انتقل إلى المحتوى

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 61/فكاهات وملح

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 61/فكاهات وملح

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 10 - 1921



أشعار المجانين

حدث أديب قال كان رجل من أهل الأدب قد ذهب عقله من جراء الحب فقلت له يا أبا فلان ما حالك وأين النعمة قال تغير قلبي بالحب فتغيرت النعمة وأنشأ يقول:

أرى التجمل شيأ لست أحسنه ... وكيف أخفي الهوى والدمع يعلنه

أم كيف صبر محب قلبه دنف ... الشوق ينحله والهجر يحزنه

وإنه حين لا وصل يساعفه ... يهوى السلو ولكن ليس يمكنه

وكيف ينسى الهوى من أنت فتنته ... وفتنة اللحظ من عينيك تفتنه

فقلت أحسنت والله فقال قف قليلا فوالله لأطرحن في أذنيك أدبا أثقل من الرصاص وأخف على الفؤاد من ريش النعام فوقفت وأنشد.

للحب نار على قلبي مضرجة ... لم تبلغ النار منها عشر معشار

الماء ينبع منها في محاجرنا ... ياللرجال لماء فاض من نار

ثم أنشد.

أعاد الصدود فأحيا العليل ... وأبدى الجفاء فصبرا جميلا

وأحسب نفسي على ما أرى ... ستلقى من الهجر غما طويلا

وأحسب قلبي على ما بدا ... سيذهب مني قليلا قليلا

وحدث أبو تمام قال كنت في غرفة لي على شاطئ دجلة في وقت الخريف فإذا بغلام كنت أعرفه بجمال قد تجرد من ثيابه وألقى نفسه في دجلة يسبح فيه وقد احمر جلده من برد الماء وإذا مانى الموسوس يرمقه ببصره فلما خرج من الماء قال:

خمش الماء جلده الرطب حتى ... خلته لابسا غلالة خمر

قلت له لعنك الله يا ماني أبعد الجهاد والغزو تحسن غلاما قد بات مؤاجرا في الحانات فقال لي ليس مثلك يخاطب يا أحمق وإنما يخاطب هذا - وأشار إلى السماء - وقال:

يكفيك تقليب القلوب وإنني ... لفي ترح مما ألاقي فما ذنبي

خلقت وجوها كالمصابيح فتنة ... وقلت اهجروها عز ذلك من خطب

فأما أبحت الصب ما قد خلقته ... وأما زجرت القلب عن لوعة الحب فليت شعري هل قال العقلاء أبدع من هذا؟

خطب وكيع بن أبي الأسود وهو والي خرسان فقال في خطبته إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أشهر فقالوا له بل في ستة أيام فقال والله لقد قلتها وأنا استقلها. . . . وخطب على بن زياد الأيادي فقال في خطبته لا أقول لكم إلا ما قال العبد الصالح لقومه ما أراكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد فقالوا له إن هذا ليس من قول العبد الصالح إنما هو من قول فرعون فقال من قاله فقد أحسن. وارتفع رجلان إلى أبي ضمضم فقال أحدهم أبقاك الله إن هذا قتل ابني قال هل لابنك أم قال نعم قال ادفعها إليه حتى يولدها لك ولدا مثل ولدك ويربيه حتى يبلغ مثل ولدك ويبرأ به إليك.

فكاهات غربية

التلميذ - أفندي! إذا قلنا (إن السياسة) فما تكون علامتها؟

المدرس - السياسة علامتها النصب يا ولدي!

صديق أظن يا أخي أن الناس الذين تذهب إليهم يكرهونك.

محصل العواميد - بالعكس! فكل واحد أذهب إليه يرجوني أن آتيه مرة أخرى!!

السيد - هل أنت بواب طيب.

البواب - نعم يا سيدي، فأنا أصلي الأوقات الخمسة في الجامع دائما.

مدرس الكيمياء - (لتلميذ أنيق لاه عن الدرس بلابسه) الآن اذكر لي اسم ثلاثة فيها مادة النشا.

التلميذ - الياقة وكمى القميص.

الأفندي - أريد خادمة لها دراية تامة بالطبخ والغسيل والكي وتدبير شؤون المنزل، وتكون بنت حلال وعمرها أقل من ثلاثين سنة.

