انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 147/الألم. . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 147/الألم. . .

ملاحظات: بتاريخ: 27 - 04 - 1936



لشاعر الشباب السوري أنور العطار

لست أسطيع أن أغير طبعي=يخلق الطبع مكرهاً يوم تخلق

أَنَا في عُزْلَتِي يُطِيفُ بَيَ الرُّعْ ... بُ فَأَبْكِي مَنْ طُولِ شَجْوِي وَأَفْرَق

تَعْتَريني الهُمومُ فالطَّرْفُ حَيْرَا ... نُ مُنَدَّى مِنَ الدُّمُوعِ مؤَرَّق

وَجَنَانيِ وَلْهانُ يُرْمِضُهُ الح ... بُّ وَيَذْكُو بِهِ الجَوَى إِنْ تَشَوَّق

تَتَراَءى لِيَ الحيَاةُ قَتَاماً ... ما بِهاَ مَسْربٌ يَبينُ فَيُطْرَق

وَيَلُوحُ الوُجُودُ قَفْرًا يَبَابًا ... عَجَّ في سَاحِهِ الْعَفَاءُ وَأَطْبَقْ

صُوَرٌ مِنْ كآبتي لَيْسَ تُمْحَى ... أَنا مِنْهَا مُشَتَّتُ النَّفْسِ مُصعَقْ

مِنْ شُجُوني أَنِّي أَرَى الْوَهْمَ يَحْيَا ... وَلَقَدْ صاغَهُ خَيَالي وَنَمَّقْ

لِي عَذَابُ اثْنَتَيْنِ نَفْسِي التي تَشْ ... قَى وَنَفْسِي التي أُحِبُّ وَأَعْشَقْ

عِشْتُ مِنْ طُولِ حَسْرتِي أَتَشَكَّى ... مِثْلَمَا يَشْتَكِي الحمَامُ المُطَوَّق

ضَاَعَ عُمْرِي كما تَضِيعُ اليَنَابِي ... عُ وَتَخْفَى أَمْواهُهَا وَتُغَلَّقْ

وَانْطَوَى مِثْلَمَا تَمُرُّ الضَّبابَا ... تُ وَيَفْنَى خَيَالُها وَيُمَزَّق

أَيُّها الّلائمِي أَتَلْحُو المَقَادِي ... رَ وَتَهْجُو الدَّهْرَ الذي لَيْسَ يَرَفَقْ

هُو جُرْحِي عَرَفْتُ كَيْفَ أُدَاري ... هِ وَأَحْنُو عَلَيْهِ عُمْرِي وَأَشْفَقْ

لَسْتُ أَسْطِيعُ أَنْ أُغَيِّرَ طَبْعِي ... يُخْلَقُ الطَّبْعُ مَكْرَهًا يَوْمَ تُخْلَقْ

أَنا قِيثَارةٌ تَنُوحُ عَلَى الدَّهْ ... رِ وَدَمْعٌ عَلَى المَدَى يَتَرَقْرَق

أَنا لَحْنٌ مُضَرَّجٌ بالمآسِي ... كادَتِ النَّفْسُ مِنْ تَشَكِّيهِ تزهقْ

هُوَ في الصدْرِ لاَعِجٌ يَتَنَزَّى ... وَهْوَ في الْفِكرِ جَدْوَلٌ يَتَدَفَّقْ

يَا رَجَائِي يَا بَسْمَةَ الزَّهْرِ النَّض ... رِ وَيَارَوْعَةَ النّشِيدِ المُرَقَّقْ

أَنْتَ دُنْيَايَ أَسْتَريحُ إِلَيْهْاَ ... كُلَّمَا طافَ بِي الشَّقَاءُ وَأَحْدَق

طَيْفُكَ الحُلْوُ زَارَنِي في ذُهُولِي ... فارْتَوَتْ مُهْجَتي وَعُمْرِيَ أَوْرَق

وَتَطَلَّعْتُ لِلْخُلُودِ أُنَاجِي ... مَلَكاً في مَعَارِجِ الْغَيْب حَلَّقْ

الأَسَى دَمْعَةُ الحَنَانِ عَلَى الأَرْ ... ضِ وَكَنْزٌ مِنَ المَرَاحِمِ مُطْلَقْ تَتَسَامَى الأَرْوَاحُ فيهِ إِلى اللَّ ... هِ وَتَنْدَى مِنَ الطُّيُوبِ وَتَعْبَقْ

البْلاَغَات سَطْعَةٌ مِنْ سَنَاهُ ... وًالْفَصَاحَاتُ نَفْحَةٌ مِنْهُ تُنْشَقْ

وَالْغَمَامَاتُ رَجْفَةٌ مِنْ رُؤَاهُ ... وَالخِضَمَّاتُ قَطْرَةٌ مِنْهُ تُهْرَق

نَهَرٌ لِلْبُكاءِ سَالَ عَلَى السُّحْ ... بِ وَوَشَّى الأُفْقَ البَعيدَ وَزَوَّق

تَسْتَحِمُّ النُّفُوسُ فيهِ مِنَ الإِثْ ... مِ وَتَنْقَى مِنَ العيوب وَتَأْلَقْ

يَدْرُجُ الحُبُّ في حِمَاهُ عَنِيفًا ... نَاصِعًا كالضّيَاءِ إِنْ هُوَ أَشْرَق

كُلُّ عَهْدٍ لم يَنْتَظِمْهُ مُضَاعٌ ... كُلُّ وُدٍّ لم يَعَتْمِدْهُ مُفَرَّق

أنور العطار