انتقل إلى المحتوى

لبيك من حر المواقف عال

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لبيك من حر المواقف عال

​لبيك من حر المواقف عال​ المؤلف أحمد محرم


لبيك من حر المواقف عال
بهر النهى بروائع الأمثال
هذا القريص سما إليك على يد
تسمو بقدسي الصحائف غال
متبلج الآثار ما ركب الهوى
يوما ولا خلط الهدى بضلال
في صورة الأقلام إلا أنه
من عفة وطهارة وجلال
لبيك إذ هجع الذين عهدتهم
وسهرت للهم المقيم حيالى
لي في الألى حفظوا لمصر عهودها
حرم على الأيام غير مذال
حرم الهوى الممنوع لم ينزل به
لعب الخلي ولا مراح السالي
لبيك إذ خذل الحماة بلادهم
ونهضت تدفع غارة المغتال
مثلت مصر فما تركت لمبدع
ثقة بمعنى بارع ومقال
هب لي مكانك في النوابغ واستمع
عظة الدهور وعبرة الأجيال
أم لها ملك تمكن عرشه
في دولة من مختد ونصال
ريعت من القوم الدهاة بحول
جم المكائد ماكر مختال
شاكي سلاح الغدر أصدق عهده
عهد الذئاب وذمة الأصلال
جمع الذرائع لاستلاب حقوقها
ومضى يتابع سعيه ويوالي
فأصاب أولها عطاء لامرئ
نائي المواطن أجنبي الآل
وأتى يقول لها دعيه مضيعا
فلأنت في سعة وغبطة حال
سمع الصغير البر من أبنائها
فأهاب يقضي الحق غير مبال
أماه لا تودي بحقك وانبذي
رأي الغواة وخطة الجهال
قال الكبار لها أمام عدوها
لا تحفلي بوساوس الأطفال
نظروا إليه فعنفوه وأقبلوا
حنقين من صلف وفرط خبال
أقصر فمالك بالعظائم طاقة
واسكت فمثلك لا يمر ببال
لا تأس يا خير الغزاة لناشئ
يهذي ويخدع نفسه بخيال
نأبى مشورته وتنكر أمه
ما يفتري من باطل الأقوال
أرأيت أم الطفل تقبل حكمه
وتصد عن أبنائها الأبطال
طمع المغير فكر إثر فريسة
أخرى يضن بمثلها ويغالي
فابتز مفتاح الحياة وعاث في
ينبوعها المتدفق السيال
خدع الأميرة وادعاها شركة
للزور فيها هدة المنهال
ضنت عليه بما يريد وأيقنت
أن سوف يتركها بلا أوصال
فإذا الكبار من البنين كعهدهم
أطفال أحلام صغار فعال
قالوا لها أخطأت أنت بنجوة
مما يروعك من أذى ووبال
يكفيك في دعة وطول سلامة
رشفات ماء من فم الرثبال
غضب الصغير وقال أماه احذري
وتأهبي للخطب ذي الأهوال
صدي المغير فإن أبيت فودعي
طيب الحياة ونضرة الآمال
قال الكبار كذبت أمك فازدجر
أفما تزال تريد كل محال
إن الذي وصف الخيال فرمته
كالنجم منزلة وبعد منال
يا أعدل الأقوام إن نقضوا الحبى
وتدافعوا لخصومة وجدال
دع ما يقول الطفل لا تحفل به
لغو الحديث أحق بالإهمال
لا توله منك التفاتة سامع
إنا نشد لسانه بعقال
تلك البقية من حياة مضيمة
ولهى الجوانح ما لها من وال
ولعت يد العادي بها فأرادها
أخذ العقيرة من سوام المال
يسعى ليسلب دارها وطعامها
سعي امريء متأهب لقتال
يغتال نضرة عيشها ويصيبها
في كل مضطرب لها ومجال
ويعيث في مجرى الهواء فما ترى
مسرى جنوب أو مهب شمال
تلك البلية من تصب لا تلفه
إلا بمنزلة الرميم البالي
قال الكبار تعالى ننظر بيننا
في غير ما سرف ولا استرسال
الأمر إن ياسرت ليس بفادح
والداء إن سامحت غير عضال
ماذا تريد فما بنا من غلظة
