انتقل إلى المحتوى

لا زلت تسمو في الفخار وتعظم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لا زلتَ تسمو في الفخارِ وتعْظمُ

​لا زلتَ تسمو في الفخارِ وتعْظمُ​ المؤلف رفاعة الطهطاوي


لا زلتَ تسمو في الفخارِ وتعْظمُ
فلأنت صدرٌ في الوزارة أعظمُ
نهضتْ بك العلياءُ من مصرٍ إلى
استانة بفم الموالي تلثمُ
يا حبذا دارُ السعادة مقصداً
هي كعبةُ كلٌ إليها يُحرِم
حرمٌ به ملكُ الملوك أجلُّهم
خاقانُ أهل الخافقيْن الأكرم
حرمٌ به ظل الإله على الورى
حامى حماةَ الدين ليثٌ ضَيغم
فدخلتَ في ذاك الحمى مُتيامناً
ويحفك الإقبالُ أين تُيَمِّم
إلهامُ باشا ناجبٌ من ناجبٍ
من طيب غرسِ أصوله هو مُلْهَمُ
ما أنجزَ الإقبالُ نحوك وعدَه
إلا وأعجزَ وهمَ من يتوهَّم
هي منةُ المنّان فاشكر فضله
هي نعمةُ الرحمن جلَّ المنعم
ما كل ساعٍ يُدرك العليا ولا
داعٍ يُجاب لما دعاه ويَغنم
يا أيها المولىِّ مصرَه
كلُّ يظن الخيرَ فيك ويَعْشَمُ
كلٌّ تفاءل بالنجاح وبالهنا
حَسْبانُ جدِّك صائبٌ لا يُثلم
جدٌّ رأى فيك الشهامةَ في الصبا
إذ أنت مُغرىً بالمعالي مغرم
جدٌّ توسم فيك تبلغُ شأوَه
فبلغته لا خابَ فيك توسُّم
جد تفرسَ فيك تقفو إثرَه
ولطالما أمسى به يترنم
إذا أحسنتْ فيك الفراسةُ رأيها
فدليل حسنُ الظنِ فيك مُسلَّم
رَحِمٌ خطيرُ القدرِ منك وصلته
وبمثلهِ أنت الأبرُّ الأرحم
طرّقت أجياد الأماجِد بالندى
كلٌ بجودِك واثقٌ مستعصم
رأيٌ سديدٌ للسداد موفّقٌ
باعٌ مديدٌ بالسخا يتكرم
وسما بك الدينُ الحنيفُ جلالةً
فالدينُ إذ ترعاه دينٌ قيِّم
لك همةُ هامُ الكواكب دونها
لك عزمةٌ هي غاربٌ لا منسم
إن أضمرتْ ودَّ العزيز نفوسُنا
سرُّ الضمير يكادُ يُظهره الفم
وإن اشتكت مصر نواهُ برهةً
وغدتْ لبشرى عَوده تتنسم
فمع السيادة والسعادة سائرٌ
ومع الكرامة بالسلامة يقدم
هو خاطبُ العلياء وهي تسومه
هو طالبُ الجوزاء وهي السلم
شهمٌ جلا في قاب مضمار العلا
سهمَ السباق فحاز ما لا يُسْهم
لا ينكر الركنُ اليماني يُمنَه
ونداه يعرفه العذيْيبُ وزمزم
شُدْ بيتَ مجدك بالهناء موثلاً
هذا بناءٌ مثل عدلك مُحكَم
إن شدتُ فيكِ قصائدي أنشدتها
درراً لغيرك لا تكاد تنظم
إن صادفت منك القبولَ فسعدُها
في ظل أفنانِ القبول مخيم
دمْ في جليل الملكِ واحكمْ واحتكمْ
لا زلتَ تسمو في الفخارِ وتعظم