مجلة الرسالة/العدد 130/بحر الحسد
مجلة الرسالة/العدد 130/بحر الحسد
للأستاذ عبد الرحمن شكري
مقدمة:
الحياة هي بحر الحسد، ويسعى الناس في الحياة لأرزاقهم وجاههم بالكيد والمكر كأنما يسبحون في بحر من الحسد، وقد يدفع بعضهم بعضاً كي يظهر الدافع على متون أمواجه، وقد يعين بعضهم بعضاً في الأحايين. أما المجاملة في الحياة والتحيات فقد تكون أشبه بلألاء الشمس على سطح الماء، يخفي بجماله ما في البحر من قبح وبلاء (الناظم)
يسبح الأحياء في بحر الحسد ... فاعتصم بالصبر فيه والجلَدْ
واقتعد صهوته مستبشراً ... سابحاً في الموج منه والزَّبد
ضاحكاً من عنت الأمواج لا ... يُدفَعُ الغائلُ منها بالكمد
أنظر الأمواج في الشط تَجِدْ ... لُجَّها منهزم الأمر بدد
إن علت موجة حقد فاصطبر ... أي موج في ذرى اليمَّ خلد
وإذا ما رمَّة لاحت فلا ... تحسب الرمة فيه كالسند
وإذا لألأت الشمس على ال ... يمَّ أخفت قبح ما دون الزبد
كمقال الحب يُخْفى كَيدهُ ... إن سطا في العيش في لؤم وحِقْد
وإذا غار بك الماءُ فقل ... كم حسام في قراب قد غُمِد
رب دُرٍّ فيه لا تأمله ... إن من غاص على الدر وجد
درة مخبوءة أنت إذا ... ما طفا باللؤم إن أُغرِقْتَ وغد
أنجد السابح إن خار وكن ... للذي أشفى على الهُلْكِ عّضُد
ليس مجد الغدر أحجى بالفتى ... أي مجد ناله الأوغاد مجد
أحمق الناس جهول خائف ... كلما لاح له برق ورعد
ليس في العيش ولا الموت أذى ... إنَّ من سار على الدرب ورد
لا يلذ الموتَ إلا مُتْعَبٌ ... سهر العيش وفي الموت رقد
رقدةٌ يا طيبها من رقدة ... بعد أن عانى وأبلى وسه