مجلة البيان للبرقوقي/العدد 56/تفاريق
مجلة البيان للبرقوقي/العدد 56/تفاريق
تناسل اللؤلؤ
هل للؤلؤ أطفال
يتساءل الناس هل اللؤلؤ حيوان حي، وهل تأكل وتتوالد؟ - تلك هي الأسئلة التي كثيراً ما خطرت على أذهان كثيرين من الناس. ولكنهم لم يجدوا لها جواباً حتى نشر رجل من كبار رجال المغرب غرائب عدة عن طائفة اللالئ. كانت في حوزة زوجته. فأدرك البعض منها ما يسكن من حدة حيرتهم.
أما الرجل فهو السير ارنست بيرس وهم من الحكام الذين ولوا على الهند وما جاورها. وقد أكد أن هذه اللالئ منذ استحوذ عليها لم تزدد فقط في الحجم بل ظلت كذلك تتناسل وتتوالد وتتكاثر. وقد قال في ذلك:
عندما كنت حاكم يورينو عام 1891 خرجت يوماُ لركوب البحر. وإني لجالس في زورقي إذ دنت من الزوارق امرأة تحمل في يدها كيساً مفعماً باللؤلؤ تريد بيعه فنزلت لها عن ست جنيهات وابتعت اللالئ بها. وكانت تلك اللالئ صغيرة، لا تزيد كبراها حجماً عن راس الدبوس.
فلم أعبأ باللالئ كثيراً يومذاك بل طرحتها في مكان ونسيت ما كان منها بتة ومضت خمسة اعوام فإذا بزوجتي قد وجدتها في مكانها المخبؤة فيه. ولشد ما كان عجبنا إذ رأيناها كبرت حجماً وتكاثرت عدداً!!
قال السير ارنت برس - فأخذتها إلى رجل جوهري أسأله الخبر فلم يستطيع أن يحل هذا السر ويفك إغلاق هذا السر العجيب، فأعدتها إلى زوجتي فصنعت من بعضها حلياً وأبقيت البعض الاخر - كان الصائغ أخبرنا انها ليست بذات قيمة - وانصرمت عشرون عاماً. ومن العجب أن أصبحت بعد ذلك من لكثرة بحيث تكفي لصوغ عقد ذي مائتي لؤلؤة! وما بقي من تلك اللالئ كان من صغر الحجم بحيث لا يصلح لشيء من الحلي. فما كان منة زوجتي إلا أن أخذت تلك الصغار فوضعتها في كيس صغير. ووضعت معها قليلاً من حبات الأرز فلما مضت خمسة أعوام فتحنا الكيس فإذا بها قد زادت كذلك وكبرت ونمت. وأعجب من ذلك أن السير ببرس قد جمع اليوم من تلك اللالئ القليلة التي ابتاعها يومذاك أكثر من أربعة آلاف لؤلؤة. . . .
عجائب الطبيعة
وحيرة الإنسان في حل أسرارها
الطبيعة ملآي بالأسرار وهي تضع رموزاً يحار الإنسان في حلها. ولها ألف عجيبة وعجيبة يظل أمامها شارد اللب لا يدرك لها حكمة أو سبباً.
أليس من عجائب الطبيعة أن نري الغربان وهي ترف فوق الأفنان. أو تستريح فوق السرحان. أو في الحقول. فتق الأرض والنبات - لا تزال تندب من صفوفها حارثاً يقف عن كثب ديدبانا يرقب أي خطر. فإذا رأى ثمت ما يخشى على الجمع منه نبه اخوانه إليه فطار السرب جميعاً. فكيف أدركت الغربان وجوب الحراسة وندب الديدبانات هذا ما نحار في إدراك كنهه.
ولا يتنس ما يكون في الحدأة، فإنك إذ تطلق أول طلقة من قذيفتك ترى الحدآت أسرع ما يكن إلى الطير في الفضاء رعباً وهولاً. على أنها تصل إلى مكان بعيد في الهواء تدرك منه أن رصاصتك لا تصل إليها تقف حينئذٍ في مكانها ولا تبرحه! وإن استرسلنا نطلق الرصاصات تلو الرصاصات. . . . فكيف علمت تلك الطيور أنها في نجوة من الخطر ومأمن؟
ونحن نعلم أن الديك الرومي أشد مخلوقات الله نفساً مغرورة، وعطفاً تياها، ونفخة مزهوة. وهو طائر قوي متكبر جارح عداء، إن لم يجد شجاراً خلق شجاراً. وإن لم يقع له التنافر أبي إلا أن يكون متنافراً. على أنه أول طائر يجري إذا استحر القتال وحمى وطيس الشجار. فكيف إذا أتيحت له هذه الطبائع المتناقضة وكيف ركبت فيه الطبيعة تلك الخصال المتعارضة؟ هذا ما لا نستطيع أن نفهمه.