انتقل إلى المحتوى

ما كف شاديه اعتراض عتابه

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ما كفَّ شادِيَهُ اعتراضُ عتابِه

​ما كفَّ شادِيَهُ اعتراضُ عتابِه​ المؤلف السري الرفاء


ما كفَّ شادِيَهُ اعتراضُ عتابِه
بل زادَه طرباً إلى أطرابِه
وأرى الصبابةَ إرْبةً لولم يَشُبْ
يوماً حلاوتَها الفراقُ بصَابِه
هوموقِفٌ برزَتْ بُدورُ خيامهِ
للبَينِ واعترضتْ شموسُ قِبابِه
راحوا بمثلِ الرِّيمِلولا ما أرى
من وَشْيِه وشُنوفِه وخِضابِه
مُترَدِّدٌ في الجَفْنِ ماءُ شُؤُونِه؛
متحدِّرٌ في الخَدِّ ماءُ شَبابِه
يهتزُّ غُصْنُ البانِ تحتَ ثيابهِ
ويُضيءُ بدرُ اللَّيلِ تحتَ نِقابِه
فالحُسْنُ ما يُخْفيهِ من تُفَّاحِه
خَفَراً وما يُبْديه من عُنَّابِه
أَيعودُأَيَّتُها الخيامُزمانُنا
أم لا سبيلَ إليه بعدَ ذَهابِه
أيامَ أدفعُ عتبَه بعِتابِه
عني وأمزُجُ كأسَه برُضابِه
فسقاكِ ساقي المُزْنِ أعذبَ صَوبِه
وحَباكِ مُذْهِبُ غَيمِه بذَهابِه
نزعَ الوُشاةُ لنا بِسَهْمِ قطيعَةٍ
تُرمى بسهمِ قطيعةٍ تَرمي بِه
ليتَ الزَّمانَ أصابَ حَبَّ قلوبِهم
بقنا ابنِ عبد اللّهأوبحِرابِه
بسلاحِ مُعتَلِّ السِّلاحِ وإنَّما
يعتلُ بين طِعانِه وضِرابِه
ألوى إذا استلبَ المغاورُ بَزَّه
كانت نفوسُ الصِّيدِ من أسلابِه
ظَلَمَ التليدَ وليس من أعدائِه؛
وحبا الحسودَ وليس من أحبابِه
فالغيُثُ يخجَلُ أن يُلِمَّ بأرضِه؛
والليثُ يَفرَقُ أن يُطيفَ ببابِه
يغشى القِراعَ وينثني وسماتُه
في غَرْبِ مُنصُلِه وفي جِلبابِه
كالليثِ آثارُ اللقاء مُبيَّنٌ
في لِبدَتَيْهِ وفي شَبا أنيابِه
عَلِمَتْ ملوكُ الرومِ أنَّ حياتَها
ومماتَها في عَفوِه وعِقابِه
في كلِّ عامٍ غزوةٌ يَقضي بها
أَرَبَ القَنا وينالُ من آرابِه
أوفى فسدَّ شِعابَهم بعَرَمْرَمٍ
يغشى الفضاءَ الرَّحْبَ سَيلُ عُبابِه
كالطَّوْدِ لا تَثْنيهِ عن مُتمنِّعٍ
حتى يَدُقَّ رِقابَه برقابِه
تُزْجي المَنُونَ جيادُه مخزومةً
بالحزْمِأوتحدد الرَّدى برِكابِه
حتى تفسَّحَ في مجالسِ قَيصَرٍ
متحكِّماً في تاجِه ونهابِه
اللّهُ جرَّدَ من عليٍّ سَيفَه
فحمى وذَبَّ عن الهُدى بذُبابِه
قَوْلِيإذا ضاقت عليَّ مذاهبي
مَنْ لي برَحْبِ العيشِ بينَ رِحابِه
فارقتُ مشرَبَه الذي لا تنطفي
غُلَلُ الحَشا إلا ببَردِ شَرابِه
ودخلتُ أبوابَ الندامةِ بعدَما
عصفَت بيَ الأحداثُ عن أبوابِه
هي زَلَّةُ الرأي التي نَكَصَ الغِنَى
من سُوءِ عُقباه على أعقابِه
فوحَقِّ نِعمَتِه عليَّ وطَوْلِه
قسَماًيقول السامعونكفى بِه
ما سَوَّلَتْ لي النَّفسُ هجرَ جَنابِه
عند الرحيلِ ولا اجتنابَ جِنابِه
أَنَّى وقد نِلتُ السماءَ بقُرْبِه
وبلغْتُ قاصيةَ المُنى بثَوابِه
وحَوَيتُ فضلَ المالِ من إفضالِه
ومحاسنَ الآدابِ من آدابِه
لكنَّه رأيٌ حُرِمْتُ رَشادَهُ
وبَعُدْتُ عن تسديدِه وصوَابِه
لا أحمَدُ الأيامَ بَعْدَ بَتاتِها
سبباً وصلتُ إليه من أسبابِه
أَأَقومُ بين يَدَي سواه مؤمِّلاً
وأُنيخُ راحلةَ الرَّجاءِ ببابِه
هيهاتَلستُ بشائمٍ برقَ امرىءٍ
حتى يكونَ سَحابة كَسَحَابِه
سَأَهُزُّ بالكَلِمِ المُهَذَّبِ عِطفَه
طَرَباً وأخلُبُ لبَّه بخِلابِه
بِدَعٌ لوانَّ الصَّبَّ يستَشفي بها
ألَم الفِراقِ شَفَتْه من أوصابِه
وأحشُّها والليلُ قد سترَ الرُّبا
بدُجاهأوحَجَبَ الصُّوى بحِجابِه
حتى يعودَ الشَّوْقَ لابسَ حُلَّةٍ
من أرجوانِ الفَجرِأوزِريابِه
فعسى الزَّمانُ يَبُلُّ حَرَّ جوانحي
بصَفاءِ مَورِدِه وبَردِ جَنَابِه
فأفوزَ بالعَذْبِ النَّميرِ وينطوي
كَشْحُ الحسودِ على أليمِ عَذابِه