كتاب الأم - المجلد الثالث1
- 796
صفته وبيع عين مضمونة على بائعها بعينها يسلمها البائع للمشتري فإذا تلفت لم يضمن سوى العين التي باع ولا يجوز بيع غير هذين الوجهين وهذان مفترقان في كتاب البيوع قال الشافعي رحمه الله أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار أخبرنا ابن جريج قال أملي على نافع مولى ابن عمر أن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله ﷺ قال إذا تبايع المتبايعان البيع فكل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما عن خيار قال نافع وكان عبد الله إذا ابتاع البيع فأراد أن يوجب البيع مشى قليلا ثم رجع قال الشافعي أخبرنا سفيان بين عيينة عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر قال الشافعي أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله ابن الحرث عن حكيم بن حزام قال قال رسول الله ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا وجبت البركة في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت البركة من بيعهما أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن أبى الوضيء قال كنا في غزاة فباع صاحب لنا فرسا من رجل فلما أردنا الرحيل خاصمه فيه إلى أبي برزة فقال له أبو برزة سمعت رسول الله ﷺ يقول البيعان بالخيار ما لم يتفرقا قال الشافعي وفي الحديث ما يبين هذا أيضا لم يحضر الذي حدثني حفظه وقد سمعته من غيره أنهما باتا ليلة ثم غدوا عليه فقال لا أراكما تفرقتما وجعل له الخيار إذا باتا مكانا واحدا بعد البيع قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال إذا وجب البيع خيره بعد وجوبه قال يقول اختر إن شئت فخذ وإن شئت فدع قال فقلت له فخيره بعد وجوب البيع فأخذ ثم ندم قبل أن يتفرقا من مجلسهما ذلك أنفيلة منه لابد قال لا أحسبه إذا خيره بعد وجوب البيع أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن شريح أنه قال شاهدان ذوا عدل أنكما افترقتما بعد رضا ببيع أو خير أحدكما صاحبه بعد البيع قال الشافعي وبهذا نأخذ وهو قول الأكثر من أهل الحجاز والأكثر من أهل الآثار بالبلدان قال وكل متبايعين في سلف إلى أجل أو دين أو عين أو صرف أو غيره تبايعا وتراضيا ولم يتفرقا عن مقامهما أو مجلسهما الذي تبايعا فيه فلكل واحد منهما فسخ البيع وإنما يجب على كل واحد منهما البيع حتى لا يكون له رده إلا بخيار أو شرط خيار أو ما وصفت إذا تبايعا فيه وتراضيا وتفرقا بعد البيع عن مقامهما الذي
صفحة : 797
تبايعا فيه أو كان بيعهما عن خيار فإن البيع يجب بالتفرق والخيار قال واحتمل قول رسول الله ﷺ إلا بيع الخيار معنيين أظهرهما عند أهل العلم باللسان وأولاهما بمعنى السنة والاستدلال بها والقياس أن رسول الله ﷺ إذ جعل الخيار للمتبايعين فالمتبايعان الالذان عقدا البيع حتى يتفرقا إلا بيع الخيار فإن الخيار إذا كان لا ينقطع بعد عقد البيع في السنة حتى يتفرقا وتفرقهما هو أن يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه كان بالتفرق أو بالتخيير وكان موجودا في اللسان والقياس إذا كان البيع يجب بشيء بعد البيع وهو الفراق أن يجب بالثاني بعد البيع فيكون إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع كان الخيار تجديد شيء يوجبه كما كان التفرق تجديد شيء يوجبه ولو لم يكن فيه سنة بينة بمثل ما ذهب إليه كان ما وصفنا أولى المعنيين أن يؤخذ به لما وصفت من القياس مع أن سفيان ابن عيينة أخبرنا عن عبد الله ابن طاوس عن أبيه قال خير رسول الله ﷺ رجلا بعد البيع فقال الرجل عمرك الله ممن أنت فقال رسول الله ﷺ امرؤ من قريش قال وكان أبي يحلف ما الخيار إلا بعد البيع قال وبهذا نقول وقد قال بعض أصحابنا يجب البيع بالتفرق بعد الصفقة ويجب بأن يعقد الصفقة على خيار وذلك أن يقول الرجل لك بسلعتك كذا بيعا خيارا فيقول قد اخترت البيع قال الشافعي وليس نأخذ بهذا وقولنا الأول لا يجب البيع إلا بتفرقهما أو تخيير أحدهما صاحبه بعد البيع فيختاره قال وإذا تبايع المتبايعان السلعة وتقابضا أو لم يتقابضا فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا أو يخير أحدهما صاحبه بعد البيع فإذا خيره وجب البيع بما يجب به إذا تفرقا وإن تقابضا وهلكت السلعة في يد المشتري قبل التفرق أو الخيار فهو ضامن لقيمتها بالغا ما بلغ كان أقل أو أكثر من ثمنها لأن البيع لم يتم فيها قال الشافعي وإن هلكت في يد البائع قبل قبض المشتري لها وقبل التفرق أو بعده انفسخ البيع بينهما ولا تكون من ضمان المشتري حتى يقبضها فإن قبضها ثم ردها على البائع وديعة فهو كغيره ممن أودعه إياها وإن تفرقا فماتت فهي من ضمان المشتري وعليه ثمنها وإن قبضها وردها عل البائع وديعة فماتت قبل التفرق أو الخيار فهي مضمونه على بالقيمة وإن كان المشتري أمة فأعتقها المشتري قبل التفرق أو الخيار فاختار البائع نقض البيع كان له ذلك وكان عتق المشتري باطلا لأنه أعتق ما لم يتم له ملكه وإذا أعتقها البائع كان عتقه جائزا لأنها لم تملك عليه ملكا يقع الملك الأول عنها إلا بتفرق بعد البيع أو خيار وأن كل ما لم يتم فيه ملك المشتري فالبائع أحق به إذا شاء لأن أصل
صفحة : 798
الملك كان له قال الشافعي رحمه الله تعالى وكذلك لو عجل المشتري فوطئها قبل التفرق في غفلة من البائع عنه فاختار البائع فسخ البيع كان له فسخه وكان على المشتري مهر مثلها للبائع وإن أحبلها فاختار البائع رد البيع كان له رده وكانت الأمة له وله مهر مثلها فأعتقنا ولدها بالشبهة وجعلنا على المشتري قيمة ولده يوم ولد وإن وطئها البائع فهي أمته والوطء كالاختيار منه لفسخ البيع قال الشافعي وإن مات أحد المتبايعين قبل أن يتفرقا قام ورثته مقامه وكان لهم الخيار في البيع ما كان له وإن خرس قبل أن يتفرقا أو غلب على عقله أقام الحاكم مقامه من ينظر له وجعل له الخيار في رد البيع أو أخذه فأيهما فعل ثم أفاق الآخر فأراد نقض ما فعله لم يكن له أن يمضي الحكم عليه به قال الشافعي وإن كان المشتري أمة فولدت أو بهيمة فنتجت قبل التفرق فهما على الخيار فإن اختارا إنفاذ البيع أو تفرقا فولد المشتري للمشتري لأن عقد البيع وقع وهو حمل وكذلك كل خيار بشرط جائز في أصل العقد باب الخلاف فيما يجب به البيع قال الشافعي رحمه الله فخالفنا بعض الناس فيما يجب به البيع فقال إذا عقد البيع وجب ولا أبالي أن لا يخير أحدهما صاحبه قبل بيع ولا بعده ولا يتفرقان بعده قال الشافعي فقيل لبعض من قال هذا القول إلى أي شيء ذهبت في هذا القول قال أحل الله البيع وهذا بيع وإنما أحل الله عز وجل منه للمشتري ما لم يكن يملك ولا أعرف البيع إلا بالكلام لا بتفرق الأبدان فقلت له أرأيت لو عارضك معارض جاهل بمثل حجتك فقال مثل ما قلت أحل الله البيع ولا أعرف بيعا حلالا وآخر حراما وكل واحد منهما يلزمه اسم البيع ما الحجة عليه قال إذ نهى رسول الله ﷺ عن بيوع فرسول الله ﷺ المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد قال الشافعي قلت له ولك بهذا حجة في النهي فما علمنا أن رسول الله ﷺ سن سنة في البيوع أثبت من قوله المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن ابن عمر وأبا برزة وحكيم ابن حزام وعبد الله بن عمرو بن العاص يروونه ولم يعارضهم أحد بحرف يخالفه عن رسول الله ﷺ وقد نهى عن الدينار بالدينارين فعارض ذلك أسامة بن زيد بخبر عن النبي ﷺ خلافه فنهينا نحن وأنت عن الدينار بالدينارين وقلنا هذا أقوى في الحديث ومع من خالفنا مثل ما احتججت به أن الله تعالى أحل البيع وحرم الربا وأن نهيه عن الربا خلاف ما رويته ورووه أيضا عن سعد بن أبي وقاص وابن عباس وعروة وعامة فقهاء
صفحة : 799
المكيين فإذا كنا نميز بين الأحاديث فنذهب إلى الأكثر والأرجح وإن اختلف فيه عن النبي ﷺ فنرى لنا حجة على من خالفنا أفما نرى أن ما روي عن النبي ﷺ مما لم يخالفه أحد برواية عنه أولى أن يثبت قال بلى إن كان كما تقول قلت فهو كما أقول فهل تعلم معارضا له عن رسول الله ﷺ يخالفه قال لا ولكني أقول إنه ثابت عن رسول الله ﷺ كما قلت وبه أقول ولكن معناه على غير ما قلت قلت فاذكر لي المعنى الذي ذهبت إليه فيه قال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا في الكلام قال فقلت له الذي ذهبت إليه محال لا يجوز في اللسان قال وما إحالته وكيف لا يحتمله اللسان قلت إنما يكونان قبل التساوم غير متساومين ثم يكونان متساومين قبل التبايع ثم يكونان بعد التساوم متبايعين ولا يقع عليهما اسم متبايعين حتى يتبايعا ويفترقا في الكلام على التبايع قال فقال فادللني على ما وصفت بشيء أعرفه غير ما قلت الآن قال الشافعي فقلت له أرأيت لو تساومت أنا وأنت بسلعة فقال رجل امرأته طالق إن كنتما تبايعتما فيها قال فلا تطلق من قبل أنكما غير متبايعين إلا بعقد البيع قلت وعقد البيع التفرق عندك في الكلام عن البيع قال نعم قلت أرأيت لو تقاضيتك حقا عليك فقلت والله لا أفارقك حتى تعطيني حقي متى أحنث قال إن فارقته ببدتك قبل أن يعطيك حقك قلت فلو لم تعرف من لسان العرب شيئا إلا هذا أما دلك على أن قولك محال وإن اللسان لا يحتمله بهذا المعنى ولا غيره قال فاذكر غيره فقلت له أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه التمس صرفا بمائة دينار قال فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال حتى يأتي خازني أو حتى تأتي خازنتي من الغابة قال الشافعي أنا شككت وعمر يسمع فقال عمر والله لا تفارقه حتى تأخذ منه ثم قال قال رسول الله ﷺ الذهب بالورق ربا الاهاء وهاء قلت له أفبهذا نقول نحن وأنت إذا تفرق المصطرفان عن مقامهما الذي تصارفا فيه انتقض الصرف وما لم يتفرقا لم ينتقض فقال نعم قلت له فما بان لك وعرفت من هذا الحديث أن التفرق هو تفرق الأبدان بعد التبايع لا التفرق عن البيع لأنك لو قلت تفرق المتصارفان عن البيع قبل التقابض لبعض الصرف دخل عليك أن تقول لا يحل الصرف حتى يتراضيا ويتوازنا ويعرف كل واحد منهما ما يأخذ ويعطي ثم يوجبا البيع في الصرف بعد التقابض أو معه قال لا أقول هذا قلت ولا أرى قولك التفرق تفرق الكلام إلا جهالة أو تجاهلا باللسان قال الشافعي قلت له
صفحة : 800
أرأيت رجلا قال لك أقلدك فأسمعك تقول المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا والتفرق عندك التفرق بالكلام وأنت تقول إذا تفرق المتصارفان قبل التقابض كان الصرف ربا وهما في معنى المتبايعين غيرهما لأن المتصارفين متبايعان وإذا تفرقا عن الكلام قبل التقابض فسد الصرف قال ليس هذا له قلت فيقول لك كيف صرت إلى نقض قولك قال إن عمر سمع طلحة ومالكا قد تصارفا فلم ينقض الصرف ورأى أن قول النبي ﷺ هاء وهاء إنما هو لا يتفرقا حتى تقابنا قلت تفرقا عن الكلام قال نعم قلت فقال لك أفرأيت لو احتمل اللسان ما قلت وما قال من خالفك اما يكون من قال بقول الرجل الذي سمع الحديث أولى أن يصار إلى قوله لأنه الذي سمع الحديث فله فضل السماع والعلم بما سمع وباللسان قال بلى قلت فلم لم تعط هذا ابن عمر وهو سمع الحديث من رسول الله ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فكان إذا اشترى شيئا يعجبه أن يجب له فارق صاحبه فمشى قليلا ثم رجع ولم لم تعط هذا أبا برزة وهو سمع من رسول الله ﷺ البيعان بالخيار وقضى به وقد تصادقا بأنهما تبايعا ثم كان معا لم يتفرقا في ليلتهما ثم غدوا إليه فقضى أن لكل واحد منهما الخيار في رد بيعه قال الشافعي فإن قال قائل تقول إن قولي محال قلت نعم قال فلست أراه كما قلت وأنت وإن كانت لك بما قلت حجة نذهب اليها فاللسان يحتمل ما قلت فقلت لا قال فبينه قلت فما أحسبني إلا قد اكتفيت بأقل مما ذكرت وأسألك قال فسل قلت أفرأيت إذ قال النبي ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار أليس قد جعل إليهما الخيار إلى وقتين ينقطع الخيار إلى أيهما كان قال بلى قلت فما الوقتان قال أن يتفرقا بالكلام قلت فما الوجه الثاني قال لا أعرف له وجها فدعه قلت أفرأيت إن بعتك بيعا ودفعته إليك فقلت أنت فيه بالخيار إلى الليل من يومك هذا وأن تختار إجازة البيع قبل الليل أجائز هذا البيع قال نعم قلت فمتى ينقطع خيارك ويلزمك البيع فلا يكون لك رده قال إن انقضى اليوم ولم اختر رد البيع انقطع الخيار في البيع أو اخترت قبل الليل إجازة البيع انقطع الخيار في الرد قلت فكيف لا تعرف أن هذا قطع الخيار في المتبايعين أن يتفرقا بعد البيع أو يخير أحدهما صاحبه قال الشافعي فقال دعه قلت نعم بعد العلم مني بأنك إنما عمدت ترك الحديث وأنه لا يخفى عليك أن قطع الخيار في البيع التفرق أو التخيير كما عرفته في جوابك قبله فقلت له أرأيت إن زعمت أن الخيار إلى مدة وزعمت أنها أن يتفرقا في الكلام أيقال للمتساومين أنتما بالخيار قال نعم السائم في أن يرد أو يدع والبائع في أن يوجب أو يدع قلت
صفحة : 801
ألم يكونا قبل التساوم هكذا قال بلى قلت فهل أحدث لهما التساوم حكما غير حكمهما قبله أو يخفى على أحد أنه مالك لماله إن شاء أعطاه وإن شاء منعه قال لا قلت فيقال لإنسان أنت بالخيار في مالك الذي لم توجب فيه شيئا لغيرك فالسائم عندك لم يوجب في ماله شيئا لغيره إنك لتحيل فيما تجيب فيه من الكلام قال فلم لا أقول لك أنت بالخيار في مالك قلت لما وصفت لك وإن قلت ذلك إلى مدة تركت قولك قال وأين قلت وأنت تزعم أن من كان له الخيار إلى مدة فإذا اختار انقطع خياره كما قلت إذا جعلته بالخيار يوما فمضى اليوم انقطع الخيار قال أجل وكذلك إذا أوجب البيع فهو إلى مدة قلت لم ألزمه قبل إيجاب البيع شيئا فيكون فيه يختار ولو جاز أن يقال أنت بالخيار في مالك ما جاز أن يقال أنت بالخيار إلى مدة إنما يقال أنت بالخيار أبدا قال فإن قلت المدة أن يخرجه من ملكه قلت وإذا أخرجه من ملكه فهو لغيره أفيقال لأحد أنت بالخيار في مال غيرك قال الشافعي فقلت أرأيت لو أن رجلا جاهلا عارضك بمثل حجتك فقال قد قلت المتساومان يقع عليهما اسم متبايعين وقد قال رسول الله ﷺ هما بالخيار ما لم يتفرقا والتفرق عندك يحتمل تفرق الأبدان والتفرق بالكلام فإن تفرقا بأبدانهما فلا خيار لهما وعلى صاحب المال أن يعطي بيعه ما بذل له منه وعلى صاحب السلعة أن يسلم سلعته له بما استام عليه ولا يكون له الرجوع عما بذلها به إذا تفرقا قال ليس ذلك له قلت ولا لك قال الشافعي قال أفليس يقبح أن أملك سلعتك وتملك مالي ثم يكون لكل واحد منا الرد بغير عيب أو ليس يقبح أن أبتاع منك عبدا ثم أعتقه قبل أن نتفرق ولا يجوز عتقي وأنا مالك قال الشافعي قلت ليس يقبح في هذا شيء إلا دخل عليك أعظم منه قال وما ذلك قلت أرأيت إن بعتك عبدا بألف درهم وتقابضنا وتشارطنا أنا جمعيا أو أحدنا بالخيار إلى ثلاثين سنة قال فجائز قلت ومتى شاء واحد منا نقض البيع نقضه وربما مرض العبد ولم ينتفع به سيده وانتفع البائع بالمال وربما انتفع المبتاع بالعبد حتى يستغل منه أكثر من ثمنه ثم يرده وإن كان أخذه بدين ولم ينتفع البائع بشيء من مال المبتاع وقد عظمت منفعة المبتاع بمال البائع قال نعم هو رضى بهذا قلت وإن أعتقه المشتري في الثلاثين سنة لم يجز وإن أعتقه البائع جاز قال نعم قلت فإنما جعلت له الخيار بسنة رسول الله ﷺ ما لم يتفرقا ولعل ذلك يكون في طرفة عين أو لا يبلغ يوما كاملا لحاجة الناس إلى الوضوء أو تفرقهم للصلاة وغير ذلك فقبحته وجعلت له الخيار ثلاثين سنة برأي نفسك فلم تقبحه قال ذلك بشرطهما قلت فمن شرط له رسول الله
صفحة : 802
ﷺ أولى أن يثبت له شرطه ممن شرط له بائع ومشتر وقلت له أرأيت لو اشتريت منك كيلا من طعام موصوف بمائة درهم قال فجائز قلت وليس لي ولا لك نقض البيع قبل تفرق قال لا قلت وإن تفرقنا قبل التقابض انتقض البيع قال نعم قلت أفليس قد وجب لي عليك شيء لم يكن لي ولا لك نقضه ثم انتقض بغير رضا واحد منا بنقضه قال نعم إنما نقضناه استدلالا بالسنة أن النبي ﷺ نهى عن الدين بالدين قلت فإن قال لك قائل أهل الحديث يوهنون هذا الحديث ولو كان ثابتا لم يكن هذا دينا لأني متى شئت أخذت منك دراهمي التي بعتك بها إذا لم أسم لك أجلا والطعام إلى مدته قال لا يجوز ذلك قلت ولم وعليك فيه لمن طالبك أمران أحدهما أنك تجيز تبايع المتبايعين العرض بالنقد ولا يسميان أجلا ويفترقان قبل التقابض ولا ترى به بأسا ولا ترى هذا دينا بدين فإذا كان هذا هكذا عندك احتمل اللفظ أن يسلف في كيل معلوم بشرط سلعة وإن لم يدفعها فيكون حالا غير دين بدين ولكنه عين بدين قال بل هو دين بدين قلت فإن قال لك قائل فلو كان كما وصفت أنهما إذا تبايعا في السلف فتفرقا قبل التقابض انتقض البيع بالتفرق ولزمك أنك قد فسخت العقدة المتقدمة الصحيحة بتفرقهما بأبدانهما والتفرق عندك في البيوع ليس له معنى إنما المعنى في الكلام أو لزمك أن تقول في البيعين بالخيار ما لم يتفرقا إن لتفرقهما بابدانهما معنى يوجبه كما كان لتفرق هذين بأبدانهما معنى ينقضه ولا تقول هذا قال الشافعي فقال فإنا روينا عن عمر أنه قال البيع عن صفقة أو خيار قلت أرأيت إذا جاء عن رسول الله ﷺ ما وصفت لو كان قال رجل من أصحابه قولا يخالفه ألا يكون الذي تذهب إليه فيه أنه لو سمع عن رسول الله ﷺ شيئا لم يخالفه إن شاء الله تعالى وتقول قد يعزب عن بعضهم بعض السنن قال بلى قلت أفترى في أحد مع النبي ﷺ حجة فقال عامة من حضره لا قلت ولو أجزت هذا خرجت من عامة سنن النبي ﷺ فدخل عليك ما لا تعذر منه قال فدعه قلت فليس بثابت عن عمر وقد رويتم عن عمر مثل قولنا زعم أبو يوسف عن مطرف عن الشعبي أن عمر قال البيع عن صفقة أو خيار قال الشافعي وهذا مثل ما روينا عن النبي ﷺ قال فهذا منقطع قلت وحديثك الذي رويت عن عمر غلط ومجهول أو منقطع فهو جامع لجميع ما ترد به الأحاديث قال لئن أنصفناك ما يثبت مثله فقلت احتجاجك به مع معرفتك بمن حدثه وعمن حدثه ترك النصفة قال الشافعي وقلت له لو كان كما رويت كان
صفحة : 803
