مجلة الرسالة/العدد 108/الطبيعة
مجلة الرسالة/العدد 108/الطبيعة
بقلم رفيق فاخوري
تحنو على عهودها النفسُ ولا ... تسطيع أن تصبر عن لقائها
كأنما حَلّ بجسمي روحها ... وفي عروقي سابَ من دمائها
بكرٌ لها منها حُلىً دانيةُ ... لكل جسٍّ بينهنَّ مسلكُ
لي من مرائيها شخوصٌ أجتلىِ ... مَحْيايَ في وصالها وأُدرك
مطبوعةٌ طبعَ الحياة العاريهْ ... غبطتُهَا وحزنها علانيهْ
تستقبل الأجيالَ في ثوبٍ إذا ... أبلته عادت فأرتدته ثانيه
قديمةٌ، آذارُ يُحْيها، ولا ... يمحو بِلَى الخريفِ من جلالها
يمشي عليه الدهرُ وهى عنه في ... شُغْلٍ فلا تُلْقي إليه بالها
لها البقاءُ حين نغدو رمَماً ... مَنْسِيَّةً لا تهتدي لها الذِكَرْ
يا ليت لي عيناً كمرآة الضُّحى ... ترعى مَجاليها إذا غابَ النظر
أَحْبِبْ بها خرساَء حُمَّتْ شمسُها ... فألهبتْ أنفاسَ كلِ ذي حَرَكْ
وهيمنَ الصمتُ على أرجائها ... كأنْ بِمَنْعى الكونِ قد دار الفلكْ
وأستحوذتْ على الورى إغماءةٌ ... ثقيلةٌ، سلطانُها لا يُدْفَعُ
وَعَرَتِ الأطيارَ سكتةٌ فما ... يَنْغَمُ في سُباته مرجِّعُ
والنهرُ لهبانُ وللماءِ به ... مَسَارِبٌ يَسْبَحُ فيها الخاطرُ
والسهلُ في غيبوبةٍ مستغرقٌ ... مَيْتٌ وفيه تلتقي العناصر!
أحببْ بها كَسْلَى تولَّى جسمَها ... بعد افترارٍ ومراحٍ خَدَرُ
واحتبسَ النسيمُ محروراً فما ... يَشيعُ في الفضاء عنها خَبَرُ
أُغْرِقُ في صحرائها كآبةً ... تَنْسُجُ في قلبي غَماماً أسودا
وأشتهي لُقْيانها سُوَيْعَةً ... أنْسى بها نفسي ولا أرعى غداً
حمص
رفيق فاخور