انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 134/أشبعوا غيرهم وباتوا جياعا!

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 134/أشبعوا غيرهم وباتوا جياعا!

ملاحظات: بتاريخ: 27 - 01 - 1936



للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي

إن مَن كدّوا يزرعون البقاعا ... أشبعوا غيرهم وباتوا جياعا

ربحَ المالكون للأرض غصباً ... ومضى كدُّ الزارعين ضَياعا

يُفقِرُ الدهرُ ألفَ بيتٍ ليغني ... واحداً من أفراده جمّاعا

لا ترى بين أوَّليهم ثرياً ... كانزاً للأموال أو منّاعا

ومن العدل أن يكون نتاج ال ... أرض بين المستثمرين مشاعا

إن بين الحق المحصحِصِ والبا ... طل منذ الدهر القديم نزاعا

والآلي قد حسبتَهم بَشَرَاً إن ... ظفروا كانوا أذؤباً وضباعا

عرفتكم عيونُ من أبصروكم ... لو رفعتم عن الوجوه القناعا

وعسى أن يغير الله ربُّ الن ... اس في القوم الظالمين الطّباعا

رضى العاملون بالوهد مأوىً ... وأبى المالكون إلا اليفاعا

أفريقٌ يفوز بالعيش رغداً ... وفريقٌ يكابد الأوجاعا

إنما الدين وهو أكبر هادٍ ... لا يراعي الألوانَ والأوضاعا

وكتاب الله العظيم يساوي ... بين من كانوا سادة ورعاعا

ما بكم من جبن ولكنكم لم ... تستطيعوا عن الحقوق الدفاعا

مشهد يملأ العيونَ دموعا ... وأحاديث تجرح الأسماعا

إن للباطل الذميم لأشيا ... عاً وللحق لا ترى أشياعا

يتنزى قلبي الجريح بصدري ... موشِكاً أن يحطم الأضلاعا

وإذا الأرض زُلزلت فترقّب ... أن تكون الوهاد منها تِلاعا

إنما الآمر الذي يُلزم الأحَ ... رارَ بالإثم لا يكون مطاعا

أيها العدل أنت شمسٌ فأرسل ... لعيونٍ تبغي الضياَء شعاعا

لقد امتاز بالشجاعة ناس ... صارعوا الفقرَ يحسنون الصراعا

والذي كان في الحياة قوياً ... كال للمعتدين بالصاع صاعا

وإذا لم ترهف حسامك للذو ... د فأَرهف إذا استطعت ال أيها المبتغي انتحاراً تأخر ... فمن الجبن أن تكون شجاعا

بئس قلباً ما كان بالصادق الودّ ... وعقلاً ما إن يجيد الخداعا

وإذا ما أتت صر وف الليالي ... فهي تأتي بالرغم عنك تباعا

أيها القوم إن أردتم لحاقا ... بالألى أَبْعَدُوا فكونوا سراعا

إنني قد دعوتكم للذي في ... هـ لكم خير إن أردتم سماعا

فسلاماً إذا رضيتم سلاما ... ووداعاً إذا أبيتم وداعا

لا يرى مشرق السعادة رحباً ... غيرُ من كان للعُلا طلاّعا

رُبّ أرضٍ تشكو الصدى وسماءٍ ... لا ترى فيها كوكباً لمّاعا

كبرت جرأتي فجئت بشعر ... أنا فيه أخالف الاجماعا

حاسباً أن ما بنيتُ جدار ... ليس في الظن أنه يتداعى

(بغداد)

جميل صدقي الزهاوي