بمعنى قولنا أشبه وكان خلاف قولك كله قال ومن أين قلت أرأيت إذ زعمت أن عمر قال البيع عن صفقة أو خيار أليس تزعم أن البيع يجب بأحد أمرين إما بصفقة وإما بخيار قال بلى قلت أفيجب البيع بالخيار والبيع بغير خيار قال نعم قلت ويجب بالخيار قال تريد ماذا قلت ما يلزمك قال وما يلزمني قلت تزعم أنه يجب الخيار بلا صفقة لأنه إذا زعم أنه يجب بأحد أمرين علمنا أنهما مختلفان كما تقول في المولى يفيء أو يطلق وفي العبد يجني يسلم أو يفدى وكل واحد منهما غير الآخر قال ما يصنع الخيار شيئا إلا بصفقة تقدمه أو تكون معه والصفقة مستغنية عن الخيار فهي إن وقعت معها خيار أو بعدها أوليس معها ولا بعدها وجبت قال نعم قلت وقد زعمت أن قوله أو خيار لا معنى له قال فدع هذا قلت نعم بعد العلم بعلمك إن شاء الله تعالى بأنك زعمت أن ما ذهبت إليه محال قال فما معناه عندك قلت لو كان قوله هذا موافقا لما روى أبو يوسف عن مطرف عن الشعبي عنه وكان مثل معنى قوله فكان مثل البيع في معنى قوله فكان البيع عن صفقه بعدها تفرق أو خيار قال بعض من حضر ماله معنى يصح غيرها قال أما إنه لا يصح حديثه قلت أجل فلم استعنت به قال فعارضنا غير هذا بأن قال فأقول إن ابن مسعود روى أن النبي ﷺ قال إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قال البائع والمبتاع بالخيار قال الشافعي وهذا الحديث منقطع عن ابن مسعود والأحاديث التي ذكرناها ثابتة متصلة فلو كان هذا يخالفها لم يجز للعالم بالحديث أن يحتج به على واحد منها لأنه لا يثبت هو بنفسه فكيف يزال به ما يثبت بنفسه ويشده أحاديث معه كلها ثابتة قال الشافعي رحمه الله تعالى ولو كان هذا الحديث ثابتا لم يكن يخالف منها شيئا من قبل أن هذين متبايعان إن تصادقا على التبايع واختلفا في الثمن فكل واحد منهما يختار أن ينفذ البيع إلا أن تكون دعواهما مما يعقد به البيع مختلفة تنقض أصله ولم يجعل الخيار إلا للمبتاع في أن يأخذ أو يدع وحديث البيع بالخيار جعل الخيار لهما معا من غير اختلاف في ثمن ولا ادعاء من واحد منهما بشيء يفسد أصل البيع ولا ينقضه إنما أراد تحديد نقض البيع بشيء جعل لهما معا وإليهما إن شاءا فعلاه وإن شاءا تركاه قال الشافعي ولو غلط رجل إلى أن الحديث على المتبايعين اللذين لم يتفرقا من مقامهما لم يجز له الخيار لهما بعد تفرقهما من مقامهما فإن قال فما يغني في البيع اللازم بالصفقة أو التفرق بعد الصفقة قيل لو وجب بالصفقة استغنى عن التفرق ولكنه لا يلزم إلا بهما ومعنى خياره بعد الصفقة كمعنى الصفقة والتفرق وبعد التفرق فيختلفان في الثمن فيكون للمشتري
صفحة : 804
الخيار كما يكون له الخيار بعد القبض وقبل التفرق وبعد زمان إذا ظهر على عيب ولو جاز أن نقول إنما يكون له الخيار إذا اختلفا في الثمن لم يجز أن يكون له الخيار إذا ظهر على عيب وجاز أن يطرح كل حديث اشبه حديثا في حرف واحد لحروف أخر مثله وإن وجد لهما محمل يخرجان فيه فجاز عليه لبعض المشرقيين ما هو أولى أن يجوز من هذا فإنهم قالوا نهى رسول الله ﷺ عن التمر بالتمر إلا مثل بمثل وعن المزابنة وهي الجزاف بالكيل من جنسها وعن الرطب بالتمر فحرمنا العرايا بخرصها من التمر لأنها داخلة في هذا المعنى وزعمنا نحن ومن قال هذا القول من أصحابنا أن العرايا حلال بإحلال النبي ﷺ ووجدنا للحديثين معنى يخرجان عليه ولجاز هذا علينا في أكثر ما يقدر عليه من الأحاديث قال الشافعي وخالفنا بعض من وافقنا في الأصل أن البيع يجب بالتفرق والخيار فقال الخيار إذا وقع مع البيع جاز فليس عليه أن يخير بعد البيع والحجة عليه ما وصفت من أن النبي ﷺ خير بعد البيع ومن القياس إذا كانت بيعا فلا يتم البيع إلا بتفرق المتبايعين وتفرقهما شيء غير عقد البيع يشبه والله أعلم أن لا يكون يجب بالخيار إلا بعد البيع كما كان التفرق بعد البيع وكذلك الخيار بعده قال الشافعي وحديث مالك بن أوس بن الحدثان النصرى عن النبي ﷺ يدل على أن التفرق بين المتبايعين تفرق الأبدان ويدل على غيره وهو موضوع في موضعه قال وحديث النبي ﷺ لا يبع أحدكم على بيع أخيه يدل على أنه في معنى حديث أن النبي ﷺ قال المتبايعان بالخيار لأني لو كنت إذا بعت رجلا سلعة تسوى مائة ألف لزم المشتري البيع حتى لا يستطيع أن ينقضه ما ضرني أن يبيعه رجل سلعة خيرا منها بعشرة ولكن في نهيه أن يبيع الرجل على بيع أخيه دلالة على أن يبيع على بيع أخيه قبل أن يتفرقا لأنهما لا يكونان متبايعين إلا بعد البيع ولا يضر بيع الرجل على بيع أخيه إلا قبل التفرق حتى يكون للمشتري الخيار في رد البيع وأخذه فيها لئلا يفسد على البائع ولعله يفسد على البائع ثم يختار أن يفسخ البيع عليهما معا ولو لم يكن هذا لم يكن للحديث معنى أبدا لأن البيع إذا وجب على المشتري قبل التفرق أو بعده فلا يضر البائع من باع على بيعه ولو جاز أن يجعل هذا الحديث على غير هذا جاز أن لا يصير الناس إلى حديث إلا أحالهم غيرهم إلى حديث غيره ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
صفحة : 805
باب بيع الكلاب وغيرها من الحيوان غير المأكول أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله ﷺ نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن قال قال مالك فلذلك أكره بيع الكلاب الضواري وغير الضواري أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال من اقتنى كلبا إلا كلب ماشية أو ضاريا نقص من عمله كل يوم قيراطان أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن خصيفة أن السائب بن يزيد أخبره أنه سمع سفيان بن أبي زهير وهو رجل من شنوءة من أصحاب النبي ﷺ يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول من اقتنى كلبا نقص من عمله كل يوم قيراط قالوا أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ قال إي ورب هذا المسجد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ أمر بقتل الكلاب قال الشافعي وبهذا نقول لا يحل للكلب ثمن بحال وإذا لم يحل ثمنه لم يحل أن يتخذه إلا صاحب صيد أو حرث أو ماشية وإلا لم يحل له أن يتخذه ولم يكن له إن قتله أخذ ثمن إنما يكون الثمن فيما قتل مما يملك إذا كان يحل أن يكون له في الحياة ثمن يشترى به ويباع قال ولا يحل اقتناؤه إلا لصاحب صيد أو زرع أو ماشية أو ما كان في معناه لما جاء فيه عن رسول الله ﷺ وأمر رسول الله ﷺ بقتل الكلاب يدل على أنها لو صلحت أن يكون لها أثمان بحال لما جاز قتلها ولكان لمالكها بيعها فيأخذ أثمانها لتصير إلى من يحل له قنيتها قال ولا يحل السلم فيها لأنه بيع وما أخذ في شيء يملك فيه بحال معجلا أو مؤخرا أو بقيمته في حياة أو موت فهو ثمن من الأثمان ولا يحل للكلب ثمن لما وصفنا من نهى النبي ﷺ عن ثمنه ولو حل ثمنه حل حلوان الكاهن ومهر البغي قال وقد قال النبي ﷺ من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية نقص كل يوم من عمله قيراطان وقال لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة قال وقد نصب الله عز وجل الخنزير فسماه رجسا وحرمه فلا يحل أن يخرج له ثمن معجل ولا مؤخر ولا قيمة بحال ولو قتله إنسان لم يكن فيه قيمة وما لا يحل ثمنه مما يملك لا تحل قيمته لأن القيمة ثمن من الأثمان قال وما كان فيه منفعة في حياته بيع من الناس غير الكلب والخنزير وإن لم يحل أكله فلا بأس بابتياعه وما كان لا
صفحة : 806
بأس بابتياعه لم يكن بالسلف فيه بأس إذا كان لا ينقطع من أيدي الناس ومن ملكه فقتله غيره فعليه قيمته في الوقت الذي قتله فيه وما كان منه معلما فقتله معلما فقيمته معلما كما تكون قيمة العبد معلما وذلك مثل الفهد يعلم الصيد والبازي والشاهين والصقر وغيرها من الجوارح المعلمة ومثل الهر والحمار الأنسي والبغل وغيرها مما فيه منفعة حيا وإن لم يؤكل لحمه قال فأما الضبع والثعلب فيؤكلان ويباعان وهما مخالفان لما وصفت يجوز فيهما السلف إن كان انقطاعهما في الحين الذي يسلف فيهما مأمونا الأمان الظاهر عند الناس ومن قتلهما وهما لأحد غرم ثمنها كما يغرم ثمن الظبي وغيره من الوحش المملوك غيرهما قال الشافعي وكل ما لا منفعة فيه من وحش مثل الحدأة والرخمة والبغاثة وما لا يصيد من الطير الذي لا يؤكل لحمه ومثل اللحكاء والقطا والخنافس وما أشبه هذا فأرى والله تعالى أعلم أن لا يجوز شراءه ولا بيعه بدين ولا غيره ولا يكون على أحد لو حبسه رجل عنده فقتله رجل له قيمة وكذلك الفأر والجرذان والوزغان لأنه لا معنى للمنفعة فيه حيا ولا مذبوحا ولا ميتا فإذا اشترى هذا أشبه أن يكون أكل المال بالباطل وقد نهى الله عز وجل عن أكل المال بالباطل لأنه إنما أجيز للمسلمين بيع ما انتفعوا به مأكولا أو مستمتعا به في حياته لمنفعة تقع موقعا ولا منفعة في هذا تقع موقعا وإذا نهى عن بيع ضراب الفحل وهو منفعة إذا تم لأنها ليست بعين تملك لمنفعة كان مالا منفعة فيه بحال أولى أن ينهى عن ثمنه عندي والله تعالى أعلم ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
صفحة : 807
باب الخلاف في ثمن الكلب قال الشافعي فخالفنا بعض الناس فأجاز ثمن الكلب وشراءه وجعل على من قتله ثمنه قلت له أفيجوز أن يكون رسول الله ﷺ يحرم ثمن الكلب وتجعل له ثمنا حيا أو ميتا أو يجوز أن يأمر رسول الله ﷺ بقتل الكلاب ولها أثمان يغرمها قاتلها أيأمر رسول الله ﷺ بقتل ما يغرمه قاتله وكل ما غرمه قاتله أثم من قتله لأنه استهلاك ما يكون ما لا لمسلم ورسول الله ﷺ لا يأمر بمأثم وقال قائل فإنا إنما أخذنا أن الكلب يجوز ثمنه خبرا وقياسا قلت له فاذكر الخبر قال أخبرني بعض أصحابنا عن محمد بن إسحق عن عمران بن أبي أنس أن عثمان أغرم رجلا ثمن كلب قتله عشرين بعيرا قال وإذا جعل فيه مقتولا قيمة كان حياله ثمن لا يختلف ذلك قال فقلت له أرأيت لو ثبت هذا عن عثمان كنت لم تصنع شيئا في احتجاجك على شيء ثبت عن رسول الله ﷺ والثابت عن عثمان خلافه قال فاذكره قلت أخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن قال سمعت عثمان بن عفان يخطب وهو يأمر بقتل الكلاب قال الشافعي فكيف يأمر بقتل ما يغرم من قتله قيمته قال فأخذناه قياسا على أن رسول الله ﷺ لم ينه صاحب الزرع ولا الماشية عن اتخاذه وذكر له صيد الكلاب فقال فيه ولم ينه عنه فلما رخص في أن يكون الكلب مملوكا كالحمار حل ثمنه ولما حل ثمنه كانت قيمته على من قتله قال فقلت له فإذا أباح رسول الله ﷺ اتخاذه لصاحب الزرع والماشية ولم ينه عنه صاحب الصيد وحرم ثمنه فأيهما أولى بنا وبك وبكل مسلم أن يتبعه في القولين فتحرم ما حرم ثمنه وتقتل الكلاب على من لم يبح له اتخاذها كما أمر بقتلها وتبيح اتخاذها لمن أباحه له ولم ينهه عنه أو تزعم أن الأحاديث فيها تضاد قال فما تقول أنت قلت أقول الحق إن شاء الله تعالى إثبات الأحاديث على ما جاءت كما جاءت إذا احتملت أن تثبت كلها ولو جاز ما قلت من طرح بعضها لبعض جاز عليك ما أجزت لنفسك قال فيقول قائل لا نعرف الأحاديث قلت إذا كان يأثم بها من اتخاذها لا أحل لأحد اتخاذها وأقتلها حيث وجدتها ثم لا يكون أولى بالصواب منه قال أفيجوز عندك أن يتخذها متخذ ولا ثمن لها قلت بل لا يجوز فيها غيره لو كان أصل اتخاذها حلالا حلت لكل أحد كما يحل لكل أحد اتخاذ الحمر والبغال ولكن أصل اتخاذها محرم إلا بموضع كالضرورة لإصلاح المعاش لأني لم أجد الحلال يحظر على أحد وأجد من المحرم ما يباح لبعض دون بعض
صفحة : 808
قال ومثل ماذا قلت الميتةى والدم مباحان لذي الضرورة فإذا فارق الضرورة عاد أن يكونا محرمين عليه بأصل تحريمهما والطهارة بالتراب مباحة في السفر لمن لم يجد ماء فإذا وجده حرم عليه الطهارة بالتراب لأن أصل الطهارة إنما هي بالماء ومحرمة بما خالفه إلا في الضرورة بالإعواز والسفر أو المرض ولذلك إذا فارق رجل اقتناء الكلب للصيد أو الزرع أو الماشية حرم عليه اتخاذها قال فلم لا يحل ثمنها في الحين الذي يحل اتخاذها قلت لما وصفت لك من أنها مرجوعة على الأصل فلا ثمن لمحرم في الأصل وإن تنقلب حالاته بضرورة أو منفعة فإن إحلاله خاص لمن أبيح له قال فأوجدني مثل ما وصفت قلت أرأيت دابة الرجل ماتت فاضطر إليها بشر أيحل لهم أكلها قال نعم قلت أفيحل له بيعها منهم أو لبعضهم إن سبق بعضهم إليها قال إن قلت ليس ذلك له قلت فقد حرمت على مالك الدابة بيعها وإن قلت نعم فقد أحللت بيع المحرم قلت نعم قال فأقول لا يحل بيعها قلت ولو أحرقها رجل في الحين الذي أبيح لهؤلاء أكلها فيه لم يغرم ثمنها قال لا قلت فلو لم يدلك على النهي عن ثمن الكلب إلا ما وصفت لك انبغى أن يدلك قال أفتوجدني غير هذا أقوله قلت نعم زعمت أنه لو كان لك خمر حرم عليك اتخاذها وحل لك أن تفسدها بملح وماء غير ذلك مما يصيرها خلا وزعمت أن رجلا لو أهراقها وقد أفسدها قبل أن تصير خلا لم يكن عليه في ثمنها شيء لأنها لم تحل بعد عن المحرم فتصير عينا غيره وزعمت أن ما شيتك لو موتت حل لك سلخها وحبس جلدها وإذا دبغتها حل ثمنها ولو حرقها رجل قبل أن تدبغها لم يكن عليه فيها قيمة قال إني لا أقول هذا ولكني أقول إذا صارت خلا وصارت مدبوغة كان لها ثمن وعلى من حرقها قيمته قلت لأنها تصير عندك عينا حلالا لكل أحد قال نعم قلت أفتصير الكلاب حلالا لكل أحد قال لا إلا بالضرورة أو طلب المنفعة والكلاب الميتة أشبه والميتة لنا فيها ألزم قلت وهذا يلزمك في الحين الذي يحل لك فيه حبس الخمر والجلود فأنت لا تجعل في ذلك الحين لها ثمنا قال أجل قال الشافعي ثم حكى أن قائلا قال لا ثمن لكلب الصيد ولا الزرع لأن النبي ﷺ نهى عن ثمن الكلب جملة ثم قال وإن قتل إنسان لآخر كلبا غرم ثمنه لأنه أفسد عليه ماله قال الشافعي وما لم يكن له ثمن حيا بأن أصل ثمنه محرم كان على ثمنه إذا قتل أولى أن يبطل أو مثل ثمنه حيا وكل ما وصفت حجة على من حكيت قوله وحجة على من قال هذا القول وعليه زيادة حجة من قوله من أنه إذا لم يحل ثمنها في الحال التي أباح النبي ﷺ اتخاذها كان إذا قتلت أحرى أن لا يكون بها حلالا قال فقال لي
صفحة : 809
قائل فإذا أخصى رجل كلب رجل أو جدعه قلت إذا لم يكن له ثمن ولم يكن على من قتله قيمة كان فيما أصيب مما دون القتل أولى ولم يكن عليه فيه غرم وينهى عنه ويؤدب إذا عاد باب الربا
باب الطعام بالطعام أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري أنه التمس صرفا بمائة دينار قال فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال حتى تأتي خازنتي أو خازني قال الشافعي أنا شككت بعد ما قرأته عليه وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يسمع فقال عمر لا والله لا تفارقه حتى تأخذ منه ثم قال قال رسول الله ﷺ الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن مسلم بن يسار ورجل آخر عن عبادة بن الصامت أن رسول الله ﷺ قال لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم قال ونقص أحدهما التمر أو الملح قال الشافعي رحمه الله وبهذا نأخذ وهو موافق للأحاديث في الصرف وبهذا تركنا قول من روى أن لا ربا إلا في نسيئة وقلنا الربا من وجهين في النسيئة والنقد وذلك أن الربا منه يكون في النقد بالزيادة في الكيل والوزن ويكون في الدين بزيادة الأجل وقد يكون مع الأجل زيادة في النقد قال وبهذا نأخذ والذي حرم رسول الله ﷺ الفضل في بعضه على بعض يدا بيد الذهب والورق والحنطة والشعير والتمر والملح قال والذهب والورق مباينان لكل شيء لأنهما أثمان كل شيء ولا يقاس عليهما شيء من الطعام ولا من غيره قال الشافعي رحمه الله فالتحريم معهما من الطعام من مكيل كله مأكول قال فوجدنا المأكول إذا كان مكيلا فالمأكول إذا كان موزونا في معناه لأنهما
صفحة : 810
مأكولان معا وكذلك إذا كان مشروبا مكيلا أو موزونا لأن الوزن أن يباع معلوما عند البائع والمشتري كما كان الكيل معلوما عندهما بل الوزن أقرب من الإحاطة لبعد تفاوته من الكيل فلما اجتمعا في أن يكون مأكولين ومشروبين وبيعا معلوما بمكيال أو ميزان كان معناهما معنى واحدا فحكمنا لهما حكما واحدا وذلك مثل حكم الذهب والفضة لأن مخرج التحريم والتحليل في الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والنوى فيه لأنه لا صلاح له إلا به والملح واحد لا يختلف ولا نخالف في شيء من أحكام ما نصت السنة من المأكول غيره وكل ما كان قياسا عليها مما هو في معناها وحكمه حكمها لم نخالف بين أحكامها وكل ما كان قياسا عليها مما هو في معناها حكمنا له حكمها من المأكول والمشروب والمكيل والموزون وكذلك في معناها عندنا والله أعلم كل مكيل ومشروب بيع عددا لأنا وجدنا كثيرا منها يوزن ببلدة ولا يوزن بأخرى ووجدنا عامة الرطب بمكة إنما يباع في سلال جزافا ووجدنا عامة اللحم إنما يباع جزافا ووجدنا أهل البدو إذا تبايعوا لحما أو لبنا لم يتبايعوه إلا جزافا وكذلك يتبايعون السمن والعسل والزبد وغيره وقد يوزن عند غيرهم ولا يمتنع من الوزن والكيل في بيع من باعه جزافا وما بيع جزافا أو عددا فهو في معنى الكيل والوزن من المأكول والمشروب عندنا والله أعلم وكل ما يبقى منه ويدخر ما لا يبقى ولا يدخر سواء لا يختلف فلو نظرنا في الذي يبقى منه ويدخر ففرقنا بينه وبين مالا يبقى ولا يدخر وجدنا التمر كله يابسا يبقى غاية ووجدنا الطعام كله لا يبقى ذلك البقاء ووجدنا اللحم لا يبقى ذلك البقاء ووجدنا اللبن لا يبقى ولا يدخر فإن قال قد يوقط قيل وكذلك عامة الفاكهة الموزونة قد تيبس وقشر الأترج بما لصق فيه ييبس وليس فيما يبقى ولا يبقى معنى يفرق بينه إذا كان مأكولا ومشروبا فكله صنف واحد والله أعلم وما كان غير مأكول ولا مشروب لتفكه ولا تلذذ مثل الأسبيوش والثفاء والبزور كلها فهي وإن أكلت غير معنى القوت فقد تعد مأكولة ومشروبة وقياسها على المأكول القوت أولى من قياسها على ما فارقه مما يستمتع به لغير الأكل ثم الأدوية كلها أهليلجها وايليلجها وسقمونيها وغاريقونها يدخل في هذا المعنى والله أعلم قال ووجدنا كل ما يستمتع به ليكون مأكولا أو مشروبا يجمعه أن المتاع به ليؤكل أو يشرب ووجدنا يجمعه أن الأكل والشرب للمنفعة ووجدنا الأدوية تؤكل وتشرب للمنفعة بل منافعها كثيرة أكثر من منافع الطعام فكانت أن تقاس بالمأكول والمشروب أولى من أن يقاس بها المتاع لغير الأكل من الحيوان والنبات والخشب وغير ذلك فجعلنا للأشياء أصلين أصل مأكول فيه الربا وأصل متاع
صفحة : 811
