عليه فقلت ما نصه: (يرد الأستاذ الزيات في رسالته علينا ولا يسمينا مخافة أن يرمي بالجمود حين يحمل على دعاة الجديد والقائلين بأدب الحياة فيعمد إلى اللف والدوران والتلميح. . .) ثم قالت بعد ذلك: (يقول صاحب الرسالة ردا على الحملة التي نحملها على أدب الألفاظ وشعر البكاء المتكلف والرثاء الكاذب. . . (إن هذا النقد إما أن ينبعث من مكامن الحقد فيرمي إلى التجريح، وأما أن ينطلق من مواضع الغرور فيسعى إلى الهدم) ثم رتبت على هذا الفهم أو الوهم ما سوغه لك أدبك. إن كنت تقرأ ما في السطور كما يقرأ الناس فالأمر إذن لمنطق الناس، وإن كنت تقرأ ما بين السطور فالأمر لك وحدك. وما حيلة المنطق في (دون كيتشوت) الذي يريد أن يبني بطولته على معارك الوهم؟ على أنني كنت أحب أن ترعى جانب الأدباء الذين يعاونونك في تحرير المكشوف فتربأ بهم عن هذا الموضع الذي ارتضيته لنفسك. أما حملتك الهوجاء على الأستاذ الرافعي فهو أقدر الناس على ردها عليك إن شاء.
عدد الطلاب الذين تقدموا هذه السنة للامتحانات العامة
بلغ عدد الطلاب والطالبات الذين تقدموا من المدارس المصرية للامتحانات العامة: (البكالوريا، والابتدائية، وكفاءة التعليم الأولى، والمعلمات الراقية) في السنة المكتبية الحالية 23 , 208 فالذين تقدموا لامتحان شهادة الدراسة الثانوية قسم ثان 5 , 445 طالباً، منهم 2 , 155 بالقسم الأدبي، و3 , 290 بالقسم العلمي. والذين تقدموا لامتحان شهادة الدراسة الابتدائية قد بلغ عددهم 16 , 339. وعدد الذين تقدموا لامتحان شهادة كفاءة التعليم الأولى 1 , 364منهم 935 كفاءة المعلمين و429 كفاءة معلمات
وبلغ عدد الطالبات اللائي تقدمن لامتحان شهادة المعلمات الأولية الراقية 60 طالبة منهم 15 بالتعليم العام و17 بقسم التدبير المنزلي و15 بقسم رياض الأطفال والرسم و13 بقسم تخصيص تربية العميان.
أزفالد شبنجلر
نعت إلينا أنباء ألمانيا الأخيرة الكاتب والفيلسوف الاجتماعي الألماني أزفالد شبنجلر توفي فجأة في مدينة ميونيخ بالسكتة القلبية في السادسة والخمسين من عمره؛ وكان قبل أن يخوض ميدان الكتابة الحرة أستاذاً في إحدى المدارس الثانوية ولكنه في سنة 1911هجر التعليم، ونزل ميدان الصحافة والكتابة الحرة وهو في عنفوان شبابه، واشتهر بكتاباته في الموضوعات الاجتماعية والثقافية، بيد أنه لم يبلغ الذروة في عالم الكتابة يومئذ؛ وإنما بلغ شبنجلر ذروة الشهرة والنفوذ كمفكر وكاتب مبتكر بعد الحرب الكبرى حين اصدر كتابه الشهير: (انحلال الغرب) الذي طبع مرات عديدة في وقت قصير وترجم إلى معظم اللغات الحية.
وقد كان صدور هذا الكتاب حادثاً أدبياً وفكرياً عظيماً، بل يعتبر أعظم حادث فكري وقع في ألمانيا بعد الحرب. وفيه يدرس شبنجلر قوانين النمو والانحلال في التأريخ، ويشرح التطورات التاريخية بطريق الدرس المقارن للعلوم الطبيعية وأصول الحيوان والنبات، ويتناول في بحثه كل ما يتصل بمصير الإنسان وطالعه، سواء من ناحية الدولة أو المجتمع. ويعتقد شبنجلر أنه استطاع بهذا العرض أن يطلع مواطنيه على الحلقة التي يستأنف منها التأريخ سيره، وعلى واجبات المستقبل. وقد أحرز كتاب شبنجلر من الوجهة الأدبية والاجتماعية نجاحاً عظيماً، ولكنه أعتبر سقيما من الناحية العلمية، ذلك أن شبنجلر لم يكن أستاذاً في كل الموضوعات التي تناولها والأصول العلمية التي أعتمد عليها، وهو مشحون بالأخطاء من هذه الناحية؛ بيد أنه من ناحية العرض الاجتماعي يعتبر قطعة رائعة من الدعاية القومية، ويبسط شبنجلر آراءه بقوة وعنف وبساطة؛ ومن ثم كان النجاح الباهر الذي أحرزه كتابه، والأثر العظيم الذي أحدثته آراؤه في الجيل الألماني المعاصر.
