مجلة الرسالة/العدد 150/للتاريخ السياسي:
مجلة الرسالة/العدد 150/للتاريخ السياسي:
اليوم السابع من مارس
ضربة مسرحية في برلين
للدكتور يوسف هيكل
تمهيد
مما يجدر ذكره أن حكومة برلين تتخذ عادة يوم السبت قرارات هامة، وتقف العالم أمام حوادث دولية عظيمة. وكانت حكومة القيصر تعمل على هذه السياسة، وقد سارت عليها جمهورية (ويمر) وتبعتها حكومة الهر هتلر!. وكانت آخر هذه الأعمال الدولية الخطيرة النتائج، رفض حكومة برلين معاهدة لوكارنو واحتلال أراضي الرين يوم السبت الموافق 7 مارس من هذا العام. والمرء يتساءل عن السبب الذي من أجله تختار حكومة برلين يوم السبت لأعمالها الجليلة الخطرة في وقت واحد عليها وعلى السلام
إننا نعتقد أن هنالك سبباً واحدا، وهو أن عطلة (نهاية الأسبوع) - متبعة في بلاد الإنكليز وفي جميع دوائرها الرسمية. وفي نهاية كل أسبوع يترك معظم كبار ساسة لندن وأولي الأمر فيها العاصمة لقضاء (نهاية الأسبوع) في الضواحي وعلى شواطئ البحار. وفي هذه الحالة يكون من الصعب جداً اجتماع الذين في يدهم زمام أمور الحكومة حين حدوث طارئ جلل يوم السبت أو الأحد. وفي هذه الحالة يتعسر جداً، إن لم يكن محالاً، على حكومة باريس الاتصال بحكومة لندن، لتبحث معها في التدابير التي يجب اتخاذها أمام الخطب السياسي الجديد الذي أحدثته حكومة برلين، ولإعاقة اجتماعهما وتبادلهما الآراء تختار الحكومة الألمانية يوم السبت لإيقاف العالم على قرارها الدولي الصبغة!
وقبل أن نحاول تحليل ضربة برلين المسرحية والأزمة التي نجمت عنها يجدر بنا التحدث أولاً عن معاهدة لوكارنو وإبانة الغرض الذي من أجله عقدت، والنقط الهامة التي تحتوي عليها، تسهيلاً للوقوف على تطور الحوادث الدولية، وتمييز الصواب من الخطأ. ويتلو ذلك عرض حوادث 7 مارس وما تبعها في ألمانيا، وتفنيد ادعاءات حكومة الهر هتلر ضد المعاهدة الفرنسية الروسية؛ وشرح موقف دول لوكارنو إزاء هذه الحوادث وقرار مج عصبة الأمم. وهذه النقط تكون القسم الأول من هذه المقالات
ثم نأتي على عرض الجلسات الهامة لمؤتمر دول لوكارنو وتحليل (اقتراحات لندن) و (منهاج السلام الألماني، أو اقتراحات الهر هتلر) و (المنهاج الفرنسي أو اقتراحات فرنسا السلمية).
وهذه الأمور تكون القسم الثاني من هذه الدراسة السريعة
وأخيراً نحاول إبانة حقيقة سياسة الهر هتلر الخارجية، والهدف الذي يرمى إليه
من لوكارنو إلى 7 مارس
معاهدة لوكارنو
أظهرت ألمانيا في السنين التي تلت الحرب رغبة في التفاهم مع جاراتها، وتوطيد السلام في أوربا الغربية، فاقترحت عام 1922 إيجاد اتفاق بين الدول التي تحد أراضي الرين، تمنع بموجبه الحرب وتحسن العلاقات الدولية بين ألمانيا وجاراتها الغربية - فلم يلق هذا الاقتراح أذناً صاغية. . . . . وقد جدد (المستشار مثل هذا الاقتراح عام 1923 فاعتبره مسيو بوانكاريه دسيسة ألمانية جديدة. . .