لغير المأكول لا ربا في الزيادة في بعضه على بعض فالأصل في المأكول والمشروب إذا كان بعضه ببعض كالأصل في الدنانير بالدنانير والدراهم بالدراهم وإذا كان منه صنف بصنف غيره فهو كالدنانير بالدراهم والدراهم بالدنانير لا يختلف إلا بعلة وتلك العلة لا تكون في الدنانير والدراهم بحال وذلك أن يكون الشيء منه رطب بيابس منه وهذا لا يدخل الذهب ولا الورق أبدا قال فإن قال قائل كيف فرقتم بين الذهب والورق وبين المأكول في هذه الحال قلت الحجة فيه ما لا حجة معه من سنة رسول الله ﷺ وأنه لا يجوز أن تقيس شيئا بشيء مخالف له فإذا كانت الرطوبة موجودة في غير الذهب والفضة فلا يجوز أن يقاس شيء بشيء في الموضع الذي يخالفه فإن قال قائل فأوجدنا السنة فيه قيل إن شاء الله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال له سعد أيتهما أفضل فقال البيضاء فنهى عن ذلك وقال سمعت رسول الله ﷺ يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله ﷺ أينقص الرطب إذا يبس فقالوا نعم فنهى عن ذلك قال ففي هذا الحديث رأي سعد نفسه أنه كره البيضاء بالسلت فإن كان كرهها بسنة فذلك موافق لحديث رسول الله ﷺ وبه نأخذ ولعله إن شاء الله كرهها لذلك فإن كان كرهها متفاضلة فإن رسول الله ﷺ قد أجاز البر بالشعير متفاضلا وليس في قول أحد حجة مع النبي ﷺ وهو القياس على سنة النبي ﷺ أيضا قال وهكذا كل ما اختلفت أسماؤه وأصنافه من الطعام فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة كالدنانير بالدراهم لا يختلف هو وهي وكذلك زبيب بتمر وحنطة بشعير وشعير بسلت وذرة بأرز وما اختلف أصنافه من المأكول أو المشروب هكذا كله وفي حديثه عن رسول الله ﷺ دلائل منها أنه سأل أهل العلم بالرطب عن نقصانه فينبغي للامام إذا حضره اهل العلم بما يرد عليه أن يسألهم عنه وبهذا صرنا إلى قيم الأموال بقول أهل العلم والقبول من أهلها ومنها أنه ﷺ نظر في معتقب الرطب فلما كان ينقص لم يجز بيعه بالتمر لأن التمر من الرطب إذا كان نقصانه غير محدود وقد حرم أن يكون التمر بالتمر إلا مثل بمثل وكانت فيها زيادة بيان النظر في المعتقب من الرطب فدلت على أنه لا يجوز رطب بيابس من جنسه لاختلاف الكيلين وكذلك دلت على أنه لا يجوز رطب
صفحة : 812
برطب لأنه نظر في البيوع في المعتقب خوفا من أن يزيد بعضها على بعض فهما رطبان معناهما معنى واحد فإذا نظر في المعتقب فلم يجز رطب برطب لأن الصفقة وقعت ولا يعرف كيف يكونان في المعتقب وكان بيعا مجهولا الكيل بالكيل ولا يجوز الكيل ولا الوزن بالكيل والوزن من جنسه إلا مثلا بمثل باب جماع تفريع الكيل والوزن بعضه ببعض قال الشافعي معرفة الأعيان أن ينظر إلى الاسم الأعم الجامع الذي ينفرد به من جملة ما مخرجه مخرجها فذلك جنس فأصل كل ما أنبتت الأرض أنه نبات ثم يفرق به أسماء فيقال هذا حب ثم يفرق بالحب اسماء والأسماء التي تفرق بالحب من جماع التمييز فيقال تمر وزبيب ويقال حنطة وذرة وشعير وسلت فهذا الجماع الذي هو جماع التمييز وهو من الجنس الذي تحرم الزيادة في بعضه على بعض إذا كان من صنف واحد وهو في الذهب والورق هكذا وهما مخلوقان من الأرض أو فيها ثم هما تبر ثم يفرق بهما أسماء ذهب وورق والتبر سواهما من النحاس والحديد وغيرهما قال الشافعي رحمه الله والحكم فيما كان يابسا من صنف واحد من أصناف الطعام حكم واحد لا اختلاف فيه كحكم الذهب بالذهب والورق بالورق لأن رسول الله ﷺ ذكر تحريم الذهب والورق والحنطة والشعير والتمر والملح ذكرا واحدا وحكم فيها حكما واحدا فلا يجوز أن يفرق بين أحكامها بحال وقد جمعها رسول الله ﷺ قال الربيع قال الشافعي الحنطة جنس وإن تفاضلت وتباينت في الأسماء كما يتباين الذهب ويتفاضل في الأسماء فلا يجوز ذهب بذهب إلا مثلا بمثل وزنا بوزن يدا بيد قال وأصل الحنطة الكيل وكل ما كان أصله كيلا لم يجز أن يباع بمثله وزنا بوزن ولا وزنا بكيل قال ولا بأس بالحنطة مثلا بمثل ويدا بيد ولا يفترقان حتى يتقابضا وإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع بينهما كما يكون ذلك في الذهب بالذهب لا يختلف قال ولا بأس بحنطة جيدة يسوى مدها دينارا بحنطة رديئة لا يسوى مدها سدس دينار ولا حنطة حديثة بحنطة قديمة ولا حنطة بيضاء صافية بحنطة سوداء قبيحة مثلا بمثل كيلا بكيل يدا بيد ولا يتفرقان حتى يتقابضا إذا كانت حنطة أحدهما صنفا واحدا وحنطة بائعه صنفا واحدا وكل ما لم يجز إلا مثلا بمثل يدا بيد فلا خير في أن يباع منه شيء ومعه شيء غيره بشيء آخر لا خير في مد تمر عجوة ودرهم بمدى تمر عجوة ولا مد حنطة سوداء ودرهم بمدى حنطة محمولة حتى يكون الطعام بالطعام لا شيء مع
صفحة : 813
واحد منهما غيرهما أو يشتري شيئا من غير صنفه ليس معه من صنفه شيء باب في التمر بالتمر قال الشافعي والتمر صنف ولا بأس أن يبتاع صاع تمر بصاع تمر يدا بيد ولا يتفرقان حتى يتقابضا ولا بأس إذا كان صاع أحدهما صنفا واحدا وصاع الآخر صنفا واحدا أن يأخذه وإن كان بردى وعجوة بعجوة أو بردى وصيحاني بصيحاني ولا خير في أن يكون صاع أحدهما من تمرين مختلفين وصاع الآخر من تمر واحد ولا خير في أن يتبايعا التمر بالتمر موزونا في جلال كان أو قرب أو غير ذلك ولو طرحت عنه الجلال والقرب لم يجز أن يباع وزنا وذلك أن وزن التمر يتباين فيكون صاع وزنه أرطال وصاع آخر وزنه أكثر منها فلو كيلا كان صاع بأكثر من صاع كيلا وهكذا كل كيل لا يجوز أن يباع بمثله وزنا وكل وزن فلا يجوز أن يباع بمثله كيلا وإذا اختلف الصنفان فلا بأس أن يبتاع كيلا وإن كان أصله الوزن وجزافا لأنا إنما نأمر ببيعه على الأصل كراهية التفاضل فإذا كان ما يجوز فيه التفاضل فلا نبالي كيف تبايعاه إن تقابضاه قبل أن يتفرقا باب ما في معنى التمر قال الشافعي وهكذا كل صنف يابس من المأكول والمشروب فالقول فيه كما وصفت في الحنطة والتمر لا يختلف في حرف منه وذلك يخالف الشعير بالشعير والذرة بالذرة والسلت بالسلت والدخن بالدخن والأرز بالأرز وكل ما أكل الناس مما ينبتون أو لم ينبتوا مثل الفث وغيره من حب الحنظل وسكر العشر وغيره مما أكل الناس ولم ينبتوا وهكذا كل مأكول يبس من أسبيوش بأسبيوش وثفاء بثفاء وصعتر بصعتر فما بيع منه وزنا بشيء من صنفه لم يصرف إلى كيل وما بيع منه كيلا لم يصرف إلى وزن لما وصفت من اختلافه في يبسه وخفته وجفائه قال وهكذا وكل مأكول ومشروب أخرجه الله من شجر أو أرض فكان بحاله التي أخرجه الله تعالى بها لم يحدث فيه الآدميون شيئا فينقلونه عن حاله التي أخرجه الله تعالى بها إلى غيرها فأما ما لو تركوه لم يزل رطبا بحاله أبدا ففي هذا الصنف منه علة سأذكرها إن شاء الله تعالى فأما ما أحدث فيه الآدميون تجفيفا من الثمر فهو شيء استعجلوا به صلاحه وإن لم ينقلوه وتركوه جف وما أشبه هذا ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
صفحة : 814
باب ما يجامع التمر وما يخالفه قال الشافعي رحمه الله والزيتون مخلوق ثمرة لو تركها الآدميون صحيحة لم يخرج منها زيت ولما عصروها خرجت زيتا فإنما اشتق لها اسم الزيت بأن شجرتها زيتون فاسم ثمرة شجرتها التي منها الزيت زيتون فكل ما خرج من زيت الزيتون فهو صنف واحد يجوز فيه ما يجوز في الحنطة بالحنطة والتمر بالتمر ويرد منه ما يرد من الحنطة والتمر لا يختلف وقد يعصر من الفجل دهن يسمى زيت الفجل قال وليس مما يكون ببلادنا فيعرف له اسم بأمه ولست أعرفه يسمى زيتا إلا على معنى أنه دهن لا اسم له مستعمل في بعض ما يستعمل فيه الزيت وهو مباين للزيت في طعمه وريحه وشجرته وهو زرع والزيتون أصل قال ويحتمل معنيين فالذي هو أليق به عندي والله تعالى أعلم أن لا يحكم بأن يكون زيتا ولكن يحكم بأن يكون دهنا من الأدهان فيجوز أن يباع الواحد منه بالاثنين من زيت الزيتون وذلك أنه إذا قال رجل أكلت زيتا أو اشتريت زيتا عرف أنه يراد به زيت الزيتون لأن الاسم له دون زيت الفجل وقد يحتمل أن يقال هو صنف من الزيت فلا يباع بالزيت إلا مثل بمثل والسليط دهن الجلجلان وهو صنف غير زيت الفجل وغير زيت الزيتون فلا بأس بالواحد منه بالاثنين من كل واحد منهما وكذلك دهن البزر والحبوب كلها كل دهن منه مخالف دهن غيره دهن الصنوبر ودهن الحب الأخضر ودهن الخردل ودهن السمسم ودهن نوى المشمش ودهن اللوز ودهن الجوز فكل دهن من هذه الأدهان خرج من حبة أو ثمرة فاختلف ما يخرج من تلك الثمرة أو تلك الحبة أو تلك العجمة فهو صنف واحد فلا يجوز إلا مثل بمثل يدا بيد وكل صنف منه خرج من حبة أو ثمرة أو عجمة فلا بأس به في غير صنفه الواحد منه بالاثنين ما لم يكن نسيئة لا بأس بدهن خردل بدهن فجل ودهن خردل بدهن لوز ودهن لوز بدهن جوز اردد أصوله كله إلى ما خرج منه فإذا كان ما خرج منه واحدا فهو صنف كالحنطة صنف وإذا خرج من أصلين مفترقين فهما صنفان مفترقان كالحنطة والتمر فعلى هذا جميع الأدهان المأكولة والمشروبة للغذاء والتلذذ لا يختلف الحكم فيها كهو في التمر والحنطة سواء فإن كان من هذه الأدهان شيء لا يؤكل ولا يشرب بحال أبدا لدواء ولا لغيره فهو خارج من الربا فلا بأس أن يباع واحد منه بعشرة منه يدا بيد ونسيئة وواحد منه بواحد من غيره وباثنين يدا بيد ونسيئة إنما الربا فيما أكل أو شرب بحال وفي الذهب والورق فإن قال قائل قد يجمعهما اسم الدهن قيل وكذلك يجمع الحنطة والذرة والأرز اسم الحب فلما تباين حل الفضل
صفحة : 815
في بعضه على بعض يدا بيد وليس للأدهان أصل اسم موضوع عند العرب إنما سميت بمعاني أنها تنسب إلى ما تكون منه فأما أصولها من السمسم والحب الأخضر وغيره فموضوع له أسماء كأسماء الحنطة لا بمعان فإن قيل فالحب الأخضر بمعنى فاسمه عند من يعرفه البطم والعسل الذي لا يعرف بالاسم الموضوع والذي إذا لقيت رجلا فقلت له عسل علم أنه عسل النحل صنف وقد سميت أشياء من الحلاوة تسمى بها عسلا وقالت العرب للحديث الحلو حديث معسول وقالت للمرأة الحلوة الوجه معسولة الوجه وقالت فيما التذت هذا عسل وهذا معسول وقال رسول الله ﷺ لا يحل لك حتى تذوقي عسيلته يعني يجامعها لأن الجماع هو المستحلى من المرأة فقالوا لكل ما استحلوه عسل ومعسول على معنى أنه يستحلى استحلاء العسل قال فعسل النحل المنفرد بالاسم دون ما سواه من الحلو فإنما سميت على ما وصفت من الشبه والعسل فطرة الخالق لا صنعة للادميين فيه وما سواه من الحلو فإنما يستخرج من قصب أو ثمرة أو حبة كما تستخرج الأدهان فلا بأس بالعسل بعصير قصب السكر لأنه لا يسمى عسلا إلا على ما وصفت فإنما يقال عصير قصب ولا بأس بالعسل بعصير العنب ولا برب العنب ولا بأس بعصير العنب بعصير قصب السكر لأنهما محدثان ومن شجرتين مختلفتين وكذلك رب التمر برب العنب متفاضلا وهكذا كل ما استخرج من شيء فكان حلوا فأصله على ما وصفت عليه أصول الأدهان مثل عصير الرمان بعصير السفرجل وعصير التفاح بعصير اللوز وما أشبه هذا فعلى هذا الباب كله وقياسه ولا يجوز منه صنف بمثله إلا يدا بيد وزنا بوزن إن كان يوزن وكيلا إن كان أصله الكيل بكيل ولا يجوز منه مطبوخ بنيء بحال لأنه إذا كان إنما يدخر مطبوخا فأعطيت منه نيئا بمطبوخ فالنيء إذا طبخ ينقص فيدخل فيه النقصان في النيء فلا يحل إلا مثل بمثل ولا يباع منه واحد بآخر مطبوخين معا لأن النار تبلغ من بعضه أكثر مما تبلغ من بعض وليس للمطبوخ غاية ينتهي إليها كما يكون للتمر في اليبس غاية ينتهي إليها وقد يطبخ فيذهب منه جزء من مائة جزء ويطبخ فيذهب منه عشرة أجزاء من أحد عشر جزءا فلا يجوز أن يباع منه مطبوخ بمطبوخ لما وصفت ولا مطبوخ بنيء ولا يجوز إلا نيء بنيء فإن كان منه شيء لا يعصر إلا مشوبا بغيره لم يجز أن يباع بصنفه مثلا بمثل لأنه لا يدري ما حصة المشوب من حصة الشيء المبيع بعينه الذي لا يحل الفضل في بعضه على بعض ID ' ' (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
صفحة : 816
باب المأكول من صنفين شيب أحدهما بالآخر أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وفي السنة خبر نصا ودلالة بالقياس عليها أنه إذا اختلف الصنفان فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة وذلك في حديث عبادة بن الصامت بين وما سواه قياس عليه في مثل معناه ولا بأس بمد حنطة بمدى شعير ومد حنطة بمدى أرز ومد حنطة بمدى ذرة ومد حنطة بمدى تمر ومد تمر بمدى زبيب ومد زبيب بمدى ملح ومد ملح بمدى حنطة والملح كله صنف ملح جبل وبحر وما وقع عليه اسم ملح وهكذا القول فيما اختلفت أجناسه فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة مثل الذهب بالفضة سواء لا يختلفان فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه وكل ما سكت عنه مما يؤكل أو يشرب بحال أبدا يباع بعضه ببعض صنف منه بصنف فهو كالذهب بالذهب أو صنف بصنف يخالفه فهو كالذهب بالورق لا يختلفان في حرف ولا يكون الرجل لازما للحديث حتى يقول هذا لأن مخرج الكلام فيما حل بيعه وحرم من رسول الله ﷺ واحد وإذا تفرق المتبايعان الطعام بالطعام قبل أن يتقابضا انتقض البيع بينهما قال والعسل كله صنف واحد فلا بأس بواحد منه بواحد يدا بيد ولا خير فيه متفاضلا يدا بيد ولا مستويا ولا متفاضلا نسيئة ولا يباع عسل بعسل إلا مصفيين من الشمع وذلك أن الشمع غير العسل فلو بيعا وزنا وفي أحدهما الشمع كان العسل بأقل منه وكذلك لو باعه وزنا وفي كل واحد منهما شمع لم يخرجا من أن يكون ما فيهما من العسل من وزن الشمع مجهولا فلا يجوز مجهول بمجهول وقد يدخلهما أنهما عسل بعسل متفاضلا وكذلك لو بيعا كيلا بكيل ولا خير في مد حنطة فيها قصل أو فيها حجارة أو فيها زوان بمد حنطة لا شيء فيها من ذلك أو فيها تبن لأنها الحنطة بالحنطة متفاضلة ومجهولة كما وصفت في العسل بالعسل وهكذا كل صنف من هذه خلطه غيره مما يقدر على تمييزه منه لم يجز بعضه ببعض إلا خالصا مما يخلطه إلا أن يكون ما يخلط المكيل لا يزيد في كيله مثل قليل التراب وما دق من تبنه فكان مثل التراب فذلك لا يزيد في كيله فأما الوزن فلا خير في شيء من هذا فيه لأن كل هذا يزيد في الوزن وهكذا كل ما شابه غيره فبيع واحد منه بواحد من جنسه وزنا بوزن فلا خير فيه وإن بيع كيلا بكيل فكان ما شابه ينقص من كيل الجنس فلا خير فيه مثل ما وصفت من الحنطة معها شيء بحنطة وهي مثل لبن خلطه ما ء بلبن خلطه ماء أو لم يخلطه وذلك أنه لا يعرف قدر ما دخله أو دخلهما معا من الماء فيكون اللبن باللبن متفاضلا
صفحة : 817
قال الشافعي الرطب يعود تمرا ولا أصل للتمر إلا الرطب فلما نهى رسول الله ﷺ عن الرطب بالتمر وكان في الخبر عنه أن نهيه عنه أنه نظر في المعتقب وكان موجودا في سنته تحريم التمر بالتمر وغيره من المأكول إلا مثل بمثل قلنا به على ما قاله وفسر لنا معناه فقلنا لا يجوز رطب برطب لأنه إذا نظر فيه في المعتقب فلا يخرج من الرطب بالرطب أبدا من أن يباع مجهول الكيل إذا عاد تمرا ولا خير في تمر بتمر مجهولي الكيل معا ولا أحدهما مجهول لأن نقصانهما أبدا يختلف فيكون أحد التمرين بالآخر وأحدهما أكثر كيلا من الاخر وقد نهى رسول الله ﷺ عن هذا قال فإذا كان هذا هكذا لم يجز أن يباع رطب منه كيلا برطب لما وصفت قياسا على الرطب بالتمر والتمر بالتمر واللحم كله صنف واحد وحشيه وطائره وأنسيه لا يحل الفضل في بعضه على بعض ولا يحل حتى يكون مثل بمثل وزنا بوزن ويكون يابسا ويختلف فيكون لحم الوحش بلحم الطير واحد باثنين وأكثر ولا خير في تمر نخلة برطب نخلة بخرص ولا بتحر ولا غيره فالقسم والمبادلة وكل ما أخذ له عوض مثل البيع فلا يجوز أن يقاسم رجل رجلا رطبا في نخله ولا في الأرض ولا يبادله به لأن كلاهما في معنى البيع ههنا إلا العرايا المخصوصة وهكذا كل صنف من الطعام الذي يكون رطبا ثم ييبس فلا يجوز فيه إلا ما جاز في الرطب بالتمر والرطب نفسه ببعض لا يختلف ذلك وهكذا ما كان رطبا فرسك وتفاح وتين وعنب وإجاص وكمثرى وفاكهة لا يباع شيء منها بشيء رطبا ولا رطب منها بيابس ولا جزاف منها بمكيل ولا يقسم رطب منها على الأرض بكيل ولا وزن ولا في شجرها لأن حكمها كما وصفت في الرطب بالتمر والرطب بالرطب وهكذا كل مأكول لو ترك رطبا ييبس فينقص وهكذا كل رطب لا يعود تمرا بحال وكل رطب من المأكول لا ينفع يابسا مثل الخريز والقثاء والخيار والفقوس والجزر والأترج لا يباع منه شيء بشيء من صنفه وزنا بوزن ولا كيلا بكيل لمعنى ما في الرطوبة من تغيره عند اليبس وكثره ما يحمل بعضها من الماء فيثقل به ويعظم وقلة ما يحمل غيرها فيضمر به ويجف وإذا اختلف الصنفان منه فلا بأس ببطيخ بقثاء متفاضلا جزافا ووزنا وكيفما شاء إذا أجزت التفاضل في الوزن أجزت أن يباع جزافا لأنه لا معنى في الجزاف يحرمه إلا التفاضل والتفاضل فيهما مباح وهكذا جزر بأترج ورطب بعنب في شجره وموضوعا جزافا ومكيلا كما قلنا فيما اختلف أصنافه من الحنطة والذرة والزبيب والتمر سواء في ذلك المعنى لا يخالفه وفي كل ما خرج من الأرض من مأكول ومن مشروب والرطب من المأكول
صفحة : 818
والمشروب وجهان أحدهما يكون رطبا ثم يترك بلا عمل من عمل الآدميين يغيره عن بنية خلقته مثل ما يطبخ فتنقصه النار ويحمل عليه غيره فيذهب رطوبته ويغيره مثل الرطب يعود تمرا واللحم يقدد بلا طبخ يغيره ولا عمل شيء حمل عليه غيره فكل ما كان من الرطب في هذا المعنى لم يجز أن يباع منه رطب بيابس من صنفه وزنا بوزن ولا كيلا بكيل ولا رطب برطب وزنا بوزن ولا كيلا بكيل كما وصفت في الرطب بالتمر ومثله كل فاكهة يأكلها الآدميون فلا يجوز رطب بيابس من صنفها ولا رطب برطب من صنفها لما وصفته من الاستدلال بالسنة باب ما جاء في بيع اللحم قال الشافعي رحمه الله وهكذا اللحم لا يجوز منه بيع لحم ضائن بلحمم ضائن رطلا برطل أحدهما يابس والآخر رطب ولا كلاهما رطب لأنه لا يكون اللحم ينقص نقصانا واحدا لاختلاف خلقته ومراعيه التي نغتذى منها لحمة فيكون منها الرخص الذي ينقص إذا يبس نقصانا كثيرا والغليظ الذي يقل نقصه ثم يختلف غلظهما باختلاف خلقته ورخصهما باختلاف خلقته فلا يجوز لحم أبدا إلا يابسا قد بلغ إناه يبسه وزنا بوزن من صنف واحد كالتمر كيلا بكيل من صنف واحد ويدا بيد ولا يفترقان حتى يتقابضا فإن قال قائل فهل يختلف الوزن والكيل فيما بيع يابسا قيل يجتمعان ويختلفان فإن قيل قد عرفنا حيث يجتمعان فأين يختلفان قيل التمر إذا وقع عليه اسم اليبس ولم يبلغ إناه بيبسه فبيع كيلا بكيل لم ينقص في الكيل شيئا وإذا ترك زمانا نقص في الوزن لأن الجفوف كلما زاد فيه كان أنقص لوزنه حتى يتناهى قال وما بيع وزنا فإنما قلت في اللحم لا يباع حتى يتناهى جفوفه لأنه قد يدخله اللحم باللحم متفاضل الوزن أو مجهولا وإن كان ببلاد ندية فكان إذا يبس ثم أصابه الندى رطب حتى يثقل لم يبع وزنا بوزن رطبا من ندى حتى يعود إلى الجفوف وحاله إذا حدث الندى فزاد في وزنه كحاله الأولى ولا يجوز أن يباع حتى يتناهى جفوفه كما لم يجز في الابتداء والقول في اللحمان المختلفة واحد من قولين أحدهما أن لحم الغنم صنف ولحم الابل صنف ولحم البقر صنف ولحم الظباء صنف ولحم كل ما تفرقت به أسماء دون الأسماء الجامعة صنف فيقال كله حيوان وكله دواب وكله من بهيمة الأنعام فهذا جماع أسمائه كله ثم تفرق اسماؤه فيقال لحم غنم ولحم إبل ولحم بقر ويقال لحم ظباء ولحم أرانب ولحم يرابيع ولحم ضباع ولحم ثعالب ثم يقال في الطير هكذا لحم كراكي ولحم حباريات ولحم حجل ولحم يعاقيب وكما يقال طعام ثم يقال حنطة وذرة وشعير وأرز وهذا قول يصح ويناقش فمن
