مجلة الرسالة/العدد 104/الكاظمي
مجلة الرسالة/العدد 104/الكاظمي
للأستاذ معروف الرصافي
// ليس من غاية الحياة البقاء ... فإذا خاب في الخلود الرجاء
غير أن الحياة بالعز عند الرَّ ... جُل الحر غاية غراء
أي فخر للناعمين بعيش ... لم تجلله عزة قعساء
حسب من رام في الحياة خلوداً ... أنه بعد موته علواء
وكفى المرء بعد موت حياةً ... أن ذكراه حلوة حسناء
قد قضى الكاظمي وهو جدير ... أن تعزى في موته الشعراء
عاش منسيَّ عارفيه ولما ... مات فاضت بنعيه الأنباء
ذكرته نعاته بنعوت ... قبله حاز مثلها العظماء
فلئن كان ما يقولون حقاً ... إنهم بالذي نسوا لؤماء
كيف ينسون في الحياة أديباً ... عبقرياً عَنَتْ له الأدباء
أَفَيُنْسى حياً ويُذْكر ميتاً ... إن هذا ما تنكر العقلاء
إن هذا أمر يتيه ضلالاً ... في بوادي تفسيره الحكماء
ضحكوا منه في الحياة ومذ ما ... ت تعالى نحيبهم والبكاء
أيها النادبون غيريَ غُروا ... بَرَح اليوم للبيب الخفاء
يُكرم الميت بالثناء وتحيا ... عندكم في المهانة الأحياء
كل من يخبر الأناسِيَّ خُبْرِي ... لا يبالي أأحسنوا أم أساؤا
أنا جربتهم إلى أن تساوى الْ ... يَوم عندي سبابهم والثناء
قد تمادى في القائلين غلوٌّ ... وتوالى في الفاعلين رياء
أيها الكاظمي نم مستريحاً ... حيث لا مبغض ولا إيذاء
عشت في مصر باحترام يؤدي ... هـ إليك الأماثل الفضلاء
إن للنيل من جرائك شكراً ... ستؤديه دجلة اللْسناء
لم تعش عيشة الرفاه ولكن ... لك في العيش عزة وعلاء
أي حرفي الشرق عاش سعيداً ... لم تشب صفو عيشه الأقذاء وهنيئاً إِن لم تعش في العراقيي ... ن مضاعاً تنتابك الأرزاء
من شقاء العراق إن ذوي النعْ ... مة فيه أجانب غرباء
إن جَفَتنا بلادنا فهي حب ... ومن الحب يستلذ الجفاء
لم نحل عن عهودها مذ جفتنا ... بل لها الود عندنا والوفاء
قد بكينا شجواً عليها ومنها ... وعناناً سقامها والشفاء
كم أردنا سخطاً عليها ولكن ... غلب السخطَ في القلوب الرضاء
إنما هذه المواطن أُمٌّ ... مستحق لها علينا الولاء
إن خدمنا فلا نريد جزاءً ... ومن الأم هل يراد جزاء؟
إنما نحن مصلحون وما إنْ ... غاية المصلحين إلا الرفاء
نحن كالشمع حين ذاب اشتعالاً ... فهدى الظالمين منه الضياء
بغداد
معروف الرصافي