وفكر اللورد دابرونون ' سفير بريطانيا في برلين عام 1924 في أن الوقت مناسب لعقد هذا الاتفاق، ففاتح الهر ستريزمان بذلك؛ وبعد درسهما الموضوع أرسل ستريزمان في 9 فبراير سنة 1925 بواسطة سفيره في باريس الهر إلى الحكومة الفرنسية مقترحاً على الحكومات التي تحد الرين عقد اتفاق بموجبه تمنع الحرب خلال أجل مسمى، وتحل الاختلافات المدنية والسياسية بموجب التحكيم، وتتعهد فيه ألمانيا بعدم تسليح أراضي الرين. حض سفير بريطانيا على عقد مثل هذا الاتفاق، على رغم أن بريطانيا لا تحب أن تتحمل مسؤوليات دولية، لأن توطيد السلام في أوربا الغربية يفيد السياسة البريطانية، ولأن بريطانيا تريد إرغام فرنسا بوسيلة ما على تخلية أراضي (الرور). . . . . وتحول دون اجتياز الجنود الفرنسية الحدود الألمانية. . . .
كان مسيو هريو رئيس الوزارة الفرنسية حينئذ، وبرغم أنه كان على رأي القائلين بسياسة التفاهم مع ألمانيا فقد خشي أن يكون في مذكرة ستريزمان مكيدة، ثم دعاه انهماكه في المشاكل الداخلية والمالية إلى إهمال المذكرة وعدم إعطائها الأهمية التي تستحقها. وفي ذات يوم اطلع عليها مسيو بريان، وبعد أن قرأها السياسي الكبير، أبدى رأيه فيها قائلاً: إنها عظيمة الأهمية
فقال رئيس الوزراء: إنها (لمصيدة)
فرد مسيو بريان: إن الثعلب الماهر يأخذ اللحمة ويترك المصيدة
ولما عاد مسيو بريان في أبريل من العام نفسه إلى الـ (كي دورسي) أعطى المذكرة أهميتها وأخذ يتحادث مع بريطانيا بشأنها. ولما تمت هذه المحادثات التمهيدية، قدم السفير الفرنسي في برلين في 16 يونيه إلى الهر ستريزمان جواب فرنسا وحلفائها، وكان جواباً إيجابياً. ثم شرع الفنيون في درس الموضوع ووضع المبادئ العامة. . .
وفي لوكارنو - وهي مدينة سويسرية صغيرة واقعة على بحيرة ليمان - تقابل بريان وستريزمان واستين شمبرلين؛ وأخذوا يدرسون دقائق المعاهدة، ووصلوا إلى الاتفاق الأخير في 16 أكتوبر سنة 1925، ووافقت فرنسا وألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وإيطاليا عليها
وتفيد لوكارنو الدول الثلاث الأولى مباشرة، أما بريطانيا وإيطاليا فضامنتان فيها
وتتألف معاهدة لوكارنو من خمس مواد:
ففي المادة الأولى تعترف الدول الموقعة على المعاهدة بالحدود التي وضعتها معاهدة فرساي، بين ألمانيا وبلجيكا من جهة، وبين ألمانيا وفرنسا من جهة ثانية. وتعترف هذه الدول أيضاً بمحتويات المادتين 42 و43 من معاهدة فرساي، أي الإقليم غير المسلح: أراضي الرين
وفي المادة الثانية تتعهد ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا بعدم الالتجاء إلى الحرب لحل أي خلاف. على أن هذا التعهد لا يعمل به في الأحوال الآتية:
(1) في حالة (الدفاع عن النفس) - أي عند مخالفة المادة 42 أو 43 من معاهدة فرساي (مخالفة ظاهرة) - غير محرض عليها؛ ولسبب تجمع قوى حربية في الإقليم غير المسلح، والعمل الفوري ضروري في هذه الحالات
(2) عند القيام بعمل ناجم من المادة 16 من صك العصبة
(3) عند القيام بعمل حسب قرار العصبة أو حسب المادة 15 بند 7 من صكها ومع اعتبارات محتويات المادة الثانية فإن ألمانيا وفرنسا من جهة، وألمانيا وبلجيكا من جهة ثانية، تتعهد في المادة الثالثة بتصفية أي خلاف يحدث بينهما عن طريق سلمي: ففي الخلاف المدني تُرفع القضية إلى قاض يعمل الغرماء حسب قراره. وفي أي خلاف آخر يرفع الخلاف إلى (لجنة توفيق)، وإن لم يقبل الغرماء قرار اللجنة يرفع إلى مجلس عصبة الأمم
والمادة الرابعة تنص على أنه:
(1) إن اعتقد أحد المتعاهدين بأن تعديا قد وقع على المادة الثانية أو على المادة 42 أو 43 من معاهدة فرساي رفع دعواه إلى العصبة
(2) حينما يقرر مجلس العصبة تلك المخالفة يخطر المتعاهدين بقراره، وعلى كل منها أن تمد يد المساعدة حالاً إلى الدولة الموجه أليها العمل المحرَّم
(3) وعند تعدي إحدى الدول المتعاهدة (تعدياً ظاهراً) - على المادة 2 من المعاهدة أو (المخالفة الظاهرة) على المادة 42 أو 43 من معاهدة فرساي، فإن كل دولة من الدول المتعاهدة الأخرى تتعهد من الآن إلى مد يد المساعدة حالا إلى الفريق الذي كانت موجهة ضده المخالفة أو التعدي، ابتداء من تَيَقُّن تلك الدولة أن التعدي كان عملاً عدائيا غير محرض عليه، أو لسبب اجتياز الحدود، أو الابتداء بالعداء، أو جمع قوى حربية في الإقليم غير المسلح فإن العمل الفوري ضروري. وعلى كل فإن مجلس العصبة الذي استلم الدعوى حسب البند الأول من هذه المادة يعلم نتيجة قراره. والمتعاقدون في هذه الحالة يتعهدون على العمل بموجب قرار المجلس الذي أخذ بالإجماع بغض النظر عن أصوات ممثلي المتخاصمين
أما المادة الخامسة فتقول: (إذا رفضت إحدى الدول المذكورة في المادة 3 إتباع الحلول السلمية أو تنفيذ قرار التحكيم أو القرار القضائي واعتدت على المادة 2 من هذه المعاهدة أو خالفت المادة 42 أو 43 من معاهدة فرساي، فتنفذ، إذ ذاك محتويات المادة 4 من هذه المعاهدة
وفي الحالة التي ترفض فيها الدول المذكورة في المادة (الثالثة) إتباع الحلول السلمية أو تنفيذ قرار التحكيم أو القرار القضائي، دون أن تكون قد اعتدت على المادة الثانية أو خالفت المادة 42 أو 43 من معاهدة فرساي، فإن الفريق الثاني يرفع الدعوى إلى مجلس العصبة الذي يقترح الإجراءات الواجب اتخاذها: وأن المتعاقدين يعملون حسب هذه الاقتراحات