ولسوف ترضى بعد طول تقال
قال الصغير أتذعنون لغاصب
جافى الخلائق سيء الأعمال
أأراد إلا أن تكون حياتنا
كالدارس العافي من الأطلال
تهوي جوانبها ويصبح ساحها
شجو القطين وروعة النزال
من ذا يفاوض في الحياة عدوه
ويرى مآل السوء خير مآل
لا تأمنوه فما لكم من عصمة
ترجى إذا عصفت يداه ولالى
أو ليست الأغلال في أعناقنا
مما جنى وفوادح الأثقال
إن كان من شيء يراد فباطل
حتى يزول بهذه الأغلال
قال الكبار لقد أراد سفيهنا
شططا وجاوز غاية الإيغال
يجد الحقائق في الخيال مواثلا
ويرى المشارع في بريق الآل
أزرى به صلف الغواة وجهلهم
وجنى عليه تعسف الضلال
تلك الرواية هل رأت عين امرئ
في الدهر من نمط لها ومثال
أم البنين كنانة الله التي
نصبت لكل مناجز صوال
وصغيرها الحزب الضنين بحقها
إن جاد كل مسامح بذال
نصح الذين هم الكبار بزعمهم
بأواخر مأثورة وأوالي
فإذا المسامع لا تنال صمامها
وإذا القلوب منيعة الأقفال
عصف التفرق بالقوى فأزالها
إن التفرق مؤذن بزوال
هل أبصروا ورع المغير وزهده
ورأوا تعفف نابه القتال
ومن الحقائق في شريعة قومنا
ورع الوحوش وعفة الأغوال
بعد المدى بالملحقات وغودرت
منها ودائع للبلاد غوال
وانصاع بالسودان في آثارها
عجل الإغارة غير ذي إمهال
ما ريع من دعوى الغزاة بباطل
هم عاجلوه فريع باستئصال
سلبوا التراث المستباح وأولعوا
ببقية الأسلاب والأنفال
لهم الكنانة أرضها وسماؤها
ولنا الشقاء الدائب المتوالي
يأتون كل عظيمة ويريبهم
صعقات شعب دائم الأوجال
لولا مراقبة الجلاء وأنه
داني المدى لرأوه أول جال
ذهب الرجال يفاوضون فصادفوا
أرواح جن في جسوم رجال
مكر الدهاة بهم وزلزل رأيهم
رأي يميد بقوة الزلزال
قالوا دعوا السوادان إن لنا به
حق الشريك من الزمان الخالي
ولنا بمصر من الحقوق ومثلها
ما ليس للنظراء والأمثال
فإذا أبيتم بالضمان فعندنا
ما عز من ثمن لكم ونوال
أخذوا العطاء فما تزال عيونهم
تعتاده من رونق وجمال
جاءوا به يمشون في لمعانه
مشي المدل بنفسه المختال
عرضوه في ضوء النهار فزانه
وضح الضحى وتوهج الآصال
هم زينوه لقومهم فتدافعوا
يتنازعون مواكب الإجلال
نشروا لهم عصر الكليم فأبصروا
صفي عصي حوله وحبال
قالوا انصروه ففيه من آمالكم
ما لا ينال على يد الخذل
فيه المزايا الغر من حرية
تشفي غليل النيل واستقلال
نظر الحماة الناقدون فما ترى
غير الزيوف على يدي لأال
نسق من التزييف يقصر دونه
ما زيفت يد صانع أو طال
قالوا عرفناه فمن يعلق به
يعلق بخزي دائم ونكال
ورموا به فرموا بسم ناقع
أخذوا عليه مسارب الآجال
ودعوا حذار بني الكنانة إنه
كيد المضل وفتنة الدجال
هو درهم لا نفع فيه وإن زها
في العين من نقش وحسن صقال
يشقى الفقير من الشعوب بمثله
ويزيد إقلالا على إقلال
هذا عطاء النيل من يد ملنر
شيخ الندى وعميده المفضال
ورد الكنانة في حقائب جمة
ما تستقل بها المطي ثقال
فضح الألى حملوه ما صنعت به
أيدي الحماة الرجع الأزوال
سئلوا أترمون البلاد بزائف
وتغررون بسوقة وموال
قالوا رويد اللائمين فما بنا
