مجلة البيان للبرقوقي/العدد 12/نبذ من ديوان شكرى
مجلة البيان للبرقوقي/العدد 12/نبذ من ديوان شكرى
ضوء القمر على القبور
إذا رأى الإنسان ضوء القمر على الزهور خشع من جلالة ذلك المنظر ولكنه إذا رأى ضوء القمر على القبور امتلكه الفزع من قساوة ذلك المنظر الذي يحكي له فناء الجمال في الموت وفناء الموت في الجمال
أني رأيت بياض ضوئك موهنا ... فوق القبور كعارض يتهلل
ففزعت من ذاك البياض كأنه ... لون المشيب على الذوائب يثقل
ولربما كره الفتى صور الردى ... وهو الجريء على الحمام المقبل
ولقد رأيتك والقبور كأنها ... أشباح ساكنة النواظر مثل
نظر البريء إلى القتيل مجندلا ... والروع في أنفاسه يتعجل
ولقد رأيت على الهلال سآمة ... سأماً يعالج مثله المتأمل
فكأنه الحسناء يطرقها الردي ... فتبيت تذوي في الفراش وتذبل
طورا يريك الموت في لحظاته ... حتى كأن الحسن داء معضل
ويبيت طورا في الرياض يعلها ... مما يريق على الفضاء وينهل
ابتسامات
وميض ابتسامات يضيء جوانحي ... ويجلو ظلام الهم واليأس من صدري
إذا ابتسمت ضاء بعيني ابتسامها ... كما ضاء وجه البدر في صفحة البحر
يكاد يضيء الغيب في مستقره ... وميض ابتسام فعله صادق السحر
واسمع في نفسي أغاريد جمة ... يهيج صداها في الجوانح والصدر
كأن بها من صادح الطير شاديا ... يغرّد في روض من الحب والشعر
واني لكالبذر الدفين ولحظها ... غذاء كلحظ الشمس للزهر والبذر
ويوقظ آمالي ضياء ابتسامها ... كذاك شعاع الشمس يزخر بالذر
شعاع ابتسام كالغدير خواطري ... نوازل فيه كالكواعب في النهر
فجر الشباب
إني لأذكر أياماً لنا سلفت ... كما تذكر صوت اللجة الصدف فكان للفجر قلب خانق أبداً ... من الحياة ووجه كله لطف
والضوء يرقص في الأنهار موقه ... فقدّه مائس فيها ومنقصف
وناظر ونجوم الفجر مائلة ... نحو الغروب كما يرنو لها الدنف
وكلمتني الرياح في فمها ... سر الطبيعة مخبوء ومنكشف
الكسل وصاحبه
يحجم حتى كأنما خشيت ... أعضاؤه أن يموت في غده
فيدرك الشيء غير طالبه ... ولا ينال المكسوب في يده
وراعه أن ينال ما ضمن ال ... سعي فيشقى بقول حاسده
يود أن الأقدار تسعده ... فيغتدي شاكراً لمسعده
يحسب أن الأقدار ما خلقت ... إلا لتجري بنسج سؤدده
شفة
شفة تحلت باللمى ... فتبيت تحلم بالقبل
غالى بها رغد النعيم ... وفوقها هبط الأمل