قبلت ألمانيا في هذه المعاهدة عدم المساواة في الحقوق، ووافقت على الحدود التي بينها وبين بلجيكا وفرنسا، وتخلت بذلك عن طيب خاطر عن الالزاس واللورين، ووافقت أيضاً على بقاء الإقليم غير المسلح. وهذه الشروط ليست جديدة، بل هي مدونة في معاهدة فرساي. وظن حينئذ أنه من الأنسب قبول ألمانيا اختيارياً بها، لأن المعاهدات الموقع عليها طيب خاطر لها حرمة أقدس من المعاهدات المرغم عليها، وهذه المعاهدات تمزقها الأمة التي أرغمت عليها عند ما تجد في نفسها القوة والجرأة الكافيتين للقيام بذلك. والمعاهدات، في الواقع على نوعين: قانونية كفرساي، وأخلاقية - كلوكارنو، وكان لهذه النوع الأخير من المعاهدات قيمة كبرى من الوجهة العلمية قبل 7 مارس 1936
وقد دفعت فرنسا ثمن هذه المعاهدة بإخلائها إقليم كولون وأراضي الرين، أي أن فرنسا قد تركت سياستها المبنية على الضغط على ألمانيا للوصول إلى حقوقها، وأقامت مكانها ثقتها في ألمانيا السلمية. وقيل حينئذ إن كانت هذه الثقة قد وضعت في غير مكانها فإن فرنسا تصبح تحت رحمة جارتها الجبارة، وهذا ما وقع في السنين الأخيرة
وانتقد كثير من الفرنسيين معاهدة لوكارنو قائلين: ألا يعني ذلك أن فرنسا قد تركت كل المحاولة في جعل ألمانيا عزلاء، وتركت مراقبة الرين وحقها في التعويض؟ أليست هذه المعاهدة إنشاء للتفاهم بين ألمانيا وبريطانيا، لا بين ألمانيا وفرنسا؟ وقيل أيضاً: هل من الأكيد أن بريطانيا ستقف مع فرنسا حين هجوم ألمانيا عليها؟! أو ليس من الممكن أن تحابي بريطانيا ألمانيا وتؤيد عملها؟! ثم لبريطانيا وحدها الحق في التقرير فيما إذا كان اعتداء ألمانيا دون تحريض أم لا، وعلى ذلك فيمكنها تأويل كل قانون وتفسير كل عمل حسبما تقتضيه سياستها؛ فمساعدة بريطانيا ليست أمراً واقعاً. . . ولقد حاربت بريطانيا النفوذ الألماني في أوربا، وهي الآن جادة في محاربة النفوذ الفرنسي فيها. ألا تعيد في عملها هذا السيطرة الجرمانية على أوربا؟
وتكون هذه الانتقادات في محلها إن كانت نية ألمانيا سيئة، وقيمة الميثاق تتوقف على مقدار انتشار روح التسامح والوئام بين الجارتين وتوثيق العلاقات الودية بينهما؛ وإن فقدت هذه الروح في إحدى البلادين فلوكارنو تصبح ورقة بالية ولتقدير قيمة هذه المعاهدة يجب معرفة عقبة كل من البلادين
مما لاشك فيه أن الفرنسيين محبون للسلم، فهم يكرهون الحرب دون أن يخافوها، ولا يفكرون في الاستيلاء على بلاد أوربية، غير أنهم يسيئون الظن في الغير، وهم حريصون جداً على حريتهم وسلامة بلادهم. وإن حاول الغير التعدي عليهم أصبحوا كالرجل الواحد، يدافعون حتى النفس الأخير في سبيل حريتهم ووطنهم. وهم يودون التفاهم مع ألمانيا وإيجاد سلام أبدي بين البلادين، غير أنهم يعتقدون اعتقاداً راسخاً بأن ألمانيا تريد غدرهم والإيقاع بهم، وهي تستعد لحرب ثانية وتعمل لها، ونتيجة لهذه الفكرة المختمرة في رءوسهم يعملون على تقوية مركزهم الحربي، ويسعون في إيجاد حلفاء لهم ضد ألمانيا ونتيجة ذلك حصر ألمانيا والظهور بمظهر العدو لها. . .
