انتقل إلى المحتوى

كتاب تبيين كذب المفتري

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

كتاب تبيين كذب المفتري

تبيين كتاب المفترى فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري تبيين كتاب المفترى فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري تصنيف ناصر السنة حجة الحفاظ مؤرخ الشام أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر الدمشقي المتوفى سنة 571

رواية ولده الحافظ أبي محمد القاسم عنه رواية الشيخ المسند المعمر ناصح الدين أبي الغيث فرج بن عبد الله الحبشي مولى الإمام أبي جعفر احمد بن علي القرطبي سماع منه لعبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف الجزائري

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي منح أهل التحقيق في توحيده بصائر وأحلاما وشرح صدورهم للتصديق بتمجيده توفيقا منه وإلهاما وفتح أقفال قلوبهم للإيمان به بالغيب وكان لغيبها علاما ومسح عنها بلطفه من الشك والإرتياب في أمره أسقاما أحمده على نعمه التي تظاهرت على خلقه عظاما ومنه التي تواترت من أدوار رزقه جساما وأشهد أن لا إله إلا الله هو إلهنا أحدا فردا صمدا قدوسا سلاما قاهرا قادرا عظيما عليما خبيرا قديرا حيا قياما واشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي محق به أوثانا وأصناما وأزهق ببعثته رسولا أنصابا وأزلاما وغفر به لمن آمن بنبوته واقتدى بشريعته آصارا وآثاما وكفر عمن صدقه في دعوته إيجابا لشفاعته ذنوبا وأجراما صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما أساغ طاعم طعاما واستعذب ظمآن شرابا وألتذ مسهد مناما

أما بعد فإن الله سبحانه خص من بريته بنبوته أقواما وجعلهم على خليقته في الدعاء إلى شريعته قواما وأحكم ما شرع لهم من الدين القويم أحكاما وجعل لكل نبي منهم بالقسطاس المستقيم شرعة وأحكاما وفرض على الأنام الإقتداء بهداهم وشرعتهم إلزاما والإقتفاء بنهجهم فيما نهجوه لهم نقضا وإبراما وإصطفى منهم محمدا وجعله للنبيين كلهم ختاما ونصبه للمتقين إماما وإختار له ملة أبيه إبراهيم وسماعها إسلاما وأوجب على الخلق طاعته انقيادا له واستسلاما فجلا بنور فجره من غياهب الشرك ظلاما وأذهب بيقين برهانه من سباسب الشك قتاما وأسبغ به على كافة المسلمين نعمته برا بهم وانعاما حتى أوضح لهم ما أباح حلالا وما حظر حراما فصلى الله عليه وعليهم صلوات تزداد على ممر الأوقات دواما ولقاهم يوم يلقونه في الفردوس تحية وسلاما وجزاهم الجنة بما صبروا فكم تحملوا في طاعته ممن خالفهم متاعب وآلاما وأحلهم دار المقامة بفضله وحسنت مستقرا ومقاما ثم أن الله وله الحمد اكمل دينه وأتمه إتماما ونصب له من العلماء به ائمة يقتدى بهم وأعلاما وآتاهم بصائر نافذة عند الشبهات ورزقهم أفهاما فانتدبوا التبصير المستبصرين حين أصبحوا متحيرين إيضاحا وإفهاما لما همى سحاب الباطل وهطل بعدما صار ركاما وقام سوق البدع عند ولاة المسلمين في الخافقين قياما وحاد أهل الإعتزال عن سنن الإعتدال جرأة منهم على رد السنن وإقداما فنفوا عن الرب سبحانه ما أثبت لنفسه من صفاته فلم يثبتوا صفة ولا كلاما وتمادى أهل التشبيه في طرق التمويه

وأحجموا عن الحق إحجاما فشبهوا ربهم حتى توهموه جسما يقبل تحيزا وإفتراقا وإنضماما وغلوا في إثبات كلامه حتى حسبوه يحتمل بجهلهم تجزيا وإنقساما وظنوا إسم الله القديم ألفا وهاء تتلو لاما ولاما فامتعض العلماء من المثبتين من تفاوت مذهبيهم واعتصموا بالسنة اعتصاما وألجموا العوام عن الخوض في علم الكلام خوف العثار إلجاما فكان الأشعرى رحمة الله عليه ورضوانه أشدهم بذلك إهتماما وألدهم لمن حاول الإلحاد في أسماء الله وصفاته خصاما وأمدهم سنانا لمن عاند السنة وأحدهم حساما وأمضاهم جنانا عند وقوع المحنة وأصعبهم مراما ألزم الحجة لمن خالف السنة والمحجة إلزاما فلم يسرف في التعطيل ولم يغل في التشبيه وابتغى بين ذلك قواما وألهمه الله نصرة السنة بحجج العقول حتى انتظم شمل أهلها به إنتظاما وقسم الموجودات من المحدثات أعراضا وجواهر وأجساما وأثبتت لله سبحانه ما أثبته لنفسه من السماء والصفات إعظاما ونفى عنه ما لا يليق بجلاله من شبه خلقه إجلالا له وإكراما و نزهه عن سمات الحدث تغيرا وانتقالا وإدبارا وإقبالا وأعضاء وأجراما وائتم به من وفقه الله إتباع الحق في التمسك بالسنة إئتماما فلما انتقم من أصناف أهل البدع بايضاح الحجج والأدلة انتقاما ووجدوه لدى الحجاج في تبيين الإحتجاج عليهم فيما إبتدعوه هماما قالوا فيه حسدا من البهتان ما لا يجوز لمسلم ان ينطق

به إستعظاما وقذفوه بنحو ما قذفت به اليهود عبد الله بن سلام وأباه سلاما فلم ينقصوه بذلك عند أهل التحقيق بل زادوه بما قالوا فيه تماما ومدحوه بنفس ذمهم وقد قيل في المثل لن تعدم الحسناء ذاما وقلما إنفك عصر من الأعصار من غاو يقدح في الدين ويغوي إبهاما وغاو يجرح بلسانه أئمة المسلمين ويعوي إيهاما ويستزل من العامة طوائف جهالا وزعانف اغتاما ويحمل بجهله على سب العلماء والتشنيع عليهم سفهاء طغاما لكن العلماء إذا سمعوا بمكرهم عدوه منهم عراما وإذا ما مروا بلغوهم في الكبار من الأئمة مروا كراما وإذا خاطبهم الجاهلون منهم قالوا لهم سلاما ولن يعبأ الله بتقولهم فيه وتكذيبهم عليه فسوف يكون لزاما ولولا سؤال من رأيت لحق سؤاله اياي ذماما فألزمت نفسي امتثال ما أشار به علي إحتراما لصدفت عن ذكر وقيعة ذوي الجهل في الأئمة احتشاما لكني اغتنمت الثواب في إيضاح الصواب في علو مرتبته اغتناما ومع ما عرف من تشنيعهم فأصحاب الحق بحمد الله قد أصبحوا على أعدائهم ظاهرين ولمن تأواهم من أصحاب البدع ممن خالفهم في جميع البلاد قاهرين وعلى الإنتقام ممن يظهر لهم العداوة للعناد قادرين وكيف لا يكونون كذلك والله مولاهم وناصرهم وهو

خير الناصرين وقدر أبي الحسن رحمة الله عليه عما يرمونه به أعلى وذكر فضائله والترحم عليه من الإنتقاص له عند العلماء أولى ومحله عند فقهاء الأمصار في جميع الأقطار مشهور وهو بالتبريز على من عاصره من أهل صناعته في العلم مذكور موصوف بالدين والرجاجة والنبل ومعروف بشرف الأبوة والأصل وكلامه في حدث العالم ميراث له عن آبائه وأجداده وتلك رتبة ورثها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه لأولاده وتصانيفه بين أهل العلم مشهورة معروفة وبالإجادة والإصابة للتحقيق عند المحققين موصوفة ومن وقف على كتابه المسمى بالإبانة عرف موضعه من العلم والديانة ومن عرف كتابه الذي ألفه في تفسير

القرآن والرد على من خالف البيان من أهل الإفك والبهتان علم كونه من ذوي الأتباع والإستقامة وإستحقاقه التقدم في الفضل والإمامة وسأذكرها ما حضرني من ذكره وأبين ما وقع إلي من أمره راغبا إلى الله في إيضاح التحقيق وطالبا منه المعونة والتوفيق وهو جدير بتحقيق الرجاء قدير على إستجابة الدعاء وهو حسبنا ونعم الوكيل وعليه في كل ملم مؤلم التعويل وأعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم والتناول لأعراضهم بالزور والإفتراء مرتع وخيم والإختلاق على من إختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم والإقتداء بما مدح الله به قول المتبعين من الإستغفار لمن سبقهم وصف كريم إذ قال مثنيا عليهم في كتابه وهو بمكارم الأخلاق وصدها عليم والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم والإرتكاب لنهي النبي صلى

الله عليه وسلم عن لإغتياب وسب الأموات جسيم فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وقد روي عنه فيمن كتم ما عنده من العلم عند لعن آخر هذه الأمة أو لها ماله من الوزر والإثم وذلك فيما أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن المسلم السلمي بدمشق نا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الصوفي املاء أنا ابو بكر أحمد بن طلحة بن هرون المنقي نا محمد بن عبد الله الشافعي وأخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد بن علي الخطيب أنا أحمد بن محمد ابن رزق نا أبو سهل احمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال نا محمد بن الفرج الأزرق نا خلف بن تيم نا عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله وفي حديث السلمي أن النبي قال إذا لعنت آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمد تابعه سريج بن يونس ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة عن خلف ورواه غيره عن ابن السري فزاد في إسناده ثلاثة أنفس أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي ابن أحمد بن منصور الفقيه وأبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد بدمشق قالانا وأبو النجم الشيحي ببغداد قال أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ أنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الأصفهاني بها قال نا سليمان بن أحمد الطبراني نا أحمد بن خليل الحلبي قال نا عبد الله بن السري الأنطاكي نا سعيد بن زكريا الميداني عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد

ابن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمد وهكذا رواه أبو هرون موسى بن العنعمان المصري عن عبد الله ابن السري أخبرناه أبو الحسن بن قبيس قال نا وأبو النجم التاجر قال أنا أبو بكر الخطيب قال نا ابن رزق أنا أبو اسماعيل بن زياد حدثني أبو عبد الله محمد بن يوسف بن بشر الهروي نا موسى بن النعمان المصري أبو هرون نا عبد الله بن السري بأنطاكية قال نا سعيد بن زكريا المدايني عن عنبسة ابن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله إذا لعنت آخر هذه الأمة أولها ثم ذكر الحديث واخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباسي العلوي الخطيب بدمشق نا أبو الحسن محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن ابي نصر التميمي قال انا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم بن يوسف بن فارس بن سوار الميانجي واخبرنا الشيخ أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد المعدل الشحامي بنيسابور قال قرىء على أبي عثمان سعيد بن محمد بن حمدان الحيري وأنا حاضر قيل له أخبركم أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري قالانا محمد ابن اسحق بن إبراهيم الثقفي قال نا قتيبة بن سعيد قال نا عبيس بن ميمون عن عسل بن سفيان عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله من كتم علما ألجمه الله

عزوجل بلجام من نار لفظ حديث الميانجي أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور بن قبيس الغساني قال ونا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الواحد بن زريق الشيباني قال أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال أنا محمد بن أحمد بن رزق والحسن بن أبي بكر قالا نا عبد الله ابن اسحق البغوي ح قال أبو بكر وأخبرني هلال بن محمد الحفار نا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف قالا نا بشر بن موسى نا أبو عبد الله محمد بن الفرج بن فضالة عن أبيه الفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء قيل يارسول الله وما هي قال إذا كان المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه وأكرم الرجل مخافة شره وكان زعيم القوم أرذلهم وارتفعت الأصوات في المساجد وشرب الخمر ولبس الحرير واتخذوا القيان واتخذوا المعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فترقبوا عند ذلك ثلثا ريحا حمراء وخسفا ومسخا واللفظ لحديث ابن الصواف وأخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدويه الأصبهاني المعدل ببغداد أنا أبو الفضل محمد ابن الفضل بن محمد بن عبد الله الحلاوي الحافظ انا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ نا سليمان بن أحمد قال نا بكر بن سهل أنا موسى ابن محمد البلقاوي قال نا زيد بن المسور عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ما

أتى الله عالما علما إلا أخذ عليه الميثاق ألا يكتمه فالإقدام على الغيبة مع العلم بتحريمها امر كبير وما ورد في النهي عنه وعن سب الأموات كثير واستقصاء ذكره والرواية بطرقه وأسانيده عسير والسعيد من كف عن ذلك وكفاه عن ذكره اليسير أخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الأديب بأصبهان أنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد الثقفي الأديب أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن القري أنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي نا الحكم بن موسى بن محمد بن سلمة نا محمد ابن اسحق عن عمه موسى بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله من أكل من لحم اخيه في الدنيا قرب له لحمه في الآخرة فيقال له كله ميتا كما أكلته حيا قال فيأكله ويكلح ويصيح وأخبرنا الشيخ أبو الأعز قراتكين بن السعد بن المذكور الأزجي ببغداد قال أنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري أنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ الوراق قال نا محمد بن إبراهيم بن أبان السراج نا يحيى بن عبد الحميد الحمانى نا أبو بكر ابن عياش عن الأعمش عن سعيد بن عبد الله بن جريج عن أبي برزة رضي الله عنه قال قال رسول الله يا معشر من آمن بلسانه ولما يؤمن بقلبه لا تتبعوا عورات المسلمين ولا عثراتهم فإن من تتبع عثرات المسلمين تتبع الله عثرته ومن تتبع الله عثرته يفضحه وإن كان في بيته رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أسود بن عامر عن أبي بكر بن عياش وأخبرنا الشيخان أبو القسم اسماعيل

ابن أحمد بن عمر بن السمرقندي وأبو جعفر محمد بن علي بن محمد بن السماني الوكيل ببغداد قالا أنا أبو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني أنا عبيد الله بن محمد بن حبابة البزاز قال نا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي نا علي بن الجعد عن شعيبة عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي قال لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ولم يقل فيه علي أحبرناه رواه البخاري في الصحيح عن علي بن الجعد وهذا القدر في هذا المعنى كاف ولصدر من وفق للإنتفاع به شاف باب ذكر تسمية أبي الحسن الأشعري ونسبه والأمر الذي فارق عقد أهل الإعتزال بسببه أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي الفقيه بنيسابور قال أنا الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ قال رأيت في كتب أصحابنا أبو الحسن علي بن اسماعيل بن اسحاق بن سالم بن اسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري وأخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس بدمشق وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون المقري ببغداد قالا قال لنا الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ البغدادي علي بن اسماعيل بن أبي بشر وإسمه اسحق بن سالم بن اسماعيل بن عبد الله بن

موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى أبو الحسن الأشعري المتكلم صاحب الكتب و التصانيف في الرد على الملحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة والجهمية والخوارج وسائر أصناف المبتدعة وهو بصري سكن بغداد إلى أن توفى بها وكان يجلس أيام الجمعات في حلقة أبي اسحق المرزوي الفقيه من جامع المنصور وذكر الإمام أبو بكر بن فورك أن أباه هو ابو بشر اسماعيل بن اسحق وإنه كان سنيا جماعيا حديثيا اوصى عند وفاته إلى زكريا بن يحيى الساجي رحمه الله وهو إمام الفقيه والحديث وله كتب منها كتاب اختلاف الفقهاء وكان يذهب مذهب الشافعي وقد روى عنه الشيخ أبو الحسن الأشعري في كتاب التفسير أحاديث كثيرة يعني المساجي قلت والصحيح أن ابا بشر جده اسحق كما سبق وفي نسبة أصحابه أباه إلى ابي بشر تكذيب لأبي علي الأهوازي فيما إختلق فإنه زعم إنه غير صحيح النسب وإنه ما كنى عن إسم أبيه إلا لهذا السبب ولو كانت له بأسماء الرجال وأنسابهم عناية لفرق بين قولنا كنية وكناية وفي أطباق الناس على تسميته بالأشعري تكذيب لما قاله هذا المفتري وقد ورد عن الرسول المنتجب فيمن يطعن بغير علم في النسب ما أخبرنا الشيخ أبو القسم زاهر بن طاهر الشحامي انا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي انا أبو بكر ابن فورك أنا عبد الله بن جعفر نا يونس بن حبيب نا أبو داود نا شعبة والمسعودي عن علقمة بن مرثد الحضرمي عن أبي الربيع عن أبي هريرة عن النبي قال أربح من أمر الجاهلية لن يدعن

الناس الطعن في الأنساب والنياحة على الميت والإنواء والإعداء أجرب بعير فأجرب مائة فمن أجرب البعير الأول فأما نسب جده أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فأخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي أنا ابو الحسين أحمد بن محمد ابن أحمد بن النقور البزاز أنا ابو القسم عيسى بن علي بن عيسى الكاتب أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثني عمي يعني علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد قال أبو موسى عبد الله بن قيس من ولد الجماهر بن الأشعر بن أدد قال عبد الله وقال غير أبي عبيد عبد الله بن قيس ابن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن عتر بن بكر بن عامر بن عذر بن وائل بن ناجية بن الجماهير بن الأشعر وهو نبت بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبابن يشجب بن يعرب بن قحطان وأم ابي موسى ظبية بنت وهب بن عك كانت أسلمت وماتت بالمدينة وأخبرنا الشيخ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ابن أحمد الأنماطي الحافظ ببغداد قال انا ابو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون الباقلانيان وأخبرنا الشيخ أبو العز ثابت بن منصور بن المبارك الكيلي ببغداد أنا ابو طاهر أحمد ابن الحسن قالا أنا أبو الحسين محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن موسى ابن عمران الأصبهاني أنا ابو الحسين محمد بن أحمد بن اسحق أنا ابو حفص

عمر بن احمد بن اسحق الهوازي نا شباب خليفة بن خياط العصفري نا هشام بن الكلبي عن ابيه قال يقولون ولد قحطان المرعف وهو يعرب فولد يعرب يشجب فولد يشجب سبا وهو عامر فولد سبا كهلان فولد كهلان زيدا فولد زيد عريبا فولد عريب يشجب فولد يشجب بن عريب زيدا فولد زيد أدد بن زيد فولد أدد بن زيد نبتا وهو الأشعر قال شباب فمن الأشعريين أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن عتر بن بكر بن عامر بن عذر ابن وائل بن ناجية بن جماهر بن الأشعر بن أدد بن زيد ولي البصرة لعمر وعثمان رضي الله عنهما وله بها فتوح كثيرة وولي الكوفة وله بها دار وولد حضرة المسجد الجامع قال شباب ونا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال حدثني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال قحطان من ولد اسماعيل بن أبراهيم وبينه وبين اسماعيل ثلاثون أبا قال وقال أبي لم يزل قحطان يعرفون ذلك وينتسبون إليه حتى كان زمن الحجاج كذا قال والصواب ثلاثة آباء أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري ببغداد أنا ابو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري أنا ابو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزازنا أبو الحسن أحمد بن معروف ابن بشر الخشاب نا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الفهم الفقيه نا محمد بن سعد كاتب الواقدي قال إلى قحطان جماع اليمن فمن نسبه إلى اسماعيل بن إبراهيم قال قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن اسماعيل ابن إبراهيم صلى الله عليهما هكذا كان ينسبه هشام بن محمد بن السائب

الكلبي عن أبيه ويذكر عن أبيه إنه أدرك أهل النسب والعلم ينسبون قحطان إلى اسماعيل بن ابراهيم ومن نسبه إلى غير ذلك قال قحطان ابن فالغ بن عابر بن أرفخشذ بن سام بن نوح وأخبرنا الشيخ أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو أبو الحسين بن النقور أنا محمد بن عبد الرحمن المخلص أنا رضوان بن أحمد الصيدلاني نا أحمد بن عبد الجبار العطاردي نا يونس بن بكير عن ابن اسحق قال إبراهيم بن آذر وهو في التوراة تارخ بن ناحور بن أرغو بن سارخ بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن حنوخ بن يربن مهلاييل ابن قمعان بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام وقال عيرة قينان وقد أختلف في نسب إبراهيم عليه افضل السلام وقول ابن اسحق نكتفي به عن قول غيره من علماء الإسلام فأما سبب رجوع أبي الحسن عما كان عليه وتبريه مما كان يدعو إليه فأخبرني الشيخ أبو المظفر أحمد بن أبي العباس الحسن بن محمد البسطامي الشعيري ببسطام قال أنا جدي لأمي الشيخ الزاهد أبو الفضل محمد بن علي بن أحمد بن الحسين بن سهل السهلكي البسطامي قال سمعت محمد بن علي بن أحمد بن الحسين الواعظ رحمه الله يقول سمعت أحمد بن الحسين المتكلم قال سمعت بعض أصحابنا يقول إن الشيخ أبا الحسن رحمه الله لما تبحر في كلام الإعتزال وبلغ غاية كان يورد الأسئلة على أستاذيه في الدرس ولا يجد فيها جوابا شافيا فتحير في ذلك فحكى عنه إنه قال وقع في صدري في

بعض الليالي شيء مما كنت فيه من العقائد فقمت وصليت ركعتين وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق المستقيم ونمت فرأيت رسول الله في المنام فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر فقال رسول الله عليك بسنتي فانتبهت وعارضت مسائل الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار فأثبته ونبذت ما سواه ورائي ظهريا وذكر أبو القسم حجاج بن محمد الطرابلسي من أهل طرابلس المغرب قال سألت أبا بكر اسماعيل بن ابي محمد بن اسحق الأزدي القيراوني المعروف بإبن عزرة رحمه الله عن أبي الحسن الأشعري رحمه الله فقلت له قيل لي عنه إنه كان معتزليا وإنه لما رجع عن ذلك أبقى للمعتزلة نكتا لم ينقضها فقال لي الأشعري شيخنا وإمامنا ومن عليه معولنا قام على مذاهب المعتزلة أربعين سنة وكان لهم إماما ثم غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوما فبعد ذلك خرج إلى الجامع فصعد المنبر وقال معاشر الناس إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم يترجح عندي حق على باطل ولا باطل على حق فاستهديت الله تبارك وتعالى فهداني إلى إعتقاد ما أودعته في كتبي هذه وانخلعت من جميع ما كنت إعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا وإنخلع من ثوب كان عليه ورمى به ودفع الكتب إلى الناس فمنها كتاب اللمع وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة سماه بكتاب كشف الأسرار وهتك الأستار وغيرهما فلما قرأ تلك الكتب أهل الحديث والفقه من أهل السنة والجماعة أخذوا بما فيها وانتحلوه وإعتقدوا تقدمه وإتخذوه إماما حتى

نسب مذهبهم إليه قال لي أبو بكر فصار عند المعتزلة ككتابي أسلم وأظهر عوار ما تركه فهو اعدى الخلق إلى أهل الذمة وكذلك الأشعري أعدى الخلق إلى المعتزلة فهم يشنعون عليه من الأشانيع وينسبون إليه الأباطيل أخبرنا الشيخ ابو القسم بن أبي العباس بن أبي محمد بن آدم قال أنا جدي أبو محمد بن أبي نصر المقري قال سمعت الحسن بن علي بن إبراهيم الفارسي يقول سمعت أبا عبد الله الحمراني يقول لم نشعر يوم الجمعة وإذا بالأشعري قد طلع على منبر الجامع بالبصرة بعد صلاة الجمعة ومعه شريط شده في وسطه ثم قطعه وقال إشهدوا علي أني كنت على غير دين الإسلام وإني قد أسلمت الساعة وإني تائب مما كنت فيه من القول بالإعتزال ثم نزل الحمراني مجهول وذكر أبو عمر و عثمان بن أبي بكر بن حمود بن أحمد السفاقسي المغربي وكان فهما فاضلا لبيبا عاقلا وقدم دمشق وسمع منه شيوخ شيوخنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ وغيره قال سمعت الإمام أبا عبد الله الحسين بن محمد يقول سمعت غير واحد من أئمتنا يحكي كيف كان بدء رجوع الإمام المبرأ من الزيغ و التضليل أبي الحسن علي بن اسماعيل إنه قال بينا أنا نائم في العشر الأول من شهر رمضان رأيت المصطفى فقال يا علي أنصر المذاهب المروية عني فإنها الحق فلما إستيقظت دخل علي أمر عظيم ولم أزل مفكرا مهموما لرؤياي ولما أنا عليه من إيضاح الأدلة في خلاف ذلك حتى كان العشر الأوسط فرأيت النبي في المنام فقال لي ما فعلت فيما أمرتك

به فقلت يارسول الله وما عسى ان افعل وقد خرجت للمذاهب المروية عنك وجوها يحتملها الكلام واتبعت الأدلة الصحيحة التي يجوز إطلاقها على الباري تعالى فقال لي أنصر المذاهب المروية عني فإنها الحق فإستيقظت وأنا شديد الأسف والحزن فأجمعت على ترك الكلام وإتبعت الحديث وتلاوة القرآن فلما كانت ليلة سبع وعشرين وفي عادتنا بالبصرة أن يجتمع القراء وأهل العلم والفضل فيختمون القرآن في تلك الليلة مكثت فيهم على ما جرت عادتنا فأخذني من النعاس ما لم أتمالك معه أن قمت فلما وصلت إلى البيت نمت وبي من الأسف على ما فاتني من ختم تلك الليلة أمر عظيم فرأيت النبي فقال لي ما صنعت فيما أمرتك به فقلت قد تركت الكلام ولزمت كتاب الله وسنتك فقال لي انا أمرتك بترك الكلام إنما أمرتك بنصرة المذاهب المروية عني فإنها الحق فقلت يارسول الله كيف أدع مذهبا تصورت مسائله وعرفت أدلته منذ ثلاثين سنة لرؤية فقال لي لولا إني أعلم أن الله تعالى يمدك بمدد من عنده لما قمت عنك حتى أبين لك وجوهها وكانك تعد إتياني إليك هذا رؤيا أو رؤياي جبريل كانت رؤيا إنك لا تراني في هذا المعنى بعدها فجد فيه فإن الله سيمدك بمدد من عنده قال فإستيقظت وقلت ما بعد الحق إلا الضلال وأخذت في نصرة الأحاديث في الرؤية والشفاعة والنظر وغير ذلك فكان يأتيني شيء والله ما سمعته من خصم قط ولا رأيته في كتاب فعلمت إن ذلك من مدد الله تعالى الذي بشرني به رسول الله وقرأت فيما رواه الشيخ

الزاهد أبو محمد عبد القادر بن محمد الصدفي القيرواني المعروف بابن الخياط قال أنا الشيخ الفقيه أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي القيرواني قال نا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن حاتم الأزدي صاحب القاضي الجليل أبي بكر بن الباقلاني قال كان الشيخ أبو الحسن علي بن اسماعيل الأشعري رضوان الله عليه في الأصل معتزليا فحكى لنا أبو عبد الله الحسين المتكلم الرازي قال أنا أبو الحسن بن مهدي بطبرستان قال حكى لنا الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه قال كان الداعي إلى رجوعي عن الإعتزال وإلى النظر في أدلتهم وإستخراج فسادهم إني رأيت رسول الله في منامي في أول شهر رمضان فقال لي يا أبا الحسن كتبت الحديث فقالت بلى يارسول الله فقال أو ما كتبت أن الله تعالى يرى في الآخرة فقلت بلى يا رسول الله فقال لي فما الذي يمنعك من القول به قلت أدلة العقول منعتني فتأولت الأخبار فقال لي وما قامت أدلة العقول عندك على أن الله تعالى يرى في الآخرة فقلت بلى يارسول الله فإنما هي شبه فقال لي تأملها وأنظر فيها نظرا مستوفى فليست بشبه بل هي أدلة وغاب عني قال أبو الحسن فلما انتبهت فزعت فزعا شديدا وأخذت أتأمل ما قاله واستثبت فوجدت الأمر كما قال فقويت أدلة الإثبات في قلبي وضعفت أدلة النفي فسكت ولم أظهر للناس شيئا وكنت متحيرا في أمري فلما دخلنا في العشر الثاني من رمضان رأيته قد أقبل فقال يا أبا الحسن أي شيء عملت فيما قلت لك فقلت يارسول الله الأمر كما قلت

صلى الله عليك والقوة في جانب الإثبات فقال لي تأمل سائر المسائل وتذكر فيها فانتبهت فقمت وجمعت حميع ما كان بين يدي من الكتب الكلاميات وضبرتها ورفعتها واشتغلت بكتب الحديث وتفسير القرآن والعلوم الشرعية ومع هذا فإني كنت أتفكر في سائر المسائل لأمره اياي بذلك قال فلما دخلنا في العشر الثالث رأيته ليلة القدر فقال لي وهو كالحردان ما عملت فيما قلت لك فقلت يارسول الله أنا متفكر فيما قلت ولا أدع التفكر والبحث عليها إلا إني قد رفضت الكلام كله وأعرضت عنه وإشتغلت بعلوم الشريعة فقال لي مغضبا ومن الذي أمرك بذلك صنف وأنظر هذه الطريقة التي أمرتك بها فإنها ديني وهو الحق الذي جئت به وانتبهت قال لي أبو الحسن فأخذت في التصانيف والنصرة وأظهرت المذهب فهذا سبب رجوعه عن مذاهب المعتزلة إلى مذاهب أهل السنة والجماعة رحمة الله عليه ورضوانه فإن قيل كيف يبرأ من البدعة من كان رأسا فيها وهل يثبت لله الصفات من كان دهره ينفيها وهل رأيتم بدعيا رجع عن اعتقاد البدعة او حكم لمن أظهر الرجوع منها بصحة الرجعة وقد قيل ان توبة البدعي غير مقبولة وفيئته الى الحق بعد الضلال ليست بمأمولة وهب انا قلنا بقبول توبته اذا اظهرها افما ينقص ذلك من رتبته عند من خبرها قلنا هذا قول عري عن البرهان وقائله بعيد من التحقيق عند الإمتحان بل التوبة مقبولة من كل من تاب والعفو من الله مامول عن كل من أناب و الاحاديث التي رويت في ذلك غير قوية عند

أرباب النقل والقول بذلك مستحيل أيضا من طريق العقل فان البدعة لا تكون اعظم من الشرك ومن ادعى ذلك فهو من أهل الافك ومع ذلك فيقبل اسلام الكتابي والمرتد والكافر الاصلي فكيف يستحيل عندكم قبول توبة المبتدع الملي وقد قال الله تعالى إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء والبدعة إذا كشفت عن حقيقتها وجدتها دون الشرك مما هناك فاذا كان يقبل الرجوع عن الشرك الذي لا يغفره فكيف لا تقبل توبة مبتدع لا يشرك به ولا يكفره وأكثر العلماء من أهل التحقيق على القول بقبول توبة الزنديق مع ما ينطوي عليه إعتقاده الردئ من الخبث وما يعتقده من جحود الصانع وإنكار البعث والمبتدع لا يجحد الربوبية ولاينكر العظمة الآلهية وإنما يترك بعض ما يجب عليه أن يعتقده لشبه وقعت له فنكب فيها رشده وقد سمعنا بجماعة من الأئمة كانوا على أشياء رجعوا عنها وتركوها بعد ماسلكوها وتبرأوا منها فلم ينقصهم ما كانوا عليه من الإبتداع لما أقلعوا عنه ورجعوا الى الإتباع وقد كانوا أكثر الصحابة الكرام يدينون بعبادة الأوثان والأصنام ثم صاروا بعد سادة أهل الإسلام وقادة المسلمين في الأمور العظام وقد اخبرنا الشيخ أبو الأعز قراتكين بن الأسعد قال الحسن بن علي الجوهري انا ابو الحسن علي ابن عبد العزيز بن مردك انا ابو محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي قال اخبرني أبو عثمان الخوارزمي نزيل مكة فيما كتب الي قال قال أبو ثور كنت انا واسحق بن راهوية وحسين الكرابيسي وذكر جماعة من

العراقيين ما تركنا بدعتنا حتى رأينا الشافعي قال ابو عثمان وحدثنا ابو عبدالله الفسوي عن ابى ثور قال لما ورد الشافعي العراق جاءني حسين الكرابيسي وكان يختلف معي الى أصحاب الرأي فقال قد ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه فقم بنا نسخر به فقمت وذهبنا حتى دخلنا عليه فسأله الحسين عن مسألة فلم يزل الشافعي يقول قال الله وقال رسول الله حتى أظلم علينا البيت وتركنا بدعتنا واتبعناه باب ما روي عن النبي من بشارته بقدوم أبي موسى مناهل اليمن وإشارته إلى ما يظهر من علم أبي الحسن أخبرنا أبو عبد الله بن أبي مسعود الصاعدي أنبا أبو بكر أحمد بن الحسين الخسروجردي أبنا محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد

ابن يعقوب ثنا محمد بن اسحق ثنا عبد الله بن بكير ثنا حميد عن أنس قال قال رسول الله يقدم عليكم قوم هم أرق أفئدة منكم فلما دنوا من المدينة جعلوا يرتجزون غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه فقدم الأشعريون معهم أبو موسى اخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن علي بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيبانى ببغداد أنبا ابو على الحسن بن على بن محمد التميمي أنبأ أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل حدثني أبي رحمه الله ثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس قال قال رسول الله يقدم عليكم أقوام هم ارق منكم قلوبا قال فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى الأشعري فلما دنوا من المدينة كانوا يرتجزون يقولون غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه اسم ابن أبي عدي محمد بن إبراهيم بصري ثقة قال وثنا عبد الله بن أحمد قال ثنا أبي قال ثنا يحيى عن حميد ويزيد قال أنبأ حميد عن انس قال قال رسول الله يقدم عليكم أقوام أرق منكم أفئدة فقدم الأشعريون فيهم ابو موسى فجعلوا لما دنوا من المدينة يرتجزون غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه أخبرنا الشيخ أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم أبنأ أبو سعد محمد ابن عبد الرحمن أنبأ أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان وأخبرتنا الشريفة أم المجتبي فاطمة بنت ناصر بن الحسن الحسينية وأم البهاء فاطمة بنت محمد ابن احمد بن البغدادي بأصبهان قالتا أنبأ أبو القسم إبراهيم بن منصور سبط بحرويه أنبأ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقري قال أنبأ أبو يعلى

أحمد بن علي التميمي ثنا زهير بن حرب ثنا يزيد هو ابن هرون قال أنبأ وقال ابن حمدان ثنا حميد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال يقدم قوم هم أرق أفئدة منكم فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى فجعلوا يرتجزون يقولون غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه رواه أبو عبد الرحمن النسائي في سننه عن ابن مثنى عن خالد ابن الحارث عن حميد أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفقيه أنبأ أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف البزاز أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني الجوزقي أنبأ أبو حامد بن الشرقي ثنا محمد بن حيويه ثنا أبو اليمان أنبأ شعيب قال أنبأ أبو الزناد عن الأعرج عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله أتاكم أهل اليمن هم اضعف قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية ورأس الكفر نحو المشرق والفخر والخيلاء في الفدادين والخيلاء في أهل الخيل والإبل الفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم أخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال قال أنبأ أبو القسم إبراهيم بن منصور ابن إبراهيم السلمي أنبأ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي المقري أنبأ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ثنا أبو خثيمة ثنا جرير عن الأعمش عن ابي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله الإيمان يمان والحكمة يمانية أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة والين قلوبا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما فرواه مسلم عن أبي خثيمة أخبرناه أبو بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين الشيروي في

كتابه وحدثني أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمد الطبسي بنيسابور عنه قال أنبأ القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري وأخبرناه أبو عبد الله محمد بن الفضل أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسين أنبأ أبو عبد الله الحافظ قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو معوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق افئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية زاد الحيرى قال أبو معوية أراه قال رأس الكفر قبل المشرق أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن الحسن بن علي بن إبراهيم المقري ببغداد ثنا القاضي الشريف ابو الحسن محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله أنبأ أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شادان السكري الحربي قال ثنا ابو خبيب العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى ثنا اسمعيل ابن بنت البسري ثنا حسين بن عيسى عن معمر عن الزهري عن أبي حازم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينا رسول الله في المدينة إذ قال الله أكبر قد جاء نصر الله والفتح وجاء اهل اليمن قيل يارسول الله وما أهل اليمن قال قوم رقيقة قلوبهم لينة طاعتهم والإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية أخبرنا أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن حمد أنبأ أبو علي الحداد أنبأ أبو نعيم الحافظ ثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن عمرو القطراني ثنا سليمان بن حرب ح وأخبرنا أبو نعيم قال وثنا الغطريفي ثنا أبو خليفة قال نا الحوضي قالا ثنا

شعبة عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري قال لما نزلت فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال رسول الله هم قوم هذا وضرب بيده على ظهر أبي موسى الأشعري قال أبو نعيم رواه إدريس الأودي عن سماك أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الكريم ابن حمزة بن الخضر السلمي بدمشق ثنا ابو محمد عبد العزيز بن أحمد الحافظ أنبأ أبو القسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي ثنا ابي رحمه الله ثنا ابو بكر أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجعد الوشاء ببغداد ثنا أبو معمر اسمعيل بن إبراهيم القطيعي ثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى الأشعري قال قرئت عند النبي فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال هم قومك أهل اليمن أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد ابن الفضل الفقيه أنبا أبو بكر الخسر وجردي أنبأ أبو طاهر الفقيه أنبأ أبو عبد الله الصفار ثنا عبد الله بن احمد بن حنبل حدثني أبو معمر ثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى قال تليت عند النبي فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فقال لي رسول الله هم قومك ياأبا موسى أهل اليمن أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي أنبا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ قال أما بعد فإن بعض أئمة الأشعريين رضي الله عنهم ذاكرني بمتن الحديث الذي أخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال ثنا أبو العباس محمد بن

يعقوب ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا وهب بن جرير وأبو عامر العقدي قالا ثنا شعبة عن سماك وأخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين الشيروي في كتابه وحدثني أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمد بن أبي نصر الطبسي بنيسابور عنه قال أنبا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ثنا محمد ابن يعقوب ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا وهب عن شعبة قال وثنا إبراهيم ثنا ابو عامر عن شعبة عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري قال لما نزلت فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أومأ النبي إلى أبي موسى رضي الله عنه فقال هم قوم هذا قال البيهقي وذلك لما وجد فيه من الفضيلة الجليلة والمرتبة الشريفة للإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه فهو من قوم أبي موسى وأولاده الذين أوتوا العلم ورزقوا الفهم مخصوصا من بينهم بتقوية السنة وقمع البدعة بإظهار الحجة ورد الشبهة والأشبه أن يكون رسول الله صلى عليه وسلم إنما جعل قوم أبي موسى من قوم يحبهم الله ويحبونه لما علم من صحة دينهم وعرف من قوة يقينهم فمن نحا في علم الأصول نحوهم وتبع في نفي التشبيه مع ملازمة الكتاب والسنة قولهم جعل من جملتهم وعد من حسابهم بمشيئة الله وإذنه أعاننا الله تعالى على ذلك بمنه وختم لنا بالسعادة والشهادة بجوده وليعلم المنصف من أصحابنا صنع الله تعالى في تقديم هذا الأصل الشريف لما ذخر لعباده من هذا الفرع المنيف الذي أحيا به السنة وأمات به البدعة وجعله خلف حق السلف صدق أخبرنا أبو الفتح محمد بن علي بن عبد الله المصري وأبو بكر ناصر بن أبي العباس بن

علي الصيدلاني بهراة قالا أنبأ محمد بن عبد العزيز الفارسي انبأ عبد الرحمن ابن أحمد بن ابي شريح قال نا يحيى بن محمد بن صاعد ثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبد الله بن إدريس عن ليث عن مجاهد في قوله عزوجل فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال قوم سبأ والأشعريون قوم من سبأ وأكرم بذلك اصلا ونسبا أخبرنا الشيخان أبو القسم عبد الملك بن عبد الله بن داود المغربي وأبو غالب محمد بن الحسن بن علي البصري الماوردي ببغداد قالا أنبأ أبو علي علي بن احمد بن علي التستري بالبصرة ثنا القاضي الشريف أبو عمر القسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ثنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي ثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني في كتاب السنن قال ثنا سليمان بن داود المهري أنبا ابن وهب اخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله قال إن الله عزوجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها قال أبو داود رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يخبر به شراحيل أخبرناه الشيخ أبو القسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي انا أبو القسم اسماعيل بن مسعدة الجرجاني ببغداد أنا أبو القسم حمزة بن يوسف السهمي أنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني انا العباس بن محمد بن العباس البصري والقسم بن عبد الله بن مهدي نا حميم قالا نا عمرو بن سواد السرحي ح قال أبو أحمد بن عدي ونا يحيى بن محمد بن يحيى بن

أخي حرملة بن يحيى نا عمي حرملة بن يحيى ح قال أبو أحمد وأنا محمد بن هرون بن حسان ومحمد بن علي بن الحسين قالا نا أحمد بن عبد الرحمن ابن وهب قالوا ثنا ابن وهب قال حدثني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله قال إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها قال محمد بن علي بن الحسين سمعت أصحابنا يقولون كان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وفي المائة الثانية محمد بن إدريس الشافعي رحمة الله عليهما أخبرنا الشيخ أبو المعالي محمد بن اسماعيل بن محمد بن الحسين الفارسي بنيسابور أنا ابو بكر احمد بن الحسين بن علي البيهقي أنا ابو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي نا ابو عبد الله محمد بن العباس العصمي نا أبو اسحق احمد بن محمد بن ياسين الهروي قال سمعت إبراهيم ابن اسحاق الأنصاري يقول سمعت المروروذي صاحب أحمد بن حنبل يقول قال أحمد إذا سألت عن مسألة لا أعلم فيها خبرا قلت فيها يقول الشافعي لأنه إمام عالم من قريش وروي عن النبي إنه قال عالم قريش يملأ الأرض علما وذكر في الخبر أن الله يقيض في رأس كل مائة سنة رجلا يعلم الناس دينهم وروى احمد بن حنبل ذلك عن النبي قال احمد بن حنبل فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وفي المائة الثانية الشافعي قال أبو عبد الله وأنا أدعو للشافعي منذ أربعين سنة في صلاتي أخبرنا الشيخ

أبو المظفر أحمد بن الحسين القومسي بها أنا جدي لأمي أبو الفضل محمد بن علي بن أحمد السهلكي قال حكى الفقيه الصالح الثقة أبو عمر ويعني محمد بن عبد الله الأديب الرزجاهي قتل سمعت الأستاذ الإمام أبا سهل الصعلوكي أم الشيخ الإمام أبا بكر الإسمعيلي ذكر واحدا والشك مني يقول اعاد الله تعالى هذا الدين بعد ما ذهب يعني أكثره بأحمد بن حنبل وأبي الحسن الأشعري وأبي نعيم الاسترابادي وسمعت الشيخ الإمام أبا الحسن علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح بن علي السلمي على كرسيه بجامع دمشق يقول وذكر حديث أبي علقمة هذا فقال كان على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وكان على رأس المائة الثانية محمد بن إدريس الشافعي وكان على رأس المائة الثالثة الأشعري وكان على رأس المائة الرابعة ابن الباقلاني وكان على رأس المائة الخامسة أمير المؤمنين المسترشد بالله وعندي أن الذي كان على رأس الخمس مائة الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي الفقيه لأنه كان عالما عاملا فقيها فاضلا أصوليا كاملا مصنفا عاقلا انتشر ذكره بالعلم في الآفاق وبرز على من عاصره بخراسان والشام والعراق وذكر غير الفقيه أبي الحسن أن أبا العباس أحمد بن عمر بن سريج الفقيه هو الذي كان على رأس الثلثمائة وأن ابا الطيب سهل بن محمد بن سليمان الصعلوكي النيسابوري هو الذي كان على رأس الأربعمائة وقول من قال إنه ابو الحسن الأشعري أصوب لأن قيامه بنصرة السنة إلى تجديد الدين أقرب فهو الذي انتدب للرد على المعتزلة وسائر أصناف المبتدعة

المضللة وحالته في ذلك مشتهرة وكتبه في الرد عليهم منتشرة فأما ابو العباس بن سريج فكان فقيها مضطلعا بعلم اصول الفقه وفروعه نبيها وقول من قال ان القاضي أبا بكر محمد بن الطيب الباقلاني هو الذي كان على رأس الأربعمائة أولى من القول الثاني لإنه أشهر من أبي الطيب الصعلوكي مكانا وأعلى في رتب القوم شأنا وذكره أكبر من أن ينكر وقدره أظهر من أن يستر وتصانيفه أشهر من أن تشهر وتواليفه أكثر من أن تذكر فاما أبو الطيب رحمه الله فإنما اشتهر ذكره ببلده وكانت رياسة لأصحاب الشافعي له بنيسابور ولوالده ولولده وكان أبوه أبو سهل محمد بن سليمان رحمه الله ذا محل خطير وذكره فيما بين أهل العلم بخراسان كبير لم يزل هو وولده وولد ولده يظهرون مذهب الأشعرية ويجاهدون اهل البدع بنيسابور من المعتزلة والرافضة والكرامية وما تقدم من قوله في مدح الأشعري مما رواه عنه ابو عمرو الرزجاهي يدل على كذب أبي علي الأهوازي فيما حكى عنه إذ رماه بإحدى الدواهي مع ما اشتهر عنه بخراسان من الذب عن أهل التوحيد وتنزيه الرب عزوجل عن التشبيه والتحديد مقتديا بالأشعري وسالكا طريقه مقتفيا في علم الأصول نهجه وتحقيقه فأما أبو نعيم الاسترأباذي فهو عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الفقيه قال لنا أبو الحسين علي بن أحمد ابن منصور الغساني بدمشق وابو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد بن زريق الشيباني ببغداد قال لنا أبو بكر احمد بن علي بن ثابت الخطيب إنه كان أحد أئمة المسلمين ومن الحفاظ في الشرائع والدين

مع صدق وتورع وضبط وتيقظ سافر الكثير وكتب بالعراق والحجاز والشام ومصر ومات حدود سنة عشرين وثلثمائة قلت وكان ينصر السنة بجرجان فأما عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس وكانت وفاته كما اخبرنا الشيخ أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد بن البناء ببغداد قال أنا ابو الحسين محمد بن احمد بن محمد بن علي بن الآبنوسي انا ابو القسم عبد الله بن عثمان بن يحيى بن خبيق الدقاق أنا أبو محمد اسمعيل بن علي بن اسماعيل الخطبي قال أخبرني محمد ابن موسى بن حماد البربري عن محمد بن أبي السري أن عمر بن عبد العزيز توفي لأربع ليال يعني من رجب سنة إحدى ومائة وهو ابن تسع وثلاثين سنة ونصف قال ابن أبي السري قال العمري توفي يوم الجمعة لخمس ليال بقين من رجب وقبره بدير سمعان وكانت ولايته سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام وأما الشافعي فكانت وفاته فيما اخبرنا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم السلمي أنا ابو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن طلاب الخطيب بدمشق أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن ابي الحديد السلمي انا ابو بكر محمد بن بشر الزبيري العكري بمصر قال سمعت الربيع بن سليمان يقول مات الشافعي في سنة أربع ومائتين في آخر رجب وأما وفاة أبي الحسن الأشعري فأخبرنا الشيخان أبو الحسن علي ابن أحمد المالكي وابو منصور محمد بن عبد الملك المقري قالا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ذكر لي أبو القسم عبد الواحد بن علي الأسدي

إن الأشعري مات ببغداد بعد سنة عشرين وقبل سنة ثلاثين وثلثمائة ودفن في مشرع الزوايا في تربة إلى جانبها مسجد وبالقرب منها حمام وهي عن يسار المار من السوق إلى دجلة وذكر أبو محمد علي بن أحمد ابن سعيد بن حزم الأندلسي أن ابا الحسن الأشعري مات سنة أربع وعشرين وثلثمائة وقال بعض العصريين مات سنة نيف وثلاثين وثلثمائة وهذا القول الأخير لاأراه صحيحا والأصح إنه مات سنة اربع وعشرين وكذلك ذكر أبو بكر بن فورك فيكون التاريخ سنة ثلثمائة لرجوعه إلى مذهب اهل السنة لا للوقت الذي فيه هلك وكان رجوعه في حياة الجبائي أبي علي وجداله إياه بعد رجوعه من الأمر الجلي وكانت وفاة الجبائي كما ذكر بعض أهل الإتقان في سنة ثلاث وثلثمائة في شعبان وأما وفاة القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني فأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه نا ابو بكر أحمد بن علي الحافظ قال حدثني علي بن أبي علي المعدل قال مات القاضي أبو بكر محمد بن الطيب في يوم السبت لسبع بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة وأما وفاة أبي حامد الغزالي فكتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي من نيسابور يذكر إنه مضى إلى رحمة الله يوم الإثنين الرابع عشر من جمادي الآخرة سنة خمس وخمسمائة

باب ذكر ما رزق أبو الحسن رحمه الله من شرف الأصل وما ورد في تنبيه ذوي الفهم على كبر محله في الفضل أخبرنا الشيخان أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوزان قالا أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي أنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان واخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال أنا إبراهيم بن منصور الخباز أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي المقري قالا أنا أحمد بن علي بن المثنى التميمي نا ابو كريب نا ابو أسامة بن بريد عن جده عن أبي موسى وأخبرنا الشيوخ أبو بكر محمد بن الحسين بن علي المرزوقي وأبو محمد يحيى بن علي بن محمد بن علي بن الطراح المدير وأبو منصور عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الواحد بن زريق ببغداد وابو يعقوب يوسف بن أيوب بن الحسين بن وهرة الهمداني الواعظ بمرو قالوا أنا الشريف أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون الهاشمي أنا ابو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني الحافظ حدثنا القاضي الحسين بن اسماعيل وأحمد بن علي بن العلاء قالا نا يوسف بن موسى نا أبو اسامة حدثني بريد بن عبد الله بن ابي بردة عن جده أبي بردة عن ابي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم إقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية

فهم مني وأنا منهم أخبرناه أبو عبد الله الفراوي أخبرنا أبو بكر احمد ابن منصور القيرواني أنا ابو بكر محمد بن عبد الله الشيباني أنا ابو العباس الدغولي نا محمد بن سليمان القيراطي نا أبو أسامة نا بريد بن عبد الله بن ابي بردة قال ح وأخبرنا محمد بن الحسن بن اسحق نا عبد الله بن محمد بن شاكر نا ابو اسامة نا بريد بن عبد الله عن جده أبي بردة عن ابي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما عندهم في آنية واحدة ثم إقتسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن أبي كريب أخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن الحصين أنا ابو علي الحسن بن علي بن محمد الواعظ أنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل أبي نا وهب بن جرير نا ابي قال سمعت عبد الله بن ملاذ يحدث عن نمير بن أوس عن مالك بن مسروح عن عامر بن أبي عامر الأشعري عن ابيه عن النبي قال نعم الحي الأسد والأشعريون لا يفرون في القتال ولا يغلون هم مني وأنا منهم قال عامر فحدثت به معاوية فقال ليس هكذا قال رسول الله ولكنه قال هم مني وإلي فقلت ليس هكذا حدثني أبي عن النبي ولكنه قال هم مني وأنا منهم قال فأنت إذن أعلم بحديث أبيك قال عبد الله بن احمد هذا من أجود الحديث ما رواه إلا جرير أخبرناه الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد

الرباطي أنا أحمد بن الحسين بن علي الخسروجردي انا أحمد بن موسى نا محمد بن يعقوب نا يحيى بن أبي طالب أنا وهب بن جرير نا ابي قال سمعت عبد الله بن ملاذ الأشعري عن نمير بن اوس عن مالك بن مسروح عن عامر بن ابي عامر الأشعري عن أبيه عن النبي قال نعم الحي الأزد والأشعريون لا يفرون في القتال ولا يغلون هم مني وأنا منهم قال عامر فحدثت به معوية فقال ليس هكذا قال رسول الله إنما قال مني وإلي فقلت ليس هكذا حدثني أبي ولكن حدثني أبي عن النبي إنه قال هم مني وأنا منهم قال فأنت إذن أعلم بحديث أبيك وأخبرناه الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد الحافظ أنا أحمد بن محمد بن احمد البزاز أنا عيسى بن علي ابن الجراح أنا عبد الله بن محمد الوراق نا يعقوب بن إبراهيم الدورقي وعلي بن مسلم وأحمد بن محمد القطان واللفظ ليعقوب قال حدثنا وهب ابن جرير نا ابي قال سمعت عبد الله بن ملاذ الأشعري يحدث عن نمير ابن اوس عن مالك بن مسروح عن عامر بن أبي عامر الأشعري عن أبيه أبي عامر عن النبي قال نعم الحي الأسد والأشعريون لا يفرون في القتال ولا يغلون هم مني وأنا منهم قال عامر فحدثت به معوية فقال ليس هكذا قال رسول الله قال هم مني وإلي فقلت ليس هكذا حدثني أبي ولكنه حدثني عن النبي إنه قال هم مني وأنا منهم قال فأنت أعلم بحديث أبيك رواه أبو عيسى الترمذي عن إبراهيم بن يعقوب

الجوزجاني عن وهب بن جرير أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن المسلم ابن محمد بن علي بن الفتح بن علي السلمي الفقيه بدمشق أنا القاضي أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السلمي الخطيب انا أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين بن السمسار أنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان نا ابو عبد الرحمن زكريا بن يحيى يعني السجزي خياط السنة نا هشام بن عمار نا الوليد بن مسلم نا عبد الله بن العلاء يعني ابن زبر قال سمعت نمير بن اوس يقول قال رسول الله الأزد والأشعريون مني وأنا منهم لا يغلون ولا يجبنون هذا مرسل ونمير بن أوس قاضي دمشق من التابعين وفيما مضى من المسند كفاية أخبرنا الشيخان أبو عبد الله محمد بن الفضل وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم قالا أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن أنا ابو عمرو بن حمدان ح وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الأديب أنا أبو القسم إبراهيم بن منصور السلمي أنا محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان قالا أنا أبو يعلى الموصلي أبو كريب نا ابو أسامة بن بريد عن أبي بردة عن ابي موسى قال قال رسول الله إني لا أعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار وأعرف منازلهم من اصواتهم بالقرآن بالليل ومنهم حكيم إذا لقى الخيل أو قال العدو لهم إن أصحابي يأمرونكم أن تنتظروهم هذا حديث صحيح

متفق على صحته رواه البخاري ومسلم عن أبي كريب محمد بن العلاء بن كريب أخبرنا الشيخ أبو المظفر بن ابي القسم الصوفي أنا أبي أبو القسم أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري أنا أبو عوانة يعقوب بن اسحق الإسفرايني نا أحمد بن عبد الحميد الحارثي حدثنا أبو أسامة عن بريد عن ابي بردة عن أبي موسى عن النبي قال إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار وفيهم حكيم إذا لقي الخيل أو العدو قال لهم إن أصحابي يأمرونكم أن تنتظروهم أخبرنا الشيخان أبو بكر محمد بن الحسين بن علي بن المزروقي وأبو منصور المقرب بن الحسين بن الحسن النساج ببغداد قالا حدثنا القاضي الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن المهتدي بالله نا أبو حفص عمر بن أحمد ابن عثمان بن شاهين املاء قال نا عبد الله بن محمد البغوي نا عبيد الله ابن عمر القواريري نا يحيى بن أبي بردة نا ابي عن ابي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي قال إني لأعرف منازل الأشعريين بالليل وإن لم أكن رأيت منازلهم بالنهار لإصواتهم بالقرآن هم مني وأنا منهم لا يغلون ولا يجبنون كذا نسبة القواريري وإنما هو يحيى بن بريد بن أبي بردة كذلك نسبه محمد بن عقبة في روايته

عنه حدثنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ املاء بأصبهان أنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني أنا ابو بكر بن مردويه حدثني أحمد بن محمد بن سليمان المالكي نا الحسين بن علي بن حريش التستري حدثنا الحرث بن ابي الحرث نا يعلى بن عبيد عن أبي عمرو بن العلاء عن شهر بن حوشب قال قدم أبو عامر الأشعري رضي الله عنه على رسول الله في رهط من قومه فقال رسول الله صلى الله عليه إنه ليدلني على حسن إيمان الأشعريين حسن اصواتهم بالقرآن قال لنا اسماعيل الحسين بن علي بن حريش بالحاء غير المعجمة أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي انا ابو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنا محمد بن عبد الله الحافظ أنا ابو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك نا عبد الملك بن محمد الرقاشي نا وهب بن جرير وسعيد بن عامر قالا نا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت عياضا الأشعري رضي الله عنه يقول لما نزلت فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال رسول الله هم قومك ياأبا موسى وأومأ رسول الله بيده إلى ابي موسى الأشعري رضي الله عنه قال ابو عبد الله الحافظ هذا حديث صحيح أخبرناه الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم الخطيب وأبو الحسن علي بن أحمد الفقيه قالا نا وأبو منصور محمد بن عبد الملك المقري قال أنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب أنا ابو الحسن علي بن محمد بن محمد الطرازي بنيسابور انا أبو حامد أحمد بن علي حسنويه المقري أنا ابو جعفر الصائغ البغدادي وإسمه محمد بن اسماعيل

ابن سالم نا شبابة بن سوارنا شعبة عن سماك عن عياض الأشعري رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الاية فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أوما النبي إلى ابي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال هم قوم هذا قلت وكذا رواه ابو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو عن شعبة وكذلك المحفوظ عن عبد الله بن ادريس الأودي عن شعبة وأخبرناه أبو الفضل محمد بن اسماعيل الفضيلي انا ابو القسم أحمد بن محمد الخليلي أنا أبو القسم علي بن أحمد الخزاعي انا الهيثم ابن كليب الشاشي نا العسقلاني يعني عيسى بن أحمد أنا يزيد هو ابن هرون أنا شعبة بن الحجاج عن سماك بن حرب قال سمعت عياضا الأشعري يقول لما نزلت فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال رسول الله لأبي موسى رضي الله عنه هم قومك ياأبا موسى أو قال قوم هذا يعني أبا موسى وأخبرناه الشيخان أبو الفتح محمد بن علي بن عبد الله المقري الواعظ وأبو بكر ناصر بن أبي العباس بن علي الصيدلاني بهراة قالا أنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي أنا عبد الرحمن بن أحمد بن أبي شريح الأنصاري نا يحيى بن محمد بن صاعد نا ابو سعيد الأشج نا عبد الله بن إدريس عن شعبة عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله هم قوم هذا لأبي موسى رضي الله عنه وعياض هذا هو ابن عمرو الأشعري نسبه مختلف في صحبته وإلا ظهر أن له صحبة وقد أدرك عصر النبي لإنتفاء

الشكوك في إنه شهد في صدر خلافة عمر رضي الله عنه يوم اليرموك وقد ضمن بعض أصحاب شعبة أبا موسى إسناده ووصله بذكر أبي موسى فيه وإجازة أخبرناه الشيخ أبو عبد الله بي أبي مسعود الصاعدي أنا ابو بكر أحمد بن الحسين الحافظ أنا ابو عبد الله الحافظ في جمعه لأحاديث شعبة قال انا بكر بن محمد بن حمدان بمرو نا ابو قلابة نا عبد الصمد وأبو الوليد قالا نا شعبة عن سماك عن عياض الأشعري عن ابي موسى رضي الله عنه عن النبي قال لما نزلت فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال النبي هم قوم هذا يعني أبا موسى وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله أنا ابو بكر أنا ابو علي الروذباري نا ابو طاهر محمد بن الحسن المحمد آبادي نا ابو قلابة فذكره باسناد مثله وقال عن عياض عن ابي موسى عن النبي في قوله فسوف يأتي بقوم يحبهم ويحبونه قال هم قوم هذا يعني أبا موسى وهكذا رواه إدريس ابن يزيد الأودي عن سماك أخبرناه الشيخ أبو عبد الله الفراوي أنا أحمد بن الحسين البيهقي انا الأستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار نا عبد الله بن احمد بن حنبل حدثني أبو معمر قال البيهقي وأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان نا أحمد بن عبيد الصفار نا محمد بن عيسى نا ابو معمر نا عبد الله بن إدريس عن ابيه عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى رضي الله عنه قال تلوت عند النبي فسوف يأتي الله

بقوم يحبهم ويحبونه فقال لي رسول الله هم قومك يا أبا موسى أهل اليمن لفظ حديث الإسناد وليس في حديث أبي الحسن أهل اليمن أخبرنا أبو القسم زاهر بن طاهر المعدل أنا ابو بكر أحمد بن الحسين الحافظ أنا ابو عبد الله محمد بن عبد الله أنا ابو العباس محمد بن أحمد المحبوبي نا سعيد بن مسعود نا عبيد الله بن موسى نا شيبان عن الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين قال إني لجالس عند النبي إذ جاءه قوم من بني تميم فقال أقبلوا البشرى يابني تميم قالوا قد بشرتنا فأعطنا يارسول الله قال فدخل عليه اناس من أهل اليمن فقال إقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا قد قبلنا يا رسول الله جئنا لنتفقه في الدين ونسألك عن اول الأمر ما كان الله قال كان الله عزوجل ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شيء قال وأتاه رجل فقال يا عمران بن حصين راحلتك أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت في طلبها وإذا السراب ينقطع دونها وأيم الله لوددت إنها ذهبت وإني لم أقم وأخبرنا أبو القسم أنا ابو بكر ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا ابو بكر محمد بن هبة الله اللالكائي قالا أنا ابو الحسين بن الفضل القطان أنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان نا عمر بن حفص نا ابي نا الأعمش نا جامع بن شداد عن صفوان بن محرز إنه حدثه عن عمران بن الحصين قال دخلت على رسول الله فذكر

الحديث قال فيه قالوا جئناك نسألك عن هذا الأخر قال كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض أخرجه البخارري عن عمر بن حفص بن غياث أخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدويه المزكى أنا ابو الفضل عبد الرحمن بن احمد بن الحسن الرازي المقري بأصبهان نا أبو القسم جعفر بن عبد الله بن فناكي الرازي نا محمد بن هرون الروياني نا محمد بن اسحق نا معوية بن عمرو عن أبي اسحق الفزاري عن الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال اتيت رسول الله فعقلت ناقتي بالباب ثم دخلت فأتاه نفر من بني تميم فقال إقبلوا البشرى يابني تميم قالوا فبشرتنا فأعطنا فجاءه نفر من أهل اليمن فقال إقبلوا البشرى ياأهل اليمن إذ لم يقبلها إخوانكم من بني تميم قالوا قبلنا يارسول الله أتيناك لنتفقه في الدين ونسالك عن اول هذا الأمر كيف كان قال كان الله ولم يك شيء غيره وكان عرشه على الماء ثم كتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض قال ثم أتاني رجل فقال أدرك ناقتك قد ذهبت فخرجت فوجدتها ينقطع دونها السراب وأيم الله لوددت أني كنت تركتها قال لنا أبو عبد الله الفراوي قال أنا ابو بكر البيهقي في هذا الحديث أخرجه البخاري في الصحيح من أوجه عن الأعمش وأخرج أوله في باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن وفي سؤالهم دليل على أن الكلام في علم الأصول وحدث العالم ميراث لأولادهم عن

أجدادهم وقوله كان الله ولم يكن شيء غيره يدل على إنه لم يكن شيء غيره لا الماء ولا العرش ولا غيرهما فجميع ذلك غير الله تعالى وقوله وكان عرشه على الماء يعني ثم خلق الماء وخلق العرش على الماء ثم كتب في الذكر كل شيء لأخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم الشاهد وأم البهاء فاطمة بنت محمد قالا أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب نا محمد بن هرون الروياني نا ابو كريب نا ابو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن ابي موسى قال خرجنا من اليمن في بضع وخمسين رجلا من قومي أما قال اثنين وخمسين او ثلاثة وخمسين ونحن ثلاثة أخوة أبو موسى وأبو رهم وأبو عامر فأخرجتنا سفينتنا إلى النجاشي بأرض الحبشة وعنده جعفر بن أبي طالب وأصحابه فأقبلنا جميعا في سفينة إلى النبي حين افتتح خيبر فما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيء إلا لمن شهد معه إلا لجعفر وقال ابن سعدويه إلا جعفر وأصحابه أصحاب السفينة قسم لهم معهم وقال لكم الهجرة مرتين هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إلي رواه البخاري ومسلم عن أبي كريب أخبرنا الشيخ أبو الأعز قراتكين بن الأسعد أنا الحسن بن علي الجوهري أنا ابو حفص عمر بن محمد بن علي بن الزيات نا قاسم بن زكريا المطرز نا سعيد بن يحيى نا ابي نا طلحة بن يحيى حدثنا أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه قال خرجت إلى رسول الله في البحر حتى جئنا مكة وأخوتي معي أبو عامر بن قيس وابو رهم بن قيس ومحمد بن قيس وأبو بردة بن

قيس وخمسون من الأشعريين وستة من عك ثم هاجرنا في البحر حتى أتينا المدينة فكان رسول الله يقول للناس هجرة واحدة ولكم هجرتان لا يحفظ إنه كان لأبي موسى أخ يسمى محمدا إلا في هذا الحديث ويقال إنه غير محفوظ كتب إلى أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن إبراهيم بن الخطاب أنا ابو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي انا ابو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن بطة انا أبو القسم عبد الله بن محمد البغوي حدثني محمد بن اسحق أنا عثمان بن صالح حدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط أن رجلا من بني أدد اخبره عن رجل من قيس يقال له ابو يحيى قال قال رسول الله ألا اخبركم بخير قبائل العرب قالوا بلى يارسول الله قال السكون سكون كندة وإلا ملوك أملوك ردمان والسكاسك وفرق من الأشعريين وفرق من همدان يعني قبائل اليمن أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه عن ابي نعيم الحافظ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن مخلد الغزال حدثنا ابو العباس محمد بن علي بن الحسن نا محمد بن اسماعيل الصائغ نا عبد الله بن بريد المقري نا شرحبيل ابن شريك عن علي بن رباح قال قال رسول الله إن مثل الأشعريين في الناس كصرار المسك هذان مرسلان حدثني الشيخ أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن حمد المعدل بأصبهان أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد المقري وإجازة لي أبو علي قال أخبرنا أبو نعيم أحمد ابن عبد الله الحافظ نا سليمان بن أحمد الطبراني نا عمرو بن اسحق بن

إبراهيم بن العلاء بن زريق الحمصي نا ابو علقمة بن خزيمة بن جنادة ابن محفوظ بن علقمة أن اباه حدثه عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ ابن علقمة عن ابن عابد وإسمه عبد الرحمن قال نا أبو أمامة أن كعب ابن عاصم الأشعري حدث قال ابتعت قمحا أبيض ورسول الله حي فأتيت به اهلي فقالوا تركت القمح الأسمر الجيد وابتعت هذا والله لقد أنكحني رسول الله إياك وإنك لغيي اللسان ذميم الجسم ضعيف البطش فصنعت منه خبزة فأردت أن أدعو عليها اصحابي من الأشعريين أصحاب الصفة فقلت أتجشأ من الشبع واصحابي جياع فأتت رسول الله تشكو زوجها وقالت إنزعني من حيث وضعتني فأرسل إليه رسول الله يجمع بينهما فحدثه حديثها فقال رسول الله لم تنقمي منه شيئا غير هذا قالت لا قال فلعلك تريدين أن تختلعي منه فتكوني كجيفة الحمار أو تبتغين ذا جمة فينانة على كل جانب من قصبه شيطان قاعد ألا ترضين أني أنكحتك رجلا من نفر ما تطلع الشمس على نفر خير منهم قالت رضيت فقامت المرأة حتى قبلت رأس زوجها وقالت لا أفارق زوجي أبدا اخبرنا الشيخ أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد بن ماهان بأصبهان أنا ابو منصور شجاع ابن علي بن شجاع المصقلي أنا ابو عبد الله محمد بن اسحق بن محمد العبدي أنا ابو عمرو بن حكيم نا محمد بن مسلم بن وارة نا هشام بن عبيد الله الرازي عن بكير بن معروق عن مقاتل بن حيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن

ابن ابزي وأخبرنا يوسف أنا شجاع أنا أبو عبد الله قال وأنا سعيد بن عثمان المصري نا أحمد بن محمد بن بسطام المرزوي نا أحمد بن بكر المرزوي نا ابو وهب محمد بن مزاحم نا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن علقمة بن عبد الرحمن بن ابزي عن ابيه عن جده عن رسول الله إنه خطب الناس قائما فحمد الله وأثنى عليه وذكر طوائف من المسلمين فأثنى عليهم خيرا ثم قال ما بال اقوام لا يعلمون جيرانهم ولا يفقهونهم ولا يفطنونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم و لا يتفقهون و لا يتفطنون والذي نفسي بيده ليعلمن قوم جيرانهم وليفقهنهم وليفطننهم وليأمرنهم ولينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم وليتفقهن وليتفطنن او لأعاجلنهم بالعقوبة في دار الدنيا ثم نزل رسول الله فدخل بيته فقال أصحاب رسول الله بينهم من يعني بهذا الكلام قالوا ما نعلم يعني بهذا الكلام إلا الأشعريين إنهم فقهاء علماء ولهم جيران من أهل المياه جفاة جهلة فاجتمع جماعة من الأشعريين فدخلوا على النبي فقالوا قد ذكرت طوائف من المسلمين بخير وذكرتنا بشر فما بالنا فقال رسول الله لتعلمن جيرانكم ولتفقهنهم ولتفطننهم ولتأمرنهم ولينهونهم او لأعاجلنكم بالعقوبة في الدار الدنيا فقالوا يارسول الله اما إذا فأمهلنا سنة ففي سنة ما نعلمهم يتعلمون فأمهلهم سنة ثم قرأ رسول الله لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان

داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون فالأشعريون بالفقه في زمن رسول الله موصوفون وبالعلم عند الأعلام من الصحابة رضي الله عنهم معروفون وأشهرهم بالفقه والعلم في ذلك الزمن أبو موسى الأشعري جد الإمام أبي الحسن وكفاه بذلك عند العلماء شرفا وفضلا وماأسعد من كان ابو موسى له سلفا وأصلا فالفضل من ذلك الوجه أتاه وما ظلم من أشبه اباه فهذا بعض ما حضرني من فضل الأشعريين على العموم فأما ما ورد في فضل أبي موسى وولده خصوصا من الفضل المعلوم فأخبرنا الشيوخ أبو يعقوب يوسف بن أيوب الهمذاني بمرو وأبو بكر محمد بن الحسين الفرضي وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز وابو محمد يحيى بن علي ابن محمد مدير الحكم قالوا انا عبد الصمد بن علي بن محمد العباس انا علي ابن عمر بن أحمد الدارقطني نا أحمد بن علي بن العلاء نا يوسف بن موسى وأحمد بن محمد بن ابي السفر قالوا نا أبو أسامة عن بريد عن ابي بردة عن ابي موسى رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه وقال ابن أبي السفر نتعقبه قال فنقبت أقدامنا قال أبو موسى ونقبت قدماي وتشققت أظفاري فكنا نلف على ارجلنا الخرق قال ابو بردة فحدث أبو موسى بهذ الحديث ثم كره ذلك فقال ما كنت أصنع أن أذكر هذا الحديث قال كأنه كره أن يفشي شيئا من عمله وقال يوسف كأنه كره

أن يكون شيء من عمله أفشاه قال وزاد غير بريد والله يجزي به هذا لفظ يوسف يعني ابن موسى رواه البخاري ومسلم عن أبي بكير عن اسامة أخبرنا أبو القسم بن الحصين أنا ابو علي بن المذهب نا أبو بكر بن مالك نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا روح نا سعيد عن قتادة قال حدث أبو بردة عن عبد الله بن قيس عن ابيه قال قال أبي لو شهدتنا ونحن مع رسول الله إذا أصابتنا السماء حسبت أن ريحنا ريح الضأن إنما لباسنا الصوف وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد ابن الفضل الفراوي الفقيه أنا ابو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي انا ابو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي انا ابو العباس الدغولي نا محمد بن سليمان القيراطي نا ابو أسامة نا بريد بن عبد الله قال الجوزقي وأنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن اسحق الأصبهاني نا أبو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر نا ابو اسامة نا بريد بن عبد الله بن ابي بردة عن ابي بردة عن ابي موسى رضي الله عنه لما فرغ رسول الله من حنين بعث أبا عامر على الجيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة فقتل الله دريدا وهزم أصحابه قال ابو موسى وبعثني مع ابي عامر قال فرمى أبو عامر في ركبته رماه رجل من بني جشم بسهم فأثبته في ركبته فانتهيت إليه فقلت ياعم من رماك فأشار أبو عامر إلى ابي موسى فقال ذاك قاتلي يريد ذاك الذي رماني فأتيته وجعلت أقول له ألا تستحي ألست عربيا فكف فالتقيت أنا وهو ضربتين فضربته بالسيف فقتلته ثم رجعت إلى ابي عامر فقلت

له قد قتل الله صاحبك قال فأنزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماء فقال ياأخي انطلق إلى رسول الله فأقرئه مني السلام وقل له إنه يقول لك إستغفر لي قال واستحلفني أبو عامر على الناس قال فمكث يسيرا ثم إنه مات فلما رجعت إلى النبي دخلت عليه وهو في بيت على سرير مرمل وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهر رسول الله وجنبية فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر فقلت يقول لك إستغفر لى فدعا رسول الله بماء فتوضأ ثم رفع يديه وقال اللهم أغفر لعبيد أبي عامر حتى رأيت بياض إبطيه ثم قال اللهم إجعله يوم القيامة فوق كثير ممن خلقت أو من الناس فقلت ولي يارسول الله فاستغفر لي فقال اللهم اغفر لعبد الله ابن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما قال ابو بردة احداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى رواه البخاري ومسلم عن كريب عن ابي أساقة وفي هذا الحديث بشارة لأبي الحسن رحمه الله بدخوله في استغفار الرسول إذ فيه وفي غيره إشارة إلى ذلك لا تخفى على ذوي العقول فقد أخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن الحصين أنا ابو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان أنا محمد ابن عبد الله بن إبراهيم الشافعي حدثني أبو يحيى الزعفراني جعفر بن محمد بن الحسن نا الهيثم بن يمان أبو بشر نا اسماعيل بن زكريا عن مسعر عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة عن ابن لحذيفة عن حذيفة رضي الله عنه قال صلاة رسول الله تدرك الرجل وولده وولد ولده

ولعقبه وأخبرنا الشيخ أبو القسم بن الحصين أيضا أنا أبو علي الحسن بن علي التميمي أنا أحمد بن جعفر القطيعي نا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي نا وكيع نا ابو العميس عن ابي بكر بن عمرو بن عتبة عن ابن لحذيفة عن أبيه أن النبي كان إذا دعا لرجل أصابته وأصابت ولده وولد ولده وأخبرنا الشيخ ابو القسم أيضا أنا ابو علي بن المذهب انا ابو بكر بن مالك نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا أبو نعيم نا مسعر عن ابي بكر بن عمرو بن عتبة عن ابن حذيفة قال مسعر قد ذكره مرة عن حذيفة أن صلاة النبي صلى الله عيله وسلم لتدرك الرجل وولده وولد ولده أخبرنا الشيخ أبو القسم زاهر بن طاهر المستملي انا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكنجروذي أنا ابو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري أنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن أبي عون الراذاني نا جبارة بن مغلس نا قيس بن الربيع عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه حتى يلحقهم به وإن كانوا دونه في العمل ليقر بهم عينه ثم قرأ والذين آمنوا واتبعهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم إلى آخر الاية رواه سفيان الثوري عن عمرو بن مرة فوقفه أخبرناه الشيخ أبو عبد الله الفراوي أنا ابو بكر البيهقي انا ابو عبد الله الحافظ أنا محمد بن علي الصغاني بمكة نا اسحق بن إبراهيم بن عباد أنا و عبد الرزاق أنا الثوري عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن إبن عباس في قوله ألحقنا بهم ذريتهم قال

إن الله عزوجل يرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل ثم قرأ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما التناهم يقول ما نقصناهم قال البيهقي ورواه محمد بن بشر عن الثوري عن سماعة عن عمرو بن مرة وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل أنا ابو بكر أحمد بن الحسين أنا ابو زكريا بن أبي اسحق أنا أبو الحسن الطرائفي نا عثمان بن سعيد حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وان ليس للإنسان إلا ما سعى فأنزل الله سبحانه بعد هذا ألحقنا بهم ذريتهم بإيمان فأدخل الله عزوجل الأبناء بصلاح الآباء الجنة أخبرنا أبو القسم علي بن إبراهيم وأبو الحسن علي بن أحمد بن منصور قالا نا وابو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنا ابو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب انا محمد بن أحمد بن إبراهيم بن شادي يعني أبا الحسن الهمذاني في مسجد عبد الله بن المبارك بقطيعة الربيع نا ابو العباس الفضل بن العباس الكندي بهمذان أنا ابو يعلى الموصلي نا عبد الرحمن بن سلام نا فضيل بن عياض عن ليث عن مجاهد قال إن الله ليصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده أخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم الأصبهاني انا عبد الرحمن بن أحمد المقري أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب نا محمد ابن هرون الروياني نا العباس بن محمد نا عثمان بن عمر نا مالك بن مغول عن ابن بريدة عن بريدة رضي الله عنه قال خرجت ليلة إلى المسجد فإذا النبي قائم عند باب المسجد فإذا رجل في المسجد

يصلي قال فقال لى النبي يا بريدة أتراه يراني قال قلت الله ورسوله أعلم قال بل مؤمن منيب قال فصلى ثم قعد يدعو فقال اللهم إني أسألك أني اشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد قال فقال النبي يا بريدة والله لقد سأل الله باسمه الإعظم الذي إذا سئل به اعطى وإذا دعي به أجاب وإذا الرجل ابو موسى الأشعري رضي الله عنه هذا حديث حسن صحيح وابن بريدة هذا هو عبد الله بن بريدة أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد ابن الفضل الفقيه أنا ابو بكر أحمد بن منصور بن خلف أنا ابو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي أنا ابو العباس الدغولي نا محمد بن سليمان القيراطي نا ابو اسامة عن بريد بن عبد الله قال وأنا أبو بكر الجوزقي أنا ابو جعفر محمد بن الحسين بن اسحق الأصبهاني نا ابو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر نا ابو اسامة نا بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال كنت عند رسول الله وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة فأتى رسول الله رجل اعرابي فقال ألاتنجز لي يا محمد ما وعدتني فقال له رسول الله أبشر فقال الأعرابي أكثرت علي من البشرى فأقبل رسول الله على أبي موسى كهيئة الغضبان فقال إن هذا قد رد فأقبلا أنتما فقالا قبلنا يارسول الله فدعا رسول الله بقدح فغسل يديه ووجهه فيه

ومج فيه ثم قال إشربا منه وافرغا منه على وجوهكما ونحوركما وأبشرا فأخذا القدح ففعلا ما أمرهما به رسول الله فنادت أم سلمة من وراء الستر أفضلا لأمكما مما في إنائكما فأفضلا لها طائفة وسقط منه ذكر الرجل الآخر وهو بلال وكذلك أخرجه البخاري ومسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة وله طرق في التاريخ أخبرنا الشيخ أبو سهل بن سعدويه أنا عبد الرحمن ابن أحمد أنا جعفر بن عبد الله نا محمد بن هرون نا سلمة بن شبيب النيسابوري نا عبد الرزاق ابن عيينة عن مالك بن مغول عن بريدة عن ابيه قال سمع النبي صوت ابي موسى وهو يقرأ قال لقد أوتي أبو موسى من مزامير آل داود قال فحدثت به أبا موسى فقال أنت الآن لي صديق قال ثم قال أبو موسى لو علمت أن رسول الله يستمع قرائتي لحبرتها تحبيرا أخرجه مسلم من حديث مالك بن مغول أخبرنا المشايخ أبو سعد اسماعيل بن أحمد بن عبد الملك الفقيه الكرماني ببغداد وأبو القسم زاهر بن طاهر وأبو بكر محمد بن العباس بن أحمد الشقاني وأحمد بن سهل بن إبراهيم المسجدي وأبو عبد الله الحسين بن علي الدرعقيلي وأبو نصر محمد بن منصور أبي نصر الحرضي وابو سعيد مسعود بن ابي سعد بن أبي عبد الله الشعري وغيرهم بنيسابور وابو عمرو اسماعيل بن الحسين بن أبي عمرو سبط يعقوب الأديب النيسابوري بمرو قالوا أنا ابو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي نا أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد المخلدي أنا

