كفاني شكوى أن أرى المجد شاكيا
المظهر
كفاني شكوى أن أرى المجدَ شاكيا
كفاني شكوى أن أرى المجدَ شاكيا
وحَسبُ الرّزايا أن تَرانيَ باكيَا
أُداري فُؤَاداً، يَصدَعُ الصّدرَ زَفرَة ً،
ورَجعَ أنِينٍ، يَحلُبُ الدّمعَ ساجِيَا
و كيفَ أورى من أارٍ وجدتني
لهُ صادراًعن منهلِ الماءِ صاديا
و ها أنا تلقاني الليالي بملئها
خطوباً وألقى بالعويلِ اللياليا
و تطوي على وخزِ الأشافي جوانحي
تَوالي رَزايا لا تَرى الدّمعَ شافِيَا
ضَمانٌ علَيها أن تَرَى القلبَ خافِقاً،
طوالَ اللّيالي أو ترى الطرفَ داميا
و أنّ صفاءَ الودّ والعهدُ بيننا
ليَكرَهُ لي أن أشرَبَ الماءَ صافِيَا
وكم قد لحَتني العاذِلاتُ جَهالَة ً،
ويَأبَى المُعَنّى أنْ يُطيعَ اللّواحيَا
فقُلتُ لها: إنّ البُكاءَ لَراحَة ٌ،
بهِ يشتفي من ظنّ أن لا تلاقيا
ألا إنّ دهراً قد تقاضى شبيبتي
وصَحبي لدَهرٌ قد تَقَاضَى المَرازِيَا
وقد كنتُ أُهدي المَدحَ، والدّارُ غربة ٌ،
فكيفَ بإهدائي إليهِ المراثيا
أأحبابنَا بالعَدوَتَينِ صَمَمتُمُ،
بحُكمِ اللّيالي أن تُجِيبُوا المُنادِيَا
فقيّدتُ من شَكوى، وأطلقتُ عَبرَتي،
و خفّضتُ من صوتي هنالك شاكيا
وأكبرتُ خَطباً أن أرَى الصّبرَ بالياً،
وراءَ ظلامِ اللّيلِ والنجمَ ثاويا
وإن عُطّلَ النّادي بهِ من حِلاكُمُ،
و كانَ على عهدِ التفاوضِ حاليا
وما كان أحلى مُقتَضى ذلكَ الجَنى،
و أحسنَ هاتيكَ المرامي مراميا
و أندى محياً ذلكً العصرِ مطلعاً
وأكرَمَ نادي ذلك الصّحبِ نادِيَا
زَمانٌ تَوَلّى بالمَحاسِنِ عاطِرٌ،
تكادُ لياليهِ تسيلث غواليا
تقضى وألقى بينَ جنبيّ لوعة ً
أُبَاكي بها، أُخرى اللّيالي، البواكِيَا
كأنّيَ لم أنس إلى اللّهو ليلة ً
ولم أتَصَفّحْ صَفحَة َ الدّهرِ راضِيَا
ولم أتَلَقّ الرّيحَ تَندَى على الحَشَى،
شذاءً ولم أطربْ إلى الطيرِ شاديا
وكانَتْ تَحايانا، على القُربِ والنّوى،
تطيبُ على مرّ اللّيالي تعاطيا
فهَلْ من لِقاءٍ مُعرِضٍ، أو تَحِيّة ٍ
معَ الرّكبِ يغشى أو مع الطيفِ ساريا
فها أنا والرزاءُ تقرعُ مروة ً
بصدري وقلباً بينَ جنبيّ حانيا
أحِنّ، إذا ما عَسعَسَ اللّيلُ، حنّة ً
تُذيبُ الحَوايا أو تَفُضّ التّراقِيَا
وأُرخِصُ أعلاقَ الدّموعِ صَبابة ً،
و عهدي بأعلاقِ الدموعِ غواليا
فما بنتُ أيكٍ بالعراءِ مرنّة ٌ
تنادي هديلاً قد أضلتهُ نائبا
و تندبُ عهداً قد تقضّى برامة ٍ
ووَكراً بأكنافِ المُشَقَّرِ خالِيَا
بأخفقَ أحشاءً وأنبا حشيّة ً
و أضرمَ أنفاساً وأندى مآقيا
