ماذا تريدين يا أخت الرياحين
المظهر
ماذا تريدين يا أخت الرّياحين
ماذا تريدين يا أخت الرّياحين
من امرئٍ بجمال النّفس مفتون
ماذا تريدين منّي والهوى عرضٌ
قد زال والجوهر المكنون يكفيني
ماذا تريدين منّي والزّمان طوى
عهد الشّباب وجاء الشّيب يطويني
مرّت لحاظك لم يشعر بوطأتها
قلبي وكانت بذاك العهد تصميني
وماس قدّك مثل الخيزران فلم
أعبأ كأن التّثنّي ليس يعنيني
الفرق في العمر لا تخفى دلائله
وما ابن ستين عاماً كابن عشرين
أيّام كنت إذا ألقيت في أذني
لحناً تذوب له نفسي ويحييني
أيّام كنت إذا ناديتني سبحت
روحي وطرت إلى ناديك في الحين
كنّا وكان الهوى يا هند يجمعنا
بين الريّاض على زهر البساتين
أسقيك كأساً من الإخلاص صافيةً
ومثلها من رضاب الحب تسقيني
واليوم أصبحت في حزني بلا أملٍ
لا القول يجدي ولا الدنيا تؤاسيني
وزاد همّي ما ألقاه في وطني
من شدّة البؤس والإرهاق والهون
موارد الرزّق جفّت في البلاد على
ما كان في الأرض من خصبٍ وتموين
وأفقرت من بنيها المخلصين
وقد كانت تعجّ قديماً بالملايين
وكيفما جلت في القطرين لست
أرى إلا وجوها عن البأساء تنبيني
أمّا النّيابة عن شعبٍ يسير إلى
قبرٍ فملهاة تخدير وتسكين
لولا بقيّة آمال معلّقةٍ على
بني وطني الغرّ الميامين
الضّارين بآفاق العوالم لا
يألون جهداً بتدريب وتمرين
النّافرين من القيد الوطيد من
الظّلم الشّديد على عهد السّلاطين
النّاهضين إلى العلياء عن شمم
والنّار في الصّدر تغلي كالبراكين
من كلّ ذي همّةٍ كالبرق أو كرم
كالبحر أو منطق بالسحر مقرون
أسدٌ وأشبال آسادٍ غطارفةٌ في
كل قطر كفرسان الميادين