كتاب المواقف/موقف الكنف
أوقفني في الكنف وقال لي سلم إلي وانصرف، إنك إن لم تنصرف تعترض إنك إن تعترض تضادد.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط، قلت ما الوسائط، قال العلم وكل معلوم فيه.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط،قلت ما الوسائط، قال العلم وكل معلوم فيه.
وقال لي تدري كيف تسلم إلي لا إلى الوسائط، قلت كيف، قال تسلم إلى بقلبك وتسلم إلى الوسائط ببدنك.
وقال لي تسلم إلي وتنصرف هو مقام القوة، والقوة التي هي مقام قوة وضعف فرقاً بينهما وبين قوة لا ضعف لها.
وقال لي قوة القوي أن يسلم ولا ينصرف، وضعف القوى أن يسلم وينصرف.
وقال لي الحقيقة أن تسلم ولا تنصرف وأن لا تأسي ولا تفرح ولا تنحجب عني ولا تنظر إلى نعمتي ولا تستكين لإبتلائي ولا تستقرك المستقرات من دوني.
وقال لي مقام الصديقية أن تسلم إلي وتنصرف، ومقام النبوة أن تسلم إلي وتقف.
وقال لي انظر إلى كل بشير يبشرك بعفوي وكل بشير يبشرك بنعمتي وعطفي فاردد ذلك إلي على مطايا الحرف وقل يا ألف هذا الألف فاحمله ويا باء هذه الباء فاحملها ويا حرف هذه الحرف فاحمله، فإني أنا المبدي وأنا المعيد كتبت على جميع ما أبديت لأبدينك وكتبت عليه لما بدا لأعيدنك، فأرجعه إلي أخزنه في خزائن نظري ثم أعبده إليك في يوم اللقاء وقد ألبسته بيدي ونورت له من نوري وكتبت على وجهه محامد قدسي وحففته في يوم لقائك بعظماء ملائكتي.
وقال لي إن رددته إلي على مطايا الحرف أتلقاه بوجهي وأضحك إليه بحبي وأبوءه داري وأجعله روضة من رياض نظري فيماذا ترى أن أزوده إليك من جلال كرمي.
وقال لي من لم يرد إلي ما أبديته من كل معرفة أو علم أو عمل أو حكم ارتجعت ذلك منه بصفة ويشاهد من شواهد صفته ثم لك أسكن ذلك المرتجع جواري ولم أجعله في مستودعات نظري وغدوته من يد الضنين به ثم أعيده إليه يوم قيامه فيعود إليه بسوء آثاره ويرد منه على شناره وخسارة.
وقال لي أردد إلي علمك أردد إلي عملك أردد إلي وجدك أردد إلي أخر همك، أتدري لم ترد ذلك إلي لأحفظه عليك فأودعنيه أنظر إليه في كل يوم فأبارك لك فيه وأزيدك من مزيد نعمتي فيه وأزيدك من مزيد تعرفي فيه، واجعل قلبك عندي لا عندك ولا عند ما أودعتنيه خالياً منك وخالياً مما أودعتنيه أنظر إليه فأثبت فيه ما أشاء وأتعرف إليه بما أشاء تسمع مني وتفهم عني وتراني فتعلم أني.
وقال لي لن تزال محجوباً بحجاب طبيعتك وإن علمتك علمي وإن سمعت مني حتى تنتقل إلى العل بي وحتى تنتقل إلي عن سواي كما اقتطعت قلبك عن التعلم من سواي وأشرفت به على مطلع الأفئدة في العلوم.
وقال لي إن الذي تعرفت به إليك هو الأزمة للقلوب إلي وبه تقاد إلى معرفتي، فاجذبهما إلي ولن تجذب بها حتى تنقطع إلي بها وإن لم تقدها إلي لأوتينك أجرها وخفني على تقلبها.