مصادرة كتاب عن البلاط النمسوي
من أنباء النمسا الأخيرة أن الحكومة النمسوية قررت مصادرة كتاب صدر أخيراً بالألمانية وعنوانه (لما كنت أرشيدوقاً) ومنعه من التداول في النمسا؛ وهذا الكتاب عبارة عن مذكرات البلاط النمسوي القيصري بقلم ليوبولد فلفلينج، وهو الأسم الشعبي للأرشيدوق ليوبولد سالفاتور أحد أمراء آل هبسبرج السابقين، ومن أبناء عمومة القيصر السابق، وقد عاش هذا الأمير حيناً في البلاط النمسوي، ولكنه كان من الأمراء الثائرين عليه وعلى سياسته ورسومه، فلم يمض غير قليل حتى أبعد عنه، وخاض مدى حين حياة مغامرات متواصلة؛ وتوفي في العام الماضي في فينا فقيراً مجهولاً وهو يقص في كتابه المذكور كثيراً من أحوال البلاط النمسوي وأسراره وحوادثه مدى ثلاثين عاماً، وقد سبق أن نشر بعض فصول كتابه في كبريات الصحف فأثارت يومئذ كثيراً من الاحتجاج والتعليق، لأن منها ما يتعلق ببعض الشخصيات الحية، ولهذا رأت الحكومة أن تمنع تداوله.
وقد تكرر منع الحكومة النمسوية في العهد الأخير لمؤلفات ومذكرات تتعلق بالبلاط النمسوي السابق وبأسراره ومثالبه؛ وهذا ما يفسره بعضهم بأن ذلك يرجع إلى ميول الحكومة الملكية، وإلى حرصها على استبقاء سمعة الملوكية النمسوية بعيدة عن التأثر بهذه الذكريات والقصص المثيرة.
ذكرى مخترع شهير
أحتفل أخيراً في ألمانيا بذكرى عالم مخترع هو أوتوفون جريكه، وهو أول من استطاع أن يطبق نظرية الضغط الهوائي بصورة عملية؛ وذلك لمناسبة مرور مائة وخمسين عاماً على وفاته وكان مولده سنة 1602 في مجد بورج؛ ودرس القانون والعلوم الطبيعية دراسة حسنة، وظهر أثناء الحرب الثلاثينية (حرب الثلاثين عاماً) وأشترك في عقد مفاوضات الصلح، ثم عين بعد ذلك حاكماً لمدينة مجد بورج؛ ولكنه لم ينس طوال حياته أن يشتغل بالعلوم والتجارب الطبيعية؛ وقد استطاع لأول مرة أن يجري أول تجارب في الطبيعة العملية، وكان ميدان بحثه في الهواء وما هيته ومؤثراته؛ فاستطاع بعد تجارب عديدة أن يصل إلى نظرية ضغط الهواء؛ ففي سنة 1654، نظم في مدينة ريجنسبرج أمام القيصر فرديناند الثالث تجربة عملية من هذا النوع، وخلاصتها أنه أتى بنصفي كرة من النحاس قطر كل منهما 36 سنتمتراً، وأطبقهما على بعضهما، وأستخرج منهما الهواء بواسطة مضخة صغيرة؛ ثم رتب أن يجر كل منهما ثمانية من الخيل في اتجاه معاكس، فلم تستطع الخيل أن تنزع نصفي الكرة من بعضهما؛ وكانت هذه أول تجربة عملية ناجحة أثبتت بها قوة الضغط الهوائي، وحاول فرن جريكه بعد ذلك أن يطبق تجاربه على صنه الآلات ولكنه لم يوفق في محاولته، وكان التوفيق في استخدام ضغط الهواء لصنع الآلات من نصيب مخترع إنكليزي يدعى توماس نيوكومن، وذلك في أوائل القرن الثامن عشر.