أبو العباس محمد بن اسحق السراج نا اسحق بن إبراهيم الحنظلي انا عبد الرزاق نا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت سمع النبي قراءة أبي موسى الأشعري وهو يقرأ في المسجد فقال لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير داود هذا حديث حسن صحيح أخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني أنا ابو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمذاني أنا ابو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي نا عبد الله ابن أحمد بن حنبل نا ابي نا معتمر عن ابيه عن ابي عثمان قال ما سمعت مزمارا ولا طنبورا ولا صنجا أحسن من صوت أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كان ليصلي بنا فنود أنه قرأ البقرة من حسن صوته أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم الحسيني انا ابو الحسين محمد ابن عبد الرحمن بن محمد التميمى أنا ابو بكر يوسف بن القسم الميانجي ح وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل وأبو المظفر عبد المنعم ابن عبد الكريم النيسابوريان قالا أنا ابو سعد محمد بن عبد الرحمن ابن محمد الجنزرودي انا ابو عمر محمد بن أحمد بن حمدان الحيري ح واخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك أنا إبراهيم بن منصور السلمي أخبرنا أبو بكر بن المقري قالوا نا ابو يعلى الموصلي نا محمد بن عباد المكي نا سفيان عن عمرو سمعه عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أن النبي بعثه ومعاذا إلى اليمن فقال لهما بشرا ويسرا وعلما ولا تنفرا وأراه قال وتطاوعا الحديث أخبرنا

الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن الحصين أنا ابو علي الحسن بن علي بن المذهب أنا ابو بكر احمد بن جعفر بن حمدان نا عبد الله بن احمد بن حنبل حدثني أبي نا عبد الله بن نمير عن طلحة بن يحيى قال أخبرني أبو بردة عن ابي موسى رضي الله عنه أن رسول الله بعث معاذا وابا موسى إلى اليمن وأمرهما ان يعلما الناس القرآن رواه غيره عن طلحة بن يحيى فقال عن ابي بردة عن ابي موسى ومعاذ حين بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم أخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم المزكي أنا ابو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي المقري نا ابو القسم جعفر بن عبد الله بن فناكي الرازي نا ابو بكر محمد بن هرون الروياني نا محمد بن معمر نا محمد ابن بكر البرساني نا إياس بن دغفل نا سيار أبو الحكم عن سعيد بن أبي بردة عن ابي موسى أو عن أبي بردة عن ابي موسى رضي الله عنه قال اوصانا رسول الله حين بعثنا إلى اليمن أنا ومعاذا نعلمهم السنة قال فأوصانا حين أردنا نتوجه قال بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا في حديث ذكره أخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي أنا محمد ابن أحمد بن علي بن الحسن بن أبي 0 عثمان وابو طاهر أحمد بن محمد بن إبراهيم القصاري ح وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن القصاري أنا ابي قالا أنا ابو القسم اسماعيل بن الحسن ابن عبد الله الصرصري نا الحسين بن اسماعيل المحاملي نا الحسن بن محمد بن

الصباح نا محمد بن عبيد نا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال أتينا عليا رضي الله عنه فسألناه عن اصحاب محمد قال عن ايهم قلنا عن عبد الله قال علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى به علما قلنا ابو موسى قال صبغ في العلم صبغة ثم خرج منه قلنا حذيفة قال أعلم أصحاب محمد بالمنافقين قلنا عمار قال مؤمن نسي أن ذكرته ذكر قال أبو ذر قال وعى علما ثم عجز فيه قلنا سلمان قال أدرك العلم الأول والآخر بحر لا يدرك قعره منا أهل البيت قلنا أخبرنا عن نفسك ياأمير المؤمنين قال كنت إذا سألت أعطيت وإذا سكت أنتدبت أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ أنا محمد بن عبد الله الحافظ انا الحسين بن محمد بن اسحق أنا محمد بن أحمد بن البراء قال سمعت علي بن عبد الله المديني يقول كان يقال قضاة هذه الأمة أربعة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم قال علي وكان الفتيا في أصحاب رسول الله في ستة عمر وعلي وعبد الله وزيد وأبي موسى وأبي بن كعب رضي الله عنهم أخبرنا الشيخ أبو المعالي محمد بن اسماعيل الفارسي أنا ابو بكر أحمد بن الحسين البيهقي نا أبو عبد الله الحافظ حدثني علي بن حمشاد نا علي بن عبد العزيز نا أبو نعيم نا الحسن بن صالح عن مطرف عن الشعبي عن مسروق قال كان اصحاب القضاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه

وسلم ستة عمر وعلي وعبد الله وأبي زيد وأبو موسى رضي الله عنهم أخبرنا الشيخان أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن احمد بن البناء وأبو القسم بن السمرقندي قالا أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الخطيب أنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير الكناني نا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز نا أبو خيثمة نا عباد بن العوام عن الشيباني يعني أبا اسحق سليمان بن فيروز عن الشعبي قال كان يؤخذ العلم عن ستة من أصحاب رسول الله فكان عمر وعبد الله وزيد يشبه علمهم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وكان علي وأبي والأشعري يشبه علمهم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض قال فقلت له وكان الأشعري إلى هؤلاء قال كان أحد الفقهاء أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن المقري في كتابه إلى من أصبهان وحدثني الشيخ أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن حمد المعدل بأصبهان عنه انا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ نا محمد بن أحمد ابن الحسن نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة نا سعيد بن عمرو وهو الأشعثي أنا حاتم بن اسماعيل عن أسامة بن زيد عن صفوان بن سليم قال لم يكن يفتى في مسجد رسول الله زمن رسول الله غير هؤلاء القوم عمر وعلي ومعاذ وأبو موسى رضي الله عنهم أخبرنا الشيوخ أبو الفضل محمد بن اسماعيل بن الفضيل الفضيلي وأبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق بن زياد الحنفي وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي وابو بكر أحمد بن يحيى بن

الحسن الأذربيجاني بهراة قالوا انا ابو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي ببوشنج أنا ابو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي أنا ابو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي أنا ابو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي نا عبيد بن يعيش نا يونس عن صالح بن رستم المزني عن الحسن عن أبي موسى إنه قال حين قدم البصرة بعثني إليكم عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أعلمكم كتاب ربكم وسنة نبيكم وأنظف طرقكم قرأت على الشيخ أبي غالب أحمد بن الحسن المقري عن أبي اسحق إبراهيم بن عمر البرمكي الفقيه أنا ابو عمر محمد بن العباس الخزاز أنا ابو الحسن أحمد بن معروف الخشاب نا الحسين بن الفهم نا محمد ابن سعد أنا عارم بن الفضل نا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالشام أربعون رجلا ما منهم رجل كان يلي أمر الأمة إلا أجزأه فأرسل إليهم فجاء رهط منهم فيهم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال إني أرسلت إليكم لأرسلك إلى قوم عسكر الشيطان بين أظهرهم قال فلا ترسلني فقال إن بها جهادا وإن بها رباطا قال فأرسله إلى البصرة أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفقيه أنا ابو بكر أحمد بن الحسين البيهقي وأخبرنا أبو القسم ابن السمرقندي أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله الطبري قالا أنا محمد بن الحسين بن الفضل ببغداد أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب بن سفيان حدثنا سعيد بن أسد نا ضمرة عن ابن شوذب عن الحسن قال بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه

وهو بالشام فقدم عليه فلما قدم عليه قال له إني إنما بعثت إليك لخير لتؤثر حاجتي على حاجتك اما حاجتك فالجهاد في سبيل الله وأما حاجتي فأبعثك إلى البصرة فتعلمهم كتاب ربهم وسنة نبيهم وتجاهد بهم عدوهم وتقسم بينهم فيئهم قال الحسن رحمه الله ففعل والله لقد علمهم كتاب ربهم وسنة نبيهم وجاهد بهم عدوهم وقسم بينهم فيئهم فوالله ما قدم عليهم راكب كان خيرا لهم من أبي موسى الأشعري قال ابن شوذب كان إذا صلى الصبح أمر الناس فثبتوا في مجالسهم ثم استقبل الصفوف رجلا رجلا يقرئه القرآن حتى يأتي على الصفوف قال ابن شوذب ودخل على جمل أورق وخرج عليه حين عزل أخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد أنا ابو القسم علي بن أحمد بن البسري وأبو محمد أحمد بن علي بن الحسن الهمذاني وأبو طاهر أحمد بن محمد بن إبراهيم الخوارزمي ببغداد ح وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي طاهر القصاري أنا ابي قالوا أنا اسماعيل بن الحسن بن عبد الله الصرصري نا ابو عيسى أحمد بن اسحق بن عبد الله الأنماطي املاءنا العباس بن عبد الله يعني الثرقفي نا محمد بن كثير عن أبي المعلي البيروتي عن ابن حلبس وهو يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عائذ الله قال صام أبو موسى الأشعري رضي الله عنه حتى عاد كأنه خلال قال قيل له يا أبا موسى لو أجممت نفسك قال أجمامها أريد أني رأيت السابق من الخيل المضمر اسم أبي المعلي صخر بن جندل ويقال ابن جندلة أخبرنا الشيخ أبو غالب أحمد بن الحسن الحريري أنا أبو محمد الحسن بن

علي الجوهري أنا محمد بن العباس بن حيويه نا يحيى بن محمد بن صاعد نا الحسين بن الحسن بن حرب المرزوي انا عبد الله بن المبارك أنا حماد بن سلمة عن واصل مولى أبي عيينه عن لقيط أبي المغيرة عن أبي بردة أن ابا موسى الأشعري كان في سفينة في البحر مرفوع شراعها فإذا رجل يقول يا أهل السفينة قفوا سبع مرات فقلنا ألا ترى على أي حال نحن فقال في السابعة قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه أن الله قضى على نفسه أنه من عطش نفسه في يوم حار من أيام الدنيا شديد الحر كان حقيقا علىالله أن يرويه يوم القيامة فكان أبو موسى الأشعري يتتبع اليوم المعمعاني الشديد الحر فيصومه وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي أنا ابو بكر أحمد ابن الحسين الحافظ أنا ابو عبد الله الحافظ وأبو محمد عبد الرحمن بن احمد بن إبراهيم بن المقري ومحمد بن أبي الفوارس قالوا انا ابو العباس محمد بن يعقوب بن بكار بن قتيبة نا روح بن عبادة نا هشام عن واصل مولى أبي عيينه عن لقيط عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال غزونا غزوة في البحر نحو الروم فسرنا حتى إذا كنا في لجة البحر وطابت لنا الريح فرفعنا الشراع إذ سمعنا مناديا ينادي يا أهل السفينة قفوا أخبركم قال فقمت فنظرت يمينا وشمالا فلم أر شيئا حتى نادى سبع مرات فقلت من هذا ألا ترى على أي حال نحن انا لا نستطيع أن نجلس قال ألاأخبرك بقضاء قضاه الله على نفسه قال قلت بلى قال فإنه من عطش نفسه لله عزوجل في الدنيا في يوم حار كان

على الله أن يرويه يوم القيامة قال فكان أبو موسى لا تكاد تلقاه إلا صائما في يوم حار أخبرنا الشيخ أبو القسم زاهر بن طاهر المعدل أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ انا أبو عبد الله الحافظ انا ابو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار نا ابو بكر بن ابي الدنيا حدثني محمد بن الحسين نا زيد بن الحباب نا صالح بن موسى الطلحي عن أبيه قال اجتهد الأشعري قبل موته اجتهادا شديدا فقيل له لو أمسكت ورفقت بنفسك بعض الرفق فقال إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها والذي بقي من أجلي أقل من ذلك قال فلم يزل على ذلك حتى مات رضي الله عنه فهذا ما تيسر ذكره من فضل أبي موسى رضي الله عنه فأما ذكر إبنه أبي بردة وإسمه وفضله فمنه ما أخبرنا الشيخان أبوالحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب البغداي وأبو القسم بن السمرقندي قالا نا ابو محمد بن عبد الله بن محمد الصريفيني أنا عبيد الله بن محمد بن اسحق البزاز نا عبد الله بن محمد البغوي قال اسم أبي بردة عامر بن عبد الله بن قيس قال ذلك محمود بن غيلان وحدثني ايضا صالح بن أحمد يعني ابن حنبل عن أبيه وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي أنا محمد بن ابراهيم انا ابراهيم بن عبد الله نل محمد بن سليمان بن فارس نا محمد بن اسماعيل البخاري قال عامر بن عبد الله بن قيس هو ابو بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال لي عمرو بن علي عن أبي داود عن سليمان بن معاذ عن أبي اسحق قال كان

أبو بردة بن أبي موسى على قضاء الكوفة فعزله الحجاج وجعل أخاه مكانه سمع أباه وعليا وابن عمر قال علي وسمعت سفيان يقول قال عمر ابن عبد العزيز لأبي بردة كم أتى عليك قال أشدان يعني ثمانين سنة وأخبرنا أبو بكر محمد بن العباس الشقان يأنا ابو بكر أحمد بن منصور ابن خلف القيرواني أنا ابو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدويه أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان قال سمعت أبا الحسن مسلم بن الحجاج القشيري الحافظ يقول أبو بردة بن أبي موسى عامر بن عبد الله بن قيس سمع أباه وعليا روى عنه الشعبي وأبو اسحق وأكثر الحفاظ اتفقوا على تسمية أبي بردة عامرا وقال يحيى بن معين في اسمه قولا نادرا أخبرناه الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل أنا أحمد بن الحسين الحافظ أنا عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد أنا ابو بكر الشافعي نا جعفر بن محمد بن الأزهر نا المفضل بن غسان العلاني عن يحيى قال ابو بردة بن أبي موسى اسمه الحرث وحكى عباس بن محمد الدوري عن يحيى ابن معين إنه سماه بالإسمين وأورد عباس ذكره في تاريخه في موضعين وأخبرنا الشيخ أبو الفضل محمد بن اسماعيل الفضيلي الهروي أنا ابو القسم أحمد بن محمد بن محمد الخليلي ببلخ أنا ابو القسم علي بن أحمد بن محمد بن الحسن الخزاعي نا ابو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي نا ابو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي حدثني رجاء بن سلمة بن رجاء حدثني أبي نا قيس بن الربيع عن أبي حصين قال لما قدم الحجاج العراق استعمل عبد الرحمن بن أبي ليلى على القضاء قال ثم عزله واستعمل أبا بردة بن

أبي موسى وأقعد معه سعيد بن جبير أخبرنا الشيخ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي أنا ابو الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن أحمد أنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن محمد السلماسي وابن عمه أبو نصر محمد بن الحسن بن محمد ح وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي ببغداد أنا ابو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم أنا الحسين بن جعفر السلماسي قالا أنا الوليد بن بكر الأندلسي نا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي نا ابو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي قال قال أبي أبو بردة بن أبي موسى الأشعري كوفي ثقة وكان على قضاء الكوفة ولي بعد شريح وكان كاتبه سعيد بن جبير أخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد الأصبهاني أنا ابو الفضل عبد الرحمن ابن أحمد بن الحسن الرازي أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب نا محمد بن هرون الروياني أنا أحمد بن عبد الرحمن نا عمي يعني عبد الله بن وهب حدثني عبد الله بن عياش عن أبيه أن يزيد بن المهلب لما ولي خراسان قال دلوني على رجل كامل لخصال الخير فدل على أبي بردة بن أبي موسى الأشعري فلما جاءه رجلا فائقا فلما كلمه رأى مخبرته أفضل من مرآته قال إني وليتك كذا وكذا من عملي فاستعفاه فأبى أن يعفيه فقال أيها الأمير ألا أخبرك بشيء حدثني أبي إنه سمعه من رسول الله صلى اله عليه وسلم قال هاته قال إنه سمع النبي يقول من تولى عملا وهو يعلم أنه ليس لذلك العمل بأهل فليتبوأ مقعده من النار وأنا أشهد أيها الأمير أني لست بأهل لما دعوتني إليه

فقال له يزيد ما زدت على ان حرضتني على نفسك ورغبتنا فيك فأخرج إلى عهدك فإني غير معفيك فخرج ثم أقام فيه ما شاء الله أن يقيم فاستأذنه بالقدوم عليه فأذن له فقال له ايها الأمير ألا أحدثك بشيء حدثنيه أبي إنه سمعه من رسول الله قال هاته قال ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سأل بوجه الله ثم منع سائله مالم يسله هجرا وأنا اسألك بوجه الله ألا ما أعفيتني أيها الأمير من عملك فأعفاه وأما إبنه بلال بن أبي بردة أخبرنا الشيخ أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد الحافظ ببغداد أنا القاضي أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمي المكي المعروف بالحكاك أجازه ان لم أكن سمعته منه أنا ابو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي السجستاني أنا القاضي أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخطيب أخبرني أبو عبد الرحمن النسائي أخبرني أبو موسى عبد الكريم بن أحمد بن شعيب بن علي النسائي قال أبو عمر بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري وأخبرنا الشيخ الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي أنا ابو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي الفقيه بصور أنا أبو الفتح سليم بن أيوب بن سليم الرازي الفقيه أنا أبو نصر طاهر بن محمد بن سليمان بن يوسف الموصلي بالموصل نا ابو القسم علي ابن إبراهيم بن أحمد الجوزي نا ابو زكريا يزيد بن محمد بن إياس قال سمعت القاضي محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي يقول بلال ابن أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري يكنى ابا عبد الله وأبو بردة

اسمه عامر وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفقيه أنا ابو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنا محمد بن إبراهيم الفارسي أنا إبراهيم بن عبد الله نا محمد بن سليمان بن فارس نا محمد بن اسماعيل البخاري رحمه الله قال بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قاضي البصرة سمع أباه روى عنه قتادة وهو أخو سعيد بن عامر بن عبد الله بن قيس وأخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي أنا ابو الحسين أحمد بن محمد بن النقور والقاضي أبو منصور عبد الباقي بن محمد ابن غالب بن العطار قالا أنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص أنا ابو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن عيسى السكري نا ابو يعلى زكريا بن يحيى المنقري نا الأصمعي نا سلمة بن بلال عن مجالد قال ثم ولي العراق خالد بن عبد الله القسري فكان على شرطته بواسط عمرو ابن عبد الأعلى الحكمي واستعمل على الكوفة العريان بن الهيثم واستعمل على البصرة مالك بن المنذر بن الجارود العبدي ثم عزله واستعمل بلال بن أبي بردة فكان على الأحداث والصلاة والقضاء وكان بلال بن ابي بردة شديدا على أهل الأهواء فأورث ذلك عقبه فكان أبو الحسن وقافا منهم على الأدواء كذلك أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي أخبرنا أبو الحسن عبد الغافر ابن محمد بن عبد الغافر الفارسي أنا ابو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي أخبرني أحمد بن إبراهيم بن مالك نا الدغولي يعني أبا العباس محمد بن عبد الرحمن السرخسي نا المظفري يعني محمد بن حاتم نا ابو بهز بن

أبي الخطاب السلمي قال كان زريع أبو يزيد بن زريع على عسس بلال بن ابي بردة قال فقال له بلغني أن أهل الأهواء يجتمعون في المسجد ويتنازعون فاذهب فتعرف ذلك قال فذهب ثم رجع إليه فقال ما وجدت فيه إلا أهل العربية حلقة حلقة فقال ألا جلست إليهم حتى لا تقول حلقة حلقة قال أبو سليمان الخطابي وإنما هي الحلقة حلقة القوم وحلقة القرط ونحوها أخبرني أبو عمرو أنا ثعلب عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه قال لا أقول حلقة إلا في جمع حالق أخبرنا الشيخ أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد بن البناء أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري أنا ابو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري نا جعفر بن أحمد بن محمد القافلاني نا إبراهيم بن الوليد الجشاش أبو اسحق حدثني سعد بن عبد الحميد نا الحسن بن خالد البصري نا محمد بن ثابت قال جاء رجل إلى بلال بن ابي بردة فسعى برجل فقال لصاحب شرطته سل عنه فسأل عنه فقال أصلح الله الأمير إنه ليقال فيه فقال الله اكبر حدثني أبي عن جدي أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله لا يسعى بالناس إلا ولد زنى فهذا ما حضرني من مناقب أبي موسى وأولاده وفي جميع ذلك فضيلة للإمام أبي الحسن وإفتخار بأجداده وأما ذكر فضله هو في نفسه مما شهد به العلماء من أبناء جنسه فأخبرنا الشيخ أبو القسم بن أبي العباس المالكي أنا جدي أبو محمد بن أبي نصر المقري قال سمعت الحسن بن علي بن إبراهيم المقري يقول سمعت

أبا محمد الحسن بن محمد العسكري بالأهواز وكان من المخلصين في مذهبه المتقدمين في نصرته يعني مذهب الأشعري يقول كان الأشعري تلميذ الجبائي يدرس عليه فيتعلم منه ويأخذ عنه لا يفارقه أربعين سنة وكان صاحب نظر في المجالس وذا أقدام على الخصوم ولم يكن من أهل التصنيف وكان إذا أخذ القلم يكتب ربما ينقطع وربما يأتي بكلام غير مرضي وكان ابو علي الجبائي صاحب تصنيف وقلم إذا صنف يأتي بكل ما اراد مستقصي وأذا حضر المجالس وناظر لم يكن بمرض وكان إذا دهمه الحضور في المجالس يبعث الأشعري ويقول له نب عني ولم يزل على ذلك زمانا فلما كان يوما حضر الأشعري نائبا عن الجبائي في بعض المجالس وناظره إنسان فانقطع في يده وكان معه رجل من العامة فنثر عليه لوزا وسكرا فقال له الأشعري ما صنعت شيئا خصمي استظهر علي وأوضح الحجة وانقطعت في يده كان هو أحق بالنثار مني ثم إنه بعد ذلك أظهر التوبة والأنتقال عن مذهبه هذه الحكاية تدل على قوة أبي الحسن رحمه الله في المناظرة وإطراحه فيها ما يستعمله بعض المجادلين من المكابرة وتنبىء عن وفور عقله وإنصافه لإقراره بظهور خصمه وإعترافه فأما ما ذكر فيه عنه من رداءة التصنيف وجمود خاطره عند

الأخذ في التأليف فإنما اريد بذلك حالته في الإبتداء لا بعد ما من الله عليه به من الإهتداء فإن تصانيفه مستحسنة مهذبة وتواليفه وعباراته مستجادة مستصوبة وقد أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه وابو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون المقري قال علي وانا وقال محمد انا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ قال ذكر أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي أن ابا الحسن الأشعري له خمسة وخمسون تصنيفا وقد ترك ابن حزم من عدد مصنفاته أكثر من مقدار النصف وذكرها أبو بكر بن فورك مسماة تزيد على الضعف وسيلأتي إن شاء الله فيما بعد عند ذكر أسماء مصنفاته وعدد ما أشتهر عنه من مجموعاته ومؤلفاته وقد عد بعض الجهلاء هذه الحكاية من ثمالبه وهي عند العقلاء من جملة مناقبه فأما ما ذكر فيها من طول مقامه على مذهب المعتزلة فما ! لا يفضي به رحمه الله إلى الحطاط المنزلة بل يقضي له في معرفة الأصول بعلو المرتبة ويدل عند ذوي البصائر له على سمو المنقبة لأن من رجع عن مذهب كان بعواره أخبر

وعلى رد شبه أهله وكشف تمويهاتهم أقدر وتبين ما يلبسون به لمن يهتدي باستبصاره أبصر فاستراحة من يعيره بذلك كاستراحة مناظر هرون بن موسى الأعور فيما اخبرنا الشيخ أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني ببغداد أنا ابو بكر أحمد ابن علي بن ثابت الخطيب حدثني الحسن بن محمد الخلال نا سليمان بن أيوب المعدل قال سمعت عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال سمعت أبي يقول كان هرون الأعور يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وحفظ القرآن وضبطه وحفظ النحو فناظره إنسان يوما في مسألة فقهية فغلبه هرون فلم يدر المغلوب ما يصنع فقال له أنت كنت يهوديا فأسلمت فقال له هرون فبئس ما صنعت قال فغلبه أيضا في هذا أخبرنا الشيخ أبو المظفر أحمد بن الحسن بن محمد البسطامي بها ان جدي لأبي أبو الفضل محمد بن على بن أحمد بن الحسين بن سهل السهلكي قال سمعت الفقيه أبا عمرو محمد بن عبد الله الرزجاهي رحمه الله قال سمعت الأستاذ الإمام أبا سهل محمد بن سليمان الصعلوكي رحمه الله يقول حضرنا مع الشيخ أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه مجلس علوي بالبصرة فناظره المعتزلة

خذلهم الله تعالى وكانوا كثيرا حتى أتى على الكل فهزمهم كلما انقطع واحد أخذ الآخر حتى انقطعوا عن آخرهم في المجلس الثاني فما عاد أحد فقال بين يدي العلوي يا غلام أكتب على الباب فروا أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد المالكي قال نا الشيخ أبو منصور محمد بن عبد الملك الشافعي قال أنا أحمد بن علي بن ثابت الحافظ حدثني محمد بن علي الصوري قال سمعت عبد الغني بن سعيد الحافظ يقول سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن يزيد يقول سمعت أبا بكر بن الصيرفي يقول كانت المعتزلة قد رفعوا رؤسهم حتى أظهر الله تعالى الأشعري فحجزهم في أقماع السمسم إسناد هذه الحكاية مضيء كالشمس ورواتها لا يخالج في عدالتهم شك في النفس وقائلها أبو بكر إمام كبير ومحله عند اهل العلم محل خطير وقد أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني والشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس قالا قال لنا ابو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ نا محمد ابن عبد الله أبو بكر الفقيه الشافعي المعروف بالصيرفي له تصانيف في أصول الفقه وكان فهما عالما وسمع الحديث من أحمد بن منصور ومن بعده لكنه لم يرو كبير في شىء أخبرنا الشيخ أبو المظفر أحمد بن الحسن الشعري أنا أبوالفضل محمد بن علي بن أحمد البسطامي قال وسمعت القاضي أبا بكر محمد بن الحسين الإسكافي قال وسمعت القاضي أبا بكر محمد بن الطيب بن محمد الأشعري رحمه الله يقول سمعت ابا عبد الله بن خفيف يقول دخلت البصرة وكنت أطلب أبا الحسن الأشعري رحمه

الله فأرشدت إليه وإذا هو في بعض مجالس النظر فدخلت فإذا ثم جماعة من المعتزلة فكانوا يتكلمون فإذا سكتوا وأنهوا كلامهم قال لهم ابو الحسن الأشعري لواحد واحد قلت كذا وكذا والجواب عنه كذا وكذا إلى ان يجيب الكل فلما قام خرجت في أثره فجعلت أقلب طرفي فيه فقال ايش تنظر فقلت كم لسان لك وكم أذن لك وكم عين لك فضحك وقال لي من اين أنت قلت من شيراز وكنت أصحبه بعد ذلك وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفقيه الفراوي أنا الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري قال سمعت الشيخ أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عبيد الله الشيرازي الصوفي يقول سمعت بعض اصحاب أبي عبد الله بن خفيف يقول سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول دخلت البصرة في أيام شبابي لأرى أبا الحسن الأشعري لما بلغني خبره فرأيت شيخا بهي المنظر فقلت له أين منزل أبي الحسن الأشعري فقال وما الذي تريد منه فقلت أحب أن ألقاه فقال ابتكر غدا إلى هذا الموضع قال فابتكرت فلما رأيته تبعته فدخل دار بعض وجوه البلد فلما أبصروه أكرموا محله وكان هناك جمع من العلماء ومجلس نظر فأقعدوه في الصدر ثم إنه سأل بعضهم مسألة فلما شرع في الكلام ودخل هذا الشيخ فأخذ يرد عليه ويناظره حتى أفحمه فقضيت العجب من علمه وفصاحته فقلت لبعض من كان عنده من هذا الشيخ فقال أبو الحسن الأشعري فلما قاموا تبعته فالتفت إلي وقال يافتى كيف رأيت الأشعري فخدمته وقلت يا سيدي كما هو في محله ولكن مسألة

فقال ما هي فقلت مثلك في فضلك وعلو منزلتك كيف لم تسأل ويسأل غيرك فقال أنا لا نكلم هؤلاء ابتداء ولكن إذا خاضوا في ذكر ما لا يجوز في دين الله رددنا عليهم بحكم ما فرض الله سبحانة وتعالى علينا من الرد على مخالفي الحق وقد وقعت لي هذه الحكاية من وجه آخر عن أبي عبد الله الشيرازي فيها لفظة يتعلق بها من لا يتحاشى من ذكر الأئمة بالمخازي سمعت الشيخ أبا بكر محمد بن احمد بن الحسن البروجردي الجوهري ببغداد يقول سمعت الفقيه أبا سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيري بنيسابور يقول سمعت أبا عبد الله محمد ابن عبد الله بن باكويه الشيرازي يقول سمعت أبا عبد الله بن خفيف وقد سأله قاسم الصطخري عن ابي الحسن الأشعري فقال كنت مرة بالبصرة جالسا مع عمرو بن علويه على ساحة في سفينة نتذاكر في شيء فإذا بأبي الحسن الأشعري قد عبر وسلم علينا وجلس فقال عبرت عليكم أمس في الجامع فرأيتكم تتكلمون في شيء عرفت الألفاظ ولم أعرف المغزى فأحب أن تعيدوها علي قلت في أيش كنا قال في سؤال إبراهيم عليه السلام أرني كيف تحيى الموتى وسؤال موسى عليه السلام أرني أنظر إليك فقلت نعم قلنا إن سؤال إبراهيم هو سؤال موسى إلا أن سؤال إبراهيم سؤال متكمن وسؤال موسى سؤال صاحب غلبة وهيجان فكان تصريحيا وسؤال إبراهيم تعريضا وذلك إنه قال أرني كيف تحي الموتى فأراه كيفية المحيا ولم يره كيفية الإحياء لأن الإحياء صفته والمحيا قدرته فأجابه إشارة كما سأله إشارة إلا إنه

قال في آخره وأعلم أن الله عزيز حكيم فالعزيز المنيع فقال أبو الحسن هذا كلام صحيح فقلت له أشتهي أسمع كلامك فقال غدا وقال لي أين تكون بالليل فقلت في موضع كذا فلما أصبحنا جاء إلى موضعي وقال لي أخرج فخرجت معه فحملني إلى دار لهم تسمى دار الماوردي فاجتمع جماعة من أصحابه وجماعة من مخالفيه فقلت له سلهم مسألة فقال السؤال منهم بدعة فقلت كيف فقال لأني اظهرت بدعة أنقض بها كفرهم وإنما هم يسألون عن منكرهم فيلزمني رد باطلهم إلزاما فسألوه فتعجبت من حسن كلام أبي الحسن حين أجاب ولم يكن في القوم من يوازيه في النظر قال الحافظ رحمه الله فإن تمسك بقوله أظهرت بدعة بعض أهل الجهالة فقد أخطأ إذ كل بدعة لا توصف بالضلالة فإن البدعة هو ما ابتدع وأحدث من الأمر حسنا كان او قبيحا بلا خلاف عند الجمهور وقد أخبرنا الشيخ أبو المعالي محمد بن اسمعيل بن محمد بن الحسين الفارسي بنيسابور أنا ابو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي انا أبو سعد ابن ابي عمرو أبو العباس محمد بن يعقوب أنا الربيع بن ميلمن قال قال الشافعي رضي الله عنه المحدثات من الأمور ضربان أحدهما ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة والثاني ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا فهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام رمضان نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى وأخبرنا

بقول عمر رضي الله عنه الشيخ أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر الفقيه بنيسابور أنا ابو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد الحيري المعدل أنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه بسرخس أنا ابو اسحق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري نا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر رضي الله عنه والله إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب قال ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه نعم البدعة هذه والتي ينامون عنه أفضل من التي يقومون فيها يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله

قال الإمام الحافظ رضي الله عنه وإنما سمي أبو الحسن رحمه الله مناظرة المعتزلة بدعة وكرهها لأن السلف كانوا يرون مكالمة أهل البدع ومناظرتهم خطأ وسفها وقد جاء عن النبي في النهي عن ذلك ما أخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدويه المزكي الأصبهاني ببغداد أنا ابو القاسم إبراهيم بن منصور بن إبراهيم السلمي أنا ابو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن المقري أنا ابو يعلى أحمد ابن علي بن المثنى الموصلي نا أو خيثمة وهرون بن معروف وغيرهما قالوا نا عبد الله بن يزيد المقري نا سعيد بن أبي أيوب عن عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك عن يحيى بن ميمون الحضرمي عن ربيعة الجرشي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم قال الحافظ رضي الله عنه فلما ظهرت فيما بعد أقوال أهل البدع واشتهرت وعظمت البلوى بفتنتهم على أهل السنة وانتشرت انتدب للرد عليهم ومناظرتهم أئمة أهل السنة لما خافوا على العوام من الأبتداع والفتنة كفعل ابي الحسن رحمه الله واشباهه خوفا من التباس الحق على الخلق واشتباهه وفي هذا المعنى ورد ما أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن علي المقري في كتابه وحدثني به الشيخ أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد عنه أنا أبو نعيم احمد بن عبد الله الحافظ نا أحمد بن اسحق وعبد الله وعبد الرحمن ابنا محمد بن جعفر قالوا أنا محمد بن العباس نا زكريا بن الصلت نا ابو الصلت الهروي وأخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن

المبارك بن أحمد الأنماطي ببغداد أنا ابو بكر محمد بن المظفر بن بكر أن الشامي أنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي أنا يوسف بن أحمد بن يوسف ابن الدخيل نا ابو جعفر محمد بن عمرو العقيلي نا محمد بن ايوب بن الضريس نا عبد السلام بن صالح وهو أبو الصلت نا عباد بن العوام نا عبد الغفار المدني عن سعيد بن المسيب عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا يذب عنه ويتكلم بعلاماته فاغتنموا تلك المجالس بالذب عن الضعفاء وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا لفظهما سواء أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب العامري الحافظ ببغداد أنا شيخ القضاة أبو علي اسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي أنا والدي الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال سلام الله ورحمته وبركاته على الشيخ العميد وإني أحمد إليه الله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له وأصلي على رسوله محمد وعلى آله أما بعد فإن الله جل ثناؤه بفضله وجوده يؤتي من يشاء من عباده ملك ما يريده من بلاده ثم يهد من يشاء منهم إلى صراطه ويوفقه للسعي في مرضاته ويجعل له فيما يتولاه وزير صدق يوفي إليه بالخير ويخص عليه ومعين حق يشير إليه بالبر ويعين عليه ليفوز الأمير والوزير معا بفضل الله فوزا عظيما وينالا من نقمته حظا جسيما وكان الأمير ادام الله دولته ممن آتاه الله والملك والحكمة والشيخ العميد أدام الله سيادته ممن جعله الله له وزير صدق أن نسي ذكره وأن ذكر أعانه كما أخبر سيدنا

المصطفى عن كل أمير أراد الله به خيرا فعادت بجميل نظر الأمير أدام الله ايامه وحسن رعايته وسياسته بلاد خراسان إلى الصلاح بعد الفساد وطرقها إلى الأمن بعد الخوف حتى انتشر ذكره بالجميل في الآفاق وأشرقت الأرض بنور عدله كل الإشراق ولذلك قال سيدنا المصطفى فيما روي عنه السلطان ظل الله ورمحه في الأرض وقال فيما روي عنه يوم من أيام إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة وقال عبد الله بن المبارك رضي الله عنه ... لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل ... وكان أضعفنا نهبا لأقوانا ... زاده الله علوا وتأييدا وزاد من يؤازره بالحير ويحثه عليه توفيقا وتسديدا ثم إنه أعز الله نصره صرف همته العالية إلى نصرة دين الله وقمع أعداء الله بعد ما تقرر للكافة حسن إعتقاداه بتقرير خطباء أهل مملكته على لعن من إستوجب اللعن من أهل البدعة ببدعته وأيس أهل الزيغ عن زيغه عن الحق وميله عن القصد فألقوا في سمعه ما فيه مساءة أهل السنة والجماعة كافة ومصيبتهم عامة من الحنفية والمالكية والشافعية الذين لا يذهبون في التعطيل مذاهب المعتزلة ولا يسلكون في التشبيه طرق المجسمة في مشارق الأرض ومغاربها ليتسلوا بالاسوة معهم في هذه المساءة عما يسوءهم من اللعن والقمع في هذه الدولة المنصورة ثبتها الله ونحن نرجو عثوره عن قريب على ما قصدوا ووقوفه على ما ارادوا فيستدرك بتوفيق الله عزوجل ما بدر منه فيما ألقي إليه

ويأمر بتعزيز من زور عليه وقبح صورة الأئمة بين يديه وكأنه خفي عليه آدام الله عزوجل حال شيخه أبي الحسن الأشعري رحمة الله عليه ورضوانه وما يرجع إليه من شرف الأصل وكبر المحل في العلم والفضل وكثرة الأصحاب من الحنفية والمالكية والشافعية الذين رغبوا في علم الأصول وأحبوا معرفة دلائل العقول والشيخ العميد أدام الله توفيقه أولى أوليائه وأحراهم بتعريفه حاله وأعلامه فضله لما يرجع إليه من الهداية والدراية والشهامة والكفاية مع صحة العقيدة وحسن الطريقة وفضائل الشيخ أبي الحسن الأشعري ومناقبه أكثر من أن يمكن ذكرها في هذه الرسالة لما في الإطالة من خشية الملالة لكى أذكر بمشيئة الله تعالى من شرفه بآبائه وأجداده وفضله بعلمه وحسن إعتقاده وكبر محله بكثرة أصحابه ما يحمله على الذب عنه وعن أتباعه فليعلم الشيخ العميد أدام الله سيادته أن ابا الحسن الأشعري رحمه الله من أولاد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فإنه أبو الحسن علي بن اسمعيل ابن اسحق بن سالم بن اسمعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى وأبو موسى هو عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري ينسب إلى الجماهر بن الأشعر والأشعر من أولاد سبأ الذين كانوا باليمن فلما بعث الله تعالى نبيه هاجر ابو موسى الأشعري مع أخويه في بضع وخمسين من قومه إلى أرض الحبشة وأقاموا مع جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه حتى قدموا جميعا على رسول الله صلى الله

عليه وسلم حين افتتح خيبر ثم ذكر من فضل أبي موسى بعض ما قدمته بأسانيده إلى أن قال ورزق من الولاد والأحفاد مع الدراية والرواية والرعاية ما يكثر نشره وأساميهم في التواريخ مثبتة ومعرفتهم عند أهل العلم بالرواية مشهورة إلى أن بلغت النوبة إلى شيخنا أبي الحسن الأشعري رحمه الله فلم يحدث في دين الله حدثا ولم يأت فيه ببدعة بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة شرح وتبيين وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء فكان في بيانه تقوية ما لم يدل عليه من أهل السنة والجماعة ونصرة أقاويل من مضى من الأئمة كأبي حنيفة وسفيان الثوري من اهل الكوفة والأوزاعي وغيره من أهل الشام ومالك والشافعي من أهل الحرمين ومن نجا نحوهما من الحجاز وغيرها من سائر البلاد وكأحمد ابن حنبل وغيره من أهل الحديث والليث بن سعد وغيره وأبي عبد الله محمد بن اسمعيل البخاري وأبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري إمامي أهل الآثار وحفاظ السنن التي عليها مدار الشرع رضي الله عنهم أجمعين وذلك دأب من تصدى من الأئمة في هذه الأمة وصار رأسا في العلم من أهل السنة في قديم الدهر وحديثه وبذلك وعد سيدنا المصطفى أمته فيما روي عنه أبو هريرة رضي الله عنه إنه قال يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها وهم هؤلاء الأئمة الذين قاموا في كل عصر من أعصار أمته

بنصرة شريعته ومن قام بها إلى يوم القيامة وحين نزل قول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم أشار المصطفى إلى أبي موسى وقال قوم هذا فوعد الله عز ثناؤه وجل شيئا معلقا بشيء وخص النبي المصطفى به قوم أبي موسى فكان خبره حقا ووعد الله صدقا وحين خرج رسول الله من بين أمته وقبضه الله عزوجل إلى رحمته إرتد ناس من العرب فجاهدهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه بأصحاب رسول الله منهم ابو موسى وقومه حتى عاد أهل الردة إلى الإسلام كما وعد رب الأنام وحين كثرت المبتدعة في هذه الأمة وتركوا ظاهر الكتاب والسنة وأنكروا ما ورد به من صفات الله عزوجل نحو الحياة والقدرة والعلم والمشيئة والسمع والبصر والكلام وجحدوا مادلا عليه من المعراج عذاب القبر والميزان وأن الجنة والنار مخلوقتان وأن أهل الإيمان يخرجون من النيران وما لنبينا من الحوض والشفاعة وما لأهل الجنة من الرؤية وأن الخلفاء الأربعة كانوا محقين فيما قاموا به من الولاية وزعموا أن شيئا من ذلك لا يستقيم على العقل ولا يصح في الرأي أخرج الله عزوجل من نسل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه إماما قام بنصرة دين الله وجاهد بلسانه وبيانه من صد عن سبيل الله وزاد

في التبيين لأهل اليقين أن ما جاء به الكتاب والسنة وماكان عليه سلف هذه الأمة مستقيم على العقول الصحيحة والآراء تصديقا لقوله وتحقيقا لتخصيص رسوله قوم أبي موسى بقوله فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه هذا والكلام في علم الأصول وحدث العالم ميراث أبي الحسن الأشعري عن أجداده وأعمامه الذين قدموا على رسول الله فسألوه عن علم الأصول وحدث العالم إلا وفد الأشعريين من أهل اليمن ثم ذكر حديث عمران بن الحصين حين أتاه نفر من بني تميم وقد ذكرته في الجزء الأول باسناده ثم قال فمن تأمل هذه الأحاديث وعرف مذهب شيخنا أبي الحسن رضي الله عنه في علم الأصول وعلم تبحره فيه أبصر صنع الله عزت قدرته في تقديم هذا الأصل الشريف لما ذخر لعباده من هذا الفرع المنيف الذي أحيا به السنة وأمات به البدعة وجعله خلف حق لسلف صدق وبالله التوفيق هذا وعلماء هذه الأمة من أهل السنة والجماعة في الإشتغال بالعلم مع الإتفاق في أصول الدين على اضرب منهم من قصر همته على التفقه في الدين بدلائله وحججه من التفسير والحديث والإجماع والقياس دون التبحر في دلائل الأصول ومنهم من قصر همته على التبحر في دلائل الأصول دون التبحر في دلائل الفقه ومنهم من جعل همته فيهما جميعا كما فعل الأشعريون من أهل اليمن حيث قالوا لرسول الله

أتيناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر كيف كان وفي ذلك تصديق ما روي عن المصطفى إختلاف أمتي رحمة كما سمعت من الشيخ الإمام أبي الفتح ناصر بن الحسن العمري قال سمعت الشيخ الإمام أبا بكر القفال المرزوي رحمه الله يقول معناه إختلاف هممهم رحمة يعني فهمة واحد تكون في الفقه وهمة آخر تكون في الكلام كما تختلف همم اصحاب الحرف في حرفهم ليقوم كل واحد منهم بما فيه مصالح العباد والبلاد ثم كل من جعل همته في معرفة دلائل الفقه وحججه لم ينكر في نفسه ما ذهب إليه أهل الأصول منهم بل ذهب في إعتقاد المذهب مذهبهم بأقل ما دله على صحته من الحجج إلا إنه رأى أن إشتغاله بذلك أنفع وأولى ومن صرف همته منهم إلى معرفة دلائل الأصول وحججه ذهب في الفروع مذهب أحد الأئمة الذين سميناهم من فقهاء الأمصار إلا إنه رأى أن اشتغاله بذلك عند ظهور البدع أنفع وأحرى فعلماء السنة إذن مجتمعون والأشعريون منهم لجماعتهم في علم الأصول موافقون إلا أن الله جل ثناؤه جعل إستقامة أحوالهم بإستقامة ولاتهم وسلامة أغراضهم بذب ولاتهم عنهم وبذلك أخبر من جعل الله تعالى الحق على لسانه وقلبه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك فيما اخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ أنا ابو عمرو بن السماك نا حنبل بن اسحق نا أبو نعيم نا ملك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال عمر رضي الله عنه عند موته إعلموا أن الناس لن يزالوا بخير ما استقامت لهم

ولاتهم وهداتهم وقال أبو حازم ما أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن أنا حاجب بن أحمد نا محمد بن حماد حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض قال سمعت أبا حازم يقول لا يزال الناس بخير ما لم يقع هذه الأهواء في السلطان هم الذين يذبون عن الناس فإذا وقعت فيهم فمن يذب عنهم وأخبرنا بهاتين الحكايتين أبو القسم الشحامي أنا ابو بكر البيهقي مثل ما ههنا ثم رجعنا إلى رواية أبي بكر بن حبيب نسأل الله عزوجل عصمة الأمير وإطالة بقائه وإدامة نعمائه وزيادة توفيقه لإحياء السنة بتقريب أهلها من مجلسه وقمع البدعة بتبعيد أهلها من حضرته ليكثر سرور أهل السنة والجماعة من الفريقين جميعا بمكانه وينتشر صالح دعواتهم له في مشارق الأرض ومغاربها بإحسانه ويرغب إلى الله عزوجل ويتضرع إليه في إمتاع المسلمين ببقاء الشيخ العميد وإدامة نعمته وزيادة توفيقه وعصمته فعلى حسن إعتقاده وصحة دينه وقوة يقينه وكمال عقله وكبر محله إعتماد الكافة في استدراك ما وقع من هذه الواقعة التي هي لمعالم الدين خافضة ولآثار البدع رافعة ومصيبتها أن دامت والعياذ بالله في كل مصر من أمصار المسلمين داخلة وقلوب أهل السنة والجماعة بها واجفة وما ذلك على الله بعزيز أن يوفق الشيخ العميد أدام الله تسديده للإجتهاد في إزالة هذه الفتنة والسعي في إطفاء هذه الثائرة موقنا بما يتبعه في دنياه من الثناء الجميل وفي عقباه من الأجر الجزيل قاضيا حق هذه الدولة العالية التي جعل الله تدبيرها إليه وزمامها بيديه فبقاء الملك بالعدل وصلاحه بصلاح الدين وحلاوته بما

يتبعه من الثناء الجميل والله يوفقه ويسدده وعن المكارة يقيه ويحفظه والسلام عليه ورحمة الله وبركاته قال الإمام الحافظ قدس الله روحه وإنما كان إنتشار ما ذكره أبو بكر البيهقي رحمه الله من المحنة وإستعار ما أشار باطفائه في رسالته من الفتنة مما تقدم به من سب حزب الشيخ أبي الحسن الأشعري في دولة السلطان طغرلبك ووزارة أبي منصور بن محمد الكندري وكان السلطان حنفيا سنيا وكان وزيره معتزليا رافضيا فلما أمر السلطان بلعن المبتدعة على المنابر في الجمع قرن الكندري للتسلي والتشفي اسم الأشعرية بأسماء أرباب البدع وامتحن الأئمة الأماثل وقصد الصدور الأفاضى وعزل أبا عثمان الصابوني عن الخطابة بنيسابور وفوضها إلى بعض الحنفية فأم الجمهور وخرج الإستاذ أبو القسم والإمام أبو المعالي الجويني رحمة الله عليهما عن البلد وهان عليهما في مخالفته الإغتراب وفراق الوطن والأهل والولد فلم يكن إلا يسيرا حتى تقشعت تلك السحابة وتبدد بهلك الوزير شمل تلك العصابة ومات ذلك السلطان وولي ابنه آلب أرسلان وأستوزر الوزير الكامل والصدر العالم العادل أبا علي الحسن بن علي بن اسحق فأعز أهل السنة وقمع أهل النفاق وأمر باسقاط ذكرهم من السب وإفراد من عداهم باللعن والثلب واسترجع من خرج منهم إلى وطنه واستقدمه مكرما بعد بعده وظعنه وبنى لهم المساجد والمدارس وعقد لهم الحلق والمجالس وبنى لهم الجامع المنيعي في أيام ولد ذلك السلطان وكان ذلك تداركا لما سلف في

حقهم من الإمتحان فاستقام في وزارته الدين بعد اعوجاجه وصفا عيش أهل السنه بعد تكدره وامتزاجه واستقر الأمر بيمن نقيبته على ذلك إلى هذا الوقت ونظر أرباب البدع بعين الإحتقار والمقت ولم يضر جمع الفرقة المنصورة ما فرط في حقهم في المدة اليسيرة ممن قصدهم بالمساءة ورماهم بالشناعة لما ظهر فيهم اللعن إذ كانوا براء عند العقلاء وأهل العلم من الابتداع والذم والطعن ولهم في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه اسوة حسنة فقد كان يسب على المنابر في الدولة الأموية نحوا من ثمانين سنة فما ضر ذلك عليا رضوان الله عليه ولا التحق به ما نسب إليه مقتل الوزير شر قتلة بعد ما مثل به كل مثلة فقال الأستاذ أبو القسم القشيري رضي الله عنه فيه ... عميد الملك ساعدك الليالي ... على ما شئت في درك المعالي ... فلم يك منك شيء غير أمر ... بلعن المسلمين على التوالي ... فقابلك البلاء بما تلاقي ... فذق ما تستحق من الوبال ... أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفقيه أخبرنا الأستاذ أبو القسم القشيري رضي الله عنه قال الحمد لله المجمل في بلائه المجزل في عطائه العدل في قضائه المكرم لأوليائه المنتقم من أعدائه الناصر لدينه بايضاح الحق وتبينه المبيد للأفك وأهله المجتث للباطل من أصله فاضح البدع بلسان العلماء وكاشف الشبه ببيان الحكماء وممهل الغواة حينا غير مهملهم ومجازي كل غدا على مقتضى عملهم نحمده على ما عرفنا من

توحيده ونستوقفه على ما كلفنا من رعاية حدوده ونستعصمه من الخطأ والخطل والزيغ والزلل في القول و العمل ونسأله أن يصلي على سيدنا المصطفى وعلى آله مصابيح الدجى وأصحابه أئمة الورى هذه قصة سميناها شكاية أهل السنة بحاكية ما نالهم من المحنة تخبر عن بثة مكروب ونفثة مغلوب وشرح ملم مؤلم وذكر مهم موهم وبيان خطب فادح وشر سائح للقلوب جارح رفعها عبد الكريم بن هوازان القشيري إلى العلماء الأعلام بجميع بلاد الإسلام أما بعد فإن الله إذا أراد أمرا قدره فمن ذا الذي أمسك ما سيره أو قدم ما أخره أو عارض حكمه فغيره أو غلبه على أمره فقهره كلا بل هو الله الواحد القهار الماجد الجبار ومما ظهر ببلد نيسابور من قضايا التقدير في مفتتح سنة خمس وأربعين وأربعمائة من الهجرة ما دعا أهل الدين إلى شق صدور صبرهم وكشف قناع ضرهم بل ظلت الملة الحنيفية تشكو غليلها وتبدي عويلها وتنصب غزائر رحمة الله على من يسمع شكوها وتصغي ملائكة السماء حين تندب شجوها ذلك مما أحدث من لعن إمام الدين وسراج ذوي اليقين محي السنة وقامع البدعة وناصر الحق وناصح الخلق الزكي الرضي أبي الحسن الأشعري قدس الله روحه وسقى بماء الرحمة ضريحه وهو الذي ذب عن الدين بأوضح حجج وسلك في قمع المعتزلة وسائر أنواع المبتدعة أبين منهج واستنفد عمره في النصح عن الحق وأورث المسلمين بعد وفاته كتبه الشاهدة بالصدق ولما من الله الكريم على الإسلام بزمان السلطان المعظم المحكم بالقوة السماوية في رقاب الأمم الملك الأجل شاها نشاه يمين

خليفة الله وغياث عباد الله طغرلبك أبي طالب محمد بن ميكائيل وقام باحياء السنة والمناضلة عن الملة حتى لم يبق من أصناف المبتدعة حزبا حزبا إلا سل لإستئصالهم سيفا عضبا وأذاقهم ذلا وخسفا وعقب لآثارهم نسفا حرجت صدور أهل البدع عن تحمل هذه النقم وضاق صبرهم عن مقاساة هذا الألم ومنوا بلعن أنفسهم على رؤس الشهاد بألسنتهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت بانفرادهم بالوقوع في مهواة محنتهم فسولت لهم أنفسهم أمرا فظنوا أنهم بنوع تلبيس وضرب تدلي سيجدون لعسرهم يسرا فسعوا إلى عالي مجلس السلطان المعظم بنوع نميمة ونسبوا الأشعري إلى مذاهب ذميمة وحكوا عنه مقالات لا يوجد في كتبه منها حرف ولم ير في المقالات المصنفة للمتكلمين الموافقين والمخالفين من وقت الأوائل إلى زماننا هذا لشيء منها حكاية ولا وصف بل كل ذلك تصوير بتزوير وبهتان بغير تقدير وما نقموا من الأشعري إلا أنه قال باثبات القدر لله خيره وشره نفعه وضره واثبات صفات الجلال لله من قدرته وعلمه وإراداته وحياته وبقائه وسمعه وبصره وكلامه ووجهه ويده وأن القرآن كلام الله غير مخلوق وإنه تعالى موجود تجوز رؤيته وإن إرادته نافذة في مراداته وما لايخفى من مسائل الأصول التي تخالف طرقه طرق المعتزلة والمجسمة فيها معاشر المسلمين الغياث الغياث سعوا في إبطال الدين وراموا هدم قواعد المسلمين وهيهات هيهات يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا ان يتم نوره وقد وعد الله للحق نصره وظهوره وللباطل محقه وثبوره

إلا أن كتب الأشعري في الآفاق مبثوثه ومذاهبه عند أهل السنة من الفريقين معروفة ومشهورة فمن وصفه بالبدعة علم إنه غير محق في دعواه وجميع أهل السنة خصمه فيما افتراه ثم ذكر أربع مسائل شنع بها عليه وبين براءة ساحته فيما نسب منها إليه ثم قال ولما ظهر ابتداء هذه الفتنة بنيسابور وانتشر في الافاق خبره وعظم على قلوب كافة المسلمين من أهل السنة والجماعة أمره ولم يبعد أن يخامر قلوب بعض أهل السلامة والوداعة توهم في بعض هذه المسائل أن لعل الإمام أبا الحسن علي بن اسمعيل الأشعري رحمه الله قال ببعض هذه المقالات في بعض كتبه ولقد قيل من يسمع يخل أثبتنا هذه الفصول في شرح هذه الحالة وأوضحنا صورة الأمر بذكر هذه الجملة ليضرب كل من أهل السنة إذا وقف عليها بسهمه في الإنتصار لدين الله من دعاء يخلصه واهتمام يصدقه وكل عن قلوبنا بالإستماع إلى هذه القصة يحمله بل ثواب من الله على التوجع بذلك يستوحيه والله غالب على أمره وله الحمد على ما يمضيه من أحكامه ويبرمه ويقضيه من أفعاله فيما يؤخره ويقدمه وصلواته على سيدنا المصطفى وعلى آله وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال الإمام الحافظ أبو القسم علي بن اسمعيل بن الحسن رضي الله عنه دفع إلي أبو محمد عبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن القشيري الصوفي النيسابوري بدمشق مكتوبا بخط جده الإمام أبي القسم القشيري وأنا أعرف الخط فوجدت فيه

بسم الله الرحمن الرحيم اتفق أصحاب الحديث أن ابا الحسن علي بن اسماعيل الأشعري رضي الله عنه كان إماما من أئمة أصحاب الحديث ومذهبه مذهب أصحاب الحديث تكلم في أصول الديانات على طريقة أهل السنة ورد على المخالفين من اهل الزيغ والبدعة وكان من المعتزلة والروافض والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين من الملة سيفا مسلولا ومن طعن فيه أو قدح أو لعنه أو سبه فقد بسط لسان السوء في جميع أهل السنة بذلنا خطوطنا طائعين بذلك في هذا الذكر في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وأربعمائة والأمر على هذه الجملة المذكورة في هذا الذكر وكتبه عبد الكريم بن هوازن القشيري وفيه بخط أبي عبد الله الخبازي المقري كذلك يعرفه محمد بن علي الجنازي وهذا خطه وبخط الإمام أبي محمد الجويني الأمر على هذه الجملة المذكورة فيه وكتبه عبد الله بن يوسف وبخط أبي الفتح الشاشي الأمر على هذه الجملة التي ذكرت وكتبه نصر بن محمد الشاشي بخطه وبخط آخر الأمر على هذه الجملة المذكورة فيه وكتبه علي بن أحمد الجويني بخطه وبخط أبي الفتح العمري الهروي الفقيه الأمر على هذه الجملة المذكورة فيه وكتبه ناصر بن الحسين بخطه وبخط الأيوبي الأمر على الجملة التى ذكرت فيه وكتبه احمد بن محمد بن الحسن بن أبي أيوب بخطه وبخط آخيه الأمر على هذه الجملة المذكورة فيه وكتبه علي بن محمد بن أبي أيوب بخطه وبخط الإمام أبي عثمان الصابوني الأمر على الجملة المذكورة وكتبه اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وبخط ابنه أبي نصر الصابوني الأمر

على الجملة المذكورة صدر هذا الذكر وكتبه عبد الله بن اسماعيل الصابوني وبخط الشريف البكري الأمر على نحو ما بين درج هذا الذكر وكتبه علي بن الحسن البكري الزبيري بخطه وبخط آخر هو إمام من أئمة أصحاب الحديث والأمر على ما وصف في هذا الذكر وكتبه محمد بن الحسن بيده وبخط أبي الحسن الملقاباذي أبو الحسن الأشعري رحمة الله عليه إمام من أئمة أصحاب الحديث ورئيس من رؤسائهم في أصول الدين وطريقته طريقة السنة والجماعة ودينه واعتقاده مرضي مقبول عند الفريقين وكتبه علي بن محمد الملقاباذي بخطه وبخط عبد الجبار الاسفرايني بالفارسية أين بو الحسن أشعري إمام أست كه خداوند عزوجل اين آيت درشان وي فرستاد فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ومصطفى عليه السلام درآن وقت بجدوى اشارت كردبو موسى اشعري فقال هم قوم هذا وكتبه عبد الجبار بن علي بن محمد الاسفرايني بخطه وبخط إبنه هكذا يقول محمد بن عبد الجبار بن محمد قال الإمام الحافظ رضي الله عنه نقلت هذه الخطوط على نصها من ذلك الدرج ونقلها غيري من الفقهاء وتفسير قول هذا الفارسي هذا أبو الحسن كان إماما ولما أنزل الله عزوجل قوله فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أشار المصطفى إلى أبي موسى رضي الله عنه وقال هم قوم هذا

وذكر الشيخ الإمام ركن الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني رحمه الله في آخر كتاب صنفه وسماه عقيدة أصحاب الإمام المطلبي الشافعي رحمه الله وكافة أهل السنة والجماعة وقال ونعتقد أن المصيب من المجتهدين في الأصول والفروع واحد ويجب التعيين في الأصول فاما الفروع فربما يتأتى التعيين وربما لا يتأتى ومذهب الشيخ أبي الحسن رحمه الله تصويب المجتهدين في الفروع وليس ذلك مذهب الشافعي رضي الله عنه وأبو الحسن أحد أصحاب الشافعي رضي الله عنهم فإذا خالفه في شيء أعرضنا عنه فيه ومن هذا القبيل قوله أن لا صيغة للأمر وتقل وتعز مخالفته أصول الشافعي رضي الله عنه ونصوصه وربما نسب المبتدعون إليه إنه يقول ليس في المصحف قرآن ولا في القبر نبي وكذلك الاستثناء في الإيمان ونفي قدرة الخلق في الأزل وتكفير العوام وإيجاب علم الدليل عليهم وقد تصفحت ما تصفحت من كتبه وتأملت نصوصه في هذه المسائل فوجدتها كلها خلاف ما نسب إليه ولا عجب أن إعترضوا عليه واخترصوا فإنه رحمه الله فاضح القدرية وعامة المبتدعة وكاشف عوراتهم ولا خير فيمن لا يعرف حاسده قال الإمام الحافظ رضي الله عنه قرأت في كتاب أبي يعقوب

يوسف بن علي بن محمد المؤدب الذي قرأه على أبي الفتوح بن عباس عن عبيد الله بن أحمد بن محمد الرجراجي قال نا أبو عبد الله محمد بن موسى بن عمار الكلاعي المايرقي الفقيه قال أعظم ما كانت المحنة يعني المعتزلة زمن المأمون والمعتصم فتورع من مجادلتهم أحمد بن حنبل رضي الله عنه فموهوا بذلك على الملوك وقالوا لهم إنهم يعنون أهل السنة يفرون من المناظرة لما يعلمونه من ضعفهم عن نصرة الباطل وإنهم لا حجة بأيدهم وشنعوا بذلك عليهم حتى امتحن في زمانهم أحمد ابن حنبل وغيره فأخذ الناس حينئذ بالقول بخلق القرآن حتى ما كان تقبل شهادة شاهد ولا يستقضي قاض ولا يفتى مفت لا يقول بخلق القرآن وكان في ذلك الوقت من المتكلمين جماعة كعبد العزيز المكي والحارث المحاسبي وعبد الله بن كلاب وجماعة غيرهم وكانوا أولي زهد وتقشف لم يروا احد منهم أن يطأ لأهل البدع بساطا ولا أن يداخلهم فكانوا يردون عليهم ويؤلفون الكتب في إدحاض حججهم إلى أن نشأ بعدهم وعاصر بعضهم بالبصرة أيام اسماعيل القاضي ببغداد أبو الحسن علي بن اسماعيل بن أبي بشر الأشعري رضي الله عنه وصنف في هذا العلم لأهل السنة التصانيف وألف لهم التواليف حتى أدحض حجج المعتزلة وكسر شوكتهم وكان يقصدهم بنفسه يناظرهم فكلم في ذلك وقيل له كيف تخالط أهل البدع وتقصدهم بنفسك وقد أمرت بهجرهم فقال هم أولوا رياسة معهم الوالي والقاضي ولرياستهم لا ينزلون إلي فإذا كانوا هم لا ينزلون إلي ولا أسير أنا إليهم فكيف يظهر الحق

ويعلمون أن لأهل السنة ناصرا بالحجة وكان أكثر مناظرته مع الجبائي المعتزلي وله معه في الظهور عليه مجلس كثيرة فلما كثرت تواليفه ونصر مذهب السنة وبسطه تعلق بها اهل السنة من المالكية والشافعية وبعض الحنفية فأهل السنة بالمغرب والمشرق بلسانه يتكلمون وبحجته يحتجون وله من التواليف والتصانيف ما لا يحصى كثرة وكان ألف في القرآن كتابه الملقب بالمختزن ذكر لي بعض أصحابنا إنه رأى منه طرفا وكان بلغ سورة الكهف وقد انتهى مائة كتاب ولم يترك آية تعلق بها بدعي إلا بطل تعلقه بها وجعلها حجة لأهل الحق وبين المجمل وشرح المشكل ومن وقف على تواليفه رأى أن الله تعالى قد أمده بمواد توفيقه وأقامه لنصرة الحق والذب عن طريقه وكان في مذهبه مالكيا على مذهب مالك بن أنس رضي الله عنه وقد كان ذكر لي بعض من لقيت من الشافعية انه كان شافعيا حتى لقيت الشيخ الفاضل رافعا الحمال الفقيه فذكر لي عن شيوخه أن ابا الحسن الأشعري رضي الله عنه كان مالكيا فنسب من تعلق اليوم بمذهب

أهل السنة وتفقه في معرفة أصول الدين من سائر المذاهب إلى الأشعري لكثرة تواليفه وكثرة قراءة الناس لها ولم يكن هو اول متكلم بلسان أهل السنة إنما جرى على سنن غيره وعلى نصرة مذهب معروف فزاد المذهب حجة وبيانا ولم يبتدع مقالة أخترعها ولا مذهبا إنفرد به إلا ترى ان مذهب أهل المدينة ينسب إلى مالك بن أنس رضي الله عنه ومن كان على مذهب اهل المدينة يقال له مالكي ومالك رضي الله عنه إنما جرى على سنن من كان قبله وكان كثير الإتباع لهم إلا إنه زاد المذهب بيانا وبسطا وحجة وشرحا وألف كتابه الموطأ وما أخذ عنه من الأسمعة والفتاوي فنسب المذهب إليه لكثرة بسطه له وكلامه فيه فكذلك أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه لا فرق وليس له في المذهب اكثر من بسطه وشرحه وتواليفه في نصرته فنجب من تلامذته خلق كثير بالمشرق وكانت شوكة المعتزلة بالعراق شديدة إلى أن كان زمن الملك فناخسره وكان ملكا يحب العلم والعلماء وكانت له مجالس يقعد فيها للعلماء ومناظرتهم وكان قاضي القضاة في وقته معتزليا فقال له فناخسره يوما هذا المجلس عامر من العلماء إلا إني لا أرى

أحدا من أهل السنة والاثبات ينصر مذهبه فقال له إن هؤلاء القوم عامة رعاع أصحاب تقليد وأخبار وروايات يروون الخبر وضده ويعتقدونهما وأحدهما ناسخ للثاني أو متأول ولا أعرف منهم أحدا يقوم بهذا الأمر وهذا الفاسق إنما أراد إطفاء نور الحق ويأبى الله إلا أن يتم نوره ثم أقبل يمدح المعتزلة ويثني عليهم بما استطاع فقال الملك محال أن يخلو مذهب طبق الأرض من ناصر ينصره فانظروا أي موضع يكون مناظر ليكتب فيه ويحضر مجلسنا فلما عزم في ذلك وكان ذلك العزم امرا من الله أراد به نصرة الحق فقال له اصلح الله الملك أخبروني أن بالبصرة رجلين شيخا وشابا أحدهما يعرف بأبي الحسن الباهلي والشاب يعرف بابن الباقلاني وكانت حضرة الملك يومئذ بشيراز فكتب الملك إلى العامل ليبعثهما إليه وأطلق مالا لنفقتهما من طيب المال قال القاضي أبو بكر بن الباقلاني فلما وصل الكتاب إلينا قال الشيخ وبعض أصحابنا هؤلاء القوم فسقة لا يحل لنا ان نطأ بساطهم وليس غرض الملك من هذا إلا أن يقال إن مجلسه مشتمل على اصحاب المحابر كلهم ولو كان ذلك لله عزوجل خالصا لنهضت فأنا لا أحضر عند قوم هذه صفتهم فقال القاضي رضي الله عنه كذا قال ابن كلاب والمحاسبي ومن كان في عصرهما من المتكلمين أن المأمون لا نحضر مجلسه حتى ساق أحمد إلى طرسوس ثم مات المأمون وردوه إلى المعتصم فامتحنه وضربه وهؤلاء أسلموه ولو مروا إليه وناظروه لكفوه عن هذا الأمر فإنه كان يزعم أن القوم ليست لهم حجة على

دعاويهم فلو مروا إليه وبينوا للمعتصم لارتدع المعتصم ولكن اسلموه فجرى على احمد بن حنبل رضي الله عنه ما جرى وأنت أيها الشيخ تسلك سبيلهم حتى يجري على الفقهاء ما جرى على احمد ويقولون بخلق القرآن ونفي رؤية الله تعالى وها أنا خارج إن لم تخرج قال فخرجت مع الرسول نحو شيراز في البحر حتى وصلت إليها ثم ذكر من دخوله على الملك ومناظرته مع المعتزلة وقطعه إياهم ما ذكر قال ثم دفع إليه الملك ابنه يعلمه مذهب أهل السنة وألف له كتاب التمهيد فتعلق أهل السنة به تعلقا شديدا وكان القاضي أبو بكر رضي الله عنه فارس هذا العلم مباركا على هذه الأمة كان يلقب شيخ السنة ولسان الأمة وكان مالكيا فاضلا متورعا ممن لم يحفظ عليه زلة قط ولا انتسبت إليه نقيصة ذكر يوما عند شيخنا أبي عبد الله الصيرفي رحمة الله عليه فقال كان صلاح القاضي أكثر من علمه وما نفع الله هذه الأمة بكتبه وبثها فيهم إلا لحسن سريرته ونيته واحتسابه ذلك عند ربه وذكر من فضله كثيرا وحكى بعض شيوخنا أن القاضي كان يدرس نهاره وأكثر ليله وكان حصنا من حصون المسلمين وما سر أهل البدعة بشيء كسرورهم بموته رحمة الله عليه ورضوانه إلا إنه خلف بعده من تلاميذه جماعة كثيرة تفرقوا في البلاد اكثرهم بالعراق وخراسان ونزل منهم إلى المغرب رجلان أحدهما أبو عبد الله الأندي رضي الله عنه وبه انتفع أهل القيروان وترك بها من تلاميذه مبرزين مشاهير جماعة أدركت أكثرهم وكان رجلا ذا علم وأدب أخبرني بعض شيوخنا عنه رحمه الله

إنه قال لي خمسون عاما متغربا عن أهلي ووطني ولم أكن فيها إلا على كور جمل أو بيت فندق أطلب العلم آخذا له ومأخوذا عني وقال لي غيره من شيوخنا ما قدر أحد من تلاميذه يعطيه على تعليمه له شيئا من عرض الدنيا وكان يقول تعليمي هذا العلم أوثق أعمالي عندي فأخاف أن تدخله داخلة أن أخذت عليه أجرا ولا أحتسب أجري فيه إلا على الله ولقد كان يتركنا في بيته ونحن جماعة ثم يذهب إلى السوق فيشتري غداءه أو عشاءه ثم ينصرف به في يده فكنا نقول له ياسيدنا الشيخ نحن شباب جماعة كلنا نرغب في قضاء حاجتك في المهم العظيم فكيف في هذا الأمر اليسير نسألك بالله العظيم إلا ما تركتنا وقضاء حوائجك فإن هذا من العار العظيم علينا فكان يقول لنا بارك الله فيكم ما يخفى علي أنكم مسارعون لهذا الأمر ولكن قد علمتم عذري وأخاف أن يكون هذا من بعض أجري على تعليمي وتوفي بالقيروان غريبا رحمة الله عليه ورضوانه والثاني أبو طاهر البغدادي الناسك الواعظ كان رجلا صالحا شيخا كبيرا منقطعا في طرف البلد أدركته بالقيروان لا يدرس لكبره وكنا نقصده في الجامع لفضله ودعائه وكان يذكر لنا بعض المسائل وشيئا من أخبار القاضي رحمه الله وكان الفقيه أبو عمران يعني الفاسي رحمه الله يقول لو كان علم الكلام طيلسانا ما تطيلس به إلا أبو طاهر البغدادي وكان رحمه الله حسن الخط مليح اللفظ جميل الشيبة غزير الدمعة كان يعظ في مؤخر الجامع بعد صلاة الجمعة ولم يكن بالقيروان عالم مذكور وهو عالم بعلم الأصول إلا وقد

أخذ ذلك عنه كمحمد بن سحنون وابن الحداد ولولاه لضاع العلم بالمغرب ومن الشيوخ المتأخرين المشاهير أبو محمد بن ابي زيد وشهرته تغني عن ذكر فضله اجتمع فيه العقل والدين والعلم والورع وكان يلقب بمالك الصغير وخاطبه من بغداد رجل معتزلي يرغبه في مذهب الإعتزال ويقول له إنه مذهب مالك واصحابه فجاوبه بجواب من وقف عليه علم إنه كان نهاية في علم الأصول رضي الله عنه وبعده ومعه الشيخ الفاضل الكامل أبو الحسن القابسي متأخر في زمانه متقدم في شأنه جمع العلم والعمل والرواية والدراية من ذوي الإجتهاد في العباد والزهاد مجاب الدعوة له مناقب يضيق عنها هذا الكتاب كان عالما بالأصول والفروع والحديث وغير ذلك من الرقائق ودقيق الورع وله رسالة في أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه أحسن الثناء عليه وذكر فضله وإمامته ثم ذكر الكلاعي جماعة من أفاضل هذا العلم بالمغرب تركت ذكرهم تجنبا للإطالة خوفا من السآمة والملالة قال الشيخ الإمام الحافظ رضي الله عنه قرأت بخط بعض أهل العلم بالفقه والحديث من أهل الأندلس ممن أثق به فيما يحكيه وأصدقه فيما يرويه في جواب سؤال سئل عنه ابو الحسن علي الفقيه القيرواني المعروف بابن القابسي وهو من كبار أئمة المالكية بالمغرب سأله عنه بعض أهل تونس من بلاد المغرب فكان في جوابه له أن قال واعلموا أن ابا الحسن الأشعري رضي الله عنه لم يأت من هذا الأمر يعني الكلام إلا مااراد به إيضاح السنن والتثبيت عليها ودفع الشبه عنها فهمه من فهمه بفضل الله عليه وخفي عمن

خفي بقسم الله وله وما ابو الحسن الأشعري إلا واحد من جملة القائمين بنصر الحق ما سمعنا من أهل الإنصاف من يؤخره عن رتبته ذلك ولا من يؤثر عليه في عصره غيره ومن بعده من أهل الحق سلكوا سبيله في القيام بأمر الله عزوجل والذب عن دينه حسب اجتهادهم قال وأما قولكم وإن كان التوحيد لا يتم إلا بمقالة الأشعري فهذا يدل على إنكم فهمتم أن الأشعري قال في التوحيد قولا خرج به عن أهل الحق فإن كان قد نسب هذا المعنى عدكم إلى الأشعري فقد ابطل من قال ذلك عليه لقد مات الأشعرى رضي الله عنه يوم مات وأهل السنة باكون عليه وأهل البدع مستريحون منه فما عرفه من وصفه بغير هذا قال رضي الله عنه وقرأت بخط علي بن بقاء المصري الوراق المحدث في رسالة كتب بها ابو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي جوابا لعلي بن أحمد بن اسمعيل البغدادي المعتزلي حين ذكر أبا الحسن الأشعري رضي الله عنه ونسبه إلى ما هو بريء منه مما جرت عادة المعتزلة باستعمال مثله في حقه فقال ابن ابي زيد في حق أبي الحسن هو رجل مشهور إنه يرد على أهل البدع وعلى القدرية والجهمية متمسك بالسنن حدثني الثقة من أصحابنا قال نا القاضي أبو اسحق

إبراهيم بن علي بن الحسين الشيباني الطبري ثم المكي من لفظه ببغداد وقد لقيت أنا القاضي أبا اسحق ببغداد وصاحبته في طريق مكة ولم اسمع منه شيئا قال نا الحافظ أبو نعيم عبيد الله بن الحسن بن أحمد بن الحسن بأصبهان نا ابو إبراهيم أسعد بن مسعود العتبي بنيسابور أخبرنا الأستاذ الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي قال سمعت عبد الله بن محمد بن طاهر الصوفي يقول رأيت أبا الحسن الأشعري رضي الله عنه في مسجد البصرة وقد أبهت المعتزلة في المناظرة فقال له بعض الحاضرين قد عرفنا تبحرك في علم الكلام وأنا أسألك عن مسألة ظاهرة في الفقه فقال سل عما شئت فقال له ما تقول في الصلاة بغير فاتحة الكتاب فقال نا زكريا بن يحيى الساجي نا عبد الجبار نا سفيان حدثني الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبي قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب قال وحدثنا زكريا نا بندار نا يحيى بن سعيد عن جعفر بن ميمون حدثني أبو عثمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى عليه وسلم أن أنادي بالمدينة إنه لاصلاة إلا بفاتحة الكتاب قال فسكت السائل ولم يقل شيئا قال الإمام الحافظ رضي الله عنه وفي هذه الحكاية دلالة للذكي الألمعي أن ابا الحسن كان يذهب مذهب الشافعي وكذلك

ذكر أبو بكر بن فورك الأصبهاني في كتاب طبقات المتكلمين وذكره غيره من أئمتنا وشيوخنا الماضين فكفى أبا الحسن فضلا أن يشهد بفضله مثل هؤلاء الأئمة وحسبه فحرا أن يثني عليه الأماثل من علماء الأمة ولا يضره قدح من قدح فيه لقصور الفهم ودناءة الهمة ولم يبرهن على ما يدعيه في حقه إلا بنفس الدعوى ومجرد التهمة باب ذكر مااشتهر به أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه من العلم وظهر به من وفور المعرفة به والفهم أخبرنا الشيخ أبو المظفر أحمد بن الحسن بن محمد البسطامي بها أنا جدي لأمي الشيخ الإمام أبو الفضل محمد بن علي بن أحمد بن الحسين بن سهل السهلكي ببسطام قال سمعت سفيان المتكلم الصوفي رحمه الله يقول سمعت الشيخ أحمد العريماني رحمه الله يقول سمعت الأستاذ أبا اسحق يعني إبراهيم بن محمد الاسفرايني الفقيه الصولي يقول كنت في جنب الشيخ أبي الحسن الباهلي كقطرة في البحر سمعت الشيخ أبا الحسن الباهلي قال كنت أنا في جنب الشيخ الأشعري كقطرة في جنب البحر قرأت بخط بعض أهل العلم فيما حكى عن ابي عمرو عثمن ابن أبي بكر حمود السفاقسي قال سمعت القاضي تاج العلماء أبا جعفر السمناني بالموصل يقول سمعت القاضي لسان الأمة أبا بكر بن الطيب يقول وقد قيل له كلامك أفضل وأبين من كلام أبي الحسن الأشعري

رحمه الله فقال والله إن افضل أحوالي أن أفهم كلام أبي الحسن رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو المعالي محمد بن اسميل بن محمد بن الحسين الفارسي أنا ابو بكر أحمد بن الحسين بن علي الحافظ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أحمد بن محمد بن سلمة العنزي نا عثمان بن سعيد الدارمي نا عبد الله بن صالح عن معوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عزوجل أطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال يعني أهل الفقه والدين وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم ويامرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر فأوجب الله عزوجل طاعتهم وأخبرنا الشيخ أبو المعالي الفارسي أنا ابو بكر الحافظ نا ابو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد الله بن جعفر نا يونس بن حبيب نا ابو داود نا الصعق بن حزن عن عقيل الجعدي عن أبي اسحق عن سويد بن غفلة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله أي عرى الإسلام أوثق قال قلت الله ورسوله أعلم قال الولاية في الله الحب في الله والبغض في الله ويا عبد الله أتدري أي الناس أعلم قلت الله ورسوله أعلم قال فإن أعلم الناس أعلمهم بالحق إذا اختلف الناس وإن كان مقصرا في العمل وإن كان يزحف على أسته قال ونا ابو بكر بن فورك أنا عبد الله بن جعفر نا يونس بن حبيب نا ابو داود نا جرير بن حازم عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال من كان عنده علم فليقل بعلمه ومن لم يكن عنده علم فليقل الله أعلم

قال الإمام الحافظ رضي الله عنه فكانت هذه صفة الشيخ أبي الحسن رضي الله عنه عند ظهور البدع ووقوع الفتن فعلم الناس معاني دينهم وأوضح الحجج لتقوية يقينهم وأمرهم بالمعروف فيما يجب اعتقاده من تنزيه الله تعالى عن مشابهة مخلوقاته وبين لهم ما يجوز اطلاقه عليه عزوجل من أسمائه الحسنى وصفاته ونهاهم عن المنكر من تشبيه صفات المحدثين وذواتهم بأوصافه أو ذاته فكانت طاعته فيما أمربه من التوحيد مقربة للمقتدي به إلى مرضاته لأنه كان في عصره علم الخلق بما يجوز أن يطلق في وصف الحق فأظهر في مصنفاته ما كان عنده من علمه فهدى الله به من وفقه من خلقه لفهمه قال أبو بكر بن فورك رحمه الله انتقل الشيخ أبو الحسن علي بن اسمعيل الأشعري رضي الله عنه من مذاهب المعتزلة إلى نصرة مذاهب أهل السنة والجماعة بالحجج العقلية وصنف في ذلك الكتب وهو بصري من أولاد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله وهو الذي فتح كثيرا من بلاد العجم منها كور الأهواز ومنها أصبهان وكان نفر من أولاد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه بالبصرة وإلى وقت الشيخ أبي الحسن منهم من كان يذكر بالرياسة فلما وفق الله الشيخ أبا الحسن ما كان عليه من بدع المعتزلة وهداه إلى ما يسره من نصرة أهل السنة والجماعة ظهر امره وانتشرت كتبه بعد الثلثمائة وبقى إلى سنة أربع وعشرين وثلثمائة وممن تخرج به ممن اختلف إليه واستفاد منه المعروف بأبي الحسن الباهلي وكان إماميا في الأول رئيسيا مقدما

