لا أرى للزمان يا صاح عذرا
المظهر
لا أرى للزمانِ يا صاح عذرا
لا أرى للزمانِ يا صاح عذرا
أفيدري لمن تأبَّط شرّا
ولمن بغتةً ألمَّ بخطبٍ
ساء فيه الأنامُ عبداً وحرّا
ردَّ فيه حزناً نواصي الليالي
ووجوهُ الأنام شعثاً وغبرا
وحشا المكرمات حرّى وعينُ الـ
ـمجد عبري ومهجة الفضل حرِّي
مَن عذيري من لائمٍ فيك لا أقـ
فذوى بغتةً وقد كان نضرا
قد نعته العلياءُ وهو بقبرٍ
مذ حواه لصبرها صار قبرا
يا هلالاً رجوتُ يكمل بدراً
محقته يدُ الردى فاستسِّرا
مَن عذيري من لاثمٍ فيك لا أقـ
ـبل عذلاً وليس يقبل عذرا؟
لام حتى بلومه ضقتُ ذرعاً
مل ما ضقتُ في مصابكَ صدرا
قلت دعني ومقلةً لي عبري
ببكاها ومهجة لي حرّى
لا تسمني قرارَ عيني فهذا
ضؤوها في ثرى اللحود استقرَّا
هو منّي شطرُ الحشا أوَأسلو
بعدما من حشاي فأرقتُ شطرا؟
عجباً صرتُ فيه أسمح للترب
ومنه عليه أطرح وقرا
بعد ظنّي على العيون جميعاً
أن ترى ذلك المحيّا الأغرّا
كان لي في حياته العيشُ حلواً
وهي اليوم بعده قد أمرّا
وبحسبي ما عشتُ داءً لنفسي
أنا أبقى ويسكن اللحدُ قسرا
كيف ما متُّ إنني لجليدٌ
وبه أنشبت يدُ الموت ظفرا
استجدُّ الثيابَ حياً لجسمي
وهو يبلى في الترب ميتاً معرّى
لم أخلني كذا أكون صبوراً
وفؤادي بسهمه قد تفرّى
رمتُ رفعَ الآلام عنه بجهدي
شفقاً لا لأبلغ الناسَ عذرا
وبذلت الطريفَ من جلِّ مالي
مع بذل التليد منه ليبرا
ورودِّي لو كان يبقى واملقتُ
إذا كان ذا لعيني أقرَّا
سوءةٌ للزمان ما لي أراه
ساء مَن أحسنوا لأبناه طرّا
هم بنو المصطفى ومَن في البرايا
كبني المصطفى سماحاً وبرّا
فئةُ المجد معشرُ الشرف المحض
قبيل العليا وناهيك فخرا
قد أرقَّ الحرصُ الأنامَ ولكن
لم يكن غيرُهم على الأرض حرّا
قد كساهم «محمدٌ» صالحَ الأفعال
بُرداً من فخره طاب نشرا
ورعٌ من رآه قال لعمري
إن لله في معانيكَ سرّا
ملكيُّ الصفات لكن تراه
بشرىَّ الأعضاء قد جلَّ قدرا
لك نفسٌ قدسيّةٌ قد تمحضـ
ـت بها للإله سرّا وجهرا
هي تلك النفسُ التي بين جنبي
ذي المعالي أخيك ليست بأخرى
شرعاً قد سموتما للمعالي
وإليها ركبتما النجمَ ظهرا
تمَّ فيه ما كان ساء وسّرا
فهو ملء الزمان نفعاً وضرّا
ذو يسارٍ يزرى بيمنى سواه
ويمينٍ كانت لراجيه يسرا
هي أجرى من البحار نوالاً
ومن الغاديات أغزرُ دَرّا
تخصب الأرض في نداه إذا الجد
بُ أديمُ الصعيد فيه اقشعرّا
كيف لا تحسد النجومُ ثراه
وبه قد سما على الشهب فخرا
ثم حلاّ معاً بأرفع مجدٍ
طلعا في سماه شمساً وبدرا
فغدا كلُّ نيِّرٍ بهما هادٍ
لمن رام للمكارم مسرى
يا بني المصطفى رسختم حلوماً
فغدوتم على النوائب صبرا
ذا الجزا أنتمُ حرِّيون فيه
لكن الصبرُ أنتم فيه أحرى
ومصاب الماضي يهون إذا ما
كنتَ أنت الباقي وإن عزَّ قدرا