مجلة الرسالة/العدد 133/المجموعة الزنجية
مجلة الرسالة/العدد 133/المجموعة الزنجية
الأزندي
رؤوسهم متوسطة، وقاماتهم أقصر من قامة الزنوج النيليين، ولونهم أفتح من لونهم، إذ يختلف ما بين لون (الشكلاته)، ولون بشرة سكان البحر الأبيض المتوسط. وبعض العلماء يعلل ذلك باختلاطهم مع البربر والحامي، وربما كان هذا الاختلاط مع جماعة الفولاني. ويمكن اعتبار الأزندي من زنوج غرب افريقا، إذ تظهر عليهم جميع المميزات التي تميز زنوج غرب أفريقيا من غيرهم. ومن الصعب التفرقة بين رجل من الأزندي وآخر من سكان أفريقيا الاستوائية الفرنسية أو نيجريا. كما أن لغة الأزندي خالية من الأثر الحامي، على حين أنه توجد بها آثار من لغة البانتو، وهذا ينعدم وجوده في لغة الزنوج النيليين السابق الكلام عليهم. والأزندي من جهة الثقافة يتبعون غرب أفريقيا بعكس الزنوج النيليين الذين يتبعون في ثقافتهم شرق أفريقيا. وهذا يتضح تماماً من نظام بناء كوخ الأزندي ومساكنهم وآلاتهم الحربية والموسيقية مثلا.
والأزندي عبارة عن عدة قبائل ولهم حكومة مركزية عليا وهم ينقسمون إلى ولايات مستقلة عن بعضها، وهي في حرب دائمة مع جيرانها، ولكنها جميعها تخضع لملك واحد من أسرة أرستقراطية مالكة ينتخب دائماً منها الملوك، وهذه العائلة المالكة تسمى (الافنجارا) ومنها ينتخب أيضاً رؤساء الإدارة والحكومة الذين يساعدون الملك، والملك هو الذي ينتخبهم ويوزع عليهم العمل. والملك وهؤلاء الرؤساء لا يشتركون في الحروب
ويتلخص النظام الإداري فيما يأتي:
1 - الملك وهو الرئيس العام ويحكم في العاصمة وهو المرجع الأعلى ويحرم عليه أن يدخل الحرب بنفسه.
2 - مقاطعات أو مديريات يديرها أبناء الملك أو أخوته أو غيرهم من العائلة المالكة، وكل من هؤلاء مطلق السلطة إلا أنهم مسئولون أمام الملك مباشرة عن حفظ الأمن والعدل كما إن عليهم واجبات نحو الملك؛ مثلا إذا أراد الملك عملا لبناء منازله أو جنداً للحرب فعلى هؤلاء المديرين أن يقوموا بجميع العدد اللازم حسب طلب الملك، وهؤلاء المديرون لا يدخلون الحرب.
3 - تنقسم كل من هذه المديريات إلى عدة أحياء أو مناطق على كل منها نائب أو وكيل، وهذا النائب يباشر الأمور المختصة بالعدل بواسطة عقد مجلس يكون هو عضوا فيه يساعده الرجال المعترف بكفاءتهم في حيه أو منطقته. فإذا ظهر نزاع بين فردين وجب أن تعرض المسألة على نائب الحي أولا، فأن كان موضوع النزاع بسيطاً حله النائب، ولكن إذا كانت المسألة معقدة مهمة فان النائب يحولها مباشرة إلى المدير الذي يحكم المديرية، وهو طبعا أحد أفراد العائلة المالكة؛ ولا يمكن عمل استئناف من المدير إلى الملك، لأن المدير مستقل بشؤون مديريته.
فإذا أراد الملك أن يعلن حرباً أو يقوم بعمل اقتصادي مهم فانه يرسل في الحال إلى المديرين يخبرهم بالعدد اللازم، وعند ذلك يقوم كل مدير بعقد مجلس برياسته يدعو إليه جميع النواب الذين يحكمون الأحياء التي تنقسم إليها مديريته، ويشاورهم في العدد الذي يمكن أن يقدمه كل منهم؛ وهؤلاء النواب يقومون بعد ذلك بجمع العدد اللازم من كل منهم بواسطة قرع الطبول. وبذلك يمكن إرسال العدد المطلوب من العمال والجنود إلى الملك. والملك نفسه يدير مقاطعة في وسط بلاده وهي بمثابة العاصمة وضواحيها، ولكنه يستعين بالمديرين في المسائل القومية المهمة.
(بقية في العدد القادم)
رشوان أحمد صادق