فانتقل عن مذهبهم بمناظرة جرت له مع الشيخ أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه ألزمه فيها الحجة حتى بان له الخطأ فيما كان عليه من مذاهب الإمامية فتركها واختلف إليه ونشر علمه بالبصرة واستفاد منه الخلق الكثيرون ثم تخرج به أيضا المعروف بأبي الحسن الرماني وكان مقدما في أصحابه وكذلك تخرج به أبو عبد الله حمويه السيرافي وطالت صحبته له وعاد إلى سيراف وانتفع به من هناك ورأيت من أصحابه بشيراز من لقيه ودرس عليه وممن صحب الشيخ أبا الحسن ببغداد واستفاد منه من اهل خراسان الشيخ أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي وكذلك الفقيه أبو زيد المرزوي والفقيه أبو سهل الصعلوكي النيسابوري وممن صحبه أبو نصر الكوازي بشيراز فإنه قصده ونسخ منه كثيرا من كتبه منها كتابه في النقض على الجبائي في الأصول يشتمل على نحو من أربعين جزءا نسخت أنا من كتابه الذي نسخه من نسخة الشيخ أبي الحسن بالبصرة فأما أسامي كتب الشيخ أبي الحسن رضي الله عنه مما صنفه إلى سنة عشرين وثلثمائة فإنه ذكر في كتابه الذي سماه العمد في الرؤية أسامي أكثر كتبه فمن ذلك إنه ذكر إنه صنف كتابا سماه الفصول في الرد على الملحدين والخارجين عن الملة كالفلاسفة والطبائعيين والدهريين وأهل التشبيه والقائلين بقدم الدهر على اختلاف مقالاتهم وأنواع مذاهبهم ثم رد فيه على البراهمة واليهود والنصارى والمجوس وهو كتاب كبير يشتمل على اثني عشر كتابا

أول كتاب اثبات النظر وحجة العقل والرد على من أنكر ذلك ثم ذكر علل الملحدين والدهريين مما احتجوا بها في قدم العالم وتكلم عليها واستوفى ما ذكره ابن الراوندي في كتابه المعروف بكتاب التاج وهو الذي نصر فيه القول بقدم العالم وذكر بعده الكتاب الذي سماه كتاب الموجز وذلك يشتمل على اثني عشر كتابا على حسب تنوع مقالات المخالفين من الخارجين عن الملة والداخلين فيها وآخره كتاب الإمامة تكلم في اثبات إمامة الصديق رضي الله عنه وابطل قول من قال بالنص وإنه لا بد من إمام معصوم في كل عصر قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه في كتاب العمد وألفنا كتابا في خلق الأعمال نقضنا فيه اعتلالات المعتزلة والقدرية في خلق الأعمال وكشفنا عن تمويههم في ذلك قال وألفنا كتابا كبيرا في الإستطاعة على المعتزلة نقضنا فيه استدلالاتهم على إنها قبل الفعل ومسائلهم وجواباتهم قال وألفنا كتابا كبيرا في الصفات تكلمنا على اصناف المعتزلة والجهمية والمخالفين لنا فيها في نفيهم علم الله وقدرته وسائر صفاته وعلى أبي الهذيل ومعمر والنظام والفوطي وعلى من قال بقدم العالم وفي فنون كثيرة من فنون الصفات في اثبات الوجه لله واليدين وفي استوائه على العرش وعلى الناشي ومذهبه في الأسماء والصفات قال وألفنا كتابا في جواز رؤية الله بالأبصار نقضنا فيه جميع إغتلالات المعتزلة في نفيها وإنكارها وإبطالها قال وألفنا كتابا كبيرا ذكرنا فيه إختلاف الناس في الأسماء والأحكام والخاص والعام قال وألفنا

كتابا في الرد على المجسمة وألفنا كتابا آخر في الجسم نرى أن المعتزلة لا يمكنهم أن يجيبوا عن مسائل الجسمية كما يمكننا ذلك وبينا لزوم مسائل الجسمية على اصولهم قال وألفنا كتابا سميناه كتاب ايضاح البرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان جعلناه مدخلا إلى الموجز تكلمنا فيه في الفنون التي تكلمنا فيها في الموجز وألفنا كتابا لطيفا سميناه كتاب اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع وألفنا كتابا سميناه اللمع الكبير جعلناه مدخلا إلى ايضاح البرهان وألفنا اللمع الصغير جعلناه مدخلا إلى اللمع الكبير والفنا كتابا سميناه كتاب الشرح والتفصيل في الرد على أهل الافك والتضليل جعلناه للمبتدئين ومقدمة ينظر فيها قبل كتاب اللمع وهو كتاب يصلح للمتعلمين وألفنا كتابا مختصرا جعلناه مدخلا إلى الشرح والتفصيل قال وألفنا كتابا كبيرا نقضنا فيه الكتاب المعروف بالأصول على محمد ابن عبد الوهاب الجبائي كشفنا عن تمويهه في سائر الأبواب التي تكلم فيها من أصول المعتزلة وذكرنا ما للمعتزلة من الحجج في ذلك بما لم يأت به ونقضناه بحجج الله الزاهرة وبراهينه الباهرة يأتي كلامنا عليه في نقضه في جميع مسائل المعتزلة وأجوبتها في الفنون التي اختلفنا نحن وهو فيها قال وألفنا كتابا كبيرا نقضنا فيه الكتاب المعروف بنقض تأويل الأدلة على البلخي في أصول المعتزلة وأبنا عن شبهه التي أوردها بأدلة الله الواضحة وأعلامه اللائحة وضممنا إلى ذلك نقض ما ذكره من الكلام في الصفات في عيون المسائل والجوابات وألفنا كتابا في

مقالات المسلمين يستوعب جميع اختلافاتهم ومقالاتهم وألفنا كتابا في جمل مقالات الملحدين وجمل أقاويل الموحدين سميناه كتاب جمل المقالات والفنا كتابا كبيرا في الصفات وهو أكبر كتبه سميناه كتاب الجوابات في الصفات عن مسائل أهل الزيغ والشبهات نقضنا فيه كتابا كنا ألفناه قديما فيها على تصحيح مذهب المعتزلة لم يؤلف لهم كتاب مثله ثم أبان الله سبحانه لنا الحق فرجعنا عنه فنقضناه وأوضحنا بطلانه والنفا كتابا على ابن الراوندي في الصفات والقرىن وألفنا كتابا نقضنا فيه كتابا للخالدي ألفه في القرآن والصفات قبل أن يؤلف كتابه الملقب بالملخص والفنا كتابا نقضنا به كتابا للخالذي في اثبات حدث إرادة الله تعالى و وأنه شاء ما لم يكن وكان ما لم يشأ وأوضحنا بطلان قوله في ذلك وسميناه القامع لكتاب الخالدي في الإرادة والفنا كتابا نقضنا فيه كتابا للخالدي في المقالات سماه المهذب سمينا نقضه فيما نخالفه فيه من كتابه الدافع للمهذب ونقضنا كتابا للخالدي نفى فيه رؤية الله تعالى بالأبصار والفنا على الخالدي كتابا نقضنا فيه كتابا ألفه في نفي خلق الأعمال وتقديرها عن رب العالمين وألفنا كتابا نقضنا به على البلخي كتابا ذكر إنه أصلح به غلط ابن الراوندي في الجدل والفنا كتابا في الاستشهاد أرينا فيه كيف يلزم المعتزلة على محجتهم في الاستشهاد بالشاهد على الغائب أن يثبتوا علم الله وقدرته وسائر صفاته والفنا كتابا سميناه المختصر في التوحيد والقدر في أبواب من الكلام منها الكلام في اثبات رؤية الله بالأبصار والكلام

في سائر الصفات والكلام في أبواب القدر كلها وفي التوليد وفي التعجيز والتجوير وسألناهم فيه عن مسائل كثيرة ضاقوا بالجواب عنها ذرعا ولم يجدوا إلى الإنفكاك عنها بحجة سبيلا وألفنا كتابا في شرح أدب الجدل وألفنا كتابا سميناه كتاب الطبريين في فنون كثيرة من المسائل الكثيرة وألفنا كتابا سميناه جواب الخراسانية في ضروب من المسائل كثيرة وألفنا كتابا سميناه كتاب الارجانيين في أبواب مسائل الكلام وألفنا كتابا سميناه جواب السيرافيين في أجناس الكلام وألفنا كتابا سميناه جواب العمانيين في أنواع من الكلام والفنا كتابا سميناه جواب الجرجانيين في مسائل كانت تدور بيننا وبين المعتزلة وألفنا كتابا سميناه جواب الدمشقيين في لطائف من الكلام وألفنا كتابا سميناه جواب الواسطيين في فنون من الكلام وألفنا كتابا سميناه جوابات الرامهرمزيين وكان بعض المعتزلة من رامهرمز كتب إلي يسألني الجواب عن مسائل كانت تدور في نفسه فأجبت عنها وألفنا كتابا سميناه المسائل المنثورة البغدادية وفيه مجالس دارت بيننا وبين أعلام المعتزلة وألفنا كتابا سميناه المنتخل في المسائل المنثورات البصريات وألفنا كتابا سميته كتاب الفنون في الرد على الملحدين والفت كتاب النوادر في دقائق الكلام وألفت كتابا سميته كتاب الإدراك في فنون من لطائف الكلام وألفت نقض الكتاب المعروف باللطيف على الاسكافي وألفت كتابا نقضت

فيه كلام عباد بن سليمان في دقائق الكلام والفت كتابا نقضت فيه كتابا على علي بن عيسى من تأليفه وألفنا كتابا في ضروب من الكلام سميناه المختزن ذكرنا فيه مسائل للمخالفين لم يسألونا عنها ولا سطروها في كتبهم ولم يتجهوا للسؤال وأجبنا عنها بما وفقنا الله تعالى له والفنا كتابا في باب شىء وأن الأشياء هي أشياء وإن عدمت رجعنا عنه ونقضناه فمن وقع إليه فلا يعولن عليه وألفنا كتابا في الإجتهاد في الأحكام والفنا كتابا في أن القياس يخص ظاهر القرآن والفنا كتابا في المعارف لطيفا والفنا كتابا في الأخبار وتخصيصها وألفنا كتابا سميناه الفنون في أبواب من الكلام غير كتاب الفنون الذي ألفناه على الملحدين والفنا كتابا سميناه جواب المصريين أتينا فيه على كثير من ابواب الكلام والفنا كتابا في ان العجز عن الشيء غير العجز عن ضده وأن العجز لا يكون إلا من الموجود نصرنا فيه من قال من أصحابنا بذلك وألفنا كتابا فيه مسائل على أهل التثنية سميناه كتاب المسائل على أهل التثنية وألفنا كتابا مجردا ذكرنا فيه جميع إعتراض الدهريين في قول الموحدين أن الحوادث أولا إنها لا تصح وأنها لا تصح إلا من محدث وفي أن المحدث واحد وأجبناهم عنه بما فيه اقناع للمسترشدين وذكرنا أيضا اعتلالات لهم في قدم الأجسام وهذا الكتاب غير كتبنا التي ذكرناها في صدر كتابنا هذا وهو مرسوم بالاستقصاء لجميع اعتراض الدهريين وسائر أصناف الملحدين وألفنا كتابا على الدهريين في اعتلالاتهم

في قدم الأجسام بأنها لا تخلو أن لو كانت محدثة من أن يكون أحدثها لنفسه أو لعلة والفنا كتابا نقضنا به اعتراضا على داود بن علي الأصبهاني في مسئلة الإعتقاد وألفنا كتاب تفسير القرآن رددنا فيه على الجبائي والبلخي ما حرفا من تأويله وألفنا كتاب زيادات النوادر والفنا كتابا سميناه جوابات أهل فارس والفنا كتابا أخبرنا فيه عن اعتلال من زعم أن الموات يفعل بطبعه ونقضنا عليهم اعتلالهم وأوضحنا عن تمويههم وألفنا كتابا في الرؤية نقضنا به اعتراضات اعترض بها علينا الجبائي في مواضع متفرقة من كتب جمعها محمد بن عمر الصيمري وحكاها عنه فأبنا عن فسادها وأوضحناه وكشفناه وألفنا كتابا سميناه الجوهر في الرد على أهل الزيغ والمنكر وألفنا كتابا أجبنا فيه عن مسائل الجبائي في النظر والاستدلال وشرائطه وألفنا كتابا سميناه أدب الجدل وألفنا كتابا في مقالات الفلاسفة خاصة وألفنا كتابا في الرد على الفلاسفة يشتمل على ثلاث مقالات ذكرنا فيه نقض علل ابن قيس الدهري وتكلمنا فيه على القائلين بالهيولي والطبائع ونقضنا فيه علل أرسطو طاليس في السماء والعالم وبينا ما عليهم في قولهم باضافة الأحداث إلى النجوم وتعليق أحكام السعادة والشقاوة بها

قال أبو بكر محمد بن فورك هذا هو أسامي كتبه التي ألفها إلى سنة عشرين وثلثمائة سوى أماليه على الناس والجوابات المتفرقة عن المسائل الواردات من الجهات المختلفات وسوى ما أملاه على الناس مما لم يذكر أساميه ههنا وقد عاش بعد ذلك إلى سنة أربع وعشرين وثلثمائة وصنف فيها كتبا منها كتاب نقض المضاهاة على الاسكافي في التسمية بالقدر وكتاب العمد في الرؤية وكتاب في معلومات الله ومقدوراته إنه لا نهاية لها على أبي الهذيل وكتاب على حارث الوراق في الصفات فيما نقض على ابن الراوندي وكتاب على اهل التناسخ وكتاب في الرد في الحركات على أبي الهذيل وكتاب على أهل المنطق ومسائل سئل عنها الجبائي في الأسماء والأحكام ومجالسات في خبر الواحد واثبات القياس وكتاب في أفعال النبي تسليما وكتاب في الوقوف والعموم وكتاب في متشابه القرآن جمع فيه بين المعتزلة والملحدين فيما يطعنون به في متشابه الحديث ونقض كتاب التاج على ابن الراوندي وكتاب فيه بيان مذهب النصارى وكتاب في الإمامة وكتاب فيه الكلام على النصارى مما يحتج به عليهم من سائر الكتب التي يعترفون بها وكتاب في النقض على ابن الراوندي في إبطال التواتر وفيما يتعلق به الطاعنون على التواتر ومسائل في اثبات الإجماع وكتاب في حكايات مذاهب المجسمة وما يحتجون به وكتاب نقض شرح الكتاب وكتاب في مسائل جرت بينه وبين أبي الفرج

المالكي في علة الخمر ونقض كتاب آثار العلوية على أرسطو طاليس وكتاب في جوابات مسائل لأبي هاشم استملاها ابن أبي صالح الطبري وكتابه الذي سماه الاحتجاج وكتاب الأخبار الذي أملاه على البرهان وذلك آخر ما بلغنا من أسامي تصانيفه وله كتاب في دلائل النبوة مفرد وكتاب آخر في الإمامة مفرد قال الشيخ الإمام الحافظ رضي الله عنه هذا آخر ما ذكره أبو بكر بن فورك من تصانيفه وقد وقع إلي أشياء لم يذكرها في تسمية تواليفه فمنها رسالة الحث على البحث ورسالة في الإيمان وهل يطلق عليه اسم الخلق وجواب مسائل كتب بها إلى أهل الثغر في تبيين ما سألوه عنه من مذهب أهل الحق وأخبرني الشيخ أبو القاسم بن نصر الواعظ في كتابه عن أبي المعالي بن عبد الملك القاضي قال سمعت من أثق به قال رأيت تراجم كتب الإمام أبي الحسن فعددتها أكثر من مائتين وثلثمائة مصنف وفي ذلك ما يدل على سعة علمه وينبىء الجاهل به عن غزارة فهمه وخطبته في أول كتابه الذي صنفه في تفسير القرآن أدل دليل على تبريزه في العلم به على الإقران وهو الذي سماه تفسير القرآن والرد على من خالف البيان من أهل الإفك

والبهتان ونقض ما حرفه الجبائي والبلخي في تأليفهما قال في أوله الحمد لله الحميد المجيد المبدىء المعيد الفعال لما يريد الذي افتتح بحمده كتابه وأوضح فيه برهانه وبين فيه حلاله وحرامه وفرق بين الحق والباطل والعالم والجاهل وأنزله محكما ومتشابها وناسخا ومنسوخا ومكيا ومدنيا وخاصا وعاما ومثلا مضروبا أخبر فيه عن أخبار الأولين وأقاصيص المتقدمين ورغب فيه في الطاعات ورهب فيه وزجر عن الزلات والتبعات وخطوات الشيطان والضلالات ووعد فيه بالثواب لمن عمل بطاعته ليوم المآب وتوعد فيه من كفر به وجانب الصواب ولم يعمل بالطاعة ليوم الحشر والحساب جعله موعظة للمؤمنين وعبرة للغابرين وحجة على العالمين لئلا يقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين جمع فيه علم الأولين والآخرين وأكمل فيه الفرائض والدين فهو صراط الله المستبين وحبله المتين من تمسك به نجا ومن جانبه ضل وغوى وفي الجهل تردى وجعله قرآنا عربيا غير ذي عوج بلسان العرب الأميين الذين لم يأتهم رسول قبله من عند رب العالمين بكتاب يتلوه بلسانهم من عند فاطر السموات

والأرضين وقطع به عذر المخالفين لنبوة سيد المرسلين إذ جعله معجزا يعجزون عن الإتيان بمثله وهم أرباب اللسان والنهاية في البيان بين لهم فيه ما يأتون وما يتقون وما يحلون وما يحرمون وأوضح لهم فيه سبل الرشاد والهدى والسداد وما صنعه بالأولين الذين كانوا لديه مخالفين وعنه منحرفين وما ينزله من النقمات بالكافرين أن أقاموا على الكفر وكانوا به متمسكين ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم أما بعد فإن أهل الزيغ والتضليل تأولوا القرآن على آرائهم وفسروه على أهوائهم تفسيرا لم ينزل الله به سلطانا و لا أوضح به برهانا ولا رووه عن رسول رب العالمين ولا عن أهل بيته الطيبين ولا عن السلف المتقدمين من أصحابه والتابعين افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين وإنما أخذوا تفسيرهم عن أبي الهذيل بياع العلف ومتبعيه وعن إبراهيم نظام الخرز ومقلديه وعن الفوطي وناصريه وعن المنسوب إلى قرية جبى ومنتحليه وعن الأشج جعفر بن حرب ومجتبيه وعن جعفر بن مبشر القصبي ومتعصبيه وعن الاسكافي الجاهل ومعظميه وعن الفروي المنسوب إلى مدينة بلخ وذويه فإنهم قادة الضلال من المعتزلة الجهال الذين قلدوهم دينهم وجعلوهم معولهم الذي عليه يعولون وركنهم الذي إليه يستندون ورأيت الجبائي ألف في تفسير القرآن كتابا أوله على خلاف ما أنزل الله عزوجل وعلى لغة أهل قريته المعروفة بجبي وليس من أهل اللسان الذي نزل به القرآن وما روى في كتابه حرفا وأحدا عن أحد من المفسرين وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره

وشيطانه ولولا إنه استغوى بكتابه كثيرا من أهل العوام واستزل به عن الحق كثيرا من الطغام لم يكن لتشاغلي به وجه قال الإمام الحافظ أبو القسم رضي الله عنه ثم ذكر بعض المواضع التي أخطأ فيها الجبائي في تفسيره وبين ما أخطأ فيه من تأويل القرآن بعون الله له وتيسيره وكل ذلك مما يدل على نبله وكثرة علمه وظهور فضله فجزاه الله على جهاده في دينه بلسانه الحسنى وأحله باحسانه في مستقر جنانه المحل الأسني وذكر أبو العباس المعروف بقاضي العسكر وكان من كبراء أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه إنه نظر في كتب صنفها المتقدمون في علم التوحيد قال فوجدت بعضها للفلاسفة مثل اسحق الكندي والاسفرازي وأمثالهما وذلك كله خارج عن الطريق المستقيم زائغ عن الدين القويم لا يجوز النظر في تلك الكتب لأنه يجر إلى المهالك لأنها مملوءة من الشرك والنفاق مسماة باسم التوحيد ولهذا ما أمسك المتقدمون من أهل السنة والجماعة شيئا من كتبهم ووجدت تصانيف كثيرة في هذا الفن من العلم للمعتزلة مثل عبد الجبار الرازي والجبائي والكعبي والنظام وغيرهم ولا يجوز إمساك تلك الكتب ولا النظر فيها كيلا تحدث الشكوك ويوهن الاعتقاد ولئلا ينسب ممسكها إلى البدعة ولهذا ما أمسكها المتقدمون من أهل السنة والجماعة فكذا المجسمة صنفوا كتبا في هذا الفن مثل محمد بن لهيصم وامثاله ولا يحل النظر فيها ولا إمساكها فإنهم شر أهل البدع وقد وقع في يدي بعض هذه التصانيف فما أمسكت منها شيئا وقد وجدت لأبي

الحسن الأشعري رضي الله عنه كتبا كثيرة في هذا الفن وهي قريبة من مائتي كتاب والموجز الكبير يأتي على عامة ما في كتبه وقد صنف الأشعري كتابا كبيرا لتصحيح مذهب المعتزلة فإنه كان يعتقد مذهب المعتزلة في الابتداء ثم أن الله تعالى بين له ضلالهم فبان عما اعتقده من مذهبهم وصنف كتابا ناقضا لما صنف للمعتزلة وقد اخذ عامة أصحاب الشافعي بما استقر عليه مذهب أبي الحسن الأشعري وصنف أصحاب الشافعي كتبا كثيرة على وفق ما ذهب إليه الأشعري إلا أن بعض أصحابنا من أهل السنة والجماعة خطأ أبا الحسن الأشعري في بعض المسائل مثل قوله التكوين والمكون واحد ونحوها على ما يبين في خلال المسائل إن شاء الله تعالى فمن وقف على المسائل التي أخطأ فيها ابو الحسن وعرف خطأه فلا بأس له بالنظر في كتبه فقد أمسك كتبه كثير من أصحابنا من أهل السنة والجماعة ونظروا فيها قال الإمام الحافظ رضي الله عنه وهذه المسائل التي أشار إليها لا تكسب أبا الحسن تشنيعا ولا توجب له تكفيرا ولا تضليلا ولا تبديعا ولو حققوا الكلام فيها لحصل الإتفاق وبان بأن الخلاف فيها حاصله الوفاق وما زال العلماء يخالف بعضهم بعضا ويقصد دفع قول خصمه إبراما ونقضا ويجتهد في إظهاره خلافه بحثا وفحصا ولا يعتقد ذلك في حقه عيبا ونقصا وقديما ما خالف أبا حنيفة صاحباه وأجابا في كثير من المسائل بما أباه والله يتغمد جميع العلماء برحمته ويحشرنا في زمرتهم بلطفه ورأفته

باب ذكر ما عرف من أبي الحسن رضي الله عنه من الاجتهاد في العبادة ونقل عنه من التقلل من الدنيا والزهادة أخبرنا الشيخ أبو المظفر بن أبي العباس الشعيري الصوفي قال أخبرنا الإمام أبو الفضل محمد بن علي بن احمد بن أحمد بن الحسين البسطامي جدي لأمي قال سمعت علي بن محمد الطبري المتكلم قال سمعت أبا الحسين السروي الفاضل في الكلام يقول كان الشيخ أبو الحسن يعني الأشعري قريبا من عشرين سنة يصلي صلاة الصبح بوضوء العتمة وكان لا يحكي عن اجتهاده شيئا إلى أحد كتب إلي الشيخ أبو القاسم نصر بن نصر بن علي عن يونس بن العكبري من بغداد يخبرني عن القاضي أبي المعالي عزيزي بن عبد الملك شيذلة قال سمعت الشيخ الإمام أبا عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني قال سمعت الإمام أبا الحسين محمد بن أحمد بن سمعون قال سمعت أبا عمران موسى بن أحمد بن علي الفقيه قال سمعت أبي يقول خدمت الإمام أبا الحسن بالبصرة سنين وعاشرته ببغداد إلى أن توفي رحمه الله فلم أجد أورع منه ولا أغض طرفا ولم أر شيخا أكثر حياء منه في أمور الدنيا و لا أنشط منه في أمور الآخرة قال القاضي أبو المعالي فأظهر الحق ونصره وأدحض الباطل وزجره وأعلن معالم الدين وأقام دعائم اليقين وصنف كتبا هي في الآفاق مشهورة معروفة وعند المخالف والمؤالف مثبوتة موصوفة فلم تزل وجوه الدين بجانبه مكشوفة القناع وايدي الشريعة بنصرته مبسوطة الباع وكلمة البدع منقمعة الأمر

وشبه الباطل منقصمة الظهر إلى أن مات رضوان الله عليه أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور القفيه بدمشق قال ثنا والشيخ أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون المقري ببغداد قال أنا ابو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ قال ثنا القاضي أبو محمد عبد الله ابن محمد بن عبد الرحمن الأصبهاني قال سمعت أبا عبد الله بن دانيال يقول سمعت بندار بن الحسين وكان خادم أبي الحسن علي بن اسماعيل بالبصرة قال كان أبو الحسن ياكل من غلة ضيعة وقفها جده بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري على عقبه قال وكانت نفقته في كل سنة سبعة عشر درهما باب ذكر ما يسر لأبي الحسن رحمه الله من النعمة من كونه من خير قرون هذه الأمة أخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن التميمي قال أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا هشيم قال أنا ابو بشر بن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال قال رسول الله خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والله أعلم قال الثالثة أم لا ثم يجيء قوم يحبون السمانة يشهدون قبل أن يستشهدوا

رواه مسلم بن الحجاج في صحيحه عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن هشيم بن بشير الواسطي وقد جاء هذا الحديث من وجهين آخرين من غير شك في ذكر القرن الثالث بعد ذكر القرنين أخبرنا به الشيخ ابو بكر محمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم الفرضي المقري ببغداد قال ثنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله ح وأخبرنا به الشيخ أبو القاسم اسمعيل بن أحمد بن عمر بن السمرقندي قال أنا ابو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البزاز قالا أنا ابو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير قال أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا داود بن عمرو الضبي قال ثنا سلام أبو الأحوص قال ثنا منصور عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبد الله قال رسول الله خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم فكنا ننهى أن نحلف بالعهد والشهادات هذا حديث متفق على صحته رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن كثير العبدي عن سفيان بن سعيد الثوري عن منصور ورواه مسلم في صحيحه عن قتيبة بن سعيد وهناد بن السري عن أبي الأحوص سلام بن سليم الكوفي إلا إنهما لم يذكرا ثم الذين يلونهم الثالثة كما ذكرها داود بن عمرو الضبي في حديثه وأخبرنا به الشيخ أبو أبو القسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قال أنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمذاني قال أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال ثنا الحرث

ابن أبي أسامة قال ثنا أبو النضر قال ثنا أبو معاوية شيبان عن عاصم عن خيثمة والشعبي عن النعمان بن بشير عن رسول الله قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتى يقوم تسبق إيمانهم شهادتهم وتسبق شهادتهم إيمانهم أخرجه أبو عبد الله أحمج بن محمد بن حنبل رحمه الله في مسنده عن ابي النضر هاشم بن القسم البغدادي هكذا وذكر فيه القرن الثالث بعد قرن النبي وفيه أوفى دليل على المعنى الذي أشرت في ترجمة الباب إليه لأنه لا يخلو ان يكون وقته ابتداء القرن من مبعثه أو من حين توفاه الله عزوجل ونقله إلى جدته ومدة القرن من الزمان مائة سنة ففي الروايتين ما يدل على منقبة لأبي الحسن حسنة فإنه ولد في القرن الثالث بعد قرن المصطفى فكان مما اختاره الله من أمة محمد واصطفى فهو لا شك من قرن شهد له رسول الله صلى الله عليه سلم بالخيرية مع ما انضاف إلى ذلك من كونه من الجرثومة الأشعرية التي وصفها نبي هذه الأمة فيما صح عنه بالايمان والحكمة إذ لا نعلم إماما من الأشعريين تجرد لا فحام الملاحدة والمفترين في سالف أو آنف من الزمن كتجرد الإمام العالم أبي الحسن فهو المستحق لهذه المرتبة والمخصوص من الأشعريين بشرف المنقبة ويدل على مبلغ قدر القرن وأمده مما لا يتمارى أحد في صحة سنده ما أخبرنا الشيخ أبو المظفر عبد المنعم بن الأستاذ أبي القسم عبد الكريم بن هوازن القشيري بنيسابور قال أنا ابي رحمه الله قال أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمد

الأزهري قال أنا أبو عوانة يعقوب بن اسحق بن إبراهيم بن الاسفرايني قال ثنا السلمي يعني احمد بن يوسف قال ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهري عن سالم وأبي بكر بن سليمان يعني ابن أبي خيثمة أن عبد الله بن عمر قال صلى بنا رسول الله ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قال أرأيتم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن ظهر على الأرض أحدا يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن فلا يبقى أحد متفق على صحته رواه مسلم عن محمد بن رافع وعبد بن حميد وعن عبد الرزاق ويدل عليه ايضا ما أخبرنا الشيخ أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد بن يوسف الماهاني بأصبهان قال أنا أبو منصور شجاع بن علي بن شجاع المصقلي الصوفي قال أنا عبد الله محمد بن اسحق بن محمد بن يحيى العبدي قال أنا أحمد بن سليمان بن أيوب بن حزام قال ثنا موسى بن أبي عوف قال ثنا سلمة بن خداش قال ثنا محمد بن القسم الطائي أن عبد الله بن بسر كان معهم في قريته فقال هاجر أبي وأمي إلى النبي وأن النبي مسح بيده رأسي وقال ليعيشن هذا الغلام قرنا قلت بأبي وأمي يا رسول الله وكم القرن قال مائة سنة قال عبد الله فلقد عشت خمسا وتسعين سنة وبقيت خمس سنين إلى أن أتم قول رسول الله قال محمد فحسبنا بعد ذلك خمس سنين ثم مات وأخبرنا الشيخان أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن أحمد بن البناء ببغداد قالا أنا ابو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن

الأبنوسي قال انا ابو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل بن البيري أجازة قال أنا محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد الزعفراني قال ثنا أبو بكر أحمد ابن أبي خيثمة زهير بن حرب قال ثنا علي بن بحر بن بري ويعقوب ابن كعب الأنطاكي قالا حدثنا عيسى عن يونس قال ثنا الأوزاعي عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة قال كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون القرن مائة عام وكان بين نوح وإبرهيم عليهما السلام عشرة قرون أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الفرضي قال أنا ابو محمد الحسن ابن علي بن محمد الجوهري قال أنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد الخزاز قال أنا ابو الحسن أحمد بن معروف بن بشر الخشاب قال أنا أبو محمد حارث ابن أبي أسامة قال أنا أبو عبد الله محمد بن سعد قال أنا محمد بن عمر الواقدي عن غير واحد من أهل العلم قالوا كان بين آدم ونوح عشرة قرون القرن مائة عام وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون والقرن ماية سنة وبين إبراهيم وموسى بن عمران عشرة قرون والقرن ماية سنة فأما معرفة زمان أبي الحسن وتاريخ مولده وذكر وفاته ومبلغ عمره ومنتهى أمده فأخبرنا الشيخ أبو القسم نصر بن أحمد بن مقاتل قال أخبرنا جدي أبو محمد بن أحمد المقري قال أنا ابو علي بن إبراهيم الفارسي قال سمعت أبا الحسن محمد بن محمد الوزان بالبصرة يقول سمعت أبا بكر الوزان يقول ولد ابن أبي بشر سنة ستين ومأتين ومات سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة لا أعلم لقائل هذا القول في تاريخ مولده مخالفا ولكن أراه في تاريخ وفاته رحمه الله مجازفا ولعله أراد سنة نيف

وعشرين فإن ذلك وفاته قول إلا كثيرين فقد ذكر لي الشيخان الفقيه أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس وأبو منصور محمد بن عبد الملك المقري أن أبا بكر الخطيب الحافظ ذكر لهما قال ذكر أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد أن أبا الحسن مات في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة قال الخطيب أبو بكر وذكر لي أبو القسم عبد الواحد بن علي الأسدي إنه مات ببغداد بعد سنة عشرين وقبل سنة ثلاثين وثلاثمائة وقرأت في تاريخ أبي يعقوب اسحق بن إبراهيم بن عبد الرحمن الهدوي بخط بعض أهل المعرفة قال سنة أربع وعشرين وثلاثمائة فيها مات أبو الحسن علي بن اسماعيل الأشعري وكذا ذكر الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني تلميذ تلميذه أبي الحسن الباهلي وهو أعلم بأمره وأخبرنا الشيخ أبو القسم نصر بن نصر بن علي العكبري في كتابه عن القاضي أبي المعالي عزيزي بن عبد الملك قال قيل أن أبا الحسن مات قبل الثلاثين ونودي على جنازته بناصر الدين وروى الشيخ أبو الحسين بن سمعون قال كان لي صاحب يلازم مجلسي متصاون جميل الظاهر كثير المجاهدة فمات فحسنت تجهيزه ودفنته بباب حرب فلما كان بعد أيام رأيته في النوم عريانا مشوه الخلق على صورة قبيحة فقلت له ياأبا عبد الله ما فعل الله بك فقال أنا مطرود كما ترى فقلت أما كنت حسن الظن بالله تعالى فقال نعم ولكني كنت مسيء الظن بهذا الشيخ فنظرت فإذا أنا بشيخ طوال بهى المنظر حسن الهيئة طيب الرائحة جميل المحاسن وهو يقرأ بصوت جهورى طيب قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما

وعد ربكم حقا وينظر إلى ذلك المسكين صاحبي وكان معه خلق عظيم فوق الإحصاء فسألت عنه فقيل لي هذا أبو الحسن الأشعري قد غفر الله له قال الشيخ أبو الحسين وأظنهم قالوا وشفعه في أصحابه رضي الله عنهم أجمعين وقد كان الشيخ أبو الحسن كجده أبي موسى الأشعري موصوفا بحسن الصوت فيما بلغني من بعض الوجوه كما رآه أبو الحسين ابن سمعون في منامه بعد الموت باب ما وصف من مجانبته لأهل البدع وجهاده وذكر ما عرف من نصيحته للأمة وصحة اعتقاده أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بنيسابور قال سمعت الأستاذ أبا القسم عبد الملك بن هوازن القشيري يقول سمعت الإستاذ الشهيد أبا علي الحسن بن علي الدقاق رحمه الله يقول سمعت أبا علي زاهر بن أحمد الفقيه رحمه الله يقول مات أبو الحسن الأشعري رحمه الله ورأسه في حجري وكان يقول شيئا في حال نزعه من داخل حلقه فأدنيت إليه رأسي وأصغيت إلى ما كان يقرع سمعي فكان يقول لعن الله المعتزلة موهوا ومخرقوا سمعت الشيخين أبا محمد عبد الجبار ابن أحمد بن محمد البيهقي الفقيه وأبا القسم زاهر بن طاهر المعدل بنيسابور يقولان سمعنا الشيخ أبا بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي يقول سمعت أبا حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ يقول سمعت أبا

علي زاهر بن أحمد السرخسي يقول لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري رحمه الله في داري ببغداد دعاني فأتيته فقال اشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا كله اختلاف العبارات كتب إلي الشيخ أبو القسم نصر بن نصر الواعظ يخبرني عن القاضي أبي المعالي بن عبد الملك وذكر أبا الحسن الأشعري فقال نضر الله وجهه وقدس روحه فإنه نظر في كتب المعتزلة والجهمية والرافضة وإنهم عطلوا وأبطلوا فقالوا لا علم لله ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة ولا بقاء ولا إرادة وقالت الحشوية والمجسمة والمكيفة المحددة أن لله علما كالعلوم وقدرة كالقدر وسمعا كالأسماع وبصرا كالأبصار فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال إن لله سبحانه وتعالى علما لا كالعلوم وقدرة لا كالقدر وسمعا لا كالأسماع وبصرا لا كالأبصار وكذلك قال جهم بن صفوان العبد لا يقدر على إحداث شيء ولا على كسب شيء وقالت المعتزلة هو قادر على الإحداث والكسب معا فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال العبد لا يقدر على الإحداث ويقدر على الكسب ونفى قدرة الإحداث وأثبت قدرة الكسب وكذلك قالت الحشوية المشبهة أن الله سبحانه وتعالى يرى مكيفا محدودا كسائر المرئيات وقالت المعتزلة والجهمية والنجارية إنه سبحانه لا يرى بحال من الأحوال فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال يرى من غير حلول ولا حدود ولا تكييف كما يرانا هو سبحانه وتعالى وهو

غير محدود ولا مكيف فكذلك نراه وهو غير محدود ولا مكيف وكذلك قالت النجارية ان الباري سبحانه بكل مكان من غير حلول ولا جهة وقالت الحشوية والمجسمة إنه سبحانه حال في العرش وأن العرش مكان له وهو جالس عليه فسلك طريقة بينهما فقال كان ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولم يحتج إلى مكان وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه وقالت المعتزلة له يد يد قدرة ونعمة ووجهه وجه وجود وقالت الحشوية يده يد جارحة ووجهه وجه صورة فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال يده يد صفة ووجهه وجه صفة كالسمع والبصر وكذلك قالت المعتزلة النزول نزول بعض آياته وملائكته والإستواء بمعنى الإستيلاء وقالت المشبهة والحشوية النزول نزول ذاته بحركة وانتقال من مكان إلى مكان والإستواء جلوس على العرش وحلول فيه فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال النزول صفة من صفاته والإستواء وكذلك قالت المعتزلة كلام الله مخلوق مخترع مبتدع وقالت الحشوية المجسمة الحروف المقطعة والأجسام التي يكتب عليها والألوان التي يكتب بها وما بين الدفتين كلها قديمة أزلية فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال القرآن كلام الله قديم غير مغير ولا مخلوق ولا حادث ولا مبتدع فأما الحروف المقطعة والأجسام والألوان والأصوات والمحدودات وكل ما في العالم من المكيفات مخلوق مبتدع مخترع وكذلك قالت المعتزلة والجهمية والنجارية الإيمان مخلوق على

الإطلاق وقالت الحشوية المجسمة الإيمان قديم على الإطلاق فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما وقال الإيمان إيمانان إيمان لله فهو قديم لقوله المؤمن المهيمن وإيمان للخلق فهو مخلوق لأنه منهم يبدو وهم مثابون على إخلاصه معاقبون على شكه وكذلك قالت المرجئة من أخلص لله سبحانه وتعالى مرة في إيمانه لا يكفر بارتداد ولا كفر ولا يكتب عليه كبيرة قط وقالت المعتزلة إن صاحب الكبيرة مع إيمانه وطاعاته ماية سنة لا يخرج من النار قط فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما وقال المؤمن الموحد الفاسق هو في مشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة وإن شاء عاقبه بفسقه ثم أدخله الجنة فأما عقوبة متصلة مؤبدة فلا يجازى بها كبيرة منفصلة منقطعة وكذلك قالت الرافضة أن للرسول صلوات الله عليه وسلامه ولعلي عليه السلام شفاعة من غير أمر الله تعالى ولا إذنه حتى لو شفعا في الكفار قبلت وقالت المعتزلة لا شفاعة له بحال فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال بان للرسول صلوات الله عليه وسلامه شفاعة مقبولة في المؤمنين المستحقين للعقوبة يشفع لهم بأمر الله تعالى وإذنه ولا يشفع إلا لمن ارتضى وكذلك قالت الخوارج بكفر عثمان وعلي رضي الله عنهما ونص هو رضي الله عنه على موالاتهما وتفضيل المقدم على المؤخر وكذلك قالت المعتزلة إن أمير المؤمنين معاوية وطلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة وكل من تبعهم رضي الله عنهم على الخطأ ولو شهدوا كلهم بحبة واحدة لم تقبل شهادتهم وقالت الرافضة إن هؤلاء كلهم كفار ارتدوا بعد إسلامهم

وبعضهم لم يسلموا وقالت الأموية لا يجوز الخطأ بحال فسلك رضي الله عنه طريقة بينهم وقال كل مجتهد مصيب وكلهم على الحق وإنهم لم يختلفوا في الأصول وإنما اختلفوا في الفروع فأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى شيء فهو مصيب وله الأجر والثواب على ذلك إلى غير ذلك من أصول يكثر تعدادها وتذكارها وهذه الطرق التي سلكها لم يسلكها شهوة وإرادة ولم يحدثها بدعة واستحسانا ولكنه أثبتها ببراهين عقلية مخبورة وأدلة شرعية مسبورة وأعلام هادية إلى الحق وحجج داعية إلى الصواب والصدق هي الطرق إلى الله سبحانه وتعالى والسبيل إلى النجاة والفوز من تمسك بها فاز ونجا ومن حاد عنها ضل وغوى فإذا كان أبو الحسن رضي الله عنه كما ذكر عنه من حسن الإعتقاد مستوصب المذهب عند أهل المعرفة بالعلم والانتقاد يوافقه في اكثر ما يذهب إليه أكابر العباد ولا يقدح في معتقده غير أهل الجهل والعناد فلا بد أن نحكي عنه معتقده على وجهه بالأمانة ونجتنب ان نزيد فيه أو ننقص منه تركا للخيانة ليعلم حقيقة حاله في صحة عقيدته في أصول الديانة فاسمع ما ذكره في أول كتابه الذي سماه بالإبانة فإنه قال الحمد لله الأحد الواحد العزيز الماجد المتفرد بالتوحيد المتمجد بالتمجيد الذي لا تبلغه صفات العبيد وليس له مثل ولا نديد وهو المبدىء المعيد جل عن اتخاذ الصاحبة والأبناء وتقدس عن ملامسة النساء فليست له عزة تنال ولا حد تضرب له فيه الأمثال لم يزل بصفاته أولا قديرا

ولا يزال عالما خبيرا سبق الإشياء علمه ونفذت فيها إرادته فلم تعزب عنه خفيات الأمور ولم تغيره سوالف صروف الدهور ولم يلحقه في خلق شيء مما خلق كلال ولا تعب ولا مسه لغوب ولا نصب خلق الأشياء بقدرته ودبرها بمشيئته وقهرها بجبروته وذللها بعزته فذل لعظمته المتكبرون واستكان لعظم ربوبيته المتعظمون وانقطع دون الرسوخ في علمه الممترون وذلت له الرقاب وحارت في ملكوته فطن ذوي الألباب وقامت بكلمته السموات السبع واستقرت الأرض المهاد وثبتت الجبال الرواسي وجرت الرياح اللواقح وسار في جو السماء السحاب وقامت على حدودها البحار وهو إله قاهر يخضع له المتعززون ويخشع له المترفعون ويدين طوعا وكرها له العالمون نحمده كما حمد نفسه وكما ربنا له أهل ونستعينه إستعانة من فوض أمره إليه وأقر أنه لا ملجأ ولا منجي منه إلا إليه ونستغفره إستغفار مقر بذنبه معترف بخطيئته ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بوحدانيته وإخلاصا لربوبيته وإنه العالم بما تبطنه الضمائر وتنطوي عليه السرائر وما تخفيه النفوس وما تخزن البحار وما تواري الأسرار وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار لا توارى منه كلمة ولا تغيب عنه غائبة وما تسقط من ورقة من شجرة ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ويعلم ما يعمل العاملون وإلى أين ينقلب المنقلبون ونستهدي الله بالهدى ونسأله التوفيق لمجانبة الردى ونشهد أن محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه وأمينه على وحيه أرسله

بالنور الساطع والسراج اللامع والحجج الظاهرة والبراهين الزاهرة والأعاجيب القاهرة فبلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته وجاهد في الله حق الجهاد ونصح له في البلاد وقابل أهل العناد حتى تمت كلمة الله وظهر أمره وإنقاد الناس للحق أجمعين حتى أتاه اليقين لا وانيا ولا مقصرا فصلوات الله عليه من قائد إلى الهدى ومبين عن ضلالة وعمى وعلى أهل بيته الطيبين وعلى أصحابه المنتجبين وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين صلوات الله على من أظهر الشرائع والأحكام والحلال والحرام وبين لنا به شريعة الإسلام حتى انجلت به عنا طخياء الظلام وانحسرت به عنا الشبهات وانكشفت به عنا الغيابات وظهرت لنا به البينات جاءنا بكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد جمع فيه علم الأولين والآخرين وأكمل به الفرائض والدين وهو صراط الله المستقيم وحبله المتين من تمسك به نجا ومن خالفه ضل وغوى وحثنا في كتابه على التمسك بسنة رسوله فقال ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال فليحذر الذين يخالفون عن أمره وقال ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم وقال وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله يقول إلى كتاب الله وسنة نبيه قال وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وقال قل ما يكون لي من أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي وقال إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إن

يقولوا سمعنا وأطعنا وأمرهم أن يسمعوا قوله ويطيعوا أمره وقال أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فأمرهم بطاعة رسول الله كما أمرهم بطاعته ودعاهم إلى التمسك بسنة نبيه كما أمرهم بالعمل بكتابه فنبذ كثير ممن غلبت عليه شقوته واستحوذت عليه بليته سنة نبي الله وراء ظهورهم ومالوا إلى أسلافهم وقلدوهم دينهم ودانوا بديانتهم وأبطلوا سنن رسول الله ورفضوها وأنكروها وجحدوا افتراء منهم على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين وأوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة تغر أهلها وتخدع سكانها قال الله عزوجل وأضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا إن امرأ لم يكن منها في حيرة إلا أعقبته بعدها عبرة لم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهورا غراره غرور ما فيها فانية فان من عليها كما حكم عليها ربها بقوله كل من عليها فان فاعملوا رحمكم الله للحياة الدائمة ولخلود الأبد فإن الدنيا تنقضي عن اهلها وتبقى الأعمال قلائد في رقاب أهلها واعلموا إنكم ميتون ثم إنكم من بعد موتكم إلى ربكم تصيرون ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى وكونوا بطاعة ربكم عاملين وعما نهاكم عنه منتهين أما بعد فإن كثيرا من المعتزلة وأهل القدر مالت بهم أهواؤهم إلى التقليد لرؤسائهم ومن مضى من أسلافهم فتأولوا القرآن على أرائهم تأويلا لم ينزل الله به سلطانا ولا

أوضح به برهانا ولا نقلوه عن رسول رب العالمين ولا عن السلف المتقدمين فخالفوا رواية الصحابة عن نبي الله في رؤية الله بالأبصار وقد جاءت في ذلك الروايات من الجهات المختلفات وتواترت بها الآثار وتتابعت بها الأخبار وأنكروا شفاعة رسول الله وردوا الرواية في ذلك عن السلف المتقدمين وجحدوا عذاب القبر وان الكفار في قبورهم يعذبون وقد أجمع على ذلك الصحابة والتابعون ودانوا بخلق القرآن نظيرا لقول إخوانهم من المشركين الذين قالوا إن هذا إلا قول البشر فزعموا أن القرآن كقول البشر وأثبتوا وأيقنوا ان العباد يخلقون الشر نظيرا لقول المجوس الذين يثبتون خالقين احدهما يخلق الخير والآخر يخلق الشر وزعمت القدرية ان الله تعالى يخلق الخير وأن الشيطان يخلق الشر وزعموا ان الله عزوجل يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء خلافا لما أجمع عليه المسلمون من ان ما شاء الله كان وما لا يشاء لا يكون وردا لقول الله وما تشاءون إلا أن يشاء الله فأخبر انا لا نشاء شيئا إلا وقد شاء أن نشاءه ولقوله ولو شاء الله ما اقتتلوا ولقوله ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولقوله تعالى فعال لما يريد ولقوله مخبرا عن شعيب إنه قال وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ولهذا سماهم رسول الله مجوس هذه الأمة لأنهم دانو بديانة المجوس وضاهوا أقوالهم وزعموا أن للخير والشر خالقين كما زعمت المجوس وإنه يكون من الشر مالا يشاء كما قالت المجوس ذلك

وزعموا أنهم يملكون الضر والنفع لأنفسهم ردا لقول الله تعالى قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله وانحرافا عن القرآن وعما اجمع المسلمون عليه وزعموا أنهم ينفردون بالقدرة على أعمالهم دون ربهم وأثبتوا لأنفسهم غنى عن الله عزوجل ووصفوا أنفسهم بالقدرة على ما لم يصفوا الله بالقدرة عليه كما أثبت المجوس للشيطان من القدرة على الشر ما لم يثبتوه لله عزوجل فكانوا مجوس هذه الأمة إذ دانوا بديانة المجوس وتمسكوا بأقوالهم ومالوا إلى أضاليلهم وقنطوا الناس من رحمة الله وآيسوهم روحه وحكموا على العصاة بالنار والخلود خلافا لقول الله تعالى ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وزعموا أن من دخل النار لا يخرج منها خلافا لما جاءت به الرواية عن رسول الله ان الله عزوجل يخرج من النار قوما بعد ما امتحشوا فيها وصاروا حمما ودفعوا أن يكون لله وجه مع قوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وانكروا أن يكون لله يدان مع قوله لما خلقت بيدي وأنكروا أن يكون له عين مع قوله تجري بأعيننا ولقوله ولتصنع على عيني ونفوا ما روي عن رسول الله من قوله إن الله ينزل إلى سماء الدني وأنا ذاكر ذلك أن شاء الله بابا بابا وبه المهونة والتأييد ومنه التوفيق والتسديد فإن قال قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون قيل له قولنا الذي به تقول وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله

عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان عليه أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولمن خالف قوله قوله مجانبون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وكبير مفهم وعلى جميع أئمة المسلمين وجملة قولنا أن نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله لا نرد من ذلك شيئا وأن الله إله واحد صمد لا إله غيره لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأن الله استوى على عرشه كما قال الرحمن على العرش استوى وأن له وجها كما قال ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وأن له يدا كما قال بل يداه مبسوطتان وقال لما خلقت بيدي وان له عينا بلا كيف كما قال تجري بأعيننا وأن من زعم أن اسم الله غيره كان ضالا وان لله علما كما قال أنزله بعلمه وقوله وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ونثبت لله قدرة كما قال أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ونثبت لله السمع والبصر ولا ننفي ذلك كما نفته المعتزلة والجهمية والخوارج وتقول أن كلام الله غير مخلوق وإنه لم يخلق شيئا إلا وقد قال له كن فيكون كما قال إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وإنه لا يكون في

الأرض شيء من خير وشر إلا ما شاء الله وإن الأشياء تكون بمشيئة الله وان أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا قبل أن يفعله الله ولا نستغني عن الله ولا نقدر على الخروج من علم الله وإنه لا خالق إلا الله وإن أعمال العبادة مخلوقة لله مقدورة له كما قال والله خلقكم وما تملون وإن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وهم يخلقون كما قال هل من خالق غير الله وكما قال لا يخلقون شيئا وهم يخلقون وكما قال أفمن يخلق كمن لا يخلق وكما قال أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون وهذا في كتاب الله كثير وأن الله وفق المؤمنين لطاعته ولطف بهم ونظرهم وأصلحهم وهداهم وأضل الكافرين ولم يهدهم ولم يلطف بهم بالإيمان كما زعم أهل الزيغ والطغيان ولو لطف بهم وأصلحهم كانوا صالحين ولو هداهم كانوا مهتدين كما قال تبارك وتعالى من يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون وأن الله يقدر أن يصلح الكافرين ويلطف لهم حتى يكونوا مؤمنين ولكنه أراد أن يكونوا كافرين كما علم وإنه خذلهم وطبع على قلوبهم وأن الخير والشر بقضاء الله وقدره وأنا نؤمن بقضاء الله وقدره خيره وشره وحلوه ومره ونعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وأنا لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله وإنا نلجيء أمورنا إلى الله ونثبت الحاجة والفقر في كل وقت إليه ونقول إن القرآن كلام الله غير مخلوق وإن من قال بخلق القرآن كان كافرا وندين أن الله يرى بالأبصار يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر يراه المؤمنون كما جاءت الروايات

عن رسول الله ونقول ان الكافرين إذا رآه المؤمنون عنه محجوبون كما قال الله تعالى كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون وإن موسى سأل الله الرؤية في الدنيا وأن الله تجلى للجبل فجعله دكا وأعلم بذلك موسى إنه لا يره في الدنيا ونرى أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه كالزنا والسرق وشرب الخمر كما دانت بذلك الخوارج وزعموا أنهم بذلك كافرون ونقول أن من عمل كبيرة من الكبائر وما أشبهها مستحلا لها كان كافرا إذا كان غير معتقد تحريمها ونقول أن الإسلام أوسع من الإيمان وليس كل الإسلام بإيمان وندين بأنه يقلب القلوب وأن القلوب بين اصبعين من أصابعه وندين بأن لا ننزل أحدا من الموحدين المستمسكين بالإيمان جنة و لا نارا إلا من شهد له رسول الله بالجنة ونرجو الجنة للمذنبين ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين ونقول ان الله يخرج من النار قوما بعدما امتحشوا بشفاعة محمد ونؤمن بعذاب القبر ونقول أن الحوض والميزان حق والصراط حق والبعث بعد الموت حق وأن الله يوقف العباد بالموقف ويحاسب المؤمنين وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ونسلم للروايات الصحيحة في ذلك عن رسول الله التي رواها الثقات عدل عن عدل حتى تنتهي الرواية إلى رسول الله وندين بحب السلف الذين اختارهم لصحبة نبيه ونثني عليهم بما أثنى الله عليهم ونتولاهم ونقول إن الإمام بعد رسول الله أبو

بكر رضي الله عنه وأن الله تعالى أعز به الدين وأظهره على المرتدين وقدمه المسلمون للإمامة كما قدمه رسول الله للصلاة ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم عثمان نضر الله وجهه قتله قاتلوه ظلما وعدوانا ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهؤلاء الأئمة بعد رسول الله وخلافتهم خلافة النبوة ونشهد للعشرة بالجنة الذين شهد لهم رسول الله ونتولى سائر أصحاب النبي ونكف عما شجر بينهم وندين الله أن الأئمة الأربعة راشدون مهديون فضلاء لا يوازيهم في الفضل غيرهم ونصدق بجميع الروايات التي ثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا وأن الرب يقول هل من سائر هل من مستغفر وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافا لما قاله أهل الزيغ والتضليل ونعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله وسنة نبيه وإجماع المسلمين وما كان في معناه ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن الله بها ولا نقول على الله ما لا نعلم ونقول أن الله تعالى يجيء يوم القيامة كما قال وجاء ربك والملك صفا صفا وأن الله تعالى يقرب من عباده كيف يشاء كما قال ونحن أقرب إليه من حبل الوريد وكما قال ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد خلف كل بر وفاجر وكذلك شروط الصلوات الجماعات كما روي عن عبد الله بن عمر إنه كان يصلي خلف الحجاج وأن المسح على الخفين في الحضر والسفر خلافا لمن أنكر ذلك ونرى الدعاء لآئمة المسلمين بالصلاح والإقرار بإمامتهم وتضليل من رأى

الخروج عليهم إذا ظهر منهم ترك الإستقامة وندين الخروج عليهم بالسيف وترك القتال في الفتنة ونقر بخروج الدجال كما جاءت به الرواية عن رسول الله ونؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير ومساءلتهم المدفونين في قبورهم ونصدق بحديث المعراج ونصحح كثيرا من الرؤيا في المنام ونقول أن لذلك تفسيرا ونرى الصدقة عن موتى المؤمنين والدعاء لهم ونؤمن أن الله ينفعهم بذلك ونصدق بأن في الدنيا سحرا وأن السحر كائن موجود في الدنيا وندين بالصلاة على من مات من أهل القبلة مؤمنهم وفاجرهم ومواريثهم ونقر أن الجنة والنار مخلوقتان وأن من مات أو قتل فبأجله مات أو قتل وان الارزاق من قبل الله عزوجل يرزقها عباده حلالا وحراما وأن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه ويخبطه خلافا لقول المعتزلة والجهمية كما قال الله عزوجل الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس وكما قال من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ونقول أن الصالحين يجوز أن يخصهم الله بآيات ويظهرها عليهم وقولنا في أطفال المشركين أن الله عزوجل يؤجج لهم نارا في الآخرة ثم يقول اقتحموها كما جاءت الرواية بذلك وندين بأن الله تعالى يعلم ما العباد عاملون وإلى ما هم صائرون وما يكون وما لايكون أن لو كان كيف يكون فبطاعة الأئمة ونصيحة المسلمين ونرى مفارقة

كل داعية لبدعة ومجانبة أهل الأهواء وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقى منه وما لم نذكره بابا بابا وشيئا شيئا فتأملوا رحمكم الله هذا الاعتقاد ما أوضحه وأبينه واعترفوا بفضل هذا الإمام العالم الذي شرحه وبينه وانظروا سهولة لفظه فما أفصحه وأحسنه وكونوا مما قال الله فيهم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وتبينوا فضل أبي الحسن وأعرفوا أنصافه واسمعوا وصفه لأحمد بالفضل واعترافه لتعلموا أنهما كانا في الاعتقاد متفقين وفي أصول الدين ومذهب السنة غير مفترقين ولم تزل الحنابلة ببغداد في قديم الدهر على ممر الأوقات تعتضد بالأشعرية على أصحاب البدع لأنهم المتكلمون من أهل الإثبات فمن تكلم منهم في الرد على مبتدع فبلسان الأشعرية يتكلم ومن حقق منهم في الأصول في مسألة فمنهم يتعلم فلم يزالوا كذلك حتى حدث الاختلاف في زمن أبي نصر القشيري ووزارة النظام ووقع بينهم الإنحراف من بعضهم عن بعض لإنحلال النظام وعلى الجملة فلم يزل في الحنابلة طائفة تغلو في السنة وتدخل فيما لا يعنيها حبا للخفوف في الفتنة ولا عار على أحمد رحمه الله من صنيعهم وليس يتفق على ذلك رأي جميعهم ولهذا قال أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين وهو من أقران الدارقطني ومن أصحاب الحديث المتسننين ما قرأت على الشيخ أبي محمد عبد الكريم بن حمزة ابن الخضر بدمشق عن أبي محمد عبد العزيز بن أحمد قال حدثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي قال ثنا ابو ذر عبد بن

أحمد الهروي قال سمعت ابن شاهين يقول رجلان صالحان بليا بأصحاب سوء جعفر بن محمد بن حنبل كتب إلي أبو القسم العكبري يخبرني عن أبي المعالي عزيزي بن عبد الملك قال لما تم للهجرة مايتان وستون سنة رفعت أنواع البدع رؤسها وتسقت عوام الخلائق كؤوسها حتى أصبحت آيات الدين منطمسة الآثار وأعلام الحق مندرسة الأخبار فأظهر الله سبحانه وتعالى ناصر الحق وناصر الخلق محي السنن مرضي السنن الإمام الرضي الزكي أبا الحسن سقى الله بماء الرحمة تربته وأعلى في غرفات الجنان درجته من أصل باذخ الذري وشرف شامخ القوى وهو أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري صاحب رسول الله وقاضيه والمستخلف من قبل الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين على القضاء والصلوات والجيوش والإمارة على المؤمنين وتعليم الشريعة للمسلمين وكان زوج أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب وهي أم أبي بردة بن أبي موسى الأشعري جد الإمام أبي الحسن الأشعري وروى دعلج بن أحمد عن عبد الله بن أحمد بن حنبل نبأ معمر قال ثنا عبد الله بن ادريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى الأشعري قال قرئت عند رسول الله فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فقال صلوات الله عليه وسلامه هم قومك ياأبا موسى أهل اليمن ومعلوم بأدلة العقول وبراهين الأصول أن أحدا من أولاد أبي موسى لم

يرد على أصحاب الأباطيل ولم يبطل شبه أهل البدع والأضاليل بحجج قاهرة من الكتاب والسنة ودلائل باهرة من الإجماع والقياس إلا الإمام أبو الحسن الأشعري وحديث أبي موسى دليل واضح على فضيلة الإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه فجاهد أعداء الحق وقمعهم وفرق كلمتهم وبدد جمعهم بالحجج القاهرة العقلية والأدلة الباهرة السمعية باب ذكر بعض ما رؤي من المنامات التي تدل على أن أبا الحسن من مستحقي الإمامات حدثني الشيخ أبو عبد الله طرخان بن ماضي بن جوشن المقري الفقيه الضرير قال جرى بيني وبين والدي كلام غضبت منه فخرجت إلى مسجد السوسي بالشاغور ونمت فيه نهارا فبينما أنا نائم إذ رأيت في المنام كأن رسول الله قد دخل من باب الشباك الذي من شرقي المسجد فجلست وقلت السلام عليك يارسول الله فكان كالمغضب علي فقال لي أنت تقرأ القرآن وتغضب أباك فقلت الآن أرجو أن يغفر الله لي ما كان مني في حق أبي بحضورك فإن الله عزوجل قال وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فكأنه رضي عني ودعا لي وأخذ ليقوم فسألته عن حديث أبي حميد الساعدي في سؤاله إياه عن كيفية الصلاة عليه فقال صدق أبو حميد وأثنى عليه وسألته عن قوله

لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت فقال صدق أنا أمرته بذلك ثم خرج من المسجد فاتبعته وقلت يارسول الله إن قوما يقولون إن الحرف ! مخلوق وقوما يقولون غير مخلوق وقد تحيرنا بينهم فما ندري ما نقول فقال قل كما قالت الأشعرية فقلت يارسول الله كذا كما قالت الأشعرية على وجه الاستنكار فقال ثلاث مرات قل كما قالت الأشعرية ثم توجه رسول الله نحو قبلة الشاغور خارجا من الباب وأنا أقول هذا المزمل هذا المدثر وهو واضع يديه على صدره كهيئة المصلي فوضعت يدي اليسرى على يده وأنا أقول هذا المزمل هذا المدثر ثم استيقظت وكانت عندي الرسالة القدسية للغزالي وكنت لا أحسن رأيي فيها وأقول ما أصنع بها فحسن رأيي فيها بعد ذلك وقرأتها وقرأت غيرها والحمد لله وحكى لي بعض أصحابنا عن أبي القسم بن إبراهيم بن حسين الدقاق المعروف بالزبير رؤيا رآها فلقيته في الجامع بدمشق فسألته عن رؤياه وقلت له بلغني أنك رأيت الفقيه أبا الحسن رحمه الله في المنام فقال أي والذي قبض روحه لقد رأيته في المنام كأنه ههنا وأشار إلى مكان من الجامع بقرب باب البرادة وخلفته وهو داخل إلى صدر المسجد فقال لي يا أبا القسم مذهب الأشعري حق مذهب الأشعري حق مذهب الأشعري حق ثم استيقظت فقلت له ما قال لك حق فإنه كان صادق اللهجة وهو في دار حق فلا يقول إلا الحق حدثني أبو علي الحسن بن علي بن أحمد بن علي ابن يوسف الهكاري وكتبه لي بخطه قال رأيت في النوم كأني دخلت

دار فرأيت رسول الله فيها مستلقيا على قفاه وأخمص قدميه إلى جهة القبلة فجلست محاذيا كتفه اليسرى فالتفت إلي وقال لا تكن تترك دين الإسلام قفلت حاشا لله يارسول الله كيف أترك دين الإسلام ثم أخذت بكفه اليمنى وقلت ها أنا أجدد الإسلام فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد إنك رسول الله ثم قلت عقيب ذلك يا رسول الله أرى الناس اختلفوا في الحرف والصوت الحق مع من فقال عليه السلام الحق ما قاله أبو الحسن وكان في نفسي سؤاله عن حدث الحروف وقدمها فأجابني عليه السلام بما ذكرت باب ذكر بعض ما مدح به ابو الحسن من الأشعار على وجه الإيجاز في ابرازها والاختصار أنشدني الشيخ الحافظ أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمد بن أبي نصر ابن محمد الطبسي بنيسابور قال أنشدنا إمام الأئمة أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري لنفسه ... شيآن من يعذلني فيهما ... فهو على التحقيق مني بري ... حب أبي بكر إمام الهدى ... ثم اعتقادي مذهب الأشعري ... وأنشدني غير أبي المحاسن لبعضهم في هذا المعنى ... من كان في الحشر له عدة ... تنفعه في عرصة المحشر ... فعدتي حب بنى الهدى ... ثم اعتقادي مذهب الأشعري

أنشدني الشيخ الزاهد أبو محمد عبد الوارث بن عبد الغني الأصولي لبعضهم وكتب إلي الشيخ أبو القسم نصر بن نصر العكبري يخبرني عن القاضي أبي المعالي عزيزي بن عبد الملك قال أنشدنا القاضي الإمام أبو الحسن هبة الله بن عبد الله السيبي مدرس وملقن ولي العهد في العالمين أبي القسم عبد الله بن محمد بن الإمام أمير المؤمنين القائم بأمر الله عبد الله أبي جعفر ... إذا كنت في علم الأصول موافقا ... بعقدك قول الأشعري المسدد ... وعاملت مولاك الكريم مخالصا ... بقول الإمام الشافعي المؤيد ... وأتقنت حرف بن العلا مجردا ... ولم تعد في الأعراب رأي المبرد ... فأنت على الحق اليقين موافق ... شريعة خير المرسلين محمد ... أنشدني الشيخ أبو الفتح ناصر بن عبد الرحمن القرشي لبعضهم أصبح الناس في عمى ... بين ساه وممتري ... جعلوا دينهم هوى ... والهوى غير مبصر ... وتعاموا عن الهدى ... ليس فيهم بمنكر ... شبهوا الله بالورى ... وهو من جهلهم بري ... حرم الرشد من غدا ... يتعامى ويفتري ... فالزم الحق لا تزغ ... واعتقد عقد الأشعري ... أنشدني أبو محمد عبد الله بن محمد الإسكندراني لأبي القسم الجزري الاسكندارني

خذ ما بدا لك فدع ... كترث مقالات البدع ... إن النبي المصطفى ... دينا حنيفيا شرع ... ورضي به لعباده ... رب تعالى فارتفع ... قد كان دينا واحدا ... حتى تفرق ما اجتمع ... قوم أضلهم الهوى ... والآخرون لهم تبع ... الله أيد شيخنا ... وبه البرية قد نفع ... الأشعري إمامنا ... شيخ الديانة والورع ... بسط المقالة بالهدى ... وفظيع حجتهم قطع ... حتى استضىء بنوره ... والله يتقن ما صنع ... من قال غير مقاله ... أخطأ الطريقة وابتدع ... لا ينكرون كلامه ... إلا أخو جهل لكع ... أهل العقول تيقظوا ... فالفجر في الأفق انصدع ... نسبوا إلى رب العلى ... ما قوله منه منع ... زعموا بأن كلامه ... مثل الكلام المستمع ... فبرئت منهم إنهم ... ركبوا قبيحات الشنع ... وأنشدني بعض أصحابنا لبعض أهل العصر في وزن هذه الأبيات ... قل للمخالف يا لكع ... كف اللسان عن البدع ... وذر التعصب جانبا ... واللعن للعلماء دع ... فظلام جهلك في العقي ... دة قد تلاشى وانقشع

لما بدا فجر الهدى ... ممن ينزه وانصدع ... وغراس ما أسقيته ... ماء الخداع قد انقطع ... ما أنت حلف زهادة ... بل أنت عبد للطمع ... كم تزرع التشبيه في ... سبخ القلوب فما انزرع ... فأهجر دمشق وأهلها ... واسكن ببصرى أوزرع ... فهناك يمكن أن يصدق ... ما تقول ويستمع ... وأعلم بأن الأشعري ... عدو أصحاب البدع ... فهو المجيد الذب عن ... سنن الرسول وما شرع ... حبر تقي عالم ... جمع الديانة والورع ... رفع الاله محله ... عند البرية فارتفع ... واختار ما قال الرسو ... ل من الأصول وما اخترع ... لكنه نصب الدلي ... ل لمن تسنن واتبع ... وأبان أن العقل لا ... ينفي الصواب المتبع ... من آية أو سنة ... كان الرسول بها صدع ... يا حسن ما ابدى لنا ... وجه الدليل وما انتزع ... فغدا به شمل الهدى ... للمسلمين قد اجتمع ... وتفرقت فرق الضلا ... ل وذل مذموم الشيع ... وتعطلت ممن يعطل ... بعد كثرتهم بقع ... فلأي حزب منهم ... قصد الجدال فما قمع ... ما امه ذو بدعة ... لجاجة إلا انقطع

لو لم يصنف عمره ... غير الإبانة واللمع ... لكفى فكيف وقد تفنن ... في العلوم بما جمع ... مجموعة تربي على ال ... مائتين مما قد صنع ... لم يأل في تصنيفها ... أخذا بأحسن ما استمع ... فهدى بها المسترشد ب ... ن ومن تصفحها انتفع ... تتلى معاني كتبه ... فوق المنابر في الجمع ... ويخاف من افحامه ... أهل الكنائس والبيع ... فهو الشجا في حلق من ... ترك المحجة وابتدع ... فعليه رحمة ربه ... ما غاب نجم أو طلع ... أنشدنا الشيخ أبو الحسين بن المبارك بن محمد البغدادي المعروف بابن الخل ببغداد في المدرسة النظامية قصيدة لنفسه مدح بها الشيخ أبا الفتوح محمد بن الفضل بن محمد الاسفرايني رحمة الله عليه وذكر فمنها قوله ... ورعى المعتضد الناس فلم ... يك للمظلوم إلا وزرا ... وتلاه المكتفي بالله عن ... كل شيء يقدم المقتدرا ... واستشاط الناس في عصريهما ... بخلاف عم حتى اشتهرا ... منهم من شبه الله ومن ... لم يقل ذاك أحال القدرا ... أثبتوا ربا ولكن زعموا ... إنه ممتنع أن يبصرا ... وأراد الله إيضاح الهدى ... حين زاغوا بفتى من أشعرا

في صميم النجب الأنصار من ... خير من يوم حنين نصرا ... أوضح الحجة حتى ظهرت ... وأعز الحق حتى استظهرا ... وأنشدنا أيضا الشيخ الأديب أبو الحسين بن الخل من قصيدة لنفسه مدح بها الشيخ الإمام أبا المظفر أحمد بن الإمام أبي بكر محمد بن احمد بن الحسين الشاشي رحمه الله ... حجة الأشعرري حجتنا العل ... يا كما قدره الرفيع العالي ... البعيد المدى أبي الحسن المح ... سن في النصح للورى غير آل ... والذي أصل الأصول بوصفي ... نظر باليقين واستدلال ... لم تشب صفو عقدة شبه التش ... بيه في معزل عن الإعتزال ... وحد الله مصلتا صارم الحق ... مطيحا به دم الضلال ... قصد الله أمة قصدته ... بالشناعات بالوبا والوبال ... جهلوا قدره فكل سفيه ... منهم جاهل لما قال قالي ... وأنشدت لبعض أهل النحقيق في مديحه رحمه الله ... الأشعري ماله شبيه ... حبر إمام عالم فقيه ... مذهبه التوحيد والتنزيه ... وما عداه النفي والتشبيه ... وليس فيما قاله تمويه ... وصحبه كلهم نبيه ... في قوله على الهدى تنبيه ... ما فيهم إلا أمرؤ وجيه ... فمن قلا أصحابه سفيه ... ومن رأى تضليلهم معتوه

أنشدني الشيخ الفقيه الشهيد أبو الحجاج يوسف بن دوناس الفندلاوي رحمه الله فيما أرى لبعضهم بدمشق ... الأشعرية قوم ... قد وفقوا للصواب ... لم يخرجوا في اعتقاد ... عن سنة أو كتاب ... قال شيخنا أبو محمد القسم أنشدنيها عبد الوهاب بن عيسى اليشكري وزادني بعدهما ... وكل منزاغ عنهم ... مصيره لعذاب ... ولبعضهم في هذا المعنى على هذا الوزن ... الأشعرية قوم ... قد وفقوا للسداد ... وبينوا للبرايا ... طرا طريق الرشاد ... ونزهوا الله عما ... يقول أهل العناد ... وقدسوه عن المث ... ل جل والإنداد ... ونزهوه عن الزو ... ج عز والأولاد ... وهم نفوا عنه مالا ... يصح في الاعتقاد ... وأثبتوا كل وصف ... يصح بالاسناد ... فهم بدور الدياجي ... وهم هداة العباد ... وهم بحار علوم ... وهم صدور البلاد ... وهم كرام السجايا ... وهم وجوه النوادي ... لم يخرجوا عن كتاب ... أو سنة في اعتقاد ... ليسوا أولي تعطيل ... ولا ذوي الحاد

أنشدني الشيخ أبو زكريا يحيى بن محمد بن يحيى وقد قدم من مصر لبعض أهل العصر ... إن اعتقاد الأشعري ... مثل عقود الجوهر ... ما ينكر اعتقاده ... غير جهول مفتري ... كم يدعي تقصيره ... من جاهل مقصر ... ليست له معرفة ... بمثمنات الدرر ... يريد أن ينالها ... جهلا ببذل الكسر ... والدر لا يطمع في ... حصوله لمعسر ... فمن بدا افلاسه ... فليس ممن يشتري ... ومن غدا ذا ثروة ... حصله بالبدر ... ونال منه ما اشتهى ... كذاك علم الأشعري ... من رام أن يناله ... وهو من الفضل عري ... ما اكتحلت أجفانه ... في درسه بالسهر ... ولا لقي مبرزا ... في حضر أو سفر ... ولا سعى في جمعه ... في أصل أو بكر ... ولا اغتدى مسترشدا ... فيه فحول النظر ... ينظر فيما ذكروا ... بالسبر والتفكر ... كمن تمنى سفها ... نيل السهى والمشتري ... أو فاتح قد فاته ... مفتاح قفل عسر ... فلا تطع في ذمه ... كل عدو أبتر

وأعلم يقينا إنه ... مما يقولون بري ... فهو إمام عالم ... ما فضله بمنكر ... شرف في علومه ... بفضل طيب العنصر ... ذو همة بكرية ... عزما وعدل عمري ... ورأفة نورية ... حلما وعلما حيدري ... ما زاغ في اعتقاده ... عن آيه أو خبر ... أو حجة عقلية ... تصح في المعتبر ... موحد في عقده ... ومثبت للقدر ... والكسب لا ينكره ... مثل جحود المجبر ... منزه لربه ... عن محدثات الصور ... وعن أفول ذاته ... كالشمس أو كالقمر ... وهل يكون صورة ... للخالق المصور ... لأنه ليس بذي ... جسم ولا بجوهر ... ولا يرى صفاته ... مثل صفات البشر ... لأنه جل عن ال ... حدوث والتغير ... وليس ينفي صفة ... له كنفي المنكر ... بل يثبت الحياة وال ... قدرة للمقتدر ... والعلم لكن لا يرى ال ... علم كعلم نظري ... وإنه أراد ما ... كان من المقدر ... ويثبث السمع كما ... يثبت وصف البصر

ويثبت القول ولا ... يجحده كالقدري ... ولا يرى المسطور في ال ... ألواح نقش الأسطر ... ويثبت استواءه ... كما أتى في السور ... يثبت النزول لا ... كهابط منحدر ... من غير تشبيه كما ... يثبت أهل الأثر ... ولا يعادي أحدا ... من صحب خير النذر ... بل يتوالى حصبه ... والآل خير العتر ... ويعرف الفضل لهم ... كما أتى في السير ... ولا يرى المسلم في ... بدعته بمكفر ... فهل ترى في عقده ... من بدعة أو من خرى ! ... فكن به مستمسكا ... فإنه العقد السري ... وحزبه زين الورى ... أكرم بهم من معشر ... كم بحر علم زاخر ... وبدر تم مقمر ... منهم ومن مقدم ... قد حاز كل مفخر ... ونال حسن منظر ... حقا وطيب مخبر ... لا يمتري في فضلهم ... إلا حسود ممتري ... هم دراري أنجم ... وهم لآلي أبحر ... بحبهم ينجو الذي ... يحبهم في المحشر ... فرحمة الله على ... أمواتهم في الحفر ... وأيد الباقين في ال ... ورد وحين الصدر

باب ذكر جماعة من أعيان مشاهير أصحابه إذ كان فضل المقتدي يدل على فضل المقتدى به وقد قسمتهم خمس طبقات وجدتها على تصحيح قوله متفقات فالطبقة الأولى هم أصحابه الذين أخذوا عنه ومن أدركه ممن قال بقوله أو تعلم منه فمنهم أبو عبد الله بن مجاهد البصري رحمه الله أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني الخطيب وأبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الغساني الفقيه بدمشق وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون المقري ببغداد قالوا انا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ البغدادي قال محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد أبو عبد الله الطائي المتكلم صاحب أبي الحسن الأشعري وهو من أهل البصرة سكن ببغداد وعليه درس القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الكلام وله كتب حسان في الأصول وذكر لنا غير واحد من شيوخنا عنه إنه كان حسن السيرة حسن التدين جميل الطريقة وكان أبو بكر البرقاني يثني عليه ثناء حسنا وقد أدركه ببغداد فيما أحسب والله أعلم أبو بكر البرقاني هو أحمد بن محمد ابن أحمد بن غالب الخوارزمي شيخ الخطيب وكان فقيها حافظا متقنا

ومنهم أبو الحسن الباهلي البصري رحمه الله أخبرني الشيخ أبو المظفر أحمد بن الحسن بن محمد الشعيري ببسطام قال أنا جدي لأمي أبو الفضل محمد بن علي بن أحمد السهلكي قال حكى لي واحد من أهل العلم والتصوف عن القاضي أبي بكر بن الباقلاني رحمه الله قال كنت أنا والأستاذ أبو إسحق الاسفرايني والأستاذ ابن فورك رحمهما الله معا في درس الشيخ أبي الحسن الباهلي تلميذ الشيخ أبي الحسن الأشعري قال القاضي أبو بكر كان الشيخ الباهلي يدرس لنا في كل جمعة مرة واحدة وكان منا في حجاب يرخي الستر بيننا وبينه كي لا نراه قال وكان من شدة اشتغاله بالله تعالى مثل واله أو مجنون لم يكن يعرف مبلغ درسنا حتى نذكره ذلك قال وكنا نسأل عن سبب النقاب وإرسال الحجاب بينه وبين هؤلاء الثلاثة كاحتجابه عن الكل فأجاب إنكم ترون السوقة وهم أهل الغفلة فتروني بالعين التي ترونهم قال وكانت أيضا جارية تخدمه فكان حالها أيضا كحال غيرها معه من الحجاب وإرخائه الستر قال أبو المظفر وسمعت جدي يقول سمعت سفيان المتكلم الصوفي رحمه الله يقول سمعت أحمد الفرساني رحمه الله يقول سمعت الأستاذ أبا إسحق رحمه الله يقول كنت في جنب الشيخ أبي الحسن الباهلي كقطرة في البحر وسمعت الشيخ أبا الحسن الباهلي قال كنت أنا في جنب الشيخ الأشعري كقطرة في جنب البحر

ومنهم أبو الحسين بندار بن الحسين الشيرازي الصوفي خادم أبي الحسن رحمهما الله أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر في كتابه قال أنا أبو بكر محمد بن يحيى بن ابراهيم المزكي قال أنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي في كتاب تاريخ الصوفية قال بندار ابن الحسين بن محمد بن المهلب أبو الحسين من أهل شيراز سكن أرجان وكان عالما بالأصول له اللسان المشهور في علم الحقيقة كان الشبلي يكرمه ويقدمه وبينه وبين محمد بن خفيف مفاوضات في مسائل رد على محمد بن خفيف في مسألة الإيمان وغيرها حين رد محمد بن خفيف على أقاويل المشايخ فصوب بندار أقاويل المشايخ ورد عليه ما رد عليهم قال أبو عبد الرحمن السلمي سمعت عبد الواحد بن محمد يقول توفي بندار سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وغسله أبو زرعة الطبري اخبرنا الشيخ أبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجلي الواعظ ببغداد قال أنا أبو بكر احمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ قال أخبرنا محمد بن أبي علي الأصبهاني قال سمعت أبا بكر النسوي يقول سمعت بندار بن الحسين يقول من مشى في الظلمة إلى ذي النعم أجلسه على بساط الكرم ومن قطع لسانه بشفرة السكوت بني له بيت في الملكوت ومن واصل اهل الجهالة ألبس ثوب البطالة ومن أكثر ذكر الله تعالى شغله عن ذكر الناس ومن هرب من الذنوب هرب به من النار

ومن رجا شيئا طلبه قال أبو بكر الخطيب بندار بن الحسين الصوفي كان من اهل الفضل المتميزين بالمعرفة والعلم و يحكى عنه حكايات كثيرة ولم نكتب له مسندا غير حديث واحد قال أخبرنيه أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الماليني قال أنا أبو أحمد عبد الله بن عمر بن عبد العزيز السكري قال ثنا أبو الحسين بندار بن الحسين قال ثنا إبراهيم بن عبد الصمد قال ثنا الحسين بن الحسن قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا زهير بن محمد عن موسى ابن وردان عن أبي هريرة قال قال رسول الله المرؤ على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل أخبرنا الشيخ أبو الحسن ابن اسماعيل الفارسي في كتابه قال أنا أبو بكر بن زكريا بن أبي اسحق قال أنا محمد بن الحسين الصوفي قال سمعت عبد الواحد بن محمد يقول سمعت بندارا يقول أول ما دخلت على الشبلي وكان معي جهاز نحو أربعين ألف دينار فنظر الشبلي في المرآة فقال يا أبا الحسن المرآة تقول أن ثم سبب فقلت صدق المرآة فحملت إليه ست بدر ثم نظر بعد ذلك في المرآة تقول ان ثم سبب فقلت صدق المرآة فحملت أليه ثلاث بدر فكلما اجتمع عندي من جهازي شيء كان ينظر في المرآة ويقول المرآة تقول ان ثم سبب حتى حملت جميع مالي إليه فنظر في المرآة وقال المرآة تقول ليس ثم من سبب قلت صدق المرآة أخبرنا الشيخ أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوزان في كتابه قال سمعت أبي الأستاذ أبا القسم يقول كان الأستاذ أبو بكر بن فورك رحمه الله يحكي