عجز الضعيف يخاف كل سؤال
إنا عرضناه ليصدع قومنا
ستر الخفاء وغيهب الإشكال
لهم الزعامة في الضلالة والهدى
والرأي في الإعراض والإقبال
نفضوا الحقائب محنقين وراعهم
شؤم المطاف وخيبة التجوال
صاح الحداة بآخرين فراعنا
منهم ضجيج ركائب ورحال
قالوا أنطمع مصر في استقلالها
ونروعها بمفاوضين ضآل
إنا سنأخذه صحيحا كاملا
ونزيده من صحة وكمال
نأتي به كالصبح أبيض ساطعا
لا شك فيه كربنا المتعالى
كذبوا فقد كشفوا مقاتل قومهم
لمسارعين إلى النقيض عجال
عكفوا على نار الخلاف فسرهم
ما جر موقدها وذاق الصالي
كل يقول أنا الرئيس فمن أبى
فالبطش بطشي والمحال محالي
أنا أول المتفاوضين مكانة
عند التقدم ثم يأتي التالي
شمت العدو وقال داء تفرق
ما ازداد سيئته سوى استفحال
مالي أخاف مساومين نبالهم
سبقت إليهم أسهمي ونبالي
لأخادعن القوم عن آمالهم
ولأدفعن ضجيجهم بمطالي
نهضوا لغير بلادهم فعرفتهم
وعرفت نهضتهم إلى اضمحلال
فليأخذوا ما ليس فيه لمثلهم
إلا الأذى وملامة العذال
جاءوا بدرهمهم فأجفل قومهم
ملء المدائن أيما إجفال
وكأنما هوت القرى في لجة
أو باد ناضرها من الإمحال
جاءوا بأكثر من أخيه مهانة
وأشد منقصة وسوء خلال
ما زيف الصناع فيه وإنما
صنعوه من حمأ ومن صلصال
رحلوا عن الوادي بأنحس طائر
وأتوا ربى الوادي بأشأم فال
حملوا إلى الأهرام لعنة كرزن
فاستغفرت لمناكب الحمال
ودت على استعلائها لو أنها
زالت فأمست من حصى ورمال
عبثوا بأبهة الدهور وزلزلوا
مجد الملوك وعزة الأقيال
خذل الأئمة في القبور وعطلت
عظة القسوس وحكمة الآبال
قل للمصاحف والأناجيل اذهبي
عبد الحرام وعيب كل حلال
يا مصر عهدك من أدى ومرارة
وهواك من هم ومن بلبال
فدح الذي بين الجوانح فانظري
أدبيب حب أم دبيب سلال
صاحبت حبك في المشيب وفي الصبى
وأراه صاحب مولدي وفصالي
برهانه الوهن الذي في أعظمي
ودليله الوضح الذي بقذالي
وغليل نفسي في جوانب ممحل
والطير بين مناهل وظلال
أشدو بذكرك في الجوادث عاطلا
والصامت اللاهي بغيرك حال
إني لتظفر في حماتك غارتي
وتفوز بالسلب المنيع نصالى
الثابتين على الهدى ما زلزلوا
يوما ولا عرفوا سبيل ملال
ما ساوموا في حق مصر ولا رضوا
بالضيم يرهقها ولا الإذلال
تعتز من أقلامهم بمعاقل
وتلوذ من أعمالهم بجبال
نصروا الأبوة والبنين فأنقذوا
شرف الأسود وسؤدد الأشبال
شر العجائب في زمانك أن ترى
شعبا يباع على يد الدلال
إنا لنحفظ قومنا ونعدهم
خير العتاد وأنفع الأبدال
ما زادنا عنت الخطوب وكيدها
وتوثب العادي سوى استبال
ميثاقنا نسج الحياة لأمة
تبغي الحياة كريمة الأنوال
قومية الحبرات تلبس وشيها
طلق الجوانب سابغ الأذيال
حان الجلاء عن البلاد لمعشر
نكبوا البلاد بأربعين طوال
يا قوم لا تردوا الخلاف فإنه
ورد الطغام ومنهل الأرذال
من يشتري السم الذعاف بسائغ
عذب النطاف مصفق سلسال
سيروا على نور الأئمة وانهضوا
نهضات لا الواني ولا المكسال
صخب التنازع في الممالك مؤذن
أمم الزمان بضجة الإعوال
لا تنكروا شغف الغزاة بأمة
شعفت بطول تنافر ونضال