صفحة : 819
قال هذا قال الغنم صنف ضانها ومعزاها وصغار ذلك وكباره وإناثه وفحوله وحكمها أنها تكون مثل البر المتفاضل صنفا والتمر المتباين المتفاضل صنفا فلا يباع منه يابس منتهى اليبس بيابس مثله إلا وزنا بوزن يدا بيد وإذا اختلف بيع لحم الغنم بلحم البقر يابس برطب ورطب برطب وزنا بوزن ووزنا منه بثلاثة أمثاله يدا بيد ولا خير فيه نسيئة وذلك أنه لا ربا في الفضل في بعضه على بعض يدا بيد وإنما الربا فيه بنسيئة وإذا جاز الفضل في بعضه على بعض يدا بيد وزنا بوزن لم يكن للوزن معنى إلا أن يعرف المتبايعان ما اشتريا وباعا ولا بأس به جزافا وكيف شاء ما لم يدخله نسيئة كما قلنا في التمر بالزبيب والحنطة بالذرة ولا يختلف ذلك ثم هكذا القول في لحم الأنيس والوحش كله فلا خير في لحم طير بلحم طير إلا أن ييبس منتهى اليبس وزنا بوزن يدا بيد كما قلنا في لحم الغنم ولا باس بلحم ظبي بلحم أرنب رطبا برطب ويابسا بيابس مثلا بمثل وبأكثر وزنا بجزاف وجزافا بجزاف لاختلاف الصنفين وهكذا الحيتان كله لا يجوز فيه أن أقول هو صنف لأنه ساكن الماء ولو زعمته زعمت أن ساكن الأرض كله صنف وحشيه وأنسيه أو كان أقل ما يلزمني أن أقول ذلك في وحشيه لأنه يلزمه اسم الصيد فإذا اختلف الحيوان فكل ما تملكه ويصير لك فلا بأس برطل من أحدهما بأرطال من الآخر يدا بيد ولا خير فيه نسيئة ولا بأس فيه يدا بيد وجزافا بجزاف وجزافا بوزن ولا خير في رطل لحم حوت تملكه رطب برطل لحم تملكه رطب ولا أحدهما رطب والآخر يابس ولا خير فيه حتى يملح ويجفف وينتهي نقصانه وجفوف ما كثر لحمه منه أن يملح ويسيل ماؤه فذلك انتهاء جفوفه فإذا انتهى بيع رطلا برطل وزنا بوزن يدا بيد من صنف فإذا اختلف فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة وما رق لحمه من الحيتان إذا وضع جف جفوفا شديدا فلا خير في ذلك حتى يبلغ إبانه من الجفوف ويباع الصنف منه بمثله وزنا بوزن يدا بيد وإذا اختلف فالقول فيه كما وصفت قبله يباع رطبا جزافا برطب جزاف ويابس جزاف ومتفاضل في الوزن فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه لا يختلف والقول الثاني في هذا الوجه أن يقال اللحم كله صنف كما أن التمر كله صنف ومن قال هذا لزمه عندي أن يقول في الحيتان لأن اسم اللحم جامع لهذا القول ومن ذهب هذا المذهب لزمه إذا أخذه بجماع اللحم أن يقول هذا كجماع الثمر يجعل الزبيب والتمر وغيره من الثمار صنفا وهذا مما لا يجوز لأحد أن يقوله عندي والله تعالى أعلم فإن ذهب إلى أن حالفا لو حلف أن لا يأكل لحما حنث بلحم الإبل حنثه بلحم الغنم فكذلك لو
صفحة : 820
حلف أن لا يأكل ثمرا حنث بالزبيب حنثه بالتمر وحنثه بالفرسك وليس الأيمان من هذا بسبيل الأيمان على الأسماء والبيوع على الأصناف والأسماء الخاصة دون الأسماء الجامعة والله تعالى أعلم باب ما يكون رطبا أبدا قال الشافعي رحمه الله الصنف من المأكول والمشروب الذي يكون رطبا أبدا إذا ترك لم ييبس مثل الزيت والسمن والشيرق والأدهان واللبن والخل وغيره مما لا ينتهي بيبس في مدة جاءت عليه أبدا إلا أن يبرد فيجمد بعضه ثم يعود ذائبا كما كان أو بأن ينقلب بأن يعقد على نار أو يحمل عليه يابس فيصير هذا يابسا بغيره وعقد نار فهذا الصنف خارج من معنى ما يكون رطبا بمعنيين أحدهما أن رطوبة ما يبس من التمر رطوبة في شيء خلق مستجسدا إنما هو رطوبة طراءة كطراءة اغتذائه في شجره وأرضه فإذا زايل موضع الاغتذاء من منبته عاد إلى اليبس وما وصفت رطوبة مخرجة من إناث الحيوان أو ثمر شجر أو زرع قد زايل الشجر والزرع الذي هو لا ينقص بمزايلة الأصل الذي هو فيه نفسه ولا يجف به بل يكون ما هو فيه رطبا من طباع رطوبته والثاني أنه لا يعود يابسا كما يعود غيره إذا ترك مدة إلا بما وصفت من أن يصرف بإدخال غيره عليه بخلطه وإدخال عقد النار على ما يعقد منه فلما خالفه بأن لم تكن فيه الرطوبة التي رطوبته تفضي إلى جفوفه إذا ترك بلا عمل الآدميين لم يجز أن نقيسه عليه وجعلنا حكم رطوبته حكم جفوفه لأنا كذلك نجده في كل أحواله لا منتقلا إلا بنقل غيره فقلنا لا بأس بلبن حليب بلبن حامض وكيفما كان بلبن كيفما كان حليبا أو رائبا أو حامضا ولا حامض بحليب ولا حليب برائب ما لم يخلطه ماء فإذا خلطه ماء فلا خير فيه إذا خلط الماء أحد اللبنين أو كلاهما لأن الماء غش لا يتميز فلو أجزناه أجزنا الغرر ولو تراضيا به لم يجز من قبل أنه ماء ولبن مختلطان لا تعرف حصة الماء من اللبن فنكون أجزنا اللبن باللبن مجهولا أو متفاضلا أو جامعا لهما وما كان يحرم الفضل في بعضه على بعض لم يجز أن يبتاع إلا معلوما كله كيلا بكيل أو وزنا بوزن فجماع علم بيع اللبن باللبن أنه يجوز كيفما كان اللبن باللبن لم يخلط واحدا عنها ماء ويردان خلطهما ماء أو واحدا منهما ولا يجوز وإذا كان اللبن صنفا واحدا إلا يدا بيد مثلا بمثل كيل واحدا إلا يدا بيد مثلا بمثل كيلا بكيل والصنف الواحد لبن الغنم ما عزه وضائنه والصنف الذي يخالفه البقر دربانيه وعربية وجواميسه والصنف الواحد الذي يخالفهما معا لبن الإبل اوراكها وغواديها
صفحة : 821
ومهريها وبختها وعرابها وأراه والله تعالى أعلم جائز أن يباع لبن الغنم بلبن البقر ولبن البقر بلبن الإبل لأنها مختلفة متفاضلا ومستويا وجزافا وكيف ما شاء المتبايعان يدا بيد لا خير في واحد منهما بالآخر نسيئة ولا خير في لبن مغلي بلبن على وجهه لأن الإغلاء ينقص اللبن ولا خير في لبن غنم بأقط غنم من قبل أن الأقط لبن معقود فإذا بعت اللبن بالأقط أجزت اللبن باللبن مجهولا ومتفاضلا أو جمعتهما معا فإذا اختلف اللبن والأقط فلا بأس بلبن إبل بأقط غنم ولبن بقر بأقط غنم لما وصفت من اختلاف اللبنين يدا بيد ولا خير في نسيئة قال ولا أحب أن يشتري زبدا من غنم بلبن غنم لأن الزبد شيء من اللبن وهما مأكولان في حالهما التي يتبايعان فيها ولا خير في سمن غنم بزبد غنم بحال لأن السمن من الزبد بيع متفاضلا أو مجهولا وهما مكيلان أو موزنان في الحال التي يتبايعان ومن صنف واحد وإذا اختلف الزبد والسمن فكان زبد غنم بزبد بقر أو سمن غنم بزبد بقر فلا باس لاختلافهما بأن يباعا كيف شاء المتبايعان إذا تقابضا قبل أن يتفرقا قال ولا بأس بلبن بشاة يدا بيد ونسيئة إذا كان أحدهما نقدا والدين منهما موصوفا قال وإن كانت الشاة لبونا وكان اللبن لبن غنم وفي الشاة حين تبايعا لبن ظاهر يقدر على حلبه في ساعته تلك فلا خير في الشراء من قبل أن في الشاة لبنا لا أدري كم حصته من اللبن الذي اشتريت به نقدا وإن كان اللبن نسيئة فهو أفسد للبيع فإن قال قائل وكيف جعلت للبن وهو مغيب حصة من الثمن قيل فإن رسول الله ﷺ جعل للبن المصراة حصة من الثمن وإنما اللبن في الضروع كاللوز والجوز الرائع في قشره فيستخرجه صاحبه إذا شاء وليس كمولود لا يقدر آدمي على إخراجه ولا ثمرة لا يقدر آدمي على إخراجها فإن قال قائل كيف أجزت لبن الشاة بالشاة وقد يكون منها اللبن قال فيقال إن الشاة نفسها لا ربا فيها لأنها من الحيوان وليس بمأكول في حاله التي يباع فيها إنما تؤكل بعد الذبح والسلخ والطبخ والتجفيف فلا تنسب الغنم إلى أن تكون مأكولة إنما تنسب إلى أنها حيوان قال والآدام كلها سواء السمن واللبن والشيرق والزيت وغيره لا يحل الفضل في بعضه على بعض يدا بيد إذا كان من صنف واحد فزيت الزيتون صنف وزيت الفجل صنف غيره ودهن كل شجرة تؤكل أو تشرب بعد الذي وصفت واحد لا يحل في شيء منه الفضل في بعضه على بعض يدا بيد وإذا اختلف الصنفان منه حل الفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولم يجز نسيئة ولا بأس بدهن الحب الأخضر بدهن الشيرق متفاضلا يدا بيد ولا خير فيه نسيئة قال والأدهان التي تشرب للدواء عندي في هذه الصفة دهن الخروع ودهن اللوز المر وغيره من
صفحة : 822
الأدهان وما كان من الأدهان لا يؤكل ولا يشرب بحال فهو خارج من حد الربا وهو في معنى غير المأكول والمشروب لا ربا في بعضه على بعض يدا بيد ونسيئة ويحل أن يباع إذا كانت فيه منفعة ولم يكن محرما فأما ما فيه سم أو غيره فلا خير في شرائه ولا بيعه إلا أن يكون يوضع من ظاهر فيبرأ فلا يخاف منه التلف فيشترى للمنفعة فيه قال وكل ما لم يجز أن يبتاع إلا مثلا بمثل وكيلا بكيل يدا بيد وزنا بوزن فالقسم فيه كالبيع لا يجوز أن يقسم ثمر نخل في شجره رطبا ولا يابسا ولا عنب كرم ولا حب حنطة في سنبلة ولا غيره مما الفضل في بعضه على بعض الربا وكذلك لا يشترى بعضه ببعض ولا يبادل بعضه ببعض لأن هذا كله في معنى الشراء قال وكذلك لا يقتسمان طعاما موضوعا بالأرض بالحزر حتى يقتسماه بالكيل والوزن لا يجوز فيه غير ذلك بحال ولست أنظر في ذلك إلى حاجة رجل إلى ثمر رطب لأني لو أجزته رطبا للحاجة أجرته يابسا للحاجة وبالأرض للحاجة ومن احتاج إلى قسم شيء لم يحلل له بالحاجة مالا يحل له في أصله وليس يحل بالحاجة محرم إلا في الضرورات من خوف تلف النفس فأما غير ذلك فلا أعلمه يحل لحاجة والحاجة فيه وغير الحاجة سواء فإن قال قائل فكيف أجزت الخرص في العنب والنخل ثم تؤخذ صدقته كيلا ولا تجيز أن يقسم بالخرص قيل له إن شاء الله تعالى لافتراق ما تؤخذ به الصدقات والبيوع والقسم فإن قال فافرق بين الصدقات وغيرها قلت أرأيت رجلين بينهما ثمر حائط لأحدهما عشرة والآخر تسعة أعشاره فأراد صاحب العشر أن يأخذ عشره من وسط الطعام أو أعلاه أو أردئه أيكون له ذلك فإن قال لا ولكنه شريك في كل شيء منه ردئ وسط الطعام أو أعلاه أو أردئه أيكون له ذلك فإن قال لا ولكنه شريك في كل شيء منه ردئ أو جيد بالقسم قلنا فالجعرور ومصران الفأرة فإن قال نعم قيل فالمصدق لا يأخذ الجعرور ولا مصران الفأرة ويكون له أن يأخذ وسط التمر ولا يكون له أن يأخذ الصدقة خرصا إنما يأخذها كيلا والمقتسمان يأخذان كل واحد منهما خرصا فيأخذ أحدهما أكثر مما يأخذ الآخر ويأخذ كل واحد منهما مجهول الكيل أو رأيت لو كان بين رجلين غنم لأحدهما ربع عشرها وكانت منها تسع وثلاثون لبونا وشاة ثنية أكان على صاحب ربع العشر إن أراد القسم أن يأخذ شاة ثنية قيمتها أقل من قيمة نصف شاة من اللبن فإن قال لا قيل فهذا على المصدق أو رأيت لو كانت المسألة بحالها والغنم كلها أو أكثرها دون الثنية وفيها شاة ثنية أيأخذها فإن قال لا يأخذ إلا شاة بقيمة ويكون شريكا في
صفحة : 823
منخفض الغنم ومرتفعه قيل فالمصدق يأخذها ولا يقاس بالصدقة شيء من البيوع ولا القسم المقاسم شريك في كل شيء مما يقاسم أبدا إلا أن يكون مما يكال من صنف واحد أو بقيمته إذا اختلف الأصناف مما لا يكال ولا يوزن ويكون شريكا فيما يكال أو يوزن بقدر حقه مما قل منه أو كثر ولا يقسم الرجلان الثمرة بلجا ولا طلعا ولا بسرا ورطبا ولا تمرا بحال فإن فعلا ففاتت طلعا أو بسرا أو بلحا فعلى كل واحد منهما قيمة ما استهلك يرده ويقتسمانه قال وهكذا كل قسم فاسد يرجع على من استهلكه بمثل ما كان له مثل وقيمة ما لم يكن له مثل قال ولو كانت بين رجلين نخل مثمرة فدعوا إلى اقتسامها قيل لهما إن شئتما قسمنا بينكما بالكيل قال والبقل المأكول كله سواء لا يجوز الفضل في بعضه على بعض فلا يجوز أن يبيع رجل رجلا ركيب هندبا بركيب هندبا ولا بأكثر ولا يصلح إلا مثلا بمثل ولكن ركيب هندبا بركيب جرجير وركيب جرجير بركيب سلق وركيب سلق بركيب كراث وركيب كراث بركيب جرجير إذا اختلف الجنسان فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة ولا يجوز أن يباع منه شيء إلا يجز مكانه فأما أن يباع على أن يترك مدة يطول في مثلها فلا خير فيه من قبل أنه لا يتميز المبيع منه من الحادث الذي لم يبع ولا يباع إلا جزة جزة عند جزازها كما قلنا في القصب ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
صفحة : 824
باب الآجال في الصرف قال الشافعي رحمه الله أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه أخبره أنه التمس صرفا بمائة دينار قال فدعاني طلحة بين عبيدالله فتراوضنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال حتى يأتي خازني من الغابة أو حتى تأتي خازنتي من الغابة وعمر بن الخطاب يسمع فقال عمر لا والله لا تفارقه حتى تأخذ منه ثم قال قال رسول الله ﷺ الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء قال الشافعي قرأته على مالك صحيحا لا شك فيه ثم طال على الزمان ولم أحفظ حفظا فشككت في خازنتي أو خازني وغيري يقول عنه خازني أخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب عن النبي ﷺ مثل معنى حديث مالك وقال حتى يأتي خازني من الغابة فحفظته لا شك فيه قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تبيعوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تبيعوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز قال الشافعي فحديث عمر ابن الخطاب وابي سعيد الخدري عن رسول الله ﷺ يدلان على معان منها تحريم الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد ولا يباع منها غائب بناجز وحديث عمر يزيد على حديث أبي سعيد الخدري أن الذي حرم رسول الله ﷺ فما سمي من المأكول المكيل كالذي حرم في الذهب والورق سواء لا يختلفان وقد ذكر عبادة عن النبي ﷺ مثل معناهما وأكثر وأوضح قال الشافعي وإنما حرمنا غير ما سمى رسول الله ﷺ من المأكول والمكيل لأنه في معنى ما سمى رسول الله ﷺ منه وكذلك حرمنا المأكول والموزون لأن الكيل في معنى الوزن لأنه بيع معلوم عند البائع والمشتري بمثل ما علم بالكيل أو أكثر لأن الوزن أقرب من الإحاطة من الكيل فلا يوجد في الكيل والوزن معنى أقرب من الإحاطة منهما فاجتمعا على أنه أريد بهما أن يكونا معلومين وأنهما مأكولان فكان الوزن قياسا على الكيل في معناه وما أكل من الكيل ولم يسم قياسا على معنى ما سمي من الطعام في معناه قال الشافعي ولم يجز أن يقاس الوزن من المأكول
صفحة : 825
على الوزن من الذهب لأن الذهب غير مأكول وكذلك الورق لو قسناه عليه وتركنا المكيل المأكول قسنا على أبعد منه مما تركنا أن نقيسه عليه ولا يجوز عند أهل العلم أن يقاس على الأبعد ويترك الأقرب ولزمنا أن لا نسلم دينارا في موزون من طعام أبدا ولا غيره كما لا يجوز أن نسلم دينارا في موزون من فضة ولا أعلم المسلمين اختلفوا في أن الدنانير والدراهم يسلمان في كل شيء إلا أن أحدهما لا يسلم في الآخر لا ذهب في ذهب ولا ورق في ورق إلا في الفلوس فإن منهم من كرهه باب ما جاء في الصرف قال الشافعي رحمه الله لا يجوز الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا شيء من المأكول والمشروب بشيء من صنفه إلا سواء بسواء يدا بيد إن كان مما يوزن فوزن بوزن وإن كان مما يكال فكيل بكيل ولا يجوز أن يباع شيء وأصله الوزن بشيء من صنفه كيلا ولا شيء أصله الكيل بشيء من صنفه وزنا لا يباع الذهب بالذهب كيلا لأنهما قد يملآن مكيالا ويختلفان في الوزن أو يجهل كم وزن هذا من وزن هذا ولا التمر بالتمر وزنا لأنهما قد يختلفان إذا كان وزنها واحدا في الكيل ويكونان مجهولا من الكيل بمجهول ولا خير في أن يتفرق المتبايعان بشيء من هذه الأصناف من مقامهما الذي يتبايعان فيه حتى يتقابضا ولا يبقى لواحد منهما قبل صاحبه من البيع شيء فإن بقي منه شيء فالبيع فاسد وسواء كان المشتري مشريا لنفسه أو كان وكيلا لغيره وسواء تركه ناسيا أو عامدا في فساد البيع فإذا اختلف الصنفان من هذا وكان ذهبا بورق أو تمرا بزبيب أو حنطة بشعير فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد لا يفترقان من مقامهما الذي تبايعا فيه حتى يتقابضا فإن دخل في شيء من هذا تفرق قبل أن يتقابضا جميع المبيع فسد البيع كله ولا بأس بطول مقامهما في مجلسهما ولا بأس أن يصطحبا من مجلسهما إلى غيره ليوفيه لأنهما حينئذ لم يفترقا وحد الفرقة أن يتفرقا بأبدانهما وحد فساد البيع أن يتفرقا قبل أن يتقابضا وكل مأكول ومشروب من هذا الصنف قياسا عليه وكلما اختلف الصنفان فلا بأس أن يباع أحدهما بالآخر جزافا لأن أصل البيع إذا كان حلالا بالجزاف وكانت الزيادة إذا اختلف الصنفان حلالا فليس في الجزاف معنى أكثر من أن يكون أحدهما أكثر من الآخر ولا يدري أيهما أكثر فإذا عمدت أن لا أبالي أيهما كان أكثر فلا بأس بالجزاف في أحدهما بالآخر قال الشافعي فلا يجوز أن يشتري ذهب فيه حشو ولا معه شيء غيره بالذهب كان الذي معه قليلا أو كثيرا
صفحة : 826