عن بندار بن الحسين الشيرازي إنه كان من أصحاب الشبلي وكان أبوه جهزه إلى بغداد للتجارة فوقع إلى مجلس الشبلي فأثر فيه كلامه فأمره الشبلي بالخروج عن المال فكان كلما حضر الشبلي نظر الشبلي في مرآة عنده وكان يقول المرآة تقول قد بقي شيء وكانت المرآة على الحقيقة قلبه فكان بندار يقول صدقت المرآة وكان الشبلي يكثر النظر في المرآة فسئل عن ذلك فقال بيني وبين الله عهد إن ملت عنه عاقبني فأنا أنظر في كل ساعة في المرآة هل أسود وجهي فلما لم يبقى لبندار شيء قال الشبلي المرآة تقول لم يبق شيء فقال صدقت المرآة فقال الشبلي فأخرج الآن من الجاه فجعل يدور على معارفه يكدي فكان بعضهم يقول مسكين وبعضهم يقول مجنون قال بندار فما كان شيء أصعب علي من الخروج من الجاه والرجل كل الرجل من طهر عن مرآه الخلق أخبرنا الشيخ أبو المظفر بن الأستاذ أبي القسم القشيري قال قال لنا أبي أبو الحسين بندار بن الحسين الشيرازي كان عالما بالأصول كبيرا في الحال صحب الشبلي مات بأرجان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة قال بندار بن الحسين لا تخاصم لنفسك فإنها ليست لك دعها لمالكها يفعل بها ما يريد قال بندار صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق وقال بندار أترك ما تهوى لما تأمل ومنهم أبو محمد الطبري المعروف بالعراقي رحمه الله كتب إلي الشيخ الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم

القشيري قال أنا الأستاذ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الحافظ قال أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال عبد الله بن علي بن عبد الله القاضي أبو محمد الطبري ويعرف بالعراقي وأهل جرجان يعرفونه بالمنجنيقي وقد كان ولي قضاء جرجان قديما وقلما رأيت من الفقهاء أفصح لسانا منه يناظر على مذهب الشافعي في الفقه وعلى مذهب الأشعري في الكلام ورد نيسابور غير مرة وآخرها أني صحبته سنة تسع وخمسين يعني وثلاثمائة من نيسابور إلى بخارى ثم توفي بقرب ذلك ببخارى رحمه الله سمع بخراسان عمران بن موسى وأقرانه وبالعراق أبا محمد بن صاعد وأقرانه روى عنه الحاكم ومنهم ابو بكر القفال الشاشي الفقيه رحمه الله قرأت على الشيخ أبي القسم زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال قال لنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ محمد بن علي بن اسماعيل الفقيه الأديب أبو بكر الشاشي إمام عصره بما وراء النهر للشافعيين وأعلمهم بالأصول وأكثرهم رحلة في طلب الحديث سمع بخراسان وبالعراق وبالجزيرة وبالشام توفي الفقيه أبو بكر القفال بالشاش في ذي الحجة سنة خمس وستين وثلاثمائة كتبت عنه وكتب عني بخط يده أخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر بن السمرقندي ببغداد قال ثنا الشيخ الإمام أبو اسحق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي الفيروز آبادي رحمه الله قال

أبو بكر محمد بن علي بن اسماعيل القفال الشاشي درس على أبي العباس بن سريج وكان إماما وله مصنفات كثيرة ليس لأحد مثلها وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء وله كتاب في أصول الفقه وله شرح الرسالة وعنه انتشر فقه الشافعي فيما وراء النهر وبلغني إنه كان في أول أمره مائلا عن الإعتدال قائلا بمذاهب أهل الإعتزال والله أعلم ومنهم أبو سهل الصعلوكي النيسابوري رحمه الله ذكر الإستاذ أبو بكر بن فورك أن ابا سهل رحل إلى العراق وقت الشيخ أبي الحسن ودرس عليه كتب إلى الشيخ أبو نصر بن أبي القسم ابن هوزان قال أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هرون بن عيسى بن ابراهيم بن بشير الحنفي العجلي الإمام الهمام المتكلم المفسر سهل الصلعوكي الفقيه الأديب اللغوي النحوي الشاعر المتكلم المفسر المفتي الصوفي الكاتب العروضي حبر زمانه وبقية أفرانه رضي الله عنه ولد سنة ست وسبعين ومائتين وسمع أول ما سمع سنة خمس وثلاثمائة طلب الفقه وتبحر في العلوم قبل خروجه إلى العراق بسنين وأنه ناظر في مجالس أبي الفضل البلعمي الوزير سنة سبع عشرة وثلاثمائة وكان يقدم في المجلس إذ ذاك ثم خرج إلى العراق سنة اثنتين وعشرين

وثلاثمائة وهو إذ ذاك أوحد بين أصحابه ثم دخل البصرة ودرس بها سنين إلى أن أستدعي إلى أصبهان وأقام بها سنين ونزلها فلما نعي إليه عمه أبو الطيب وعلم أن أهل أصبهان لا يتخلون عنه في انصرافه خرج مختفيا منهم فورد نيسابور في رجب سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وهو على الرجوع إلى الأهل والولد والمستقر من أصبهان فلما ورد جلس لمأتم عمه ثلاثة أيام فكان الشيخ أبو بكر بن اسحق يحضر كل يوم فيقعد معه هذا على قلة حركته وقعوده عن قضاء الحقوق وكذلك كل رئيس ومرؤوس وقاض ومفت من الفريقين فلما انقضت الأيام للمعزى عقدوا له المجلس غداة كل يوم للتدريس والإلقاء ومجلس النظر عشية الآربعاء واستقر به ولم يبق في البلد موافق ولا مخالف إلا وهو مقر له بالفضل والتقدم وحضره المشايخ مرة بعد أخرى يسألون أن ينقل من خلفهم وراءه بأصبهان فأجاب إلى ذلك ودرس وأفتى ورأس أصحابه بنيسابور اثنتين وثلاثين سنة سمع بخراسان أبا بكر بن خريمة وأبا العباس الثقفي وأبا علي أحمد بن عمر بن يزيد المحمد أبا ذي وأبا العباس الأزهري وأبا قريش الحافظ وأبا العباس الماسرجسي وأقرانهم وسمع بالري أبا محمد بن أبي حاتم وأبا عبد الله المحاملي القاضي وأبا عبد الله محمد ابن مخلد الدوري وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي وأبا بكر محمد بن القسم بن الأنباري وأقرانهم ثم أن الأستاذ قعد للحديث عشية الجمعة وحدث الناس قال أبو عبد الله سمعت أبا بكر أحمد بن اسحق الإمام

رحمه الله غير مرة وهو يعوذ الأستاذ أبا سهل وينفث على دعائه ويقول بارك الله فيك لا أصابك العين في مجالس النظر عشية السبت للكلام وعشية الثلاثاء للفقه قال وسمعت أبا علي الأسفرايني يقول سمعت أبا اسحق المرزوي يقول ذهبت الفائدة من مجلسنا بعد خروج أبي سهل النيسابوري وقال سمعت أبا الطاهر الأنماطي الفقيه بالري يقول سمعت الصاحب أبا القسم يعني ابن عباد يقول لا نرى مثله ولا رأى هو مثل نفسه يعني أبا سهل وقال سمعت أبا منصور الفقيه يقول سئل أبو الوليد عن أبي بكر القفال وأبي سهل أيهما أرجح فقال ومن يقدر أن يكون مثل أبي سهل قال أبو عبد الله سمعت أبا الفضل ابن يعقوب يقول سمعت أبا الحسن علي بن أحمد البنوجردي يقول كنت في حلقة أبي بكر الشافعي الصيرفي فسمعته يقول خرج أبو سهل الصعلوكي إلى خراسان ولم ير أهل خراسان مثله اخبرنا الشيخ أبو القسم بن السمرقندي قال قال لنا الشيخ الإمام أبو إسحق الشيرازي أبو سهل محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هرون الصعلوكي الحنفي من بني حنيفة صاحب أبي اسحق المرزوي مات في آخر سنة تسع وستين وثلاثمائة وكان فقيها أديبا شاعرا متكلما صوفيا كاتبا وعنه أخذ ابنه أبو الطيب وفقهاء نيسابور سمعت أبا المظفر بن القشيري يقول سمعت أبي الأستاذ ابا القسم يقول سمعت ابا عبد الرحمن السلمى يقول وهب الإستاذ أبو سهل جبته من انسان في الشتاء وكان يلبس جبة النساء حين يخرج إلى التدريس إذ لم يكن له جبة أخرى فقدم الوفد

المعروفون من فارس فيهم في كل نوع إمام من الفقهاء والمتكلمين والنحويين فأرسل إليه صاحب الجيش أبو الحسن وأمره بأن يركب للاستقبال فلبس دراعة فوق تلك الجبة التي للنساء وركب فقال صاحب الجيش إنه يستخف بي أمام البلد يركب في جبة النسوان ثم إنه ناظرهم أجمعين وظهر كلامه على كلام جميعهم في كل فن أخبرني الشيخ أبو المظفر أحمد بن الحسن البسطامي بقومس قال أنا جدي أبو الفضل محمد بن علي بن أحمد ببسطام قال سمعت الشيخ ابا البركات ظفر بن القاضى الإمام نوح بن إسماعيل بن إبراهيم بن القسم بن الحكم القزوينى قال سمعت أبا الحسن الأيوبي المتكلم الواعظ رحمه الله قال كان أبو نصر الواعظ رحمه الله حنيفي المذهب وكان في زمن الأستاذ الإمام أبي سهل الصعلوكي رضي الله عنه انتقل من مذهب الرأي إلى مذهب أصحاب الحديث فسئل عن ذلك فقال رأيت النبي في المنام مع أصحابه قاصدا لعبادة الأستاذ أبي سهل الصعلوكي وكان مريضا قال فتتبعته ودخلت معه عليه وقعدت بين يدي النبي متفكرا قال فقلت إن هذا إمام أصحاب الحديث وإن مات أخشى أن يقع الخلل فيهم فقال رسول الله لي لا تفكر في ذلك إن الله تعالى لا يضيع عصابة أنا سيدها أخبرنا الشيخ أبو نصر بن القشيري اجازة قال أنا أبو بكر البيهقي قال أنشدنا أبو عبد الله الحافظ قال أنشدنا أبو منصور محمد بن إبراهيم النحوي القهستاني يمدح الأستاذ أبا سهل

إمام الهدى إني لفعلك شاكر ... إمام الهدى إني بوك فاخر ... أبا سهل الحبر المقدم أصبحت ... لدي آياد منك غر ظواهر ... أأكفر إحسانا لبست جماله ... إذا لم تلدني المحصنات الطواهر ... أبو سهل السباق في كل مجلس ... على الخصم سيف صارم الحد باتر ... له مكرمات يقصر الوصف دونها ... ومن رام إحصاء لها فهو قاصر ... خصال أبي سهل نجوم مضيئة ... وألفاظه المستعذبات جواهر ... وهمته فوق السماك وذكره ... إلى كل أطراف البسيطة سائر ... أحار أبا سهل وفيك تحيري ... وما أنا في مستعجم الأمر حائر ... فيا عجبا من واحد سبق الورى ... فما فيهم مثل له ومفاخر ... لعمري لقد أحيا الشريعة علمه ... ولولاه أضحى رسمها وهو داثر ... مساميه يبغي أبعد الشأوفي العلا ... وهل مدرك شأو المها قط حافر ... ألا اقصروا أني لكم مثل فهمه ... وذلك بحر موجه الدهر زاخر ... هم يسهرون الليل في ضبط حجة ... تزول إذا ما جاش للشيخ خاطر ... هو الصدر والمتبوع في كل مجلس ... وعن رأيه العالي مباهيه صادر ... أغار عليه حين ينثر دره ... إذا وطىء المنثور من ذاك باقر ... ويوحشني مهما يساميه مفحم ... كليل بطيء بالسفاهة خابر ... ودادي له هز القريض وصاغه ... ومالي من طبع وما أنا شاعر ... بلوت فما فيهم سواك مظاهر ... فأنت إمام الدين عندي ظاهر ... بقيت وسهلا ما أقام متالع ... وما ناح قمري وغرد طائر ... أخبرنا الشيخ أبو المظفر بن الإستاذ أبي القسم قال أنا أبي قال

سمعت أبا بكر بن أشكاب يقول رأيت الإستاذ أبا سهل الصعلوكي في المنام على هيئة حسنة لا توصف فقلت له ياأستاذ بماذا نلت هذا فقال بحسن ظني بربي بحسن ظني بربي ومنهم أبو زيد المرزوي رحمه الله ذكر أبو بكر بن فورك إنه ممن إستفاد من أبي الحسن الأشعري من أهل خراسان قرأت على أبي القسم زاهر بن طاهر المعدل عن أبي بكر أحمد بن الحسين الحافظ قال أنا ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال محمد بن أحمد بن عبد الله الفقيه الزاهد أبو زيد المرزوي وكان أحد أئمة المسلمين ومن أحفظ الناس لمذهب الشافعي وأحسنهم نظرا وأزهدهم في الدنيا قدم نيسابور غير مرة أولها للتفقه قبل الخروج إلى العراق وبعده لمتوجهه إلى غزو الروم وقدمها الكرة الخامسة متوجها إلى الحج في شعبان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وأقام بمكة سبع سنين وحدث بمكة وببغداد بالجامع الصحيح لمحمد بن اسماعيل عن الفربري وهي أجل الروايات لجلالة أبي زيد قال أبو عبد الله سمعت أبا بكر البزار يقول عادلت الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكة فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة قال وسمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الفقيه يعني ابن عبدوس بن حاتم الحاتمي النيسابوري يقول سمعت أبا زيد الفقيه المرزوي يقول لما عزمت على الرجوع إلى خراسان من مكة تقسم قلبي بذلك وكنت أقول متى يمكنني هذا والمسافة بعيدة والمشقة

لا أحتملها فقد طعنت في السن فرأيت في المنام كأن رسول الله قاعد في صحن المسجد الحرام وعن يمينه شاب فقلت يارسول الله قد عزمت على الرجوع إلى خراسان والمسافة بعيدة فالتفت رسول الله إلى الشاب بجنبه فقال ياروح الله تصحبه إلى وطنه قال أبو زيد فاريت إنه جبريل عليه السلام فانصرفت إلى مرو فلم أحس بشيء من مشقة السفر هذا أو نحوه فإني لم أرجع إلى المكتوب عندي من لفظ أبي الحسن أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم الحسيني وأبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ابن قبيس الفقيه وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن حسين بن خيرون قالوا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد أبو زيد المرزوي الفقيه سمع محمد بن عبد الله السعدي وجماعة من أصحاب علي بن حجر وأكثر عن أبي بكر أحمد بن محمد بن عمر المنكدري وكان أحد أئمة المسلمين حافظا لمذهب الشافعي حسن النظر مشهورا بالزهد و الورع ورد بغداد وحدث بها فسمع منه وروي عنه أبو الحسن الدارقطني ومحمد بن أحمد بن القسم المحاملي وخرج أبو زيد إلى مكة فجاور بها وحدث هناك بكتاب صحيح البخاري عن محمد بن يوسف الفربري وأبو زيد أجل من روى ذلك الكتاب وقال لنا الشيخ أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال لنا الشيخ أبو اسحق الشيرازي أبو زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المرزوي صاحب أبي اسحق مات بمرو في رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وكان

حافظا للمذهب حسن النظر مشهورا بالزهد وعنه أخذ أبو بكر القفال المرزوي وفقهاء مرو ومنهم أبو عبد الله بن خفيف الشيرازي الصوفي رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي في كتابه قال أنا أبو بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي قال أنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال محمد بن خفيف بن أسفكشاذ الضبي أبو عبد الله المقيم بشيراز كانت أمه نيسابورية هو اليوم شيخ المشايخ وتاريخ الزمان لم يبق للقوم أقدم منه سنا ولا أتم حالا ووقتا صحب رويما والجريري وأبا العباس بن عطاء ولقي الحسين بن منصور وهو من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر متمسكا بعلوم الشريعة من الكتاب والسنة وهو فقيه على مذهب الشافعي وقال أحمد بن يحيى الشيرازي ما أرى التصوف إلا ويختم بأبي عبد الله بن خفيف وقيل لأبي عبد الله بن خفيف أن فلانا تكلم في التصوف بكلام عال فقال إنه قام عليه التصوف رخيصا فهو يبيعه رخيصا نعي الينا سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة كتب إلي الشيخ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن المقري قال أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ قال ومنهم أبو عبد الله محمد ابن خفيف الظريف له الفصول في الأصول والتحقيق والتثبت في الوصول لقي الأكابر والأعلام صحب رويما وأبا العباس بن عطاء وطاهرا المقدسي وأبا عمر الدمشقي كان شيخ الوقت حالا وعلما توفي سنة إحدى

وسبعين وثلاثمائة أخبرنا الشيخ أبو القسم زاهر بن طاهر بن محمد المستملي قال أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال سمعت أبا الحسن علي بن حمزة بن علي العلوي يقول سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي يقول نظر أبو عبد الله بن خفيف يوما إلى ابن مكتوم وجماعة من أصحابه يكتبون شيئا فقال ما هذا فقالوا نكتب كذاوكذا فقال اشتغلوا بتعلم شيء ولا يغرنكم كلام الصوفية فإني كنت أخبىء محبرتي في جيب مرقعتي والكاغد في حجرة سراويلي وكنت أذهب خفية إلى أهل العلم فإذا علموا بي خاصموني وقالوا لا تفلح ثم احتاجوا إلي بعد ذلك سمعت الشيخ أبا بكر محمد بن أحمد ابن الحسن البروجردي ببغداد يقول سمعت أبا سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيري بنيسابور يقول سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن با كوية الشيرازى يقول سمعت ابا عبد الله بن خفيف يقول كنت في ابتدائي بقيت أربعين شهرا أفطر كل ليلة بكف باقلاء فمضيت يوما واقتصدت يوما فخرج من عرقي شبيه ماء اللحم وغشي علي فتحير الفصاد وقال ما رأيت جسدا بلا دم إلا هذا قال وسمعت أبا عبد الله يقول ما سمعت شيئا من سنن رسول الله إلا استعملته حتى الصلاة على أطراف الأصابع سمعت الشيخ أبا المظفر عبد المنعم ابن عبد الكريم بن هوزان القشيري يقول سمعت أبي الإستاذ أبا القسم يقول سمعت أبا عبد الله بن باكويه الشيرازي يقول سمعت أبا العباس الكرجي يقول سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول ضعفت

عن القيام في النوافل وقد جعلت بدل كل ركعة من أورادي ركعتين قاعدا للخبر صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم وسمعت ابا المظفر يقول سمعت أبي يقول سمعت الشيخ أبا عبد الله بن باكويه الكوفي الصوفي يقول سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول ما وجبت علي زكاة الفطر أربعين سنة ولي قبول عظيم بين الخاص والعام سمعت أبا بكر محمد بن أحمد الأسدي الجوهري يقول سمعت علي بن عبد الله النيسابوري يقول سمعت يقول سمعت محمد بن عبد الله الصوفي يقول سمعت أبا أحمد الكبير قال كان أبو عبد الله إذا أراد أن يخرج إلى صلاة الجمعة يقول لي هات ما عندنا فأحمل إليه كل ما قد فتح من الذهب والفضة وغيره فيفرقه كله ثم يخرج إلى صلاة الجمعة وكان كل سنة في أوانه يخرج جميع ما عنده من الثياب حتى لا يبقي لنفسه ما يخرج به إلى بر أو أخبرنا أبو بكر الجوهري قال أنا أبو سعيد الحيري قال أنا أبو عبد الله بن باكويه قال ثنا أبو أحمد الصغير قال كان أمرني يعني ابن خفيف أن أقدم إليه كل ليلة عشر حبات زبيب لإفطاره قال فأشفقت عليه ليلة فجعلتها خمس عشرة فنظر إلي وقال من أمرك بهذا وأكل منها عشر حبات وترك الباقي ومنهم أبو بكر الجرجاني المعروف بالاسماعيلي رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو القسم بن أبي بكر الكتبي قال أنا أبو القسم اسماعيل بن مسعدة بن اسماعيل الجرجاني قال أنا أبو القسم حمزة بن

يوسف السهمي الجرجاني في تاريخ جرجان قال أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن العباس أبو بكر الإسماعيلي الإمام رحمه الله ويبض وجهه وألحقه بعباده الصالحين توفي يوم السبت غرة رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وكان له أربع وتسعون سنة سمعت ولدي أبا يعقوب يوسف بن إبراهيم يقول سمعت أبي لإبراهيم بن موسى يقول كان أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي بارا بوالديه لحقته بركة دعائهما قال حمزة وسألني الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بمصر عن أبي بكر الإسماعيلي وما صنف وجمع وعن سيرته فكنت أخبره بما صنف من الكتب وحمع من المسانيد والمقلين وتخريجه على كتاب محمد بن اسماعيل البخاري وجميع سيره فتعجب من ذلك وقال لقد كان رزق من العلم والجاه وكان له صيت حسن وقال حمزة سمعت أبا الحسن الدارقطني الحافظ يقول كنت قد عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي فلم أرزق قال حمزة وكنت إذا حضرت مجلس الإمام أبي بكر الإسماعيلي ورأيته لم يتفوه بشيء من تفسير خبر أو ضرب مثل أو حكاية أو بيت شعر أو نادرة أو غير ذلك من سائر العلوم إلا وتبادر جماعة من الغرباء وأهل البلد علقوا وكتبوا خصوصا أبو بكر البرقاني فإنه قلما كان يترك شيئا يجري إلا

وهو يكتب وكذلك أبو القسم الورثاني وأبو جعفر محمد بن علي بن دلان الجرجاني والفضل بن أبي سعد الهدوي وأبو الفضل المخزومي البصري وأبو سعد الماليني وأبو القسم عيسى بن عباد الدينوري ويحيى الأبهري وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي وأبو بكر الجرجاني وعبد الرحمن السجزي وغيرهم رحمهم الله ممن لا أحصي عددهم وما من يوم إلا وكان بحضرته من الغرباء الجوالين ممن يفهم ويحفظ مقدار أربعين أو خمسين نفسا وكنت أعلق عنه مقدار فهمي وحفظي وأنسخ مما علق عنه أبو بكر البرقاني وأبو جعفر بن دلان الجرجاني أخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد السمرقندي قال ثنا أبو اسحق إبراهيم بن علي الفقيه قال أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن العباس الإسماعيلي مات سنة نيف وسبعين وثلاثمائة وجمع بين الفقه والحديث ورياسة الدين والدنيا وصنف الصحيح وأخذ عنه إبنه أبو سعد وفقهاء جرجان وقال شيخنا القاضي الإمام أبو الطيب الطبري رحمه الله دخلت جرجان قاصدا إليه وهو حي فمات قبل أن ألقاه جمع بين الأصول والفقه والحديث وصنف صحيحا على شرط البخاري رحمه الله يدل على فضل كثير لمن وقف عليه أخبرنا الشريف أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد المرزوي الواعظ بدمشق قال قال لنا الشيخ الحافظ أبو نصر هبة الله بن عبد الجبار بن فاخر بن معاذ بن أحمد بن محمد السجزي بسجستان أبو بكر الإسماعيلي شيخ كبير جليل ثقة من الفقهاء والمحدثين في عصره يرجع إلى علم وافر ومعرفة بالحديث صادقة ومروءة ظاهرة وكانت إليه

الرحلة في زمانه وهو أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن العباس الإسماعيلي الجرجاني روى عن أبي خليفة والمشايخ ولد سنة سبع وسبعين ومائتين ومات سنة إحدى وسبعين وثلاثماية ومنهم أبو الحسن عبد العزيز بن محمد بن اسحق الطبري المعروف بالدمل رحمه الله كان من أعيان أصحاب أبي الحسن وممن تخرج به وخرج إلى الشام ونشر بها مذهبه وكتب عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري كتابه في التفسير وسمعه منه ووقفت له قديما على تأليف في الأصول يدل على فضل كثير وعلم غزير سماه كتاب رياضة المبتدي وبصيرة المستهدي ومنهم أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري صحب أبا الحسن رحمه الله بالبصرة مدة وأخذ عنه وتخرج به واقتبس منه وصنف تصانيف عدة تدل على علم واسع وفضل بارع وهو الذي ألف الكتاب المشهور في تأويل الأحاديث المشكلات الواردة في الصفات أخبرنا الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي بدمشق قال أنا أبو القسم علي بن محمد بن أبي العلاء المصيصي بدمشق قال أنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم الفارقي المعروف

بابن الضراب بها قال أنا أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن الخليلي الماليني قال أنشدنا أبو الحسن علي بن مهدي الطبري لنفسه ... ماضاع من كان له صاحب ... يقدر أن يصلح من شأنه ... فإنما الدنيا بسكانها ... وإنما المرء بإخوانه ... قال وأنشدني أبو الحسن علي بن مهدي الطبري لنفسه إن الزمان زمان سو ... وجميع هذا الخلق بو ... ذهب الكرام بأسرهم ... وبقيت في ليت ولو ... فإذا سألت عن الندا ... فجوابهم عن ذاك وو ... ومنهم أبو جعفر السلمى البغدادى النقاش رحمه الله أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم الخطيب وأبو الحسن علي ابن أحمد الفقيه وأبو منصور محمد بن عبد الملك المقري قالوا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي ثابت الحافظ محمد بن أحمد بن العباس بن أحمد ابن خلاد بن أسلم بن سهل بن مرداس أبو جعفر السلمي نقاش الفضة سمع محمد بن محمد بن سليمان الباغندى و الحسن بن محمي المخرمي وعبد الله ابن محمد البغوي وأبا بكر بن أبي داود السجستاني ويحيى بن محمد بن صاعد وأبا بكر بن مجاهد المقري حدثنا عنه أبو علي بن شاذان وأبو القسم الأزهري وعلي بن المحسن التنوخي سألت الأزهري عن أبي جعفر النقاش فقال ثقة قال وكان أحد المتكلمين على مذهب الأشعري ومنه تعلم أبو علي بن شاذان الكلام قال لنا علي بن المحسن التنوخي مولد أبي جعفر

النقاش للنصف من حمادي الأولى سنة أربع وتسعين ومائتين وقال ابو بكر أحمد بن محمد العتيقي قال سنة تسع وسبعين وثلاثمائة فيها توفي أبو جعفر الأشعري النقاش يوم الأحد أو الإثنين لست خلون من المحرم وكان ثقة ومنهم أبو عبد الله الأصبهاني المعروف بالشافعي حدثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد المعدل بأصبهان قال انا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن المقري وأجازه إلي أبو علي الحداد قال انا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ الأصبهاني قال محمد بن القسم أبو عبد الله الشافعي متكلم على مذهب أهل السنة ينتحل مذهب أبي الحسن الأشعري عاد إلى أصبهان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وتوفي بها في ربيع الأول يوم الجمعة لإثنتي عشرة خلت منه سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة سمع الكثير بالعراق كثير المصنفات في الأصول والفقه والأحكام ومنهم أبو محمد القرشي الزهري رحمه الله كتب إلي الشيخ الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم يخبرني قال انا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال عبد الواحد بن أحمد ابن القسم بن محمد بن عبد الرحمن الزهري أبو محمد المذكر من ولد عبد

الرحمن بن عوف وهو ابن أبي الفضل المتكلم الأشعري سمع أبا حامد ابن بلال وأبا بكر القطان وأقرانهما ثم صحبني عند أبي النضر بطوس وعند المحبوبي والسياري بمرو وسمع معنا الكثير وكان يصوم الدهر ويختم القرآن في كل يومين توفي الزهري رحمه الله بنيسابور غداة الخميس الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة دخلت عليه يوم وفاته باكرا فبكى الكثير وقال أستودعك الله أيها الحاكم فإني راحل ومنهم أبو بكر البخاري المعروف بالأودني الفقيه رحمه الله كتب إلي الشيخ الإمام أبو نصر بن الإستاذ أبي القسم القشيري قال أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ قال أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال محمد بن عبد الله بن محمد الفقيه أبو بكر البخاري ثم الأودني إمام الشافعيين بما وراء النهر في عصره بلا مدافعة قدم نيسابور سنة خمس وستين وحج ثم انصرف فأقام عندنا مدة في سنة ست وستين وكان من أزهد الفقهاء وأورعهم وأكثرهم اجتهادا في العبادة وأبكاهم على تقصيره وأشدهم تواضعا وإخباتا وإنابة سمع ببخارى أبا الفضل يعقوب بن يوسف العاصمي وأقرانه وخرج إلى أبي يعلى بالنسف فأكثر عنه وعن الهيثم بن كليب وأقرانهما وتوفي الفقيه أبو بكر الأودني رحمه الله ببخارى سنة خمس وثمانين وثلاثمائة

ومنهم أبو منصور بن حمشاد النيسابوري رحمه الله كتب إلي الإستاذ أبو نصر بن الأستاذ أبي القسم القشيري يخبرني قال أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال محمد بن عبد الله بن حمشاد أبو منصور الأديب الزاهد من العباد العلماء المجتهدين درس الأدب على أبي عمر الزردي وأبي حامد الخارزنجي وأبي عمر الزاهد وأقرانهم والفقه بخراسان على أبي الوليد وبالعراق على أبي علي بن أبي هريرة والكلام على أبي سهل الخليطي والمعاني على أبي بكر بن عبدوس ونظرائه وسمع بخراسان أبا حامد بن بلال البزاز وأبا بكر محمد بن الحسين القطان وأقرانهما وبالعراق على الصفار وأبا جعفر الرزاز وأقرانهما و بالحجاز أبا سعيد بن الأعرابي وأقرانه ودخل اليمن فأدرك بها الأسانيد العالية وكان من المجتهدين في العبادة الزاهدين في الدنيا تجنب مخالطة السلاطين وأولياءهم إلى أن خرج من دار الدنيا وهو ملازم لمسجده ومدرسته قد اقتصر من بقية أوقاف لسلفه عليه على قوت يوم بيوم تخرج به جماعة من العلماء الواعظين وظهر له من مصنافته أكثر من ثلاثماية كتاب مصنف وقد ظهر لنا في غير شيء إنه كان مجاب الدعوة توفي رحمه الله وقت الصبح يوم الجمعة الرابع والعشرين من رجب سنة ثمان وثلاثمائة وسمعته في مرضه الذي مات فيه يذكر مولده سنة عشرة وثلاثماية فمات وهو ابن اثنتين وسبعين سنة

ومنهم الشيخ أبو الحسين بن سمعون البغدادي المذكر رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي من نيسابور قال أنا أبو بكر محمد بن يحيى بن ابراهيم المزكي قال ثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي قال محمد بن أحمد ابن سمعون كنيته أبو الحسين من مشايخ البغداديين له لسان عال في هذه العلوم يعني علوم اهل التصوف لا ينتمي إلى أستاذ وهو لسان الوقت والمرجوع إليه في آداب الظاهر يذهب إلى أسد المذاهب وهو إمام المتكلمين على هذا اللسان في الوقت لقيته وشاهدته زاد غير المزكى عن السلمي قال أبو الحسين بن سمعون الذي هو لسان الوقت والمعبر عن الأحوال بألطف بيان مع ما يرجع إليه صحة الإعتقاد وصحبة الفقراء أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم الحسيني وأبو الحسن علي بن أحمد الغساني وأبو منصور بن خيرون قالوا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي ثابت الحافظ محمد بن أحمد بن اسماعيل بن عنبس بن اسماعيل أبو الحسين الواعظ المعروف بابن سمعون كان واحد دهره وفرد عصره في الكلام على علم الخواطر والإشارات ولسان الوعظ دون الناس حكمه وجمعوا كلامه وحدث عن عبد الله بن أبي داود السجستاني وأحمد بن محمد بن سلم المخرمي ومحمد بن مخلد الدوري ومحمد ابن جعفر الطبري ومحمد بن أبي حذيفة وأحمد بن سليمان

ابن زبان الدمشقيين وعمر بن الحسن الشيباني حدثنا عنه حمزة بن محمد ابن طاهر الدقاق والقاضي أبو علي بن أبي موسى الهاشمي والحسن بن محمد الخلال وأبو بكر الطاهري وعبد العزيز بن علي الأزجي وغيرهم وكان بعض شيوخنا إذا حدث عنه قال ثنا الشيخ الجليل المنطق بالحكمة أبو الحسين بن سمعون وحدثني الحسن بن أبي طالب قال سمعت أبا الحسين بن سمعون يقول ولدت في سنة ثلاثمائة وقال أبو بكر أحمد بن الحسين بن غالب بن المبارك المقري قال سمعت أبا الفضل التميمي يقول سمعت أبا بكر الأصبهاني وكان خادم الشبلي قال كنت بين يدي الشبلي في الجامع يوم جمعة فدخل أبو الحسين بن سمعون وهو صبي وعلى رأسه قلنسوة بشفاشك مطلس بفوطة فجاز علينا وما سلم فنظر الشبلي إلى ظهره وقال يا أبا بكر تدري ايش لله في هذا الفتى من الذخائر أخبرنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد بن الأكفاني قراءة أو إجازة قال ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال أنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ إجازة وحدثني عنه أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي قال كان القاضي أبو بكر الأشعري وابو حامد يقبلان يد ابن سمعون إذا جاآه وكان القاضي يقول ربما خفي علي من كلامه بعض الشيء لدقته أخبرنا الشيخ الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي رحمه الله بدمشق قال ثنا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي الزاهد رحمه الله قال ثنا عبيد الله بن عبد الواحد الزعفراني قال حدثني أبو محمد السني

البغدادي صاحب ابن سمعون قال كان ابن سمعون في أول عمره ينسخ بأجرة ويعود بأجرة نسخة على نفسه وعلى أمه وكان كثير البر بها فجلس يوما ينسخ وهي جالسة بقربه فقال لها أحب أن أحج قالت له ياولدي كيف يمكنك الحج وما معك انفقة ولا لي ما أتنفقه إنما عيشنا من أجرة هذا النسخ وغلب عليها النوم فنامت وانتبهت بعد ساعة وقالت يا ولدي حج فقال لها منعت قبل النوم وأذنت بعده قالت رأيت الساعة رسول الله وهو يقول دعيه يحج فإن الخيرة له في حجه في الآخرة والأولى ففرح وباع من دفاتره ماله قيمة ودفع إليها ثمنها نفقة لها وخرج مع الحجاج وأخذ العرب الحجاج وأخذوه في الجملة قال ابن سمعون فبقيت عريانا ووجدت مع رجل عباءة كانت على عدل فقلت له هب لي هذه العباءة أستر نفسي بها فقال خذها فجعلت نصفها على كتفي ونصفها على وسطي وكان عليها مكتوب يارب سلم وبلغ برحمتك ياأرحم الراحمين وكنت إذا غلب علي الجوع ووجدت قوما يأكلون وقفت أنظر إليهم فيدفعون إلي الكسرة فأقتنع بها ذلك اليوم ووصلت إلى مكة فغسلت العباءة فأحرمت بها وسألت أحد بني شيبة أن يدخلني البيت وعرفته فقري وأدخلني بعد خروج الناس وغلق الباب فقلت اللهم إنك بعلمك غني عن إعلامي بحالي اللهم أرزقني معيشة أستغني بها عن سؤال الناس فسمعت قائلا يقول من ورائي اللهم إنه ما يحسن أن يدعوك اللهم أرزقه عيشا بلا معيشة فالتفت فلم أر أحدا فقلت هذا الخضر أو أحد الملائكة

فأعدت القول فأعاد الدعاء فأعدت فأعاد ثلاث مرات وعدت إلى بغداد وكان الخليفة قد حرم جارية من جواريه وأراد إخراجها من الدار فكره ذلك إشفاقا عليها قال أبو محمد بن السني فقال الخليفة أطلبوا رجلا مستورا يصلح أن تزوج هذه الجارية به فقال من حضر قد وصل ابن سمعون من الحج وهو يصلح لها فاستصوب الخليفة قوله وتقدم باحضاره وحضور الشهود فأحضروا وزوج بالجارية ونقل معها من المال والثياب والجواهر ما تحمل الملوك فكان ابن سمعون يجلس على الكرسي للوعظ فيقول أيها الناس خرجت حاجا فكان من حالي كذا وكذا ويشرح حاله جميعها وها أنا اليوم علي من الثياب ما ترون وطيبي ما تعرفون ولو وطئت على العنبة تألمت من الدلال ونفسي تلك أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم الخطيب والشيخ أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه قالا ثنا وأبو منصور محمد بن عبد الملك قال أنا أبو بكر أحمد ابن علي الخطيب قال ثنا أبو بكر محمد بن محمد الطاهري قال سمعت أبا الحسين بن سمعون يذكر إنه خرج من مدينة الرسول قاصدا بيت لبمقدس وحمل في صحبته تمرا صيحانيا فلما وصل الى بيت المقدس ترك التمر مع غيره من الطعام في الموضع الذي كان يأوي إليه ثم طالبته نفسه بأكل الرطب فأقبل عليها باللائمة وقال من أين لنا في هذا الموضع رطب فلما كان وقت الإفطار عمد إلى التمر ليأكل منه فوجدته رطبا صيحانيا فلم يأكل منه شيئا ثم عاد إليه من الغد عشية فوجده تمرا على حالته الأولى فأكل منه أو كما قال أخبرنا الشريف أبو القسم والشيخ أبو

الحسن قالا سمعنا أبا بكر أحمد بن علي يقول وأخبرنا أبو منصور بن خيرون قال أنا أبو بكر الخطيب قال سمعت أبا الحسن أحمد بن علي بن الحسن بن البادا يقول سمعت أبا الفتح القواس يقول لحقني إضافة وقتا من الزمان فنظرت فلم أجد في البيت غير قوس لي وخفين كنت ألبسهما فأصبحت وقد عزمت على بيعهما وكان يوم مجلس أبي الحسين بن سمعون فقلت في نفسي أحضر المجلس ثم أنصرف فأبيع الخفين والقوس قال وكان القواس قلما يتخلف عن حضور مجلس ابن سمعون قال أبو الفتح فحضرت المجلس فلما أردت الإنصراف نادى أبو الحسين يا أبا الفتح لا تبع الخفين ولا تبع القوس فإن الله سيأتيك برزق من عنده أو كما قال وأخبرنا الشريف أبو القسم والشيخ أبو الحسن بن قبيس قالا ثنا وأبو منصور الخيروني قال أنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال حدثني رئيس الرؤساء شرف الوزراء أبو القسم علي بن الحسن قال حدثني أبو طاهر محمد بن علي بن العلاف قال حضرت أبا الحسين بن سمعون يوما في مجلس الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم وكان أبو الفتح القواس جالسا إلى جنب الكرسي فغشيه النعاس ونام فأمسك أبو الحسين عن الكلام ساعة حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسه فقال له أبو الحسين رأيت رسول الله في نومك قال نعم فقال أبو الحسين لذلك أمسكت عن الكلام خوفا أن تنزعج وتنقطع عما كنت فيه أو كما قال قال وحدثني رئيس الرؤساء أيضا قال حكى لي أبو علي بن أبي موسى الهاشمي قال حكى لي دحى مولى الطائع لله قال أمرني الطائع لله بأن أوجه إلى ابن

سمعون فأحضره دار الخلافة ورأيت الطائع على صفة من الغضب وكان يتقي في تلك الحال لأنه كان ذا حدة فبعثت إلى ابن سمعون وأنا مشغول القلب لأجله فلما حضر أعلمت الطائع حضوره فجلس مجلسه وأذن له في الدخول فدخل وسلم عليه بالخلافة ثم أخذ في وعظه فأول ماابتدأ به أن قال روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر خبرا وأحاديث بعده ثم قال روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وذكر عنه خبرا ولم يزل يجري في ميدان الوعظ حتى بكى الطائع وسمع شهيقه وابتل منديل بين يديه بدموعه فأمسك ابن سمعون حينئذ ودفع إلى الطائع درجا فيه طيب وغيره فدفعته إليه وانصرف وعدت إلى حضرة الطائع فقلت يا مولاي رأيتك على صفة من شدة الغضب على ابن مسعود ثم انتقلت عن تلك الصفة عند حضوره فما السبب فقال رفع إلي عنه أنه ينتقص علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأحببت أن أتيقن ذلك لأقابله عليه إن صح ذلك منه فلما حضر بين يدي إفتتح كلامه بذكر علي بن أبي طالب والصلاة عليه وأعاد وأبدى في ذلك وقد كان له من دوحة في الرواية عن غيره وترك الإبتداء به فعلمت إنه وفق لما تزول به عنه الظنة وتبرأ ساحته عندي ولعله كوشف بذلك أو كما قال أخبرنا الشريف أبو القسم بن أبي الحسن والشيخ أبو الحسن بن قبيس وغيرهما قالوا ثنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال سنة سبع وثمانين وثلاثمائة فيها توفي أبو الحسين ين سمعون الواعظ يوم النصف من ذي القعدة

وكان ثقة مأمونا قال أبو بكر وذكر لي غير العتيقي إنه توفي يوم الخميس الرابع عشر من ذي القعدة ودفن في داره بشارع العتابيين فلم يزل هناك حتى نقل في يوم الخميس الحادي عشر من رجب سنة ست وعشرين وأربعمائة فدفن بباب حرب وقيل لي أن أكفانه لم تكن بليت بعد ومنهم أبو عبد الرحمن الشروطي الجرجاني أخبرنا الشيخ أبو القسم بن السمرقندي قال أنا أبو القسم الجرجاني قال أنا أبو القسم حمزة بن يوسف قال أبو عبد الرحمن بن اسماعيل بن أبي عبد الرحمن القطان الشروطي كان متكلما على مذهب السنة وعالما بالشروط وبالطب وكتب الحديث عن أبي يعقوب النحوي ومن في طبقته توفي سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ومنهم أبو علي الفقيه السرخسى رحمه الله أخبرني أبو نصر عبد الرحيم بن أبي القسم الإمام في كتابه إلي قال أنا أحمد بن الحسين البيهقي قال قال لنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم الحافظ زاهر بن أحمد بن محمد بن عيسى السرخسي أبو علي المقري الفقيه المحدث شيخ عصره بخراسان سمع بخراسان أبا لبيد محمد بن إدريس وأقرانه وبالعراق أبا القسم البغوي وأبا محمد بن صاعد وأبا الحسن علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي وأبا يعلى محمد بن زهير الإيلي وأقرانهم وكانت رحلته في سنة خمس عشرة وثلاثمائة وانصرف إلى نيسابور

سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ومشايخنا متوافرون فأقام عندنا سنة يحضر مجالس مشايخنا وسمعت مناظرته إذ ذاك في مجلس الإمام أبي بكر أحمد بن اسحق وغيره وقد كان قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد وتفقه عند أبي اسحق المرزوي ودرس الأدب على أبي بكر بن الأنباري ومحمد بن يحيى الصولي وأقرانهما توفي زاهر بن أحمد الفقيه رحمه الله يوم الأربعاء سلخ ربيع الآخر من سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وهو ابن ست وتسعين سنة ذكر بعض الطبقة الثانية وهم أصحاب أصحابه ممن سلك مسلكه في الأصول وتأدب بآدابه فمنهم أبو سعد بن أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني رحمه الله أخبرنا أبو القسم بن أبي بكر الدلال قال أنا أبو القسم بن أبي الفضل الجرجاني قال أنا أبو القسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي في كتاب تاريخ جرجان قال اسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن العباس أبو سعد الإسماعيلي كان إمام زمانه مقدما في الفقه وأصول الفقه والعربية والكتابة والشروط والكلام صنف في أصول الفقه كتابا

كبيرا سماه تهذيب النظر وله كتاب الأشربة رد على الجصاص درس الفقه سنين كثيرة وتخرج على يده جماعة من الفقهاء من أهل جرجان وطبرستان وغيرهما من البلدان وكان فيه من الخصال المحمودة التي لا تحصى من الورع الثخين والمجاهدة في العبادة والعلم والإهتمام بأمور الدين والنصيحة للإسلام وحسن الخلق وطلاقة الوجه والسخاء في الإطعام وبذل المال وما لا أقدر أن أحصيه رحمة الله عليه ورضوانه حججت معه سنة أربع وثمانين حيث رجع من نصف البادية وحج في سنة خمس وثمانين إلى أن رجع إلى وطنه كنت معه لم أره تغير عن خلقه النفيس كان معظما مبجلا في جميع البلدان روى عن أبي بكر محمد بن إبراهيم الشافعي ومحمد بن اسحق الفاكهي ودعلج وعن الأصم محمد بن يعقوب حديثا واحدا وعن عبد الله بن عدي كتاب الضعفاء وجمعه مسند مالك بن أنس توفي ليلة الجمعة النصف من شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين وثلاثمائة وصلى عليه أخوه أبو نصر الإسماعيلي في صحراء باب الخندق في جمع عظيم لم أر مثل ذلك الجمع بجرجان في تشييع جنازة أحد قط ودفن عند رأس والده أبي بكر الإسماعيلي توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة ومما أكرمه الله به ورفع قدره به إنه مات وهو في صلاة المغرب يقرأ إياك نعبد وإياك نستعين ففاضت نفسه ومما أكرمه الله به إنه حين قربت وفاته ذهب منه جميع ما كان يملكه من المال والضياع وكان يوجه القطن إلى باب الأبواب فغرق الجميع في البحر وكانت له بضاعة تحمل من أصبهان فوقع عليها الأكراد

فأخذوها وكان يحمل له من خراسان شيء من الحنطة فوقع عليه قوم وأغاروا عليه وكان له ضيعة بقريه تعرف بكوشكي أمر قابوس بن وشمكير أن يقلع أشجارها فقلع جميع ذلك وكبست القناة وقبض جميع ضياعه وخلف من الأولاد أبا معمر المفضل وأبا العلاء السري وأبا سعيد سعد وأبا الفضل مسعدة وأبا الحسن مبشر وابنتين فأما أبو معمر فصار إماما مقدما في العلوم وأبو العلاء فإنه أيضا صار عالما في الفقه والأدب حضرت يوما مجلس الإمام أبي بكر الإسماعيلي على باب داره ننتظر خروجه فخرج الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي وهو مستبشر وبيده جزء فجلس وقال أنشدني إبني أبو سعد وأنشدنا ثم أنشدنا الإمام أبو سعد بعد ما أنشدنا والده عنه ... إني ادخرت ليوم ورد منيتي ... عند الآله من الأمور خطيرا ... وهو اليقين بأنه الأحد الذي ... مازلت منه بفضله مغمورا ... وشهادتي أن النبي محمدا كان الرسول مبشرا ونذيرا ... وبراءتي من كل شرك قاله ... من لا يقر بفعله مبرورا ... ومحبتي آل النبي وصحبه ... كلا أراه بالجميل جديرا ... وتمسكي بالشافعي وعلمه ... ذاك الذي فتق العلوم بحورا ... وجميل ظني بالآله لما جنت ... نفسي وإن حرمت علي شرورا ... إن الظلوم لنفسه إن يأته ... مستغفرا يجد الاله غفورا ... فاشهد آلهي إنني مستغفر ... لا أستطيع لما مننت شكورا ... هذا الذي أعددته لشدائدي ... وكفى بربي هاديا ونصيرا

أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الغساني وأبو منصور محمد بن عبد الملك المقري قالا قال لنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب اسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل ابن العباس أبو سعد الجرجاني المعروف بالاسماعيلي ورد بغداد غير مرة وآخر وروده كان في حياة أبي الحسن الدارقطني وحدث عن أبيه أبي بكر الإسماعيلي وعن أبي العباس الأصم النيسابوري ومحمد بن أحمد ابن جعفر الدينوري ومحمد بن علي بن دحيم الكوفي وعبد الله بن عدي الجرجاني حدثنا عنه محمد بن أحمد بن شعيب الروياني وأبو محمد الخلال وعلي بن المحسن التنوخي وكان ثقة فاضلا فقيها على مذهب الشافعي وكان سخيا جوادا مفضلا على أهل العلم والرياسة بجرجان إلى اليوم في ولده وأهل بيته أخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن السمرقندي قال ثنا الشيخ الإمام أبو اسحق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي قال أبو سعد اسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن العباس الإسماعيلي مات سنة ست وتسعين وثلاثمائة وجمع بين رياسة الدين والدنيا بجرجان وكان فقيها أديبا جوادا أخذ العلم عن أبيه أبي بكر الإسماعيلي وفيه وفي أخيه أبي نصر وابيهما ابا بكر يقول الصاحب بن عباد في رسالته واما الفقيه ابو نصر فإذا جاء حدثنا وأخبرنا فصادع وصادق ونافذ وناطق وأما أنت أيها الفقيه أبا سعد فمن يراك كيف تدرس وتفتي وتحاضر وتروي وتكتب وتملي علم أنك الحبر بن الحبر والبحر بن البحر والضياء بن الفجر وأبو سعد بن أبي بكر بن نجم لله شيخكم الأكبر فإن الثناء عليه غنم والنساء

بمثله عقم فليفخر به أهل جرجان ما سال واديها وأذن مناديها أخبرنا الشيخ أبو الحسن بن أبي العباس الغساني قال ثنا أحمد بن علي البغدادي قال حدثني أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسن الواعظ الاستراباذي قال توفي أبو سعد الإسماعيلي بجرجان في شهر ربيع الآخر من سنة ست وتسعين وثلاثمائة ومنهم أبو الطيب بن أبي سهل الصعلوكي النيسابوري رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوزان قال أنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الحافظ قال أنا عبد الله محمد ابن عبد الله الحافظ قال سهل بن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن موسى ابن عيسى بن إبراهيم العجلي الفقيه الأديب أبو الطيب بن أبي سهل الحنفي الصعلوكي مفتي نيسابور وابن مفتيها وأكتب من رأينا من علمائنا وأنظرهم وقد كان بعض مشايخنا يقول من أراد أن يعلم أن النجيب بن النجيب يكون بمشيئة الله سبحانه وتعالى فلينظر إلى سهل ابن أبي سهل سمع أباه الأستاذ أبا سهل وعنده تفقه وبه تخرج وسمع أبا العباس محمد بن يعقوب وأبا علي حامد بن محمد الهروي وأبا عمرو بن نجيد السلمى يوأقرانهم من الشيوخ ودرس الفقه واجتمع إليه الخلق اليوم الخامس من وفاة الأستاذ أبي سهل سنة تسع وستين وثلاثمائة وقد تخرج به جماعة من الفقهاء بنيسابور وسائر مدن خراسان وتصدروا للفتوى والقضاء والتدريس وخرجت الفوائد من سماعاته وحدث وأملى

وبلغني إنه وضع في مجلسه أكثر من خمسمائة محبرة عشية الجمعة الثالث والعشرين من المحرم سنة سبع وثمانين وثلاثمائة سمعت الأستاذ أبا سهل وذكر في مجلسه عقل ولده سهل وتمكينه منه وعلى همته وأكثروا وقالوا فلما فرغوا قال الإستاذ سهل والد ودخلت على الإستاذ رحمه الله في ابتداء مرضه وسهل غائب إلى بعض ضياعه فكان الأستاذ يشكو ما هو فيه فقال غيبة سهل أشد علي من هذا الذي أنا فيه فلو حضر ما كنت أشكو ما بي هذا أو نحوه قال أبو عبد الله وسمعت الرئيس أبا محمد الميكالي غير مرة يقول الناس يعجبون من كتابة الأستاذ أبي سهل وسهل أكتب منه قال وسمعت أبا الأصبغ عبد العزيز بن عبد الملك وانصرف إلينا من نيسابور ونحن ببخارى فسألناه ما الذي استفدت هذه الكرة بنيسابور فقال رؤية سهل بن أبي سهل فإني منذ فارقت وطني بأقصى المغرب وجبت إلى أقصى المشرق ما رأيت مثله أخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال ثنا الشيخ أبو اسحاق إبراهيم بن علي الفيروز ابادي الفقيه قال أبو الطيب سهل ابن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان الصعلوكي الحنفي من بني حنيفة تفقه على أبيه أبي سهل وكان فقيها أديبا جمع رياسة الدين والدنيا وأخذ عنه فقهاء نيسابور أخبرنا الشيخ أبو المعالي محمد بن اسماعيل بن محمد ابن الحسين الفارسي بنيسابور قال أنا الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين ابن علي البيهقي قال أبو عبد الله الحافظ قال سمعت الشيخ أبا الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول كنا في مجلس القاضي أبي العباس بن

سريج سنة ثلاث وثلاثمائة فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال أبشر أيها القاضي فإن الله يبعث على رأس كل مائة يعني سنة من يجدد لها يعني للأمة أمر دينها وإنه تعالى بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز وتوفي سنة يعني إحدى ومائة وبعث على رأس المأتين أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي وتوفي سنة أربع وثمانين وبعثك على رأس الثلاثماية ثم أنشأ يقول ... إثنان قد مضيا فبورك فيهما ... عمر الخليفة ثم حلف السؤدد ... الشافعي الألمعي محمد ... إرث النبوة وابن عم محمد ... أبشر أبا العباس إنك ثالث ... من بعدهم سقيا لتربة أحمد ... قال فصاح أبو العباس القاضي وبكى فقال قد نعى إلي نفسي قال الشيخ أبو الوليد فمات القاضي أبو العباس في تلك السنة قال الحاكم أبو عبد الله فلما رويت هذه الحكاية كتبوها وكان ممن كتبها شيخ أديب فقيه فلما كان في المجلس الثاني قال لي بعض الحاضرين إن هذا الشيخ قد زاد في تلك الأبيات ذكر الشيخ أبي الطيب سهل بن محمد وجعله على رأس الأربعمائة فسألت ذلك الفقيه عنه فأنشدني قوله في قصيدة مدحه بها ... والرابع المشهور سهل محمد ... أضحى إماما عند كل موحد ... يأوي إليه المسلمون بأسرهم ... في العلم أن جاءوا بخطب مربد ... لا زال فيما بيننا شيخ الورى ... للمذهب المختار خير مجدد

قال الحاكم فسكت ولم أنطق وغمني ذلك إلى أن قدر الله وفاته رحمه الله في تلك السنة أنشدنا الشيخ أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الطوسي ثم النوقاني الفقيه المعروف بالفاضلي البختري بنوقان قال أنشدنا الشيخ الرئيس أبو إبراهيم أسعد بن مسعود العتبي إملاء بنيسابور قال أنشدني جدي الشيخ أبو النضر يعني العتبي النيسابوري لنفسه فيما كتب إلى الإمام الصعلوكي ... ألا أيها الشيخ الإمام ومن به ... تبلج فجر الدهر عن فلق البشر ... لئن كنت في الدنيا وأنت وشاحها ... عيانا فإن الدر في صدف البحر ... ولم تحوك الدنيا لأنك دونها ... ولكن لب الشيء يحرز بالقشر ... وقد صين نصل السيف تحت قرابه ... كما صين نور العين في الجفن والشعر ... سمعت أبا المظفر بن أبي القسم القشيرى يقول سمعت أبي يقول سمعت أبا سعيد الشحام يقول رأيت الشيخ الإمام أباالطيب سهل الصعلوكي في المنام فقلت أيها الشيخ فقال دع الشيخ فقلت وتلك الأحوال التي شاهدتها فقال لم تغن عنا فقلت ما فعل الله بك فقال غفر لي بمسائل كانت تسل عنه العجز ومنهم أبو الحسن بن داود المقري الداراني الدمشقي رحمه الله أخبرنا الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد بن الأكفاني قال ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن علي التميمي الصوفي الكتاني

قال سمعت جماعة من شيوخنا يقولون توفي أبو الحسن علي بن داود المقري الداراني يوم الأربعاء بعد العصر لست خلون من جمادي الأولى سنة اثنتين وأربعمائة قال عبد العزيز قرأ علي ابن الأخرم يعني أبا الحسن محمد بن النضر بن مر بن الحر وانتهت الرياسة إليه في قراءة الشاميين حدث عن حسن بن حبيب وخيثمة بن سليمان وغيرهما لم أسمع منه وحضرت جنازته وكان ثقة مأمونا مضى على سداد وأمر جميل وكان يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله وكان يصلي بالناس في جامع دمشق فسمعت الشيخ الأمين أبا محمد بن الأكفاني يحكي من حفظه عن بعض مشايخه الذين أدركوا ذلك أن ابا الحسن بن داود كان يؤم أهل داريا فمات أمام جامع دمشق فخرج أهل دمشق إلى داريا ليأتوا به للصلاة للناس في جامع دمشق وكان فيمن خرج معهم القاضي أبو عبد الله بن النصيبي الحسيني وجلة شيوخ البلد كأبي محمد بن أبي نصر وغيره فلبس أهل داريا السلاح وقالوا لا نمكنكم من أخذ إمامنا فتقدم إليهم أبو محمد بن أبي نصر وقال ياأهل داريا أما ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إلى إمام أهل داريا يصلي بهم فقالوا بلى قد رضينا وألقوا السلاح فقدمت له بغلة القاضي ليركبها فلم يفعل وركب حمارة كانت له فلما ركب التفت إلى ابن النصيبي فقال أيها القاضي الشريف مثلي يصلح أن يكون إمام الجامع وأنا علي بن داود كان أبي نصرانيا فأسلم وليس لي جد في الإسلام فقال له القاضي قد رضي بك المسلمون فدخل معهم وسكن في أحد بيوت المنارة الشرقية

وكان يصلي بالناس ويقرئهم في شرقي الرواق الأوسط من الجامع ولا يأخذ على صلاته أجرا ولا يقبل ممن يقرأ عليه برا ويقتات من غلة أرض له بداريا ويحمل من الحنطة ما يكفيه من الجمعة إلى الجمعة ويخرج بنفسه إلى طاحونة كسمكين خارج باب السلامة فيطحنه ويعجنه ويخبزه ويقتاته طول الأسبوع أو كما قال وسمعت غير أبي محمد بن الأكفاني يذكر أنه كان يقرأ عليه رجل مبخل له أولاد كانوا يشتهون عليه القطائف مدة وهو يمطلهم فألقي في روع أبي الحسن بن داود رحمه الله أمرهم فسأله أن يتخذ له قطايف فبادر الرجل إلى ذلك لأن أبا الحسن لم تكن له عادة بطلب شيء ممن يقرأ عليه ولا بقبوله واشترى سكرا ولوزا وأخذها في إناء واسع ثم أكل منها فوجد لوزها مرا فمنعه من عمل غيرها وحملها إلى ابن داود متغافلا فأكل منها واحدة ثم قال له إحملها إلى صبيانك فجاء بها إلى بيته فوجدها حلوة فأطعمها أولاده أو كما قال وسمعت الشيخ الفقيه الإمام أبا الحسن علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح السلمي يحكي عن بعض شيوخه أن ابا الحسن بن داود لما كان يصلي في جامع دمشق تكلم فيه بعض الحشوية فكتب إلى القاضي أبي بكر محمد بن الطيب بن الباقلاني إلى بغداد يعرفه ذلك ويسأله أن يرسل إلى دمشق من أصحابه من يوضح لهم الحق بالحجة فبعث القاضي تلميذه أبا عبد الله الحسين بن حاتم الأزدي فعقد مجلس التذكير في جامع دمشق في حلقة أبي الحسن بن داود وذكر التوحيد ونزه المعبود ونفى عنه التشبيه والتحديد فخرج أهل دمشق من مجلسه

وهم يقولون أحد أحد هذا معنى ما ذكره لي رحمه الله وأقام أبو عبد الله الأندي بدمشق مدة ثم توجه إلى المغرب فنشر العلم بتلك الناحية واستوطن القيروان إلى أن مات بها رحمه الله ومنهم القاضي أبو بكر بن الطيب بن الباقلاني البصري رحمه الله أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني والشيوخ أبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين الأنصاري المقري وأبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الغساني الفقيه وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قالوا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب محمد بن الطيب بن محمد أبو بكر القاضي المعروف بابن الباقلاني المتكلم على مذهب الأشعري من أهل البصرة سكن بغداد وسمع بها الحديث من أبي بكر بن مالك وأبي محمد بن ماسي وأبي أحمد الحسين بن علي النيسابوري خرج له محمد بن أبي الفوارس يعني الحنبلي وحدثنا عنه القاضي أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني وكان ثقة فأما علم الكلام فكان أعرف الناس به وأحسنهم خاطرا وأجودهم لسانا وأوضحهم بيانا وأصحهم عبارة وله التصانيف الكثيرة المنتشرة في الرد على المخالفين من الرافضة والمعتزلة والجهمية والخوارج وغيرهم وحدثت ان ابن المعلم شيخ الرافضة ومتكلمها حضر بعض مجالس النظر مع أصحاب له إذا أقبل القاضي أبو بكر الأشعري فالتفت ابن المعلم إلى أصحابه وقال لهم قد جاءكم الشيطان فسمع القاضي كلامه وكان بعيدا من القوم فلما جلس أقبل على ابن

المعلم وأصحابه وقال لهم قال الله تعالى إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا أي إن كنت شيطانا فأنتم كفار وقد أرسلت عليكم أخبرنا الشريف أبو القسم الخطيب وأبو الحسن بن قبيس الفقيه وأبو تراب المقري قالوا ثنا وأبو منصور المقري قال أنا أبو بكر الحافظ قال ثنا أبو القسم علي بن الحسن بن أبي عثمان الدقاق وغيره أن الملك الملقب بعضد الدولة كان قد بعث القاضي أبا بكر بن الباقلاني في رسالة إلى ملك الروم فلما ورد مدينته عرف الملك خبره وبين له محله من العلم وموضعه فأفكر الملك في أمره وعلمه إنه لا يكفر له إذا دخل عليه كما جرى رسم الرعية أن تقبل الأرض بين يدي الملك ثم نتجت له الفكرة أن يضع سريره الذي يجلس عليه وراء باب لطيف لا يمكن أحد أن يدخل منه إلا راكعا ليدخل القاضي منه على تلك الحال فيكون عوضا من تكفيره بين يديه فلما وضع سريره في ذلك الموضع أمر بادخال القاضي من الباب فسار حتى وصل إلى المكان فلما رآه تفكر فيه ثم فطن بالقصة فأدار ظهره وحنى رأسه راكعا ودخل من الباب وهو يمشي إلى خلفه وقد استقبل الملك بدبره حتى صار بين يديه ثم رفع رأسه ونصب ظهره وأدار وجهه حينئذ إلى الملك فعجب من فطنته ووقعت له الهيبة في نفسه وأخبرني الشيخ أبو القسم نصر بن نصر بن علي في كتابه إلي عن القاضي أبي المعالي عزيزي بن عبد الملك قال وقيل إنه دخل إليه يوما فرأى عنده بعض مطارنته ورهبانيته فقال له مستهزئا به كيف أنت وكيف الأهل والأولاد فتعجب الرومي منه وقال له ذكر من أرسلك

في كتاب الرسالة أنك لسان الأمة ومتقدم على علماء الملة أما علمت أنا ننزه هؤلاء عن الأهل والأولاد فقال القاضي أبو بكر أنتم لا تنزهون الله سبحانه وتعالى عن الأهل والأولاد وتنزهزنهم فكأن هؤلاء عندكم أقدس وأجل وأعلى من الله سبحانه وتعالى فوقعت هيبته في نفس الرومي وبلغني أن طاغية الروم قال له وقصد توبيخه أخبرني عن قصة عائشة زوج نبيكم وما قيل فيها فقال له القاضي أبو بكر هما اثنتان قيل فيهما ما قيل زوج نبينا ومريم بنت عمران فأما زوج نبينا فلم تلد وأما مريم فجاءت بولد تحمله على كتفها وكل قد برأها الله مما رميت به فانقطع الطاغية ولم يحر جوابا وأنبأني أبو القسم الواعظ عن القاضي أبي المعالي أيضا قال سمعت الشيخ أبا القسم بن برهان النحوي يقول من سمع مناظرة القاضي أبي بكر لم يستلذ بعدها بسماع كلام أحد من المتكلمين والفقهاء والخطباء والمترسلين ولا الأغاني أيضا من طيب كلامه وفصاحته وحسن نظامه وإشارته له التصانيف الكثيرة والرد على المخالفين من المعتزلة والرافضة والخوارج والمرجية والمشبهة والحشوي أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم والشيخان أبو الحسن علي بن أحمد وأبو تراب حيدرة بن أحمد قالوا سمعنا أبا بكر أحمد بن علي الخطيب يقول وأخبرنا الشيخ أبو منصور بن خيرون قال أنا أبو بكر الخطيب قال سمعت أبا الفرج محمد بن عمران أن الخلال يقول كان ورد القاضي أبي بكر محمد بن الطيب في كل ليلة عشرين ترويحة ما تركها في حضر ولا سفر قال وكان كل ليلة إذا صلى العشاء وقضى

ورده وضع الدواة بين يديه وكتب خمسا وثلاثين ورقة تصنيفا عن حفظه وكان يذكر أن كتبه بالمداد أسهل عليه من الكتبة بالحبر وإذا صلى الفجر دفع بعض أصحابه ما صنفه في ليلته وأمره بقراءته عليه وأملى عليه الزيادات فيه قال أبو الفرج وسمعت أبا بكر الخوارزمي يقول كل مصنف ببغداد إنما ينقل من كتب الناس إلى تصانيفه سوى القاضي أبي بكر فإن صدره يحوي علمه وعلم الناس وقالوا ثنا أبو بكر احمد بن علي الخطيب قال ثنا علي بن محمد بن الحسن الحربي المالكي قال كان القاضي أبو بكر الأشعري يهم بأن يختصر ما يصنفه فلا يقدر على ذلك لسعة علمه وكثرة حفظه قال وما صنف أحد خلافا إلا احتاج أن يطالع كتب المخالفين عند القاضي أبي بكر فإن جميع ما كان يذكر خلاف الناس فيه صنفه من حفظه قال أبو بكر وحدثني القاضي أبو حامد أحمد بن محمد بن أبي عمر الإستوائي قال كان أبو محمد اليافي يقول لو أوصى رجل بثلث ماله أن يدفع إلى أفصح الناس لوجب أن يدفع إلي أبو بكر الأشعري أخبرني الشيخ أبو القسم نصر بن نصر في كتابه إلي عن القاضي أبي المعالي بن عبد الملك قال ذكر الشيخ الإمام أبو حاتم محمود بن الحسين القزويني أن ما كان يضمره القاضي الإمام أبو بكر الأشعري رضي الله عنه من الورع والديانة والزهد والصيانة أضعاف ما كان يظهره فقيل له في ذلك فقال إنما أظهر ما أظهره غيظا لليهود والنصارى والمعتزلة والرافضة والمخالفين لئلا يستحقروا علماء الحق والدين فأضمر ما أضمره فإني رأيت آدم مع جلالته

نودي عليه بذوقه وداود بنظرة ويوسف بهمة ومحمد بخطرة عليهم السلام قال القاضي أبو المعالي وروى الإمام أبو عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني قال لما قدم القاضي الإمام أبو بكر الأشعري بغداد دعاه الشيخ أبو الحسن التميمي الحنبلي رحمهما الله إمام عصره في مذهبه وشيخ مصره في رهطه وحضر الشيخ أبو عبد الله بن مجاهد والشيخ أبو الحسين محمد بن أحمد بن سمعون وأبو الحسن الفقيه فجرت مسئلة الإجتهاد بين القاضي أبي بكر وبين أبي عبد الله بن مجاهد وتعلق الكلام بينهما إلى أن انفجر عمود الصبح وظهر كلام القاضي عليه رحمهما الله وكان أبو الحسن التميمي الحنبلي يقول لأصحابه تمسكوا بهذا الرجل فليس للسنة عنه غنى أبدا قال وسمعت الشيخ أبا الفضل التميمي الحنبلي رحمه الله وهو عبد الواحد بن أبي الحسن بن عبد العزيز بن الحرث يقول اجتمع رأسي ورأس القاضي أبي بكر محمد بن الطيب على مخدة واحدة سبع سنين قال الشيخ أبو عبد الله وحضر الشيخ أبو الفضل التميمي يوم وفاته العزاء حافيا مع أخوته وأصحابه وأمر أن ينادى بين يدي جنازته هذا ناصر السنة والدين هذا إمام المسلمين هذا الذي كان يذب عن الشريعة ألسنة المخالفين هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة ردا على الملحدين وقعد للعزاء مع أصحابه ثلاثة أيام فلم يبرح وكان يزور تربته كل يوم جمعة في الدار أخبرنا الشريف أبو القسم بن أبي الحسين والشيخان أبو الحسن بن قبيس وأبو تراب المقري قالوا ثنا والشيخ أبو منصور محمد بن عبد الملك قال أنا

أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال حدثني أبو الفضل عبيد الله بن أحمد ابن علي المقري قال مضيت أنا وأبو علي بن شاذان وأبو القسم عبيد الله ابن أحمد بن عثمان الصيرفي إلى قبر القاضي أبي بكر الأشعري لنترحم عليه وذلك بعد موته بشهر فرفعت مصحفا كان موضوعا على قبره وقلت اللهم بين لي في هذا المصحف حال القاضي أبي بكر وما الذي آل إليه أمره ثم فتحت المصحف فوجدت مكتوبا فيه يا قوم أرأيتم أن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون وقال أبو بكر الحافظ حدثني عبد الصمد ابن سلام المقري عن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله البيضاوي قال رأيت في المنام كأني دخلت مسجدي الذي أدرس فيه فرأيت رجلا جالسا في المحراب وآخر يقرأ عليه ويتلو تلاوة لا شيء أحسن منها فقلت من هذا القارىء ومن الذي يقرأ عليه فقيل أما الجالس في المحراب فهو رسول الله وأما القارىء عليه فهو أبو بكر الأشعري يدرس عليه الشريعة أنبأنا أبو القسم العكبري عن القاضي أبي المعالي عبد الملك قال وسمعت القاضي أبا الفرج قال سمعت الطائي يقول كنت أشتهي أن أرى القاضي الإمام أبا بكر في النوم فلم يتفق لي فقمت ليلة وصليت على النبي صلوات الله عليه وسلامه وسألت الله تعالى ذلك ونمت فلما كان سحرا رأيت في النوم جماعة حسنة ثيابهم بيضاء وجوههم طيبة روائحهم ضاحكة أسنانهم فقلت لهم من أين جئتم فقالوا من الجنة فقلت ما فعلتم قالوا زرنا القاضي الإمام أبا بكر

الأشعري فقلت وما فعل الله به فقالوا غفر له ورفع له في الدرجات قال ففارقتهم ومشيت وكأني رأيت القاضي أبا بكر وعليه ثياب حسنة وهو جالس في رياض خضرة نضرة قال فهممت أن أسأله عن حاله فسمعته يقرأ بصوت عال هاؤم اقرؤا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية في جنة عالية فهالني ذلك فرحا وانتبهت قال القاضي أبو المعالي وذكر أبو بكر الخطيب قال مات القاضي أبو بكر الأشعري يوم السبت الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعماية ودفن في داره بنهر طابق قال أبو المعالي عن غير الخطيب ثم نقل إلى باب حرب ودفن في تربة بقرب قبر الإمام أبي عبد الله أحمد ابن حنبل رضي الله عنه وأرضاه ومنقوش على علم عند رأس تربته ما هذه نسخته هذا قبر القاضي الإمام السعيد فخر الأمة ولسان الملة وسيف السنة عماد الدين ناصر الإسلام أبي بكر محمد بن الطيب البصري قدس الله روحه وألحقه بنبيه محمد صلوات الله عليه وسلامه ويزار ويستسقى ويتبرك به أخبرنا الشريف أبو القسم بن أبي الحسين والشيوخ أبو الحسن بن أبي العباس وأبو تراب بن أحمد وأبو منصور بن عبد الملك قالوا أنشدنا أبو بكر أحمد بن علي البغدادي قال أنشدني أبو نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد الفقيه لبعضهم يرثي القاضي أبا بكر محمد بن الطيب ... أنظر إلى جبل تمشي الرجال به ... وأنظر إلى القبر ما يحوي من الصلف

وأنظر إلى صارم الإسلام منغمدا ... وأنظر إلى درة الإسلام في الصدف ... وأخبرنا الشريف أبو القسم والشيخان أبو الحسن الغساني وأبو تراب الأنصاري وأبو منصور بن خيرون قالوا أنشدنا أبو بكر الخطيب قال أنشدني أبو عبد الله محمد بن علي بن دلان قال أنشدني أبو الحسن علي بن عيسى السكري لنفسه يمدح القاضي أبا بكر محمد بن الطيب من قصيدة أولها ... ياعتب هل لتعتبي من معتب ... أم هل لديك لراغب من مرغب ... إلى أن قال ... أنا من علمت فلا تظني غيره ... صعب على خطب الزمان الأصعب ... لكنني طوع لكل خريدة ... رود الشباب وكل خود خرعب ... من كل ساجية الجفون كأنما ... ترنو إذا نظرت بعيني ربرب ... بيضاء أخلصها النعيم كأنما ... يجلو مجردها حشاشة مقضب ... ملكت محبات القلوب ببهجة ... مخلوقة من عفة وتحبب ... فكأنها من حيث ما قابلتها ... شيم الإمام محمد بن الطيب ... اليعربي فصاحة وبلاغة ... والأشعري إذا اعتزى للمذهب ... قاض إذا التبس القضاء على لا الحجى ... كشفت له الآراء كل مغيب

لا يستريح إذا الشكوك تخالجت ... إلا إلى لب كريم المنصب ... وصلته همته بأبعد غاية ... أعيا المريد لها سلوك المطلب ... أهدى له تمر القلوب محبة ... وحباه حسن الذكر من لم يحبب ... مازال ينصر دين احمد صادعا ... بالحق يهدي للطريق الأصوب ... والناس بين مضلل ومضلل ... ومكذب فيما أتى ومكذب ... حتى انجلت تلك الضلالة واهتدى الساري وأشرق جنح ذاك الغيهب ... بمحاسن لم تكتسب بتكلف ... لكنهن سجية لمهذب ... وبديهة تجني الصواب وإنما ... تجني الفرائد من لبيب مسهب ... شرفا أبا بكر وقدرا صاعدا ... يختب في شرق العلى والمغرب ... متنقلا من سؤدد في سؤدد ... ومرددا من منقب في منقب ... أعذر حسودك في الذي أوليته ... إذ فاز منه بجد قدح أخيب ... فلقد حللت من العلاء بذروة ... صماء تسفر عن حمى مستصعب ... حييت بك الآمال بعد مماتها ... والغيث خصب للمكان المجدب ... فإذا رعين رعين أخصب مرتع ... وإذا وردن وردن أعذب مشرب ... وإذا صدرن صدرن أحمد مصدر ... من خير منتجب لأكرم منجب ... أنصبت نفسك للثناء فحزته ... إن الثناء عدو من لم ينصب ... وإذا الكلام تطاردت فرسانه ... وتحامت الأقران كل مجرب ... ألفيته من لبه وجنانه ... ولسانه وبيانه في مقنب ... ذو مجلس فلك تضيء بروجه ... عن كل أزهر كالصباح الأشهب

متوقد إلا لديك ضياؤه ... والشمس تمنع من ضياء الكوكب ... ياسيدا زرع القلوب مهابة ... تسقى بماء محبة لم تنضب ... أنستني فأنست منك بشيمة ... بيضاء تأنس بالثناء الأطيب ... فعجزت في وصفيك غير مقصر ... ونطقت في مدحيك غير مكذب ... فاسلم سلمت من الزمان وصرفه ... فلأنت أمرع من ربيع مخصب ... فإذا سلمت لنا فأية نعمة ... لم نعطها وبلية لم تسلب ... ومنهم أبو علي الدقاق النيسابوري شيخ أبي القسم القشيري رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي من نيسابور قال الحسن بن علي بن محمد بن اسحق بن عبد الرحيم بن أحمد أبو علي الدقاق لسان وقته وإمام عصره نيسابوري الأصل تعلم العربية وحصل علم الأصول وخرج إلى مرو وتفقه بها ودرس على الخضري وأعاد على الشيخ أبي بكر القفال المرزوي في درس الخضري وبرع فيه ولما استمع ما كان يحتاج إليه من العلوم أخذ في العمل وسلك طريق التصوف وصحب الأستاذ أبا القسم النصر أباذي وتوفي في ذي الحجة سنة خمس وأربعماية أخبرنا الشيخ أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري بنيسابور قال أنا والدي الأستاذ أبو القسم رحمه الله قال كنت في ابتداء وصلتي بالأستاذ أبي

علي عقد لي المجلس في مسجد المطرز فاستأذنته وقتا للخروج إلى نسا فأذن لي فكنت أمشي معه يوما في طريق مجلسه فخطر ببالي ليته ينوب عني في مجالس أيام غيبتي فالتفت إلي وقال أنوب عنك أيام غيبتك في عقد المجلس فمشيت قليلا فخطر ببالي إنه عليل يشق عليه أن ينوب عني في الأسبوع يومين فليته يقتصر على يوم واحد في الأسبوع فالتفت إلي وقال إن لم يمكني في الأسبوع يومين أنوب في الأسبوع مرة واحدة فمشيت قليلا فخطر ببالي شيء ثالث فالتفت إلي وصرح بالأخبار عنه على القطع قال وكان الأستاذ أبو علي رحمه الله لا يستند إلى شيء وكان يوما في مجمع فأردت أن أضع وسادة خلف ظهره لأني رأيته غير مستند فتنحى عن الوسادة قليلا فتوهمت إنه توقى الوسادة لأنه لم يكن عليه خرقة أو سجادة فقال لا أريد الاستناد فتأملت بعد حاله فكان لا يستند إلى شيء ومنهم الحاكم أبو عبد الله بن البيع النيسابوري الحافظ رحمه الله قرأت بخط الشيخ أبي الحسن علي بن سليمان التميمي ما ذكر إنه وقع إليه عن أبي حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم الحافظ العبدوي قال الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الحافظ إمام أهل الحديث في عصره مولده صبيحة يوم الإثنين الثالث من شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلثمائة سمع بخراسان أبا العباس بن يعقوب وأبا عبد الله الصفار وأبا العباس المحبوبي وطبقتهم

وبالجبال أبا محمد بن حمدان الجلاب وأبا جعفر بن عبيد الحافظ الهمذاني وبالعراق أبا عمرو بن السماك وابن عقبة الشيباني وطبقتهما وبالحجاز أبا يحيى نافلة عبد الله بن يزيد المقري وأبا اسحق بن فراس المالكي وأقرانهما وليس يمكن حصر شيوخه فإن معجمه على شيوخه يقرب من ألفي رجل قرأ القرآن على الصرام وابن الإمام بنيسابور وبالعراق على ابن علي بن النقار الكوفي وأبي عيسى بكار البغدادي وتفقه عند الأئمة أبي علي ابن أبي هريرة بالعراق وأبي الوليد حسان بن محمد القرشي وأبي سهل محمد بن سليمان الحنفي سمعته يقول شربت ماء زمزم وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف فوقع من تصانيفه المسموعة في أيدي الناس ما يبلغ ألفا وخمسائة جزء منها الصحيحان والعلل والأمالي وفوائد النسخ وفوائد الخراسانيين وأمالي العشيات والتلخيص والأبواب وتراجم الشيوخ فأما الكتب التي تفرد باخراجها فمعرفة أنواع علوم الحديث وتاريخ علماء أهل نيسابور وكتاب مزكى الأخبار والمدخل إلى علم الصحيح وكتاب الإكليل في دلائل النبوة والمستدرك على الصحيحين وما تفرد باخراجه كل واحد من الإمامين وفضائل الشافعي تراجم المسند على شرط الصحيحين وغير ذلك أملى بما وراء النهر سنة خمس وخمسين وبالعراق سنة سبع وستين ولازمه ابن المظفر والدارقطني وأملى ببغداد والري مدة من حفظه سمع عنه من المشايخ أحمد بن أبي عثمان الحيري الزاهد بن الزاهد والإمام أبو بكر القفال الشاشي وأبو أحمد بن مطرف والسيد أبو محمد

