انتقل إلى المحتوى

لقد جاوزت فيك مقدارها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لقَدْ جاوزْتَ فِيكَ مِقدارَها

​لقَدْ جاوزْتَ فِيكَ مِقدارَها​ المؤلف ابن الخياط


لقَدْ جاوزْتَ فِيكَ مِقدارَها
خُطُوبٌ قضتْ منكَ أوطارَها
وكيفَ ترَقَّتْ إلى مُهجَةٍ
يودُّ الرَّدى لوْ غدا جارها
سمَتْ هِمَّةُ الخَطْبِ حتَّى إليكَ
لقدْ عظَّمَ الدَّهْرُ أخطارَها
ومنْ ذا الذي يأمنُ النائباتِ
وقد أنشبتْ فيكَ أظْفارَها
سَماحُكَ أثكلَها صَرْفَها
فجاءَتْكَ طالبةً ثارَها
ستبكيكَ ما عُمرَتْ دولةٌ
دعتْكَ المكارِمُ مُختارَها
فمنْ لِحماها إذا ما العدُ
وُّ أمَّتْ كتائبُهُ دارَها
ومَنْ يشهدُ الحرْبَ غيرُ الجَبانِ
إذَا الخَوْفُ غَيَّبَ أنصارَها
وَمَنْ يجعَلُ السَّيفَ مِنْ دُونِها
حِجاباً يُميطُ بهِ عارَها
ومَنْ ذا يُكَثِّرُ حُسّادَها
ومَنْ ذا يُقَلِّلُ أنظارها
ومنْ للأمورِ إذا أورِدتْ
فلمْ يملِكِ القومُ إصدارَها
ومنْ ذا يطيلُ قِراعَ الخُطُو
بِ حتّى يقَصِّرَ أعمارَها
سقى اللهُ في كلِّ يومٍ ثراكَ
حياءَ السَّماءِ وأمْطارَها
تولّى كما أقْلَعَتْ ديمةٌ
وأوْدَعَتِ الأرْضَ آثارَها
مَضتْ واقتضَتْ شُكرَ آلائِها
نَسيمَ الرِّياض ونُوّارَها
خلائقُ إن بانَ منها العِيانُ
رَوتْنا الصَّنائعُ أخبارَها
أرى كُلَّ يومٍ مِنَ الحادِثاتِ
لنا وَقْعةً نَصطلي نارَها
فيا ليتَ شِعرِي ـ وما نفعُ لَيتَ ـ
متى تضعُ الحربُ أوزارَها
وحتّامَ ذِمَّةُ هذِي الجُسُو
مِ لا يرهَبُ الموتُ إخفارَها
تُفِيتُ المقادِيرُ أرواحَها
وتُبْلِي على الدهْرِ أبشارها
هربْنَا بأنفُسِنا والقَضا
ءُ يسبِقُ بالمَشْيِ إحضارَها
وما اعترفتْ أنفسٌ بالحما
مِ لَوْ كانَ يَقْبلُ إنكارَها
إذا أقبلَتْ بِالفَتى عِيشةٌ
توقعَ بالموتِ إدبارَها
وكيفَ يحاوِلُ صَفْوَ الحَيا
ةِ مَنْ لَيسَ يُمنحَ أكدارَها
وما عُمرُ مَنْ أدرَكَتْهُ الوَفا
ةُ إلاّ كمرحلَةٍ سارَها