لأن أصل الذي نذهب إليه أن الذهب بالذهب مجهول أو متفاضل وهو حرام من كل واحد من الوجهين وهكذا الفضة بالفضة وإذا اختلف الصنفان فلا بأس أن يشتري أحدهما بالآخر ومع الآخر شيء ولا بأس أن يشتري بالذهب فضة منظومة بخرز لأن أكثر ما في هذا أن يكون التفاضل بالذهب والورق ولا بأس بالتفاضل فيهما وكل واحد من المبيعين بحصته من الثمن قال الشافعي وإذا صرف الرجل الدينار بعشرين درهما فقبض تسعة عشر ولم يجد درهما فلا خير في أن يتفرقا قبل أن يقبض الدرهم ولا بأس أن يأخذ التسعة عشر بحصتها من الدينار ويناقصه بحصة الدرهم من الدينار ثم إن شاء أن يشتري منه بفضل الدينار مما شاء ويتقابضا قبل أن يتفرقا ولا بأس أن يترك فضل الدينار عنده يأخذه متى شاء قال الربيع قال أبو يعقوب البويطي ولا بأس أن يأخذ الدينار حاضرا قال الشافعي وإذا صرف الرجل من الرجل دينارا بعشرة دراهم أو دنانير بدراهم فوجد فيها درهما زائفا فإن كان زاف من قبل السكة أو قبح الفضة فلا بأس على المشتري أن يقبله وله رده فإن رده رد البيع كله لأنها بيعة واحدة وإن شرط عليه أن له رده فالبيع جائز وذلك له شرطه أو لم يشرطه وإن شرط أنه لا يرد الصرف فالبيع باطل إذا عقد على هذا عقدة البيع قال وإن كان زاف من قبل أنه نحاس أو شيء غير فضة فلا يكون للمشتري أن يقبله من قبل أنه غير ما اشترى والبيع منتقض بينهما ولا بأس أن يصرف الرجل من الصراف دراهم فإذا قبضها وتفرقا أودعه إياها وإذا صرف الرجل شيئا لم يكن له أن يفارق من صرف منه حتى يقبض منه ولا يوكل به غيره إلا أن يفسخ البيع ثم يوكل هذا بأن يصارفه ولا بأس إذا صرف منه وتقابضا أن يذهبا فيزنا الدراهم وكذلك لا بأس أن يذهب هو على الانفراد فيزنها وإذا رهن الرجل الدينار عند رجل بالدراهم ثم باعه الدينار بدراهم وقبضها منه فلا بأس أن يقبضه منها بعد أن يقبضها وإذا كان للرجل عند الرجل دنانير وديعة فصارفه فيها ولم يقر الذي عنده الدنانير أنه استهلكها حتى يكون ضامنا ولا أنها في يده حين صارفه فيها فلا خير في الصرف لأنه غير مضمون ولا حاضر وقد يمكن أن يكون هلك في ذلك الوقت فيبطل الصرف قال الشافعي وإذا رهن الرجل عند الرجل رهنا فتراضيا أن يفسخ ذلك الرهن ويعطيه مكانه غيره فلا بأس إن كان الرهن دنانير فأعطاه مكانها دراهم أو عبدا فأعطاه مكانه عبدا آخر غيره وليس في شيء من هذا بيع فيكره فيه ما يكره في البيوع ولا نحب مبايعة من أكثر ماله الربا أو ثمن المحرم ما كان أو اكتساب المال من الغصب والمحرم كله وإن بايع رجل رجلا من
صفحة : 827
هؤلاء لم أفسخ البيع لأن هؤلاء قد يملكون حلالا فلا يفسخ البيع ولا نحرم حراما بينا إلا أن يشتري الرجل حراما يعرفه أو بثمن حرام يعرفه وسواء في هذا المسلم والذمى والحربى الحرام كله حرام وقال لا يباع ذهب بذهب مع أحد الذهبين شيء غير الذهب ولا بأس أن يباع ذهب وثوب بدراهم قال الشافعي وإذا تواعد الرجلان الصرف فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة ثم يقرانها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاءا قال الشافعي ولو اشترى أحدهما الفضة ثم أشرك فيها رجلا آخر وقبضها المشترك ثم أودعها إياه بعد القبض فلا بأس وإن قال أشركك على أنها في يدي حتى نبيعها لم يجز قال الشافعي ومن باع رجلا ثوبا بنصف دينار ثم باعه ثوبا آخر بنصف دينار حالين أو إلى أجل واحد فله عليه دينار فإن شرط عليه عند البيعة الآخرة أن له عليه دينارا فالشرط جائز وإن قال دينارا لا يعطيه نصفين ولكن يعطيه واحدا جازت البيعة الولى ولم تجز البيعة الثانية وإن لم يشترط هذا الشرط ثم أعطاه دينارا وافيا فالبيع جائز قال الشافعي وإذا كان بين الرجلين ذهب مصنوع فتراضيا أن يشتري أحدهما نصيب الآخر بوزنه أو مثل وزنه ذهبا يتقابضانه قبل أن يتفرقا فلا بأس ومن صرف من رجل صرفا فلا باس أن يقبض منه بعضه ويدفع ما قبض منه إلى غيره أو يأمر الصراف أن يدفع باقيه إلى غيره إذا لم يتفرقا من مقامهما حتى يقبضا جميع ما بينهما أرأيت لو صرف منه دينارا بعشرين وقبض منه عشرة ثم قبض منه بعدها عشرة قبل أن يتفرقا فلا باس بهذا قال الشافعي ومن اشترى من رجل فضة بخمسة دنانير ونصف فدفع إليه ستة وقال خمسة ونصف بالذي عندي ونصف وديعة فلا بأس به قال الشافعي وإذا وكل الرجل الرجل بأن يصرف له شيئا أو يبيعه فباعه من نفسه بأكثر مما وجد أو مثله أو أقل منه فلا يجوز لأن معقولا أن من وكل رجلا بأن يبيع له فلم يوكله بأن يبيع له من نفسه كما لو قال له بع هذا من فلان فباعه من غيره لم يجز البيع لأنه وكله بفلان ولم يوكله بغيره قال الشافعي وإذا صرف الرجل من الرجل الدينار بعشرة فوزن له عشرة ونصفا فلا بأس أن يعطيه مكان النصف نصف فضة إذا كان في بيعه غير الشرط الأول وهكذا لو باعه ثوبا بنصف دينار فأعطاه دينارا وأعطاه صاحب الثوب نصف دينار ذهبا لم يكن بذلك بأس لأن هذا بيع حادث غير البيع الأول ولو كان عقد عقدة البيع على ثوب ونصف دينار بدينار كان فاسدا لأن الدينار مقسوم على نصف الدينار والثوب قال الشافعي ومن صرف من رجل دراهم بدنانير فعجزت الدراهم فتسلف منه دراهم فأتمه جميع صرفه فلا باس قال الشافعي ولا بأس أن يباع
صفحة : 828
الذهب بالورق جزافا مضروبا أو غير مضروب لأن أكثر ما فيه أن يكون أحدهما أكثر من الآخر وهذا لا بأس به ولا باس أن تشتري الدراهم من الصراف بذهب وازنة ثم تبيع تلك الدراهم منه أو من غيره بذهب وازنه أو ناقصة لأن كل واحدة من البيعتين غير الأخرى قال الربيع لا يفارق صاحبه في البيعة الأولى حتى يتم البيع بينهما قال الشافعي حرم رسول الله ﷺ الذهب بالذهب وما حرم معه إلا مثلا بمثل وزنا بوزن يدا بيد والمكيل من صنف واحد مع الذهب كيلا بكيل فلا خير في أن يأخذ منه شيئا بأقل منه وزنا على وجه البيع معروفا كان أو غير معروف والمعروف ليس يحل بيعا ولا يحرمه فإن كان وهب له دينارا وأثابه الآخر دينارا أوزن منه أو أنقص فلا بأس قال الشافعي فأما السلف فإن أسلفه شيئا ثم اقتضى منه أقل فلا باس لأنه متطوع له بهبة الفضل وكذلك إن تطوع له القاضي بأكثر من وزن ذهبه فلا بأس لأن هذا ليس من معاني البيوع وكذلك لو كان عليه سلف ذهبا فاشترى منه ورقا فتقابضاه قبل أن يتفرقا وهذا كله إذا كان حالا فأما إذا كان له عليه ذهب إلى أجل فقال له أقضيك قبل الأجل على أن تأخذ مني أنقص فلا خير فيه قال الشافعي ومن تسلف من رجل دنانير أو دراهم فجاءه بها وأكثر منها فلا بأس به كان ذلك عادة أو غير عادة ومن كانت عليه دراهم لرجل وللرجل عليه دنانير فحلت أو لم تحل فتطارحاها صرفا فلا يجوز لأن ذلك دين بدين وقال مالك رحمه الله تعالى إذا حل فجائز وإذا لم يحل فلا يجوز قال الشافعي ومن كان له على رجل ذهب حالا فاعطاه دراهم على غير بيع مسمى من الذهب فليس ببيع والذهب كما هو عليه وعلى هذا دراهم مثل الدراهم التي أخذ منه وإن أعطاه دراهم بدينار منها أو دينارين فتقابضاه فلا بأس به ومن أكرى من رجل منزلا إلى أجل فتطوع له المكترى بأن يعطيه بعض حقه مما أكراه به وذلك ذهب فلا بأس به وإن تطوع له بأن يعطيه فضة من الذهب ولم يحل الذهب فلا خير فيه ومن حل له على رجل دنانير فأخرها عليه إلى أجل أو آجال فلا بأس به وله متى شاء أن يأخذها منه لأن ذلك موعد وسواء كانت من ثمن بيع أو سلف ومن سلف فلوسا أو دراهم أو باع بها ثم أبطلها السلطان فليس له إلا مثل فلوسه أو دراهمه التي أسلف أو باع بها قال الشافعي ولا بأس بالسلف في الفلوس إلى أجل لأن ذلك ليس مما فيه الربا ومن أسلف رجلا دراهم على أنها بدينار أو بنصف دينار فليس عليه إلا مثل دراهمه وليس له عليه دينار ولا نصف دينار وإن استسلفه نصف دينار
صفحة : 829
فأعطاه دينارا فقال خذ لنفسك نصفه وبع لي نصفه بدراهم ففعل ذلك كان له عليه نصف دينار ذهب ولو كان قال له بعه بدراهم ثم خذ لنفسك نصفه ورد علي نصفه كانت له عليه دراهم لأنه حينئذ إنما أسلفه دراهم لا نصف دينار قال الشافعي ومن باع رجلا ثوبا فقال أبيعكه بعشرين من صرف عشرين درهما بدينار فالبيع فاسد من قبل أن صرف عشرين ثمن غير معلوم بصفة ولا عين قال الشافعي ومن كانت عليه دنانير منجمة أو دراهم فأراد أن يقبضها جملة فذلك له ومن كان له على رجل ذهب فأعطاه شيئا يبيعه له غير ذهب ويقبض منه مثل ذهبه فليس في هذا المكروه شيء إلا أن يقول لا أقضيك إلا بأن تبيع لي وما أحب من الإحتياط للقاضي ومن كان لرجل عليه دينار فكان يعطيه الدراهم تتهيأ عنده بغير مصارفه حتى إذا صار عنده قدر صرف دينار فأراد أن يصارفه فلا خير فيه لأن هذا دين بدين وإن أحضره إياها فدفعها إليه ثم باعه إياها فلا بأس ولا بأس بأن ينتفع بالدراهم إذا لم يكن أعطاه إياها على أنها بيع من الدينار وإنما هي حينئذ سلف له إن شاء أن يأخذ بها دراهم وإذا كانت الفضة مقرونة بغيرها خاتما فيه فص أو فضة أو حلية للسيف أو مصحف أو سكين فلا يشتري بشيء من الفضة قل أو كثر بحال لأنها حينئذ فضة بفضة مجهولة القيمة والوزن وهكذا الذهب ولكن إذا كانت الفضة مع سيف اشترى بذهب وإن كان فيه ذهب اشترى بفضة وإن كان فيه ذهب وفضة لم يشتر بذهب ولا فضة واشترى بالعرض قال الربيع وفيه قول آخر أنه لا يجوز أن يشتري شيء فيه فضة مثل مصحف أو سيف وما أشبهه بذهب ولا ورق لأن في هذه البيعة صرفا وبيعا لا يدري كم حصة البيع من حصة الصرف قال الشافعي ولا خير في شراء تراب المعادن بحال لأن فيه فضة لا يدري كم هي لا يعرفها البائع ولا المشتري وتراب المعدن والصاغة سواء ولا يجوز شراء ما خرج منه يوما ولا يومين ولا يجوز شراؤه بشيء ومن أسلف رجلا ألف درهم على أن يصرفها منه بمائة دينار ففعلا فالبيع فاسد حين أسلفه على أن يبيعه منه ويترادان والمائة الدينار عليه مضمونة لأنها بسبب بيع وسلف قال الشافعي ومن أمر رجلا أن يقضي عنه دينارا أو نصف دينار فرضي الذي له الدينار بثوب مكان الدينار أو طعام أو دراهم فللقاضي على المقضي عنه الأقل من دينار أو قيمة ما قضى عنه ومن اشترى حليا من أهل الميراث على أن يقاصوه من دين كان له على الميت فلا خير في ذلك قال أبو يعقوب معناها عندي أن يبيعه أهل الميراث وأن لا يقاصوه عند الصفقة ثم يقاصوه بعد فلا يجوز لأنه اشترى أولا حليا بذهب
صفحة : 830
أو ورق إلى أجل وهو قول أبي محمد قال الشافعي ومن سأل رجلا أن يشتري فضة ليشركه فيه وينقد عنه فلا خير في ذلك كان ذلك منه على وجه المعروف أو غير ذلك قال الشافعي الشركة والتولية بيعان من البيوع يحلهما ما يحل البيوع ويحرمهما ما يحرم البيوع فإن ولى رجل رجلا حليا مصوغا أو أشركه فيه بعد ما يقبضه المولى ويتوازناه ولم يتفرقا قبل أن يتقابضا جاز كما يجوز في البيوع وإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد وإذا كانت للرجل على الرجل الدنانير فاعطاه أكثر منها فالفضل للمعطي إلا أن يهبه للمعطي ولا بأس أن يدعه على المعطي مضمونا عليه حتى يأخذه منه متى شاء أو يأخذ به منه ما يجوز له أن يأخذه لو كان دينا عليه من غير ثمن بعينه ولا قضاء وإن أعطاه أقل مما له عليه فالباقي عليه دين ولا بأس أن يؤخره أو يعطيه به شيئا مما شاء مما يجوز أن يعطيه بدينه عليه وإن اشترى الرجل من الرجل السلعة من الطعام أو غيره بدينار فوجد ديناره ناقصا فليس على البائع أن يأخذه إلا وافيا وإن تناقضا البيع وباعه بعد ما يعرف وزنه فلا بأس وإن أراد أن يلزمه البيع على أن ينقصه بقدره لم يكن ذلك على البائع ولا المشتري قال الشافعي والقضاء ليس ببيع فإذا كانت للرجل على رجل ذهب فأعطاه أو وزن منها متطوعا فلا بأس وكذلك إن تطوع الذي له الحق فقبل منه أنقص منها وهذا لا يحل في البيوع ومن اشترى من رجل ثوبا بنصف دينار فدفع إليه دينارا فقال أقبض نصفا لك وأقر لي النصف الآخر فلا بأس به ومن كان له على رجل نصف دينار فأتاه بدينار فقضاه نصفا وجعل النصف الآخر في سلعة متأخرة موصوفة قبل أن يتفرقا فلا بأس قال الشافعي في الرجل يشتري الثوب بدينار إلى شهر على أنه إذا حل الدينار أخذ به دراهم مسماة إلى شهرين فلا خير فيه وهو حرام من ثلاثة وجوه من قبل بيعتين في بيعة وشرطين في شرط وذهب بدراهم إلى أجل ومن راطل رجلا ذهبا فزاد مثقالا فلا بأس أن يشتري ذلك المثقال منه بما شاء من العرض نقدا أو متأخرا بعد أن يكون يصفه ولا بأس بأن يبتاعه منه بدراهم نقدا إذا قبضها منه قبل أن يتفرقا وإن رجحت إحدى الذهبين فلا بأس أن يترك صاحب الفضل منهما فضله لصاحبه لأن هذا غير الصفقة الأولى فإن نقص أحد الذهبين فترك صاحب الفضل فضله فلا بأس وإذا جمعت صفقة البيع شيئين مختلفي القيمة مثل تمر بردى وتمر عجوة بيعا معا بصاعي تمر وصاع من هذا بدرهمين وصاع من هذا بعشرة دراهم فقيمة البردى خمسة أسداس الاثنى عشر وقيمة العجوة سدس الإثنى عشر وهكذا لو كان صاع البردى وصاع العجوة بصاعي لون كل واحد منهما
صفحة : 831
بحصته من اللون فكان البردى بخمسة أسداس صاعين والعجوة بسدس صاعين فلا يحل من قبل أن البردى بأكثر من كيله والعجوة بأقل من كيلها وهكذا ذهب بذهب كان مائة دينار مروانية وعشرة محدية بمائة دينار وعشرة هاشمية فلا خير فيه من قبل أن قيم المروانية أكثر من قيم المحدية وهذا الذهب بالذهب متفاضلا لأن المعنى الذي في هذا في الذهب بالذهب متفاضلا ولا بأس أن يراطل الدنانير الهاشمية التامة بالعتق الناقصة مثلا بمثل في الوزن وإن كان لهذه فضل وزنها وهذه فضل عيونها فلا بأس بذلك إذا كان وزنا بوزن ومن كانت له على رجل ذهب بوزن فلا بأس أن يأخذ بوزنها أكثر عددا منها ولا يجوز الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ويدا بيد وأقصى حد يدا بيد قبل أن يتفرقا فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد بيعهما إن كانا تبايعا مثلا بمثل والموازنة أن يضع هذا ذهبه في كفة وهذا ذهبه في كفه فإذا اعتدل الميزان أخذ وأعطى فإن وزن له بحديدة واتزن بها منه كان ذلك لا يختلف إلا كاختلاف ذهب في كفة وذهب في كفة فهو جائز ولا أحسبه يختلف وإن كان يختلف اختلافا بينا لم يجز فإن قيل لم أجزته قيل كما أجيز مكيالا بمكيالا وإذا كيل له مكيال ثم أخذ منه آخر وإذا اشترى رجل من رجل ذهبا بذهب فلا بأس أن يشتري منه بما أخذ منه كله أو بعضه دراهم أو ما شاء وإذا باع الرجل الرجل السلعة بمائة دينار مثاقيل فله مائة دينار مثاقيل أفراد ليس له أكثر منها ولا أقل إلا أن يجتمعا على الرضا بذلك وإذا كانت لرجل على رجل مائة دينار عتق فقضاه شرا منها أكثر من عددها أو وزنها فلا بأس إذا كان هذا متطوعا له بفضل عيون ذهبه على ذهبه وهذا متطوع له بفضل وزن ذهبه على ذهبه وإن كان هذا عن شرط عند البيع أو عند القضاء فلا خير فيه لأن هذا حينئذ ذهب بذهب أكثر منها ولا بأس أن يبيع الرجل الرجل الثوب بدينار إلا وزنا من الذهب معلوم ربع أو ثلث أو أقل أو أكثر لأنه باعه حينئذ الثوب بثلاثة أرباع دينار أو ثلثي دينار ولا خير في أن يبيعه الثوب بدينار إلا درهم ولا دينار إلا مد حنطة لأن الثمن حينئذ مجهولا ولا بأس أن يبيعه ثوبا ودرهما يراه وثوبا ومد تمر يراه بدينار قال الربيع فيه قول آخر أنه إذا باعه ثوبا وذهبا يراه فلا يجوز من قبل أن فيه صرفا وبيعا لا يدري حصة البيع من حصة الصرف فأما إذا باعه ثوبا ومد تمر بدينار يراه فجائز لأن هذا بيع كله قال الشافعي ولا خير في أن يسلم إليه دينارا إلا درهم ولكن يسلم دينارا ينقص كذا وكذا قال الشافعي من ابتاع بكسر درهم شيئا فأخذ بكسر درهمه مثل وزنه فضة أو سلعة من السلع فلا بأس بذلك وكذلك من ابتاع بنصف
صفحة : 832
دينار متاعا فدفع دينارا وأخذ فضل ديناره مثل وزنه ذهبا أو سلعة من السلع فلا بأس بذلك وهذا في جميع البلدان سواء ولا يحل شيء من ذلك في بلد يحرم في بلد آخر وسواء الذي ابتاع به قليل من الدينار أو كثير ولا خير في أن يصارف الرجل الصائغ الفضة بالحلي الفضة المعمولة ويعطيه إجارته لأن هذا الورق بالورق متفاضلا ولا خير في أن يأتي الرجل بالفص إلى الصائغ فيقول له اعمله لي خاتما حتى أعطيك أجرتك وقاله مالك قال الشافعي ولا خير في أن يعطي الرجل الرجل مائة دينار بالمدينة على أن يعطيه مثلها بمكة إلى أجل مسمى أو غير أجل لأن هذا لا سلف ولا بيع السلف ما كان لك أخذه به وعليك قبوله وحيث أعطاكه والبيع في الذهب ما يتقابضاه مكانهما قبل أن يتفرقا فإذا أراد أن يصح هذا له فليسلفه ذهبا فإن كتب له بها إلى موضع فقبل فقبضها فلا بأس وأيهما أراد أن يأخذها من المدفوع إليه لم يكن للمدفوع إليه أن يمتنع وسواء في أيهما كان له فيه المرفق أو لم يكن ومن أسلف سلفا فقضى أفضل من ذلك في العدد والوزن معا فلا بأس بذلك إذا لم يكن ذلك شرطا بينهما في عقد السلف ومن ادعى على رجل مالا وأقام به شاهدا ولم يحلف والغريم يجحد ثم سأله الغريم أن يقر له بالمال إلى سنة فإن قال لا أقر لك به إلا على تأخير كرهت ذلك له إلا أن يعلم أن المال له عليه فلا أكره ذلك لصاحب المال وأكرهه للغريم ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
صفحة : 833
باب في بيع العروض قال الشافعي رحمه الله قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أما الذي نهى عنه رسول الله ﷺ فهو الطعام أن يباع حتى يقبض وقال ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله وهذا كما قال ابن عباس والله تعالى أعلم لأنه ليس في الطعام معنى ليس في غيره من البيوع ولا معني يعرف إلا واحد وهو أني إذا ابتعت من الرجل شيئا فإنما أبتاع منه عينا أو مضمونا وإذا ابتعت منه مضمونا فليست بعين وقد يفلس فأكون قد بعت شيئا ضمانه على من اشتريته منه وإنما بعته قبل أن يصير في تصرفي وملكي تاما ولا يجوز أن أبيع مالا أملك تاما وإن كان الذي اشتريته منه عينا فلو هلكت تلك العين انقض البيع بيني وبينه فإذا بعتها ولم يتم ملكها إلي بأن يكون ضمانها مني بعته ما لم يتم لي ملكه ولا يجوز بيع ما لم يتم لي ملكه ومع هذا أنه مضمون على من اشتريته منه فإذا بعت بعت شيئا مضمونا على غيري فإن زعمت أني لست بضامن فقد زعمت أني أبيع ما لم أضمن ولا يجوز لأحد أن يبيع ما لا يضمن وإن زعمت أني ضامن فعلى من الضمان ما على دون من اشتريت منه أرأيت إن هلك ذلك في يدي الذي اشتريته منه أيؤخذ مني شيء فإن قال لا قيل فقد بعت ما لا تضمن ولا يجوز بيع ما لا أضمن وإن قيل بل أنت ضامن فليس هكذا بيعه كيف أضمن شيئا قد ضمنته له على غيري ولو لم يكن في هذا شيء مما وصفت دلت عليه السنة وأنه في معنى الطعام قال الشافعي قال الله تعالى وأحل الله البيع وحرم الربا وقال لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تون تجارة عن تراض منكم فكل بيع كان عن تراض من التبايعين جائز من الزيادة في جميع البيوع إلا بيعا حرمه رسول الله ﷺ إلا الذهب والورق يدا بيد والمأكول والمشروب في معنى المأكول فكل ما أكل الآدميون وشربوا فلا يجوز أن يباع شيء منه بشيء من صنفه إلا مثلا بمثل إن كان وزنا فوزن وإن كان كيلا فكيل يدا بيد وسواء في ذلك الذهب والورق وجميع المأكول فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع بينهما وكذلك بيع العرايا لأنها من المأكول فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع بينهما وإذا اختلف الصنفان مما ليس في بعضه ببعض الربا فلا بأس بواحد منه باثنين أو أكثر يدا بيد ولا خير فيه نسيئة وإذا جاز الفضل في بعضه على بعض فلا بأس بجزاف منه بجزاف وجزاف بمعلوم وكل ما أكله الآدميون دواء فهو في معنى المأكول مثل الأهليلج والثفاء وجميع الأدوية قال وما عدا هذا مما أكلته البهائم ولم يأكله الآدميون مثل القرظ والقضب والنوى