ابن زبارة العلوي وأبو عبد الله العصمي وأبو أحمد بن شعيب المزكى وأبو اسحق إبراهيم بن محمد بن يحيى ومن شيوخ العراق ابن أبي درام وابن مظفر والدارقطني وابن القصار الرازي إمام أهل الري قلد القضاء يعني بنسا سنة تسع وخمسين في أيام حشمة السامانية ووزارة العتبي ودخل الخليل بن أحمد السجزي القاضي علي بن أبي جعفر العتبي يوم الثاني من مفارقته الحضرة فقال هنأ الله الشيخ فقد جهز إلى نسا ثلاثمائة ألف حديث لرسول الله فتهلل وجهه وقلد بعد ذلك قضاء جرجان فامتنع وكان الأمير أبو الحسن يستعين برأيه وينفذه للسفارة بينهم وبين البويهيه فأما مذاكرته فذاكر الجعابي وأبا جعفر الهمذاني وأبا علي الحافظ وكان يقبل عليه من بين أقرانه قال وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول إن كان رجل يقعد مكاني فهو عبد الله صحب مشايخ التصوف أبا عمرو بن نجيد وأبا الحسن البوشنجي وابا سعيد احمد بن يعقوب الثقفى وابا نصر الصفار وابا القسم الرازى وبالعراق جعفر بن نصير وأقرانه وبالحجاز أبا عمرو الزجاجي وجعفر بن إبراهيم الحذاء وكان يكثر الاختلاف إلى الشيخ أبي عثمان المغربي سمعت مشايخنا يقولون كان الشيخ أبو بكر بن اسحق وأبو الوليد يرجعان إلى أبي عبد الله في السؤال عن الجرح والتعديل وعلل الحديث وصحيحه وسقيمه قال وسمعت السلمي يقول كتبت على ظهر جزء من حديث أبي الحسين الحجاجي الحافظ فأخذ القلم وضرب على الحافظ وقال ايش أحفظ أنا أبو عبد الله بن البياع أحفظ مني وأنا لم أر من الحفاظ إلا أبا علي الحافظ

وابن عقدة وسمعته يقول سألت الدارقطني أيهما أحفظ ابن مندة أو ابن البيع فقال ابن البيع أتقن حفظا قال أبو حازم أقمت عند الشيخ أبي عبد الله العصمي قريبا من ثلاث سنين ولم أر في جملة مشايخنا أتقن منه ولا أكثر تنقيرا فكان إذا أشكل عليه شيء أمرني أن أكتب إلى الحاكم أبي عبد الله فإذا ورد جواب كتابه حكم به وقطع بقوله انتخب على المشايخ خمسين سنة وحكى القاضي أبو بكر الحيري أن شيخا من الصالحين حكى إنه رأى النبي في المنام قال فقلت له يارسول الله بلغني أنك قلت ولدت في زمن الملك العادل وإني سألت الحاكم أبا عبد الله عن هذا الحديث فقال هذا كذب ولم يقله رسول الله فقال لي صدق أبو عبد الله قال أبو حازم أول من اشتهر بحفظ الحديث وعلله بنيسابور بعد الإمام مسلم إبراهيم بن أبي طالب وكان يقابله النسائي وجعفر الفاريابي ثم أبو حامد بن الشرقي وكان يقابله أبو بكر بن زياد النيسابوري وأبو العباس بن سعيد ثم أبو علي الحافظ وكان يقابله أبو أحمد العسال وإبراهيم بن حمزة ثم الشيخان أبو الحسين يعني الحجاجي وأبو أحمد يعني الحاكم وكان يقابلهما في عصرهما أبو أحمد بن عدي وأبو الحسين بن المظفر والدارقطني وتفرد الحاكم أبو عبد الله في عصرنا هذا من غير أن يقابله أحد بالحجاز والشام والعراقين والجبال والري وطبرستان وقومس وخراسان بأسرها وما وراء النهر جعلنا الله تعالى لهذه النعمة من الشاكرين ولما يلزمنا من تأدية مواجبه من المؤدين وبارك لنا في حياته ونفس في مدته وجعل

ما أنعم به عليه وعلينا بمكانه موصولا بالنعيم المقيم إنه سميع قريب وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أخبرنا الشيخ خأبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل في كتابه قال محمد ابن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم أبو عبد الله الحافظ روى عن ألف شيخ أو أكثر من أهل الحديث ولد في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة وأخذ في التصنيف سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وتوفي في صفر يوم الثلاثاء الثالث منه سنة خمس وأربعمائه ومنهم أبو نصر بن أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني أخبرنا أبو القسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال أنا أبو القسم اسماعيل بن مسعدة الجرجاني قال أنا أبو القسم حمزة بن يوسف السهمي إجازة أو سماعا في تاريخ جرجان قال أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل بن العباس الإسماعيلي ترأس في حياة والده أبي بكر الإسماعيلي وبعد وفاته إلى أن توفي وكان له جاه عظيم وقبول عند الخاص والعام في كثير من البلدان وتحل بكتابه العقد وكان كتب الحديث الكثير عن أبي يعقوب البحيري وأبي العباس الأصم وبالعراق وبمكة وبالري وهمذان وكان يعرف الحديث ويدري وأول ما جلس للإملاء في حياة والده ابي بكر الإسماعيلى في سنة ست وستين في مسجد الصفارين الى ان توفى والده ثم انتقل الى المسجد الذى كان والده يملي فيه ويملي كل يوم سبت إلى أن توفي وكانت وفاته يوم الأحد ودفن يوم

الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعمائة وصلى عليه أبو معمر الإسماعيلي ومنهم الأستاذ أبو بكر بن فورك الأصبهاني رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم أجازه قال أنا ابو بكر أحمد بن الحسين الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال محمد بن الحسن بن فورك الأديب المتكلم الأصولي الواعظ النحوي أبو بكر الأصبهاني أقام أولا بالعراق إلى أن درس بها على مذهب الأشعري ثم لما ورد الري سعت به المبتدعة فعقد أبو محمد عبد الله بن محمد الثقفي مجلسا في مسجد رجا وجمع أهل السنة وتقدمنا إلى الأمير ناصر الدولة أبي الحسن محمد بن إبراهيم وإلتمسنا منه المراسلة في توجيهه إلى نيسابور ففعل وورد نيسابور فبنى له الدار والمدرسة من خانكاه أبي الحسن البوشنجي وأحيا الله تعالى به في بلدنا أنواعا من العلوم لما استوطنها وظهرت بركته على جماعة من المتفقهة وتخرجوا به سمع عبد الله بن جعفر الأصبهاني وكثر سماعه بالبصرة وبغداد وحدث بنيسابور أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل في كتابه إلي من نيسابور قال سمعت الشيخ أبا صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن الحافظ يقول كان الأستاذ أوحد وقته أبو علي الحسن بن علي الدقاق يعقد المجلس ويدعو للحاضرين والغائبين من أعيان البلد وأئمتهم فقيل له قد نسبت ابن فورك ولم تدع له فقال أبو علي كيف أدعو له وكنت أقسم على

الله البارحة بإيمانه أن يشفي علتي وكان به وجع البطن تلك الليلة قال عبد الغفار بن اسماعيل محمد بن الحسن بن فورك أبو بكر بلغ تصانيفه في أصول الدين وأصول الفقه ومعاني القرآن قريبا من المائة توفي سنة ست وأربعمائة وكان قد دعي الى غزنة وجرت له بها مناظرات وكان شديد الرد على اصحاب ابي عبد الله ولما عاد من غزنة سم في الطريق ومضى إلى رحمة الله ونقل إلى نيسابور ودفن بالحيرة ومشهده اليوم ظاهر يستشفي به ويجاب الدعاء عنده أخبرنا الشيخ أبو القسم زاهر بن طاهر قال أنا ابو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ قال سمعت الأستاذ أبا القسم القشيري يقول سمعت الإمام أبا بكر بن فورك يقول حملت مقيدا إلى شيراز لفتنة في الدين فوافينا باب البلد مصبحا وكنت مهموم القلب فلما أسفر النهار وقع بصري على محراب في مسجد على باب البلد مكتوب عليه أليس الله بكاف عبده وحصل لي تعريف من باطني أني أكفى عن قريب وكان كذلك وصرفوني بالعز ومنهم أبو سعد بن أبي عثمان النيسابوري الخر كوشي الزاهد رحمه الله قرأت على الشيخ أبي القسم زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال عبد الملك بن محمد بن إبراهيم أبو سعد بن أبي عثمان الواعظ الزاهد تفقه في حداثة السن وتزهد وجالس الزهاد والمجردين إلى أن جعله الله خلفا

لجماعة من تقدمه من العباد المجتهدين والزهاد القانعين سمع بنيسابور أبا محمد يحيى بن منصور القاضي وأبا عمرو بن نجيد وأبا علي الرفاء الهروي وأبا أحمد محمد بن محمد بن الحسن النسائي وأقرانهم وتفقه للشافعي على أبي الحسن الماسرجسي وسمع بالعراق بعد التسعين والثلاثمائة ثم خرج إلى الحجاز وجاور حرم الله وأمنه مكة وصحب بها العباد الصالحين وسمع الحديث من أهلها والواردين وانصرف إلى وطنه بنيسابور وقد أنجز الله له موعوده على لسان نبيه المصطفى في حديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي أن الله تعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل ان الله قد أحب فلانا فأحبه فينادي جبريل بذلك في السماء فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض فلزم منزله ومجلسه وبذل النفس والمال والجاه للمستورين من الغرباء والفقراء المنقطع بهم حتى صار الفقراء في مجالسه كما حدثونا عن إبراهيم بن الحسين ثنا عمرو بن عون قال ثنا يحيى بن اليمان قال كان الفقراء في مجلس سفيان كأمراء قد وفقه الله تعالى لعمارة المساجد والحياض والقناطر والدروب وكسوة الفقراء العراة من الغرباء والبلدية حتى بنى دارا للمرضى بعد أن خربت الدور القديمة لهم بنيسابور ووكل جماعة من أصحابه المستورين بتمريضهم وحمل مياههم إلى الأطباء وشراء الأدوية ولقد أخبرني الثقة أن الله تعالى ذكره قد شفى جماعة منهم فكساهم وزودهم إلى الرجوع إلى أوطانهم وقد صنف في علوم الشريعة ودلائل النبوة وفي سير العباد والزهاد كتبا نسخها جماعة من أهل الحديث وسمعوها منه

وسارت تلك المصنفات في بلاد المسلمين تاريخا لنيسابور وعلمائها الماضين منهم والباقين وكثيرا أقول أن لا يباهى بأجمع منه علما وزهدا وتواضعا وإرشادا إلى الله تعالى ذكره وإلى شريعة نبيه المصطفى وعلى آله وإلى الزاهدين في الدنيا الفانية والتزود منها للآخرة الباقية زاده الله توفيقا وأسعدنا بأيامه ووفقنا للشكر لله تعالى ذكره بمكانه إنه خير معين وموفق وقد روى عنه الحاكم وهو اسند منه أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد الغساني بدمشق وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني ببغداد قالا قال لنا أبو بكر أحمد ابن علي بن ثابت الخطيب عبد الملك بن أبي عثمان واسم أبي عثمان محمد ابن إبراهيم ويكنى عبد الملك أبا سعد الواعظ من أهل نيسابور قدم بغداد حاجا وحدث بها عن يحيى بن منصور القاضي وحامد بن محمد الهروي ومحمد بن الحسن بن اسماعيل السراج وأبي عمرو بن مطر واسماعيل بن نجيد وأبي أحمد محمد بن محمد بن الحسن النيسابوريين ومحمد ابن عبد الله بن جبير النسوي وبشر بن أحمد الإسفرايني وعلي بن بندار ابن الحسن الصوفي وأبي اسحق المزكي وأبي سهل الصعلوكي حدثنا عنه أبو محمد الخلال والأزهري وعبد العزيز الأزجي والتنوخي وقال لي التنوخي قدم علينا أبو سعد الزاهد بغداد حاجا في سنة ثلاث وتسعين وثلاثماية وخرج إلى مكة فأقام بها مجاورا قال أبو بكر الخطيب وكان ثقة صالحا ورعا زاد أبو منصور زاهدا سألت أبا صالح أحمد بن عبد الملك النيسابوري عن وفاة أبي سعد فقال في سنة ست وأربعماية أخبرنا

الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل أجازه قال عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم النيسابوري أبو سعد الزاهد الخر كوشي الواعظ الأستاذ الكامل أحد أفراد خراسان علما وزهدا وورعا وخشية وطريقة تفقه على أبي الحسن الماسرجسي ثم ترك الجاه وجالس الزهاد ولزم العمل وحج وجاور ثم رجع إلى خراسان وكان يعمل القلانس ويأمر ببيعها بحيث لا يدري إنها من صنعته وياكل من كسب يده وبنى في سكته المدرسة ودار المرضى ووقف أوقافا عليها ووضع في المدرسة خزانه للكتب وصنف اعدادا من الكتب وتوفي في جمادى الاولى سنة سبع وأربعمائة وقال عبد الغافر سمعت أبا الفضل محمد بن عبد الله الصرام الزاهد يقول رأيت الأستاذ يستسقي ويقول ... إليك جئنا وأنت جئت بنا ... وليس رب سواك يغنينا ... بابك رحب فناؤه كرم ... تؤوي إلى بابك المساكينا ... ثم يدعو ويقول أللهم اسقنا قال فما أتم ثلاثا حتى سقينا كأفواه القرب ومنهم القاضي أبو عمر محمد بن الحسين البسطامي رحمه الله كتب إلي الشيخ الإمام أبو نصر القشيري قال أنا أبو بكر البيهقي قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ الحاكم قال محمد بن الحسين ابن محمد بن يحيى الفقيه المتكلم البارع الواعظ أبو عمر بن أبي سعد البسطامي سمع بأصبهان أبا القسم سليمان بن أحمد اللخمي وأقرانه

وبالعراق أبا بكر بن مالك وأبا محمد بن ماسي وأقرانهما وسمع بالبصرة والأهواز وورد له العهد بقضاء نيسابور وقرىء علينا العهد غداة الخميس الثالث من ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة وأجلسه في مجلس القضاء في مسجد رجا في تلك الساعة وأظهر أهل الحديث من الفرح والاستبشار والنثار ما يطول شرحه وكتبنا بالدعاء والشكر إلى السلطان أيده الله والى أوليائه حدثني الشيخ أبو بكر يحيى بن إبراهيم ابن أحمد بن محمد السلماسي بدمشق عن أبيه القاضي أبي طاهر بن أبي بكر قال قال أبو علي الحسن بن نصر بن كاكا المرندي الفقيه في ذكر الأستاذ أبي عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني قال وذكر القاضي أبا عمر البسطامي فقال كان منفردا بلطائف السيادة معتمدا لمواقف الوفادة سفر بين السلطان المعظم وبين مجلس الخلافة أيام القادر بالله فافتن أهل بغداد بلسانه وإحسانه وبزهم في إيراده وإصداره بصحة اتقانه ونكت في ذلك المشهد النبوي والمحفل الأمامي أشياء أعجب بها كفاته وسلم الفضل له فيها حماته وقالوا مثله فليكن نائبا عن ذلك السلطان المؤيد بالتوفيق والنصرة وافدا على مثل هذه الحضرة حتى صدر وحقائبه مملوءة من أصناف الإكرام وسهامه فائزة بأقصى المرام ثم كان شافعي العلم شريحي الحكم سحباني البيان سحار اللسان أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم بن العباس والفقيه أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور وأبو منصور محمد بن عبد الملك المقري قالوا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم

أبو عمر البسطامي الواعظ الفقيه على مذهب الشافعي ولي قضاء نيسابور وقدم بغداد وحدث بها عن أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي وسليمان ابن أحمد الطبراني وأبي بكر القباب الأصبهاني وأحمد بن محمود بن خرزاد الأهوازي حدثني عنه الحسن بن محمد الخلال وذكر لي أنه قدم بغداد في حياة أبي حامد الإسفرايني قال وكان إماما نظارا وكان أبو حامد يعظمه ويجله حدثني أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن وأبو بكر محمد ابن يحيى بن إبراهيم النيسابوريان قالا توفي أبو عمر البسطامي بنيسابور في سنة سبع وأربعمائة كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل قال محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم بن القسم بن مالك أبو عمر بن أبي سعيد البسطامي القاضي الإمام توفي سنة ثمان وأربعمائة وأعقب الموفق والمؤيد وقول عبد الغافر في نسبه أصح من قول الحاكم ومنهم أبو القسم بن أبي عمرو البجلي البغدادي رحمه الله أخبرنا الشيخان أبو الحسن بن قبيس و أبو منصور بن زريق قالا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب عبد الواحد بن محمد بن عثمان أبو القسم بن أبي عمرو البجلي سمع أحمد بن سلمان النجاد وجعفر الخلدي والحسن بن محمد بن موسى بن اسحق الأنصاري ومحمد بن الحسن ابن زياد النقاش وهبة الله بن محمد بن حبش الفراء وجعفر بن محمد بن الحكم المؤدب ومحمد بن علي بن علون المقري كتبنا عنه وكان ثقة تقلد القضاء من قبل أبي علي التنوخي على دقوقا وخانجان ومن قبل

أبي الحسن الجزري على جازر ثم ولي قضاء عكبرا من قبل أبي الحسن بن أبي محمد بن معروف وكان ينتحل في الفقه مذهب الشافعي ويعرف أصول الفقه وسمعته أملى علي نسبه فقال إني محمد بن عثمان بن إبراهيم ابن محمد بن خالد بن اسحق بن الزبرقان بن خالد بن عبد الملك بن جرير ابن عبد الله البجلي صاحب رسول الله توفي ابن أبي عمرو في اليوم الذي مات فيه ابن مهدي وهو يوم الاثنين الرابع عشر من رجب سنة عشر وأربعمائة ودفن من الغد في مقبرة باب حرب أخبرنا الشيخ أبو القسم بن السمرقندي قال ثنا أبو اسحق إبراهيم بن علي الشيرازي لفظا قال أبو القسم عبد الواحد بن محمد بن عثمان البجلي ويعرف بابن أبي عمرو مات سنة عشر وأربعمائة وكان فقيها أصوليا متكلما مصنفات حسنة في الأصول وذكره أبو الفضل بن خيرون في الوفيات فقال الفقيه الشافعي الأشعري ومنهم أبو الحسن بن ما شاذة الأصبهاني رحمه الله حدثني الشيخ أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد المعدل بأصبهان قال أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن المقري وأجازه لي أبو علي قال قال لنا أبو نعيم أحمد بن الحسن المقري وأجازه لي أبو علي قال قال لنا أبو نعيم احمد بن عبد الله الحافظ علي بن محمد بن أحمد بن ميلة أبو الحسن يعرف محمد بما شاذة كان من شيوخ الفقهاء أحد أعلام الصوفية صحب أبا بكر عبد الله بن إبراهيم بن واضح وأبا جعفر محمد بن الحسن بن منصور وغيرهما وزاد عليهما في طريقتهما خلقا وفتوة جمع

بين علم الظاهر والباطن لا تأخذه في الله لومة لائم كان ينكر على مشبهة الصوفية وغيرهم من الجهال فساد مقالتهم في الحلول والإباحة والتشبيه وغير ذلك من جميع أخلاقهم وقبح أفعالهم وأقوالهم فعدلوا عنه لما دعاهم إلى الحق جهلا وعنادا انفرد في وقته بالرواية عن محمد بن محمد بن يونس الأبهري وأبي عمرو بن حكيم المصاحفي والإسواري وغيرهم توفي يوم الفطر ضحوة يوم الأربعاء سنة أربع عشرة وأربعمائة ودفن من يومه رحمة الله عليه ورضوانه ومنهم الشريف أبو طالب بن المهتدي الهاشمي الدمشقي رحمه الله أخبرنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني قال حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال توفي شيخنا الشريف أبو طالب عبد الوهاب بن عبد الملك بن المهتدي بالله الفقيه يوم الاثنين العاشر من شهر رمضان سنة خمس عشرة وأربعمائة حدث عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان وغيره بشيء يسير وكان فقيها حافظا للفقه يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله ومنهم أبو معمر بن أبي سعد بن أبي بكر الجرجاني أخبرنا أبو القسم اسماعيل بن أحمد بن عمر قال أنا أبو القسم اسماعيل ابن مسعدة بن اسماعيل بن أحمد بن إبراهيم الجرجاني قال أنا أبو القسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي سماعا أو إجازة في كتاب تاريخ

جرجان الذي ألفه قال أبو معمر الفضل بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم ابن إسماعيل بن العباس الإسماعيلي الإمام روى عن جده الإمام أبي بكر احمد بن إبرهيم الإسماعيلي الكتب الكثيرة وسمع منه كتابه الجامع على جامع الصحيح للبخاري وغيره من المجموعات والتصانيف والمشايخ والأمالي وقد حفظ له والده الإمام أبو سعد الإسماعيلي سماعه وحمله إلى بغداد ومكة في سنة أربع وثمانين وثلاثماية وبقى هناك إلى أن حج في سنة خمس وثمانين ورجع في سنة ست وثمانين إلى جرجان وقد كان سمع ببغداد من أبي الحسن الدارقطني أكثر كتبه ومصنفاته وكتب عن أبي حفص بن شاهين وعن أبي الحسن الجبلي وغيرهم وبمكة عن يوسف بن الدخيل وأبي زرعة الجنبي الجرجاني وجماعة وجلس للإملاء بعد موت عمه أبي نصر الإسماعيلي رحمه الله سمعت أبا بكر الإسماعيلي رحمه الله يقول إبني هذا أبو معمر له سبع سنين يحفظ القرآن وتعلم الفرائض وأجاب في مسئلة أخطأ فيها بعض قضاتنا وقد كان وهب له ما كان عنده عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة لم يقرأه بعذ ذلك لأحد وآخر ما حدث به سمع أبو معمر وأبو العلاء ثم لم يقدر أحد على جميعه إلا أحاديث خرجها في مواضع وكان إليه القضاء منذ مات والده الإمام أبو سعد الإسماعيلي ومنهم أبو حازم العبدوي النيسابوري الحافظ رحمه الله أخبرنا الشيخان أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون

ببغداد وأبو الحسن علي بن الحسن بدمشق قالا قال أنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ابو حازم الهذلى العبدوى الأعرج من أهل نيسابور سمع اسماعيل بن نجيد السلمي ومحمد بن عبد الله السليطي ومحمد بن جعفر بن مطر وأبا بكر الإسماعيلي ومحمد بن اسماعيل المقري وأبا بكر محمد بن علي القفال وإبراهيم بن محمد النصر أبادي وعلي بن بندار الصيرفي واسماعيل بن عبد الله بن ميكال ومحمد بن عبد الله بن علي السمذي وعلي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني وبشر بن أحمد الإسفرايني وعبد الله بن محمد بن علي بن زياد وخلقا يتسع ذكرهم من أهل نيسابور وهراة وغيرهما وقدم بغداد قديما وحدث بها فسمع منه أبو اسحق الطبري المقري ومحمد بن أبي الفوارس وأحمد بن محمد بن الأبنوسي وأبو عبد الله بن الكاتب في آخرين وحدثنا عنه التنوخي وأبو يعلى أحمد بن عبد الواحد وبقي أبو حازم حيا حتى لقيته بنيسابور وكتبت عنه الكثير وكان ثقة صادقا عارفا حافظا يسمع الناس بافادته ويكتبون بانتخابه كتب إلي أبو علي الحسن بن علي الوحشي بنيسابور يذكر ان أبا حازم مات في يوم عيد الفطر من سنة سبع عشرة وأربعماية كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر ابن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي قال عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه ثم ساق نسبه كما تقدم وقال سمعت الشيخ أبا صالح أحمد بن عبد الملك يقول سمعت أبا حازم يقول كتبت بخطي عن عشرة من

شيوخي عشرة آلاف جزء عن كل شيخ الف جزء سوى ما اشتريته فذكر منهم الإمام أبا بكر الإسماعيلي وأبا الحسن الحجاجي الحافظ والحاكم أبا أحمد الحافظ قال عبد الغافر انتخب عليه الحاكم أبو عبد الله وحدث عنه وانتشرت فوائده في الآفاق وتوفي فجأة ليلة الأربعاء الثاني من شوال سنة سبع عشرة وأربعماية وصلى عليه الأستاذ الإمام الإسفرايني رحمه الله ومنهم الأستاذ أبو اسحق الإسفرايني رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن قال أنا أبو بكر احمد بن الحسين البيهقي قال انا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الفقيه الأصولي المتكلم المقدم في هذه العلوم أبو اسحق الإسفرايني الزاهد انصرف من العراق بعد المقام بها وقد أقر له أهل العلم بالعراق وخراسان بالتقدم والفضل فاختار الوطن إلى أن خرج بعد الجهد إلى نيسابور وبنى له المدرسة التي لم يبن بنيسابور قبلها مثلها ودرس فيها وحدث سمع بخراسان الشيخ أبا بكر الإسماعيلي وأقرانه وبالعراق أبا بكر محمد بن عبد الله الشافعي وأبا محمد دعلج بن أحمد السجزى وأقرانهما أخبرنا الشيخ أبو القسم إسماعيل بن أحمد قال ثنا الشيخ الإمام أبو اسحق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي من لفظه قال أبو اسحق إبراهيم بن محمد الإسفرايني وكان فقيها متكلما أصوليا وعليه درس شيخنا القاضي أبو الطيب أصول

الفقه باسفراين وعنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي قال إبراهيم ابن محمد بن إبراهيم بن مهران الأستاذ الإمام أبو اسحق الإسفرايني أحد من بلغ حد الإجتهاد من العلماء لتبحره في العلوم واستجماعه شرائط الإمامة من العربية والفقه والكلام والأصول ومعرفة الكتاب والسنة وكان من المجتهدين في العبادة المبالغين في الورع والتحرج ذكره الحاكم في التاريخ لعلو منزلته وكمال فضله وذكر أنه حمل إلى نيسابور استدعاء وإكراها للإحتجاج إليه وانتخب عليه الحاكم أبو عبد الله عشرة اجزاء وقال أبو صالح المؤذن سمعت أبا حازم العبدوي الحافظ يقول كان الإمام يقول لي بعد ما رجع من اسفراين اشتهى أن يكون موتي بنيسابور حتى يصلي علي جمع نيسابور فتوفي بعد هذا الكلام بنحو من خمسة أشهر يوم عاشوراء سنة ثمان عشرة وأربعماية وصلى عليه الإمام الموفق وحكى لي من اثق به أن الصاحب ابن عباد كان إذا انتهى إلى ذكر الباقلاني وابن فورك والإسفرايني وكانوا متعاصرين من أصحاب الأشعري قال لأصحابه ابن الباقلاني بحر مغرق وابن فورك صل مطرق والإسفرايني نار تحرق وكأن روح القدس نفث في روعه حيث أخبر عن حال هؤلاء الثلاثة بما هو حقيقة الحال فيهم وفوائد هذا الإمام وفضائله وأحاديثه وتصانيفه أكثر وأشهر من أن تستوعب في مجلدات فضلا عن أطباق وأوراق

ومنهم أبو علي بن شاذان البغدادي تأخرت وفاته رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو منصور محمد بن عبد الملك المقري وأبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد قالا قال لنا ابو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران أبو علي البزاز ولد ليلة الخميس لأثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثلاثماية كذلك قرأت بخط أبيه وسمع عثمان بن أحمد الدقاق واحمد بن سليمان العباداني وأحمد بن سليمان النجاد وخلقا غيرهم يطول ذكرهم كتبنا عنه وكان صدوقا صحيح الكتاب وكان يفهم الكلام على مذهب الأشعري وكتب عنه جماعة من شيوخنا كأبي بكر البرقاني ومحمد بن طلحة وأبي محمد الخلال وأبي القسم الأزهري وعبد العزيز الأزجي وغيرهم سمعت ابا الحسن بن رزقويه يقول أبو علي بن شاذان ثقة وسمعت الأزهري يقول أبو علي بن شاذان من أوثق من برأ الله في الحديث وسماعي منه أحب إلي من السماع من غيره أو كما قال وقال أبو بكر الخطيب حدثني محمد بن يحيى الكرماني قال كنا يوما بحضرة أبي علي بن شاذان فدخل علينا رجل شاب لا يعرفه منا احد فسلم ثم قال أيكم أبو علي بن شاذان فأشرنا إليه فقال له أيها الشيخ رأيت رسول الله في المنام فقال لي سل عن ابي علي بن شاذان فإذا لقيته فأقرئه مني السلام ثم انصرف الشاب فبكى أبو علي وقال ما أعرف لي عملا أستحق به

هذا أللهم ألا يكون صبري على قراءة الحديث وتكرير الصلاة على النبي كلما جاء ذكره قال الكرماني ولم يلبث أبو علي بعد ذلك إلا شهرين أو ثلاثة حتى مات قال أبو بكر توفي ابن شاذان في ليلة السبت مستهل المحرم من سنة ست وعشرين وأربعماية بعد صلاة العتمة ودفن من الغد وحضرت الصلاة على جنازته قلت وكان حنيفي الفروع ومنهم أبو نعيم الحافظ الأصبهاني رحمه الله تأخرت وفاته كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل يذكر قال أحمد بن عبد الله بن أحمد بن اسحق بن موسى بن مهران سبط محمد بن يوسف البناء الصوفي الشيخ الإمام أبو نعيم الحافظ واحد عصره في فضله وجمعه ومعرفته صنف التصانيف المشهورة مثل حلية الأولياء وطبقة الأصفياء وغير ذلك من الكتب الكثيرة في أنواع علوم الحديث والحقائق وشاع ذكره في الآفاق واستفاد الناس من تصانيفه لحسنها توفي بأصبهان في صفر سنة ثلاثين وأربعماية وبلغني إنه ولد في رجب سنة ست وثلاثين وثلاثماية وإنه توفي يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاثين ودفن من يومه بعد صلاة الظهر وبلغ أربعا وتسعين سنة سمعت من يحكي عن أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال لم ألق من شيوخي أحفظ من أبي نعيم الحافظ وأبي حازم العبدوي الأعرج وذكر لي الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمن

أدرك من شيوخ أصبهان ان السلطان محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان ولى عليها واليا من قبله ورحل عنها فوثب أهل أصبهان به فقتلوه فرجع محمود إليها وأمنهم حتى اطمأنوا ثم قصدهم يوم الجمعة في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة وكانوا قبل ذلك قد منعوا أبا نعيم الحافظ من الجلوس في الجامع فسلم مما جرى عليهم وكان يعد ذلك من كرامة أبي نعيم رحمه الله ومنهم أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن دلوية الاستوائي الدلولي قال لنا أبو الحسن أحمد بن على بن قبيس الغساني وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق الشيباني قالا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت الخطيب في تاريخ بغداد أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن دلوية أبو حامد الاستوائي ويعرف بالدلوي واستوى التي نسب إليها قرية من قرى نيسابور وسمع أبا أحمد محمد بن اسحق الحافظ وأبا العباس أحمد بن محمد بن اسحق الأنماطي وأبا سعيد عبد الله بن محمد ابن عبد الوهاب الرازي ومحمد بن عبد الله الجوزقي ونحوهم وقدم بغداد فسمع من الدارقطني وطبقته واستوطن بغداد إلى حين وفاته وولي القضاء بعكبرا من قبل القاضي أبي بكر محمد بن الطيب وكان ينتحل في الفقه مذهب الشافعي وفي الأصول مذهب الأشعري وله حظ من معرفة الأدب والعربية وحدث شيئا يسيرا كتبت عنه وكان

صدوقا ومات في ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وأربعماية ودفن في صبيحة تلك الليلة في مقبرة الشونيزي ذكر بعض المشهورين من الطبقة الثالثة منهم من لقي أصحاب أصحابه وأخذ العلم عنهم فمنهم أبو الحسن السكري البغدادي الشاعر رحمه الله وهو قديم المولد متقدم الوفاة أخبرنا الشيخ أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون وغيره قالا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي ثابت الحافظ علي بن عيسى بن سليمان ابن محمد بن سليمان بن إبان بن أصفر و خ أبو الحسن الفارسي المعروف بالسكري الشاعر أصله من نفر وهو بلد على النرس من بلاد الفرس وكان مولد علي بن عيسى ببغداد يوم الخميس لخمس خلون من صفر سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وصحب القاضي أبا بكر محمد بن الطيب الأشعري ودرس عليه الكلام وكان يحفظ القرآن والقراآت وكان متفننا في الأدب وله ديوان شعر كبير وكله إلا اليسير منه في مدح الصحابة والرد على الرافضة والنقض على شعرائهم وتوفي يوم الثلاثاء سلخ شعبان من سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ودفن من الغد في مقبرة باب الدير التي فيها قبر معروف الكرجي رحمه الله

ومنهم أبو منصور الأيوبي النيسابوري رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل قال محمد بن الحسن بن أبي أيوب أبو منصور الأستاذ الإمام حجة الدين صاحب البيان والحجة والبرهان واللسان الفصيح والنظر الصحيح أنظر الصحيح أنظر من كان في عصره ومن تقدمه ومن بعده على مذهب الأشعري واتفق له اعداد من التصانيف المشهورة المقبولة عند أئمة الأصول مثل تلخيص الدلائل تلمذ للأستاذ أبي بكر بن فورك في صباه وتخرج به ولزم طريقته وجد واجتهد في فقر وقلة من ذات اليد حتى كان يعلق دروسه ويطالعها في القمر لضيق يده عن تحصيل دهن السراج وهو مع ذلك يكابد الفقر ويلازم الورع ولا يأخذ من مال الشبهة شيئا إلى أن نشأ في ذلك وصار من منظوري أصحاب الإمام وظهرت بركة خدمته عليه فادى الحال إلى أن زوج منه ابنته الكبرى وكان أنفذ من الأستاذ وأشجع منه توفي في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة ودفن بمقبرة شاهنتر ومنهم القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي البغدادي رحمه الله أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس بدمشق وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد بن زريق ببغداد قالا قال لنا الشيخ

الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد بن الحسين بن هرون بن مالك أبو محمد الفقيه المالكي سمع أبا عبد الله بن العسكري وعمر بن محمد بن سنبك وأبا حفص بن شاهين وحدث بشيء يسير كتبت عنه وكان ثقة ولم نلق من المالكين أفقه منه وكان حسن النظر جيد العبارة تولى القضاء ببا درايا وباكسايا وخرج في آخر عمره إلى مصر فمات بها في شعبان من سنة اثنتين وعشرين وأربعماية أخبرنا الشيخ أبو القسم إسماعيل بن أحمد قال ثنا الشيخ أبو اسحق إبراهيم بن علي بن يوسف الفقيه لفظا قال أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر أدركته وسمعت كلامه في النظر وكان قد رأى أبا بكر الأبهري إلا أنه لم يسمع منه شيئا وكان فقيها شاعرا متأدبا وله كتب كثيرة في كل فن من الفقه وخرج في آخر عمره إلى مصر وحصل له هناك حال من الدنيا بالمغاربة ومات بمصر سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة وأنشد في خروجه من بغداد ... سلام على بغداد في كل موطن ... وحق لها مني سلام مضاعف ... فوالله ما فارقتها عن قلا لها ... وإني بشطي جانبيها لعارف ... ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف ... وكانت كخل كنت أهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى به وتخالف ... ومنهم أبو الحسن النعيمي البصري رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون وأبو

الحسن علي بن الحسن قالا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ علي بن أحمد ابن الحسن بن محمد بن نعيم أبو الحسن البصري المعروف بالنعيمي سكن بغداد وحدث بها عن أحمد بن محمد بن العباس الأسفاطي ومحمد بن أحمد ابن الفيض الأصبهاني وعلي بن عمر السكري وأحمد بن عبيد الله النهرتيري وعلي بن أحمد بن موسى التمار ومحمد بن عدي بن زحر المنقري وأبي أحمد بن سعيد العسكري ومحمد بن أحمد بن حماد بن سفيان الكوفي وأبي المفضل الشيباني والحسين بن أحمد بن دينار الدقاق وعبد الله بن محمد بن اليسع الأنطاكي وغيرهم من طبقتهم كتبت عنه وكان حافظا عارفا متكلما شاعرا أخبرنا الشيخ أبو القسم ابن السمرقندي قال ثنا الشيخ أبو اسحق إبراهيم بن علي الشيرازي قال أبو الحسن علي بن أحمد النعيمي درس بالأهواز وكان فقيها عالما بالحديث متأدبا متكلما أنشدنا الشيخ أبو محمد هبة الله بن أحمد بن علي المنقري إمام جامع دمشق إملاء قال أنشدنا أبو الحسين عاصم بن الحسين العاصمى ببغداد قال انشدنى ابو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم البصري المعروف بالنعيمي لنفسه رحمه الله ... إذا أظمأتك أكف اللئام ... كفتك القناعة شعبا وريا ... فكن رجلا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا ... أبيا لنائل ذي ثروة ... تراه بما في يديه أبيا

فإن إراقة ماء الحياة ... دون إراقة ماء المحيا ... رواها أبو بكر الخطيب عن محمد بن الصوري عن النعيمي والله أعلم أخبرنا الشيخ أبو منصور محمد بن عبد الملك المقري ببغداد قال أخبرنا وأبو الحسن بن سعيد قال ثنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال سمعت محمد بن علي الصوري يقول لم أر ببغداد أحدا أكمل من النعيمي كان قد جمع معرفة الحديث والكلام والأدب ودرس شيئا من فقه الشافعي قال وكان أبو بكر البرقاني يقول هو كامل في كل شيء لولا بأو وفيه قال وأخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال حدثنا البرقاني بعد موت النعيمي قال رأيت النعيمي في منامي بهيئة جميلة وحالة صالحة ثم قال البرقاني قد كان شديد العصبية في السنة وكان يعرف من كل علم شيئا مات النعيمي في يوم الاثنين مستهل ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة رحمه الله ومنهم أبو طاهر بن خراشة الدمشقي المقري رحمه الله أخبرنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني قال ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال توفي شيخنا أبو طاهر الحسين بن محمد بن عامر الإبلي المقري إمام جامع دمشق يوم الأربعاء السابع من شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وعشرين وأربعمائة حدث عن يوسف بن القسم الميانجي والحسين بن إبراهيم بن أبي الزمزام الفرائضي وغيرهما وكان ثقة نبيلا مأمونا يذهب إلى مذهب الأشعري

ومنهم الأستاذ أبو منصور النيسابوري المعروف بالبغدادي رحمه الله حدثني الشيخ أبو بكر يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد السلماسي عن أبيه القاضي أبي طاهر قال قال أبو علي الحسن بن نصر بن كاكا المرندي الفقيه في ذكر أبي عثمان الصابوني إنه ذكر أبا منصور المتكلم قال أبو علي وكنت قد أهملت ذكر اسمه ونسبه اعتمادا على شهرته فقال لي أبو عثمان قيد ذكره باثبات اسمه وأزل الشبهة عن فضله وأثبت فوق الكنية عبد القاهربن طاهر لئلا يظن انك أردت أبا منصور الآخر فكأنه أشار إلى خلاف في الاعتقاد كان بينهما ومهما نفيت الاحتمال والشركة ورفعت الظن والشبهة بان أني أردت ببياني أبا منصور البغدادي ثم قال أبو عثمان كان من أئمة الأصول وصدور الإسلام باجماع أهل الفضل والتحصيل بديع الترتيب غريب التأليف في التهذيب يراه الجلة صدرا مقدما ويدعوه الأئمة إماما مفخما ومن خراب نيسابور أن اضطر مثله إلى مفارقتها إلى حيث خلق منه وتوفي باسفراين وبها قبره رحمه الله وقال أبو علي المرندى وحدثنى ابو عبد الله محمد بن عبد الله الفقيه قال لما حصل أبو منصور باسفراين ابتهج الناس بمقدمه إلى الحد الذي لا يوصف فلم يبق إلا يسيرا حتى مات واتفق أهل العلم على دفنه بجنب أبي اسحق إبراهيم بن محمد المتكلم الاسفرايني فقبراهما

متجاوران تجاور تلاصق كأنهما نجمان جمعها مطلع وكوكبان ضمهما برج مرتفع قال وإنما انتقل إلى اسفراين لأن حالها كان بعد متماسكا بعض التماسك كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل النيسابوري قال في ذيل تاريخ نيسابور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي أبو منصور الأستاذ الإمام الكامل ذو الفنون الفقيه الأصولي الأديب الشاعر النحوي الماهر في علم الحساب العارف بالعروض ورد نيسابور مع أبيه أبي عبد الله طاهر وكان ذا مال وثروة ومروءة وتفقه على أهل العلم والحديث وابنه أنفق ماله على أهل العلم حتى افتقر صنف في العلوم وأربى على أقرانه في الفنون ودرس في سبعة عشر نوعا من العلوم وكان قد درس على الأستاذ أبي اسحاق الإسفرايني وأقعده بعده في مسجد عقيل للإملاء مكانه واملى سنين واختلف إليه الأئمة فقرؤا عليه مثل الإمام ناصر المرزوي وأبي القسم القشيري وغيرهما وحدث عن الإسماعيلي وأبي أحمد بن عدي خرج من نيسابور في أيام التركمانية وفتنتهم إلى اسفراين فمات بها سنة تسع وعشرين وأربعماية أنشدنا الشيخ أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الفاضلي بنوقان قال أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني المؤذن بنيسابور قال أنشدنا الأستاذ الإمام أبو منصور البغدادي لنفسه ... يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ... ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف ... أبشر بقول الله في آياته ... ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف

ومنهم أبو ذر الهروى الحافظ رحمه الله أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه وأبو منصور محمد بن عبد الملك المقري قالا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ عبد بن أحمد بن محمد أبو ذر الهروي سافر الكثير وحدث ببغداد عن أبي الفضل بن خميرويه الهروي وأبي منصور النضروي وبسر بن محمد المزني وطبقتهم وكنت لما حدث غائبا خرج أبو ذر إلى مكة فسكنها مدة ثم تزوج في العرب وأقام بالسروات وكان يحج في كل عام ويقيم بمكة أيام الموسم ويحدث ثم يرجع إلى أهله وكتب إلينا من مكة بالإجازة بجميع حديثه وكان ثقة فاضلا ضابطا دينا وكان يذكر أن مولده في سنة خمس أو ست وخمسين وثلاثماية يشك في ذلك ومات بمكة لخمس خلون من ذي القعدة سنة أربع وثلثين وأربعماية أخبرنا الشيخ أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني قال حدثني أبو علي الحسين بن أحمد ابن ابي حريصة قال بلغني أن أبا ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ رحمه الله توفى في شهور سنة أربع وثلثين وأربعماية وكان مقيما بمكة وبها مات وكان على مذهب مالك وعلى مذهب أبي الحسن الأشعري سمعت الشيخ الحافظ أبا الحسن علي بن سليمان بن أحمد الأندلسي يقول سمعت أبا علي الحسن بن علي الأنصاري البطليوسي يقول سمعت أبا علي الحسن بن إبراهيم بن تقي الجذامي المالقي يقول سمعت بعض الشيوخ يقول قيل لأبي ذر الهروي أنت من هراة فمن اين تمذهبت

لمالك والأشعري فقال سبب ذلك أني قدمت بغداد لطلب الحديث فلزمت الدارقطني فلما كان في بعض الأيام كنت معه فاجتاز به القاضي أبو بكر بن الطيب فأظهر الدارقطني من إكرامه ما تعجبت منه فلما فارقه قلت له أيها الشيخ الإمام من هذا الذي أظهرت من إكرامه ما رأيت فقال أو ما تعرفه قلت لا فقال هذا سيف السنة ابو بكر الأشعري فلزمت القاضي منذ ذلك وأقتديت به في مذهبه جميعا أو كما قال ومنهم أبو بكر الدمشقي الزاهد المعروف بابن الجرمي رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو محمد هبة الله بن أحمد المعدل قال ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الصوفي قال حدثني نجا بن أحمد العطار قال توفي أبو بكر محمد بن الجرمي بن الحسين المقري في صفر سنة ست وثلاثين وأربعماية حدث عن ابن أبي الزمزام والفضل بن جعفر وغيرهما قال عبد العزيز وكان يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله سمعت الشيخ الفقيه الإمام أبا الحسن علي بن المسلم السلمي رحمه الله يحكي عن بعض شيوخه أن ابا بكر بن الجرمي كان من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر وإنه صادف في بعض الأيام أحمالا من الخمر قد أتى بها لوالي دمشق جيش بن الصمصامة الوالي من قبل المصريين وكان جيش هذا عاتيا جبارا فأراقها كلها أبو بكر عند بيت لهيا وكان جيش ينزل في بيت لهيا فأبلغ جيش الخبر فأمر باحضاره فسأله عن أشياء من

القرآن والحديث والفقه فوجده عالما بما سأله عنه فنظر إلى شاربه فوجده مقصوصا ثم نظر إلى أظافيره فوجدها مقلمة فأمر بأن ينظر إلى عانته فوجده قد حلق عانته فقال له جيش اذهب فقد نجوت مني ولو وجدت فيك ما احتج به عليك لم تنج هذا معنى ما ذكره وسمعته أيضا يقول لما بلغ جيش في مرضه الذي ابتلى به ما بلغ وكان أصابه الجذام وألقى ما في بطنه من أمعائه حتى كان يقول لأصحابه أقتلوني وأريحوني من الحياة لشدة ما كان يناله من الألم قال لأصحابه رأيت كأن اهل دمشق كلهم رموني بالسهام فأخطؤني غير رجل واحد أصابني سهمه ولا أسميه لأني لو سميته لعبده أهل دمشق فكانوا يرون أن الذي أصابته دعوة ابن الجرمي هذا وكان جيش سفاكا للدم شديد التعدي على الأموال مظهر السب للسلف ومنهم الإمام أبو محمد الجويني والد الإمام أبي المعالي رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني ثم النيسابوري أبو محمد الإمام ركن الإسلام الفقيه الأصولي الأديب النحوي المفسر أوحد زمانه تخرج به جماعة من أئمة الإسلام وكان لصيانته وديانته مهيبا محترما بين التلامذة فلا يجري بين يديه إلا الجد والحث والتحريض على التحصيل له في الفقه تصانيف كثيرة الفوائد مثل التبصرة والتذكرة ومختصر المختصر وله التفسير الكبير المشتمل

على عشرة أنواع في كل آية توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وأربعماية ولم يخلف مثله في استجماعه وسمعت خالي الإمام أبا سعيد يعني عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري يقول كان أئمتنا في عصره والمحققون من أصحابنا يعتقدون فيه من الكمال والفضل والخصال الحميدة إنه لو جاز أن يبعث الله نبيا في عصره لما كان إلا هو من حسن طريقته وورعه وزهده وديانته في كمال فضله وحدثني القاضي أبو بكر يحيى بن إبراهيم ابن أحمد بن محمد السلماسي بدمشق عن أبيه أبي طاهر قال قال أبو علي الحسن بن نصر بن كاكا المرندي الفقيه حدثني أبو القسم بن منصور بن رامس على ذكر أبي محمد الجويني قال من ألطف أخلاقه وأحسنها إنه رجل ركين الجملة واخر العقل جاد في أمره كله لا ترى فيه شيئا من الرعونة لمساواة ظاهره باطنه وموافقة سره علانيته وزهده في الرياسة التي صارت تطلبه وهو يهرب منها وترغب فيه وهو يبعد عنها ومنهم أبو القسم بن أبي عثمان الهمذاني البغدادي رحمه الله أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال علي ثنا وقال محمد أنا أبو بكر احمد بن علي بن ثابت الخطيب قال علي بن الحسن بن محمد بن المنتاب أبو القسم المعروف بابن ابي عثمان الدقاق سمع ابا بكر بن مالك القطيعي وأبا محمد ابن ماسي وعلي بن محمد بن سعيد الرزاز وأبا الحسين الزينبي وعبد العزيز ابن جعفر الخرقي وأبا حفص بن الزيات وعلي ابن إبراهيم بن أبي عزة

العطار وأبا الحسين بن البواب وأبا بكر بن شاذان كتبت عنه وكان شيخا صالحا صدوقا دينا حسن المذهب يسكن نهر القلابين وسألته عن مولده فقال في ذي الحجة من سنة همس وخمسن وثلاثماية ومات في يوم السبت السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة أربعين وأربعماية ودفن في مقبرة الشونيزي ومنهم أبو جعفر السمناني قاضي الموصل رحمه الله أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم الحسيني والشيخ أبوالحسن علي بن أحمد الغساني وأبو منصور محمد بن عبد الملك الخيروني قالوا قال لنا ابو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمود أبو جعفر القاضي السمناني سكن بغداد وحدث بها عن علي بن عمر السكري وأبي الحسن الدارقطني وأبي القسم بن حبابة وغيرهم من البغداديين وعن نصر بن أحمد بن الخليل الموصلي كتبت عنه وكان ثقة عالما فاضلا سخيا حسن الكلام عراقي المذهب حنيفيا ويعتقد في الأصول مذهب الأشعري وكان له في داره مجلس نظر فحضره الفقهاء ويتكلمون سمعت السمناني سئل عن مولده فقال ولدت في سنة إحدى وستين وثلاثماية ومات بالموصل وهو على القضاء بها وكانت وفاته في يوم الاثنين السادس من شهر ربيع الأول من سنة أربع وأربعين وأربعماية

ومنهم أبو حاتم الطبري المعروف بالقزويني رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال ثنا الشيخ أبو اسحق إبراهيم بن علي الشيرازي لفظا قال ومنهم شيخنا أبو حاتم محمود بن الحسن الطبري المعروف بالقزويني تفقه بآمل على شيوخ البلد ثم قدم بغداد وحضر مجلس الشيخ أبي حامد ودرس الفرائض على الشيخ أبي الحسين بن اللبان وأصول الفقه على القاضي أبي بكر الأشعري رحمه الله وكان حافظا للمذهب والخلاف صنف كتبا كثيرة في الخلاف والمذهب والأصول والجدل ودرس ببغداد وآمل ولم أنتفع بأحد في الرحلة كما انتفعت به وبالقاضي أبي الطيب الطبري وتوفي بآمل ومنهم أبو الحسن رشا بن نظيف المقري الدمشقي رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو محمد بن الأكفاني الأمين قال ثنا عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال توفي شيخنا أبو الحسن رشا بن نظيف بن ما شاء الله يوم السبت بعد صلاة العصر السابع والعشرين من المحرم سنة أربع وأربعين وأربعماية ودفن يوم الأحد وكان ثقة مأمونا قضى على سداد وأمر جميل حدث عن عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي وغيره من المصريين والعراقيين وغيرهم انتهت إليه الرياسة في قراءة ابن عامر رحمه الله قرأ على ابن داود وغيره

ومنهم أبو محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان رحمه الله أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه بدمشق وابو النجم بدر بن عبد الله الشيحي التاجر ببغداد قالا قال لنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن عبد الله بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن حبيب بن حطيط بن عقبة بن خثيم بن وائل بن مهانة بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صعب ابن علي بن بكر بن وائل أبو محمد الأصبهان يالمعروف بابن اللبان أحد أوعية العلم ومن أهل الدين والفضل سمع بأصبهان أبا بكر بن المقري وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قوله وعلي بن محمد بن أحمد بن ميلة وغيرهم وسمع ببغداد أبا طاهر المخلص وبمكة أبا الحسن أحمد بن إبراهيم بن فارس وكان ثقة صحب القاضي أبا بكر الأشعري ودرس عليه اصول الديانات واصول الفقه ودرس فقه الشافعي على أبي حامد الإسفرايني وقرأ القرآن بعدة روايات وولي قضاء إيذج وحدث ببغداد فسمعنا منه وله كتب كثيرة مصنفة وكان من أحسن الناس تلاوة للقرآن ومن أوجز الناس عبارة في المناظرة مع تدين جميل وعبارة كثيرة وورع بين تقشف ظاهر وخلق حسن وسمعته يقول حفظت القرآن ولي خمس سنين أدرك ابن اللبان شهر رمضان من سنة سبع وعشرين وأربعماية وهو ببغداد فصلى بالناس صلاة التراويح في جميع الشهر وكان إذ فرغ من صلاته بالناس في كل ليلة لا يزال قائما في المسجد يصلي

حتى يطلع الفجر فإذا صلى درس أصحابه وسمعته يقول لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلا ولا نهارا وكان ورده كل ليلة فيما يصلي لنفسه سبعا من القرآ يقرأه بترتيل وتمهل ولم أر أجود ولا أحسن قراءة منه مات بأصبهان في جمادي الآخرة من سنة ست وأربعين وأربعماية وسمعت ببغداد من يحكي أن أبا يعلى بن الفراء وأبا محمد التميمي شيخي الحنابلة كانا يقرآن على أبي محمد بن اللبان الأصول في داره وكل واحد منهما يخفي ذلك عن صاحبه فاجتمعا يوما في دهليزه فقال أحدهما لصاحبه ما جاء بك فقال الذي جاء بك فقال أكتم علي وأكتم عليك واتفقا على أن لا يعودا إليه بعد ذلك خوفا أن يطلع عوامهم على حالهما في القرأة عليه ومنهم أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي رحمه الله حدثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم من لفظه قال حدثني أبو نصر أحمد بن محمد بن سعيد الطريثيثي قال سمعت الفقيه سليما رحمه الله يقول دخلت بغداد في حدثني أطلب علم اللغة فكنت آتي شيخا ذكره فبكرت في بعض الأيام فقيل لي هو في الحمام فمضيت نحوه فعبرت في طريقي على الشيخ أبي حامد الإسفرايني وهو يملي فدخلت المسجد وجلست مع الطلبة فوجدته في كتاب الصيام في هذه المسئلة إذا ولج ثم أحس بالفجر فنزع فاستحسنت ذلك وعلقت الدرس على ظهر جزء كان معي فلما عدت إلى منزلي وجعلت أعيد الدرس حلالي وقلت أتم هذا الكتاب يعني كتاب الصيام فعلقت كتاب الصيام ولزمت الشيخ أبا

حامد حتى علقت عليه جميع التعليق قال وسمعت أبا نصر يقول سمعت سليما يقول وضعت مني صور ورفعت من أبي الحسن بن المحاملي بغداد قرأت بخط شيخنا أبي الفرج غيث بن علي بن عبد السلام التنوخي الصوري غرق أبو الفتح سليم بن أيوب بن سليم الرازي في بحر القلزم عند ساحل جدة بعد عوده من الحج في صفر سنة سبع وأربعين وكان قد نيف على الثمانين حدثني بذلك إبنه إبراهيم وكان فقيها جيدا مشارا إليه في علمه صنف الكثير في الفقه وغيره ودرس وحدث عن أبي حامد الإسفرايني وغيره حدثنا عنه جماعة وهو أول من نشر هذا العلم بصور وانتفع به جماعة وكان احد من تفقه عليه بها الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي وحدثت عنه إنه كان يحاسب نفسه على الأنفاس لا يدع وقتا يمضي عليه بغير فائدة إما ينسخ أو يدرس أو يقرأ وينسخ شيئا كثيرا ولقد حدثني عنه شيخنا أبو الفرج الإسفرايني إنه نزل يوما إلى داره ورجع فقال قد قرأت جزءا في طريقي قال وحدثني المؤمل بن الحسن إنه رأى سليما حفي عليه القلم فإلى أن قطه جعل يحرك شفتيه فعلم إنه يقرأ بإزاء إصلاحه القلم لئلا يمضي عليه زمان وهو فارغ أو كما قال ومنهم أبو عبد الله الخبازي المقري النيسابوري رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي قال محمد بن علي بن محمد بن الحسن الأستاذ الإمام المقري أبو عبد الله الخبازي

توفي في شهر رمضان سنة سبع وأربعين وصلى عليه الصابوني يعني أبا عثمان ورحل إلى الكشميهني لسماع الصحيح فسمعه وقرىء عليه وكان الإعتماد في وقته على سماعه ونسخته وكان يحيى الليل بالقراءة والدعاء والبكاء حتى قيل إنه كان مستجاب الدعوة لم ير بعده مثله سمعت الشيخ أبا المحاسن عبد الرزاق بن محمد الطبسي بنيسابور يحكي عن بعض مشايخه إنه لما امتحن أصحابنا بنيسابور في أيام الكندري كان فيهم من خرج عن البلد وفيهم من أجاب إلى التبري من المذهب وإن الخبازي امتنع من الإجابة ولم يخرج من البلد ولازم بيته إلى أن مات صابرا على دينه معتصما بقوة يقينه ومنهم أبو الفضل بن عمروس البغدادي المالكي رحمه الله أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم بن العباس العلوي والشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الغساني و أبو منصور بن خيرون قالوا قال لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن عمروس أبو الفضل البزاز كان أحد الفقهاء على مذهب مالك وكان أيضا من حفاظ القرآن ومدرسيه سمع أبا القسم ابن حبابة وأبا حفص بن شاهين وأبا طاهر المخلص وأبا القسم بن الصيدلاني كتبت عنه وكان دينا ثقة مستورا وإليه انتهت الفتوى في الفقه على مذهب مالك ببغداد وقبل قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني شهادته وكان يسكن بباب الشام سألت أبا الفضل عن

مولده فقال في رجب من سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة وبلغنا ونحن بدمشق إنه مات في أول المحرم من سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة أخبرنا الشيخ أبو القسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمرقندي قال ثنا الشيخ الإمام أبو اسحق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي لفظا قال ومنهم أبو الفضل بن عمروس البغدادي المالكي وكان فقيها أصوليا صالحا مات سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة ومنهم الأستاذ أبو القسم الإسفرايني رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي قال عبد الجبار بن علي بن محمد بن حسكان الأستاذ الإمام أبو القسم المتكلم الإسفرايني الأصم المعروف بالاسكاف شيخ كبير جليل من أفاضل العصر ورؤس الفقهاء والمتكلمين من أصحاب الأشعري إمام دويرة البيهقي له اللسان في النظر والتدريس والقدم في الفتوى مع لزوم طريقة السلف من الزهد والفقر والورع كان عديم النظير في فنه ما رؤي مثله قرأ عليه إمام الحرمين الأصول وتخرج بطريقته عاش عالما عاملا وتوفي يوم الاثنين الثامن والعشرين من صفر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة ومنهم أبو بكر النيسابوري البيهقي الحافظ رحمه الله قال لنا الشيخ أبو بكر الببغدادي قال لنا أبو علي اسماعيل بن أحمد

مولد والدي الإمام شيخ السنة أبي بكر البيهقي في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وتوفي في جمادي الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة سمعت الشيخ أبا بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب العامري ببغداد يقول سمعت من يحكي عن الإمام أبي المعالي الجويني إنه قال ما من شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أحمد البيهقي فإن له على الشافعي منه لتصانيفه في نصرة مذهبه وأقاويله أو كما قال كتب إلي الشيخ أبو الحسن الفارسي قال أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى أبو بكر البيهقي الإمام الحافظ الفقيه الأصولي الدين الورع واحد زمانه في الحفظ وفرد أقرانه في الاتقان والضبط من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله الحافظ والمكثرين عنه ثم الزائد عليه في أنواع العلوم كتب الحديث وحفظه من صباه إلى أن نشأ وتفقه وبرع فيه وشرع في الأصول ورحل إلى العراق والجبال والحجاز ثم اشتغل بالتصنيف وألف من الكتب ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء مما لم يسبق إليه أحد جمع في تصانيفه بين علم الحديث والفقه وبيان علل الحديث والصحيح والسقيم وذكر وجوه الجمع بين الأحاديث ثم بيان الفقه والأصول وشرح ما يتعلق بالعربية استدعى منه الأئمة في عصره الانتقال إلى نيسابور من الناحية لسماع كتاب المعرفة وغير ذلك من تصانيفه فعاد الى نيسابور سنة إحدى وأربعين وأربعمائة وعقدوا له المجلس لقراءة كتاب المعرفة وحضرة الأئمة والفقهاء وأكثروا الثناء عليه والدعاء له في ذلك لبراعته ومعرفته وإفادته وكان رحمه الله على سيرة العلماء قانعا من الدنيا باليسير

متجملا في زهده وورعه وبقي كذلك إلى أن توفي رحمه الله بنيسابور يوم السبت العاشر من جمادي الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وحمل إلى خسر وجرد أنبأني الشيخ أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب قال أنا الإمام شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي قال ثنا والدي الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين قال حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب يعني معرفة السنن والآثار وفرغت من تهذيب أجزاء منه سمعت الفقيه أبا محمد أحمد بن أبي علي يقول وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم قراءة لكتاب الله عزوجل وأصدقهم لهجة رأيت الشافعي في المنام وبيده أجزاء من هذا الكتاب وهو يقول قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء أو قال قرأتها ورآه يعتد بذلك قال وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من أخواني يعرف بعمر بن محمد في منامه الشافعي رحمه الله قاعدا على سرير في مسجد الجامع بخسروجرد وهو يقول قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه أحمد حديث كذا وكذا قال وحدثنا والدي قال وسمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول سمعت الفقيه أبا بكر محمد بن عبد العزيز المرزوي الحبوجردي يقول رأيت في المنام كأن تابوتا علا في السماء يعلوه نور فقلت ما هذا فقال هذا تصنيفات أحمد البيهقي قال شيخ القضاة وسمعت أنا هذه الحكايات الثلاثة أيضا من الفقيه أبي محمد ومن عمر بن محمد و من الحسن بن أحمد السمرقندي جميعا لفظا

ذكر بعض المشهورين من الطبقة الرابعة المستبصرين بتبصيره وايضاحه في الاقتداء والمتابعة فمنهم أبو بكر الببغدادي الحافظ المعروف بالخطيب رحمه الله قرأت على الشيخ أبي محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي بدمشق عن أبي نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر الحافظ المعروف بابن ماكولا قال إن أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي كان أحد الأعيان ممن شاهدناه معرفة وإتقانا وحفظا وضبطا لحديث رسول الله وتفننا في علله وأسانيده وخبرة برواته وناقليه وعلما بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره وسقيمه ومطروحه ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني من يجري مجراه ولا قام بعده منهم بهذا الشأن سواه وقد استفدنا كثيرا من هذا اليسير الذي نحسنه به وعنه وتعلمنا شطرا من هذا القليل الذي نعرفه بتنبيهه ومنه فجزاه الله تعالى عنا الخير ولقاه الحسنى ولجميع مشايخنا وأئمتنا ولجميع المسلمين أنبأنا الشيخ أبو الفرج بن أبي الحسن ابن الأرمنازي قال ثنا أبو الفرج الاسفرايني قال كان الشيخ أبو بكر الخطيب معنا في طريق الحج فكان يختم كل يوم ختمة إلى قرب الغياب قراءة بترتيل ثم يجتمع عليه الناس وهو راكب يقولون حدثنا فيحدثهم أو كما قال وقال أبو الفرج أيضا قال ابو القسم مكي بن عبد السلام المقدسي كنت نائما في منزل الشيخ أبي الحسن بن الزعفراني

ببغداد ليلة الأحد الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمائة فرأيت في المنام عند السحر كأنا اجتمعنا عند الشيخ الإمام أبي بكر الخطيب في منزله بباب المراتب لقراءة التاريخ على العادة فكأن الشيخ الإمام أبا بكر جالس والشيخ الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم عن يمينه وعن يمين الفقيه نصر رجل جالس لم أعرفه فسألت عنه فقلت من هذا الرجل الذي لم تجر عادته بالحضور معنا فقيل لي هذا رسول الله جاء ليسمع التاريخ فقلت في نفسي هذه جلالة للشيخ أبي بكر إذ يحضر النبي مجلسه وقلت في نفسي وهذا أيضا رد لقول من يعيب بالتاريخ ويذكر أن فيه تحاملا على أقوام وشغلني التفكر في هذا عن النهوض إلى رسول الله وسؤاله عن أشياء كنت قد قلت في نفسي أسأله عنها فانتبهت في الحال ولم أكلمه قرأت بخط الشيخ الأمين أبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون الباقلاني بغداد سنة ثلاث وستين وأربعمائة مات أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب الحافظ ضحوة نهار يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء من ذي الحجة بباب حرب إلى جنب بشر بن الحرث وصلى عليه في جامع المنصور وصلى عليه القاضي أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله وتصدق بجميع ماله وهو مايتا دينار وفرق ذلك على أصحاب الحديث والفقهاء والفقراء في مرضه ووصى أن يتصدق بجميع ما يخلفه من ثياب وغيرها وأوقف جميع كتبه على المسلمين وأخرجت جنازته من حجرة تلى المدرسة

النظامية من نهر معلى وتبعه الفقهاء والخلق العظيم وحملت الجنازة وعبر بها على الجسر وحملت إلى جامع المنصور وكان بين يدي الجنازة جماعة ينادون هذا الذي كان يذب عن رسول الله هذا الذي كان ينفي الكذب عن رسول الله هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله وعبر بالجنازة في الكرخ ومعها الخلق العظيم وكان اجتماع الناس في جامع المنصور وحضر جميع الفقهاء وأهل العلم ونقيب النقباء وتبع الجنازة خلق عظيم إلى باب حرب وختم على القبر ختمات رضي الله عنه وغفر له وألحقه بعباده الصالحين فلقد إنتهى إليه علم الحديث وحفظه له ست وخمسون مصنفا في علم الحديث فمنها تاريخ بغداد مائة وستة أجزاء ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة أخبرنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني قال ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ قال وردت كتب جماعة من بغداد إلى دمشق كل واحد يذكر في كتابه أن الإمام الحافظ أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي رحمه الله توفي يوم الاثنين ضحى نهار السابع من ذى الحجة من سنة ثلاث وستين واربعمائة وحمل يوم الثلاثاء الى جانب الغربي ودفن بالقرب من قبر أحمد بن حنبل عند قبر بشر بن الحرث رحمهما الله وكان أحد من حمل جنازته الفقيه الإمام أبو اسحق إبراهيم ابن علي الشيرازي وإنه كان معه مايتا دينار فتصدق بها في علته فانتهى فراغها بموته وكان رحمه الله يذكر أنه ولد يوم الخميس لست بقين من

جمادي الآخرة من سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وإنه أسمع الحديث وهو ابن عشرين سنة وكتب عنه شيخه أبو القسم الأزهري عبيد الله ابن أحمد بن عثمان في سنة اثنتي عشرة وكتب عنه شيخه أبو بكر أحمد ابن محمد بن أحمد بن غالب البرقاني الخوارزمي الحافظ في سنة تسع عشرة وأربعمائة وكان قد علق الفقه عن القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري وأبي نصر بن الصباغ وكان يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله زادنا أبو محمد بن الأكفاني وكان قد رحل إلى نيسابور وأصبهان والبصرة وغيرها وكان مكثرا من الحديث عانيا بجمعه ثقة حافظا متقنا متيقظا متحمدا مصنفا رحمه الله ورضي عنه ومنهم الأستاذ أبو القسم القشيري النيسابوري ثم الإستوائي أخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن قالا قال لنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي الحافظ عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد أبو القسم القشيري النيسابوري سمع أحمد بن محمد بن عمر الخفاف ومحمد بن أحمد ابن عبدوس المزكي وأبا نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفرايني وعبد الرحيم بن إبراهيم بن محمد المزكي ومحمد بن الحسن بن فورك والحاكم أبا عبد الله بن البيع ومحمد بن الحسن العلوي وأبا عبد الرحمن السلمي وقدم علينا في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وحدث ببغداد وكتبنا عنه وكان يعظ وكان حسن الموعظة مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي سألت القشيري عن مولده فقال في ربيع الأول من سنة ست وسبعين وثلاثماية كان ينبغي أن يكون في الطبقة الثالثة وإنما أخرته لتأخر وفاته كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري أبو القسم الإمام مطلقا الفقيه المتكلم الأصولي المفسر الأديب النحوي الكاتب الشاعر لسان عصره وسيد وقته وسر الله بين خلقه شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة ومقصود سالكي الطريقة وبندار الحقيقة وعين السعادة وقطب السيادة وحقيقة الملاحة لم ير مثل نفسه ولا رأى الرأوون مثله في كماله وبراعته جمع من علم الشريعة والحقيقة وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة أصله من ناحية استوا من العرب الذين وردوا خراسان وسكنوا النواحي فهو قشيري الأب سلمي الأم وخاله أبو عقيل السلمي من وجوه دهاقين ناحية استوا توفي ابوه وهو طفل فوقع الى ابي القسم الاليمانى فقرأ الأدب والعربية عليه بسبب اتصاله بهم وقرأ على غيره وحضر البلد واتفق حضوره مجلس الأستاذ الشهيد أبي علي الحسن بن علي الدقاق وكان لسان وقته فاستحسن كلامه وسلك طريق الإرادة فقبله الأستاذ وأشار عليه بتعلم العلم فخرج إلى درس الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وشرع في الفقه حتى فرغ من التعليق ثم اختلف باشارته إلى الأستاذ الإمام أبي بكر ابن فورك وكان المقدم في الأصول حتى حصلها وبرع فيها وصار من

أوجه تلامذته وأشدهم تحقيقا وضبطا وقرأ عليه أصول الفقه وفرغ منه وبعد وفاة الأستاذ أبي بكر اختلف إلى الأستاذ أبي اسحق الإسفرايني وقعد يسمع جميع دروسه وأتى عليه أيام فقال له الإستاذ هذا العلم لا يحصل بلسماع وما توهم فيه ضبط ما يسمع فأعاد عنده ما سمعه منه وقرره أحسن تقرير من غير إخلال بشيء فتعجب منه وعرف محله وأكرمه وقال ما كنت أدري أنك بلغت هذا المحل فلست تحتاج إلى درسي بل يكفيك أن تطالع مصنفاتي وتنظر في طريقي وإن شكل عليك شيء طالعتني به ففعل ذلك وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك ثم نظر بعد ذلك في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب وهو مع ذلك يحضر مجلس الأستاذ أبي علي إلى أن اختاره لكريمته فزوجها منه وبعد وفاة الأستاذ عاشر أبا عبد الرحمن السلمي إلى أن صار أستاذ خراسان وأخذ في التصنيف فصنف التفسير الكبير قبل العشر وأربعمائة ورتب المجالس وخرج إلى الحج في رفقة فيها الإمام أبو محمد الجويني والشيخ أحمد البيهقي وجماعة من المشاهير فسمع معهم الحديث ببغداد والحجاز من مشايخ عصره وكان في علم الفروسية واستعمال السلاح وما يتعلق به من أفراد العصر وله في ذلك الفن دقائق وعلوم انفرد بها وأما المجالس في التذكير والقعود فيما بين المريدين وأسئلتهم عن الوقايع وخوضه في الأجوبة وجريان الأحوال العجيبة فكلها منه وإليه أجمع أهل العصر على إنه عديم النظير فيها غير مشارك في أساليب الكلام على المسائل وتطييب القلوب والإشارات اللطيفة المستنبطة من

الايات والأخبار من كلام المشايخ والرموز الدقيقة وتصانيفه فيها المشهورة إلى غير ذلك من نظم الأشعار اللطيفة على لسان الطريقة ولقد عقد لنفسه مجلس الإملاء في الحديث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة فكان يملي إلى خمس وستين يذنب أماليه بأبياته وربما يتكلم على الحديث باشاراته ولطائفه وله في الكتابة طريقة أنيقة رشيقة تبز على النظم ولقد قرأت فصلا ذكره على بن الحسن في دمية القصر وهو ان قال الإمام زين الإسلام أبو القسم جامع لأنواع المحاسن تنقاد له صعابها ذلل المراسن ولو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب ولو ربط ابليس في مجلس تذكيره لتاب وله فصل الخطاب في فضل المنطق المستطاب ماهر في التكلم على مذهب الأشعري خارج في احاطته بالعلوم عن الحد البشري كلماته للمستفيدين فرائد وفوائد وعتبات منبره للعارفين وسائد وله شعر يتتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه قال عبد الغافر وقد أخذ طريق التصوف من الأستاذ أبي علي الدقاق وأخذها أبو على عن أبي القسم النصر أباذي والنصر اباذى عن الشبلي والشبلي عن الجنيد والجنيد عن السري السقطى والسري عن معروف الكرخي ومعروف عن داود الطائي وداود لقي التابعين هكذا كان يذكر إسناد طريقته ومن جملة أحواله ما خص به من المحنة في الدين والاعتقاد وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين إلى خمس وخمسين وأربعمائة وميل بعض الولاة إلى الأهواء وسعي بعض الرؤساء والقضاة إليه بالتخليط حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل

الأصحاب وكان هو المقصود من بينهم حسدا حتى اضطرته الحال إلى مفارقة الأوطان وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد وورد على أمير المؤمنين القائم بأمر الله ولقي فيها قبولا وعقد له المجلس في منازله المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه ووقع كلامه من مجلسه الموقع وخرج الأمر باعزازه وإكرامه وعاد إلى نيسابور وكان يختلف منها إلى طوس بأهله وبعض أولاده حتى طلع صبح النوبة المباركة دولة السلطان الب أرسلان في سنة خمس وخمسين وأربعماية فبقى عشر سنين في آخر عمره مرفها محترما مطاعا معظما وأكثر صفوة في آخر أيامه التي شاهدناه فيها أخيرا إلى أن يقرأ عليه كتبه والأحاديث المسموعة له وما يؤول إلى نصرة المذهب بلغ المنتمون إليه آلافا ملؤا بذكره وتصانيفه أطرافا ومن نثره الكرم أطال الله بقاء الشيخ يهدي المتوسم إلى صاحبه ويقضي للمؤمل بنجح مطالبه وأني أجلت صواعد قصدي في كل قطر أشيم برق الحرية وأعملت قواصد فكري في كل نحو أستنشق نسيم الفتوة فما فاح إلا من بابه نشره ومالاح إلا من جنابه بشره فتعرفت إليه بأني ممن هداه إلى وده بقاء عهده وحداه على قصده ضياء مجده وأرجو أنه إذا عجم عود ولائي أستصلبه وإذا قيد قلبي بإحسانه ما سيبه والله عزوجل يديم تمكينه ويحرس عن الغير نعمته دينه بمنه أن وجد الشيخ في مجلس العميد فراغا وللمنطق مساغا طالعه بأن فلانا إلى الباب متردد وبإقامة رسم الزيارة مستعد وليس يشكو تحمله خجلة الحجاب ولكنه يشكو تجمله بحضور الباب والسلام توفي صبيحة يوم الأحد قبل طلوع

الشمس السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة ودفن في المدرسة بجنب الأستاذ أبي علي الدقاق ومنهم أبو علي بن أبي حريصة الهمذاني الدمشقي الفقيه رحمه الله قال لي الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني توفي أبو علي الحسين بن أحمد بن المظفر بن أحمد بن سليمان بن المتوكل بن أبي حريصة الهمداني رحمه الله يوم الثلاثاء السادس والعشرين من المحرم من سنة ست وستين وأربعمائة وكان قد كتب الكثير وحدث باليسير وكان فقيها على مذهب مالك ويذهب مذهب أبي الحسن الأشعري ومنهم أبو المظفر الإسفرايني الفقيه رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال شاهفور بن طاهر بن محمد الإسفرايني أبو المظفر الإمام الكامل الفقيه الأصولي المفسر ارتبطه نظام الملك بطوس وتوفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ومنهم الشيخ أبو اسحق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي ثم الفيروز أباذي الفقيه الزاهد والناسك العابد ذو التصانيف الحسنة والتواليف المستحسنة سكن بغداد وسمع الحديث بها من أبي علي ابن شاذان وأبي بكر البرقاني وغيرهما وتفقه على جماعة منهم القاضي أبو

الطيب الطبري وأبو أحمد عبد الوهاب بن محمد بن عمر بن محمد بن رامين وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد البيضاوي وأبو القسم منصور بن عمر الكرخي البغداديون وأبو حاتم محمود بن الحسن الطبري وأبو عبد الله محمد بن عمر الشيرازي وغيرهم درس ببغداد بالمدرسة النظامية وهو صاحب كتاب المهذب وكتاب التنبيه في المذهب والنكت في الخلاف واللمع في أصول الفقه وغير ذلك من الكتب وكان يظن به بعض من لا يفهم إنه مخالف للأشعري لقوله في كتابه في أصول الفقه وقالت الأشعرية إن الأمر لا صيغة له وليس ذلك لأنه لا يعتقد إعتقاده وإنما قال ذلك لأنه خالفه في هذه المسئلة بعينها كما خالفه غيره من الفقهاء فيها فأراد أن يبين فيها ان هذه المسئلة مما انفرد بها أبو الحسن وقد ذكرنا في كتابنا هذا عنه فتواه فيمن خالف الأشعرية وأعتقد تبديعهم وذلك أوفى دليل على إنه منهم وجدت بخط أخي أبي الحسين هبة الله بن الحسن بن هبة الله للرئيس أبي الخطاب علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح الكاتب البغدادي في الشيخ أبي اسحق إبراهيم بن علي الشيرازي رحمه الله ... سقيا لمن ألف التنبيه مختصرا ... ألفاظه الغر واستقصى معانيه ... إن الإمام أبا اسحق صنفه ... لله والدين لا للكبر والتيه ... رأى علوما عن الأفهام شاردة ... فحازها ابن علي كلها فيه ... لازلت للشرع إبراهيم منتصرا ... تذود عنه أعاديه وتحميه

أنشدنا أبو القسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي ببغداد قال أنشدنا الشيخ الإمام أبو اسحق الشيرازي لنفسه ... سألت الناس عن خل وفي ... فقالوا ما إلى هذا سبيل ... تمسك إن ظفرت بود حر ... فإن الحر في الدنيا قليل ... أخبرني أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني قال توفي الإمام أبو إسحق إبراهيم علي بن يوسف الفيروز أباذي الشافعي رحمه الله في جمادي الآخرة سنة ست وسبعين وأربعمائة وقال في موضع آخر في ليلة الأحد الحادي وعشرين من جمادي الآخرة ومنهم الإمام أبو المعالي الجويني النيسابوري رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسين الأديب في كتابه قال عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني أبو المعالي ابن ركن الإسلام أبي محمد إمام الحرمين فخر الإسلام إمام الأئمة على الإطلاق حبر الشريعة المجمع على إمامته شرقا وغربا المقر بفضله السراة والحراة عجما وعربا من لم تر العيون مثله قبله ولا ترى بعده رباه حجر الإمامة وحرك ساعد السعادة مهده وأرضعه ثدي العلم والورع إلى ان ترعرع فيه ويفع أخذ من العربية وما يتعلق بها أوفر حظ ونصيب فزاد فيها على كل أديب ورزق من التوسع في العبارة وعلوها ما لم يعهد من غيره حتى أنسى ذكر سحبان وفاق فيها الأقران وحمل القرآن وأعجز الفصحاء

اللد وجاوز الوصف والحد وكل من سمع خبره أو رأى أثره فإذا شاهده أقر بان خبره يزيد كثيرا على الخبر ويبز على ما عهد من الأثر وكان يذكر دورسا يقع كل واحد منها في أطباق وأوراق لا يتلعثم في كلمة ولا يحتاج إلى إستدراك عثرة مرا فيها كالبرق الخاطف بصوت مطابق كالرعد القاصف ينزف فيه المبرزون ولا يدرك شأوه المتشدقون المتعمقون وما يوجد منه في كتبه من العبارات البالغة كنه الفصاحة غيض من فيض ما كان على لسانه وغرفة من أمواج ما كان يعهد من بيانه تفقه في صباه على والده ركن الإسلام فكان يزهي بطلعه وتحصيله وجودة قريحته وكياسة غريزته لما يرى فيه من المخايل فخلفه فيه من بعد وفاته وأتى على جميع مصنفاته فقلبها ظهرا لبطن وتصرف فيها وخرج المسائل بعضها على بعض ودرس سنين ولم يرض في شبابه بتقليد والده واصحابه حتى أخذ في التحقيق وجد واجتهد في المذهب والخلاف ومجالس النظر حتى ظهرت نجابته ولاح على أيامه همة أبيه وفراسته وسلك طريق المباحثة وجمع الطرق بالمطالعة والمناظرة والمناقشة حتى أربى على المتقدمين وأنسى تصرفات الأولين وسعى في دين الله سعيا يبقى أثره إلى يوم الدين ومن إبتداء أمره أنه لما توفي أبوه كان سنه دون العشرين أو قريبا منه فأقعد مكانه للتدريس فكان يقيم الرسم في درسه ويقوم منه ويخرج إلى مدرسة البيهقي حتى حصل الأصول وأصول الفقه على الأستاذ الإمام أبي القسم الإسكاف الإسفرايني وكان يواظب على مجلسه وقد سمعته يقول في أثناء كلامه كنت علقت عليه

في الأصول أجزاء معدودة وطالعت في نفسي مائة مجلدة وكان يصل الليل بالنهار في التحصيل حتى فرغ منه ويبكر كل يوم قبل الاشتغال بدرس نفسه إلى مسجد الأستاذ أبي عبد الله الخبازي يقرأ عليه القرآن ويقتبس من كل نوع من العلوم ما يمكنه مع مواظبته على التدريس وينفق ما ورثه وما كان له من الدخل على إجراء المتفقهة ويجتهد في ذلك ويواظب على المناظرة إلى أن ظهر التعصب بين الفريقين واضطربت الأحوال والأمور فاضطر إلى السفر والخروج عن البلد فخرج مع المشايخ إلى المعسكر وخرج إلى بغداد يطوف مع المعسكر ويلتقي بالأكابر من العلماء ويدارسهم ويناظرهم حتى تهذب في النظر وشاع ذكره ثم خرج إلى الحجاز وجاور بمكة أربع سنين يدرس ويفتي ويجمع طرق المذهب ويقبل على التحصيل إلى أن اتفق رجوعه بعد مضي نوبة التعصب فعاد إلى نيسابور وقد ظهر نوبة ولاية السلطان البارسلان وتزين وجه الملك باشارة نظام الملك واستقرت أمور الفريقين وانقطع التعصب فعاد إلى التدريس وكان بالغا في العلم نهايته مستجمعا أسبابه فبنيت المدرسة الميمونة النظامية وأقعد للتدريس فيها واستقامت أمور الطلبة وبقى على ذلك قريبا من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع مسلم له المحراب والمنبر والخطابة والتدليس ومجلس التذكير يوم الجمعة والمناظرة وهجرت له المجالس وانغمر غيره من الفقهاء بعلمه وتسلطه وكسرت الأسواق في جنبه ونفق سوق المحققين من خواصه وتلامذته وظهرت تصانيفه وحضر درسه الأكابر والجمع العظيم من

