انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 138/نظرية النسبية الخصوصية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 138/نظرية النسبية الخصوصية

مجلة الرسالة - العدد 138
نظرية النسبية الخصوصية
ملاحظات: بتاريخ: 24 - 02 - 1936



البحث الثالث

مبادئ الميكانيكا الحديثة

للدكتور إسماعيل احمد ادهم

عضو أكاديمية العلوم الروسية

- 1 -

لقد قررت سنّة لورانتز في التقلص أن سرعة النور أقصى سرعة يمكن أن توجد في الكون، وهذه السنّة نتيجة لكون سرعة الجسم كلما أخذت في الزيادة أخذت كتلتها تتقلص من اتجاه حركتها بنسبة رياضية ثابتة، حتى إذا ما قاربت سرعتها سرعة النور بلغ التقلص حداً لا متناهياً، لا يمكن أن يتقلص الجسم المتحرك بعده. فلو فرضنا جسماً يتحرك بسرعة معينة ولتكن (س)، فهذا الجسم حسب قانون التقلص يتقلص بمقدار ثابت مثل (ث) ومقدار هذا التقلص:

1

ث=1 - ن2س2

لا يمكن أن تتجاوز السرعة (س) فأي وقت سرعة النور (ن) لأن هذا القانون يتلاشى إلى حيث لا يكون له معنى

لنفرض كتلة مادية مثل (ك) مقدار الطاقة الحركة التي بها (ط ح)، وهذه الكتلة تتحرك بسرعة مثل (س)، فهذه الكتلة تقرر قواعد الميكانيكا الكلاسيكية أن طاقتها الحركية:

(ط ح) =21ك س2

غير أن مبادئ النسبية استناداً على قوانين المجال الالكترومغناطيسي، ونظرية (ماكسويل - لورانتز) تقرر أن

ك ن2 ط ح=ن2 - س2

فمقدار حركة الكتلة الماديّة (ك) لا يمكن أن تتجاوز في سرعتها سرعة النور، حيث أن سرعة الكتلة الماديّة المرموزة لها بالرمز (س) تستنفذ في حركتها جزءاً من مقدار طاقة الحركة (ط ح) حتى إذا ما بلغت سرعة النور سرعتها تكون الطاقة قد استنفذت كلها

- 2 -

لو فرضنا قوتين: سرعة الأولى (س) وسرعة الثانية (س1) وأن هاتين النقطتين أثرتا على نقطة مادية في اتجاه واحد. فتكون سرعة هذه النقطة المادية محصلة هاتين السرعتين ولنرمز بالرمز (س2) فقانون الحركات الكلاسيكي يقرر أن

س2=س + س1 (معادلة 1)

وهذا القانون النيوتوني يتبدل عند اينشتيجا ويتشكل في صورة رياضية أخرى تقررها المعادلة:

س + س1

س2=(معادلة 2)

1 + ن2س + س1

وهذه الصيغة الجديدة نتيجة لمبدأ ثبات انتشار النور

فمثلا لو فرضنا نظاماً مادياً يبتعد عن الشمس بسرعة 13000 كيلومترا في الثانية، فشعاعه النور الصادرة من الشمس والتي تتحرك نحو هذا النظام بسرعة 00 , 000 ك م في الثانية تكون سرعتها بالنسبة لراصد في النظام المادي:

300. 000ك م + 13. 000 ك م=313. 000 ك م في الثانية حسب مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية. أما قواعد النسبية فتقرر أن سرعة شعاع الضوء للمشاهد حسب قانون تركب السرع كما تقرره الميكانيكا الحديثة هي:

300. 000 + 13. 000=300. 000 ك م في الثانية 300. 000 13. 000

1 +300. 000 2

وهذه النتيجة توضح لنا تماماً أن سرعة النور سرعة مطلقة لا تتغير

- 3 -

إن علم الحركات يرى في الزمان حداً رابعاً للمادة، ولكنه لا يخرج عن كونه ملاحظة رياضية، حيث أن الزمان مطلق ومستقل عن المكان، وقد كان أستاذنا هنري بوانكاريه الشهير يفرض أن الزمان بعد رابع موهوم للمادة ويستند في إثبات ذلك على الرياضيات الثابتة إلا ألبرت اينشتين ومينقوفسكي تمكنا من إثبات أن الزمان له شأن طبيعي كحد رابع للحوادث

إذا فرضنا وقوع حادثتين غير معينتين وكان الخط الواصل بين الحادثتين (خ) مثلاً. فانتقالنا من نظام إلى آخر لا شك سيؤثر في الخط الواصل بين الحادثتين وسيتأثر الخط بانتقالنا ويتغير (راجع مقال وحدة القوانين الطبيعية)

وإذا كان الزمان الفاصل بين أوان وقوع الحادثتين (ت) مثلا ورمزنا لسرعة الضوء بالرمز (ن) كان معنا المعادلة

ف2= (ن2ت2) - خ2 (معادلة 1)، وهذه المعادلة ثابتة لا تتغير حيث فيها (ف) رمز لفاصلة الزمان المطلقة، والحادثات

ك، ى، ن، ت؛ ك1، ى1، ن1، ت1 لو طبقت على قانون التحويل الذي وضعه لورانتز كانت النسبة بين مجموع حوادث الكونين ثابتة حيث أن:

ف2=ن2 (ت1 - ت) 2 - (ك1 - ك) 2 + (ى1 - ى) 2= (ن1 - ن) 2 (معادلة 2) فإذن ليس الزمان بذلك الموجود المستقل عن المكان بل أنه مندمج فيه، وليس الزمان والمكان بمطلقين بل هما نسبيين إلا أنهما يندمجان في الفاصلة الثابتة الرياضية (ف)

ليس للزمان ولا للمكان شأن طبيعي وإنما اندماجهما يولد معنا حقيقة واحدة. فالمكان امتداد للزمان، أعني أن فواصل حوادث العالم تندمج في (ف) 2 الثابتة الرياضية وتكوّن وحدة هوكون (الزمان - المكان) هذا الكون لا يتبع نسب وقياسات الحوادث، بل هو مطلق فلكل حادثة أو مجموعة من الحادثات مكانها وزمانها الخاص بها. أما كون (الزمان - المكان) فهو ذو حقيقة مطلقة غير تابعة لقواعد القياس. والمكان في حد ذاته ليس إلا مجموعة فواصل الحوادث، فواصلها الفراغية المتساوية أعني أنه قطاع للعالم في زمان خاص، أو بلغة أبسط هو العلاقة الانتشارية بين الحادثات واندماج المكان بالزمان في الثابتة الرياضية (ف)، توجد علاقة ثابتة بين الحوادث هي الفرق بين مربع الفاصلة الفراغية وحاصل ضرب سرعة النور بمربع الفاصلة الزمانية. هذه العلاقة تؤلف بين الحادثات وحدة ممتازة تحيل الكون عالماً مطلقاً هي منه الصفة المطلقة الوحيدة

- 4 -

لنفرض نظاما ماديا مثل (ظ) يتحرك حركة نسبيةند نظام مثل (ظ1) ولنفرض أن (خ) خط ثابت بالنسبة للنظام الثاني متحرك بالنسبة للأول بسرعة محدودة لترمز لها بالرمز (س) فطول هذا الخط بالنسبة لمشاهد في النظام الأول غيره بالنسبة لمشاهد في النظام الثاني

ولنفرض أن (خ) يمتد من النقطة (م) إلى النقطة (م1) فستبدو كل نقطة حادثة مستقلة عن الأخرى لكل من المشاهدين. وسيرى المشاهد الذي في النظام (ظ1) الحادثين متواقتين. أما المشاهد الذي في النظام (ظ) فان (خ) ستبدو له أطول مما تبدو للمشاهد الذي بالنظام (ظ1) كما وأن كل نقطة من نقطتي الابتداء والانتهاء ستبدوان له حادثتين مستقلتين عن بعض غير متواقتين

ولنفرض أن المحورين (ك م؛ ك1م1) منطبقين على بعضهما كل الانطباق وأنهما موازيين استقامة السرعة (س) للخط (خ) في كل من الكونين (ظ) و (ظ1) فإذا كانت المحاور

م ك، م ي، م ن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (1)

موازية للمحاور

م1ك1، م1 ى1، م1ن1. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (2)

في كل من النظامين (ظ) و (ظ1) كان:

ك1=ث (ك - س ت) معادلة رقم (1) ولابد من أن يكون:

ك1=ث كمعادلة رقم (2)

ليتحقق معنا تعادل المركز (م) مع الزمان (ث) ومن انطباق المركز على الزمان نستنتج أن

ك1

ك=ـــــ معادلة رقم (3)

ث

وهناتؤدي إلى أن

اس2

ــ=ـــ

ثن2

حيث أن ارمز لمعادلة التقلص

ولما كان المقدار العالي أصغر من (ا) كان ك1ك1

إن الخط (خ) بالنسبة للمشاهد الذي بالنظام (ظ1) أطول مما هو بالنسبة للنظام الأول. ومسألة تقلص الأطوال شيئاً فشيئاً كما تقرره ميكانيكية لورانتز ليست راجعة لتقلص الأجسام في اتجاه حركتها وإنما هي نتيجة لنسبية الأطوال. وليس هذا التقلص حقيقيا بل هو ظاهري حيث أن الواجب لا يمكنه ترتيب حدوث الحادثات كما تقع وإنما يرتبها حسب ما تتراءى له. وتقسيم الزمان والمكان تقسيماً مطابقا لموضوعها في صورة مستقلة عن بعضها لا يمكن إجراؤها في أي حال حيث أن سرعة اندفاع الجسم إذا بلغت سرعة انتشار النور أو ما قاربها بلغ التقلص أقصاه ولم يصبح للجسم عمق لدى النظر، لان الأجسام عندما تبلغ من السرعة هذا الحد تلوح كصفائح رقيقة

وحاصل القول أن الأطوال تابعة لحالات المشاهدين الطبيعية من الحركة والسكون

- 5 -

لنفرض ساعة في النظام (ظ). فهذه الساعة سيبدو إشعارها للزمان متأخراً بالنسبة لساعة النظام (ظ) فهذا التقلص في الزمان نتيجة العلاقة بين (ت، ت1) حيث أن:

خ ت=ث خ ت1 معادلة (1) ولما كان تقلص الأطوال نتيجة للقانون:

خ ك=ثخ ك1 معادلة (2)

فقليل من البحث والاستفاضة في الدرس يكشف عن تساوي كل من

خ ك خ ت=خ ك1 خ ت1

حيث أن

خ ك، خ ى، خ ن، خ ت=خ ك1، خ ى1، خ ن1، خ ت1معادلة رقم (4)

ونخرج من هذا التساوي بحجم الجسم في عالم ذي أبعاد أربعة أو طوله في ذلك العالم

(للبحث بقية)

إسماعيل احمد ادهم