صفحة : 834
والحشيش ومثل العروض التي لا تؤكل مثل القراطيس والثياب وغيرها ومثل الحيوان فلا بأس بفضل بعضه على بعض يدا بيد ونسيئة تباعدت أو تقاربت لأنه داخل في معنى ما أحل الله من البيوع وخارج من معنى ما حرم رسول الله ﷺ من الفضل في بعضه على بعض وداخل في نص إحلال رسول الله ﷺ ثم أصحابه من بعده قال الشافعي أخبرنا الثقة عن الليث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ اشترى عبدا بعبدين قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه باع بعيرا له بأربعة أبعرة مضمونة عليه بالربذة قال الشافعي أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي أن علي بن أبي طالبك رضي الله تعالى عنه باع بعيرا يقال له عصيفير بعشرين بعيرا إلى أجل قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال لا ربا في الحيوان وإنما نهى من الحيوان عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن بعير ببعيرين إلى أجل فقال لا بأس به قال الشافعي أخبرنا ابن علية إن شاء الله شك الربيع عن سلمة بن علقمة شككت عن محمد بن سيرين أنه سئل عن بيع الحديد بالحديد فقال الله أعلم أما هم فكانوا يتبايعون الدرع بالدراع قال الشافعي ولا بأس بالبعير بالبعيرين مثله وأكثر يدا بيد ونسيئة فإذا تنحى عن أن يكون في معنى ما لا يجوز الفضل في بعضه على بعض فالنقد منه والدين سواء ولا بأس باستسلاف الحيوان كله إلا الولائد وإنما كرهت استسلاف الولائد لأن من استسلف أمة كان له أن يردها بعينها فإذا كان له أن يردها بعينها وجعلته مالكا لها بالسلف جعلته يطؤها ويردها وقد حاط الله جل ثناؤه ثم رسوله ﷺ ثم المسلمون الفروج فجعل المرأة لا تنكح والنكاح حلال إلا بولي وشهود ونهى رسول الله ﷺ أن يخلو بها رجل في حضر أو سفر ولم يحرم ذلك في شيء مما خلق الله غيرها جعل الأموال مرهونة ومبيعة بغير بينة ولم يجعل المرأة هكذا حتى حاطها فيما أحل الله لها بالولي والشهود ففرقنا بين حكم الفروج وغيرها بما فرق الله ورسوله ثم المسلمون بينهما وإذا باع الرجل غنما بدنانير إلى أجل فحلت الدنانير فأعطاه بها غنما من صنف غنمه أو غير صنفها فهو سواء ولا يجوز إلا أن يكون حاضرا ولا تكون الدنانير والدراهم في معنى ما ابتيع به من العروض فلا يجوز بيعه حتى يقبض ولا بأس بالسلف في الحيوان كله بصفة معلومة وأجل معلوم والسلف فيها اشتراء لها وشراؤها غير استلافها فيجوز ذلك في الولائد ولا خير في السلف إلا إن يكون
صفحة : 835
مضمونا على السلف مأمونا في الظاهر أن يعود ولا خير في أن يسلف في ثمر حائط بعينه ولا نتاج ماشية بعينها لأن هذا يكون ولا يكون ومن سلف في عرض من العروض أو شيء من الحيوان فلما حل أجله سأله بائعه أن يشتريه منه بمثل ثمنه أو أقل أو أكثر أو بعرض كان ذلك العرض مخالفا له أو مثله فلا خير في أن يبيعه بحال لأنه بيع ما لم يقبض وإذا سلف الرجل في عرض من العروض إلى أجل فعجل له المسلف قبل محل الأجل فلا بأس ولا خير في أن يعجله له على أن يضع عنه ولا في أن يعجله على أن يزيده المسلف لأن هذا بيع يحدثانه غير البيع الأول ولا خير في أن يعطيه من غير الصنف الذي سلفه عليه لأن هذا بيع يحدثه وإنما يجوز أن يعطيه من ذلك الصنف بعينه مثل شرطهما أو أكثر فيكون متطوعا وإن أعطاه من ذلك الصنف أقل من شرطه على غير شرط فلا بأس كما أنه لو فعل بعد محله جاز وإن أعطاه على شرط فلا خير فيه لأنه ينقصه على أن يعجله وكذلك لا يأخذ بعض ما سلفه فيه وعرضا غيره لأن ذلك بيع ما لم يقبض بعضه ومن سلف في صنف فأتاه المسلف من ذلك الصنف بارفع من شرطه فله قبضه منه وإن سأله زيادة على جودته فلا يجوز أن يزيده إلا أن يتفاسخا البيع الأول ويشترى هذا شراء جديدا لأنه إذا لم يفعل فهو شراء ما لم يعلم كأنه سلفه على صاع عجوة جيدة فله أدنى الجيد فجاءه بالغاية من الجيد وقال زدني شيئا فاشترى منه الزيادة والزيادة غير معلومة لا هي كيل زاده فيزيده ولا هي منفصلة من البيع الأول فيكون إذا زاده اشترى ما لا يعلم واستوفى ما لا يعلم وقد قيل أنه لو اسلفه في عجوة فأراد أن يعطيه صيحانيا مكان العجوة لم يجز لأن هذا بيع العجوة بالصيحاني قبل أن تقبض وقد نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يقبض وهكذا كل صنف سلف فيه من طعام أو عرض أو غيره له أن يقبضه أدنى من شرطه وأعلى من شرطه إذا تراضيا لأن ذلك جنس واحد وليس له أن يقبض من غير جنس ما سلف فيه لأنه حينئذ بيع ما اشترى قبل أن يستوفيه قال ولا يأخذ إذا سلف في جيد رديئا على أن يزداد شيئا والعلة فيه كالعلة في أن يزيده ويأخذ أجود وإذا أسلف رجل رجلا في عرض فدفع المسلف إلى المسلف ثمن ذلك العرض على أن يشتريه لنفسه ويقبضه كرهت ذلك فإذا اشتراه وقبضه برئ منه المسلف وسواء كان ذلك ببينة أو بغير بينة إذا تصادقا قال الشافعي رحمه الله تعالى ولا بأس بالسلف في كل ما أسلف فيه حالا أو إلى أجل إذا حل أن يشتري بصفة إلى أجل حل أن يشتري بصفة نقدا وقد قال هذا ابن جريج عن عطاء ثم رجع عطاء عنه وإذا سلف
صفحة : 836
رجل في صوف لم يجز أن أن يسلف فيه إلا بوزن معلوم وصفة معلومة ولا يصلح أن يسلف فيه عددا لاختلافه ومن اشترى من رجل سلعة فسأله أن يقيله فيها بأن يعطيه البائع شيئا أو يعطيه المشتري نقدا أو إلى أجل فلا خير في الإقالة على ازدياد ولا نقص بحال الإقالة على زيادة ولا نقصان ولا تأخير في كراء ولا بيع ولا غيره وهكذا إن باعه سلعة إلى أجل فسأله أن يقيله فلم يقله إلا على أن يشركه البائع ولا خير فيه لأن الشركة بيع وهذا بيع ما لم يقبض ولكنه إن شاء أن يقيله في النصف أقاله ولا يجوز أن يكون شريكا له والمتبايعان بالسلف وغيره بالخيار ما لم يتفرقا من مقامهما الذي تبايعا فيه فإذا تفرقا أو خير أحدهما الآخر بعد البيع فاختار البيع فقد انقطع الخيار ومن سلف في طعام أو غيره إلى أجل فلما حل الأجل أخذ بعض ما سلف فيه وأقال البائع من الباقي فلا بأس وكذلك لو باع حيوانا أو طعاما إلى أجل فأعطاه نصف رأس ماله وأقاله المشتري من النصف وقبضه بلا زيادة ازدادها ولا نقصان ينقصه فلا بأس قال ولا يجوز من البيوع إلا ثلاثة بيع عين بعينها حاضرة وبين عين غائبة فإذا رآها المشتري فهو بالخيار فيها ولا يصلح أن تباع العين الغائبة بصفة ولا إلى أجل لأنها قد تدرك قبل الأجل فيبتاع الرجل ما يمنع منه وهو يقدر على قبضه وأنها قد تتلف قبل أن تدرك فلا تكون مضمونة والبيع الثالث صفة مضمونة إذا جاء بها صاحبها على الصفة لزمت مشتريها ويكلف أن يأتي بها من حيث شاء قال أبو يعقوب الذي كان يأخذ به الشافعي ويعمل به أن البيع بيعان بيع عين حاضرة ترى أو بيع مضمون إلى أجل معلوم ولا ثالث لهما قال الربيع قد رجع الشافعي عن بيع خيار الرؤية قال الشافعي رحمه الله تعالى ومن باع سلعة من السلع إلى أجل من الآجال وقبضها المشتري فلا بأس أن يبيعها الذي اشتراها بأقل من الثمن أو أكثر ودين ونقد لأنها بيعة غير البيعة الأولى وقد قال بعض الناس لا يشتريها البائع بأقل من الثمن وزعم أن القياس في ذلك جائز ولكنه زعم تبع الأثر ومحمود منه أن يتبع الأثر الصحيح فلما سئل عن الأثر إذا هو أبو إسحق عن امرأته عالية بنت أنفع أنها دخلت مع امرأة أبي السفر على عائشة رضي الله عنها فذكرت لعائشة أن زيد بن أرقم باع شيئا إلى العطاء ثم اشتراه بأقل مما باعه به فقالت عائشة أخبري زيد بن أرقم أن الله قد أبطل جهاده مع رسول الله ﷺ إلا أن يتوب قال الشافعي فقيل له ثبت هذا الحديث عن عائشة فقال أبو إسحق رواه عن امرأته فقيل فتعرف امرأته بشيء يثبت به حديثها فما علمته قال شيئا فقلت ترد حديث بسرة بنت صفوان مهاجرة معروفة بالفضل بأن تقول
صفحة : 837
حديث امرأة وتحتج بحديث امرأة ليست عندك منها معرفة أكثر من أن زوجها روى عنها ولو كان هذا من حديث من يثبت حديثه هل كان أكثر ما في هذا إلا أن زيد بن أرقم وعائشة اختلفا لأنك تعلم أن زيدا لا يبيع إلا ما يراه حلالا له ورأته عائشة حراما وزعمت أن القياس مع قول زيد فكيف لم تذهب إلى قول زيد ومعه القياس وأنت تذهب إلى القياس في بعض الحالات فتترك به السنة الثابتة قال أفليس قول عائشة مخالفا لقول زيد قيل ما تدري لعلها إنما خالفته في أنه باع إلى العطاء ونحن نخالفه في هذا الموضع لأنه أجل غير معلوم فأما إن اشتراها بأقل مما باعه بها فلعلها لم تخالفه فيه قط لعلها رأت البيع إلى العطاء مفسوخا ورأت بيعه إلى العطاء لا يجوز فرأته لم يملك ما باع ولا بأس في أن يسلف الرجل فيما ليس عنده أصله وإذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال اشتر هذه وأربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز والذي قال أربحك فيها بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعا وإن شاء تركه وهكذا إن قال اشتر لي متاعا ووصفه له أو متاعا أي متاع شئت وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء يجوز البيع الأول ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال أبتاعه وأشتريه منك بنقد أو دين يجوز البيع الأول ويكونان بالخيار في البيع الآخر فإن جدداه جاز وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ من قبل شيئين أحدهما أنه تبايعاه قبل يملكه البائع والثاني أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا وإن اشترى الرجل طعاما إلى أجل فقبضه فلا بأس أن يبيعه ممن اشتراه منه ومن غيره بنقد وإلى أجل وسواء في هذا المعينين وغير المعينين وإذا باع الرجل السلعة بنقد أو إلى أجل فتسوم بها المبتاع فبارت عليه أو باعها بوضع أو هلكت من يده فسأل البائع أن يضع عنه من ثمنها شيئا أو يهبها كلها فذلك إلى البائع إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل من قبل أن الثمن له لازم فإن شاء ترك له من الثمن اللازم وإن شاء لم يترك وسواء كان هذا عن عادة اعتادها أو غير عادة وسواء أحدثا هذا في أول بيعة تبايعا به أو بعد مائة بيعة ليس للعادة التي اعتادها معنى يحل شيئا ولا يحرمه وكذلك الموعد إن كان قبل العقد أو بعده فإن عقد البيع على موعد أنه إن وضع في البيع وضع عنه فالبيع مفسوخ لأن الثمن غير معلوم وليس تفسد البيوع أبدا ولا النكاح ولا شيء أبدا إلا بالعقد فإذا عقد عقدا صحيحا لم يفسده شيء تقدمه ولا تأخر عنه كما إذا عقد عقدا فاسدا لم يصلحه شيء تقدمه ولا تأخر عنه إلا بتجديد عقد صحيح وإذا اشترى الرجل من الرجل طعاما بدينار على أن الدينار عليه إلى شهر
صفحة : 838
إلا أن يبيع الطعام قبل ذلك فيعطيه ما باع من الطعام فلا خير فيه لأنه إلى أجل غير معلوم ولو باعه إلى شهر ولم يشترط في العقد شيئا أكثر من ذلك ثم قال له إن بعته أعطيتك قبل الشهر كان جائزا وكان موعدا إن شاء وفى له وإن شاء لم يف له لأنه لا يفسد حتى يكون في العقد وإذا ابتاع رجل طعاما سمى الثمن إلى أجل والطعام نقد وقبض الطعام فلا بأس أن يبيع الطعام بحداثة القبض وبعد زمان إذا صار من ضمانه من الذي اشترى منه ومن غيره وبنقد إلى أجل لأن البيعة الآخرى غير البيعة الأولى وإذا سلف رجل في العروض والطعام الذي يتغير إلى أجل فليس عليه أن يقبضه حتى يحل أجله فإذا حل أجله جبر على قبضه وسواء عرضه عليه قبل أن يحل الأجل بساعة أو بسنة وإن اجتمعا على الرضا بقبضه فلا بأس وسواء كان ذلك قبل أن يحل الأجل بسنة أو بساعة وإذا ابتاع الرجل شيئا من الحيوان أو غيره غائبا عنه والمشتري يعرفه بعينه فالشراء جائز وهو مضمون من مال البائع حتى يقبضه المشتري فإذا كان انشتري لم يره فهو بالخيار إذا رآه من عيب ومن غير عيب وسواء وصف له أو لم يوصف إذا اشتراه بعينه غير مضمون على صاحبه فهو سواء وهو شراء عين ولو جاء به على الصفة إذا لم يكن رآه لم يلزمه أن يأخذ إلا أن يشاء وسواء أدركتها بالصفة حية أو ميتة ولو أنه اشتراه على صفة مضمونة إلى أجل معلوم فجاءه بالصفة لزمت المشتري أحب أو كره وذلك أن شراءه ليس بعين ولو وجد تلك الصفة في يد البائع فأراد أن يأخذها كان للبائع أن يمنعه إياها إذا أعطاه صفة غيرها وهذا فرق بين شراء الأعيان والصفات الأعيان لا يجوز أن يحول الشراء منها في غيرها إلا أن يرضى المبتاع والصفات يجوز أن تحول صفة في غيرها إذا أوفى أدنى صفة ويجوز النقد في الشيء الغائب وفي الشيء الحاضر بالخيار وليس هذا من بيع وسلف بسبيل وإذا اشترى الرجل الشيء إلى أجل ثم تطوع بالنقد فلا بأس وإذا اشترى ولم يسم أجلا فهو بنقد ولا ألزمه أن يدفع الثمن حتى يدفع إليه ما اشترى وإذا اشترى الرجل الجارية أو العبد وقد رآه وهو غائب عنه وأبرأ البائع من عيب به ثم أتاه به فقال قد زاد العيب فالقول قول المشتري مع يمينه ولا تباع السلعة الغائبة على أنها إن تلفت فعلى صاحبها مثلها ولا بأس أن يشتري الشيء الغائب بدين إلى أجل معلوم والأجل من يوم تقع الصفقة فإن قال اشتريها منك إلى شهر من يوم أقبض السلعة فالشراء باطل لأنه قد يقبضها في يومه ويقبضها بعد شهر وأكثر قال الشافعي رحمه الله وإذا باع الرجل من الرجل عبدا له غائبا بذهب دينا له على آخر أو
صفحة : 839
غائبة عنه ببلد فالبيع باطل قال وكذلك لو باعه عبدا ودفعه إليه إلا أن يدفعه إليه ويرضى الآخر بحوالة على رجل فإما أن يبيعه إياه ويقول خذ ذهبي الغائبة على أنه إن لم يجدها فالمشتري ضامن لها فالبيع باطل لأن هذا أجل غير معلوم وبيع بغير مدة ومحولا في ذمة أخرى قال الشافعي ومن أتى حائكا فاشترى منه ثوبا على منسجه قد بقي منه بعضه فلا خير فيه نقده أو لم ينقده لأنه لا يدري كيف يخرج باقي الثوب وهذا لا بيع عين يراها ولا صفة مضمونة قال ولا بأس بشراء الدار حاضرة وغائبة ونقد ثمنها ومذارعة وغير مذارعة قال ولا بأس بالنقد مع الخيار قال وإذا اشترى الرجل بالخيار وقبض المشتري فالمشتري ضامن حتى يرد السلعة كما أخذها وسواء كان الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما معا وإذا باع الرجل السلعة وهو بالخيار فليس للذي عليه الخيار أن يرد إنما يرد الذي له الخيار قال وبيع الخيار جائز من باع جارية فللمشتري قبضها وليس عليه وضعها للاستبراء ويستبرئها المشتري عنده وإذا قبضها المشتري فهي من ضمانه وفي ملكه وإذا حال البائع بينه وبينها وضعها على يدي عدل يستبرئها فهي من ضمان البائع حتى يقبضها المشتري ثم يكون هو الذي يضعها ويجوز بيع المشتري فيها ولا يجوز بيع البائع حتى يردها المشتري أو يتفاسخا البيع ومن اشترى جارية بالخيار فمات قبل أن يختار فورثته يقومون مقامه وإذا باع الرجل السلعة لرجل واستثنى رضا المبيع له ما بينه وبين ثلاث فإن رضي المبيع له فالبيع جائز وإن أراد الرد فله الرد وإن جعل الرد إلى غيره فليس ذلك له إلا أن يجعله وكيلا برد أو إجازة فتجوز الوكالة عن أمره قال الشافعي ومن باع سلعة على رضا غيره كان للذي شرط له الرضا الرد ولم يكن للبائع فإن قال على أن أستأمر فليس له أن يرد حتى يقول قد استأمرت فأمرت بالرد قال الشافعي ولا خير في أن يشتري الرجل الدابة بعينها على أن يقبضها بعد سنة لأنها قد تتغير إلى سنة وتتلف ولا خير في أن يبيع الرجل الدابة ويشترط ركوبها قل ذلك أو كثر قال ولا خير في أن يبيع الرجل الدابة ويشترط عقاقها ولو قال هي عقوق ولم يشرط ذلك لم يكن بذلك بأس وإذا باع الرجل ولد جاريته على أن عليه رضاعه ومؤنته سنة أو أقل فالبيع باطل لأنه قد يموت قبل سنة فلو كان مضمونا للمشتري فضل الرضاع لم يجز لأنه وقع لا يعرف حصته من حصة البيع ولو كان مضمونا من البائع كان عينا يقدر على قبضها ولا يقدر على قبضها إلا بعد سنة ويكون دونها وبيع وإجارة ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
صفحة : 840
باب ثمر الحائط يباع أصله أخبرنا الشافعي رحمه الله قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال من باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع قال الشافعي وهذا الحديث ثابت عندنا عن رسول الله ﷺ وبه نأخذ وفيه دلالات إحداها لا يشكل في أن الحائظ إذا بيع وقد أبر نخله فالثمرة لبائعه إلا أن يشترطها مبتاعة فيكون مما وقعت عليه صفقة البيع ويكون لها حصة من الثمن قال والثانية أن الحائط إذا بيع ولم يؤبر نخله فالثمرة للمشتري لأن رسول الله ﷺ إذا حد فقال إذا أبر فثمرته للبائع فقد أخبر أن حكمه إذا لم يؤبر غير حكمه إذا أبر ولا يكون ما فيه إلا للبائع أو للمشتري لا لغيرهما ولا موقوفا فمن باع حائطا لم يؤبر فالثمرة للمشتري بغير شرط استدلالا موجودا بالسنة قال ومن باع أصل فحل نخل أو فحول بعد أن تؤبر إناث النخل فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع ومن باع فحلا قبل أن تؤبر إناث النخل فالثمرة للمشتري قال والحوائط تختلف بتهامة ونجد والسقف فيستأخر إبار كل بلد بقدر حرها وبردها وما قدر الله تعالى من إبانها فمن باع حائطا منها لم يؤبر فثمره للمبتاع وإن أبر غيره لأن حكمه به لا بغيره وكذلك لا يباع منها شيء حتى يبدو صلاحه وإن بدا صلاح غيره وسواء كان نخل الرجل قليلا أو كثيرا إذا كان في حظار واحد أو بقعة واحدة في غير حظار فبدا صلاح واحدة منه حل بيعه ولو كان إلى جنبه حائط له آخر أو لغيره فبدا صلاح حائط غيره الذي هو إلى جنبه لم يحل بيع ثمر حائطه بحلول بيع الذي إلى جنبه وأقل ذلك أن يرى في شيء منه الحمرة أو الصفرة وأقل الإبار أن يكون في شيء منه الإبار فيقع عليه اسم أنه قد أبر كما أنه إذا بدا صلاح شيء منه وقع عليه اسم أنه قد بدا صلاحه واسم أنه قد أبر فيحل بيعه ولا ينتظر آخره بعد أن يرى ذلك في أوله قال والإبار التلقيح وهو أن يأخذ شيئا من طلع الفحل فيدخله بين ظهراني طلع الإناث من النخل فيكون له بإذن الله صلاحا قال والدلالة بالسنة في النخل قبل أن يؤبر وبعد الإبار في أنه داخل في البيع مثل الدلالة بالإجماع في جنين الأمة وذات الحمل من البهائم فإن الناس لم يختلفوا في أن كل ذات حمل من بني آدم من البهائم بيعت فحملها تبع لها كعضو منها داخل في البيع بلا حصة من الثمن لأنه لم يزايلها ومن باعها وقد ولدت فالولد غيرها وهو للبائع
