لقد سمعوا من الوطن الأنينا
المظهر
لقد سمعوا من الوطن الأنينا
لقد سمعوا من الوطن الأنينا
فضجوا بالبكاء له حنينا
وأنبأه بصارمه اليقينا
جميعاً للدفاع مسلَّحينا
وثاروا من مرابضهم أسودا
بصوت الاتحاد مُزمجِرينا
شبابٌ كالصوارم في مَضاءٍ
يُروْنَ، وكالشموس مُنوِّرينا
سلانيك الفتاة حوت ثراءً
بهم فقضت عن الوطن الديونا
لقد جمعوا الجموع فمن نصارى
ومن هود هناك ومسلمينا
فكانوا الجيش الف من جنود
مجندة ومن متطوعين
وشاهت أوجه المتمردينا
وما هم فيه متحدين دينا
وتتركهم أولي أنف كبارٍ
يرون حياة ذي ذل جنونا
وأن الموت خير من حياة
يظل المرء فيها مستكينا
يقلن وهن من فرح بواك
وهم من حزنهم متبسمونا
على الباغين منتصرين سيروا
وعودوا للديار مضفرينا
ولا تبقوا الذين قد استبدوا
وراموا كيدنا وتخونونا
فإن لم تنقذوا الأوطان منهم
فلستم يا بنين لنا بنينا
فقد هاجوا على الدستور شراً
بدار الملك كي يستعبدونا
هم الاشرار باسم الدين قاموا
فعاثوا في المواطن مفسدينا
فما تركوا من الدستور شُورَى
ولا أبقَوا لنغْمته طنينا
ومذ حان الوَداع دنون منهم
فقبلْن الصوارمَ والجفونا
وما أَنسى التي برزَت وقالت
وقد لفتوا لرؤيتها العيونا
خذوني للوغى معكم خذوني
ممرضة لجرحاكم حنونا
وان لم تفعلوا فخذوا ردائي
به سدوا الجروح اذا دمينا
ولما جد جدهم استقلوا
على ظهر القطار مسافرينا
فطاروا في مراكبه سراعا
باجنحة البخار مرفرفينا
وظل الجيش صبحا أو مساء
تسير جموعه متتابعينا
فلم يتَصرّمِ الأسبوع إلا
وهم برُبا فروقَ مخيّمونا
هنالك قمت مرتحلا اليهم
لأبصر ما أؤمل أن يكونا
تكادُ به تظن الماء طينا
ركبت بها على اسم الله بحرا
غدا بسكون لجته رهينا
يعز على الطبيعة ان يهونا
ومرأى البحر أحسن كل شيءٍ
اذا لبست غواربه سفينا
اتينا دار قسطنطين صبحا
وقد فتحت لهم فتحا مبينا
وظل الجيش جيش الله يشفي
بحد سيوفه الداء الدفينا
فأزهق أنفس الطاغين حتى
سقاهم من عدالته المنونا
احلهم المقابر والسجونا
وحطوا قصر يلدز عن سماء
له فانحط أسفل سافلينا
واصبح خاشع البنيان يغضي
عيونا عن تطاوله عمينا
هوى عبد الحميد به هويا
إلى درَك الملوك الظالمينا
وانزل عن سرير الملك خلعا
وأفرد لا نديمَ ولا قرينا
فسيق الى سلانيك احتباسا
له كي يستريح بها مصونا
ولكن كيف راحة مستبد
غدا بديار أحرار سجينا
يراهم حول مسكنه سياجا
ويعجز ان ينيم لها عيونا
وموت المرء خير من مقام
له بين الذين سقوه هونا
وقد كانت به البلدان تشقى
شقاء من تجبره مهينا
فكم اذكى بها نيران ظلم
وكم من اهلها قتل المئينا
وكان يدير من سفه رَحاها
بجعجعة ولم يُرِها طحينا
وقد كانت به الايام تمضي
شهوراً والشهور مضت سنينا
ولما ضاق صدر الملك يأسا
وصار يردد الوطن الانينا
اتى الجيش الجليل له مغيثا
فصدَّق من بني الوطن الظنونا
واضحى سيف قائده المفدى
على الدستور محتفظا أمينا
حماه من العداة فكان منه
مكان الليث اذ يحمي العرين
فقرت اعين الدستور امنا
وشاهدت أوجه المتمردينا