الطلبة وكان يقعد بين يديه كل يوم نحو من ثلاثماية رجل من الأئمة ومن الطلبة وتخرج به جماعة من الأئمة والفحول وأولاد الصدور حتى بلغوا محل التدريس في زمانه وانتظم باقباله على العلم ومواظبته على التدريس والمناظرة والمباحثة أسباب ومحافل ومجامع وإمعان في طلب العلم وسوق نافقة لأهله لم يعهد قبله واتصل به ما يليق بمنصبه من القبول عند السلطان والوزير والأركان ووفور الحشمة عندهم بحيث لا يذكر غيره فكان المخاطب والمشار إليه والمقبول من قبله والمهجور من هجره والمصدر في المجالس من ينتمي إلى خدمته والمنظور إليه من يغترف في الأصول والفروع من طريقته واتفق منه تصانيف برسم الحضرة النظامية مثل النظامي والغياثي وأنفادها إلى الحضرة ووقوعها موقع القبول ومقابلتها بما يليق بها من الشكر والرضى والخلع الفائقة والمراكب المثمنة والهدايا والمرسومات وكذلك إلى أن قلد زعامة الأصحاب ورياسة الطائفة وفوض إليه أمور الأوقاف وصارت حشمته وزر العلماء والأئمة والقضاة وقوله في الفتوى مرجع العظماء والأكابر والولاة واتفقت له نهضة في أعلى ما كان من أيامه إلى أصبهان لسبب مخالفة بعض الأصحاب فلقى بها من المجلس النظامي ما كان من اللائق بمنصبه من الاستبشار والاعزاز والإكرام بأنواع المبار وأجيب بما كان فوق مطلوبه وعاد مكرما إلى نيسابور وصار أكثر عنايته مصروفا إلى تصنيف المذهب الكبير المسمى نهاية المطلب في دراية المذهب حتى حرره وأملاه وأتى فيه من البحث والتقدير والسبك والتقير والتدقيق

والتحقيق بما شفى الغليل وأوضح السبيل ونبه على قدره ومحله في علم الشريعة ودرس ذلك للخواص من التلامذة وفرغ منه ومن إتمامه فعقد مجلسا لتتمة الكتاب حضره الأئمة والكبار وختم الكتاب على رسم الإملاء والاستملاء وتبجح الجماعة بذلك ودعوا له وأثنوا عليه وكان من المعتدين باتمام ذلك الشاكرين لله عليه فما صنف في الإسلام قبله مثله ولا اتفق لأحد ما اتفق له ومن قاس طريقته بطريقة المتقدمين في الأصول والفروع وأنصف أقر بعلو منصبه ووفور تعبه ونصبه في الدين وكثرة سهره في استنباط الغوامض وتحقيق المسائل وترتيب الدلائل ولقد قرأت فصلا ذكره علي بن الحسن بن أبي الطيب الباخرزي في كتاب دمية القصر مشتملا على حاله وهو فقد كان في عصر الشباب غير مستكمل ما عهدناه عليه من اتساق الأسباب وهو ان قال فتى الفتيان ومن أنجب به الفتيان ولم يخرج مثله المفتيان عنيت النعمان بن ثابت ومحمد بن إدريس فالفقه فقه الشافعي والأدب أدب الأصمعي وحسن بصره بالوعظ للحسن البصري وكيف ما هو فهو إمام كل إمام والمستعلي بهمته على كل همام والفائز بالظفر على إرغام كل ضرغام إذا تصدر للفقه فالمزني من مزنته قطره وإذا تكلم فالأشعري من وفرته شعره وإذا خطب ألجم الفصحاء بالعي شقاشقه الهادرة ولثم البلغاء بالصمت حقائقه الباردة ولولا سده مكان أبيه بسده الذي أفرغ على قطره قطر تأبيه لا صبح مذهب الحديث حديثا ولم يجد المستغيث منهم مغيثا قال أبو الحسن هذا وهو وحق الحق فوق ما ذكره وأعلى مما وصفه فكم من

فصل مشتمل على العبارات الفصيحة العلية والنكت البديعة النادرة في المحافل منه سمعناه وكم من مسائل في النظر شهدناه ورأينا منه إفحام الخصوم وعهدناه وكم من مجلس في التذكير للعوام مسلسل المسائل مشحون بالنكت المستنبطة من مسائل الفقه مشتملة على حقائق الأصول مبكية في التحذير مفرحة في التبشير مختومة بالدعوات وفنون المناجاة حضرناه وكم من مجمع للتدريس حاو للكبار من الأئمة وإلقاء المسائل عليهم والمباحثة في غورها رأيناه وحصلنا بعض ما أمكننا منه وعلقناه ولم نقدر ما كنا فيه من نضرة أيامه وزهرة شهوره وأعوامه حق قدره ولم نشكر الله تعالى عليه حق شكره حتى فقدناه وسلبناه وسمعته في أثناء كلام يقول أنا لا أنام ولا آكل عادة وإنما انام إذا غلبني النوم ليلا كان او نهارا وآكل إذا اشتهيت الطعام أي وقت كان كان لذته ولهوه وتنزهه في مذاكرة العلم وطلب الفائدة من أي نوع كان ولقد سمعت الشيخ أبا الحسن علي بن فضال بن علي المجاشعي النحوي القادم علينا سنة تسع وستين وأربعمائة يقول وقد قبله الإمام فخر الإسلام وقابله بالإكرام وأخذ في قراءة النحو عليه والتلمذة له بعد أن كان إمام الأئمة في وقته وكان يحمله كل يوم إلى داره يقرأ عليه كتاب أكسير الذهب في صناعة الأدب من تصنيفه فكان يحكي يوما ويقول ما رأيت عاشقا للعلم أي نوع كان مثل هذا الإمام فإنه يطلب العلم للعلم وكان كذلك ومن حميد سيرته إنه ما كان يستصغر أحدا حتى يسمع كلامه شاديا كان أو متناهيا فإن أصاب كياسة في طبع أو جريا

على منهاج الحقيقة استفاد منه صغيرا كان أو كبيرا ولا يستنكف أن يعزي الفائدة المستفادة إلى قائلها ويقول أن هذه الفائدة مما استفدته من فلان ولا يحابي أيضا في التزييف إذا لم يرض كلاما ولو كان أباه أو أحدا من الأئمة المشهورين وكان من التواضع لكل أحد بمحل يتخيل منه الاستهزاء لمبالغته فيه ومن رقة القلب بحيث يبكي إذا سمع بيتا أو تفكر في نفسه ساعة وإذا شرع في حكاية الأحوال وخاض في علوم الصوفية في فصول مجالسه بالغدوات أبكى الحاضرين ببكائه وقطر الدماء من الجفون بزعقاته ونعراته وإشاراته لإحتراقه في نفسه وتحققه بما يجري من دقائق الأسرار هذه الجملة نبذ مما عهدناه منه إلى إنتهاء أجله فأدركه قضاء الله الذي لا بد منه بعد ما مرض قبل ذلك مرض اليرقان وبقي فيه أياما ثم برأ منه وعاد إلى الدرس والمجلس وأظهر الناس من الخواص والعوام السرور بصحته وإقباله من علته فبعد ذلك بعهد قريب مرض المرضة التي توفي منها وبقي فيها أياما وغلبت عليه الحرارة التي كانت تزور في طبعه إلى أن ضعف وحمل إلى نستيقان لإعتدال الهواء وخفة الماء فزاد الضعف وبدت مخايل الموت وتوفي ليلة الأربعاء بعد صلاة العتمة الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ونقل في الليلة إلى البلد وقام الصياح من كل جانب وجزع الفرق عليه جزعا لم يعهد مثله وحمل بين الصلاتين من يوم الأربعاء إلى ميدان الحسين ولم تفتح الأبواب في البلد ووضعت المناديل عن الرؤس عاما بحيث ما اجترأ أحد على ستر رأسه من الرؤس

والكبار وصلى عليه ابنه الإمام أبو القسم بعد جهد جهيد حتى حمل إلى داره شدة الزحمة وقت التطفيل ودفن في داره وبعد سنين نقل إلى مقبرة الحسين وكسر منبره في الجامع المنيعي وقعد الناس للعزاء أياما عزاء عاما وأكثر الشعراء المراثي فيه وكان الطلبة قريبا من أربعمائة نفر يطوفون في البلد نائحين عليه مكسرين المحابر والأقلام مبالغين في الصياح والجزع وكان مولده ثامن عشر المحرم سنة تسع عشرة وأربعمائة وتوفي وهو ابن تسع وخمسين سنة رحمه الله سمع الحديث الكثير في صباه من مشايخ مثل الشيخ أبي حسان وأبي سعد عليك وأبي سعد النضروي ومنصور بن رامش وجمع له كتاب الأربعين فسمعناه منه بقراءتي عليه وقد سمع سنن الدارقطني من أبي سعد بن عليك وكان يعتمد تلك الأحاديث في مسائل الخلاف ويذكر الجرح والتعديل منها في الرواة وظني أن آثار جده واجتهاده في دين الله يدوم إلى قيام الساعة وإن انقطع نسله من جهة الذكور ظاهرا فنشر علمه يقوم مقام كل نسب ويغنيه عن كل نشب مكتسب والله تعالى يسقي في كل لحظة جديدة تلك الروضة الشريفة عزالي رحمته ويزيد في الطافه وكرامته بفضله ومنته إنه ولي كل خير ومما قيل عند وفاته ... قلوب العالمين على المقالي ... وأيام الورى شبه الليالي ... أيثمر غصن أهل الفضل يوما ... وقد مات الإمام أبو المعالي

ومنهم الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي رحمه الله متأخر الوفاة أدركنا جماعة ممن أدركه وتفقه به وكان قد تفقه عند أبي الفتح سليم بن أيوب الرازي بصور ثم رحل إلى ديار بكر وتفقه عند أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني الفقيه وسمع الحديث بدمشق وغيرها من جماعة ودرس العلم ببيت المقدس مدة ثم انتقل إلى صور فأقام بها عشر سنين ينشر العلم بها مع كثرة المخالفين له من الرافضة ثم انتقل منها إلى دمشق فأقام بها تسع سنين يحدث ويدرس ويفتي على طريقة واحدة من الزهد في الدنيا والتنزه عن الدنايا والجري على منهاج السلف من التقشف وتجنب السلاطين ورفع الطمع والإجتزاء باليسير مما يصل إليه من غلة أرض كانت له بنابلس يأتيه منها ما يقتاته ولا يقبل من أحد شيئا سمعت من يحكي أن تاج الدولة تتش بن البارسلان زاره يوما فلم يقم له وسأله عن أحل الأموال التي يتصرف فيها السلطان فقال الفقيه أحلها أموال الجزية فخرج من عنده وأرسل إليه بمبلغ من المال وقال هذا من مال الجزية ففرقه على الأصحاب ولم يقبله وقال لا حاجة بنا إليه فلما ذهب الرسول لامه الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد وقال له لقد علمت حاجتنا إليه فلو كنت قبلته وفرقته فينا فقال له لا تجزع من فوته فسوف يأتيك من الدنيا ما يكفيك فيما بعدفكان كما تفرس فيه رحمه الله وسمعت بعض من صحبه يقول لو كان الفقيه أبو الفتح في السلف لم تقصر درجته عن واحد منهم

لكنهم فاتوه بالسبق وكانت أوقاته كلها مستغرقة في عمل الخير إما في نشر علم وإما في إصلاح عمل وحكى عن بعض أهل العلم إنه قال صحبت إمام الحرمين أبا المعالي الجويني بخراسان ثم قدمت العراق فصحبت الشيخ أبا اسحق الشيرازي فكانت طريقته عندي أفضل من طريقة أبي المعالي ثم قدمت الشام فرأيت الفقيه أبا الفتح فكانت طريقته أحسن من طريقتيهما جميعا سمعت الشيخ الفقيه أبا الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي يقول توفي الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم في يوم الثلاثاء التاسع من المحرم سنة تسعين وأربعمائة بدمشق وخرجنا بجنازته بعد صلاة الظهر فلم يمكنا دفنه إلى قريب المغرب لأن الناس حالوا بيننا وبينه وكان الخلق متوفرا ذكر الدمشقيون أنهم لم يروا جنازة مثلها وأقمنا على قبره سبع ليال نقرأ كل ليلة عشرين ختمة رحمه الله ونضر وجهه ومنهم أبو عبد الله الطبري نزيل مكة رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل قال الحسين ابن علي أبو عبد الله الطبري الإمام نزيل مكة تفقه على الشريف ناصر ابن الحسين العمري المرزوي بنيسابور وتخرج وأقام بنيسابور مدة ثم خرج إلى مكة وجاءنا نعيه سنة تسع وتسعين وذكر إنه توفي في شهر رمضان سنة ثمان وتسعين وأربعمائة وكان يفتي ويدرس ويروي الحديث بمكة وله بها عقب

ذكر بعض المشهورين من الطبقة الخامسة التي أدركت بعضها بالمعاصرة وبعضها بالرؤية والمجالسة فمنهم أبو المظفر الخوافي النيسابوري رحمه الله أخبرني أبو الحسن بن أبي عبد الله الفارسي في كتابه قال أحمد بن محمد بن المظفر أبو المظفر الخوافي الإمام المشهور أنظر أهل عصره وأعرفهم بطريق الجدل في الفقه له العبارة الرشيقة المهذبة والتضييق في المناظرة على الخصم والإرهاق إلى الإنقطاع تفقه على الشيخ أبي إبراهيم الضرير وكان مبارك النفس وهذا الإمام أحمد كيس الطبع فتخرج به بعض التخرج ثم وقع بعده إلى خدمة إمام الحرمين وصحبته وبرع عنده حتى صار من أوحد تلامذته وأصحابه القدماء وكان من جملة منادميه بالليالي والأيام بطول صحبته ولإعتداد الإمام بمكانه وكان معجبا به وبكلامه ثم ترفع عن الإعادة في درسه فكان يدرس بنفسه وتختلف إليه طائفة توفي بطوس سنة خمسمائة وكان حسن العقيدة ورع النفس ما عهد منه هنات قط كما عهد من غيره ومنهم الإمام أبو الحسن الطبري المعروف بالكيا رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل قال علي بن محمد بن علي الكيا الهراسي أبو الحسن الإمام البالغ في النظر مبلغ الفحول ورد نيسابور في شبابه وقد تفقه وكان حسن الوجه مطابق

الصوت للنظر مليح الكلام فحصل طريقة إمام الحرمين وتخرج به فيها وصار من وجوه الأصحاب ورؤس المعيدين في الدرس وكان ثاني الغزالي بل أملح وأطيب في النظر والصوت وأبين في العبارة والتقرير منه وإن كان الغزالي أحد واصوب خاطرا وأسرع بيانا وعبارة منه وهذا كان يعيد الدرس على جماعة حتى تخرجوا به وكان مواظبا على الإفادة والإستفادة ثم اتصل بعد موت إمام الحرمين بمجد الملك في زمان بركيارق وحظي عنده ثم خرج إلى العراق وأقام مدة يدرس ببغداد في المدرسة النظامية إلى أن توفي فيها وذكر شيخنا الشيخ أبو محمد بن الأكفاني ولم أسمعه منه قال توفي الإمام شمس الإسلام أبو الحسن علي بن محمد الطبري الشافعي المعروف بالكيا الهراسي ببغداد يوم الخميس مستهل المحرم سنة أربع وخمسمائة سمعت الشيخ أبا الفضل محمد بن محمد بن عطاف الموصلي الفقيه ببغداد يقول شهدت دفن الكيا رحمه الله في تربة الشيخ أبي اسحق الشيرازي رحمه الله وحضر دفنه الشريف أبو طالب الزينبي وقاضي القضاة أبو الحسن بن الدامغاني وكانا مقدمي أصحاب أبي حنيفة رحمه الله وكان بينه وبينهما منافسة في حال حياته فوقف أحدهما عند رأس قبره والآخر عند رجليه فقال ابن الدامغاني متمثلا ... وما تغني النوادب والبواكي ... وقد أصبحت مثل حديث أمس ... وأنشد الزينبي متمثلا ... عقم النساء فما يلدن شبيهه ... إن النساء بمثله عقم

أنشدنا الشيخ أبو الحجاج يوسف بن عبد العزيز بن علي اللخمي الميورقي الأندلسي الفقيه المالكي بدمشق قال أنشدنا أبو محمد المرندي الخطيب يرثي الإمام السعيد شمس الإسلام علم الهدى ابا الحسن علي ابن محمد الطبري رحمه الله ... قف بالديار مسائلا أطلالها ... مستعلما عن رسمها أحوالها ... إن كان يعلم ما يقول معاهد ... درست وخيمت الخطوب خلالها ... وعفا معارفها وغير رسمها ... ريح تجر على الثرى أذيالها ... طورا وطورا عارض متهلل ... كمداعي لما رأت ترحالها ... ما للمنازل لا تكلم داعيا ... ما حالها ما ذا عراها مالها ... أترى لفقد إمامنا علم الهدى ... صمت فما أن جاوبت سؤالها ... يا للمكارم والفضائل بعده ... يا للعلوم وللشرائع يالها ... يا للمحاسن والمحاضر والندا ... سلب المنايا شمسها وجمالها ... رفعت به رايات دين محمد ... فالآن صرف الحادثات أمالها ... بلوا الخدود بادمع منهلة ... إن الرزية أفجعت عذالها ... ومصيبة حلت وعم وقوعها ... زمر الأنام نساءها ورجالها ... يا محنة صدع القلوب هجومها ... واستنزلت من علوها آجالها ... دكت لمصرعه الجبال وزعزعت ... والأرض منه زلزلت زلزالها ... لهفي على الإسلام غابت شمسه ... بعد الشروق فواصلت آصالها ... أين الذي ساد البرية كلها ... وهدى إلى سبل الهدى ضلالها

نصر الشريعة بعدما نشر الورى ... للمنكرات على البسيط ظلالها ... فاليوم تبلى في التراب محاسن ... لم تلف في كل الورى أمثالها ... وشمائل رقت فحاكت رقة ... قطر السحائب مازجت جريالها ... إني لأعجب كيف وارت تربة ... بحرا ولم يغرق به من هالها ... أم كيف يدفن في الثرى شمس الضحى ... والشمس يحرق حرها من نالها ... ماذا يقال لمعشر هجروا الكرى ... وتجاوزوا عفر الزبا ورمالها ... وتحققت نيل الرجاء نفوسهم ... فأبى الزمان مخيبا آمالها ... من مبلغ عنه إليه تحية ... تبقى فلا يخشى الزمان زيالها ... ومخبر أن النفوس بأسرها ... شوقا إليه تشتهي آجالها ... نقضي بأوراد الدعاء حقوقه ... ما قابلت ريح لجنوب شمالها ... ونعود الصبر الجميل نفوسنا ... إن الرضى بقضائه أولى لها ... ومنهم الإمام أبو حامد الطوسي الغزالي رحمه الله أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتابه قال محمد بن محمد بن محمد أبو حامد الغزالي حجة الإسلام والمسلمين إمام أئمة الدين من لم تر العيون مثله لسانا وبيانا ونطقا وخاطرا وذكاء وطبعا شذا طرفا في صباه بطوس من الفقه على الإمام أحمد الراذكاني ثم قدم نيسابور مختلفا إلى درس إمام الحرمين في طائفة من الشبان من طوس وجد واجتهد حتى تخرج عن مدة قريبة وبز الأقران وجمل القرآن

وصار انظر اهل زمانه وواحد أقرانه في ايام امام الحرمين وكان الطلبة يستفدزن منه ويدرس لهم ويرشدهم ويجتهد في نفسه وبلغ الأمر به الى أن اخذ في التصنيف وكان الإمام مع علو درجته وسمو عبارته وسرعة جريه في النطق والكلام لا يصغى نظرة الى الغزالى سترا لأناقته عليه في سرعة العبارة وقوة الطبع و لا يطيب له تصديه للتصانيف وان كان متخرجا به منتسبا اليه كما لا يخفى من طبع البشر ولكنه يظهر التبجح به والأعتداد بمكانه ظاهرا خلاف ما يضمره ثم بقى كذلك الى انقضاء ايام الإمام فخرج من نيسابور وصار الى المعسكر واحتل من مجلس نظام الملك محل القبول وأقبل عليه الصاحب لعلو درجته وظهور اسمه وحسن مناظرته وجري عبارته وكانت تلك الحضرة محط رحال ! العلماء ومقصد الأئمة والفصحاء فوقعت للغزالى اتفاقات حسنة من الأحتكاك بالأئمة وملاقاة الخصوم اللد ومناظرة الفحول ومناقرة الكبار وظهر اسمه في الآفاق وارتفق بذلك اكمل الأرتفاق حتى ادت الحال به الى ان رسم للمصير الى بغداد للقيام بتدريس المدرسة الميمونة النظامية بها فصار اليها وأعجب الكل بتدريسه ومناظرته وما لقى مثل نفسه وصار بعد امامه خراسان امام العراق ثم نظر في علم الأصول وكان قد احكمها فصنف فيه تصانيف وجدد المذهب في الفقه فصنف فيه تصانيف وسبك الخلاف فحرر فيه ايضا تصانيف وعلت حشمته ودرجته في بغداد حتى كان تغلب حشمته الأكابر والأمراء ودار الخلافة فانقلب الأمر من وجه آخر وظهر عليه بعد مطالعة للعلوم الدقيقة

وممارسة الكتب المصنفة فيها وسلك طريق التزهد والتأله وترك الحشمة وطرح ما نال من الدرجة والاشتغال بأسباب التقوى وزاد الآخرة فخرج عما كان فيه وقصد بيت الله تعالى وحج ثم دخل الشام وأقام في تلك الديار قريبا من عشر سنين يطوف ويزور المشاهد المعظمة وأخذ في التصانيف المشهورة التي لم يسبق إليها مثل إحياء علوم الدين والكتب المختصرة منها مثل الأربعين وغيرها من الرسائل التي من تأملها علم محل الرجل من فنون العلم وأخذ في مجاهدة النفس وتغيير الأخلاق و تحسين الشمائل وتهذيب المعاش فانقلب شيطان الرعونة وطلب الرياسة والجاه والتخلق بالأخلاق الذميمة إلى سكون النفس وكرم الأخلاق والفراغ عن الرسوم والتزيينات والتزيي بزي الصالحين وقصر الأمل ووقف الأوقات على هداية الخلق ودعائهم إلى ما يعنيهم من أمر الآخرة وتبغيض الدنيا والاشتغال بها على السالكين والاستعداد للرحيل إلى الدار الباقية والانقياد لكل من يتوسم فيه أو يشم منه رائحة المعرفة والتيقظ لشيء من أنوار المشاهدة حتى مرن على ذلك والآن ثم عاد إلى وطنه لازما بيته مشتغلا بالتفكر ملازما للوقت مقصودا نفيسا وذخرا للقلوب ولكل من يقصده ويدخل عليه إلى أن أتى على ذلك مدة وظهرت التصانيف وفشت الكتب ولم تبد في أيامه مناقضة لما كان فيه ولا اعتراض لأحد على ما أثره حتى انتهت نوبة الوزارة إلى الأجل فخر الملك جمال الشهداء تغمده الله برحمته وتزينت خراسان بحشمته ودولته وقد سمع وتحقق بمكان الغزالي ودرجته وكمال

فضله وحالته وصفاء عقيدته ونقاء سيرته فتبرك به وحضره وسمع كلامه فاستدعى منه أن لا يبقى أنفاسه وفوائده عقيمة لا استفادة منها ولا اقتباس من انوارها وألح عليه كل الالحاح وتشدد في الاقتراح إلى أن اجاب إلى الخروج وحمل إلى نيسابور وكان الليث غائبا عن عرينه والأمر خافيا في مستور قضاء الله ومكنونه فأشير عليه بالتدريس في المدرسة الميمونة النظامية عمرها الله فلم يجد بدا من الاذعان للولاة ونوى باظهار ما اشتغل به هداية الشذة وإفادة القاصدين دون الرجوع إلى ما انخلع عنه وتحرر عن رقة من طلب الجاه ومماراة الأقران ومكابرة المعاندين وكم قرع عصاه بالخلاف والوقوع فيه والطعن فيما يذره و يأتيه والسعاية به والتشنيع عليه فما تأثر به ولا اشتغل بجواب الطاعنين ولا أظهر استيحاشا بغميزة المخلطين ولقد زرته مرارا وما كنت احدس في نفسي مع ما عهدته في سالف الزمان عليه من الزعارة وايحاش الناس والنظرإليهم بعين الازدراء والاستخفاف بهم كبرا وخيلاء اعتزازا بما رزق من البسطة في النطق والخاطر والعبارة وطلب الجاه والعلو في المنزلةإنه صار على الضد وتصفى عن تلك الكدورات وكنت اظن إنه متلفع بجلباب التكلف متنمس بما صار إليه فتحققت بعد السبر والتنقير أن الأمر على خلاف المظنون وأن الرجل أفاق بعد الجنون وحكى لنا في ليال كيفية أحواله من ابتداء ما ظهر له سلوك طريق التأله وغلبت الحال عليه بعد تبحره في العلوم واستطالته على الكل بكلامه والاستعداد الذي خصه الله به في تحصيل انواع العلوم وتمكنه

من البحث والنظر حتى تبرم من الاشتغال بالعلوم العربية عن المعاملة وتفكر في العاقبة وما يجري وينفع في الآخرة فابتدأ بصحبه الفارمذي وأخذ منه استفتاح الطريقة وامتثل ما كان يشير به عليه من القيام بوظائف العبادات والامعان في النوافل واستدامة الأذكار والجد والاجتهاد طلبا للنجاة إلى أن جاز تلك العقبات وتكلف تلك المشاق ما تحصل على ما كان يطلبه من مقصوده ثم حكى إنه راجع العلوم وخاض في الفنون وعاود الجد والاجتهاد في كتب العلوم الدقيقة والتقى بأربابها حتى انفتح له أبوابها وبقى مدة في الوقائع وتكافىء الأدلة وأطراف المسائل ثم حكى إنه فتح عليه باب من الخوف بحيث شغله عن كل شيء وحمله على الاعراض عما سواه حتى سهل ذلك وهكذا هكذا إلى أن ارتاض كل الرياضة وظهرت له الحقائق وصار ما كنا نظن به ناموسا وتخلقا طبعا وتحققا وأن ذلك اثر السعادة المقدرة له من الله تعالى ثم سألناه عن كيفية رغبته في الخروج من بيته والرجوع إلى ما دعي إليه من أمر نيسابور فقال معتذرا عنه ما كنت أجوز في ديني أن أقف عن الدعوة ومنفعة الطالبين بالافادة وقد حق علي أن أبوح بالحق وأنطق به وأدعو إليه وكان صادقا في ذلك ثم ترك ذلك قبل أن يترك وعاد إلى بيته واتخذ في جواره مدرسة لطلبة العلم وخانقاه للصوفية وكان قد وزع أوقاته على وظائف الحاضرين من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب والقعود للتدريس بحيث لا تخلو لحظة من لحظاته ولحظات من معه عن فائدة إلى أن أصابه عين الزمان وضن الأنام به على أهل عصره

فنقله الله إلى كريم جواره بعد مقاساة أنواع من القصد والمناوأة من الخصوم والسعي به إلى الملوك وكفاية الله تعالى وحفظه وصيانته عن ان تنوشه أيدي النكبات أو ينهتك ستر دينه بشيء من الزلات وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى ومجالسة أهله ومطالعة الصحيحين البخاري ومسلم اللذين هما حجة الإسلام ولو عاش لسبق الكل في ذلك الفن بيسير من الأيام يستفرغه في تحصيله ولا شك إنه سمع الأحاديث في الأيام الماضية واشتغل في آخر عمره بسماعها ولم تتفق له الرواية ولا ضرر فيما خلفه من الكتب المصنفة في الأصول والفروع وسائر الأنواع يخلد ذكره ويقرر عند المطالعين المنصفين المستفيدين منها إنه لم يخلف مثله بعده ومضى إلى رحمة الله تعالى يوم الاثنين الرابع عشر من جمادي الآخرة سنة خمس وخمسمائة ودفن بظاهر قصبة طابران والله تعالى يخصه بأنواع الكرامة في آخرته كما خصه بفنون العلم في دنياه بمنه ولم يعقب إلا البنات وكان له من الأسباب إرثا وكسبا ما يقوم بكفايته ونفقة أهله وأولاده فما كان يباسط أحدا في الأمور الدنيوية وقد عرضت عليه أموال فما قبلها وأعرض عنها واكتفى بالقدر الذي يصون به دينه ولا يحتاج معه إلى التعرض لسؤال ومنال من غيره سمعت الشيخ الفقيه الإمام أبا القسم سعد ابن علي بن أبي القسم بن أبي هريرة الإسفرايني الصوفي الشافعي بدمشق

قال سمعت الشيخ الإمام الأوحد زين القراء جمال الحرم أبا الفتح عامر بن نحام بن عامر العربي الساوي بمكة حرسها الله يقول دخلت المسجد الحرام يوم الأحد فيما بين الظهر والعصر الرابع عشر من شوال سنة خمس وأربعين وخمسماية وكان بي نوع تكسر ودوران رأس بحيث أني لا أقدر أن اقف أو أجلس لشدة ما بي وكنت أطلب موضعا أستريح فيه ساعة على جنبي فرأيت باب بيت الجماعة للرباط الرامشتي عند باب العزورة مفتوحا فقصدته ودخلت فيه ووقعت على جنبي الأيمن بحذاء الكعبة المشرفة مفترشا يدي تحت خدي لكيلا يأخذني النوم فتنتقض طهارتي فإذا برجل من أهل البدعة معروف بها جاء ونشر مصلاه على باب ذلك البيت وأخرج لويحا من جيبه أظنه كان من الحجر وعليه كتابة فقبله ووضعه بين يديه وصلى صلاة طويلة مرسلا يديه فيها على عادتهم وكان يسجد على ذلك اللويح في كل مرة فإذا فرغ من صلاته سجد عليه وأطال فيه وكان يمعك خده من الجانبين عليه ويتضرع في الدعاء ثم فرغ من صلاته سجد عليه وأطال فيه وكان يمعك خده من الجانبين عليه ويتضرع في الدعاء ثم رفع رأسه وقبله ووضعه على عينيه ثم قبله ثانيا وأدخله في جيبه كما كان قال قلما رأيت ذلك كرهته واستوحشت منه ذلك وقلت في نفسي ليت كان رسول الله حيا فيما بيننا ليخبرهم بسوء صنيعهم وما هم عليه من البدعة ومع هذا

التفكر كنت أطرد النوم عن نفسي كيلا يأخذني فتفسد طهارتي فبينا أنا كذلك إذ طرأ علي النعاس وغلبني فكأني بين اليقظة والمنام فرأيت عرصة واسعة فيها ناس كثيرون واقفين وفي يد كل واحد منهم كتاب مجلد قد تحلقوا كلهم على شخص فسألت الناس عن حالهم وعمن في الحلقة قالوا هو رسول الله وهؤلاء أصحاب المذاهب يريدون أن يقرؤا مذاهبهم واعتقادهم من كتبهم على رسول الله ويصححوه عليه قال فبينا أنا كذلك أنظر إلى القوم إذ جاء واحد من أهل الحلقة وبيده كتاب قيل إن هذا الشافعي رضي الله عنه فدخل في وسط الحلقة وسلم على رسول الله قال فرأيت رسول الله في جماله وكماله متلبسا بالثياب البيض المغسولة النظيفة من العمامة والقميص وسائر الثياب على زي أهل التصوف فرد عليه الجواب ورحب به وقعد الشافعي بين يديه وقرأ من الكتاب مذهبه واعتقاده عليه وبعد ذلك جاء شخص آخر قيل هو أبو حنيفة رضي الله عنه وبيده كتاب فسلم وقعد بجنب الشافعي وقرأ من الكتاب مذهبه واعتقاده ثم أتى بعده كل صاحب مذهب إلى أن لم يبق إلا القليل وكل من يقرأ يقعد بجنب الآخر فلما فرغوا إذا واحد من المبتدعة الملقبة بالرافضة قد جاء وفي يده كراريس غير مجلدة فيها ذكر عقائدهم الباطلة وهم أن يدخل الحلقة ويقرأها على رسول الله فخرج واحد ممن كان مع رسول الله إليه وزجره وأخذ الكراريس من يده ورماها إلى خارج الحلقة

وطرده وأهانه قال فلما رأيت أن القوم قد فرغوا وما بقى أحد يقرأ عليه شيئا تقدمت قليلا وكان في يدي كتاب مجلد فناديت وقلت يارسول الله هذا الكتاب معتقدي ومعتقد أهل السنة لو أذنت لي حتى أقرأه عليك فقال وايش ذاك قلت يارسول الله هو قواعد العقائد الذي صنفه الغزالي فأذن لي في القرأة فقعدت وابتدأت بسم الله الرحمن الرحيم كتاب قواعد العقايد وفيه أربعة فصول الفصل الأول في ترجمة عقيدة أهل السنة في كلمتي الشهادة التي هي أحد مباني الإسلام فنقول وبالله التوفيق الحمد لله المبدىء المعيد الفعال لما يريد ذي العرش المجيد والبطش الشديد الهادي صفوة العبيد إلى النهج الرشيد والمسلك السديد المنعم عليهم بعد شهادة التوحيد بحراسة عقائدهم عن ظلمات التشكيك والترديد السابق بهم إلى إتباع رسوله المصطفى واقتفاء صحبه الأكرمين بالتأييد والتسديد المتجلي لهم في ذاته وأفعاله بمحاسن أوصافه التي لا يدركها إلا من ألقى السمع وهو شهيد المعرف إياهم في ذاته إنه واحد لا شريك له فرد لا مثل له صمد لا ضد له منفرد لا ند له وإنه قديم لا أول له أزلي لا بداية له مستمر الوجود لا آخر له أبدي لا نهاية له قيوم لا انقطاع له دائم لا انصرام له لم يزل ولا يزال موصوفا بنعوت الجلال لا يقضي عليه بالانقضاء تصرم الآباد وانقراض الآجال بل هو الأول والآخر والباطن والظاهر التنزيه وإنه ليس بجسم مصور ولا جوهر محدود مقدر وإنه لا يماثل الأجسام لا في التقدير ولا في قبول الإنقسام وإنه

ليس بجوهر ولا تحله الجواهر ولا بعرض ولا تحله الأعراض بل لا يماثل موجودا ولا يماثله موجود وليس كمثله شيء ولا هو مثل شيء وإنه لا يحده المقدار ولا تحويه الأقطار ولا تحيط به الجهات ولا تكتنفه الأرضون والسموات وإنه استوى على العرش على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي أراده إستواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ومقهورون في قبضته وهو فوق العرش وفوق كل شيء إلى تخوم الثرى فوقية لا تزيده قربا إلى العرش والسمابل هو رفيع الدرجات عن العرش كما إنه رفيع الدرجات عن الثرى وهو مع ذلك قريب من كل موجود وهو أقرب إلى العبيد من حبل الوريد وهو على كل شيء شهيد إذ لا يماثل قربه قرب الأجسام كما لا تماثل ذاته ذات الأجسام وإنه لا يحل في شيء ولا يحل فيه شيء تعالى عن أن يحويه مكان كما تقدس عن أن يحده زمان كما قبل أن خلق الزمان والمكان وهو الآن على ما عليه كان وإنه بائن من خلقه بصفاته وليس في ذاته سواه ولا في سواه ذاته وإنه مقدس عن التغير والانتقال لا تحله الحوادث ولا تعتريه العوارض بل لا يزال في نعوت جلاله منزها عن الزوال وفي صفات كماله مستغنيا عن زيادة الاستكمال وإنه في ذاته معلوم الوجود بالعقول مرئي الذات بالأبصار نعمة منه ولطفا بالأبرار في دار القرار وإتماما للنعيم بالنظر إلى وجهه الكريم القدرة وإنه حي قادر جبار قاهر لا يعتريه قصور ولا عجز ولا تأخذه سنة ولا نوم ولا يعارضه فناء ولا موت وإنه ذو الملك

والملكوت والعزة والجبروت له السلطان والقهر والخلق والأمر السموات مطويات بيمينه والخلائق مقهورون في قبضته وإنه المنفرد بالخلق والإختراع المتوحد بالإيجاد والإبداع خلق الخلق وأعمالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم لا يشذ عن قبضته مقدور ولا يعزب عن قدرته تصاريف الأمور ولا تحصى مقدوراته ولا تتناهى معلوماته العلم وإنه عالم بجميع المعلومات محيط علمه بما يجري في تخوم الأرضين إلى أعلى السموات لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء بل يعلم ذبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويدرك حركة الذر في جو الهواء ويعلم السر وأخفى ويطلع على هواجس الضمائر وحركات الخواطر وخفيات السرائر بعلم قديم أزلي لم يزل موصوفا في أزل الآزال لا بعلم مجدد حاصل في ذاته بالحلول والإنتقال الإرادة وإنه مريد الكائنات مدبر الحادثات ولا يجري في الملك والملكوت قليل أو كثير صغير أو كبير خير أو شر نفع أو ضر إيمان أو كفر عرفان أو نكر فوز أو خسر زيادة أو نقصان طاعة أو عصيان كفر أو إيمان إلا بقضائه وقدره وحكمه ومشيئته فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا يخرج عن مشيئته لفتة ناظر ولا فلتة خاطر بل هو المبدىء المعيد الفعال لما يريد لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه ولا مهرب لعبد عن معصيته إلا بتوفيقه ورحمته ولا قوة على طاعته إلا بمحبته وإرادته لو اجتمع الإنس والجن والملائكة والشياطين على أن يحركوا في العالم ذرة أو يسكنوها دون إراداته ومشيئته عجزوا عنه وإن إرادته قائمة بذاته في

جملة صفاته لم يزل كذلك موصوفا فيها مريدا في أزله لوجود الأشياء في أوقاتها التي قدرها فوجدت في أوقاتها كما أراده في أزله من غير تقدم وتأخر بل وقعت على وفق علمه وإرادته من غير تبدل وتغير دبر الأمور لا بترتيب أفكار وتربص زمان فلذلك لم يشغله شان عن شان السمع والبصر وإنه تعالى سميع بصير يسمع ويرى لا يعزب عن سمعه مسموع وإن خفي ولا يغيب عن رؤيته مرئي وإن دق لا يحجب سمعه بعد ولا يدفع رؤيته ظلام يرى من غير حدقة وأجفان ويسمع من غير أصمخة وآذان كما يعلم بغير قلب ويبطش بغير جارحة ويخلق بغير آلة إذ لا يشبه صفاته صفات الخلق كما لا يشبه ذاته ذات الخلق الكلام وإنه متكلم آمر ناه واعد متوعد بكلام أزلي قديم قائم بذاته لا يشبه كلام الخلق فليس بصوت يحدث من أنسلال هواء واصطكاك إجرام ولا بحرف ينقطع بأطباق شفة أو تحريك لسان وأن القرآن والتوارة والإنجيل والزبور كتبه المنزلة على رسله وإن القرآن مقروء بالألسنة مكتوب في المصاحف محفوظ في القلوب وإنه مع ذلك قديم قائم بذات الله تعالى لا يقبل الإنفصال والفراق بالانتقال إلى القلوب والأوراق وإن موسى عليه السلام سمع كلام الله بغير صوت ولا حرف كما يرى الأبرار ذات الله تعالى من غير جوهر ولا عرض وإذ كانت له هذه الصفات كان حيا عالما قادرا مريدا سميعا بصيرا متكلما بالحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام لا بمجرد الذات الأفعال وإنه لا موجود سواه إلا وهو حادث بفعله وفائض

من عدله على احسن الوجوه وأكملها وأتمها وأعدلها وإنه حكيم في أفعاله وعادل في أقضيته ولا يقاس عدله بعدل العباد إذ العبد يتصور منه الظلم بتصرفه في ملك غيره ولا يتصور الظلم من الله تعالى فإنه لا يصادف لغيره ملكا حتى يكون تصرفه فيه ظلما فكل ما سواه من جن وإنس وشيطان وملك وسماء وأرض وحيوان ونبات وجوهر وعرض ومدرك ومحسوس حادث إخترعه بقدرته بعد العدم إختراعا وإنشاء بعد أن لم يكن شيئا إذ كان في الأزل موجودا وحده ولم يكن معه غيره فأحدث الخلق بعد إظهارا لقدرته وتحقيقا لما سبق من إرادته وحق في الأزل من كلمته لا لإفتقاره إليه وحاجته وإنه تعالى متفضل بالخلق والإختراع والتكليف لا عن وجوب ومتطول بالأنعام والإصلاح لا عن لزوم فله الفضل والإحسان والنعمة والإمتنان إذ كان قادرا على أن نصب على عباده أنواع العذاب ويبتليهم بضروب الالآم والأوصاب ولو فعل ذلك لكان منه عدلا ولم يكن قبيحا ولا ظلما وإنه يثيب عباده على الطاعات بحكم الكرم والوعد لا بحكم الإستحقاق واللزوم إذ لا يجب عليه فعل ولا يتصور منه ظلم ولا يجب عليه حق وإن حقه في الطاعات وجب على الخلق بإيجابه على لسان أنبيائه لا بمجرد العقل ولكنه بعث الرسل وأظهر صدقهم بالمعجزات الظاهرة فبلغوا أمره ونهيه ووعده ووعيده فوجب على الخلق تصديقهم فيما جاؤا به معنى الكلمة الثانية وهي شهادة الرسول إنه تعالى بعث النبي الأمي القرشي محمدا برسالته إلى

كافة العرب والعجم والجن والإنس قال فلما بلغت إلى هذا رأيت البشاشة والتبسم في وجهه إذ انتهيت إلى نعته وصفته فالتفت إلي وقال أين الغزالي فإذا بالغزالي كأنه كان واقفا على الحلقة بين يديه فقال هأنا ذا يارسول الله وتقدم وسلم على رسول الله فرد عليه الجواب وناوله يده العزيزة والغزالي يقبل يده ويضع خديه عليها تبركا به وبيده العزيزة المباركة ثم قعد قال فما رأيت رسول الله أكثر اشتبشارا بقراءة أحد مثل ما كان بقراءتي عليه قواعد العقائد ثم انتبهت من النوم وعلى عيني أثر الدمع مما رأيت من تلك الأحوال والمشاهدات والكرامات فإنها كانت نعمة جسيمة من الله تعالى سيما في آخر الزمان مع كثرة الأهواء فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على عقيدة أهل الحق ويحيينا ويميتنا عليها ويحشرنا معهم ومع الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فإنه بالفضل جدير وعلى ما يشاء قدير قال الشيخ الإمام أبو القسم الإسفرايني هذا معنى ما حكى لي أبو الفتح الساوي إنه رآه في المنام لأنه حكاه لي بالفارسية وترجمته أنا بالعربية وتتمة الفصل الأول من فصول قواعد العقائد الذي يتم به الإعتقاد ولم يتفق قراءته إياه على رسول الله ومن المصلحة إثباته ليكون الإعتقاد تاما في نفسه غير ناقص لمن أراد تحصيله وحفظه بعد قوله وإنه تعالى بعث النبي الأمي القرشي محمدا برسالته إلى كافة العرب والعجم والجن والإنس فنسخ بشرعه الشرائع إلا ما قرر وفضله

على سائر الأنبياء وجعله سيد البشر ومنع كمال الإيمان بشهادة التوحيد وهو قول لا إله إلا الله ما لم يقترن به شهادة الرسول وهو قول محمد رسول الله فألزم الخلق تصديقه في جميع ما أخبر عنه من الدنيا والآخرة وإنه لا يتقبل إيمان عبد حتى يوقن بما أخبر عنه بعد الموت وأوله سؤال منكر ونكير وهما شخصان مهيبان هائلان يقعدان العبد في قبره سويا ذا روح وجسد فيسألانه عن التوحيد والرسالة ويقولان من ربك وما دينك ومن نبيك وهما فتانا القبر وسؤالهما أول فتنة القبر بعد الموت وأن يؤمن بعذاب القبر وإنه حق وحكمة وعدل على الجسم والروح على ما يشاء ويؤمن بالميزان ذي الكفتين واللسان وصفته في العظم مثل إنه مثل طباق السموات والأرض توزن فيه الأعمال بقدرة الله تعالى والسنج يومئذ مثاقيل الذر والخردل تحقيقا لتمام العدل وتطرح صحائف الحسنات في صورة حسنة في كفة النور فيثقل بها الميزان على قدر درجاتها عند الله بفضل الله تعالى وتطرح صحائف السيآت في كفة الظلمة فيخف بها الميزان بعدل الله تعالى وأن يؤمن بأن الصراط حق وهو جسر ممدود على متن جهنم أحد من السيف وأدق من الشعر تزل عليه أقدام الكافرين بحكم الله تعالى فيهوي بههم إلى النار ويثبت عليه أقدام المؤمنين فيساقون إلى دار القرار وأن نؤمن بالحوض المرود حوض محمد يشرب منه المؤمنون قبل دخول الجنة وبعد جواز الصراط من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا عرضه مسيرة شهر ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل حوله

أباريق عددها عدد نجوم السماء فيه ميزابان يصبان من الكوثر ويؤمن بيوم الحساب وتفاوت الخلق فيه إلى مناقش في الحساب وإلى مسامح فيه إلى من يدخل الجنة بغير حساب وهم المقربون فيسأل من شاء من الأنبياء عن تبليغ الرسالة ومن شاء من الكفار تكذيب المرسلين ويسأل المبتدعة عن السنة ويسأل المسلمين عن الأعمال ويؤمن بإخراج الموحدين من النار بعد الإنتقام حتى لا يبقى في جهنم موحد بفضل الله تعالى ويؤمن بشفاعة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ثم سائر المؤمنين كل على حسب جاهه ونزلته ومن بقى من المؤمنين ولم يكن له شفيع أخرج بفضل الله تعالى ولا يخلد في النار مؤمن بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان وأن يعتقد فضل الصحابة وترتيبهم وأن أفضل الناس بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم وأن يحسن الظن بجميع الصحابة ويثني عليهم كما أثنى الله تعالى ورسوله عليهم السلام وعليهم أجمعين فكل ذلك مما وردت به الأخبار وشهدت به الآثار فمن اعتقد جميع ذلك موقنا به كان من أهل الحق وعصابة السنة وفارق رهط الضلال والبدعة فنسأل الله تعالى كمال اليقين والثبات في الدين لنا ولكافة المسلمين إنه أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين ومنهم الإمام أبو بكر الشاشي رحمه الله وإسمه محمد بن أحمد بن الحسين تفقه على الشيخ أبي اسحاق

الشيرازي وغيره وكان معيدا له وولي التدريس بالمدرسة النظامية وغيرها ببغداد وله تصانيف كثيرة حسنة وتفقه به جماعة أئمة كالقاضي الإمام أبي العباس بن الرطبي وإبنه أبي المظفر وأبي محمد ابني أبي بكر وغيرهم وذكر شيخنا الشيخ أبو محمد بن الأكفاني إنه مات في يوم السبت الخامس والعشرين من شوال سنة سبع وسبعين وخمسمائة قال وإليه انتهت الرياسة لأصحاب الشافعي رحمه الله عليه ببغداد ومنهم الإمام أبو القسم الأنصاري النيسابوري رحمه الله سمعت الشيخ أبا بكر محمد بن عبد الله بن حبيب الفقيه العامري ببغداد وثنا عنه بحديث يحسن عليه الثناء ويقول كان عالما إماما في التفسير والأصول وذكر الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل فيما كتب إلي قال سلمان بن ناصر بن عمران بن محمد بن إسماعيل بن اسحق بن يزيد ابن زياد أبو القسم الأنصاري الإمام الدين الورع الزاهد فريد عصره في فنه وكان له معرفة بالطريقة وقدم في التصوف ونظر دقيق وفكر في المعاملة وتصاون في النفس وعفاف في الطعم وكان حسن الطريقة دقيق النظر واقفا على مسالك الأئمة وطرقهم في علم الكلام بصيرا بمواعظ الأشكال مع قصور في تقرير لسانه وكانت معرفته فوق نطقه ومعناه أوفر من ظاهره وفحواه وعاش عيش الأبرار على سيرة السلف الصالحين وتوفي صبيحة يوم الخميس الثاني والعشرين من جمادي الآخرة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة

منهم الإمام ابن الإمام أبو نصر بن أبي القسم القشيري رحمه الله كتب إلي الشيخ أبو الحسن بن إسماعيل الفارسي قال عبد الرحيم ابن عبد الكريم بن هوازن القشيري أبو نصر إمام الأئمة وحبر الأمة وهو الأول من ولد الإمام بعد العصبة الدقاقية من أولاده أشبههم به خلقا حتى كأنه شق منه شقا رباه أحسن تربية وزقه العربية في صباه زقا حتى تخرج به وبرع فيها وكمل في النثر والنظم فحاز فيهما قصب السبق وكان يبث السحر بأقلامه على الرق استوفى الحظ الأوفى من علم الأصول والتفسير تلقيا من والده ورزق من السرعة في الكتابة ما كان يكتب كل يوم طاقات على الإتعياد لا يلحقه فيه كبير مشقة حتى حصل أنواعا من العلوم الدقيقة والحساب الذي يحتاج فيه إلى علم الشريعة ولما توفي أبوه انتقل إلى مجلس إمام الحرمين وواظب على درسه وصحبته ليلا ونهارا ولزمه عشيا وأبكارا حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف وجرد عليه الأصول وكان الإمام يعتد به ويستفرغ أكثر أيامه معه مستفيدا منه بعض مسائل الحساب في الفرائض والدور والوصايا فلما فرغ من تحصيل الفقه تأهب للخروج إلى الحج وحين وصل إلى بغداد وعقد المجلس ورأى أهل بغداد فضله وكماله وعاينوا خصاله بدا له من القبول عندهم ما لم يعهد مثله لأحد قبله وحضر مجلسه الخواص ولزم الأئمة مثل الإمام أبي اسحق الشيرازي رحمه الله الذي هو فقيه العراق في وقته عتبة منبره وأطبقوا على إنهم لم يروا مثله في

تبحره وخرج إلى الحج ولما عاد كان القبول عظيما وزائدا على ما كأن من قبل وبلغ الأمر في التعصب له مبلغا كاد يؤدي إلى الفتنة وقلما كان يخلو مجلسه من إسلام جماعة من أهل الذمة وخرج بعد من قابل راجعا إلى الحج في أكمل حرمة وترفه في خدمة من أمير الحاج وأصحابه وعاد إلى بغداد وأمر القبول بحاله والفتنة مشرئبة تكاد تضطرم فبعث إليه نظام الملك يستحضره من بغداد يعني إلى أصبهان فأكرم مورده وبقى أهل بغداد عطاشا إليه وإلى كلامه منهم من لم يفطر عن الصوم سنين بعده ومنهم من لم يحضر من بعده مجلس تذكير قط وأشار الصاحب عليه بالرجوع إلى خراسان ووصله بصلات سنية ودخل قزوين ولقي بها قبولا تاما وحصل منهم على قريب من ألف دينار ولما عاد استقبله الأئمة والصدور وكان يواظب بعد ما لقي من القبول على درس الإمام إمام الحرمين ويشتغل بزيادة التحصيل وكان أكثر صغوا في آخر أيامه إلى الرواية قلما يخلو يوم من أيامه إلا ما شاء الله عن مجلس الحديث أو مجلسين وتوفي عديم النظير فريد الوقت بقية أكابر الدنيا ضحوة يوم الجمعة الثامن والعشرين من جمادي الاخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة ومن ظريف ما حكي من أحواله قال مرضت بمكة مرضا شديدا مخوفا ايست فيه من الحياة فدخل علي الشيخ مكي لم أعرفه ولم أطلبه وبيده مفتاح الكعبة وهو من بني شيبة خزنة البيت فقال لي افتح ففتحت فمي فأدخل المفتاح في فمي وأداره فيه ثم مسح سائر أعضائي بذلك المفتاح على لين

ورفق فبرأت من علتي فكأنما انشطت من عقال ببركة ذلك المفتاح وعافاني الله في الوقت ومما وقع إلى الإمام العالم الحافظ الثقة بهاء الدين ناصر السنة محدث الشام أبي محمد القسم بعد وفاة والده الإمام العالم الحافظ شيخ الإسلام أبي القسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي رحمه الله من الفوائد التي تليق بهذا الكتاب محضر بخط بعض أصحاب الإمام العالم أبي نصر عبد الرحيم بن الأستاذ أبي القسم القشيري فيه خطوط الأئمة بتصحيح مقاله وموافقته في إعتقاده على الوجه الذي هو مذكور في هذا الكتاب فأوقفنا عليه شيخنا أبو محمد القسم واسمعناه وأمرنا بكتابته فاكتتبناه على ما هو عليه وأثبتناه في هذه الترجمة اللائقة به وهو بسم الله الرحمن الرحيم يشهد من ثبت إسمه ونسبه وصح نهجه ومذهبه واختبر دينه وأمانته من الأئمة الفقهاء والأماثل العلماء وأهل القرآن والمعدلين الأعيان وكتبوا خطوطهم المعروفة بعباراتهم المألوفة مسارعين إلى أداء الأمانة وتوخوا في ذلك ما تحظره الديانة مخافة قوله تعالى ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله إن جماعة من الحشوية والأوباش الرعاع المتوسمين بالحنبلية أظهروا ببغداد من البدع الفظيعة والمخازي الشنيعة مالم يتسمح به ملحد فضلا عن موحد ولا تجوز به قادح في أصل الشريعة ولا معطل ونسبوا كل من ينزه الباري تعالى وجل عن النقائص والافات وينفي عنه الحدوث والتشبيهات ويقدسه عن الحلول والزوال ويعظمه عن التغير من حال إلى حال وعن حلوله

في الحوادث وحدوث الحوادث فيه إلى الكفر والطغيان ومنافاة أهل الحق والإيمان وتناهوا في قذف الأئمة الماضين وثلب اهل الحق وعصابة الدين ولعنهم في الجوامع والمشاهد والمحافل والمساجد والأسواق والطرقات والخلوة والجماعات ثم غرهم الطمع والإهمال ومدهم في طغيانهم الغي والضلال إلى الطعن فيمن يعتضد به أئمة الهدى وهو للشريعة العروة الوثقى وجعلوا أفعاله الدينية معاصي دنية وترقوا من ذلك إلى القدح في الشافعي رحمة الله عليه وأصحابه واتفق عود الشيخ الإمام الأوحد أبي نصر ابن الأستاذ الإمام زين الإسلام أبي القسم القشيري رحمة الله عليه من مكة حرسها الله فدعا الناس إلى التوحيد وقدس البري عن الحوادث والتحديد فاستجاب له أهل التحقيق من الصدور الفاضل السادة الأماثل وتمادت الحشوية في ضلالتها والإصرار على جهالتها وأبو إلا التصريح بأن المعبود ذو قدم وأضراس ولهوات وأنامل وإنه ينزل بذاته ويتردد على حمار في صورة شاب أمرد بشعر قطط وعليه تاج يلمع وفي رجليه نعلان من ذهب وحفظ ذلك عنهم وعللوه ودونوه في كتبهم وإلى العوام ألقوه وأن هذه الأخبار لا تأويل لها وأنها تجري على ظواهرها وتعتقد كما ورد لفظها وإنه تعالى يتكلم بصوت كالرعد كصهيل الخيل وينقمون على أهل الحق لقولهم أن الله تعالى موصوف بصفات الجلال منعوت بالعلم والقدرة والسمع والبصر والحياة والإرادة والكلام وهذه الصفات قديمة وإنه يتعالى عن قبول الحوادث ولا يجوز تشبيه ذاته بذات المخلوقين ولا تشبيه كلامه بكلام

المخلوقين ومن المشهور المعلوم ان الأئمة الفقهاء على إختلاف مذاهبهم في الفروع كانوا يصرحون بهذا الإعتقاد ويدرسونه ظاهرا مكشوفا لأصحابهم ومن هاجر من البلاد إليهم ولم يتجاسر أحد على إنكاره ولا تجوز متجوز بالرد عليهم دون القدح والطعن فيهم وان هذه عقيدة أصحاب الشافعي رحمة الله عليه يدينون الله تعالى بها ويلقونه باعتقادها ويبرؤن إليه من سواها من غير شك ولا إنحراف عنها وما لهذه العصابة مستند ولا للحق مغيث يعتمد إلا الله تعالى ورأفة المجلس السامي الأجلي العالمي العادلي القوامي النظامي ارضوي أمتعه الله بحياة يأمن خطوبها باسمة فلا يعرف قطوبها فإن لم ينصر ما أظهره ويشيد ما أسسه وعمره بأمر جزم وعزم حتم يزجر أهل الغواية عن غيهم ويردع ذوي الاعناد عن بغيهم ويامر بالمبالغة في تأديبهم رجع الدين بعد تبسمه قطوبا وعاد الإسلام كما بدأ غريبا وعيونهم ممتدة إلى الجواب بنيل المأمول والمراد وقلوبهم متشوفة إلى النصرة والإمداد فإن هو لم ينعم النظر في الحادث الذي طرقهم ويصرف معظم هممه العالية إلى الكارث الذي أزعجهم وأقلقهم ويكشف عن الشريعة هذه الغمة ويحسم نزعات الشيطان بين هذه الأمة كان عن هذه الظلامة يوم القيامة مسؤولا إذ قد أديت إليه النصائح والأمانات من أهل المعارف والديانات وبرئوا من عهدة ما سمعوه بما أدوه إلى سمعه العالي وبلغوه والحجة لله تعالى متوجهة نحوه بما مكنه في شرق الأرض وغربها وبسط قدرته في عجمها وعربها وجعل إليه القبض والإبرام واصطفاه من جميع الأنام فما ترد

نواهيه وأوامره ولا تعصى مراسمه وزواجره والله تعالى بكرمه يوفقه ويسدده ويؤيد مقاصده ويرشده ويقف فكرته وخواطره على نصرة ملته وتقوية دينه وشريعته بمنه ورأفته وفضله ورحمته صورة الخطوط الأمر على ما ذكر في هذا المحضر من حال الشيخ الإمام الأوحد أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري أكثر الله في أئمة الدين مثله من عقد المجالس وذكر الله عزوجل بما يليق به من توحيده وصفاته ونفى التشبيه عنه وقمع المبتدعة من المجسمة والقدرية وغيرهم ولم أسمع منه غير مذهب أهل الحق من أهل السنة والجماعة وبه أدين الله عزوجل وإياه اعتقد وهو الذي أدركت أئمة أصحابنا عليه واهتدى به خلق كثير من المجسمة وصاروا كلهم على مذهب أهل الحق ولم يبق من المبتدعة إلا نفر يسير فحملهم الحسد والغيظ على سبه وسب الشافعي وأئمة أصحابه ونصار مذهبه وهذا أمر لا يجوز الصبر عليه ويتعين على المولى أعز الله نصره التنكيل بهذا النفر اليسير الذين تولوا كبر هذا الأمر وطعنوا في الشافعي واصحابه لأن الله عزوجل أقدره وهو الذي برأ في هذا البلد باعزاز هذا المذهب بما بنى فيه من المدرسة التي مات كل مبتدع من المجسمة والقدرية غيظا منها وبما يرتفع فيها من الأصوات بالدعاء لأيامه أستجاب الله فيه صالح الأدعية ومتى أهمل نصرهم لم يكن له عذر عند الله عزوجل وكتب إبراهيم بن علي الفيروزأباذي

الأمر على ماذكر في هذا المحضر من حال الشيخ الإمام الأوحد أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري جمل الله الإسلام به وكثر في أئمة الدين مثله من عقد المجالس وذكر الله عزوجل بما وصف به نفسه من التنزيه ونفي التشبيه عنه وقمع المبتدعة من المجسمة والقدرية وغيرهم ولم نسمع منه غير مذهب أهل الحق من أهل السنة والجماعة وبه ندين الله عزوجل وهو الذي كان عليه أئمة اصحابنا واهتدى به خلق كثير من المجسمة واليهود والنصارى فصاروا أكثرهم على مذهب أهل الحق ولم يبق من المبتدعة إلا نفر يسير فحملهم الحسد والغيظ على سبه وسب الشافعي رضي الله عنه ونصار مذهبه حتى ظهر ذلك بمدينة السلام وهذا الأمر لا يحل الصبر عليه ويتعين على من بيده قوام الدين والنظر في أمور المسلمين أن ينظر في هذا ويزيل هذا المنكر فإن من يقدر على إزالته ويتوقف فيه يأثم ولا نعلم اليوم من جعل الله سبحانه أمر عباده إليه إلا المولى أعز الله أنصاره فيتعين عليه الإنكار على هذه الطائفة والتنكيل بهم لأن الله سبحانه أقدره على ذلك وهو المسؤل عنه غدا أن توقف فيه وصار قصد المبتدعة أكثره معاداة الفقهاء الذين هم سكان المدرسة الميمونة فإنهم يموتون غيظا منهم لما هم عليه من مذاكرة علم الشافعي وإحياء مذهبه وكتب الحسين بن محمد الطبري الأمر على ما شرح في صدر هذا المحضر وكتب عبيد الله بن سلامة الكرخي

الأمر على ما ذكر في هذا المحضر من حال الشيخ الإمام الأوحد أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري أدام الله حراسته من عقد المجالس للوعظ والتذكير في المدرسة النظامية المعمورة والرباط وأطنب في توحيد الله عزوجل والثناء عليه بما يستوجبه من صفات الكمال وتنزيهه عن النقائص ونفي التشبيه عنه واستوفى في الإعتقاد ما هو معتقد أهل السنة باوضح الحجج وأقوى البراهين فوقع في النفووس كلامه ومال إليه الخلق الكثير من العامة ورجع جماعة كثيرة عن إعتقاد التجسيم والتشبيه واعترفت بانها لآن بان لها الحق فحسده المبتدعة المجسمة وغيرهم فحملهم ذلك على بسط اللسان فيه غيظا منه وسب الشافعي رحمةالله عليه وأئمة أصحابه ومن ينصرهم وتظاهروا من ذلك بما لا يمكن الصبر معه ويتعين على من جعل الله إليه أمر الرعية أن يتقدم في ذلك بما يحسم مادة الفساد لأن سبب ذلك فرط غيظهم من اجتماع شمل العصابة الشافعية في الاشتغال بالعلم بعمارة المدرسة الميمونة وتوفرهم على الدعاء لأيام من به عزهم ولا عذر للتفريط في ذلك وكتب محمد بن أحمد الشاشي الأمر على ماذكر فيه وكتب سعد الله بن محمد الخاطب الأمر على المشروح في هذا الصدر من حال الشيخ الإمام الأوحد أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري أكثر الله في أئمة أهل العلم مثله من عقد المجالس ونشر العلم ووصف الله تعالى بما وصف به نفسه من توحيده وصفاته ونفي التشبيه عنه وقمع أهل البدع من

المجسمة والقدرية وغيرهم ولم أسمع منه عدولا عن مذاهب اهل الحق والسنة والدين القويم والمنهج المستقيم الذي به يدان الله تعالى ويعبد ويعمل به ويعتقد فاهتدى بهديه خلق من المخالفين وصار إلى قوله ومعتقده جمع كثير إلا من شقي به من الحاسدين فأخلدوا إلى ذمه وسبه وسب أئمة الشافعيين وقدحوا في الشافعي وأصحابه وصرحوا بالطعن فيهم في الأسواق وعلى رؤوس الأشهاد وهذه غمة ورده لا يرجى لكشفها بعد الله تعالى إلا المجلس السامي الأجلي النظامي القوامي العادلي الرضوي أمتع الله الدنيا والدين ببقائه وحرس على الإسلام والمسلمين ظليل ظله ونعمائه ويفعل الله ذلك بقدرته وطوله ومشيئته وكتب الحسين ابن أحمد البغدادي حضرت المدرسة النظامية المنصورة المعمورة أدام الله سلطان إعزازها والرباط المقدس للصوفية أجاب الله صالح أدعيتهم في المسلمين مجالس هذا الشيخ الأجل الإمام ناصر الدين محي الإسلام أبي نصر عبد الرحيم ابن الأستاذ الإمام زين الإسلام أبي القسم القشيري أحسن الله عن الشريعة جزاءه فلم أسمع منه قط إلا ما يجب على كل مكلف علمه وتصحيح العقيدة به من علم الأصول وتنزيه الحق سبحانه وتعالى ونفي التشبيه عنه وإقماع الأباطيل والأضاليل وإظهار الحق والصدق حتى أسلم على يديه ببركة التوحيد والتنزيه من أنواع أهل الذمة عشرات ورجع إلى الحق وعلم الصدق من المبتدعة مئات وتبعه خلق غير محصور بحيث لم يستطع أحد ممن تقدم أو علماء العصر أن يشقوا غباره في مثل

ذلك فخامرهم الحسد وعداوة الجهل وحملهم على الطعن فيه عدوانا وبهتانا ثم تمادى بهم الجهل إلى اللعن الظاهر للإمام الشافعي قدس الله روحه وسائر أصحابه عجما وعربا وقائلو ذلك شرذمة من ناشية أغبياء المجسمة وطائفة من أرذال الحشوية استغنوا من الإسلام بالإسم ومن العلم بالرسم وتبعهم سوقة لا نسب لهم ولا حسب وتظاهرت هذه اللعنة منهم في الأسواق ولم يستحسن أحد من أصحابه كثرهم الله دفع السفاهة بالسفاهة والسيئة بالسيئة ويجب على الناظر في امور المسلمين من الذي قد انتشر في المشارق والمغارب علمه وعدله وأمره ونهيه الذي لطاعته نبات صدور الأولياء والأعداء رغبة ورهبة نصرته ومد ضبعيه والشد على يديه وتقديم كلمته العليا وتدحيض كلمة أعدائه السفلى فالصبر في الصدمة الأولى وهذه الصدمة التي كانت قلوب أصحاب الشافعي كثرهم الله وغره وغلة شغله بها منذ سنين فانقشع ذلك وانكشف في هذه الأيام المؤيدة المنصورة المؤبدة النظامية القوامية العالمية العادلية نصرها لله وأعلاها وقد وقف تمامه على الأمر الماضي المنصور منه فإن في شعبة من شعب عنايته ونصرته وكلمته للدين الذي مد أطراره كفاية وبلاغا وعلى الغارس تعهد غراسه فضلا وتعصبا في كل وقت وكتب عزيزي بن عبد الملك في التاريخ حامدا لله ومصليا على محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم وشرف وكرم

ومنهم شيخنا الإمام أبو علي الحسن بن سليمان الأصبهاني رحمه الله كان أبوه أديبا من أهل النهروان وأن يعرف بابن الفتى فسكن أصبهان

وكان يؤدب أولاد نظام الملك وولد له الحسن بأصبهان فتأدب بأبيه وتفقه على الإمام أبي بكر بن محمد بن ثابت الخجندي مدرس مدرسة نظام الملك بأصبهان وعلى غيره وولي قضاء خوزستان ثم ولي تدريس المدرسة النظامية ببغداد إذ كنت بها وكان ممن يملأ العين جمالا والأذن بيانا ويربي على أقرانه في النظر لأنه كان أفصحهم لسانا وخرج عن بغداد ثم عاد إليها وقد شرع في عقد مجالس التذكير وأنشأ الخطب في التوحيد التي هو فبها عدتم النظير وظهر له القبول التام ولكن لم تمتد

له فيه الأيام فورد علي بعد عودي من بغداد كتاب الشريف أبي المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري فذكر أنه توفي في يوم الاثنين الخامس من شوال سنة خمس وعشرين وخمسماية وبلغني عن عير بي المعمر أنه سئل في بعض مجالسه عن علامة قبول الصوم فقال أن نموت في شوال قبل التلبس بسيء الأعمال فمات في شوال بعد تأدية صوم شهر رمضان وأظهر أهل بغداد عليه من الجزع ما لم يعهد مثله ودفن بتربة الشيخ أبي اسحق ومنهم الشيخ الإمام أبو سعيد أسعد بن أبي نصر بن الفضل العمري الميهني رحمه الله صاحب التعليق المحشو بالتحقيق المبرز في علم الخلاف المشهور في سائر البلدان والأطراف تفقه بمرو على الشيخ الإمام أبي المظفر منصور ابن محمد بن عبد الجبار السمعانى المرزوي وقرأ الأصول على كبر السن على شيخنا الإمام أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي رحمه الله واشتغل بخدمة بعض أسباب السلطان ثم ولي تدريس المدرسة النظامية ببغداد غير مرة وعلق عنه جماعة من الفقهاء وانتفعوا بطريقته وكان مشهورا بحسن النظر موصوفا بقوة الجدل ونسخ بتعليقه سائر التعاليق شاهدته ببغداد ولم أسمع منه شيئا وتوفي بهمذان في سنة سبع وعشرين وخمسماية على ما كتب به إلى أبو المعمر

ومنهم شيخنا الشريف الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى ابن حني العثماني الديباجي المقدسي رحمه الله ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة ببيروت من ساحل دمشق ولقي الفقيه أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي رحمه الله ببيت المقدس ولزم صاحبه القاضي يحيى بن يحيى المقدسي الذي خلفه في مدرسته بعد خروجه عن بيت المقدس وتفقه أيضا بالقاضي حسين الطبري نزيل مكة وسكن بغداد وكان يفتي بها ويناظر ويذكر وكانت مجالس تذكيره قليلة الحشو مشحونة بالفوائد على طريقة تذكير المتقدمين وكان كما كتب إليه بعض أهل الفضل متمثلا في حقه بقول بعض الشعراء ... مبارك الطلعة ميمونها ... يصلح للدنيا وللدين ... كتب إلي الشريف أبو المعمر يذكر إنه مات يوم الأحد السابع عشر من صفر سنة سبع وعشرين وخمسماية ومنهم شيخنا القاضي الإمام أبو العباس أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن مخلد المعروف بابن الرطبي رحمه الله من أهل كرخ بعقوبا تفقه بالشيخ أبي اسحق إبراهيم بن علي الشيرازي بشيراز ثم لزم الشيخ الإمام أبا بكر الشاشي بعد وفاة الشيخ أبي اسحق ورحل بأصبهان وتفقه بالإمام أبي بكر محمد بن ثابت بن الحسين الخجندي مدرس النظامية بأصبهان وسمع بها شيئا من الحديث

ورجع إلى العراق وكان يتزهد في إبتداء أمره ثم تقدم عند الخلفاء ولي قضاء نهر معلا ببغداد والحسبة والنظر في الوقوف وفي أمر ترب الخلفاء والصلاة بأمير المومنين المسترشد بالله رحمه الله وتأديب ولده أبي جعفر المنصور الراشد بالله وكان مقدما في المعرفة بالمذهب والخلاف حسن المناظرة حلو العبارة سمعت الشيخ أبا عبد الله المقدسي وقال له بعض الفقهاء لقد ظهر اليوم كلام القاضي أبي العباس على كلام الشيخ الإمام أسعد ومتى لم يظهر كلام القاضي على كلامه مات ليلة الاثنين مستهل رجب سنة سبع وعشرين وخمسماية ودفن في تربة الشيخ أبي اسحق الشيرازي كتب إلى بذلك أبو المعمر ومنهم شيخنا الإمام أبو عبد الله الفراوي النيسابوري رحمه الله حدثني الشيخ أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمد بن أبي نصر الطبسي بنيسابور قال وجدت بخط الإمام أبي مسعود الفضل بن أحمد الصاعدي قال حكى لي الأمير أبو الحسن علي بن الحسن السيمجوري القايني رحمه الله يوم السبت سلخ رجب عظم الله بركته سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة قال إني كنت أول من أمس بين النائم واليقظان فرأيت كأنك حضرت عندي وقلت لي أن الصوفية جعلوا ولدك محمدا نائبهم في عقد المجلس فكما سمعت منك هذا المقال رأيت رسول الله جالسا كشبه المتكىء حاسرا عن رأسه وبجنبه شخص علمت إنه عائشة رضي الله عنها ثم أن ولدك أنشد بين يدي رسول الله صلى عليه وسلم

القصيدة المنظومة في الإعتقاد التي مفتتحها ... بحمد الله أفتتح المقالا ... وقد جلت أياديه تعالى ... من إنشاد الأستاذ الإمام أبي القسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ثم إنه جرى على لسان ولدك محمد في أثناء إنشاده بين يدي رسول الله هذه القصيدة شيء فقال له رسول الله كيف قلت كالمستدرك عليه فرجع إلى أبيات قبلها فأنشدها بين يدي رسول الله إلى أن فرغ من إنشاد تمام القصيدة ثم قال له رسول الله جعلتك نائبي في عقد المجلس ثم في الحال جاءت فاطمة عليها السلام وجلست بين يدي رسول الله وبين عائشة فقال لها رسول الله يغرمها يعني على ما فاتها بعد قيامها من جنبه حال إنشاد هذا الصبي ورأيت على ولدك في تلك الحالة ثيابا بيضا ثم ذكر الأمير أبو الحسن السيمجوري هذه الرؤيا بين يدي جماعة المتصوفة بنيسابور في خانقاه الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي فكلهم أعجبوا بهذه البشارة توفي الأمير أبو الحسن رحمه الله في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة وكتب إلي الشيخ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل قال ذكر لي الإمام محمد إنه لما فرغ من زيارة قبر النبي حين كان بالمدينة وأراد أن يخرج من المسجد تذكر هذه الرؤيا فوقف وأستأذن من الروضة في عقد المجلس كما أشار إليه في الرؤيا فوجد شبه تعريف إنه

أذن له فيه والله أعلم قال عبد الغافر وهذا وأمثاله مما يشاهد من احواله وسيرته عيانا لا يحتاج إلى الإستضاءة فيه بنقل رؤيا أو حكاية وقال عبد الغافر أيضا محمد بن الفضل بن أحمد أبو عبد الله الصاعدي الفراوي الإمام فقيه الحرم البارع في الفقه والأصول الحافظ للقواعد نشأ بين الصوفيه في حجورهم ووصل إليه بركات أنفاسهم سمع التصانيف والأصول من الإمام زين الإسلام ودرس عليه الأصول والتفسير ثم اختلف إلى مجلس إمام الحرمين ولازم درسه ما عاش وتفقه عليه وعلق عنه الأصول وصار من جملة المذكورين من أصحابه وخرج حاجا إلى مكة وعقد المجلس ببغداد وسائر البلاد وأظهر العلم بالحرمين وكان منه بهما أثر وذكر ونشر العلم وعادإلى نيسابور وما تعدى قط حد العلماء ولا سيرة الصالحين من التواضع والتبذل في الملابس والمعايش وتستر بكتبة الشروط لإتصاله بالزمرة الشحامية مصاهرة ليصون بها عرضه وعلمه عن توقع الارفاق ويتبلغ بما يكتسبه منها في أسباب المعيشة من فنون الأرزاق وقعد للتدريس في المدرسة الناصحية برأس سكة عمار وأفاده الطلبة فيها وقام بإمامة مسجد أبي بكر المطرز وقد سمع المسانيد والصحاح وأكثر عن مشايخ عصره مثل أبي الحسين عبد الغافر وأبي سعد الجنزروذي وأبي سعيد الخشاب الصوفي وطبقتهم وله مجالس الوعظ والتذكير المشحونة بالفوائد والمبالغة في النصح وحكايات المشايخ وذكر أحوالهم وإلى الإمام محمد الفاروي كانت رحلتي الثانية لأنه كان المقصود بالرحلة في تلك الناحية لما اجتمع فيه من علو الإسناد

ووفور العلم وصحة الإعتقاد وحسن الخلق ولين الجانب والأقبال بكليته على الطالب فأقمت في صحبته سنة كاملة وغنمت من مسموعاته فوائد حسنه طائلة وكان مكرما لموردي عليه عارفا بحق قصدي إليه ومرض مرضة في مدة مقامي عنده نهاه الطبيب عن التمكين من القراءة عليه فيها وعرفه أن ذلك ربما كان سببا لزيادة تألمه فقال لا أستجيز أن أمنعهم من القراءة وربما أكون قد حبست في الدنيا لأجلهم فكنت أقرأ عليه في حالة مرضه وهو ملقى على فراشه ثم عوفي من تلك المرضة وفارقته متوجها إلى هراة فقال لي حين ودعته بعد أن أظهر الجزع لفراقي ربما لا تلقاني بعد هذا فكان كما قال فجاءنا نعيه إلى هراة وكان موته في العشر من شوال سنة ثلاثين وخمسماية ودفن في تربة أبي بكر ابن خزيمة ومنهم شيخنا الإمام أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك بن علي بن عبد الصمد النيسابوري المعروف بالكرماني سئل عن مولده وأنا أسمع فقال في أوائل ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة تفقه على الأستاذ أبي القسم القشيري والإمام أبي المعالي الجويني وكان إماما في الأصول والفقه حسن النظر مقدما في

التذكير سمع الحديث الكثير بإفادة والده أبي صالح الحافظ المعروف بالمؤذن وخرج له والده الفوائد وسكن كرمان إلى أن مات بها وكان وجيها عند سلطانها معظما في أهلها محترما بين العلماء في سائر البلاد لقيته ببغداد سنة إحدى وعشرين وخمسماية وسمعت منه وسأله بعض البغداديين هل قرأت كتاب الإرشاد على الإمام أبي المعالي فقال نعم فاستأذنته في قراءته فأذن له فشرع في قراءته على عادة أصحاب الحديث فلما قرأ منه نحو صفحة قال له إن هذا العلم لا يقرأ كما يقرأ الحديث للرواية وإنما يقرأ شيئا شيئا للدراية فإن أردت أن تقرأه كما قرأناه وإلا فأتركه مات سنة إحدى وثلاثين وخمسماية بكرمان وبلغني وفاته وأنا بأصبهان ومنهم شيخنا الإمام أبو الحسن السلمي الدمشقي رحمه الله وهو أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح بن علي السلمي ابن أبيه أبي بكر محمد بن عقيل الشهرزوري ولد سنة خمسين وأربعمائة أو سنة اثنتين وخمسين وتفقه أولا بالقاضي أبي المظفر عبد الجليل بن عبد الجبار المرزوي نزيل دمشق وغيره وعني بنفسه بكثرة المطالعة والتكرار ولما قدم الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي لازمه وكان معيدا لدرسه ولزم الإمام أبا حامد الغزالي مدة مقامه بدمشق وهو الذي أمره بالتصدر بعد موت الفقيه نصر وكان يثني على علمه ويصف حسن فهمه وانتهى إليه أمر التدريس والفتيا والتذكير

بدمشق فكان أجرى أهل زمانه قلما بالفتوى وأغزرهم علما مع التواضع وقلة الدعوى عالما بالتفسير والأصول والفقه والتذكير والفرائض والحساب والمناسخات وتعبير المنامات مع مارزق من لين الجانب وسلامة الصدر وقضاء حقوق الناس والتوفر على نشر العلم والإرشاد إلى الحق وتحري الصدق إلى أن قبضه الله إلى رحمته ساجدا في الركعة الثانية من صلاة الصبح يوم الأربعاء الثالث عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ومنهم شيخنا الإمام أبو منصور محمود بن أحمد بن عبد المنعم ابن ماشاذه الأصبهاني الفيه الواعظ المفسر رحمه الله من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء الفهماء قدم بغداد حاجا سنة أربع وعشرين وخمسمائة حين كنت بها فلم يبق بها من المذكورين أحد إلا تلقاه إلى ظاهرها وسروا بقدومه السرور التام وأظهر امير المؤمنين المسترشد بالله الإكرام له والأحترام وعقد المجلس في جامع القصر وسر بكلامه ائمة العصر وحضرت مجلسه مرارا ثم لقيته بأصبهان سنة اثنتين وثلاثين وحضرت مجلس إملائه وتذكيره وشاهدت جماعة انتفعوا بارشاده وتبصيره وعاينت علو مرتبته في بلده وحشمته في نفسه وولده وتوفي في الحادي عشر من شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وخمسمائة فجأة بأصبهان كتب إلي بوفاته ثقة