المخدم - مع الأسف يا سيدي - يمكنك أن توصي عليها (الخاطبة)

القاضي - يا رجل: امرأتك تشكو من أنك تستمر أسبوعا كاملا لا تكلمها فيه مرة!

الزوج - لأني يا سعادة القاضي الحديث.

الفتى - أنا رأيت من ضحكتك هذه أنه ليس لك قلب بالمرة.

الفتاة - يا سلام! وهل أنا فتحت فمي لهذه الدرجة!! غباوة الخدامين

(أتحفنا صديقي حضرة صاحب العزة الفاضل النبيل محمود صادق بك بهذه الملح الواقعية المستطرفة فآثر بنا أن نتحف بها قراء البيان)

أذكر هنا وقائع وقعت لي من الخدامين وأنا واحد من ملايين المخدومين وقد توخيت في أكثرها التعبير العامي تقريبا للافهام العامة وسآتي في الأعداد القادمة بما أتذكره من هذا النوع

أعطيت خادما قرشا لشراء فول مدمس صباحا وأنا ساكن في خط الحنفي فذهب بالقرش بالقرش والطاسة إلى المخدم بشارع محمد علي على يسأله هل يشتري الفول بزيت أم بسمن. . . .

دخلت في الناموسية لأنام فوجدت فيها ناموسا فدعوت الخدام لاحضار المنة فوقف ينش من خارج الناموسية وهي مسدولة.

أمرت خادما بإحضار معلقة فذهب معه زميله ليحضرها معه.

كان في يد خادم خمس بيضات فوقعت منه واحدة فانكسرت فأشرت برميها في الجردل فأخذ يكسر باقي البيض ويرمي في الجردل.

سألت خداما أحضره مخدم: أنت خدمت عند مين فقال عند واحد فقلت وكم شهر مكثت عنده قال ثلاثة أشهر فقلت اسمه إيه فقال أنا عارف؟ اسأل المخدم.

سألت خداما هل في منزله ولما قمت من النوم قبيل الظهر وجدته قد حضر فقلت لزميله انزل اسأل البواب عن الساعة التي جاء فيها هذا الخادم فنزل وسأل البواب ورجع فقال (كان في السيدة).

عندي طربوشان فقلت للخدام نظف الطربوش وهاته فقال أنظف الاثنين أم أترك أحدهما بترابه.

قلت لخدام يلزم أن يكون كل شيء مغسولا بالصابون قبل وضعه على السفرة فغسل العيش بالصابون.

قلت لخدام املأ إبريق الطشت فملأ الإبريق والطشت أيضا.

كنت منتظرا صاحبا لي بالمنزل لأمر مهم فقلت للخدام إذا حضر فلان أخبرني فبعد ساعة جاءني وقال فلان حضر ووزعته فغضبت فقال أنت قلت فأخبرني ولم تقل دعه يدخل.

سألت الخدام ألم يحضر أحد أمس وأنا غائب فقال حضر فلان أفندي وترك هذا الكرت فقلت ولماذا لم تخبرني إلى الآن فقال لأنك ما سألتنيش.

جلست إلى السفرة للغداء فلم أجد الخبز فقلت للخدام هل نسيت أن الطبيخ يؤكل بالعيش فقال موش لما تأمر.

قلت لخدام وكان أخطأ في العمل (متعملش حاجة من نفسك تاني مرة) فترك القلل فارغة وأواني السفرة بغير غسيل.

شكوت خداما سرق فدافع عن نفسه بأنه لم يسرق غير الفوطة فحكموا عليه واستغنوا عن شهادتي.

جاءني خدام جديد فسألته هل صنعتك سفرجي فقال لا أنا صنعتي كاتب ومرمطون.

قلت للخدام هات الساعة فسألني الصغيرة أم الكبيرة (يريد ساعة الحائط) طلبت من الخدام الدواة والقلم وأحضر الدواة وقلم الرصاص.

عربجي جديد مدعي الأدب لما جلس غلى كرسيه في العربة التفت وقال لي (ما تؤاخذنيش كوني معطيك ظهري).