كتاب المواقف/موقف القوة
أوقفني في القوة وقال لي هي وصف من أوصاف القيومية.
وقال لي القيومية قامت بكل شيء.
وقال لي بين ما قام بالقوة وبين ما قام بالقيومية فرق.
وقال لي سري وصف القوة في كل شيء فيه قام على مختلف القيام ولو سرى فيه وصف القيومية لرفع المختلف وقام به على كل حال.
وقال لي القيومية محيطة لا تخرق.
وقال لي القوة ماسكة والقيومية مقلبة والتقليب مثبت ماح.
وقال لي قوة القوى وضعف الضعيف من أحكام وصف القوة.
وقال لي أقوى القوة جهل لا يميل فمن دام فيه دام في القوة ومن تميل فيه تميل في القوة.
وقال لي كلما قويت في الجهل قويت في العلم.
وقال لي إن أردت وجهي ركبت القوة.
وقال لي إن ركبت القوة فأنت من أهل القوة وإن أخذتك القوة بيمينك وشمالك ألقيتها من وراء ظهرك.
وقال لي إن ركبت القوة نظرت بالقوة وإن ركبت القوة سمعت القوة وإن ركبت القوة تصرفت بالقوة.
وقال لي إذا تصرفت في كل متصرف بالقوة لم تمل وإذا لم تمل استقمت وإذا استقمت فقل ربي الله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون" صدق الله العظيم.
وقال لي لن تركب القوة حتى تتفرغ لي من سواي.
وقال لي أول القوة أن تتفرغ لي ورأس القوة أن تريد بالعمل وجهي.
وقال لي القوة مطية الحاضرين والحضور بما فيه مطية المنقطعين والانقطاع بما فيه مطية المقتطعين.
وقال لي المقتطعين جلساء الحكمة وسفراء الملكوت.وقال لي لكل شيء معدن ومعدن القوة اجتناب النهي.
وقال لي المعدن مستقر وللمستقر أبواب وللأبواب طرق وللطرق فجاج وللفجاج أدلاء وللأدلاء زاد وللزاد أسباب.
وقال لي حكمي الذي يجري في كل شيء قهراً هو حكمي الذي يدينك إلي طوعاً.
وقال لي يا كاتب القوة لا بمعناك كتبتها فعرفتها ولا بمعناك عرفتها فحملتها.
وقال لي إن وقفت والنار عن يمينك نظرت إليك فأطفأتها، وإن وقفت والنار عن شمالك نظرت إليك فأطفأتها، وإن وقفت والنار أمامك لم أنظر إليك لأني لا أنظر إلى من في النار.
وقال لي لا أنظر إليك والنار أمامك ولا أسمع منك والجنة أمامك.
وقال لي إنما أنت متوجه إلى ما هو أمامك فانظر إلى ما أنت متوجه إليه فهو الذي ينظر إليك وهو الذي تصير إليه.
وقال لي أقسمت على نفسي بنفسي لا ترك لي تارك شيئاً إلا أتيته ما ترك أو زكى مما ترك، فإن أقله ما أتيته فذاك جزاء المخلصين وإن لم يقله ما أتيته أتيته الحسنى وزيادة وأنا حسب العالمين الغافلين في أعمالهم عني.
وقال لي يا كاتب القوة لا بأقلامك سطرتها فأحصيتها ولا بصحائفك أدركتها فاحتويتها.
وقال لي يا كاتب المعرفة لا بإبانتك أبنتها فأجريتها ولا بتعجيمك عجمتها ففصلتها ولا بتفصيلك رتبتها فألفتها.
وقال لي يا كاتب القوة كتابة القوة بأقلام القوة وكتابة المعرفة بأقلام المعرفة وكل كتابة فبأقلامها تسطر.
وقال لي أذنب الواجد بي جعلت عقوبته أن يذنب ولا يجد بي.
وقال لي إذا أذنب وهو واجد بي استوحش من نفسه واحتج لي عليها، وإذا أذنب ولم يجد بي أنس بمبلغ تأويله واحتج علي.
وقال لي إذا قلبتك في الذنب بين الوجد بي وفقد الوجد وأشهدتك الاحتجاج لي فقد غفرت الأول والآخر وصفحت عن الباطن والظاهر.
وقال لي ما أذنب مذنب وهو غير واجد بي إلا أصر فإذا وجد بي أقلع، وما أذنب مذنب وهو واجد بي إلا تاب ولا أشهد وناب فلم يعاود إلا وقد غفرت له وقبلت.
وقال لي إن لم تنتسب إلي نسبي لم تنفصل عن نسب سواي.
وقال لي نسبي ما علق بذكرى ونسبي ما علق بي في ذكرى ونسبي ما أدام لي فيما علق بي ونسبي فيما أدام لي من أجلي.
وقال لي نسب السوى من أجل السوى.
وقال لي من جاءني بأجل سواي أوقفته مع ما جاء به أين كانت درجته.
وقال لي الأجل مجمع الواقفين ومفرق المعلولين.
وقال لي لا تنقطع إلي حتى تنقطع لي ولا أقتطعك حتى تنقطع علي.
وقال لي إن غذوت بمآكل قوم غذوت بقلوبهم وإذا غذوت بقلوبهم غذوت بأعمالهم وإذا غذوت بأعمالهم غذوت بمنقلبهم.
وقال لي إن عرفتني بمعرفة الانقطاع إلي لم تنكرني، وإن عرفتني بمعرفة المقام عندي لم تلوعني.
وقال لي إن لم تنقطع إلي فميزان فيه ما أردت لي وميزان فيه ما أردت لك.
وقال لي إن لم تنقطع إلي فأنت من أهل الموازين.
وقال لي أهل الموازين أهل الورع وإن ثقل ما وزنوا.