ومنهم الإمام أبو الفتوح محمد بن الفضل بن محمد بن المعتمد الإسفرايني رحمه الله أجرى من رأيته لسانا وجنابا وأكثرهم فيما يورد أعرابا وإحسانا واسرعهم عند السؤال جوابا وأسلسهم عند الإيراد خطابا مع مارزق بعد صحة العقيدة من السجايا الكريمة والخصال الحميدة من قلة المراعاة لأبناء الدنيا وعدم المبالاة بذوي الرتبة العليا والإقبال على إرشاد الخلق وبذل النفس في نصرة الحق والصلابة في الدين وإظهار صحة اليقين وما ينضاف إلى هذه الشيم من سعة النفس وشدة الكرم والتحلي بالتصوف والزهادة والتخلي لوظائف العبادة والاستحقاق لوصف السيادة في آخر عمره بالشهادة بلغني إنه لما وقعت له تلك الواقعة بغداد اجتمع إليه جماعة من أصحابه وشكوا إليه ما يتوقعونه من وحشة فراقه فقال لعل في ذلك خيرة وحكي أن بعض المشايخ جرى له مثل واقعته وقيل له كما قيل له فقال لعل في ذلك خيرة فقيل له وأي خيرة في ذلك فقال لعلي أموت فأقبر إلى جنب رجل صالح فكان كما وقع له خرج من بغداد متوجها إلى خراسان فأصابه مرض البطن فمات غريبا مبطونا شهيدا ودفن ببسطام إلى جنب قبر أبي يزيد البسطامي في شهور سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة وحكى جماعة من أهل بسطام أن قيم مسجد أبي يزيد البسطامي رآه في المنام وهو يقول غدا يجيء أخي ويكون في ضيافتي فقدم الشيخ أبو الفتوح وعمل له وقت وأقام ثلاثة أيام ببسطام ثم مات

وبلغني من وجه آخر أن قيم المسجد أبي يريد رأي أبا يزيد في النوم في الليلة التي في صبيحتها دفن الإمام أبو الفتوح وهو يقول له غدا يقبر إلى جنبي رجل صالح فاحفر له قبرا فأصبح القيم وحفر له القبر وتلقى الصحبة التي قدم به فيها فوجده قد مات فدفنه إلى جنبه وقد كنت لازمت حضور مجالسه ببغداد وداومت الإستماع لكلامه والاستلذاذ فما رأيت مثله واعظا ولا مذاكرا ولا شاهدت نظيره مرشدا مبصرا سمعت الشريف أبا العباس الجوهري يقول حكى لي خادم رباط أبي يزيد ببسطام إنه رأى أبا يزيد البسطامي في المنام يكنس الرباط ويملأ الآنية التي فيه ماء فقلت أنا أكفيك فقال إنه يقدم في غد ضيف أحب أن أتولى خدمته او كما قال فاستيقظت ووجدت الآنية ملأى وقدم علينا الشيخ أبو الفتوح رحمه الله وسمعت أبا يعقوب يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن محمد الشيرازي وكتب لي بخطه يقول سمعت عيسى بن أبي موسى خادم الصوفية ببسطام يقول رأيت الشيخ أبا يزيد في المنام فقال لي قد وصل إلينا ضيف فأكرموه فقدم بعد هذه الرؤيا بأيام الشيخ أبو الفتوح الإسفرايني ومات عن قريب فآثرته بموضع كنت ادخرته لنفسي لأقبر فيه بالقرب من تربة الشيخ أبي يزيد رحمة الله عليه إذ كان أوصاني الشيخ بإكرامه في النوم وسمعت خطيب بسطام يقول نزلت في حفرة الشيخ أبي الفتوح فكان بين حافتي القبر وصدري أربع أصابع فتناولته وتحيرت من الضيقة فإذا أنا بعد ذلك بسعة كثيرة في القبر وكأنه أخذ من يدي فأخذني الغشي وأصعدت من القبر وأنا لا أعقل

ومنهم شيخنا الإمام أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي الأشعري نسبا ومذهبا رحمه الله خاتم الجماعة موتا وذكرا وأحدهم خاطرا في الأصول والفقه وفكرا قرأ علم الكلام على أبي عبد الله محمد ابن عتيق بن محمد القيرواني المتكلم بصور عند اجتيازه إلى العراق وصحب الفقيه أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي مدة مقامه بصور ودمشق وخلفه بعد وفاته في حلقته مقتديا بأفعاله في نشر العلم بقدر طاقته محترما عند الولاة والرعية متحليا بالأوصاف المرضية إلى أن مات ليلة الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وكان مولده سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وقد سمع الحديث من الإمام أبي بكر الخطيب وغيره فهذا آخر ما يسر الله عزوجل لي ذكره ممن اشتهر من العلماء من أصحابه وشرحت أمره ومن لم أذكر منهم أكثر ممن ذكرت والمقصود منه إظهار فضله بفضل أصحابه كما أشرت ولولا خوفي من الإملال للإسهاب وإيثاري الاختصار لهذا الكتاب لتتبعت ذكر جميع الأصحاب وأطنبت في مدحهم غاية الإطناب وكنت أكون بعد بذل الجهد فيه مقصرا ومن تقصيري بالاخلال بذكر كثير منهم معتذرا فكما لا يمكنني إحصاء نجوم السماء كذلك لا اتمكن من إستقصاء

ذكر جميع العلماء مع تقادم الأزمان والعصار وكثرة المشتهرين في البلدان والأمصار وانتشارهم في الأقطار والآفاق من المغرب والشام وخراسان والعراق فاقنعوا من ذكر حزبه بمن سمي ووصف وأعرفوا فضل من لم يسم لكم بمن سمي وعرف ولا تسأموا أن مدح الأعيان وقرض الأئمة فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة فإن قيل أن الجم الغفير في سائر الأزمان وأكثر العامة في جميع البلدان لا يقتدون بالأشعري ولا يقلدونه ولا يرون مذهبه ولا يعتقدونه وهم السواد الأعظم وسبيلهم السبيل الأقوم قيل لا عبرة بكثرة العوام ولا التفات إلى الجهال الغتام وإنما الإعتبار بأرباب العلم والاقتداء بأصحاب البصيرة والفهم وأولئك في أصحابه أكثر ممن سواهم ولهم الفضل والتقدم على من عداهم على ان الله عزوجل قال وما آمن من معه إلا قليل وقال عز من قائل وقليل من عبادي الشكور وقد قال الفضيل بن عياض رحمه الله ما أخبرنا أبو القسم زاهر بن طاهر فيما قرأته عليه عن أبي بكر أحمد بن الحسين الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال سمعت أبا اسحق المزكي يقول حدثني أبو القسم عبدالرحمن بن محمد بن الحسن الواعظ قال حدثنا محمد بن أبي حمزة المرزوي عن أحمد بن أيوب المطوعي قال قال الحسن بن زياد كلمة سمعتها من الفضيل بن عياض قال الفضيل لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها ولا تغترن بكثرة الهالكين فمن ذم بعد وقوفه على كتابي هذا حزب الأشعري فهو مفتر كذاب عليه ما على المفتري

وقد وجدت في جزء يخط بعض الثقات سؤالا يعتقبه ما اذكره بعد من الجوابات نقلته على نصه و نسخته ليقف عليه من ينتفع بمعرفته وهو بسم الله الرحمن الرحيم ما قول السادة الجلة الائمة الفقهاء اجسن الله توفيقهم ورضي عنهم في قوم اجتمعوا على لعن فرقة الأشعرى وتكفيرهم ما الذى يجب عليهم في هذا القول يفتونا في ذلك منعمين مثابين ان شاء الله الجواب وبالله التوفيق ان كل من أقدم على لعن فرقة من المسلمين وتكفيرهم فقد ابتدع وارتكب مالا يجوز الا اقدام عليه وعلى الناظر في الإمور اعز الله انصاره الانكار عليه وتأديبه بما يرتدع هو وأمثاله عن إرتكاب مثله وكتب محمد بن علي الدامغاني وبعده الجواب وبالله التوفيق ان الاشعرية اعيان السنة ونصار الشريعة انتصبوا للرد على المبتدعة من القدرية والرافضة وغيرهم فمن طعن فيهم فقد طعن على أهل السنة واذا رفع امر من يفعل ذلك الى الناظر في أمر المسلمين وجب عليه تأديبه بما يرتدع به كل أحد وكتب ابراهيم بن علي الفيروزباذي وبعده جوابي مثله وكتب محمد بن أحمد الشاشي فهذه أجوبة هؤلاء الأئمة الذين كانوا في عصرهم علماء الامة فأما قاضي القضاة أبو حنيفة أبو عبد الله الحنيفي الدامغاني فكان يقال له في عصره أبو حنيفة الثاني و أما الشيخ الامام أبو اسحق فقد طبق ذكر فضله الآفاق وأما الشيخ اللإمام أبو بكر الشاشي فلا يخفى محله على منته في العلم ولا ناشي فمن وفقه الله للسداد وعصمه من الشقاق والعناد

انتهى الى ماذكروا واكتفى مما عنه أخبروا والله يعصمنا من قول الزور و البهتان ويغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ويجعلنا من التابعين لهم باحسان و يحشرنا معهم في غرف الجنان فأن قيل غاية ما تمدحون به ابا الحسن ان تثبتوا أنه متكلم وتدلونا على انه بالمعرفة برسوم الجدل متوسم ولا فخر في ذلك عند العلماء من ذوي التسنن و الاتباع لأنهم يرون ان من تشاغل بذلك من أهل الابتداع وقد حفظ عن غير واحد من علماء الاسلام عيب المتكلمين وذم الكلام ولو لم يذمهم غير الشافعي رحمه الله لكفى فانه قد بالغ في ذمهم وأوضح حالهم و شفى وأنتم تنتسبون الى مذهبه فهلا اقتديتم في ذلك به فما جاء في ذلك ما أخبرنا الشيخ ابو عبد الله الحسين بن عبد الملك ابن الحسين الخلال بأصبهان قال أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد الثقفي قال أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقري قال ثنا مفضل بن محمد الجندي قال حدثنا اسحق بن ابراهيم الطيري قال ثنا أبو يوسف القاضي عن مجالد عن الشعبي أنه قال من طلب الدين بالكلام ترندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ومن حدث بغرائب الحديث كذب هكذا رواها هذا الطبري عن أبي يوسف ورواها غيرره عن أبي يوسف من قوله وهو أشبه بالصواب أخبرناها الشيخ أبو المعالي محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسين الفارسي قال أنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال انا ابو سعد احمد بن محمد

الماليني ح و أخبرناها الشيخ أبو القسم إسماعيل بن أحمد بن السمر قندي قال أخبرنا أبو القسم إسماعيل بن مسعدة الجرجاني قال لنا أبو القسم حمزة بن يوسف السهمي قالا أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال ثنا جعفر أبن محمد بن الحسن بن المستفاض الغريابي قال حدثني بشر بن الوليد قال سمعت أبا يوسف يقول من طلب الدين بالكلام ترندق وقال السهمي ومن طلب غريب الحديث كذب ومن طلب المال بالكيمياء أفلس قال أبو بكر البيهقي وروي هذا ايضا عن مالك بن أنس قال وانما يريدوالله أعلم بالكلام كلام أهل البدع فإن في عصرهما انما كان يعرف بالكلام أهل البدع فأما أهل السنة فقلما كانوا يخوضون في الكلام حتى إضطروا اليه بعد فهذا وجه من الجواب عن هذه الحكاية وناهيك بقائله ابي بكر البيهقي فقد كان من أهل الرواية والدراية وتحتمل وجها آخر وهو ان يكون المراد بها ان يقتصر على علم الكلام ويترك تعلم الفقه الذي يتوصل به الى معرفة الحلال والحرام ويرفض العمل بما أمر بفعله من شرائع الاسلام ولا يلتزم فعل ما أمر به الشارع وترك ما نهى عنه من الأحكام وقد بلغني عن حاتم بن عنوان الاصم وكان من أفاضل الزهاد وأهل العلم انه قال الكلام أصل الدين والفقه فرعه والعمل ثمره فمن إكتفى بالكلام دون الفقه والعمل تزندق ومن اكتفى بالعمل دون الكلام والفقه ابتدع ومن اكتفى بالفقه دون الكلام والعمل تفسق ومن تفنن في الأبواب كلها تخلص وقد روي مثل قول حاتم الأصم عن بعض أهل العلم أخبرناه الشيخ أبو القسم زاهر بن طاهر المعدل

قال ابو بكر احمد بن الحسين الحافظ قال سمعت السلمي يعني ابا عبد الرحمن يقول سمعت ابا بكر الرازي يقول سمعت غيلان السمرقدي يقول سمعت ابا بكر الوراق يقول من اكتفى بالكلام من العمل دون الزهد والفقه ترندق ومن اكتفى بالزهد دون الفقه والكلام ابتدع ومن اكتفى بالفقه دون الزهد والورع تفسق ومن تفنن في الامور كلها تخلص واما قول الشافعي فيه أخبرنا أبو الاعز قراتكين بن الاسعد الازجي قال اخبرنا ابو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال انا ابو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك قال انا ابو محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي قال ثنا يونس يونس بن عبد الاعلى المصري قال سمعت الشافعي يقول لأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه سوى الشرك خير له من الكلام ولقد اطلعت من اهل الكلام على شئ ماظننت ان مسلما يقول ذلك وأخبرنا قراتكين بن الاسعد قال انا الحسن بن علي قال انا احمد بن صرم المزني ومن ولد عبد الله بن المغفل قال قال ابو ثور سمعت الشافعي يقول ما تردى احد في الكلام فأفلح وأخبرنا الشيخ الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي بدمشق قال انا ابو البركات احمد ابن عبد الله بن علي بن طاوس المقري البغدادي بدمشق قال أخبرنا أبو القسم عبيد الله بن احمد بن عثمان الصيرفي قال لنا أبو علي الحسن بن الحسين بن حمكان الفقيه قال حدثني الزبير بن عبد الواحد قال حدثني أبو عبد الله محمد بن يوسف الهروي

بدمشق قال رأيت في كتاب عن أبي بكر محمد بن الجنيد صاحب أبي ثور قال سمعت أبا ثور يقول سمعت الشافعي يقول من ابتلي بالكلام لم يفلح وأخبرنا الفقيه أبو الفتح قال أنا أبو البركات البغدادي قال أنا أبو القسم الأزهري قال أنا أبو علي بن حمكان قال حدثني الزبير بن عبد الواحد قال حدثني محمد بن يحيى بن آدم الحرشي بمصر قال ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول لو علم الناس ما في الكلام في الهواء لفروا منه كما يفر من الأسد وأخبرنا الشيخ أبو الأعز الأزجي قال أنا أبو محمد الجوهري قال أنا أبو الحسن بن مردك قال أنا أبو محمد بن أبي حاتم الرازي قال ثنا الربيع ابن سليمان المرادي قال رأيت الشافعي وهو نازل في الدرجة وقوم في المجالس يتكلمون بشيء من الكلام فصاح فقال إما أن تجاورونا بخير وإما أن تقوموا عنا فإنما عنى الشافعي بذلك كلام البدعي المخالف عند إعتباره للدليل الشرعي فقد بين زكريا بن يحيى الساجي في روايته هذه الحكاية عن الربيع إنه أراد بالنهي عن الكلام قوما تكلموا في القدر فلذلك حكم بالتبديع ويدل عليه ما أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد ابن الفضل الفراوي قال أنا أبو عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني قال أنا خالي أبو الفضل عمر بن إبراهيم الزاهد قال أنا أبو العباس عبد الله ابن محمد بن جعفر البوشنجي قال ثنا محمد بن اسحق بن خزيمة قال سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول جئت الشافعي بعدما كلم حفص الفرد فقال غبت عنا يا أبا موسى لقد أطلعت من أهل الكلام على شيء والله ما

توهمته قط ولأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله خير له من أن يبتلى بالكلام فالشافعي رحمه الله إنما عنى بمقاله كلام حفص الفرد القدري وأمثاله ويدل عليه ما أخبرنا قراتكين بن الأسعد قال ثنا الحسن بن علي قال أنا علي بن عبد العزيز قال أنا عبد الرحمن ابن أبي حاتم قال ثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي الشافعي يعلم الله يا أبا موسى لقد أطلعت من أصحاب الكلام على شيء لم أظنه يكون ولأن يبتلى المرء بكل ذنب نهى الله عزوجل عنه ما عدا الشرك به خير له من الكلام قال يونس يعني في الأهواء وأخبرنا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد السلمي قال أنا أبو نصر الحسين بن محمد ابن أحمد بن طلاب الخطيب بدمشق قال أنا أبو بكر محمد بن احمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي قال أنا أبو بكر محمد بن بشر الزنبري المعروف بالعكري بمصر قال سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول لأن يلقى الله عزوجل العبد بكل ذنب خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء وأخبرنا الشيخ الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي قال أنا أبو البركات أحمد بن عبد الله المقري قال أنا أبو القسم عبيد الله بن أحمد الأزهري قال انا الحسن بن الحسين الفقيه قال ثنا الزبير بن عبد الواحد الأسد أباذي قال ثنا محمد بن علي المدايني بمصر قال ثنا الربيع بن سليمان قال سمعت محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله يقول لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من هذه الأهواء وذلك إنه رأى قوما

يتجادلون في القدر بين يديه فقال الشافعي في كتاب الله المشيئة له دون خلقه والمشيئة إرادة الله قال الله تعالى وما تشاؤون إلا أن يشاء الله فأعلم عزوجل أن المشيئة له وكان يثبت القدر وأخبرنا الشيخ أبو الأعز بن الأسعد قال أنا الحسن بن علي أبو محمد قال أنا علي بن عبد العزيز قال أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال ثنا الربيع بن سليمان قال حضرت الشافعي وكلمه رجل في المسجد الجامع في مسئلة فطال مناظرته إياه فخرج الرجل إلى شيء من الكلام فقال له دع هذا فإن هذا من الكلام قال أبو محمد بن أبي حاتم قال الحسن بن عبد العزيز الجروي كان الشافعي ينهى النهي الشديد عن الكلام في الأهواء ويقول أحدهم إذا خالفه صاحبه قال كفرت والعلم إنما يقال فيه أخطأت ولعل الشافعي رحمه الله أراد أن صاحب الكلام لا يفلح في غالب مظنونه إذا لم يتعلم من علم الفقه ما يصلح به أمر دينه كما أراد الزنجي بقوله له حين رآه ينظر في جزء معه يشتمل على حديث وجده فيه أو سمعه وذلك فيما أخبرنا الشيخ أبو الفرج سعيد بن أبي الرجا بن أبي منصور الصيرفي بأصبهان قال أنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي بن القسم الكاتب وأبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد الأديب قالا أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقري قال ثنا حسين بن محمد بن غوث الدمشقي قال سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول مر بي مسلم بن خالد وأنا أنظر في كتاب فقال ما هذا يا ابا عبد الله قلت حديث قال ليس تفلح أبدا وإنما أراد مسلم الزنجي أن صاحب الحديث إذا كان يسمعه أو يرويه وهو لا يعرف

ناسخه من منسخوه ولا يقف على معانيه لعدم معرفته بأمر دينه والفقه فيه فهو بعيد من الفلاح فيما يذره منه أو يأتيه والكلام المذموم كلام أصحاب الأهويه وما يزخرفه أرباب البدع المردية فأما الكلام الموافق للكتاب والسنة الموضح لحقائق الأصول عند ظهور الفتنة فهو محمود عند العلماء ومن يعلمه وقد كان الشافعي يحسنه ويفهمه وقد تكلم مع غير واحد ممن ابتدع وأقام الحجة عليه حتى انقطع وقد أخبرنا الشيخان الفقيه أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبو الحسين عبيد الله بن محمد بن أحمد البيهقي قالا أنا ابو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال أنا أبو عبد الرحمن السلمي قال سمعت عبد الله بن محمد بن علي بن زياد يقول سمعت محمد بن اسحق بن خزيمة يقول سمعت الربيع يقول لما كلم الشافعي حفص الفرد فقال حفص القرآن مخلوق فقال له الشافعي رحمه الله كفرت بالله العظيم وأخبرنا الشيخ أبو الأعز قراتكين بن الأسعد قال أنا الحسن بن علي الجوهري قال أنا علي بن عبد العزيز بن مردك قال أنا ابو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال في كتابي عن الربيع بن سليمان قال حضرت الشافعي وحدثني أبو سعيد إلا أني أعلم إنه حضر عبد الله بن عبد الحكيم ويوسف بن عمرو بن يزيد وحفص الفرد وكان الشافعي يسميه المنفرد فسأل حفص عبد الله بن عبد الحكم فقال ما تقول في القرآن فأبى ان يجيبه فسأل يوسف بن عمرو بن يزيد فلم يجبه فكلاهما أشار إلى أن الشافعي فسأل الشافعي فاحتج عليه الشافعي فطالت فيه المناظرة فقام الشافعي بالحجة عليه بأن القرآن كلام الله غير

مخلوق وكفر حفص الفرد قال الربيع فلقيت حفصا في المسجد بعد فقال أراد الشافعي قتلي وأخبرنا الشيخ الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد الشافعي قال أنا أبو البركات أحمد بن عبد الله المقري قال انا أبو القسم عبيد الله بن أحمد الصيرفي قال أنا أبو علي بن حمكان قال حدثني الزبير بن عبد الواحد قال حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الله الشافعي قال ثنا محمد بن اسحق الخفاف قال سمعت أبا العباس البغدادي يقول سمعت الحسن بن عبد العزيز الجروي يقول سمعت الشافعي يقول ماناظرت أحدا أحببت أن يخطىء إلا صاحب بدعة فإني أحب أن ينكشف أمره للناس وأخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال حدثني عبيد الله بن أبي الفتح قال أنا الحسن بن الحسين الهمذاني الفقيه قال حدثني الزبير بن عبد الواحد قال حدثني أبو عيسى يوسف بن يعقوب بن مهران الأنماطي ببغداد قال ثنا أبو سليمان داود بن علي الأصبهاني قال حدثني الحرث بن سريج النقال قال دخلت على الشافعي يوما وعنده أحمد بن حنبل والحسين الفلاس وكان الحسين أحد تلاميذ الشافعي المقدمين في حفظ الحديث وعنده جماعة من أهل الحديث والبيت غاص بالناس وبين يديه إبراهيم بن إسماعيل بن علية وهو يكلمه في خبر الواحد فقلت يا أبا عبد الله عندك وجوه الناس وقد أقبلت على هذا المبتدع تكلمه فقال لي وهو يبتسم كلامي لهذا بحضرتهم أنفع لهم من كلامي لهم قال فقالوا صدق قال فأقبل عليه الشافعي فقال ألست تزعم أن الحجة هي الإجماع

قال فقال نعم فقال له الشافعي خبرني عن خبر الواحد العدل أبا جماع دفعته أم بغير إجماع قال فانقطع إبراهيم ولم يجب وسر القوم بذلك كتب إلي القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن فطيمة البيهقي قاضى خسروجرد قال انا أبو بكر احمد بن الحسين بن على البيهقى قال إنما أراد الشافعي رحمه الله بهذا كلام حفص وأمثاله من أهل البدع وهكذا مراده بكل ما حكي عنه في ذم الكلام وذم أهله غير أن بعض الرواة أطلقه وبعضهم قيده وفي تقييد من قيده دليل على مراده قال البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ قال أنا عبد الله بن محمد بن حيان قال ثنا محمد بن عبد الرحمن بن زياد قال سمعت أبا الوليد بن الجارود يقول دخل حفص الفرد على الشافعي فقال لنا لأن يلقى الله العبد بذنوب مثل جبال تهامة خير له نم أن يلقاه بإعتقاد حرف مما عليه هذا الرجل وأصحابه وكان يقول بخلق القرآن فهذه الروايات تدل على مراده بما أطلق عنه فيما تقدم وفيما لم يذكر ههنا وكيف يكون كلام أهل السنة والجماعة مذموما عنده وقد تكلم فيه وناظر من ناظره وكشف عن تمويه من ألقى إلى سمع بعض أصحابه من أهل الهواء شيئا مما هم فيه وقد ذكرنا قبل هذا مناظرته مع حفص في زيادة الإيمان ونقصانه وذكر الحميدي احسن ما يحتج به على أهل الأرجاء وذكر لأبن هرم ما يحتج به على من انكر الرؤية وقرأت في كتاب أبي نعيم الأصبهاني حكاية عن الصاحب بن عباد إنه ذكر في كتابه بإسناده عن اسحق إنه قال قال أبي كلم الشافعي يوما بعض الفقهاء فدقق عليه وحقق وطالب

وضيق فقلت يا أبا عبد الله هذا لأهل الكلام لا لأهل الحلال والحرام فقال أحكمنا ذلك قبل هذا وذكر البيهقي بعض ما أخبرنا به الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد قال انا أبو البركات احمد بن عبد الله قال أنا ابو القسم عبيد الله بن أحمد قال أنا الحسن بن الحسين بن حمكان قال حدثني أبو أحمد عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل العطار الجرباذقاني بجرباذقان قال حدثني علي بن محمد بن أبان الطبري القاضي قال ثنا أبو يحيى الساجي قال ثنا المزني قال لما وافى الشافعي مصر قلت في نفسي إن كان أحد يخرج ما في ضميري وتعلق به خاطري من أمر التوحيد فهو فصرت إليه وهو جالس في مسجد مصر فلما جثوت بين يديه قلت له إنه قد هجز في ضميري مسئلة في التوحيد فعلمت أن أحدا لا يعلم علمك فما الذي عندك فغضب ثم قال لي أتدري أين أنت جالس قلت نعم أنا جالس بفسطاط مصر في مسجدها بين يدي أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي قال هيهات إنك بثاران وجنبلان يضربك تياره وأنت لا تعلم وهذا هو الموضع الذي غرق فيه فرعون أبلغك أن رسول الله أمر بالسؤال عن ذلك فقلت لا فقال هل تكلم فيه الصحابة فقلت لا فقال لي تدري كم نجم في السماء فقلت لا قال فكوكب من هذه الكواكب الذي تراه تعرف جنسيته طلوعه وأفوله مما خلق قلت لا قال فشيء تراه بعينك خلق ضعيف من خلق الله لست تعرفه تتكلم في علم خالقه ثم سألني عن مسئلة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة اوجه فلم أصب في شيء منه ثم قال لي شيء تحتاج إليه في اليوم مرارا خمسة تدع تعلمه

وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك فارجع إلى الله تعالى وإلى قوله عزوجل وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السموات والأرض الآية فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف علم مالا يبلغه عقلك فقلت فقد تبت أن عدت في ذلك وزاد البيهقي فيها ولأن يبتلى العبد بكل ما خلق الله من مضاره خير له من أن يبتلى بالكلام قال البيهقي ثاران في بحر القلزم يقال فيها غرق فرعون وقومه فشبه الشافعي المزني فيما أورد عليه بعض أهل الإلحاد ولم يكن عنده جواب بمن ركب البحر في الموضع الذي أغرق فيه فرعون وقومه وأشرف على الهلاك ثم علمه جواب ما أورد عليه حتى زالت عنه تلك الشبهة وفي ذلك دلالة على حسن معرفته بذلك وإنه يجب الكشف عن تمويهات أهل الإلحاد عند الحاجة إليه وأراد بالكلام ما وقع فيه أهل الإلحاد من الإلحاد وأهل البدع من البدع والله اعلم فأما استحبابه ترك الحوض فيه والإعراض عن المناظرة فيه مع معرفته به فأخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا الفضل الحسن ابن يعقوب العدل سمعت أبا أحمد محمد بن روح يقول كنا على باب الشافعي نتناظر في الكلام فخرج إلينا الشافعي فسمع بعض ما كنا فيه فرجع عنا فما خرج إلينا إلا بعد سبعة أيام ثم خرج فقال ما منعني من الخروج إليكم علة عرضت ولكن لما سمعتكم تتناظرون فيه أتظنون أني لا أحسنه لقد دخلت فيه حتى بلغت منه مبلغا وما تعاطيت شيئا إلا وبلغت فيه مبلغا حتى الرمي كنت أرمي

بين الغرضين فأصيب من عشرة تسعة ولكن الكلام لا غاية له تناظروا في شيء إن أخطأتم فيه يقال لكم اخطأتم لا تناظروا في شيء إن أخطأتم فيه يقال لكم كفرتم قال البيهقي وفي حكاية المزني عن الشافعي دلالة على إنه كان قد تعلم الكلام وبالغ فيه ثم أستحب ترك المناظرة فيه عند الإستغناء عنها وإنما ذم مذهب القدرية إلا تراه قال بشيء من هذه الأهواء واستحب ترك الجدال فيه وكأنه تبع ما رويناه عن عمر بن الخطاب عن النبي إنه قال لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم الحديث أو غير ذلك من الأخبار الواردة في معناه وعلى مثل ذلك جرى أئمتنا في قديم الدهر عند الإستغناء عن الكلام فيه فإذا احتاجواإليه أجابوا بما في كتاب الله عزوجل ثم في سنة رسول الله من الدلالة على إثبات القدر لله عزوجل وإنه لا يجري في ملكوت السموات والأرض شيء إلا بحكم الله وتقديره وإرادته وكذلك في سائر مسائل الكلام اكتفوا بما فيهما من الدلالة على صحة قولهم حتى حدثت طائفة سموا ما في كتاب الله من الحجة عليهم متشابها وقالوا نترك القول بالأخبار أصلا وزعموا ان الأخبار التي حملت عليهم لا تصح في عقولهم فقام جماعة من أئمتنا رحمهم الله بهذا العلم وبينوا لمن وفق للصواب ورزق الفهم أن جميع ما ورد في تلك الأخبار صحيح في العقول وما أدعوه في الكتاب من التشابه باطل في العقول وحين أظهروا بدعهم وذكروا ما اغتر به أهل الضعف من شبههم أجابوهم فكشفوا عنها

بما هو حجة عندهم كما فعل الشافعي فيما حكينا عنه لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما في ترك إنكار المنكر والسكوت عليه من الفساد والتعدي وكانوا في القديم إنما يعرفون بالكلام أهل الأهواء فأما أهل السنة والجماعة فمعولهم فيما يعتقدون الكتاب و السنة فكانوا لا يسمون بتسميتهم وإنما يعني والله أعلم بقوله يعني من إرتدى بالكلام لم يفلح كلام أهل الهواء الذين تركوا الكتاب والسنة وجعلوا معولهم عقولهم وأخذوا في تسوية الكتاب عليها وحين حملت عليهم السنة بزيادة بيان لنقض أقاويلهم إتهموا رواتها وأعرضوا عنها فأما أهل السنة فمذهبهم في الأصول مبني على الكتاب والسنة وإنما أخذ من أخذ منهم في العقل إبطالا لمذهب من زعم إنه غير مستقيم على العقل وبالله التوفيق قال البيهقي ولاستحباب الشافعي ومن كان في عصره من أئمتنا ترك الخوض في الكلام وترك الاشتهار به عند الاستغناء عنه معنى آخر وهو ان الشافعي حين قدم العراق في خلافة الرشيد كان قد دخل على المأمون باستدعائه دخوله عليه ورأى تقريبه بشرا المريسي وأمثاله من أهل البدع وحين عاد إلى العراق في

خلافة المأمون شاهد غلبة أهل الأهواء على مجلسه وأحس ببعض ما رأى أهل السنة من غلبة اهل الأهواء في عصره ثم بما أصابهم من المحنة في أيام المعتصم والواثق فحين شاهد الشافعي أمثال ذلك وأحس ببعض ما كان وراء ذلك مع كراهيته وكراهية أمثاله من أهل الورع

الدخول على السلاطين والاختلاط بهم استحب لأصحابه ترك الخوض فيه لئلا يدعوا إلى مجالستهم للمناظرة فيه ولئلا يكون ذلك سببا لمحنتهم ولهذا قال لأبي يعقوب البويطي رحمه الله يعني ما أخبرنا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم قال أنا ابو نصر الحسين بن محمد الخطيب قال أنا

محمد بن أحمد السلمي قال انا محمد بن بشر العكري قال سمعت الربيع يقول كنت عند الشافعي أنا والمزني وأبو يعقوب البويطي فنظر إلينا فقال لي أنت تموت في الحديث وقال للمزني هذا لو ناظره الشيطان قطعه أو جدله وقال للبويطي أنت تموت في الحديد قال الربيع فدخلت على البويطي أيام المحنة فرأيته مقيدا إلى أنصاف ساقيه مغلولة يعني يده إلى عنقه قال البيهقي فكان كما تفرس وذلك لأنه كان شديدا على أهل البدع ذابا بالكلام على أهل السنة فدعي في أيام الواثق إلى القول بخلق القرآن فامتنع منه فحمل مقيدا من مصر إلى العراق حتى مات في أقياده محبوسا ثابتا على دينه صابرا على ما أصابه من الأذى رحمة الله

ورضوانه عليه ومشهور عند اهل العلم ما أصاب أحمد بن حنبل رحمه الله في أيام المعتصم من الحبس والضرب وما أصاب أحمد بن نصر الخزاعي في أيام الواثق من القتل والصلب وما أصاب غيرهما من المحنة العظيمة حتى أجاب بعضهم إلى ما دعي إليه خوفا على نفسه أعاذنا الله من أمثالها والذي يبين هذا ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت

عبد الله بن محمد الخواري يقول سمعت أبا نعيم يعني عبد الملك بن محمد الاسترأباذي يقول سمعت ابا القسم الأنماطي يعني عثمان ين سعيد بن بشار أستاذ ابن سريج يقول جالست المزني عشر سنين فلما كان بأخره اجتمعنا في جنازة بعض أصحابه فقلنا يتحدثون بمذهب المزني وينسبونه إلى إنه يتكلم في القرآن ويقول بالمخلوق فلو سألناه قال فتقدمنا إليه فقلنا يا أبا إبراهيم إنا لنسمع منك هذا العلم ونحب أن يؤخذ عنا ما نسمع منك والناس يذكرونك أنك ساكت عن القول بما يقول أهل الحديث في القرآن ونحن نعلم أنك تقول بالسنة وعلى مذهب أهل الحديث فلو أظهرت لنا ما تعتقده فأجابنا فقال أنا لم أعتقد قط إلا أن القرآن كلام الله غير مخلوق ولكني كرهت الخوض في هذا مخافة أن يكثر علي وأطالب بالنظر في هذا وأشتغل عن الفقه فلما كان من الغد

بعث إليه رئيس رؤساء الجهمية يقال له ابن الأصبغ رسولا فقال يا أبا إبراهيم بعثني إليك فلان وهو يقول لم تزل تمسك عن الخوض في القرآن والكلام فيه فما الذي بدا لك الآن وقد بلغني أنك أجبت بكذا وكذا فما حجتك فيما أجبت أن القرآن غير مخلوق فنظر إلينا وقال ألم أقل لكم أني كنت أمتنع من أجل أني أطالب بمثل هذا قال أبو القسم فقلت أنا أتولى عنك جوابه قال شانك فمضيت إليه فقلت له أن رسولك جاء إلى أبي إبراهيم بكذا وكذا فجئت لأتولى عنه الجواب وأنا احد من تحمل عنه العلم فقال ما حجتك فقلت له أقول القرآن غير مخلوق وأدل عليه بكتاب الله وسنة رسول الله وإجماع أمته ومن حجج العقول التي ركبها الله في عباده قال فأوردت عليه ذلك فبقي متحيرا قال البيهقي فالمزني رحمه الله كان رجلا ورعا زاهدا يتجنب السلاطين فامتنع من الكلام مخافة أن يبتلى بالدخول عليهم مع ما شاهد من محنة البويطي وأمثاله من أهل السنة في أيام المعتصم والواثق وفي كل ذلك دلالة على أن استحباب من استحب من أئمتنا ترك الخوض في الكلام إنما هو للمعنى الذي أشرنا إليه وأن الكلام المذموم إنما هو كلام أهل البدع الذي يخالف الكتاب والسنة فأما الكلام الذي يوافق الكتاب والسنة ويبين بالعقل والعبرة فإنه محمود مرغوب فيه عند الحاجة تكلم فيه الشافعي وغيره من أئمتنا رضي الله عنهم عند الحاجة كما سبق ذكرنا له وقد كان عبد الله بن يزيد بن هرمز المدني شيخ مالك بن أنس أستاذ الشافعي رحمهم الله بصيرا بالكلام والرد على

أهل الأهواء كما أخبرنا الشيخ أبو القسم اسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن هبة الله الطبري قال أنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال انا أبو محمد عبد الله بن جعفر النحوي قال ثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي قال ثنا محمد بن أبي زكير قال انا ابن وهب قال قال مالك كان ابن هرمز رجلا كنت أحب أن أقتدي به وكان قليل الكلام قليل الفتيا شديد التحفظ وكان كثيرا ما يفتي الرجل ثم يبعث في أثره فيرده إليه حتى يخبره بغير ما أفتاه قال وكان بصيرا بالكلام وكان يرد على أهل الأهواء قال وكان من اعلم الناس بما اختلف الناس فيه من هذا الاهوا ! قال وحدثنا يعقوب قال ثنا أبو الحسن احمد بن أبي الحواري قال سمعت مروان يعني ابن محمد عن مالك قال جلست إلى ابن هرمز ثلاث عشرة سنة قال وكنت في الشتاء قد اتخذت سراويل محشوا كنا نجلس معه في الصحن في الشتاء قال فاستحلفني ان لا أذكر اسمه في الحديث وقد اشتهر غير واحد من علماء الإسلام ومن أهل السنة قديما بعلم الكلام أخبرنا الشيخ أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن إجازة قال أنا أبو بكر أحمد بن الحسين ابن علي الحافظ قال أنا محمد بن عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن يوسف الحفيد من أصل كتابه يقول سمعت الحسين بن الفضل البجلي رحمه الله يقول دخلت على زهير بن حرب بعد ما قدم من عند المأمون وقد امتحنه فأجاب إلى ما سأله فكان أول ما قال لي يا أبا علي تكتب عن المرتدين فقلت معاذ الله ما أنت بمرتد وقد قال الله

تبارك وتعالى من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان فوضع الله عن المكره ما يسمعه في القرآن ثم سألته عن أشياء يطول ذكرها فقال أشدها علينا أن قال لنا ما تقولون في عيسى قلنا من عيسى ياأمير المؤمنين قال ابن مريم قلنا رسول الله قال وكلمته قلنا نعم قال فما تقولون فيمن قال ليس عيسى كلمة الله قلنا كافر ياأمير المؤمنين قال فقال لنا أليس عيسى كلمة الله قلنا بلى قال فمخلوق أم غير مخلوق قلنا مخلوق قال فمن زعم أنه غير مخلوق قلنا كافر ياأمير المؤمنين قال فما تقولون في القرآن قلنا كلام الله عزوجل قال مخلوق أم غير مخلوق قلنا غير مخلوق قال فمن زعم أن عيسى غير مخلوق وهو كلمة الله قلنا كافر قال يا سبحان الله عيسى كلمة الله ومنفى الخلق عنه كافر والقرآن كلمة الله ومن يثبت الخلق عليه كافر قال الحسين فاعلمته ما يجب من القول وقلت له قد كان المكي يختلف إليكم ويقول لكم إني أعلم من هذا الباب ما لاتعلمون فتعلموا ذلك مني فتحملكم الرياسة على ترك ذلك ويقول لكم يكون لكم ما تعلمتوه مني عدة تعتدونها لأعدائكم فإن هجموا يوما لم تحتاجوا إلى طلب العدة فإن احتجوا بعد ذلك عليكم ولم يحضركم الأعداء لم يضركم الاعداد للعدة فتأبون ذلك والحجة في هذا الباب كيت وكيت فقال والله لوددت أني كنت أعلم هذا كما نعلمه يوم دخلت على المأمون وأن ثلث روايتي ساقطة عني ثم نظر إلى يحيى بن معين وهو معه فقال له وأنا أقول كما تقول فقال لي زهير فعلم ابني فإنه حدث فخلوت به في المسجد فعلمته

ذلك ثم انصرفت قال محمد بن عبد الله الحاكم الحسين بن الفضل البجلي صاحب عبد العزيز المكي المقدم في معرفة الكلام أخبرني الشيخ أبو القسم نصر بن نصر الواعظ في كتابه عن القاضي أبي المعالي بن عبد الملك قال من اعتقد أن السلف الصالح رضي الله عنهم نهوا عن معرفة الأصول وتجنبوها أو تغافلوا عنها وأهملوها فقد اعتقد فيهم عجزا وأساء بهم ظنا لأنه يستحيل في العقل والدين عند كل من أنصف من نفسه أن الواحد منهم يتكلم في مسئلة العول وقضايا الجد وكمية الحدود وكيفية القصاص بفصول ويباهل عليها ويلاعن ويجاثي فيها ويبالغ ويذكر في إزالة النجاسات عشرين دليلا لنفسه وللمخالف ويشقق الشعر في النظر فيها ثم لا يعرف ربه الآمر خلقه بالتحليل والتحريم والمكلف عباده للترك والتعظيم فهيهات أن يكون ذلك وإنما أهملوا تحرير أدلته وإقرار أسئلته وأجوبته فإن الله سبحانه وتعالى بعث نبينا محمدا صلوات الله عليه وسلامه فأيده بالآيات الباهرة والمعجزات القاهرة حتى أوضح الشريعة وبينها وعلمهم مواقيتها وعينها فلم يترك لهم أصلا من الأصول إلا بناه وشيده ولا حكما من الأحكام إلا أوضحه ومهده لقوله سبحانه وتعالى وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون فاطمأنت قلوب الصحابة لما عاينوا من عجائب الرسول وشاهدوا من صدق التنزيل ببدائة العقول والشريعة غضة طرية متداولة بينهم في مواسمهم ومجالسهم يعرفون التوحيد مشاهدة بالوحي والسماع ويتكلمون في أدلة الوحدانية بالطباع مستغنين

عن تحرير أدلتها وتقويم حجتها وعللها كما إنهم كانوا يعرفون تفسير القرآن ومعاني الشعر والبيان وترتيب النحو والعروض وفتاوى النوافل والفروض من غير تحرير العلة ولا تقويم الأدلة ثم لما انقرضت أيامهم وتغيرت طباع من بعدهم وكلامهم وخالطهم من غير جنسهم وطال بالسلف الصالح والعرب العرباء عهدهم أشكل عليهم تفسير القرآن ومرن عليهم غلط اللسان وكثر المخالفون في الأصول والفروع واضطروا إلى جمع العروض والنحو وتمييز المراسيل من المسانيد والآحاد عن التواتر وصنفوا التفسير والتعليق وبينوا التدقيق والتحقيق ولم يقل قائل أن هذه كلها بدع ظهرت او انها محالات جمعت ودونت بل هو الشرع الصحيح والرأي الصريح وكذلك هذه الطائفة كثر الله عددهم وقوى عددهم بل هذه العلوم أولى بجمعها لحرمة معلومها فإن مراتب العلوم تترتب على حسب معلوماتها والصنائع تكرم على قدر مصنوعاتها فهي من فرائض الأعيان وغيرها اما من فرائض الكفايات او كالمندوب والمستحب فإن من جهل صفة من صفات معلومة لم يعرف المعلوم على ما هو به ومن لم يعرف الباري سبحانه على ما هو به لم يستحق إسم الإيمان ولا الخروج يوم القيامة من النيران أخبرنا الشيخ أبو القسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الجرجاني الصوفي المعروف بالشعر بنيسابور قال سمعت أبا الحسن علي بن احمد المديني يقول سمعت الإمام أبا محمد عبد الله بن يوسف الجويني يقول رأيت إبراهيم الخليل عليه السلام في المنام فأهويت لأن أقبل رجليه فمنعني من

ذلك تكرما لي فاستدبرت فقبلت عقبيه فأولت الرفعة والبركة تبقى في عقبي ثم قلت يا خليل الله ما تقول في علم الكلام فقال يدفع به الشبه والأباطيل أخبرنا الشيخ الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم ابن هوازن إجازة قال سئل أبي لأستاذ ابو القسم القشيري رحمه الله فقيل له أرباب التوحيد هل يتفاوتون فيه فقال إن فرقت بين مصل ومصل وعلمت أن هذا يصلي قلبه مشحون بالغفلات وذاك يصلي وقلبه حاضر ففرق بين عالم وعالم هذا لو طرأت عليه مشكلة لم يمكنه الخروج منها وهذا يقاوم كل عدو للإسلام ويحل كل معضلة تعز في مقام الخصام وهذا هو الجهاد الأكبر فإن الجهاد في الظاهر مع أقوام معينين وهذا جهاد مع جميع أعداء الدين وهو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وللخراج في البلد قانون معروف إذا أشكل خراج بقعة رجع الناس إلى ذلك القانون وقانون العلم بالله قلوب العارفين به فرواة الأخبار خزان الشرع والقراء من الخواص والفقهاء حفظة الشرع وعلماء الأصول هم الذين يعرفون ما يجب ويستحيل ويجوز في حق الصانع وهم الأقلون اليوم ... رمى الدهر بالفتيان حتى كأنهم ... بأكناف أطراف السماء نجوم ... وقد كنا نعدهم قليلا ... فقد صاروا أقل من القليل ... قلت عناية الناس بعلم الأصول إذ ليس فيه وقف ورفق يأكلونه فميلهم إلى ما يقربهم من الدنيا ويوليهم الأوقاف والقضاء والطريق أيضا

مشكل فهو علم عزيز والطريق إلى الأعزة عزيز وقد يرى بعض الجواهر أثبت له درة من العز فلا توجد إلا عند الخواص فهو وإن كان حجرا غير مبتذل فما الظن بجوهر المعرفة أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم العلوي وأبو الحسن علي بن احمد الغساني قالا ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال أنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه الزهري قال ثنا الحسن بن الحسين الشافعي الهمذاني قال أنشدني أبو عبد الله بن مجاهد المتكلم لبعضهم ... أيها المقتدي ليطلب علما ... كل علم عبد لعلم الكلام ... تطلب الفقه كي تصحح حكما ... ثم أغفلت منزل الأحكام ... أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي قال قال لنا الأستاذ أبو القسم عبد الكريم بن هوازن القشيري أن الأشعري لا يشرط في صحة الإيمان ما قالوه يعني من شنع عليه أن إغمار العوام عنده غير مؤمنين لأنهم خليون عن علم الكلام بل هو وجميع أهل التحصيل من أهل القبلة يقولون يجب على المكلف أن يعرف الصانع المعبود بدلائله التي نصبها على توحيده واستحقاقه نعوت الربوبية وليس المقصود إستعمال ألفاظ المتكلمين من لفظ الجوهر والعرض وإنما المقصود حصول النظر والاستدلال المؤدي إلى معرفة الله وإنما استعمل المتكلمون هذه الألفاظ على سبيل التقريب والتسهيل على المتعلمين والسلف الصالح وإن لم يستعملوا هذه الألفاظ فلم يكن في معارفهم خلل والخلف الذين

استعملوا هذه الألفاظ لم يكن ذلك منهم لطريق الحق مباينة ولا في الدين بدعة كما ان المتاخرين من الفقهاء عن زمان الصحابة والتابعين لم يستعملوا ألفاظ الفقهاء من لفظ العلة والمعلول والقياس وغيره ثم لم يكن استعمالهم بذلك بدعة ولا خلو السلف عن ذلك كان لهم نقصا وكذلك شأن النحويين والتصريفيين ونقلة الأخبار في ألفاظ تختص بها كل فرقة منهم فإن قالوا إن الاشتغال بعلم الكلام بدعة ومخالفة لطريقة السلف قيل لا يختص بهذا السؤال الأشعري دون غيره من متكلمي أهل القبلة ثم الاسترواح إلى مثل هذا الكلام صفة الحشوية الذين لا تحصيل لهم وكيف يظن بسلف الأمة أنهم لم يسلكوا سبيل النظر وأنهم اتصفوا بالتقليد حاش لله أن يكون ذلك وصفهم ولقد كان السلف من الصحابة مستقلين بما عرفوا من الحق وسمعوا من الرسول صلوات الله عليه من أوصاف المعبود وتأملوه من الأدلة المنصوبة في القرآن وأخبار الرسول عليه السلام في مسائل التوحيد وكذلك التابعون وأتباع التابعين لقرب عهدهم من الرسول عليه السلام فلما ظهر أهل الأهواء وكثر أهل البدع من الخوارج والجهمية والمعتزلة والقدرية وأوردوا الشبه انتدب أئمة أهل السنة لمخالفتهم والإيصاء للمسلمين بمباينة طريقتهم فلما أشفقوا على القلوب أن يخامرها شبههم شرعوا في الرد عليهم وكشف شبههم وأجابوهم عن أسئلتهم وحاموا عن دين الله بايضاح الحجج ولما قال الله تعالى وجادلهم بالتي هي أحسن تأدبوا بآدابه سبحانه ولم يقولوا في مسائل التوحيد إلا بما نبههم الله

سبحانه عليه في محكم التنزيل والعجب ممن يقول ليس في القرآن علم الكلام والآيات التي هي في الأحكام الشرعية نجدها محصورة والآيات المنبهة على علم الأصول نجدها توفي على ذلك وتربي بكثير وفي الجملة لا يجحد علم الكلام إلا احد رجلين جاهل ركن إلى التقليد وشق عليه سلوك طرق أهل التحصيل وخلا عن طرق أهل النظر والناس أعداء ما جهلوا فلما انتهى عن التحقق بهذا العلم نهى الناس ليضل كما ضل أو رجل يعتقد مذاهب فاسدة فينطوي على بدع خفية يلبس على الناس عوار مذهبه ويعمي عليهم فضائح عقيدته ويعلم أن أهل التحصيل من أهل النظر هم الذين يهتكون الستر عن بدعهم ويظهرون للناس قبح مقالاتهم والقلاب لا يحب من يميز النقود والخلل فيما في يده من النقود الفاسدة كالصراف ذي التمييز والبصيرة وقد قال الله تعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون فهذا ما حضرني من مدح الكلام والمتكلمين وذكر بعض من كان نعلمه من علماء المسلمين فإن قال بعض الجهال من البتدعة لسنا نعرف غير المذاهب الأربعة فمن أين أتى هذا المذهب الخامس الذي اخترعتموه ولم رضيتم لأنفسكم بالانتساب إلى الأشعري الذي اتبعتموه وهلا اقتنعتم بالانتساب إلى الإمام الألمعي أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي فإنه أولى بالإنتساب إليه ممن سواه وأحق بالإنتماء إلى مذهبه ممن عداه قلنا هذا قول عري عن الصدق وقائله بعيد عن الحق فمن ذا الذي حصر المذاهب بالعدد الذي حصرتم ومن يصحح لكم من قولكم ماذكرتم بل المذاهب

أكثرها لا ينحصر بهذا العدد الذي عددتم ولو كانت منحصرة به لم يحصل لكم بذلك ما قصدتم وكأنكم لم تسمعوا بمذهب الليث بن سعد المصري وعثمان بن سليمان البتي البصري واسحق بن راهويه الخراساني وداود ابن علي الأصبهاني وغيرهم من علماء الإسلام الذين اختلفوا في الفتاوى والأحكام لا في أصول الدين المبنية على القطع واليقين وليس انقراض أرباب هذه المذاهب التي سمينا يصحح لهذا الجاهل هذه المقالة التي عنه حكينا ولسنا نسلم أن أبا الحسن اخترع مذهبا خامسا

وإنما أقام من مذاهب أهل السنة ما صار عند المبتدعة دارسا وأوضح من أقوال من تقدمه من الأربعة وغيرهم ما غدا ملتبسا وجدد من

معالم الشريعة ما اصبح بتكذيب من اعتدى منطمسا ولسنا ننتسب بمذهبنا في التوحيد إليه على معنى أنا نقلده فيه ونعتمد عليه ولكنا نوافقه على ما صار إليه من التوحيد لقيام الأدلة على صحته لا لمجرد التقليد وإنما ينتسب منا من انتسب إلى مذهبه ليتميز عن المبتدعة الذين لا يقولون به من أصناف المعتزلة والجهمية المعطلة والمجسمة والكرامية والمشبهة السالمية وغيرهم من سائر طوائف المبتدعة وأصحاب المقالات الفاسدة المخترعة لأن الأشعري هو الذي انتدب للرد عليهم حتى قمعهم وأظهر لمن لم يعرف البدع بدعهم ولسنا نرى الأئمة الأربعة الذين عنيتم في أصول الدين مختلفين بل نراهم في القول بتوحيد الله وتنزيهه في ذاته مؤتلفين وعلى نفي التشبيه عن القديم سبحانه وتعالى مجتمعين والأشعري رحمه الله في الأصول على منهاجهم أجمعين فما على من انتسب إليه على هذا الوجه جناح ولا يرجى لمن تبرأ من عقيدته الصحيحة فلاح فإن عددتهم القول بالتنزيه وترك التشبيه تمشعرا فالموحدون بأسرهم أشعرية ولا يضر عصابة انتمت إلى موحد مجرد التشنيع عليها بما هي منه برية وهذا كقول إمامنا الشافعي المطلبي ابن عم المصطفى النبي فيما أخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد الواسطي ببغداد قال أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال انا أبو سعد إسماعيل ابن علي بن الحسن بن بندار بن المثنى الأسترأباذي ببيت المقدس قال

أخبرنا علي بن الحسن بن حيويه الدامغاني قال أنا محمد بن محمد بن الأشعث ثنا الربيع هو ابن سليمان قال أنشدنا الشافعي رحمه الله ... ياراكبا قف بالمحصب من منى ... واهتف بقاطن خيفها والناهض ... سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى ... فيضا كملتطم الفرات الفائض ... إن كان رفضا حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي ... وأنشدت لبعضهم في المعنى المتقدم ... إن اعتقاد الأشعري مسدد ... لا يمتري في الحق إلا ممتري ... وبه يقول العالمون بأسرهم ... من بين ذي قلم وصاحب منبر ... والمدعون عليه غير مقاله ... ما فيهم إلا جهول مفتري ... فذر التعامي واعتصم بمقاله ... وأعلم يقينا أنه القول السري ... وأرفض ملامة من نهاك بجهله ... عما يراه لأنه لم يشعر ... وإذا لحاك العاذلون فقل لهم ... قول امرىء في دينه مستبصر ... إن كان من ينفي النقائص كلها ... عن ربه ترمونه بتمشعر ... وترونه ذا بدعة في عقله ... فليشهد الثقلان أني أشعري ... قرأت بخط الشيخ أبي الحسن علي بن سليمان القرطبي سمعت بعض الثقات من أهل بلدنا يحكي عن القاضي الإمام العالم الرباني محمد بن يحيى بن الفراء قاضي المرية ببلاد الأندلس تغمده الله برضوانه قال سمعت الشيخ الإمام الزاهد أبا عمر بن يمنا لش يقول وقال له بعض ما حضره أن الناس يقولون أنك أشعري فقال يا لها من نعمة لو صحت

فأما ما ذكره ذو المعايب والمخازي أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي فمما لا يعرج عليه لبيب ولا يرعيه سمعه مصيب لأنه رجل قد تبينت عداوته لأهل الحق وشنآنه ويكفيك من كتابة ترجمته وعنوانه ولو كان من ذوي الديانات لم يتفرغ لذكر المثالب ولو أنه من أولي المروآت لاستحيا من تتبع المعايب ولو لا أنه وجدها كثيرة في نفسه لما اختلقها لمن ليس هو من أبناء جنسه وقد أخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني ببغداد قال أنا القاضي أبو القسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال ثنا أبو الحسن علي بن محمد السري من لفظه قال أنا أبو بكر بن دريد قال أنا أبو حاتم يعني السجستاني عن العتبي قال سمعت أعرابيا من تنوخ يقول لآخر وسمعه يعيب قوما قد استدللت على كثرة عيوبك بكثرة ذكرك الناس فإن الطالب لها يطلبها بقدر ما فيه منها ثم أنشده ... واجرأ ما رأيت بظهر غيب ... على ذكر العيوب ذوو العيوب ... وروى غيره على عيب الرجال ذوو العيوب فأما قوله قد رأيت الأمر في الدين منعكسا بضده والتفريط فيه خارجا عن حده وصارت الرؤوس إعجازا والاكثار من الباطل إيجازا وكثر السفهاء وقل العلماء فإنه قد أصاب في اللفظ وإن كان أخطأ في

القصيد وجهل قدر نفسه حين غمض العلماء حتى خرج في ذلك عن الحد ولولا أن الأمر صار منعكسا والحق عند الجهال عاد مندرسا لما كان أعجمي من أهل الأهواز لا يفرق بين الحقيقة والمجاز و لا يعرف ما معنى الايجاز ينزل الرؤوس بمنزلة الاعجاز ويحمل الجهال السفهاء على أن يذموا العلماء والفقهاء ولولا تفريطه في طلب العلم والحكمة لترك إفراطه في ذم العلماء والأئمة ولما جهل من اشتهر بالعلم بين الخلق وضلل من عرف بنصرة الحق ولولا كثرة أعوانه السفهاء كما زعم لكف عن غلوائه في قوله وإن رغم ولم يسمع قول خوزي غبي في حق عالم أحوزي عربي ولولا قلة العلماء في عصره كما ذكر لما اهمل كشف أمره حتى انتشر وإلا فالفرق بينه وبين شيخنا أبي الحسن من الحال الواضح والأمر البين وفضل أبي الحسن رحمة الله عليه عند أولي النهي كفضل القمر ليلة البدر على السهمي ومتى كان حوز الأهواز يعيبون عرب البصرة وكيف يتهم أولاد المجوس بالإلحاد والزندقة أبناء ذوي الهجرة ولا شك أن الأهواز من جملة البلدان التي افتتحها أبو موسى الأشعري جد هذا الإمام وكذلك أصبهان وغيرها مما افتتح على يديه رحمه الله من الفتوح العظام واختلف في كيفية استيلاء أبي موسى على الأهواز فتحا فقيل افتتحها بالسيف عنوة وقيل بل افتتحها صلحا والأصح قول من قال إنها افتتحت على وجه العنوة وذلك السبب عندي هو الموجب لهذه الحفوة والمورث للغلطة على ولده والقسوة والمؤثر في شدة النفور عن معتقده والنبوة لأنه أدخل على أسلاف الأهوازي من المجوس بلية

ومحنة أورثث قلبه لنسله عداوة وأحنة فلهذا استفرغ جهده في الأزراء على أبي الحسن والتشنيع ورماه بكل ما أمكنه ذكره من الأمر الشنيع لأن البغض يتوارث والود يتوارث فلذلك تجاوز في عداوته الحد لأنه لما لم يتجاسر على أن يطعن في أبي موسى ويعيب أمره شفى بما ذكره في ولده أبي الحسن رحمه الله صدره وأما قوله واندرس الكاشفون للشبه فلولا قلتهم لم يعتقد ما كان عليه من الإعتقاد المشتبه وأما قوله وعز الطالبون للسنة إلا من أدركه الله بالعصمة وخصه بالتوفيق وقليل ما هم فكيف يستقيم له هذا القول وهو يزعم أن الجم الغفير على مثل مذهبه واليسير من عداهم وأما قوله أن الله عزوجل لا يخلي الأرض من قائل عليم وعالم حكيم يقول الحق ويدفع الباطل ولا يدع لذي بدعة قولا يعلو ولا أمرا يسمو فقد صدق ولكن ليس هو ممن وصفه بهذه الصفة إذ لم يتحقق كونه من أهل العلم ولا من ذوي المعرفة ولكن هم العلماء الذين بالغ في ذمهم وأغرق لفرط جهله وسوء عقده في شتمهم وأما قوله لا معروف أفضل من السنة ولا منكر أشد من البدعة فأنظروا بعين التحقيق إلى مقالة هذا القرعة لتعلموا أهو أشد تسننا وأقوى في العلم تمكنا أم من اشتهرت ردوده على جميع المبتدعة من أصناف الخوارج وطوائف المتشيعة وانتشرت تصانيفه في الإبطال لمذاهب المعتزلة القدرية والإنكار على من يقول بأقوال المفوضة الجبرية والاصطلام لحجج المعطلة الجهمية والمحق لتعلقات المشبهة الجسمية من الكرامية والسالمية بالحجج السمعية

والبراهين العقلية فإن اعتقد أن الرد على أصحاب البدع بدعة فقد تحقق كل ذي لب تسميتي إياه قرعة وان أعتقد أن البدعة إعتقاد التنزيه والتوحيد والسنة القول بالتشبيه والميل إلى التقليد فبئس ما أعتقد وويل له مما تقلد وإن كان يبدع الأشعري رحمه الله في بعض المسائل إلا قلة فليذكر ما ابتدع فيه حتى نسمع ما عنده عليه من الأدلة وأما قوله وقد تفضل الله وأظهر لكل طائفة من المبتدعة ما نفر عنهم قلوب العامة فأنعموا النظر في مقاله لتعلموا أن كلامه كلام من لا يخاف هول يوم الطامة فياليت شعري ما ذا الذي تنفر منه القلوب عنهم أم ماذا ينقم ارباب البدع منهم اغزارة العلم ام رجاحة الفهم ام اعتقاد التوحيد والتنزيه أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه أم القول باثبات الصفات أم تقديس الرب عن الأعضاء والأدوات أم تثبيت المشيئة لله والقدر أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر أم القول بقدم العلم والكلام أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام وأما قوله وبعدهم عن التعليم الثلاث الذي هو أصل الشريعة وقوام الملة فأنظروا رحمكم الله هذه العبارة الركيكة والألفاظ المختلة لتعلموا أن هذا الكلام لا يصدر إلا عن جهل شديد وفهم عن إدراك الصواب بعيد وفرط لكنة وعي وتكذب مشوب بغي فلو كان كما قال وبعدهم عن تعلم ثلاث هن أصل الشريعة أو عن العلوم الثلاثة اللواتي هن أصل الشريعة لكان قد تخلص عن هذه العبارة الرديئة والألفاظ الشنيعة وأما دعواه أن أبا الحسن الأشعري كان بهذه الصفة وإنه لم يكن من أهل العلم والمعرفة وكذلك جميع

نظرائه من المتكلمين فقول مثله من الأوقاح الكذابين الذين لا يستحيون مما فعلوا ولا يبالون ما قالوا ولا ما تقولوا وليس مثاله في دعواه هذه التي وهت واعتلت إلا كما قيل في المثل رمتني بدائها وانسلت فإنه هو الذي هذه صفته ومن تأمل حاله تبينت له معرفته ومن وقف على خطه عرف قلة تحصيله وضبطه فقل تصنيف له صنفه في الحديث وأتقنه إلا وجد الخطأ فيه من تأمله وتبينه فلا يخلو كتاب له من خطأ ووهم وتحريف في متن أو تصحيف في اسم وأما علم الفقه فكان عريا منه بعيدا من كل وجه عنه خاليا عن علم العربية جاهلا بالعلوم الأدبية سمعت الشيخ الفقيه أباالحسن علي بن أحمد بن قبيس يحكي عن أبيه إنه سمعه يعترف بانه لا يعرف النحو وكل ما صنفه في الحديث يستحق عند أهل المعرفة به المحو وإنما كان قد سمع قطعة كبيرة من الحديث فكان يجمع منه ما يكون ظاهره مقويا لعقده الخبيث وكان فيما يجمعه فيه بعيدا من التوفيق قليل التثقيف لما يورده منه والتحقيق غير إنه كان عالما بالقراآت مكثرا فيها للروايات على إنه قد كذب في بعض ما كان يدعيه حتى رجع عن بعض ما كان يقريء به ويرويه أخبرنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني قال ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال اجتمعت بهبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الحافظ يعني اللالكائي ببغداد فسألني عمن بدمشق من أهل العلم فذكرت له جماعة منهم الحسن بن علي الأهوازي المقري فقال لو سلم من الروايات في القراآت فاما المعرفة

بعلم التأويل والتفسير فما يرجع منها إلى قليل ولا كثير فأما أبو الحسن رحمه الله فقد تقدم وصف العلماء له بالعلم وثناؤهم عليه وشهادتهم له بالمعرفة والفهم وذكر عدد تصانيفه وتفصيل أسماء تواليفه ولو لم يصنف كتابا غير التفسير لكفاه فأغض الله الأهوازي بريقه وفض فاه فإنه كان في إعتقاده سالميا مشبها مجسما حشويا ومن وقف على كتابه الذي سماه كتاب البيان في شرح عقود أهل الإيمان الذي صنفه في أحاديث الصفات وإطلع على ما فيه من الآفات ورأى ما فيه من الأحاديث الموضوعة والروايات المستنكرة المدفوعة والأخبار الواهية الضعيفة والمعاني المتنافية السخيفة كحديث ركوب الجمل وعرق الخيل قضى عليه في إعتقاده بالويل وبعض هذا الكتاب

موجود بدمشق بخط يده فمن أراد الوقوف عليه فليقف ليتحقق سوء معتقده وما كان منطويا عليه من سوء الإعتقاد هو الذي حمله على

ما ذكره في الأشعري للعناد فمن تأمل ما ذكره بعين الانتقاد تبين له وجه الكذب فيه والفساد وإنا بمشيئة الله وحسن معونته انقض ما ذكره وأوضح كذبه فيه لمن تأمله بعين الإنصاف وتدبره فاما قوله إن إنتماء أبي الحسن إلى أبي موسى الأشعري ليس بنافعه في دينه لأن الأنبياء والصديقين ولدوا الكفار والمنافقين فلعمري أن مجرد الانتساب لا ينفع اذا عري المنتسب عن فعل الخير والأكتساب وهذا مما لا يدفع إلا ان الأصل إذا طاب وسما زكى الفرع المنسوب إليه ونما لا سيما إذا كان الفرع طيبا في نفسه مميزا بالصفات الحميدة عن أبناء جنسه مشهودا له بالزكاء في نبته وغرسه مشهورا بحسن فهمه وصحة حسه وقد سبق ذكر ما عرف من علم أبي الحسن ودينه وسلف وصفه بقوة إيمانه وشدة

يقينه وقد صح عن النبي قوله الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا وليس ينكر فضل أبي الحسين رحمه الله إلا الذين تعاموا عن الحق وسفهوا أو لا شك أن بركة صلاح الآباء مبشرة بفلاح من نسلوه من الأبناء ولو لم يعتبر ذلك إلا بقصة العبدين الكريمين حين إختلفا في إقامة جدار الغلامين اليتيمين فإن الله عزوجل إنما حاطهما ورعاهما لأجل إنه وصف بالصلاح أباهما وحفظهما إلى حين بلوغ أشدهما ليستخرجا كنزهما ببركة جدهما وقد جاء عن بعض أهل التفسير شائعا أن ذلك الجد كان تاسعا أو سابعا كتب إلي الشيخ الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن الأستاذ أبي القسم القشيري رحمهما الله قال سمعت أبي يقول وقيل في قوله تعالى وكان أبوهما صالحا كان هذا إشارة إلى الجد التاسع أو السابع وهو الذي دفن ذلك الكنز فأقيم الخضر لخدمتهما لحرمة ذلك وقد جاء في الحديث إن الله عزوجل ليحفظ المؤمن في ولده وولد ولده وولد ولد ولده أخبرناه أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء قال أنا ابو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن الابنوسي الصيرفى قال انا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني قال ثنا أبو العباس عبد الله بن أحمد بن إبراهيم المارستاني قال ثنا القسم بن سعيد بن المسيب قال ثنا عبد العزيز ابن النعمان الموصلى أبو الحسن قال ثنا عمرو بن عطية عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله إن الله ليحفظ المؤمن في ولده وولد ولده وجاره وجار جاره وتسع أدور حوله قال الدارقطني تفرد

به عمرو بن عطية عن أبيه قلت قد رواه الحسن بن عمارة الكوفي أيضا عن عطية أخبرنا الشيخ أبو القسم إسماعيل بن أحمد قال أخبرنا أبو القسم عبد الله بن محمد بن الحسن بن الخلال قال أنا أبو الحسن محمد بن عثمان بن محمد بن عثمان بن شهاب الدقاق النفري قال حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي قال ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال ثنا شعيب ابن حرب قال ثنا الحسن بن عمارة قال انا عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله إن الله ليحفظ المؤمن في ولده وولد ولده وولد ولد ولده ويحفظ المؤمن في دويرته ودويرة جاره ودويرة جار جاره وأخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد الشيباني قال أنا القاضي أبوالقسم علي بن المحسن التنوخي قال ثنا أبو بكر أحمد ابن عبد الله بن جليز الدوري قال ثنا حمزة بن عبد المطلب الخزاعي قال ثنا أبو العباس إسماعيل بن الهيثم العبدي قال ثنا مبارك أبو سحيم عن عبد العزيز عن صهيب عن أنس قال قال النبي إن الله ليحفظ العبد الصالح في أهله وولده والدويرات حوله رواه أبو بكر الخطيب الحافظ عن التنوخي وأخبرنا الشيخان أبو القسم بن السمرقندي وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب قالا أنا عبد الله بن محمد الخطيب قال أنا عبيد الله بن محمد بن حبابة قال أنا عبد الله بن محمد البغوي قال ثنا ابن المقري يعني محمد بن عبد الله بن يزيد قال ثنا سفيان

عن ابن سوقة عن المنكدر قال يصلح الله عزوجل بصلاح الرجل ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حولهم فما يزالون في ستر الله وحفظه أخبرنا أبو القسم زاهر بن طاهر قال انا ابو بكر أحمد بن الحسين قال أنا أبو عبد الله الحافظ قال ثنا أبو العباس هو الأصم قال ثنا محمد بن النعمان ببيت المقدس قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا ابن المبارك عن محمد بن سوقة عن ابن المنكدر قال إن الله عزوجل ليصلح بصلاح أبيه ولده وولد ولده ويحفظ في دويرته والدويرات اللاتي حوله ما دام فيهم فأبو موسى جد أبي الحسن والتاسع من اجداده كما أن الرجل الصالح الجد التاسع للغلامين فحفظا لرشاده وأما قوله وإن كان ما يدعيه من نسبه زور وبهتان فقد لعنه النبي وكفى بذلك ذلة وصغارا فهذه قول طعان في الأنساب جاهل بما في ذلك من الإثم والعقاب وقد تقدم عن جماعة ذكر نسبه من وجوه تقضي على هذا الطعان بكذبه وذكر أبو عمرو عثمان بن أبي بكر السفاقسي أيضا قال سمعت أبا بكر محمد بن عثمان بن محمد الإمام البغدادي يقول أبو الحسن علي بن إسماعيل ابن اسحق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن ابي موسى عبد الله بن قيس الأشعري صاحب رسول الله فقد وافق هذا القول في نسبه ما تقدم وما ذكره الأهوازي من أن أصحاب الأشعري ينفرون من نسبته إلى أبي بشر ويفرون من ذلك بجهدهم لما يعرفون من سبب تلك النسبة كل مفر فزور من قائله وهذيان في ضمنه قذف وبهتان وقد تقدم في ذكر نسبه عن

ابن فورك والخطيب أبوي بكر وهما من أعان أصحابه نسبته إلى أبي بشر غير أنهما اختلفا في أبي بشر فجعله أحدهما أباه وجعله الآخر جده وكل واحد منهما ذكر ما وقع إليه من ذلك وصح عنده وقد يشتهر الإنسان باسمه دون كنيته ويشتهر تارة بالكنية ولا يعرف إلا بكنيته وقد يكون مشهورا بالكنية والإسم وذلك لا ينكره أحد من أهل العلم وقد اشتهر جماعة من الصحابة النجباء بالنسبة على ألسنة الناس إلى كنى الآباء كأبي بكر بن أبي قحافة وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن أبي أوفى فأنظروا سخافة هذا الرجل الخائب التي لا تكاد تخفى وأما حكايته النكرة عن بعض شيوخ البصرة من أن أبا بشر كان يهوديا فأسلم على يدي بعض الأشعريين فحكاية مفتر عن مجاهيل مفترين ما حكى ان أحدا نفاه عن أبي موسى الأشعري غير هذا الجاهل المتحامل المفتري وكيف تجاسر لا رعاه الله على هذه الكذبة وهو لا يعرف في الشرق والغرب إلا بهذه النسبة وقد تقدمت حكاية بندار بن الحسين في إنه كان يأكل منغلة ضيعة وقفها جده بلال فتبين بتلك الحكاية وغيرها أن دعواه في نفي نسبه زور أو ان قوله محال أذلو كان في نسبه هذه العلة لم يرفع إليه من وقف بلال الغلة ولو لم يكن أبو الحسن صحيح النسب لانتزعت منه الضيعة بذلك السبب واستشهاده على ذلك بالبيت الشعر الذي قيل في سالف الدهر ... ما كنى عن أبيه ... إلا وثم سبيب

استشهاد يدل على جهله بالمعاني وكيف سكت عن البيت الأول وأتى بالثاني وإنما قيل ... سألته عن أبيه ... فقال جدي شعيب ... وما كنى عن أبيه ... إلا وثم سبيب ... وما كنى من نسب الأشعري إلى إسماعيل أو اسحق عن أبي بشر ولا عنى ما أراده الأهوازي في سر ولا جهر ولكن اقتصر مرة على ذكر الإسم فيه من الغنية وأتى مرة أخرى في تعريفه بذكر الكنية وما هذا إلا بمنزلة قولنا أبو بكر بن أبي قحافة تارة وتارة عبد الله بن عثمان فقد اتضح جهل الأهوازي في هذا من كل وجه بحمد الله وبان وإنه كان غير بصير بالأسماء والاصطلاحات حين لم يفرق بين الكنى وبين الكنايات وما طعن الخوزي في أنساب العرب إلا من الأمر النادر العجب وكأنه فيما أتاه من نفيه من الأمين عني بهذين البيتين ... وماذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا ... بها نبطي من أهل السواد ... يخلص أنساب أهل الفلا ... ولعل الأهوازي سمع هذين البيتين قديما ولم يكن بمراد قائلها ومقصودة عليما فظن أنهما قيلا على وجه المدح فشرع في الطعن في الأنساب والقدح ولم يعرف المراد بهذا الشعر كما لم يفكر في معنى ما سبق منه من الهذر وهذا الفصل في منية أبي بشر وجد في نسخة نجا وما ادراك من نجا هو الذي لا يمتد إلى إضافته إلى ذوي الفهم بالعلم

رجا ونسخته التي بخطه لا يصح ما فيها إذ لا حط له ولا هجا وكان له إلى صحبة الأهوازي لما بينهما من المناسبة في الجهل التجا وأما قوله وادعى إنه من أهل السنة فليس ذلك دعوى دجعوى بل حقيقة يشهد بصحتها كل ذي علم وتقوى وقوله فمال إليه طائفة جهال فذلك أيضا منه كما سبق محال ما مال إلى قوله إلا العلماء ولا اتبعه إلا الفقهاء فإن أصحابه نجوم الأمصار وأتباعه أئمة الإعصار وقد تقدم ذكر جماعة من مشاهير أتباعه وتسمية أئمة من أصحابه و أشياعه ممن لا يسابق في فضل ولا يجاري ولا يشك في علمه ولا يتمارى وقوله فشاع أمره وذاع في الآفاق ذكره ينقض قوله فيما بعد إنه لم يزل مخمولا غير مقبول في بلاد الإسلام وتناقض لقول غير مستبدع من مثله من الجهال الطغام وقوله إنه كان ينصر البدعة ويدخل على الناس قول المعتزلة والزنادقة فمن جنس ما تقدم ذكرنا له من أقواله السخيفة وتقولاته غير الصادقة فإن من وقف على ما ذكره أبو الحسن في تواليفه وكتبه وعرف شدة بغض المعتزلة والزنادقة له ولصحبه تيقن كذب الأهوازي فيما قاله وتبين له تحامله وتحقق إبطاله وما زعم إنه حكاه عن أهل البصرة فالذي صدق في حكايته فعن معتزلة أو سالمية أمثاله وما لم يكذب هو فيه فإنما رواه عن مجهولين أو كذابين أشكاله ومن العجائب إنه اعتقد الإتيان بذمه قربة وزعم إنه ذكر ما ذكر من شتمه حسبة ورغب إلى الله عزوجل أن يجعله لوجهه خالصا وإلى مرضاته وأصلا فتبينوا ما قال تجدوا عقله ناقصا وقوله باطلا متى تعبدنا الله بالسب والشتم وأين أمرنا بالتفرغ

للثلب والذم وهل سوغ لنا الاشتغال باللعن أو ندبنا إلى استعمال الغيبة والطعن أو أثنى في كتابه على المستعلمين للهمز أو مدح العيابين المشتغلين باللمز فتأملوا رحمكم الله القرآن العظيم وتفهموا الآيات والذكر الحكيم تجدوا فيه النهي عن ذلك كله والأمر بالإعراض عن أكثره وأقله وقد نهى ذو الجلال والإكرام عن سب ما يعبد من دونه من الأصنام فقال ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم فمن تفرغ لسب عباد الله فقد عصى الله سهوا بغير فهم وإذا كان الله قد نهى عن سب الأخشاب والأحجار فكيف يبيح لكم سب العلماء الأخيار فإن قيل إن المعنى في النهي عن هذا السب لئلا يكون سببا لسب الرب فربما سمع سب الأهوازي لهذا الإمام بعض من يراه بعين الإعظام فيقابل سبه بسب إمامه ويتكلم فيه عند الغضب بمثل كلامه ويحمله على ذلك السب فرط حمية أو إظهار صلابة في معتقده وعصبية ويجتنب مقابلة السيئة بالحسنة اقتداء بقول بعض جهال المتسننة سبوا عليا كما سبوا عتيقكم كفر بكفر وإيمان بإيمان فيكون حينئذ سببا لسب صاحب مذهبه لأن ذلك إنما جرى من قائله خطأ بتسببه وهذه خطة لا يرتضيها ذو عقل وسقطة تنبىء عن عظيم جهل وقد امتنع رسول رب العالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين من لعن من سئل في لعنه من المشركين بالله مع كونهم بالشرك بالله متمسكين وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري قالا أنا أبو سعد محمد بن عبد

الرحمن بن محمد الجنزروذي قال أنا أبو عمر محمد بن أحمد بن حمدان الحيري ح وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلال بأصبهان قال أنا أبو القسم إبراهيم بن منصور بن إبراهيم السلمي قال أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن المقري قالا أنا أحمد بن علي بن المثنى الموصلي قال ثنا محمد بن عباد المكي قال ثنا مروان زاد ابن المقري ابن معاوية عن يريد زاد ابن المقري ابن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قيل وفي حديث ابن حمدان قلت يارسول الله أدع على المشركين قال إني لم أبعث لعانا إنما بعثت رحمة رواه مسلم في صحيحه عن محمد بن عباد فإذا كان رسول الله لم ير لعن المشركين فكيف استجاز الأهوازي في دينه لعن العلماء المتنسكين فلا بهدى الله تعالى اهتدى ولا بنبيه اقتدى بل عمي عن سلوك طريق الهدى وألقى نفسه فيما يفضي به إلى الردى أفتراه حسب أن يترك سدى حين أخطأ فيما قاله في الأشعري واعتدى واتبع مراد الشيطان الرجيم في لعن المسلمين حين تجنب الكف عنهم والاغضاء قال الله عزوجل في كتابه الكريم إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فمن أضل سبيلا ممن اتبع هواه واستفرغ في ذم العلماء بالباطل قواه ولم يرقب فيهم إلا ولا ذمة ولم يرع له محلا ولا حرمة ومن اعظم جهلا ممن فرغ نفسه للطعن والوقيعة في الأكابر والأعيان من علماء الشريعة ولو أنعم فيما قاله تفكرا لعلم أنه أتى امرا مستنكرا ولو كان بأحكام الشريعة خبيرا لتيقن أنه

ارتكب حوبا كبيرا وكفاه تركا للحق أو اجتنابا عده ما ذكره من البهتان في حقه احتسابا فما أسعده أن سلم مما ذكره رأسا برأس وانفلت منه كفافا بغير بأس وأنى له بالسلامة وقد خرج من حد الإستقامة ولو قال بدل واصل موصلا لكان قد ذكر لفظا مستعملا لكن عجمته تحمله على تجنب الصواب وجهالته تقتضي له تعسفه في الخطاب وقول الوزان الذي حكي عنه إنه إدعى إنه رجع عن الإعتزال فلا أدري أصدقه في القول الأول او الثاني فقول جاهل او متجاهل لا يصح معناه عند أهل الفهم بالمعاني لأن احدا من الطوائف لم يكذب إنه كان معتزليا وإنما ينكر من لا يعتد بإنكاره رجوعه بعد الإعتزال سنيا وقول الوزان لم يتغير على شيء من عقله ولم يبعث الله نبيا تظهر على يديه المعجزات فيدع الخلق ما هم عليه ضرورة فقول جاهل لم يؤته الله في دينه بصيرة لأنه زعم ان تغير العقل سبب الرجوع عن الإعتزال وهذا يشعر ان هذا الوزان كان من المعتزلة الضلال ودعواه أن أحدا لا يترك ما كان عليه إلا عند ظهور المعجز من المحال فكم من متنقل من مذهب إلى غيره لقوة النظر والاستدلال أو لارشاد من الحق سبحانه وإلهام أو رؤيا وعظ بها رائيها في منام او شدة بحث عن الحق على ممر الأيام وهذه المعاني كلها موجودة في حق هذا الإمام وإنما يشك في توبة التائب إذا لم يوجد منه غير مجرد الدعوى ولم يكن عند إختبار حاله من أهل الدين ولا من ذوي التقوى فاما إذا اقترن منه بدعوى التوبة ظهور الأسف على ما أسلف من الحوبة وكان