فهل قائلٌ عنّي لوادٍ بذي الغضا
تأرّجْ معَ الأمساءِ حُيّيتَ وادِيَا
وعَلّلْ بِرَيّا الرَّنْدِ نَفساً عَليلَة ً،
معَ الصّبحِ يَندى، أو معَ اللّيل هادِيَا
فكم شاقني من منظرٍ فيكَ رائقٍ
هَزَزتُ له من مِعطَفِ السّكرِ صاحيَا
و ضاحكني ثغرُ الأقاحِ ومبسمٌ
فلَمْ أدرِ أيّ بانَ ثمّ أقاحِيَا
ودونَ حِلى تلكَ الشّبيبَة ِ شَيبَة ٌ،
جَلَبتُ بها غَمّاً ولم أكُ خالِيَا
وإنّ أجَدّ الوَجدِ وجدٌ بأشمَطٍ،
تلددَ يستقري الرسومَ الخواليا
وتَهفُو صَبا نَجدٍ بهِ طِيبَ نَفحَة ٍ،
فيلقى صبا نجدٍ بما كانَ لاقيا
فَقُلْ للّيالي الخِيفِ: هل من مُعَرِّجٍ
علينا ولو طيفاً سقيتَ لياليا
ورَدّدْ بهاتِيكَ الأباطِحِ والرّبَى
تَحيّة َ صَبٍّ لَيسَ يَرجو التّلاقيَا
فما أستَسيغُ الماءَ، يَعذُبُ، ظامئاً،
ولا أستَطيبُ الظّلّ، يَبرُدُ، ضاحيَا
أخو المجدِ لم يعدل عن النجد نازلاً
بأرضٍ ولم يشمخْ معَ العزّ ثاويا
تَلُوذُ برُكْنَيْ خالِقٍ منهُ شاهِقٍ،
فتَغشَى كَريماً حامِلاً عَنَكَ حامِيَا
يُساجِلُ طَورا كَفُّهُ الغَيثَ غادياً،
ويَحمِلُ طَوراً دِرعُهُ اللّيثَ عادِيَا
وتَبأى العُلى منهُ بأبيَضَ ماجِدٍ،
يُجَرِّدُ دونَ المَجدِ أبيضَ ماضِيَا
و يحطمهُ ما بينَ درعٍ ومغفرٍ
و إنْ كانَ عضبَ الشفرتينِ يمانيا
شَرِيفٌ لآباءٍ، نَمَتهُ، شَريفَة ٍ،
يَطُولُ العَوالي بَسطَة ً والمَعاليَا
يُسابِقُ أنفاسَ الرّياحِ سَماحَة ً،
ويَحمِلُ أوضاحَ الصّباحِ مَساعِيَا
إذا نحنُ أثنينا عليها وجدتنا
نحلّي صدوراً للعلى وهواديا
كفى قومهُ علياءَ أن كانَ غاية ً
لهم وكفاهُ أن يكونوا مباديا
تبوّأ من رسمِ الوزارة ِ رتبة ً
تمنّى، مَراقيها، النّجومُ، مراقِيَا
وأحرَزَ في أُخرَى اللّيالي فَضائِلاً
تعدّ على حكمِ المعالي أواليا
تَنُوبُ، ونَستَسقي الغَمامَ غَوادِيَا
وأروَعَ يَندَى للطّلاقَة ِ صَفحَة ً،
و يقدحُ زنداُ للنباهة واريا
فيجمعُ بينَ الماءِ أبيضَ سلسلاً
يَسُحّ، وبينَ الجَمرِ أحمرَ حامِيَا
أحِنّ إلَيهِ حَنّة َ النِّيبِ هَجّرَتْ،
وقد ذكَرَتْ ماءَ العُضاهِ صَوادِيَا
فيا أيها النائي معَ النجمِ همّة ً
ومَرقَى خِلالٍ في الوزارَة ِ سامِيَا
ترى فرقدَ الليلِ السرى منهُ ثالثاً
وتَرعَى بهِ بَدرَ الدُّجُنّة ِ ثانِيَا
حنايكَ في ناءٍ شكا مسّ لوعة ٍ
فسفّرَ، من شَوقٍ إليكَ، القَوافِيَا
وحَيّا بها أذكَى من الرّوضِ نفحَة ً،
و أرهفَ من لدنِ النسيمِ حواشيا
شقيقُ الندى وابنُ النهى وأبو العلا
وحَسبُكَ بَيتاً في المَكارِمِ عالِيَا