صفحة : 841
إلا أن يشترطه المبتاع فيكون قد وقعت عليه الصفقة وكانت له حصة من الثمن ويخالف الثمر لم يؤبر الجنين في أن له حصة من الثمن لأنه ظاهر وليست للجنين لأنه غير ظاهر ولولا ما جاء عن رسول الله ﷺ في ذلك لما كان الثمر قد طلع مثل الجنين في بطن امه لأنه قد يقدر على قطعه والتفريق بينه وبين شجره ويكون ذلك مباحا منه والجنين لا يقدر على إخراجه حتى يقدر الله تعالى له ولا يباح لأحد إخراجه وإنما جمعنا بينهما حيث اجتمعا في بعض حكمهما بأن السنة جاءت في الثمر لم يؤبر كمعنى الجنين في الإجماع فجمعنا بينهما خبرا لا قياسا إذ وجدنا حكم السنة في الثمر لم يؤبر كحكم الإجماع في جنين الأمة وإنما مثلنا فيه تمثيلا ليفقهه من سمعه من غير أن يكون الخبر عن رسول الله ﷺ يحتاج إلى أن يقاس على شيء بل الأشياء تكون له تبعا قال ولو باع رجل أصل حائط وقد تشقق طلع إناثه أو شيء منه فأخر إباره وقد أبر غيره ممن حاله مثل حاله كان حكمه حكم ما تأبر لأنه قد جاء عليه وقت الإبار وظهرت الثمرة وريئت بعد تغييبها في الجف قال وإذا بدأ في إبار شيء منه كان جميع ثمر الحائط المبيع للبائع كما يكون إذا ريئت في شيء من الحائط الحمرة أو الصفرة حل بيع الثمرة وإن كان بعضه أو أكثره لم يحمر أو يصفر قال والكرسف إذا بيع أصله كالنخل إذا خرج من جوزه ولم ينشق فهو للمشتري وإذا انشق جوزه فهو للبائع كما يكون الطلع قبل الإبار وبعده قال فإن قال قائل فإنما جعل النبي ﷺ الثمرة للبائع إذا ابر فكيف قلت يكون له إذا استأبر وإن لم يؤبر قيل له إن شاء الله تعالى لا معنى للابار إلا وقته ولو كان الذي يوجب الثمرة للبائع أن يكون إنما يستحقها بأن يأبرها فاختلف هو والمشتري انبغى أن يكون القول قول المشتري لأن البائع يدعي شيئا قد خرج منه إلى المشتري وانبغى إن تصادقا أن يكون له ثمر كل نخلة أبرها ولا يكون له ثمر نخلة لم يأبرها قال وما قلت من هذا هو موجود في السنة في بيع الثمر إذا بدا صلاحه وذلك إذا احمر أو بعضه وذلك وقت يأتي عليه وهذا مذكور في بيع الثمار إذا بدا صلاحها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن عطاء أخبره أن رجلا باع على عهد رسول الله ﷺ حائطا مثمرا ولم يشترط المبتاع الثمر ولم يستثن البائع الثمر ولم يذكراه فلما ثبت البيع اختلفا في الثمر فاحتكما فيه إلى النبي ﷺ فقضى بالثمر للذي لقح النخل للبائع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول في العبد له المال وفي النخل
صفحة : 842
المثمر يباعان ولا يذكران ماله ولا ثمره هو للبائع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد ابن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء أرأيت لو أن إنسانا باع رقبة حائط مثمرة لم يذكر الثمرة عند البيع لا البائع ولا المشتري أو عبدا له مال كذلك فلما ثبت البيع قال المبتاع إني أردت الثمر قال لا يصدق والبيع جائز وعن ابن جريج أنه قال لعطاء أن رجلا أعتق عبدا له مال قال نيته في ذلك إن كان نوى في نفسه أن ماله لا يعتق معه فماله كله لسيده وبهذا كله نأخذ في الثمرة والعبد قال وإذا بيعت رقبة الحائط وقد أبر شيء من نخله فثمرة ذلك النخل في عامة ذلك للبائع ولو كان منه ما لم يؤبر ولم يطلع لأن حكم ثمرة ذلك النخل في عامه ذلك حكم واحد كما يكون إذا بدا صلاحه ولم يؤبر قال ولو اصيبت الثمرة في يدي مشتري رقبة الحائط بجائحة تأتي عليه أو على بعضه فلا يكون للمشتري أن يرجع بالثمرة المصابة ولا بشيء منها على البائع فإن قال قائل ولم لا يرجع بها ولها من الثمن حصة قيل لأنها إنما جازت تبعا في البيع إلا ترى أنها لو كانت تباع منفردة لم يحل بيعها حتى تحمر فلما كانت تبعا في بيع رقبة الحائط حل بيعها وكان حكمها حكم رقبة الحائط ونخله الذي يحل بيع صغيره وكبيرة وكانت مقبوضة لقبض النخل وكانت المصيبة بها كالمصيبة بالنخل والمشتري لو أصيب بالنخل بعد أن يقبضها كانت المصيبة منه فإن ابتاع رجل حائطا فيه ثمر لم يؤبر كان له مع النخل أو شرطه بعد ما أبر فكان له بالشرط مع النخل فلم يقبضه حتى أصيب بعض الثمر ففيها قولان أحدهما أنه بالخيار في رد البيع لأنه لم يسلم له كما اشترى أو أخذه بحصته من الثمن بحسب ثمن الحائط أو الثمرة فينظر كم حصة المصاب منها فيطرح عن المشتري من أصل الثمن بقدره فإن كان الثمن مائة والمصاب عشر العشر مما اشترى طرح عنه دينار من أصل الثمن لا من قيمة المصاب لأنه شيء خرج من عقدة البيع بالمصيبة وهكذا كل ما وقعت عليه صفقة البيع بعينه من نبات أو نخل أو غيره فما أصيب منه شيء بعد الصفقة وقبل قبض المشتري فالمشتري بالخيار في رد البيع لأنه لم يسلم إليه كما اشترى بكماله أو أخذ ما بقي بحصته من الثمن لأنه قد ملكه ملكا صحيحا وكان في أصل الملك أن كل واحد منه بحصته من الثمن المسمى ولا يكون للمشتري في هذا الوجه خيار قال وهكذا الثمر يبتاع مع رقبة الحائط ويقبض فتصيبه الجائحة في قول من وضع الجائحة وفي القول الآخر الذي حكيت فيه قولا يخالفه سواء لا يختلفان والقول الثاني أن المشتري إن شاء رد البيع بالنقص الذي دخل عليه قبل القبض وإن شاء أخذه منه بجميع الثمن لا ينقص عنه منه شيء
صفحة : 843
لأنها صفقة واحدة قال فإن قال قائل فكيف أجزتم بيع الثمرة لم يبد صلاحها مع الحائط وجعلتم لها حصة من الثمن ولم تجيزها على الإنفراد قيل بما وصفنا من السنة فإن قال فكيف أجزتم بيع الدار بطرقها ومسيل مائها وأفنيتها وذلك غير معلوم قيل أجزناه لأنه في معنى الثمرة التي لم يبد صلاحها تبع في البيع ولو بيع من هذا شيء على الانفراد لم يجز فإن قال قائل فكيف يكون داخلا في جملة البيع وهو أن بعضا لم يجز بيعه على الإنفراد قيل بما وصفنا لك فإن قال فهل يدخل في هذا العبد يباع قلت نعم في معنى ويخالفه في آخر فإن قال فما المعنى الذي يدخل به فيه قيل إذا بعناك عبدا بعناكه بكمال جوارحه وسمعه وبصره ولو بعناك جارحة من جوارحه تقطعها أو لا تقطعها لم يجز البيع فهي إذا كانت فيه جازت وإذا أفردت منه لم يحل بيعها لأن فيها عذابا عليه وليس فيها منفعة لمشتريه ولو لم تقطع وهذا الموضع الذي يخالف فيه العبد بما وصفنا من الطرق والثمر وفي ذلك أنه يحل تفريق الثمر وقطع الطرق ولا يحل قطع الجارحة إلا بحكمها قال وجميع ثمار الشجر في معنى ثمر النخل إذا ريء في أوله النضج حل بيع آخره وهما يكونان بارزين معا ولا يحل بيع واحد منهما حتى يرى في أولهما النضج قال وتخالف الثمار من الأعناب وغيرها النخل فتكون كل ثمرة خرجت بارزة ترى في أول ما تخرج كما ترى في آخره لا مثل ثمر النخل في الطلعة يكون مغيبا وهو يرى يكون بارزا فهو في معنى ثمرة النخل بارزا فإذا باعه شجرا مثمرا فالثمر للبائع إلا أن يشترط المبتاع لأن الثمر قد فارق أن يكون مستودعا في الشجر كما يكون الحمل مستودعا في الأمة ذات الحمل قال ومعقول في السنة إذا كانت الثمرة للبائع كان على المشتري تركها في شجرها إلى أن تبلغ الجذاذ والقطاف واللقاط من الشجر قال وإذا كان لا يصلحها إلا السقي فعلى المشتري تخلية البائع وما يكفي الشجر من السقي إلى أن يجد ويلقط ويقطع فإن انقطع الماء فلا شيء على المشتري فيما أصيب به البائع في ثمره وكذلك إن أصابته جائحة وذلك أنه لم يبعه شيئا فسأله تسليم ما باعه قال وإن انقطع الماء فكان الثمر يصلح ترك حتى يبلغ وإن كان لا يصلح لم يمنعه صاحبه من قطعه ولا لو كان الماء كما هو ولو قطعه فإن أراد الماء لم يكن ذلك له إنما يكون له من الماء فيه صلاح ثمره فإذا ذهب ثمره فلا حق له في الماء قال وإن انقطع الماء فكان بقاء الثمرة في النخل وغيره من الشجر المسقوى يضر بالنخل ففيها قولان أحدهما أن يسأل أهل ذلك الوادي الذي به ذلك الماء فإن قالوا ليس يصلح في مثل هذا من انقطاع الماء إلا قطع ثمره عنه وإلا أضر بقلوب النخل ضررا بينا فيها أخذ صاحبه
صفحة : 844
بقطعه إلا أن يسقيه متطوعا وقيل قد أصيبت وأصيب صاحب الأصل بأكثر من مصيبتك فإن قالوا هو لا يضر بها ضررا بينا والثمر يصلح إن ترك فيها وإن كان قطعه خيرا لها ترك إذا لم يكن فيه ضرر بين فإن قالوا لا يسلم الثمر إلا إن ترك أياما ترك أياما حتى إذا بلغ الوقت الذي يقولون فيه يهلك فلو قيل اقطعه لأنه خير لك ولصاحبك كان وجها وله تركه إذا لم يضر بالنخل ضررا بينا وإن قال صاحب عنب ليس له أصله ادع عنبي فيه ليكون أبقى له أو سفرجل أو تفاح أو غيره لم يكن له ذلك إذا كان القطاف واللقاط والجذاذ أخذ بجذاذ ثمره وقطافه ولقاطه ولا يترك ثمره فيه بعد أن يصلح فيه القطاف والجذاذ واللقاط وإن اختلف رب الحائط والمشتري في السقي حملا في السقي على ما لا غنى بالثمر ولا صلاح له إلا به وما يسقى عليه أهل الأموال أموالهم في الثمار عامة لا ما يضر بالثمر ولا ما يزيد فيه مما لا يسقيه أهل الأموال إذا كانت لهم الثمار قال فإن كان المبيع تينا أو غيره من شجر تكون فيه الثمرة ظاهرة ثم تخرج قبل أن تبلغ الخارجة ثمرة غيرها من ذلك الصنف فإن كانت الخارجة المشتراة تميز من الثمرة التي تحدث التي لم يقع عليها البيع فالبيع جائز للمشتري الثمرة الخارجة التي اشترى يتركها حتى تبلغ وإن كانت لا تميز مما يخرج بعدها من ثمرة الشجرة فالبيع مفسوخ لأن ما يخرج بعد الصفقة من الثمرة التي لم تدخل في البيع غير متميز من الثمرة الداخلة في الصفقة والبيوع لا تكون إلا معلومة قال الربيع وللشافعي في مثل هذا قول آخر إن البيع مفسوخ إذا كان الخارج لا يتميز إلا أن يشاء رب الحائط أن يسلم ما زاد من الثمرة التي اختلطت بثمر المشتري يسلمه للمشتري فيكون قد صار إليه ثمره والزيادة إذا كانت الخارجة لا تميز التي تطوع بها قال الشافعي فإن باعه على أن يلقط الثمرة أو يقطعها حتى يتبين بها فالبيع جائز وما حدث في ملك البائع للبائع وإنما يفسد البيع إذا ترك ثمرته فكانت مختلطة بثمرة المشتري لا تتميز منها قال وإذا باع رجل رجلا أرضا فيها شجر رمان ولوز وجوز ورانج وغيره مما دونه قشر يواريه بكل حال فهو كما وصفت من الثمر البادي الذي لا قشر له يواريه إذا ظهرت ثمرته فالثمرة للبائع إلا أن يشترطها المبتاع وذلك إن قشر هذا لا ينشق عما في أجوافه وصلاحه في بقائه إلا أن صنفا من الرمان ينشق منه الشيء فيكون أنقص على مالكه لأن الأصلح له أن لا ينشق لأنه أبقى له والقول فيه كالقول في ثمر الشجر غير النخل من العنب والأترج وغيره لا يخالفه والقول في تركه إلى بلوغه كالقول فيها وفي ثمر النخل لا يعجل مالكه عن بلوع صلاحه ولا يترك وإن كان ذلك خيرا لمالكه إذا بلغ أن يقطف مثلها أو يلقط والقول في شيء إن كان يزيد فيها
صفحة : 845
كالقول في التين لا يختلف وكذلك في ثمر كل شجر وهكذا القول في الباذنجان وغيره من الشجر الذي يثبت أصله وعلامة الأصل الذي يثبت أن يثمر مرة ثم تقطع ثمرته ثم يثمر أخرى ثم تقطع ثمرته فما كان هكذا فهو من الأصل وذلك مثل القثاء والخربز والكرسف وغيره وما كان إنماء ثمرته مرة فمثل الزرع قال ومن باع أرضا فيها زرع قد خرج من الأرض فالزرع للبائع إلا أن يشترطه المبتاع فإذا حصد لصاحبه أخذه فإن كان الزرع مما يبقى له أصول في الأرض تفسدها فعلى صاحب الزرع نزعها عن رب الأرض إن شاء رب الأرض قال وهكذا إذا باعه أرضا فيها زرع يحصد مرة واحدة قال فأما القصب فإذا باعه أرضا فيها قصب قد خرج من الأرض فلمالكه من القصب جزة واحدة وليس له قلعه من أصله لأنه أصل قال وكل ما يجز مرارا من الزرع فمثل القصب في الأصل والثمر ما خرج لا يخالفه قال وإذا باعه أرضا فيها موز قد خرج فله ما خرج من الموز قبل بيعه وليس له ما خرج مرة أخرى من الشجر الذي بجنب الموز وذلك أن شجرة الموز عندنا تحمل مرة وينبت إلى جنبها أربع فتقطع ويخرج من الذي حولها قال فإذا كان شجر الموز كثيرا وكان يخرج في الموز منه الشيء اليوم وفي الأخرى غدا وفي الأخرى بعده حتى لا يتميز ما كان منه خارجا عند عقدة البيع مما خرج بعده بساعة أو أيام متتابعة فالقول فيها كالقول في التين وما تتابع ثمرته في الأصل الواحد أنه لا يصلح بيعه أبدا وذلك أن الموزة الحولى يتفرق ويكون بينه أولاده بعضها أشف من بعض فيباع وفي الحولى مثل موز خارج فيترك ليبلغ ويخرج في كل يوم من أولاده بقدر إدراكه متتابعا فلا يتفرق منه ما وقعت عليه عقدة البيع مما حدث بعدها ولم يدخل في عقدة البيع والبيع ما عرف المبيع منه من غير المبيع فيسلم إلى كل واحد من المتبايعين حقه قال ولا يصح بيعه بأن يقول له ثمرة مائة شجرة موز منه من قبل أن ثمارها تختلف ويخطيء ويصيب وكذلك كل ما كان في معناه من ذي ثمر وزرع قال وكل أرض بيعت بحدودها فلمشتريها جميع ما فيها من الأصل والأصل ما وصفت مما له ثمرة بعد ثمرة من كل شجر وزروع مثمرة وكل ما يثبت من الشجر والبنيان وما كان مما يخف من البنيان مثل البناء بالخشب فإنما هذا مميز كالنبات والجريدة فهو لبائعه إلا أن يدخله المشتري في صفقة البيع فيكون له بالشراء قال وكل هذا إذا عرف المشتري والبائع ما في شجر الأرض من الثمر وفي أديم الأرض من الزرع قال فإن كانت الأرض غائبة عند البيع عن البائع والمشتري أو عن المشتري دون البائع فوجد في شجرها ثمرا قد أبرأ وزرعا قد طلع فالمشتري بالخيار إذا علم هذا إن كان قد
صفحة : 846
رأى الأرض قبل الشراء ورضيها لأن في هذا عليه نقصا بانقطاع الثمرة عنه عامة ذلك وحبس شجره بالثمرة وشغل أرضه بالزرع وبالداخل فيها عليه إذا كانت له ثمرتها لأنه ليس له أن يمنعه الدخول عليه في أرضه لتعاهد ثمرته ولا يمنع من يصلح له أرضه من عمل له فإن أحب أجاز البيع وإن أحب رده قال وإذا اشترى وهو عالم بما خرج من ثمرها فلا خيار له وإذا باع الرجل الرجل أرضا فيها حب قد بذره ولم يعلم المشتري فالحب كالزرع قد خرج من الأرض لا يملكه المشتري لأنه تحت الأرض وما لم يملكه المشتري بالصفقة فهو للبائع وهو ينمى نماء الزرع فيقال للمشتري لك الخيار فإن شئت فأخر البيع ودع الحب حتى يبلغ فيحصد كما تدع الزرع وإن شئت فانقض البيع إذا كان يشغل أرضك ويدخل عليك فيها به من ليس عليك دخوله إلا أن يشاء البائع أن يسلم الزرع للمشتري أو يقلعه عنه ويكون قلعه غير مضر بالأرض فإن شاء ذلك لم يكن للمشتري خيار لأنه قد زيد خيرا فإن قال قائل كيف لم تجعل هذا كما لم يخرج من ثمر الشجر وولادة الجارية قيل له إن شاء الله تعالى أما ثمر الشجر فأمر لا صنعة فيه للادميين هو شيء يخلقه الله عز وجل كيف شاء لا شيء استودعه الآدميون الشجر لم يكن فيها فادخلوه فيها وما خرج منه في عامه خرج في أعوام بعده مثله لأن خلقة الشجر كذلك والبذر ينثر في الأرض إنما هو شيء يستودعه الآدميون الآرض ويحصد فلا يعود إلا أن يعاد فيها غيره ولما رأيت ما كان مدفونا في الأرض من مال وحجارة وخشب غير مبنية كان للبائع لأنه شيء وضعه في الأرض غير الأرض لم يجز أن يكون البذر في أن البائع يملكه إلا مثله لأنه شيء وضعه البائع غير الأرض فإن قال قائل كيف لا يخرج زرعه كما يخرج ما دفن في الأرض من مال وخشب قيل دفن تلك فيها ليخرجها كما دفنها لا لتنمى بالدفن وإذا مر المدفون من الحب وقت فلو أخرجه لم ينفعه لقلب الأرض له وتلك لا تقلبها فأما ولد الجارية فشيء لا حكم له إلا حكم أمه إلا ترى أنها تعتق ولا يقصد قصده بعتق فيعتق وتباع ولا يباع فيملكه المشتري وأن حكمه في العتق والبيع حكم عضو منها وإن لم يسمه كان للمشتري الخيار لاختلاف الزرع في مقامه في الأرض وإفساده إياها قال وإن كان البائع قد أعلم المشتري أن له في الأرض التي باعه بذرا سماه لا يدخل في بيعه فاشترى على ذلك فلا خيار للمشتري وعليه أن يدعه حتى يصرم فإن كان مما يثبت من الزرع تركه حتى يصرمه ثم كان للمشتري أصله ولم يكن للبائع قلعه ولا قطعه قال وإن عجل البائع فقلعه قبل بلوغ مثله لم يكن له أن يدعه ليستخلفه وهو كمن جد ثمره غضة فليس له
صفحة : 847
أن ينتظر أخرى حتى تبلغ لأنه وإن لم يكن له مما خرج منه إلا مرة فتعجلها فلا يتحول حقه في غيرها بحال والقول في الزرع من الحنطة وغيرها مما لا يصرم إلا مرة أشبه أن يكون قياسا على الثمرة مرة واحدة في السنة إلا أنه يخالف الأصل فيكون الأصل مملوكا بما تملك به الأرض ولا يكون هذا مملوكا بما تملك به الأرض لأنه ليس بثابت فيها قال وما كان من الشجر يثمر مرارا فهو كالأصل الثابت يملك بما تملك به الأرض وإن باعه وقد صلح وقد ظهر ثمره فيه فثمره للبائع إلا أن يشترطها المبتاع كما يكون النخل الملقح قال وذلك مثل الكرسف إذا باعه وقد تشقق جوز كرسفه عنه فالثمرة للبائع كما تشقق الطلعة فيكون للبائع ذلك حين يلقح فإن باعه قبل أن يتشقق من جوز كرسفه شيء فالثمرة للمشتري وما كان من الشجرة هكذا يتشقق ثمره ليصلح مثل النخل وما كان يبقى بحاله فإذا خرجت الثمرة فخروجه كتشقق الطلع وجوز الكرسف فهو للبائع إلا أن يشترط المشتري قال وما أثمر منه في السنة مرارا فبيع وفيه ثمرة فهي للبائع وحدها فإذا انقضت فما خرج بعدها مما لم تقع عليه صفقة البيع فللمشتري الأصل مع الأرض وصنف من الثمرة فكان يخرج منه الشيء بعد الشي حتى لا ينفصل ما وقعت عليه صفقة البيع وهو في شجرة فكان للبائع ما لم يقع عليه صفقة البيع وكان للمشتري ما حدث فإن اختلط ما اشترى بما لم يشتر ولم يتميز ففيها قولان أحدهما لا يجوز البيع فيه إلا بأن يسلم البائع للمشتري الثمرة كلها فيكون قد أوفاه حقه وزيادة أو يترك المشتري له هذه الثمرة فيكون قد ترك له حقه قال ومن أجاز هذا قال هذا كمن اشترى طعاما جزافا فألقى البائع فيه طعاما غيره ثم سلم البائع للمشتري جميع ما اشترى منه وزاده ما ألقاه في طعامه فلم يظلمه ولم ينقصه شيئا مما باعه وزاده الذي خلط وإن لم يعرف المبيع منه من غير المبيع وقال في الوجه الذي يترك فيه المبتاع حقه هذا كرجل ابتاع من رجل طعاما جزافا فألقى المشتري فيه طعاما ثم أخذ البائع منه شيئا فرضي المشتري أن يأخذ ما بقي من الطعام بجميع الثمن ويترك له حقه فيما أخذ منه فإن الصفقه وقعت صحيحة إلا أن فيها خيارا للمشتري فأجيزها ويكون للمشتري ترك ردها بخياره والقول الثاني أنه يفسد البيع من قبل أنه وإن وقع صحيحا قد اختلط حتى لا يتميز الصحيح منه الذي وقعت عليه صفقة البيع مما لم تقع عليه صفقة البيع قال والقصب والقثاء وكل ما كان يصرم مرة بعد الأخرى من الأصول فللمشتري ملكه كما يملك النخل إذا اشترى الأصل وما خرج فيه من ثمره مرة فتلك الثمرة للبائع وما بعدها للمشتري فأما القصب فللبائع أول صرمة منه وما بقي