المظهر للتوبة ذا ديانة موصوفا عند الخلق بصدق وأمانة لم يكن للشك في صحة توبته مجال فمن قال غير هذا فقوله محال ولا شك ان دين أبي الحسن رحمه الله متين وتبرأه من مذهب الإعتزال ظاهر مبين ومناظراته لشيخهم الجبائي مشهورة واستظهاراته عليه في الجدل مذكورة وقمعه لغيره من شيوخم معروف شائع وقطعه لهم في المناظرة منتشر ذائع وتواليفه في الرد على أهل التعطيل كثيرة وفضيحة اهل الأهواء بما أظهر من عوار مذهبهم كبيرة فكيف يزعم انه أظهر غير ما أبطن او أضمر ضد ما أعلن وما حكاه عن أبي محمد الحسن بن محمد العسكري فقد بينت أن ذلك من مناقبه ضد ما تصوره المفتري وما حكاه عن أبي عبد الله الحمراني الذي يثني عليه فما لا يصغي ذو لب إليه وثناؤه على الحمراني غير مقبول وكيف يقبل ثناء مثله على رجل مجهول وهو أنه قال أن الناس اختلفوا في سبب رجوعه فقال أصحابه بان له الحق فكان سبب نزوعه وقال آخرون مات له قريب من الذكور او الإناث فتاب لئلا يمنعه الحاكم من الميراث وقال آخرون إنما فارق مذاهب المعتزلة لما لم يظفر عند العامة بسمو المنزلة فقد تقدم ذكر تقلل أبي الحسن وزهده وتبلغه باليسير من غلة وقف جده فقول من زعم أنه رجع لأخذ الميراث باطل من الجهات الثلاث وهب أنه أبدى ذلك في حق نفسه لغرض من الأغراض او لنيل ما ناله من حطام الدنيا من الإعراض فكيف تسخو نفسه برجوع من يرجع عن بدعته التي هو يسرها ويعتقدها بالنظر في كتبه التي ألفها على مذهب

أهل السنة ممن ينظر فيها بعده ويعتمدها ولا شك أنه قد استبصر بما ذكر فيها عالم من الناس وزالت عنهم بها ظلم الشكوك والالتباس وقول من زعم إنه أظهر التوبة ليؤخذ عنه ويسمع ما يلقى إلى المتعلمين منه وتعلو منزلته عند العامة فذلك مالا يصنعه من يؤمن بالبعث يوم القيامة كيف يستجيز مسلم أن يظهر ضد ما يبطن أو يضمر خلاف ما يبدي ويعلن لا سيما فيما يتعلق بالاعتقادات ويرجع إلى أصول الديانات فتعين حينئذ ما ذكر الحمراني القول الأول وبان إنه الصحيح الذي عليه المعول وهو أنه لما بان له الحق أتبعه وترك ما عداه وهو القول الذي نقول به في هذا المعنى ولا نتعداه والحكاية الثانية التي حكاها عن الحمراني أيضا فحكاية مثلها مما لا يستجاز في الشرع ولا يرضى مما عزاه إليه من القول عند تلقين الذي أدخل القبر لأنها حكاية جمع فيها حاكيها عنه الكذب والهجر وكيف يستحسن عاقل أن يقول مثل هذا القول عند دفن آدمي مثله وهي حالة شديدة الهول أم كيف لم يشغله ما يراه من ظلمة القبر وضيق اللحد عن الإعتراف بفساد الدين وسوء العقد وهب أن الملحد لا يؤمن بالبعث أليس يوقن بالبلاء وطول المكث وكيف يعترف إنه ولد ملحدا والمعتزلة تقول ان كل مولود يخلق موحدا فهذه الحكاية لعمري من الكذب البارد وإيراد مثلها يدل على العقل الفاسد ولأبي الحسن رحمه الله من الرد على أصناف الملاحدة والنقض لمقالات أصحاب العقائد الفاسدة والكشف عن تمويهات الفرق الجاحدة مما تقدم

ذكره ما يدل على بطلان هذه الكذبة الباردة ولو أراد الله به خيرا لم يحك مثل هذه الحكاية لأن وجه فسادها ظاهر عند أهل الفهم والدراية وحاكيها مجهول العدالة عند أهل الرواية ومزكيه لا يكتفي بتزكيته لأنه ليس أهلا للكفاية لتناهيه في العداوة للأئمة فوق النهاية وتجاوزه فيها يظهره من البغض لهم للحد والغاية وأما إنكار الأهوازي قبول توبة المبتدعة فمن الإنكارات البعيدة الممتنعة وقد سبق الكلام في ذلك في أول هذا الكتاب بما فيه غنية لذوي الفهم وأولي الألباب واحتجاجه بالآية غير صحيح في الإعتبار لأنها إنما عنى بها من ارتد ولحق بالكفار ولم يختم عمله بعمل المؤمنين الأبرار بل مات على كفره وصار إلى النار ولو تأمل ما قبلها وبعدها من الآيات لعرف ذلك ولكنه ممن يكتم ما أنزل من الهدى والبينات قال الله عزوجل ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاؤهم ان عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم إزدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به اولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين وقيل إنها نزلت في اليهود

والنصارى فلا يحتج بها في حق موحد إلا الجهال بالتفسير الحيارى حدثنا الشيخ ابو الفضل محمد بن ناصر بن محمد البغدادى بها قال اخبرنا ابو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أيوب قال أنا القاضي أبو العلاء محمد بن يعقوب الواسطي قال أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار النحوي قال أنا أبو اسحق أنا إبراهيم بن السري النحوي الزجاج قال أعلم أن الله عزوجل لا يقبل دينا غير دين الإسلام ولا عملا إلا من أهله فقال ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين يبتغ جزم بمن وقوله فلن يقبل منه الجواب ومعنى الخاسرين أي ممن خسر عمله والدليل على ذلك قوله الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم وقوله عزوجل كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا ان الرسول حق يقال انها نزلت في قوم ارتدوا ثم أرادوا الرجوع إلى الإسلام ونيتهم الكفر فاعلم الله انه لا جهة لهدايتهم لأنهم قد استحقوا أن يضلوا بكفرهم لأنهم قد كفروا بعد البينات التي هي دليلة على صحة أمر النبي وقيل إنها في اليهود لأنهم كفروا بالنبي بعد كانوا قبل مبعثه مؤمنين وكانوا يشهدون له بالبنبوة فلما بعث عليه السلام وجاءهم بالآيات المعجزات وأنبأهم بما في كتبهم مما لايقدرون على دفعه وهو عليه السلام أمي كفروا بغيا وحسدا فأعلم الله عزوجل أن جزاءهم اللعنة فقال جزاءهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ومعنى لعن الله لهم تبعيده إياهم من رحمته وثناؤه عليهم بكفرهم ومعنى لعن الناس

أجمعين لهم أن بعضهم يوم القيامة يلعن بعضا ومن خالفهم يلعنهم ومعنى خالدين فيها أي فيما توجبه اللعنة أي في عذاب اللعنة لا يخفف عنهم ولا هم ينظرون أي لا يؤخرون عن الوقت وقوله إلا الذين تابوا موضع الذين نصب استثناء من قوله عليهم لعنة الله إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا أي أظهروا انهم كانوا على ضلال وأصلحوا ما كانوا أفسدوه وغروا به من تبعهم ممن لا علم عنده فإن الله غفور رحيم اعلم الله ان من سعة رحمته وتفضله أن يغفر لمن اجترأ عليه هذا الإجتراء لأن هذا ممن لا غاية بعده وهو إنه كفر بعد تبين الحق وقوله إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم إزدادوا كفرا لن تقبل توبتهم يقال في التفسير إنهم هؤلاء النفر الذي إرتدوا بعد إسلامهم ثم أظهروا إنهم يريدون الرجوع إلى الإسلام فأظهر الله أمرهم لأنهم كانوا يظهرون أنهم يرجعون إلى الإسلام وعقدهم الكفر والدليل على ذلك قوله وأولئك هم الضالون لأنهم لو حققوا التوبة لكانوا مهتدين ويدل على ذلك قوله إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا لأن الكافر الذي يعتقد الكفر ويظهر الإيمان عند الله كمظهر الكفر لأن الإيمان التصديق والتصديق لا يكون إلا بالنية ومعنى فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا أي لو عمل الكفر وقدم ملء الأرض ذهبا يتقرب به إلى الله لم ينفعه ذلك مع كفره وكذلك لو افتدى من العذاب بملء الأرض ذهبا لم يقبل منه فأعلم الله إنه لا يثيبهم على أعمالهم بالخير ولا يقبل منهم الفداء من العذاب أخبرنا

الشيخ أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري البيهقي الفقيه بنيسابور قال أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي المفسر قال قوله عزوجل إن الذين كفروا بعد إيمانهم قال ابن عباس نزلت في اليهود كفروا بعد إيمانهم بمحمد بعد بعثه ثم إزدادوا كفرا بالإقامة على كفرهم حتى هلكوا عليه قال قتادة أن اليهود كفروا بعيسى والإنجيل بعد إيمانهم بأنبيائهم وكتبهم ثم إزدادوا كفرا بكفرهم بمحمد والقرآن لن يقبل توبتهم لأنهم لا يتوبون إلا عند حضور الموت وقوله فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ملء الشيء قدر ما يملاءه يقال ملء القدح وانتصب ذهبا على التفسير قال الزجاج المعنى لو قدم ملء الأرض ذهبا يتقرب به إلى الله لم ينفعه ذلك مع كفره ولو افتدى من العذاب بملء الأرض ذهبا لم يقبل منه أخبرنا الشيخ أبو العباس عمر بن عبد الله بن أحمد الأرغياني الفقيه بنيسابور قال ثنا أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري قال قوله تعالى إن الذين كفروا بعد إيمانهم الآية قال الحسن وقتادة وعطاء الخراساني نزلت في اليهود كفروا بعيسى والإنجيل ثم إزدادوا كفرا بمحمد والقرآن وقال ابو العالية نزلت في اليهود النصارى كفروا بمحمد بعدإيمانهم بنعته وصفته ثم إزدادوا كفرا بإقامتهم على كفرهم فهذه أقوال المعتبرين من الأئمة المفسرين إنها نزلت في المرتدين الحيارى أو في اليهود والنصارى الذين تابوا بعد الفوت عند حضور الموت فكيف يحتج بهذا

الأهوازي في حق معتقد للإسلام ملتزم لما ورد فيه من الأحكام رجع عما كان عليه إختيارا ولم يلجأ إلى الرجوع عنه إضطرار فتمسكه بالآية غاية الجهل واحتجاجه بها نهاية قلة العقل وما تمسك به من الأخبار في ان توبته لا تتقبل فمن الأخبار التي لا تصح عند أرباب النقل ولا تقبل وهي متروكة بإجماع اهل العلم فلا يحتج بها إلا قليل الفهم وقوله أن التوبة لا تصح من المبتدع حتى يرجع عن بدعته ويرجع من ابتدع بابتداعه ووافقه على عقيدته فمن أين علم أن أحدا قال بالاعتزال تقليدا لأبي الحسن وذلك مذهب كان قد انتشر في سالف الزمن ولو سلمنا له ذلك من طريق الجدل وصححنا قوله على ما فيه من الخطل فكيف يمكنه ان يقول أن من أضله ابو الحسن فابتدع لم يرجع إلى مذهب أهل السنة حين اهتدى هو ورجع وهذا مما لا يقدر أن يدل عليه ولا يمكنه بوجه المصير إليه وقوله إن إعتقاد البدعة ما يتاب منه ولا يتصور عنده الرجوع عنه ولا يعتقد البدعي إنه كان على باطل فقول لا يصدر مثله إلا عن رجل جاهل فلو كان إعتقاد البدعة لا يتاب منه بحال كان دعاء أئمة أهل السنة إليها وحثهم على اجتناب البدع نوع محال لأنهم دعوا إلى شيء غير متصور وطمعوا في حصول امر متعذر وإنما لا نقول للبدعي أنت كنت على باطل ما دام مبتدعا لا حين يفصح بالرجوع ويصير للسنة متبعا وقد جاء عن نعيم بن حماد المرزوي ما يدل على بطلان قول هذا المختزي وذلك فيما أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد الملك بن خيرون وأبو الحيس علي بن الحسين بن سعيد قال محمد

أخبرنا وقال علي ثنا أبو بكر أحمد بن ثابت قال أنا محمد بن جعفر بن علان قال محمد بن جرير الطبري قال سمعت صالح بن مسمار يقول سمعت نعيم بن حماد يقول أنا كنت جهميا فلذلك عرفت كلامهم فلما طلبت الحديث عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل وما ذكره في معنى كتاب الإبانة فقول بعيد من أقوال أهل الديانة كيف يصنف المسلم كتابا يخلده وهو لا يقول بصحة ما فيه ولا يعتقده وقوله لا أحسن الله له رعاية أن أصحاب الأشعري جعلوا الإبانة من الحنابلة وقاية فمن جملة أقواله الفاسدة وتقولاته المستبعدة الباردة بل هم يعتقدون ما فيها أشد اعتقاد ويعتمدون عليها أشد إعتماد فإنهم بحمد الله ليسوا معتزلة ولا نفاة لصفات الله معطلة لكنهم يثبتون له سبحانه ما أثبته لنفسه من الصفات ويصفونه بما تصف به في محكم الآيات وبما وصفه به نبيه في صحيح الروايات وينزهونه عن سمات النقص والآفات فإذا وجدوا من يقول بالتجسيم او التكييف من المجسمة والمشبهة ولقوا من يصفه بصفات المحدثات من القائلين بالحدود والجهة فحينئذ يسلكون طريق التأويل ويثبتون تنزيهه بأوضح الدليل ويبالغون في إثبات التقديس له والتنزيه خوفا من وقوع من لا يعلم في ظلم التشبيه فإذا آمنوا من ذلك رأوا أن السكوت أسلم وترك الخوض في التأويل إلا عند الحاجة أحزم وما مثالهم في ذلك إلا مثل الطبيب الحاذق الذي يداوي كل داء من الأدواء بالدواء الموافق فإذا تحقق غلبة البرودة على المريض داواه بالأدوية الحارة ويعالجه

بالأدوية الباردة عند تيقنه منه بغلبة الحرارة وما هذا في ضرب المثال إلا كما روي عن سفيان إذا كنت بالشام فحدث بفضائل علي رضي الله عنه وإذا كنت بالكوفة فحدث بفضائل عثمان رضي الله عنه وما مثال المتأول بالدليل الواضح إلا مثال الرجل السابح فإنه لا يحتاج إلى السباحة ما دام في البرفان اتفق له في بعض الأحايين ركوب البحر وعاين هو له عند إرتجاجه وشاهد منه تلاطم امواجه وعصفت به الريح حتى انكسر الفلك وأحاط به أن لم يستعمل السباحة الهلك فحينئذ يسبح بجهده طلبا للنجاة ولا يلحقه فيها تقصير حبا للحياة فكذلك الموحد ما دام سالكا محجة التنزيه آمنا في عقده من ركوب لجة التشبيه فهو غير محتاج إلى الخوض في التأويل لسلامة عقيدته من الشبه والأباطيل فاما إذا تكدر صفاء عقده بكدورة التكييف والتمثيل فلا بد من تصفية قلبه من الكدر بمصفاة التأويل وترويق ذهنه براووق الدليل لتسليم عقيدته من التشبيه والتعطيل ولم يزل كتاب الإبانة مستصوبا عند أهل الديانة وسمعت الشيخ أبا بكر احمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن بشار البوشنجي المعروف بالخر كردي الفقيه الزاهد يحكي عن بعض شيوخه ان الإمام أبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني النيسابوري قال ما كان يخرج إلى مجلس درسه إلا وبيده كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري ويظهر الإعجاب به ويقول ماذا الذي ينكر على من هذا الكتاب شرح مذهبه فهذا قول الإمام أبي عثمان وهو من أعيان اهل الأثر بخراسان وقول الأهوازي إن الحنابلة لم يقبلوا منه ما أظهره في كتاب الإبانة

وهجروه فلو كان الأمر كما قال لنقلوه عن أشياخهم وأظهروه ولم أزل أسمع ممن يوثق به إنه كان صديقا للتميميين سلف أبي محمد رزق الله ابن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحرث وكانوا له مكرمين وقد ظهر أثر بركة تلك الصحبة على أعقابهم حتى نسب إلى مذهبه ابو الخطاب الكلوذاني من أصحابهم وهذا تلميذ أبي الخطاب أحمد الحربي يخبر بصحة ما ذكرته وينبي وكذلك كان بينهم وبين صاحبه أبي عبد الله بن مجاهد وصاحب صاحبه أبي بكر بن الطيب من المواصلة والمؤاكلة ما يدل على كثرة الإختلاق من الأهوازي والتكذب وقد أخبرني الشيخ أبو الفضل بن أبي سعد البزاز عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي الحنبلي قال سألت الشريف أبا علي محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي فقال حضرت دار شيخنا أبي الحسن عبد العزيز بن الحرث التميمي سنة سبعين وثلاثمائة في دعوة عملها لأصحابه حضرها أبو بكر الأبهري شيخ المالكيين وأبو القسم الداركي شيخ الشافعيين وأبو الحسن طاهر بن الحسن شيخ أصحاب الحديث وأبو الحسين بن سمعون شيخ الوعاظ والزهاد وأبو عبد الله بن مجاهد شيخ المتكلمين وصاحبه أبو بكر بن الباقلاني في دار شيخنا أبي الحسن التميمي شيخ الحنابلة قال أبو علي لو سقط السقف عليهم لم يبق بالعراق من يفتي في حادثة يشبه واحدا منهم وحكاية الأهوازي عن البربهاري

مما يقع في صحته التماري وأدل دليل على بطلانه قوله إنه لم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها وهو بعد إذ صار إليها لم يفارقها ولا رحل عنها فإن بها كانت منيته وفيها قبره وتربته ولا يدعي إنه لم يظهر بها إلا مثل هذا المختزي وقد تقدم ذكر جلوسه في حلقة أبي اسحق المرزوي وإنه كان يحضرها في أيام الجمع بالجانب الغربي في جامع المنصور ووالجمع أكثر الأيام جمعا في أعظم الجوامع بها في حلقة ذلك الإمام المشهور وقد أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني وأبو الحسن علي ابن أحمد بن منصور الغساني قال ثنا وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني قال أنا ابو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ قال أخبرني علي ابن المحسن القاضي قال ثنا ابو اسحق إبراهيم بن أحمد المعدل قال سمعت ابا حعفر محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله المقري يقول قال لي أحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني وهو ابن أختي رأيت النبي في النوم فقلت يارسول الله عمن آخذ القرآن فقال عن أبي بكر بن

الأنباري فقلت فالفقه قال عن أبي اسحق المرزوي ولئن صحح حكاية البربهاري وقال بثبوتها فلقد نعته وطائفته بالجهل

وهو أخص نعوتها هل يرد على اليهود والنصارى او المجوس بقول أحمد إلا ذو اللب المعكوس وإن زعم أن مجادلة اهل الكتاب لا تجوز ولا تستحسن فقد قال الله تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وهو ما ذكره أبو الحسن من الحجج وشرحه وبينه لمن أراد سلوك طريقة فيه وأوضحه ولو احتج محتج على مخالفي الملة بمنصوصات أحمد بن حنبل لم يصح له إيضاح الأدلة وأما قوله في مسئلة الإيمان فمن جنس ما تقدم منه من البهتان وأبو الحسن لا يقول بقدم الإيمان على الإطلاق وإنما يقول بقدم صفات العليم الخلاق فمن اسمائه التي سمى بها نفسه

المؤمن قال سبحانه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن فقيل إنه مشتق من الإيمان وقيل بل هو مأخوذ من الأمان فمن قال إنه اشتق من الإيمان فلأنه صدق نفسه فقال ومن أصدق من الله قيلا ومن قال إنه مأخوذ من الأمان فلأنه من أولياءه من ظلمه فلا يظلمهم فتيلا فأبو الحسن نفى الخلق عن الإيمان الذي هو صفة من صفات الرحمن فأما الإيمان الذي هو صفة الإنسان فالقول بقدمه عين البهتان وكيف يكون الإنسان محدثا وصفته قديمة وهل يتصور ذلك إلا من مسخ بعد الإنسانية بهيمة وقد وقفت على هذه المسئلة من تصنيف أبي الحسن فوجدت إستدلاله فيها يدل على هذا التفصيل الحسن وأما قوله إنه قد ثبت وصح بنقل الفضلاء إنه كان لا دين له فغير صحيح عند العلماء والعقلاء فعند من صح ذلك اعند أمثاله من السالمية أم صدق فيه أقوال أعدائه من المعتزلة والجهمية فإن أراد إنه قد صح عنده فإنه بحمد الله لا عند له وكيف يصدق مثله عليه وقد تبينت سوء اعتقاده وخطله وأما حكايته عن أبي الحسن الشاهد بالأهواز فعن مجهول لم يعرف إلا بالسقط والاحتراز ومقالته خارجة عن حد الإعتدال تنبىء عنه إنه كان من القائلين بالإعتزال لأنه جعل الخروج عن مذهب أهل الإعتزال الحادا وكفى بهذا القدر من قوله فسادا فأما تشبيهه أبا الحسن بابن الروندي فإنه فيه غير مصيب عندي فقد ذكرت تسمية ما نقض عليه أبو الحسن من تواليفه وبين من فساد أقواله في كتبه وتصانيفه فكيف يقرن بينهما

في الإلحاد مع ما كان بينهما من الخلاف والعناد وأما حكايته عن أخيه أحمد بن علي الأهوازي في بويلة العيد وإنه لم يصل عشرين سنة فمن الكذب المستنكر البعيد فمن يعرف بالعدالة اخاه ومن ذا يصدقه فيما ذكره أو حكاه وقد تقدم في باب ذكر اجتهاده في العبادة ما يكذبه وإياه ويوضح أن أحدهما اختلق ذلك عليه وافتراه وكيف يترك إنسان الصلاة هذه المدة الطويلة في مثل ذلك الزمان ولا يقتل أم كيف يعرف ذاك من حال رجل ثم لا يستفيض عنه وينقل وأي معنى في تخصيصه بويلة العيد بانها لا توثر في انتقاض الوضوء فقد ظهر أن الحامل له على التشنيع عليه بمثل هذا فرط الغلو وأما ما حكاه عن ابن الصعلوكي عن ابيه فما يقطع بأن الأهوازي كذب فيه وأخطأ في تسميته الصعلوكي فلم يدر كيف يسميه وهو الإمام ابن الإمام الفقيه ابن الفقيه كان أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان وأبوه

الإمام أبو سهل الصعلوكيان وختنهما القاضي أبو عمر محمد بن الحسين أشد أهل خراسان نصرة للمذهبين مذهب الشافعي ومذهب الأشعري فكيف خفي مثل هذا على هذا الأبله المفتري فإن هؤلاء الثلاثة كانوا في زمانهم القائمين بالدعاء إلى مذهب الأشعري ونصرته ولا يحتاج هذا القول إلى ان أدل عليه لشهرته فلو كان ما حكاه عنهما صحيحا لكان انتسابهما إلى مذهبه منهما قبيحا وكيف يعتقد إنسان تفضيل إمام أو يقول بإمامته وهو متحقق منه ما يقضي بانسلاخه من ديانته وقد ذكرت مدح أبي سهل الصعلوكي للأشعري فيما سبق فبان كذب الأهوازي فيما تخرص واختلق وأما قوله إنه اقام بالبصرة لا يختلف إليه أحد من أهل العلم لأنه ليس هو من أهل العلم فقول حمله عليه

رقة الدين وقلة الحياء وعدم الفهم وهل ينكر علم أبي الحسن رحمه الله بشر وذكره بالعلم بين العلماء الفقهاء منتشر وقوله إنه لم يكن له من الأصحاب الأربعة فقول ينكره من العلماء من سمعه بل قد صحبه جماعة أعلام كل منهم في فنه إمام تفرقوا في الأقطار وعلموا اهل الأمصار فكان للخلق حوراة وإلى الحق دعاة وعند التعليم وعاة ولما يؤدي إلى الباطل نفاة فاستبصر بتبصيرهم الجم الغفير واهتدى بهديهم الخلق الكثير وقد تقدم ذكر جماعة من مذكوريهم وشرح أحوالهم الفضلاء من مشهوريهم بما فيه غنية في تكذيب الأهوازي فيما أتى به وإظهار جهله وقلة معرفته بالأشعري وأصحابه ومن جملة أقوال الأهوازي المختلقات الفريات قوله أن ابن عينون الضراب لم يظهر ببغداد شيأ من الكفريات فهل في اعتقاد الأشعري كفريات كتمها ابن عينون وأظهرها غيره من أصحابه فتمسك بها الطاعنون ما اعتقاد ابن عينون وغيره من الأشعرية إلا أبعد إعتقاد من المسائل الكفرية وهم المتمسكون بالكتاب والسنة التاركون للأسباب الجالبة للفتنة الصابرون على دينهم عند الإختبار والمحنة الظاهرون على عدوهم مع إطراح الإنتصار والأحنة لا يتركون التمسك بالقرآن والحجج الأثرية ولا يسلكون في المعقولات مسالك المعطلة القدرية لكنهم يجمعون في مسائل الأصول بين الأدلة السمعية وبراهين العقول ويتجنبون افراط المعتزلة ويتكبون طرق المعطلة ويطرحون تفريط المجسمة المشبهة ويفضحون بالبراهين عقائد الفرق المموهة وينكرون مذاهب

الجهمية وينفرون عن الكرامية والسالمية ويبطلون مقالات القدرية ويرذلون شبه الجبرية ويتبرؤن من الروافض والخوارج ويظهرون المواقفين عن الحق وجوه المخارج فمذهبهم اوسط المذاهب ومشربهم أعذب المشارب ومنصبهم أكرم المناصب ورتبتهم أعظم المراتب فلا يؤثر فيهم قدح قادح ولا يظهر فيهم جرح جارح وقد ذكرت فيما تقدم شرح اعتقادهم فلا يطعن فيهم إلا الذين عموا عن رشادهم وأما عده في أصحابه الأربعة القلانسي فإنه جهل في قوله أو نسي أبو العباس أحمد ابن عبد الرحمن بن خالد القلانسي الرازي من معاصري أبي الحسن رحمه الله لا من تلامذته كما قال الأهوازي وهو من جملة العلماء الكبار الإثبات واعتقاده موافق لإعتقاده في الإثبات وما ذكره في حق صاحبه أبي عبد الله بن مجاهد ففيما ذكر أبو بكر الخطيب من حاله على تكذيبه أكبر شاهد وما ذكره في حق القاضي أبي بكر بن الباقلاني

رحمه الله من إنه كان اجير الفامي وإنه إنما ارتفع قدره بمداخلة السلاطين لا بالعلم فعين الجهل والتعامي وهل ينكر فضل القاضي أبي بكر في العلم والفهم من شم أدنى شمة من العلم وتصانيفه في الخلق مبثوثة وعلومه عنه مستفادة موروثة وقد كان يدرس المدة الطويلة في دار السلام ويصنف الكتب الجليلة في قواعد الإسلام ويؤخذ عنه علم الفقه على مذهب مالك بن انس وينتفع بدروسه في أصول الدين والفقه كل مقتبس والرحلة إليه من الشرق والغرب فقوله في حقه قول من لا يتحاشى من الكذب وقوله ان ابا الحسن الطبري رفيق أبي بكر بن الباقلاني لم يظهر بالكلام قط فقول جاهل بالرجال قليل الإحتراز فيما يحكيه بالتحفظ فيه والضبط فإن أبا الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري مبرز في علم الكلام مذكور وكتابه في الكلام على المتشابه من الآيات وأحاديث الصفات مشهور وليس هو رفيق القاضي أبي بكر بن الباقلاني وأعجب من خطأه الأول فيه خطأه الثاني وإنما هو تلميذ أبي الحسن الأشعري ومنه تعلم وله صحب برهة من الزمان وبه

تفهم وقد ذكر أبو حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي قال ثنا أبو الحسن الطبري قال رأيت أبا الحسن الأشعري وهو يناظر الخالدي وأنشد في آخر كلامه ... جنونك مجنون فلست بواجد ... طبيبا يداوي من جنون جنون ... وأما قوله لم يظهر بالكلام فلفظ مختل المعنى والنظام فلو قال لم يظهر الكلام أو لم يتظاهر ولكنه غير بصير في قوله بوجه الإنتظام وأما قوله لم تكن للأشعري منزلة في العلم والقرآن والفقه والحديث فكذب معاد قد كثر تكراره وترداده من هذا الجاهل الخبيث أما علم القرآن فقد صنف فيه التفسير الذي لا يختلف في جلالة قدره وأما العلم بالأصول فكان فيه باجماع العلماء أوحد عصره وأما علم الفقه فقد كان يذهب فيه مذهب الشافعي أو مذهب مالك وأهل المدينة وصنف في أصوله كتبا شحنها بالأدلة المبينة وأما علم الحديث فقد سمع منه قدر ما تدعوه الحاجة إليه وحصل منه ما يسع الاعتماد في الاستدلال عليه وقد روى في تفسيره حديثا كثيرا عن سهل بن نوح البصري ومحمد بن يعقوب المقري وعبد الرحمن بن خلف الضبي وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي وأبي يحيى زكريا بن يحيى الساجي وغيرهم وإنما لم ينشر عنه الحديث بالرواية لأنه كان قد قصر همته على الدراية وصرفها إلى ما تقوى به الأصول فلهذا عز إلى حديثه الوصول وليت شعري ما معنى تفرقته بين العلم وما ذكر بعده كأن القرآن و الفقه والحديث غير العلم عنده وقد كان ينبغي أن يقول في العلم

بالقرآن والحديث والفقه حتى يكون كلامه صحيحا قد أتى به على الوجه وأما قوله أن أصحاب الكلام لا تجدهم إلا في الصدر مع الفلاسفة والهندسة والمنطق والزندقة فمن جنس ما تقدم منه من الكذب والبهتان والتمويه والمخرقة كيف يكون الأمر كما قال وهم الذين يردون عليهم ويحذرون الناس من الميل إليهم ويهتكون بالأدلة جميع أستارهم ويظهرون ما يكتمون من أسرارهم ويبدون للخلق عوارهم ويبينون بعدهم من الحق ونفارهم وما أعجب قول هذا الجاهل السفيه مع الفلاسفة والهندسة كأنه لا يفرق بين الصفة وبين المنسوب إليها لغلبة الجهل عليه والوسوسة وقوله ومع من يقول بالكفر والإلحاد فقول منه ظاهر الفساد كيف يكونون معهم وهم الذين يبينون كفرهم وبدعتهم وكيف يظنون منهم وهم الذين ينفرون عنهم أم كيف يضافون إليهم وهم الرادون عليهم ولو كان الأهوازي متدينا مسلما لم يكفر إماما مقدما فقد جاء عن النبي إنه قال إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما وقد أخبرنا الشيخان أبو القسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمرقندي وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب ببغداد قالا أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الخطيب الصريفيني قال أنا ابو القسم عبيد الله بن محمد بن اسحق البزاز قال ثنا عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز قال ثنا علي بن الجعد قال أنا شعبة عن عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر عن النبي قال إذا قال الرجل لأخيه يا كافر أو أنت كافر فقد باء بها أحدهما فإن كان كما قال وإلا رجعت

إلى الأول أخرجه محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه عن غسماعيل ابن أبي أويس المدني عن خاله مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن الحسين بن عبد الملك الأديب بأصبهان قال انا ابو طاهر احمد بن محمود الأديب قال أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم العاصمي قال ثنا ناعم بن السري بطرسوس قال ثنا أبو سعيد الأشج عبد الله بن سعيد الكندي قال ثنا ابن فضيل عن أبيه عن رقبة يعني ابن مصقلة عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إلا أن يكون كما قال هذا صحيح على شرط مسلم وأخبرنا الشيخ أبو المظفر عبد المنعم ابن الأستاذ أبي القسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال أنا أبي قال أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمد بن اسحق بن أزهر الأزهري قال انا أبو عوانة يعقوب بن اسحق الإسفرايني قال ثنا علي بن حرب قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك قال قال النبي من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ومن قذف مؤمنا بالكفر فهو كقتله ولعن المؤمن كقتله وليس على الرجل نذر فيما لا يملك ومن حلف إنه بريء من الإسلام فهو كما قال هذا حديث صحيح متفق على صحته وأخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور بن محمد الغساني الفقيه قال أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد ابن عثمان السلمي قال أنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد قال أخبرنا أبو بكر

محمد بن جعفر بن محمد العسكري قال ثنا العباس بن محمد بن حاتم الدوري قال ثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو المنقري قال ثنا عبد الوارث بن سعيد التنوري قال ثنا حسين بن ذكوان المعلم عن عبد الله بن بريدة قال أخبرني يحيى بن يعمر أن أبا الأسود الدئلي حدثه عن أبي ذر إنه سمع رسول الله يقول لا يرمي رجل رجلا بالفسق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك أخرجه البخاري عن أبي معمر وأخبرنا الشيوخ أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك النيسابوري المعروف بالكرماني الفقيه ببغداد وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن وأبو القسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي بنيسابور قالوا أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف القيرواني قال أنا ابو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن اسحق بن خزيمة قال ثنا جدي أبو بكر محمد بن اسحق قال ثنا رجاء بن محمد العذري ثنا ابو الحسن محمد بن بكر البرساني قال ثنا الصلت بن مهران قال ثنا الحسن قال ثنا جندب بن عبد الله البجلي في هذا المسجد عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله إن مما اخاف عليكم بعدي رجل قرأ كتاب الله عزوجل حتى إذا رؤيت عليه بهجته وكان ردءا للإسلام أغتره ذلك إلى ما شاء الله فانسلخ منه وخرج على جاره بالسيف وشهد عليه بالشرك قلنا يارسول الله من أولى بها المرمي أو الرامي قال بل الرامي وأخبرنا الشيخان أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن النيسابوريان بها قالا أنا أبو سعيد

محمد بن علي بن محمد الصوفي المعروف بالخشاب قال أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الجوزقي قال انا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن ابن محمد الدغولي قال أنا أحمد بن إبراهيم بن حرب النيسابوري قال ثنا يزيد بن هارون قال ثنا جهير بن يزيد العبدي عن خداش بن عياش قال كنت في حلقة بالكوفة إذا رجل يحدث قال كنا جلوسا مع ابي هريرة فمر فتى فقال رجل من الحلقة هذا كافر من أهل النار فقام أبو هريرة حتى أتى الفتى فقال من انت انا فلان بن فلان رحم الله اباك قال فجعل الفتى يلتفت فقال إلام تلتفت قال لم أصل قال وتصلي فقال سبحان الله فقال وتقول سبحان الله قال لا إله إلا الله قال وتقول لا إله إلا الله فقال ما أريد أني تركت الصلاة وأن لي ما على وجه الأرض قال رحمك الله رحمك الله ثم جاء حتى أخذ مجلسه فقال سمعت رسول الله يقول من شهد على مسلم بشهادة ليس لها بأهل فليتبوأ مقعده من النار وأخبرنا الشيخ أبو القسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال أنا ابو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور قال ثنا أبو القسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير إملاء قال ثنا أبو القسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا زيد بن أخزم قال ثنا أبو قتيبة قال ثنا منصور بن دينار عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن رجلا قال لإبن عمر أن لي جارا يشهد علي بالشرك فقال قل لا إله إلا الله تكذبه وأخبرنا الشيخ أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء بن أبي منصور الصيرفي بأصبهان قال أنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي بن القسم بن الرواد

الكاتب وأبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد الثقفي الأديب قالا أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن المقري قال ثنا أبو محمد جعفر بن أحمد الزبعي قال ثنا أحمد بن جعفر المعقري قال ثنا النضر بن محمد قال ثنا عكرمة يعني ابن عمار قال ثنا سوار بن شبيب الأعرجي قال كنت قاعدا عند ابن عمر فجاء رجل فقال يا ابن عمر إن أقواما يشهدون علينا بالكفر والشرك فقال ويلك أفلا قلت لا إله إلا الله قال فقال أهل البيت لا إله إلا الله حتى ارتج البيت أخبرنا أبو الفضل محمد بن اسماعيل بن الفضل الفضيلي قال أنا ابو القسم أحمد بن محمد بن محمد الخليلي ببلخ قال أنا ابو القسم علي بن أحمد بن محمد بن الحسن الخزاعي قال أنا ابو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي قال ثنا ابن عفان العامري قال ثنا ابن نمير قال ثنا الأعمش عن أبي سفيان قال أتينا جابر بن عبد الله وكان مجاورا بمكة وكان نازلا في بني فهر فسأله رجل فقال هل كنتم تدعون أحدا من أهل القبلة مشركا قال معاذ الله وفزع لذلك قال هل كنتم أظنه تدعونه كافرا قال لا فهذه الأخبار تمنع من تكفير المسلمين فمن اقدم على التكفير فقد عصى سيد المرسلين وإنما اقتدى الأهوازي في تكفيره إياه وتهمته بالضلال بقول من كفره من القائلين بمذاهب اهل الإعتزال وقد قرأت بخط علي بن بقاء الوراق المحدث المصري رسالة كتب بها ابو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني الفقيه المالكي وكان مقدم أصحاب مالك رحمه الله بالمغرب في زمانه إلى علي بن أحمد بن إسماعيل البغدادي المعتزلي جوابا عن رسالة كتب بها إلى المالكين من أهل القيروان

يظهر نصيحتهم بما يدخلهم به أقاويل أهل الإعتزال فذكر الرسالة بطولها في جزء وهي معروفة فمن جملة جواب ابن أبي زيد له أن قال ونسبت ابن كلاب إلى البدعة ثم لم تحك عنه قولا يعرف إنه بدعة فيوسم بهذا الإسم وما علمنا من نسب إلى ابن كلاب البدعة والذي بلغنا إنه يتقلد السنة ويتولى الرد على الجهمية وغيرهم من أهل البدع يعني عبد الله بن سعيد بن كلاب وذكرت الأشعري فنسبته إلى الكفر وقلت إنه كان مشهورا بالكفر وهذا ما علمنا أن أحدا رماه

بالكفر غيرك ولم تذكر الذي كفر به وكيف يكون مشهورا بالكفر من لم ينسب هذا إليه أحد علمناه في عصره ولا بعد عصره وقلت إنه قدم بغداد ولم يقرب أحدا من المالكيين ولا من آل حماد بن زيد لعلمه أنهم يعتقدون أنه كافر ولم تذكر ما الذي كفروه به ثم ذكر ابن أبي زيد تشنيع علي بن أحمد البغدادي على الأشعري في مسئلة اللفظ ثم قال ابن أبي زيد في الرد على البغدادي والقارىء إذا تلا كتاب الله لو جاز أن يقال أن كلام هذا لقارىء كلام الله على الحقيقة لفسد هذا لأن كلام القارىء محدث ويفنى كلامه ويزول وكلام الله ليس بمحدث ولا يفنى وهو صفة من صفاته وصفته لا تكون صفة لغيره وهذا قول محمد بن اسمعيل البخاري وداود الأصبهاني وغيرهما ممن تكلم في هذا وكلام محمد بن سحنون إمام المغرب وكلام سعيد بن محمد بن الحداد وكان من المتكلمين من أهل السنة وممن يرد على الجهمية ثم ذكر حكاية أحمد ابن حنبل رحمه الله مع أبي طالب التي أخبرنا بها الشيخان أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي وأبو الحسن عبيد الله بن محمد بن احمد البيهقي قالا أنا ابو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال أنا ابو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن ابي عمر قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال سمعت أبا بكر محمد بن اسحق يقول سمعت أبا محمد فوران يقول جاءني صالح بن أحمد وأبو بكر المروروذي عندي فدعاني إلى ابي عبد الله وقال لي إنه قد بلغ أن ابا طالب قد حكى عنه إنه يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق فقوموا إليه فقمت واتبعني صالح وأبو بكر

فدار صالح من بابه فدخلنا على أبي عبد الله ووافانا صالح من بابه فإذا أبو عبد الله غضبان شديد الغضب يتبين الغضب في وجهه فقال لأبي بكر إذهب جئني بأبي طالب فجاء أبو طالب وجعلت أسكن أبا عبد الله قبل مجيء أبي طالب وأقول له حرمة فقعد بين يديه وهو يرعد متغير الوجه فقال له أبو عبد الله حكيت عني أني قلت لفظي بالقرآن غير مخلوق قال إنما حكيت عن نفسي فقال له لا تحك هذا عنك ولا عني فما سمعت عالما يقول هذا وقال له القرآن كلام الله غير مخلوق حيث تصرف فقلت لأبي طالب وأبو عبد الله يسمح أن كنت حكيت هذا لاحد فأذهب حتى تخبره أن ابا عبد الله قد نهى عن هذا قال ابن ابي زيد وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل به يقتدي وقد أنكر هذا وما انكر أبو عبد الله أنكرناه فكيف يسعك أن تكفر رجلا مسلما بهذا ولا سيما رجل مشهور إنه يرد على أهل البدع وعلى القدرية الجهمية متمسك بالسنن مع قول من قاله معه من البخاري وغيره فلو ذكرت أمرا يجب تكفير قائله عند أهل السنة كان لك ذلك لأنا لا تعتقد أنا نقلد في معنى التوحيد والاعتقادات الأشعري خاصة ولكن لا يحل لنا أن نكفره أو نبدعه إلا بأمر لا شك فيه عند العلماء وإذا رأينا من فروع أقاويله شيئا ينفرد به تركناه ولا نهجم بالتضليل والتبديع بما فيه الريب وكل قائل مسؤل عن قوله وما مثال تشنيع هذا المعتزلي الغليظ الفظ على أبي الحسن رحمه الله في مسئلة اللفظ إلا كتشنيع رافضي على رجل من أهل السنة بتنقصه لمروان وهو يستجيز لنفسه لعن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لأن

هذا المعتزلي وأهل مذهبه يدينون بخلق القرآن فكيف يشنع على من يرى خلق الألفاظ به والألحان ولكنه لما لم يتجاسر على إظهار ما كان يضمره ويدعو إليه منه موه على اهل المغرب بما ظنه يكون سببا لنفورهم عنه فلم يلتفتوا للاستضلاعهم بالعلم إلى تمويهه ووجهوا قول الأشعري في اللفظ على احسن وجوهه فان قلد الأهوازي المعتزلة وأطلق القول بتكفيره لشدة جهله فإن الأشعري كان لا يرى تكفيره ولا تكفير أحد من أهل القبلة لسعة فضله وقد تقدمت عنه في ذلك حكاية زاهر بن أحمد وهي الحكاية التي ينبغي أن يصار إليها في التكفير ويعمد لأنه القول الأخير الذي مات عليه وأكثر المحققين من أصحابه ذهب إليه فأما الأصحاب فانهم مع اختلافهم في بعض المسائل مجمعون على ترك تكفير بعضهم بعضا بخلاف من عداهم من سائر الطوائف وجميع الفرق فانهم حين اختلفت بهم مستشنعات الأهواء والطرق كفر بعضهم بعضا ورأى تبريه ممن خالفه فرضا وظهرت منهم إمارات المعاداة والتباغض كما عرف من فرق المعتزلة والخوارج والروافض وما ذلك إلا من أمر الله عزوجل عليهم وإحسانه في الائتلاف مع وجود الإختلاف إليهم وأما تهمته إياهم بترك الكتاب والأثر وتعييرهم بركوب القياس والخطر فكذب منه وزور ودعوى باطلة وغرور هل تمسكهم إلا بالكتاب المبين وهل تعلقهم إلا بالحديث المتين وهم الذين يستنبطون المعاني من النصوص ويبينون وجه العموم والخصوص ويكشفون عن الأحاديث بالتنقيب عنه والتصحيح

ويأخذون في المختلف منها بانواع الترجيح ويتبعون مما اختلف من الروايات رواية الثقات من المحدثين الاثبات لا كالأهوازي الذي إن جمع فخاطب ليل وإن تكلم فكلامه لغثاثته كغثاء سيل حتى لقد احتج في صفات الرحمن بما لا يحتج بمثله لضعفه في حيض النسوان وأما قوله لم يزل قول الأشعري مهجورا فقد جاء في قوله ظلما وزورا كيف يكون مهجورا وأكثر العلماء في جميع الأقطار عليه وأئمة الأمصار في سائر الأعصار يدعون إليه ومنتحلوه هم الذين عليهم مدار الأحكام وإليهم يرجع في معرفة الحلال والحرام وهم الذين يفتون الناس في صعاب المسائل ويعتمد عليهم الخلق في إيضاح المشكلات والنوازل وهل من الفقهاء من الحنيفية والمالكية والشافعية إلا موافق له أو منتسب إليه أو راض بحميد سعيه في دين الله أو مثن بكثرة العلم عليه غير شرذمة يسيرة تضمر التشبيه وتعادي كل موحد يعتقد التنزيه وتضاهي أقوال اهل الاعتزال في ذمه وتباهي باظهار جهلها بقدرة سعة علمه وقوله إن مذ قوي ذلك أقل من ثلاثين سنة فلعمري إنه إنما اشتهرت هذه النسبة من الأزمنة في عصر القاضي أبي بكر بن الباقلاني ذي التصانيف المستحسنة وانتشرت ببغداد وغيرها من البلدان والأمكنة وقد ذكرت فيما تقدم إن الإنتساب إلى غير الإعتزال كان فاشيا منتشرا وكل من كان متسننا كان متخفيا مستترا إلى أن قام القاضي أبو بكر بنصرة المذهب وانتشر عنه في المشرق والمغرب وكان يظهره في دار السلام التي هي قبة الإسلام فلم يظهر لذاك تغيير من الإمام ولا نكير من

السوقة العوام بل كان الكل يتقلدون منه الملة من العوام والأئمة ويلقبونه باجمعهم سيف السنة لسان الأمة وكان بينه وبين جماعة من الحنابلة مخالطة ومؤانسة وإجتماع في سماع الحديث وروايته ومجالسة وقد رأيت سماعه في عدة من الأجزاء والمجالس بخط الحافظ أبي الفتح بن أبي الفوارس وقبره في مقبرة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ظاهر وذكره في جميع الآفاق مشتهر سائر وأما قوله إن الله لا يخلي كل قطر ممن يدحض قولهم ويبين فضيحتهم ويدمغ كلمتهم فلو عكس ما قاله في ذلك لصدق قوله ولم يتهم لأنه لا يخلو كل قطر من قائم منهم بالحجة موضح للناس سبيل المحجة مبين للخلق تمويهات المموهة محذر من مذاهب المعطلة والمشبهة وإن كان كل عصر لا يخلو من قائل بغير علم ومتكلم بغير إصابة ولا فهم مشتمل على أنواع من المعايب مقتد بفعله في تصنيف المثالب غير إنه لا يضر بما يتقول من البهتان إلا خاصة نفسه ولا يعز إلا اغمارا إذا أعتبرتهم وجدتهم من جنسه وأما قوله ولم يزل الأشعري يسير في البلاد ولا يقبل قوله ولا يرتفع حاله وهو مخمول غير مقبول في بلاد الإسلام لا يرى في كنف المسلمين عزا ولا في العلماء إقبالا عليه حتى لحق ببلد إلا حسا بلد لا يدخله مؤمن ولا يقر فيه مسلم وإنما يدخله الفسقة الفجار وأولياء القرامطة الكفار فمن الأقاويل المختلفة والأكاذيب الكبار التي لا يتجاسر على حكاية مثله غير الأوقاح الأغمار ما علمت أبا الحسن دخل من البلاد غير البصرة وبغداد فمن وصفه بالتطواف والسير في الآفاق غير هذا الجاهل

الظاهر الاختلاق الذي لا يشبه قبح اختلاقه ووضعه إلا بغثاثة ألفاظه وسجعه لأنه متى تأتي له في اللفظ وجه السجع تكلم به ولم ينظر إلى فساد الوضع وإنما جاء بلفظه المخمول لما تأتي له غير مقبول فانظروا إلى هذا العالم الفاضل الذي أتى بلفظة المخمول موضع الخامل ولعله لما سمع باجوبة أبي الحسن التي سماها الأجوبة الخراسانية والأجوبة البغدادية وجواب الطبريين وجواب المصريين والدمشقيين والواسطيين والسيرافيين والرامهرمزيين والعمانيين والأرجانيين والجرجانيين ظن لبلادته أنه طاف هذه النواحي والبلدان فتقول عليه ما حكيناه عنه من الزور والبهتان وإنما تلك مسائل وردت عليه من الآفاق وسأله إيضاحها من كتب بها إليه من أهل الخلاف له أو الوفاق فأجاب عنها بأوضح الجواب وبين لمن سأله فيه وجه الصواب وفي ذلك أوفى تكذيب لقوله إنه كان خامل الذكر لا يرى من العلماء إقبالا عليه لوضاعة القدر إذ لو لم يكن معروفا بين العلماء مشهورا لما كان فيما بعد عنه من البلدان مذكورا حتى يكاتب من هذه الجهات النائيات ويسأل عن المسائل المشكلات وما أتى الأهوازي لا رعاه الله فيما أتى به من الطامة الكبرى إلا لما أراد الله من هتك ستره وقضاه من كشف أمره فيما حكى في الحكاية الأخرى وإنما قدر الله له أن يختم كتابه بمثل ذلك الكذب الشنيع ليقطع بكذبه لا حاطه الله في الجميع وكفاه من التكذيب له والاخساء دعواه أن ابا الحسن رحمه الله مات بالاحساء ولا خلاف بين الناس إنه مات ببغداد فمن قال غير ذلك فقدأربى على كل كذاب وزاد وقد ذكرت ذلك فيما

تقدم وأسانيده فلا حاجة بي إلى ان أعيده وقد زرت قبره ببغداد غير مرة واعتبرت برؤية تربته أوفى عبرة وعند قبره من قبور أصحابه ثلاثة قبور كل ذي قبر منها مشهور غير منكور فالمقبور في الأول ابن مجاهد وأبو بكر ابن بنت أبي بكر بن فورك صاحب القبر الثاني والمدفون في القبر الثالث أبو عبد الله محمد بن عتيق بن محمد المتكلم القيرواني وقد ولع بعض جهال الحنابلة بقبره ضرارا وخرب ما بني على تربته رواها الله برحمته مرارا فما ضر ذلك أبا الحسن ولا نقص من قدره كما لم يضر عثمان بن عفان رضي الله عنه من بعض الروافض تحريق قبره حدثنا الشيخ أبو النجم هلال بن حسن بن أحمد الفقيه بجامع دمشق من لفظه قال كنت ببغداد فقصدت زيارة قبر أحمد بن حنبل رحمه الله في جماعة من أهل بغداد والعجم فلما رجعنا اجتزنا بقبر أبي الحسن الأشعري رحمه الله وكان في جملتنا رجل بغدادي ممن ينتمي إلى مذهب الحنابلة فتخلف عنا بعد ذهابنا من تربته وأحدث على قبره ولحق بنا فأخبرني بذلك فكبر علي صنيعه وعاتبته على فعله فقال لو قدرت على عظامه لنبشتها وأحرقتها فقلت له أن ابا الحسن لا يضره ذلك فإنه قد مات منذ زمان فلما كانت تلك الليلة أصابه في بيته بلاء من بلاء الله عزوجل فكان يتضرب ويلقي الدم من حلقه وبقى ثلاثة أيام ثم مات واشتهر بين الناس أمره ولولا أن الأهوازي جهل موضع قبره أو نسي ما حكى ما ذكره عن أبي عبد الله محمد بن محمد المحرسي وإنما أراد الله عزوجل

بذلك إظهار فضيحته ليعلم كل ذي لب كثرة كذبه وعظيم قحته فلو كان سكت عن ذكر الاحساء وما حكاه عنه من الفرية لكان ربما وقع في صحته للجهال نوع من المريه ولكن الله سبحانه لم يزل يهتك أستار الكذابين ويكشف أسرار البهاتين الطعانين العيابين فكيف استجار في دينه قذف ميت من غير تحقيق فيما قال ولا تثبت فلا جرم إنه لما استجاز ما تقوله على هذا الإمام من المنكر رماه الله عدلا منه بالداء الأكبر سمعت الشيخ الفقيه ابا الحسن علي بن مسلم السلمى رحمه الله وكان ثقة وفوق الثقة يحكي عن ثقة لم يسمه لي أو سماه فنسيت اسمه أن أبا عبد الله محمد بن علي بن محمد بن صالح السلمي المقري المعروف بالمطرز النحوي وقد أدرك الفقيه أبو الحسن أبا عبد الله المطرز ولكن لم يسمع منه لصغر سنه في زمنه إنه دخل حمام النحاسين ليلا فوجد أبا علي الأهوازي مع غلام أسود على ضد ما حكى هو عن المحرسي في حق الأشعري فقال المطرز أنظروا حالة من يقول في الأئمة ما يقول هذا معنى ما حكى لي رحمه الله وكذا ينبغي أن يكون جزاء من يقدح في الأئمة ويطعن في الصدور من سلف الأمة وقد قال النبي في حديث أبي برزة الأسلمي الذي أخبرنا به الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني قال أنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد التميمي قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال ثنا عبد الله بن احمد بن محمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا أسود بن عامر شاذان قال أنا ابو بكر يعني ابن عياش عن الأعمش عن سعيد بن

عبد الله بن جريج عن أبي برزة الأسلمي قال قال رسول الله يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته ولا يستبعدن جاهل كذب الأهوازي فيما أورده من تلك الحكايات فقد كان من اكذب الناس في بعض ما يدعيه من الروايات في القراآت فلقد سمعت الشيخ الفقيه أبا الحسن علي بن أحمد بن منصور بن قبيس الغساني رحمه الله وكان ثقة يحكي عن أبيه أبي العباس بن قبيس الفقيه وكان في الثقة مثله أو فوقه وكان قد لقي الأهوازي وعاصره وسمع معه من بعض شيوخه انه لما اظهر الاهوازى من الاكثار من الروايات في القراآت ما أظهراتهم في ذلك فسار أبو الحسن رشا بن نظيف وأبو القسم بن الفرات وابن القماح المقرئون إلى العراق لكشف ما وقع في نفوسهم منه ووصلوا إلى بغداد وقرؤا على بعض الشيوخ الذين روى عنهم الأهوازي وجاؤا بالاجازات عنهم وبخطوطهم بما أقرؤا به فمضى الأهوازي إليهم وسالهم أن يروه تلك الخطوط التي معهم ففعلوا ودفعوها إليه فاخذها وغير أسماء من سمي عنده ليستتر دعواه فعادت عليه بركة القرآن فلم يفتضح هذا معنى ما سمعته منه وبلغني عنه إنهم سألوا عنه بعض المقرئين الذين ذكر إنه قرأ عليهم وحلوه له فقال هذا الذي تذكرونه قد قرأ علي جزءا من القرآن أو نحوه قال أبو الحسن بن قبيس وحدثني والدي أبو العباس قال عاتبت أو عوتب أبو ظاهر الواسطي المقري

في القراءة على أبي علي الأهوازي فقال قرأ عليه للعلم يعني القراآت ولا أصدقه في حرف واحد قال وحدثني أبو طاهر محمد بن الحسن بن علي ابن الملحي قال كنت عند رشا بن نظيف المقري المعدل في داره على باب الجامع ولها طاقة إلى الطريق فاطلع فيها وقال قد عبر رجل كذاب فاطلعت فوجدته الاهوازي وأنبأنا الشيخ أبو الفضائل الحسن بن الحسن بن أحمد الكلابي الإمام قال حدثني أخي لأمي أبو الحسن علي بن الخضر بن الحسن العثماني قال توفي أبو علي الأهوازي الحسن بن علي يوم الاثنين الرابع من ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعماية تكلموا فيه وظهر له تصانيف زعموا إنه كذب فيها فإذا كان هذا فعل الأهوازي في إدعاء قراآت لا يضر مدعيها أن لا يكون قرأ بها قط ولا ان يدعيها فكيف يستبعد منه ان يكذب على إمام أصل للموحدين الأصول وأذهب أوقاته في التحذير من مثل مذهبه في التشبيه وفصل لهم الفصول مع ما يظهر منه من الإفراط في بغضه والغلو ولأجل هذا المعنى لم يقبل الشارع شهادة العدو على العدو وذكر أخي أبو الحسين قال قال الشيخ الحافظ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر بن السمرقندي قال أنا الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب رحمه الله أبو علي الأهوازي كذاب في الحديث والقراآت جميعا فأما ماارتكبه الأهوازي في خلال ما أورده من الأزراء عليه والطعن من أنواع الدعاء عليه والسب القبيح له واللعن والرغبة إلى الله في إدخاله النار والابتهال إليه أن يحمله الآثام والأوزار فمما لا أقابله عليه بمثل صنيعه بل أكل

مكافأته إلى الله عزوجل على جميعه وكفى به سبحانه وتعالى له مجازيا وحسبيا له على ما يقول كل متقول مكافيا ولو له ايمان يمنعه او حياء ! يكفه عما يتقول ويردعه لما كان للأئمة لعانا وعليهم بالمحال طعانا وقد ورد عن رسول الله في ذم اللعن واللعانين ماأخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسن الأديب بأصبهان قال أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد الثقفي وأبو القسم إبراهيم بن منصور بن إبراهيم السلمي فرقهما قالا انا ابو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن المقري قال ثنا أبو عبيد علي بن الحسين يعني ابن خربويه قال حدثنا الحسن بن عبد العزيز يعني الجروي قال ثنا يحيى بن حسان قال حدثنا الوليد بن رباح قال سمعت النمران يذكر عن ام الدرداء قالت سمعت أبا الدرداء يقول قال رسول الله إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإن لم تجد مساغا رجعت إلى قائلها هكذا يقول يحيى بن حسان التنيسي وغيره يقول رباح بن الوليد الذماري وهو الصواب ونمران هو ابن عتبة دمشقي أخبرنا أبو القسم زاهر بن طاهر المستملي قال أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الفقيه قال أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد ح وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله الخلال قال أنا احمد بن محمود بن أحمد الأديب قال أنا محمد بن إبراهيم بن علي قال ثنا أبو عروبة الحراني يعني الحسين بن محمد

ابن مودود قال ثنا مخلد بن مالك هو الحراني السلمسيني يقال ثنا حفص ابن ميسرة عن زيد بن اسلم أن عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدرداء فكانت عنده فلما كانت ذات ليلة قام عبد الملك من الليل فدعا خادمه فكأنه أبطأ عنه فلعنه فلما أصبح قالت له أم الدرداء قد سمعتك الليلة لعنت خادما قال إنه ابطأ عنى قالت سمعت أبا الدرداء يقول قال رسول الله لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة وأخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قال أنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد التميمي قال انا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا عبد الصمد يعني ابن عبد الوارث قال ثنا عبيد الله بن هوذة القريعي إنه قال حدثنى رجل سمع جرموز الهجيمي قال قلت يا رسول الله اوصني قال أوصيك أن لا تكون لعانا وأخبرنا الشيخ ابو عبد الله الخلال الأصبهاني قال أنا أبوالقسم إبراهيم بن منصور الخباز قال أنا ابو بكر بن المقري قال أنا ابو يعلى أحمد بن علي الموصلي قال ثنا محمد بن بشار بندار قال ثنا أبو عامر قال ثنا كثير بن زيد المدني قال سمعت سالم بن عبد الله يحدث عن أبيه قال قال رسول الله لا يكون المؤمن لعانا رواه الترمذي في جامعه عن بندار والأحاديث في هذا المعنى كثيرة متسعة وهذه التي أوردتها في المعنى ههنا مقنعة فالمؤمن الكامل الإيمان هو الذي لا يتسارع إلى اللعن والمخذول الضعيف الإيقان يمتثل أمر الشيطان له بالوقيعة في الناس

والطعن وقد أخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز قال انا أبو اسحق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال أنا أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي قال ثنا الحسن بن عيسى قال ثنا ابن المبارك ح وأخبرنا الشيخ أبوغالب أحمد بن الحسن قال أنا الحسن بن علي الجوهري قال انا محمد بن العباس الخزاز قال انا يحيى بن محمد بن صاعد قال ثنا الحسين بن الحسن قال أنا عبد الله بن المبارك قال أنا سفيان عن سليمان عن أبي رزين قال جاء رجل إلى الفضيل بن غزوان فقال إن فلانا يقع فيك قال لأغيضن من أمره يغفر الله لي وله قيل من أمره قال الشيطان فأما ما في كلام الأهوازي من اللحن والركاكة والألفاظ التي لا يتلفظ بمثلها إلا الحاكة فكثير ظاهر لمن تأمله وتدبره والخطأ فيه لا يخفى على من نظره فالمتتبع لذلك بالتبيين والكشف متكلف معنى وكيف يطالب الأهوازي بالاصابة في اللفظ وقد أخطأ المعنى ولولا خشية أن يغتر مغتر بما حكاه ويعتقد جاهل صدقه فيما رواه لكان الإعراض عن الرد على مثله أولى والاشتغال بغير نقض كلامه أنفع في الآخرة والأولى ولست أعجب منه فيما أتاه من الجهل لأنه اللائق به لسوء العقد وعدم الفضل وإنما اعجب من تيوس سمعوا منه وحكوه وجهال كتبوه عنه ورووه ولكن لكل ساقطة لاقطة وعلى قدر الوجه تكون الماشطة فهذا جملة الجواب الكافي في الرد على هذا العائب الشافي في إظهار ما فيه أنواع المعائب وبعد ما استفرغ في الذم جهده واستوفى منه ذكر ما

عنده فإنه لم يضر بما ذكر غير نفسه ولم يفصح بانتقاص أهل الفضل إلا عن فساد حسه ولم ينقص أبا الحسن رحمه الله عند العلماء من رتبته ولا حطه بما زوره ولفقه من الكذب عن مرتبته ولأبي الحسن رحمه الله بالأكابر من الصحابة رضي الله عنهم أحسن الأسوة مع أن الرسول أنزلهم للمسلمين بمنزلة القدوة قال أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم اهتديتم فلئن سببتم يا معشر الأشعرية كما سبوا فلقد اعتدى الذين سبوكم وما اعتديتم فمن سلم من الصحابة من كلام حاسد وأيهم خلا من عدو معاند هذا أبو بكر الصديق وعمر الفاروق رضوان الله عليهما وأقوال الروافض فيهما مشتهرة وتقولاتهم عليهما بما لا يستجيز مسلم أن يحكيه فضلا عن ان يقوله في حقهما منتشرة وهذا عثمان بن عفان ذو النورين رضي الله عنه وذم الروافض والخوارج له فيما بينهم مالوف وهذا علي ابن أبي طالب أبو السبطين رضي الله عنه ورأي الخوارج وبنى أمية فيه معروف وهذه عائشة ام المؤمنين وزوج الرسول التي برأها الله عزوجل في محكم التنزيل لم تسلم على السنة أهل الرفض مع ما يخفون ويعلنون لها من البغض وكذلك غير من سميت من أكابر الصحابة وغيرهم من سادة العترة والقرابة ومن بعدهم من فقهاء الأمصار وأئمة الدين في سائر الأعصار قل من يسلم منهم من طعن وربما تناول بعض الجهال بعضهم بلعن وقد أخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال قال أنا أبو القسم

إبراهيم بن منصور السلمي قال أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقري قال انا علي بن منير بن دينار الواسطي قال ثنا أحمد بن زكريا قال ثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك بن عمير عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم أما أني سمعت نبيكم يقول لا تفنى هذه الأمة حتى يلعن آخرها أولها ولو وقفتم على ما يقول كل معتزلي مخبل في حق الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل مما قد نزهه الله عنه وبرأ قدره ودينه منه ولذلك قيل ما أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه وابو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قالا ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال أنا الحسين بن شجاع الصوفي قال انا عمر بن جعفر بن محمد بن سلم قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال سمعت سفيان بن وكيع يقول احمد عندنا محنة من عاب أحمد عندنا فهو فاسق وقال أبو بكر الخطيب حدثني الحسن بن أبي طالب قال ثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال ثنا محمد بن علي المقري بالدالية قال أنشدنا أبو جعفر محمد بن بدينا الموصلي قال أنشدني ابن اعين في أحمد بن حنبل رحمه الله ... أضحى ابن حنبل محنة مأمونة ... وبحب أحمد يعرف المتنسك ... وإذا رأيت لأحمد متنقصا ... فأعلم بأن ستوره ستهتك ... لعلمت أن أحدا لم يسلم من ألسنة الطعانين ولم يخل بعض الكبار من

لعن بعض اللعانين وقد أخبرنا الشيخ أبو القسم زاهر بن طاهر الشحامي بنيسابور قال أنا سعيد بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر العدل فيما قرىء عليه وأنا حاضر قال سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ يقول حدثني أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه قال ثنا جعفر بن محمد الزعفراني قال سمعت عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني يقول كنا في مجلس عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني يقول كنا في مجلس عبد الرحمن بن مهدي إذ دخل عليه شاب فما زال يدنيه حتى اجلسه إلى جنبه قال فقام شيخ من المجلس فقال يابا سعيد إن هذا الشاب ليتكلم فيك حتى إنه ليكذبك فقال عبد الرحمن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاه إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ثم قال عبد الرحمن حدثني أبو عبيدة الناجي قال كنا في مجلس الحسن البصري إذ قام إليه رجل فقال يا با سعيد إن ههنا قوما يحضرون مجلسك ليتتبعوا سقط كلامك فقال الحسن يا هذا إني أطمعت نفسي في جوار الله فطمعت وأطمعت نفسي في الحور العين فطمعت وأطمعت نفسي في السلامة من الناس فلم تطمع إني لما رأيت الناس لا يرضون عن خالقهم علمت أنهم لا يرضون عن مخلوق مثلهم وأخبرني الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم الحسيني وأبو الحسن علي بن أحمد الغساني وغيرهما قالوا ثنا وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن زريق قال أنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال أنا ابو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه قال أنا القاضي أبو الحسين عيسى بن حامد بن القبيطي قال ثنا أحمد بن الصلت

أبو العباس قال ثنا عمي جبارة بن المغلس ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو بكر بن أبي شيبة قالوا ثنا يحيى بن يمان عن سفيان الثوري عن ليث عن مجاهد قال سأل يحيى بن زكريا ربه تعالى قال رب اجعلني اسلم على ألسنة الناس فأوحى الله تعالى إليه يايحيى لم أجعل هذا لي فكيف أجعله لك ولا شك أن الله عزوجل لما قبضهم إلى رحمته وتوفاهم عند منتهى آجالهم بحكمته أراد أن يجري لهم الثواب بعد توفيهم بأن يكتب لهم أجرا بما يقال فيهم مع أجر ما قدموا من صالح الأعمال وعلموا الناس في سائر الأحوال لئلا ينقطع عنهم الأجر بعد مماتهم ويكون ذلك زيادة لهم في حسناتهم وقد قالت عائشة رضي الله عنها ما أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي بدمشق قال ثنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ إملاء بدمشق قال أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي بنيسابور قال ثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن معقل المزني قال ثنا زكريا يحيى الساجي قال ثنا محمد بن موسى الحرشي قال ثنا محمد بن سليمان بن معاذ قال أخبرني عثمان بن طلحة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قيل لعائشة رضي الله عنها إن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله حتى أنهم ليتناولون أبا بكر وعمر فقالت أتعجبون من هذا إنما قطع عنهم العمل وأحب أن لا يقطع عنهم الأجر وأخبرنا الشيخان أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنا وأبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد قال ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال أنا التنوخي قال ثنا

أحمد بن يوسف الأزرق قال أنا أبو بكر بن عبد الله الوكيل قال ثنا عباد بن الوليد قال حدثني محمد بن سليمان القرشي قال حدثني عثمان ابن طلحة القرشي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قيل لعائشة رضي الله عنها أن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله حتى إنهم ليتناولون أبا بكر وعمر قالت ما تعجبون من هذا انقطع عنهم العمل فلم يحب الله أن يقطع عنهم الأجر وقال الشافعي رحمه الله ما أخبرنا الشيخ الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي الشافعي قال أنا أبو البركات أحمد بن عبد الله بن علي المقري قال أنا أبو القسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الأزهري قال أنا أبو علي الحسن بن الحسين الهمذاني قال حدثني الزبير يعني ابن عبد الواحد الأسد أباذي قال حدثني الحسن بن علي بن يعقوب أبو علي الأصبهاني قال ثنا أبو زكريا يحيى بن زكريا بن حيويه النيسابوري قال سمعت محمد بن عبد الله يعني ابن عبد الحكم يقول سمعت الشافعي يقول ما أرى الناس ابتلوا بشتم اصحاب النبي إلا ليزيدهم الله بذلك ثوابا عند إنقطاع عملهم وأخبرنا الشيخ أبو القسم زاهر بن طاهر المعدل قال أنا ابو بكر احمد ابن الحسين الحافظ قال أنا عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أنا أبو بكر عمر بن محمد صاحب الكتاني قال ثنا أبو عثمان الكرخي قال قال ثنا عبد الرحمن بن رسته قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول لولا أني أكره أن يعصى الله تعالى لتمنيت أن لا يبقى في هذا

المصر أحد إلا وقع في واغتابني وأي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته يوم القيامة ولم يعملها ولم يعلم بها وليس من يذكر بالسوء مغبونا بل الذام له واللاعن له يصير ملعونا وكيف يكون المذكور بسيء الذكر مرجوما وقد صار مثابا وذاكره بما قال فيه مأثوما وقد أخبرنا الشيوخ أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور قال ثنا وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني وأبو النجم بدر بن عبد الله الشيحي ببغداد قالا أنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال أنا ابو بكر أحمد بن علي بن يزداد القاري قال أنا ابو الخير زيد بن رفاعة الهاشمي قال حدثني أبي قال ثنا أبو كامل الجحدري قال حدثني أبي الحسين بن فضيل قال قال رجل لعمرو بن عبيد يا با عثمان أني لأرحمك مما يقول الناس فيك قال يابن أخي اسمعتني أقول فيهم شيأ قال لا قال فإياهم فأرحم وراسله واحد بما يكره فقال لمبلغه قل له إن الموت يجمعنا والقيامة تضمنا والله يحكم بيننا وكل من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب وقد اخبرنا الشيخ أبو القسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال أخبرنا أبو محمد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان قال انا القاضي أبو القسم الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر قال أنا ابو علي الحسين بن صفوان البرذعي قال ثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن ابي الدنيا قال حدثني إبراهيم بن سعيد قال ثنا موسى بن ايوب قال ثنا مخلد يعني ابن الحسين قال ثنا بعض أصحابنا قال ذكرت يوما عند الحسن ابن ذكوان رجلا بشيء فقال مه لا تذكر العلماء بشيء فيميت الله قلبك

فأحيا الله الكريم قلوبنا بنور الإيمان والحكمة وغفر لنا حوبنا بحب إخواننا الذين سبقونا بالإيمان من الأئمة وكفر عنا ذنوبنا كما من علينا باسباغ النعمة وستر عيوبنا بذنبا عن أعراض سلف الأمة وأنجز لنا ما وعد على لسان نبيه المصطفى الحبيب من ذب عن لحم أخيه المسلم بالمغيب فيما أخبرنا الشيخ أبو القسم هبة الله بن محمد الشيباني قال أنا أبو علي الحسن بن علي التميمي قال أنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن بكر قال أنا عبيد الله بن أبي زياد قال ثنا شهر بن حوشب عن اسماء بنت يزيد قالت قال رسول الله من ذب عن لحم أخيه في المغيبة كان حقا على الله عزوجل أن يعتقه من النار وأخبرنا الشيخ أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنا قال أنا الحسن بن علي الجوهري قال أنا محمد بن العباس بن حيويه الخزازح وأخبرنا الشيخان أبو غالب أيضا وأخوه أبو عبد الله يحيى بن الحسن قالا أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن الأبنوسي قال أنا عثمان بن عمرو بن محمد بن المنتاب قالا ثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال ثنا الحسين بن الحسن المرزوي قال أخبرنا عمرو بن عثمان الكلابي قال ثنا موسى بن أعين عن ليث عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله يقول ما من مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ثم تلا وكان حقا علينا نصر المؤمنين وأخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم الأصبهاني قال أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن

أحمد الرازي قال ثنا جعفر بن عبد الله بن فناكي قال ثنا محمد بن هرون الروياني قال ثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن ليث عن شهر عن أم الدرداء عن ابي الدرداء عن النبي قال من رد عن عرض أخيه في المغيب كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم ثم قرأ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا الآية قال وحدثنا محمد ابن هرون قال ثنا عمرو بن علي قال ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي أبو المنذر قال ثنا ليث عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله يقول ما من امرىء يدرأ عن عرض أخيه إلا درأ الله عنه نار جهنم يوم القيامة يوم يقوم الشهاد ثم قرأ إنا لننصر رسلنا الآية قال وحدثنا محمد بن هرن الروياني قال ثنا أحمد بن عبد الرحمن يعني ابن وهب قال ثنا عمي يعني عبد الله قال ثنا محمد بن مسلم عن صدقة بن يزيد عن عثمان بن يسار أن ام الدرداء قالت سمعت أبا الدرداء يقول قال رسو ل الله من رد عن عرض أخيه بالغيب وجبت له الجنة وأخبرنا الشيخ ابو غالب بن البناء قال أنا ابو محمد الحسن بن علي قال أنا ابو بكر محمد بن إسماعيل وأبو عمر الخزاز قال ثنا يحيى بن محمد ابن صاعد قال ثنا الحسين بن الحسن قال انا عبد الله بن المبارك قال انا يحيى بن أيوب عن عبد الله بن سليمان بن إسماعيل بن يحيى المعافري أخبره عن سهل بن معاذ بن أسد الجهني عن ابيه عن النبي قال من حمى مؤمنا من منافق بغيبه بعث الله إليه ملكا يحمي

لحمه يوم القيامة من نار جهنم ومن قفى مسلما بشيء يريد به شينه حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال رواه أحمد بن حنبل عن أحمد بن الحجاج ويعمر وبشر المروزيين عن عبد الله بن المبارك وأخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدويه المزكي ببغداد قال أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي المقري قال ثنا أبو القسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب بن فناكي قال ثنا ابو بكر محمد بن هرون الروياني قال ثنا محمد بن اسحق قال ثنا عبيد الله بن موسى قال ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن بلال بن أبي الدرداء عن أبيه قال نال رجل من رجل عند رسول الله فرد عليه رجل فقال رسول الله من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار رواه غيره عن عبيد الله فقال عن ابن أبي الدرداء ولم يسم بلالا ورواه سعدان بن يحيى اللخمي عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن عباية بن ابي الدرداء ولم يحفظ اسمه وليس لأبي الدرداء ابن اسمه عباية ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سيء الحفظ وروي عن ابن أبي ليلى بإسناد آخر أخبرناه أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الحافظ قال انا أبو القسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الحسين السكري قال أنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص قال ثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد إملاء سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة في المحرم قال ثنا ابوهشام محمد بن يزيد الرفاعى قال ثنا يحيى بن اليمان قال ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال وقع رجل في رجل عند

النبي فذب رجل عن عرض أخيه فقال من ذب عن عرض أخيه المسلم كان له حجابا من النار أخبرنا الشريف أبو القسم علي بن إبراهيم قال أنا أبو الحسن رشا بن نظيف المقري قال أنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب قال أنا ابو بكر أحمد بن مروان الدينوري قال ثنا إسماعيل بن اسحق قال ثنا إبراهيم بن حمزة قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن حميد عن الحسن عن أنس بن مالك قال قال رسول الله من نصر أخاه بالغيب نصره الله في الدنيا والآخرة وأخبرنا الشيخان أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس وعلي بن المسلم بن محمد بن الفتح قالا أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أبي الحديد قال انا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان قال أنا ابو عبد الله محمد بن يوسف بن بشر الهروي قال أنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني قال ثنا عبد الرزاق عن معمر والثوري عن أبان عن أنس قال قال رسول الله من اغتيب عنده أخوه المسلم واستطاع نصرته فنصره نصره الله في الدنيا والآخرة وإن لم ينصره أدركه الله به في الدنيا والاخرة واخبرنا الشيخ ابو سعد احمد بن محمد بن احمد البغدادى باصبهان قال وأخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحق العبدي وأبو منصور محمد ابن أحمد بن علي السيني وأبو اسحق العبدي وأبو اسحق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطيان ح وأخبرنا أبو محمد هبة الله بن احمد المقري قال أنا أبو منصور ابن شكرويه قال أنا أبو اسحق إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن خرشيذ قوله

قال ثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاء قال ثنا علي بن أحمد هو الجواربي قال ثنا اسحق بن محمد يعني الفروي قال حدثني المنكدر ابن محمد عن أبيه عن جابر قال قال النبي أيما عبد مؤمن نصر أخاه المؤمن بظهر الغيب قال له ملك عن يمينه وملك عن شماله لك مثله وإني لأرجو أن ينعش الله عصابة أهل الحق بما ذكرت في هذا الكتاب من أقوال الصدق وأن يجري لي به أجري ويجزل به ثوابي يوم حشري فقد أخبرنا أبو القسم زاهر بن طاهر قال أنا ابو بكر أحمد بن الحسين الحافظ قال أنا علي بن أحمد بن عبدان قال أنا أحمد بن عبد الغفار قال ثنا عبيد بن شريك قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا عبد الله بن موهب عن مالك بن محمد بن حارثة الأنصاري عن أنس بن مالك قال قال رسول الله من نعش حقا بلسانه جرى له أجره حتى ياتي الله يوم القيامة فيوفيه ثوابه قال البيهقي في كتابي عبد الله بن موهب والصواب عبيد الله ولست أخشى من منكري ما قلت ذما لأنني ذكرت ما قد أحطت به علما وقصدت إيضاح براءة من سلف من السلف من وقيعة من وقع فيه شر الخلق وقد أخبرنا الشيخ أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد بن الأكفاني قال ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال أنا ابو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني قال انا ابو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي قال ثنا أبو بكر القسم بن عيسى

العصار قال ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال حدثني عبد السلام بن محمد ونعيم بن حماد قالا ثنا بقية قال حدثني بجير بن سعد عن خالد بن معدان قال من اجترأ على الملاوم في موافقة الحق رد الله تلك الملاوم له حمدا ومن التمس المحامد في مخالفة الحق رد الله تلك المحامد عليه ذما فإن لامني على ذبي عن عرض هذا الإمام متحامل وتواعدني على إيضاح حاله جاهل و متجاهل بعد سماع هذه الأحاديث فليس لتعتبه عندي عتبى لأن الحامل لي على ذلك طلب الخلاص من النار في العقبى وقلت مجيبا له ... يا معشر الإخوان لو ظفرت يدي ... بمساعد ومؤيد وملاطف ... لشرحت ما حاولت شرحا بينا ... وشفعت سالف ذاك بالمستأنف ... تالله أوفى حلفة للحالف ... ما يبغض العلماء غير محارف ... يامن تواعدني لفرط جهالة ... أكفف وعيدك لي فلست بخائف ... لو كنت تعرفني لما خوفتني ... فذر الوعيد فلست لي بالعارف ... مالنت قط لغامز متغشمر ... كلا ولا لاينت حيف الحائف ... فأنا الشجي في حلق كل منافق ... وأنا القذى في عين كل مخالف ... وأنا الذي سافرت في طلب الهدى ... سفرين بين فدافد وتنائف ... وأنا الذي طوفت غير مدينة ... من أصبهان إلى حدود الطائف ... والشرق قد عاينت أكثر مدنه ... بعد العراق وشامنا المتعارف ... وجمعت في الأسفار كل نفيسة ... ولقيت كل مخالف ومؤالف ... وسمعت سنة أحمد من بعد ما ... أنفقت فيها تالدي مع طارفي

ورويتها بأمانة وصيانة ... ونزاهة تنفي سفاهة قارف ... واخترت عقدا لم تشبه بدعة ... بل يقتفيه خالف عن سالف ... فالمنصفون يصححون عقيدتي ... والمنكرون لها لترك تناصف ... فعلام تلحاني لحاك آلهنا ... في مدح من أعيا مديح الواصف ... هذا كتاب فيه نعت موحد ... لله ذي علم به ومعارف ... متوحد في العلم سائر كتبه ... مشحونة من علمه بلطائف ... متفرد بالنبل ليس بمنكر ... تبريزه في الفضل غير زعائف ... سيف على أعداء دين محمد ... من جاحد او ممتر أو واقفي ... أصحابه مثل النجوم وحزبه ... أهل العلوم ومرشدو المتجانف ... فهم أمان الناس في أديانهم ... في الخافقين وعصمة للخائف ... فأحلهم رب العباد بفضله ... دار المقامة فهي منية عارف ... في جنة ملتفة بحدائق ... محفوفة بنمارق ورفارف ... صنفت ذلك لا لأخذ دراهم ... منكم عليه ولا لا كل قطائف ... لكن رددت به مقالة كاذب ... متقول فيما حكاه مجازف ... فأنظر إلى تأليفه متأملا ... بحقيقة وأشكر صنيع الراصف ... فالحق لا يخفى على متأمل ... والبهت يذهب مثل برق خاطف ... يا ربنا أرحم شيخنا وإمامنا ... واكشف حقيقة قدره للكاشف ... واهتك بحولك ستر من يغتابه ... من حاسد أو عاتب أو قاذف ... واعطف قلوبهم على أصحابه ... إذ وحدوك فأنت أقدر عاطف ... واختم بحمدك يا كريم مقالنا ... شكرا على أفضالك المترادف