والشعب الألماني شعب (ديناميكي) يحب الحرب ويصبو إلى الفتح، ولا يقبل إلا أن يكون له المركز الأول في أوربا. . . وهو ينظر إلى فرنسا كالحاجز الذي يحول بينه وبين غرضه، فيبغضها ويعمل على كسر هذا الحاجز؛ ثم إن الشعب الألماني فخور، يأبى العار ويعمل على غسله حتى بالدماء؛ وهو لن يرضى عن فرساي بل يبذل جهده في تمزيقها
فلوكارنو لم تحل هذه المعضلات، ولم تزل أسباب العداء الذي بين الجارتين؛ فهي لم تؤمن فرنسا على سلامتها، ولم تعط ألمانيا بعض ما تصبو إليه، فهي عاجزة عن إيجاد السلام وتوثيق روح الصداقة والوئام بين أكبر عدوين
أما قيمتها الأخلاقية فقد زالت بضربة 7 مارس، ووضع الهر هتلر المعاهدات الأخلاقية في دائرة المعاهدات القانونية التي ترغم الدول على التوقيع عليها؛ وقال بعدم قانونيتها ما دامت تخالف مصالح إحدى الدول التي وقعت عليها
وسنرى في المقالات التالية أن لا قيمة لكفالة بريطانيا وإيطاليا، وأن هاتين الدولتين لم تقوما بما تفرضه عليهما نصوص معاهدة لوكارنو
وعندما دعت ضربة 7 مارس إلى تطبيق المعاهدة، اختلف في تفسيرها ولا سيما البند الثالث من المادة الرابعة فأخذ فريق من ساسة الإنكليز ورجال الحقوق فيها يقول بأن عبارة (تلك الدولة) تعود إلى (الفريق الذي كانت موجهة إليه المخالفة والتعدي)، لا إلى عبارة (كل دولة من الدول المتعاهدة الأخرى)، وإن الحكومة البريطانية غير مقيدة بمساعدة فرنسا لمجرد احتلال أراضي الرين؛ ومساعدتها واجبة فقط عندما يكون هذا الاحتلال على شكل يوجب القيام فوراً بإجراءات صارمة، وهو يريد بهذا التفسير أن بريطانيا لم تخالف المعاهدة، لأن فرنسا لم تعتبر عمل ألمانيا (تعدياً ظاهراً)، ولم تقم بإجراءات عاجلة. . . ولأن بريطانيا تعتقد أن عمل ألمانيا لا يوجب القيام بإجراءات حربية
ويرد فريق آخر على هذا التفسير، وعلى رأسهم السير استين شمبرلين، وهو أحد الذين وضعوا المعاهدة بأن عبارة (تلك الدولة) ترجع إلى عبارة (كل دولة من الدول المتعاهدة الأخرى) لا إلى عبارة (الفريق الذي كانت موجهة ضده المخالفة أو التعدي). وأن لوكارنو تعتبر اجتياز الحدود وإشهار الحرب وجمع قوى حربية في الإقليم غير المسلح عملاً هجومياً يقضي على جميع الموقعين على المعاهدة القيام بإجراءات صارمة حتى الحرب لإعادة الستاتيكو إلى ما كان عليه قبل وقوع التعدي، وأن السبب الذي لم يدع إلى اتخاذ الإجراءات العسكرية في حالة 7 مارس يعود إلى الموقف السلمي الذي وقفته فرنسا وبلجيكا
إن تفسير الفريق الأول خطأ، وهو قائم على دعائم هوائية، ولا يراد منه إلا التهرب من واجبات المعاهدة. أما تفسير السير استن شمبرلين فصحيح متين:
فلو أن عبارة (تلك الدولة) تعود حقاً إلى عبارة (الفريق الذي كانت موجهة إليه المخالفة أو التعدي) لما قبل السير استن شمبرلين بذلك؛ ولما وافقت حكومة لندن وبرلمانها على هذه المعاهدة. إذ الحكومة البريطانية أشد الحكومات حرصاً على عدم ارتباطها بمعاهدات ترغمها على دخول الحرب بمجرد إرادة غيرها. ولو أن هذا التفسير صحيح لما رأينا فرنسا تقف واجمة أمام ضربة 7 مارس، بل لرأيناها تجتاز الحدود وتحتل أراضي الرين، إذ كان في إمكانها أن تقول لبريطانيا: إنني أعتقد بأن عمل ألمانيا عمل عدائي غير محرض عليه، ولذا يجب عليك أن تتخذي إجراءات عسكرية صارمة ضدها. وواقع الأمر أن فرنسا لم ترغم ألمانيا على سحب قواها الحربية من أراضي الرين إلا لأنها لم تكن واثقة من موقف بريطانيا إزاء ضربة 7 مارس من جهة، ولأنها لم ترد تعقيد المعضلة من جهة ثانية
(لندن)
يوسف هيكل