صفحة : 848
بعدها للمشتري فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه وهكذا البقول كلها إذا كانت في الأرض فللبائع منها أول جزه وما بقي للمشتري وليس للبائع أن يقلعها من أصولها وإن كانت تجز جزة واحدة ثم تنبت بعدها جزات فحكمها حكم الأصول تملك بما تملك به الأصول من شراء رقبة الأرض قال وما كان من نبات فإنما يكون مرة واحدة فهو كالزرع يترك حتى يبلغ ثم لصاحبه البائع الأرض أن يقلعه إن شاء فإن كان قلعه يضر بالأرض كلف إعادتها كما كانت قال وكذلك كل ما كان في الأرض من نبات الأرض مما لم ينبته الناس وكان ينبت على الماء فلصاحبه فيه ماله في الزرع والأصل يأخذ ثمرة أول جزة منه إن كانت تنبت بعدها ويقلعه من أصله إن كان لا ينفع بعد جزة واحدة لا يختلف ذلك قال ولو باع رجل رجلا أرضا أو دارا فكان له فيها خشب مدفون أو حجارة مدفونة ليست بمبنية إن ملك الموضوع كله للبائع لا يملك المشتري منه شيئا إنما يملك الأرض بما خلق الله في الأرض من ماء وطين وما كان فيها من أصل ثابت من غرس أو بناء وما كان غير ثابت أو مستودع فيها فهو لبائعه وعلى بائعه أن ينقله عنه قال فإن نقله عنه كان عليه تسوية الأرض حتى تعود مستوية لا يدعها حفرا قال وإن ترك قلعه منه ثم أراد قلعه من الأرض من زرعه لم يكن ذلك له حتى يحصد الزرع ثم يقلعه إن شاء وإن كان له في الأرض خشب أو حجارة مدفونة ثم غرس الأرض على ذلك ثم باعه الأصل ثم لم يعلم المشتري بالحجارة التي فيها نظر فإن كانت الحجارة أو الخشب تضر بالغراس وتمنع عروقه كان المشتري بالخيار في الأخذ أو الرد لأن هذا عيب ينقص غرسه وإن كان لا ينقص الغراس لا يمنع عروقه وكان البائع إذا اراد إخراج ذلك من الأرض قطع من عروق الشجر ما يضر به قيل لبائع الأرض أنت بالخيار بين أن تدع هذا وبين رد البيع فإن أحب تركه للمشتري تم البيع وإن امتنع من ذلك قيل للمشتري لك الخيار بين أن يقلعه من الأرض وما أفسد عليك من الشجر فعليه قيمته إن كانت له قيمة أو رد البيع ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
صفحة : 849
باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري قال الشافعي أخبرنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ مثله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى تزهى قيل يا رسول الله وما تزهى قال حتى تحمر وقال رسول الله ﷺ أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقفي عن حميد عن أنس أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع ثمرة النخل حتى تزهو قيل وما تزهو قال حتى تحمر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الرجال عن عمرة أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله ابن سراقة عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة قال عثمان فقلت لعبد الله متى ذاك قال طلوع الثريا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي معبد قال الربيع أظنه عن ابن عباس أنه كان يبيع الثمر من غلامه قبل أن يطعم وكان لا يرى بينه وبين غلامه ربا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء بن جابر إن شاء الله أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه قال ابن جريج فقلت أخص جابر النخل أو الثمر قال بل النخل ولا نرى كل ثمرة إلا مثله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن طاووس أنه سمع ابن عمر يقول لا يبتاع الثمر حتى يبدو صلاحه وسمعنا ابن عباس يقول لا تباع الثمرة حتى تطعم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينه عن حميد بن قيس عن سليمان بن عتيق عن جابر ابن عبد الله أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع السنين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ﷺ مثله وبهذا كله نقول وفي سنن رسول الله صلى
صفحة : 850
الله عليه وسلم دلائل منها أن بدو صلاح الثمر الذي أحل رسول الله ﷺ بيعه أن يحمر أو يصفر ودلالة إذ قال إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه أنه إنما نهى عن بيع الثمرة التي تترك حتى تبلغ غاية إبانها لا أنه نهى عما يقطع منها وذلك أن ما يقطع منها لا آفة تأتي عليه تمنعه إنما منع ما يترك مدة تكون فيها الآفة والبلح وكل ما دون البسر يحل بيعه ليقطع مكانه لأنه خارج عما نهى عنه رسول الله ﷺ من البيوع داخل فيما أحل الله من البيع قال ولا يحل بيعه قبل أن يبدو صلاحه ليترك حتى يبلغ إبانه لأنه داخل في المعنى الذي أمر به رسول الله ﷺ أن لا يباع حتى يبلغه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال لا يباع حتى يؤكل من الرطب قليل أو كثير قال ابن جريج فقلت له أرأيت إن كان مع الرطب بلح كثير قال نعم سمعنا إذا أكل منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء الحائط تكون فيه النخلة فتزهى فيؤكل منها قبل الحائط والحائط بلح قال حسبه إذا أكل منه فليبع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء وكل ثمرة كذلك لا تباع حتى يؤكل منها قال نعم قال ابن جريج فقلت من عنب أو رمان أو فرسك قال نعم قال ابن جريج فقلت له أرأيت إذا كان شيء من ذلك يخلص ويتحول قبل أن يؤكل منه أيبتاع قبل أن يؤكل منه قال لا ولا شيء حتى يؤكل منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء قال كل شيء تنبته الأرض مما يؤكل من خربز أو قثاء أو بقل لا يباع حتى يؤكل منه كهيئة النخل قال سعيد إنما يباع البقل صرمة صرمة قال الشافعي والسنة يكتفي بها من كل ما ذكر معها غيرها فإذا نهى رسول الله ﷺ عن بيع الثمر إلى أن يخرج من أن يكون غضا كله فأذن فيه إذا صار منه أحمر أو أصفر فقد أذن فيه إذا بدا فيه النضج واستطيع أكله خارجا من أن يكون كله بلحا وصار عامته منه وتلك الحال التي أن يشتد اشتدادا يمنع في الظاهر من العاهة لغلظ نواته في عامة وإن لم يبلغ ذلك منه مبلغ الشدة وإن لم يبلغ هذا الحد فكل ثمرة من أصل فهي مثله لا تخالفه إذا خرجت ثمرة واحدة يرى معها كثمرة النخل يبلغ أولها أن يرى فيه أول النضج حل بيع تلك الثمرة كلها وسواء كل ثمرة من أصل يثبت أو لا يثبت لأنها في معنى ثمر النخل إذا كانت كما وصفت تنبت فيراها المشتري ثم لا ينبت بعدها في ذلك الوقت شيء لم يكن ظهر وكانت ظاهرة لا كمام دونها تمنعها من أن ترى كثمرة النخلة أخبرنا الربيع قال أخبرنا
صفحة : 851
الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء فما لا يؤكل منه الحناء والكرسف والقضب قال نعم لا يباع حتى يبدو صلاحه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء القضب يباع منه قال لا إلا كل صرمة عند صلاحها فإنه لا يدري لعله تصيبه في الصرمة الأخرى عاهة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن إنسانا سأل عطاء فقال الكرسف يجنى في السنة مرتين فقال لا إلا عند كل إجناءة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن زيادا أخبره عي ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول في الكرسف تبيعه فلقة واحدة قال يقول فلقة واحدة إجناءة واحدة إذا فتح قال ابن جريج وقال زياد والذي قلنا عليه إذا فتح الجوز بيع ولم يبع ما سواه قال تلك إجناءة واحدة إذا فتح قال الشافعي ما قال عطاء وطاوس من هذا كما قالا إن شاء الله تعالى وهو معنى السنة والله تعالى أعلم فكل ثمرة تباع من المأكول إذا أكل منها وكل ما لم يؤكل فإذا بلغ أن يصلح أن ينزع بيع قال وكل ما قطع من أصله مثل القضب فهو كذلك لا يصلح أن يباع إلا جزة عند صرامة وكذلك كل ما يقطع من أصله لا يجوز أن يباع إلا عند قطعة لا يؤخره عن ذلك وذلك مثل القضب والبقول والرياحين والقصل وما أشبهه وتفتيح الكرسف أن تنشق عنه قشرته حتى يظهر الكرسف ولا يكون له كمام تستره وهو عندي يدل على معنى ترك تجويز ما كان له كمام تستره من الثمرة فإن قيل كيف قلت لا يجوز أن يباع القضب إلا عند صرامة فصرامة بدو صلاحه قال فإن قيل فقد يترك الثمر بعد أن يبدو صلاحه قيل الثمرة تخالفه في هذا الموضع فيكون الثمن إذا بدا صلاحه لا يخرج منه شيء من أصل شجرته لم يكن خرج إنما يتزيد في النضج والقضب إذا ترك خرج منه شيء يتيمز من أصل شجرته لم يقع عليه البيع ولم يكن ظاهرا يرى وإذا حرم رسول الله ﷺ بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها وهي ترى كان بيع ما لم ير ولم يبد صلاحه أحرم لأنه يزيد عليها أن لا يرى وإن لم يبد صلاحه فيكون المشتري اشترى قضبا طوله ذراع أو أكثر فيدعه فيطول ذراعا مثله أو أكثر فيصير المشتري أخذ مثل ما اشترى مما لم يخرج من الأرض بعد ومما إذا خرج لم تقع عليه صفقة البيع وإذا ترك كان للمشتري منه ما ينفعه وليس في الثمرة شيء إذا أخذت غضة قال وإذا أبطلنا البيع في القضب على ما وصفنا كان أن يباع القضب سنة أو أقل أو أكثر أو صرمتين أبطل لأن ذلك بيع ما لم يخلق ومثل بيع جنين الأمة وبيع النخل معاومة وقد نهى رسول الله ﷺ عنه وعن أن يحوز
صفحة : 852
منه من الثمرة ثمرة قد رؤيت إذا لم تصر إلى أن تنجو من العاهة قال فأما بيع الخربز إذا بدا صلاحه فللخربز نضج كنضج الرطب فإذا رؤى ذلك فيه جاز بيع خربزه في تلك الحال وأما القثاء فيؤكل صغارا طيبا فبدو صلاحه أن يتناهى عظمه أو عظم بعضه ثم يترك حتى تتلاحق صغاره إن شاء مشتريه كما يترك الخربز حتى تنضج صغاره إن شاء مشتريه ويأخذه واحدا بعد واحد كما يأخذ الرطب ولا وجه لقول من قال لا يباع الخربز ولا القثاء حتى يبدو صلاحهما ويجوز إذا بدا صلاحهما أن يشتريهما فيكون لصاحبهما ما ينبت أصلهما يأخذ كل ما خرج منهما فإن دخلتهما آفة بشيء يبلغ الثلث وضع عن المشترى قال وهذا عندي والله تعالى أعلم من الوجوه التي لم أكن أحسب أحدا يغلط إلى مثلها وقد نهى رسول الله ﷺ عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها لئلا تصيبها العاهة فكيف لا ينهى عن بيع ما لم يخلق قط وما تأتي العاهة على شجره وعليه في أول خروجه وهذا محرم من مواضع من هذا ومن بيع السنين ومن بيع ما لم يملك وتضمين صاحبه وغير وجه فكيف لا يحل مبتدأ بيع القثاء والخربز حتى يبدو صلاحهما كما لا يحل بيع الثمر حتى يبدو صلاحه وقد ظهرا ورئيا ويحل بيع ما لم ير منهما قط ولا يدري يكون أم لا يكون ولا إن كان كيف يكون ولا كم ينبت أيجوز أن يشتري ثمر النخل قد بدا صلاحه ثلاث سنين فيكون له فإن كان لا يجوز إلا عند كل ثمرة وبعد أن يبدو وصلاحها لم يجز في القثاء والخربز إلا ذلك وليس حمل القثاء مرة يحل بيع حمله ثانية ولم يكن حمله بعد ولحمل النخل أولى أن لا يخلف في المواضع التي لا تعطش وأقرب من حمل القثاء الذي إنما أصله بقلة يأكلها الدود ويفسدها السموم والبرد وتأكلها الماشية ويختلف حملها ولو جاز هذا جاز شراء أولاد الغنم وكل أنثى وكان إذا اشترى ولد شاة قد رآه جاز أن يشتري ولدها ثانية ولم يره وهذا لا يجوز أو رأيت إذا جنى القثاء أول مرة ألف قثاء وثانية خمسمائة وثالثة ألفا ثم انقطع أصله كيف تقدر الجائحة فيما لم يخلق بعد أعلى ثلث اجتنائه مثل الأول أو أقل بكم أو أكثر بكم أو رأيت إذا اختلف نباته فكان ينبت في بلد أكثر منه في بلد وفي بلد واحد مرة أكثر منه في بلد مرارا كيف تقدر الجائحة فيه وكيف إن جعلنا لمن اشتراه كثير حمله مرة أيلزمه قليل حمله في أخرى إن كان حمله يختلف وقد يدخله الماء فيبلغ حمله أضعاف ما كان قبله ويخطئه فيقل عما كان يعرف ويتباين في حمله تباينا بعيدا قال في القياس أن يلزمه ما ظهر ولا يكون له أن يرجع بشيء قلت أفتقوله قال نعم أقوله قلت وكذلك تقول لو اشتريت صدفا فيه اللؤلؤ بدنانير
صفحة : 853
فإن وجدت فيه لولؤة فهي لك وإن لم تجد فالبيع لازم قال نعم هكذا أقول في كل مخلوق إذا اشتريت ظاهره على ما خلق فيه وإن لم يكن فيه فلا شيء لي قلت وهكذا إن باعه هذا السنبل في التبن حصيدا قال نعم والسنبل حيث كان قلت وهكذا إذا اشترى منه بيضا ورانجا اشترى ذلك بما فيه فإن كان فاسدا أو جيدا فهو له قال لا أقوله قلت إذا تترك أصل قولك قال فإن قلت أجعل له الخيار في السنبل من العيب قال قلت والعيب يكون فيما وصفت قبله وفيه قال فإن قلت أجعل له الخيار قلت فإذا يكون لمن اشترى السنبل أبدا الخيار لأنه لا يعرف فيه خفة الحمل من كثرته ولا يصل إلى ذلك إلا بمؤنة لها إجارة فإن كانت الإجارة على كانت على في بيع لم يوفنيه وإن كانت على صاحبي كانت عليه ولى الخيار إذا رأيت الخفة في أخذه وتركه لأني ابتعت ما لم أر ولا يجوز له أبدا بيعه في سنبله كما وصفت قال فقال بعض من حضره ممن وافقه قد غلطت في هذا وقولك في هذا خطأ قال ومن أين قال أرأيت من اشترى السنبل بألف دينار أتراه أراد كمامه التي لا تسوى دينارا كلها قال فنقول اراد ماذا قال أقول أراد الحب قال فنقول لك أراد مغيبا قال نعم قال فنقول لك أفله الخيار إذا رآه قال نعم قال فنقول لك فعلى من حصاده ودراسه قال على المشتري قال فنقول لك فإن اختار رده أيرجع بشيء من الحصاد والدراس قال لا وله رده من عيب وغير عيب قال فنقول لك فإن أصابته آفة تهلكه قبل يحصده قال فيكون من المشتري لأنه جزاف متى شاء أخذه كما يبتاع الطعام جزافا فإن خلاه وإياه فهلك كان منه قال الشافعي فقلت له أراك حكمت بأن لمبتاعه الخيار كما يكون له الخيار إذا ابتاع بزا في عدل لم يره وجارية في بيت لم يرها أرأيت لو احترق العدل أو ماتت الجارية وقد خلى بينه وبينها أيكون عليه الثمن أو القيمة قال فلا أقوله وأرجع فأزعم أنه من البائع حتى يراه المشتري ويرضاه قال فقلت له فعلى من مؤنته حتى يراه المشتري قال إن قلت على المشتري قلت أرأيت إن اشترى مغيبا أليس عليه عندك أن يظهره قال بلى قلت أفهذا عدل مغيب قال فإن قلته قلت أفتجعل مالا مؤنة فيه من قمح في غرارة أو بزفى عدل وإحضار عبد غائب كمثل ما فيه مؤنة الحصاد والدراس قال لعلي أقوله قلت فاجعله كهو قال غيره منهم ليس كهو وإنما أجزناه بالأثر قلت وما الأثر قال يروى عن النبي ﷺ قلت أيثبت قال لا وليس فيما لم يثبت حجة قال ولكنا نثبته عن أنس بن مالك قلنا وهو عن أنس بن مالك ليس كما تريد ولو كان ثابتا لاحتمل أن يكون كبيع الأعيان المغيبة يكون له الخيار إذا رآها قال وكل ثمرة كانت
صفحة : 854
ينبت منها الشيء فلا يجني حتى ينبت منها شيء آخر قبل أن يؤتى على الأول لم يجز بيعها أبدا إذا لم يتميز من النبات الأول الذي وقعت عليه صفقة البيع بأن يؤخذ قبل أن يختلط بغيره مما لم يقع عليه صفقة البيع وكل ثمرة وزرع دونها حائل من قشر أو كمام وكانت إذا صارت إلى مالكيها أخرجوها من قشرها وكمامها بلا فساد عليها إذا أخرجوها فالذي أختار فيها أن لا يجوز بيعها في شجرها ولا موضوعة للحائل دونها فإن قال قائل وما حجة من أبطل البيع فيه قيل له إن شاء الله تعالى الحجة فيه أني لا أعلم أحدا يجيز أن يشتري رجل لحم شاة وإن ذبحت إذا كان عليها جلدها من قبل ما تغيب منه وتغييب الكمام الحب المتفرق الذي بينه حائل من حب الحنطة والفول والدخن وكل ما كان في قرن منه حب وبينه شيء حائل من الحب أكثر من تغييب الجلد اللحم وذلك أن تعييب الجلد اللحم إنما يجيء عن بعض عجفه وقد يكون للشاة مجسة تدل على سمانتها وعجفها ولكنها مجسة لا عيان ولا مجسة للحب في أكمامه تدل على امتلائه وضمره وذلك فيه كالسمانة والعجف ولا على عينه بالسواد و الصفرة في أكمامه وهذا قد يكون في الحب ولا يكون في لحم الشاة لأن الحياة التي فيها حائلة دون تغير اللحم بما يحيله كما تحول عن الحبة عن البياض إلى السواد بآقة في كمامها وقد يكون الكمام يحمل الكثير من الحب والقليل ويكون في البيت من بيوت القرن الحبة ولا حبة في الآخر الذي يليه وهما يريان لا يفرق بنهما ويختلف حبه بالضمرة والامتلاء والتغير فيكون كل واحد من المتبايعين قد تبايعا بما لا يعرفان قال الشافعي ولم أجد من أمر أهل العلم أن يأخذوا عشر الحنطة في أكمامها ولا عشر الحبوب ذوات الأكمام في أكمامها ولم أجدهم يجيزون أن يتبايعوا الحنطة بالحنطة في سنبلها كيلا ولا وزنا لاختلاف الأكمام والحب فيها فإذا امتنعوا من أخذ عشرها في أكمامها وإنما العشر مقاسمة عمن جعل له العشر وحق صاحب الزرع بهذا المعنى وامتنعوا من قسمتها بين أهلها في سنبلها أشبه أن يمتنعوا به في البيع ولم أجدهم يجيزون بيع المسك في أوعيته ولا بيع الحب في الجرب والغرائر ولا جعلوا لصاحبه خيار الرؤية ولم ير الحب ولو أجازوه جزافا فالغرائر لا تحول دونه كمثل ما يحول دونه أكمامه ويجعلون لمن اشتراه الخيار إذا رآه ومن أجاز بيع الحب في أكمامه لم يجعل له الخيار إلا من عيب ولم أرهم أجازوا بيع الحنطة في التبن محصودة ومن أجاز بيعها قائمة انبغى أن يجيز بيعها في التبن محصودة ومدروسة وغير منقاة وانبغى أن يجيز بيع حنطة وتبن في غرارة فإن قال لا تتميز الحنطة فتعرف من التبن فكذلك لا تتميز قائمة فتعرف في سنبلها
صفحة : 855
فإن قال فأجيز بيع الحنطة في سنبلها وزرعها لأنه يملك الحنطة وتبنها وسنبلها لزمه أن يجز بيع حنطة في تبنها وحنطة في تراب وأشباه هذا قال الشافعي وجدت النبي ﷺ أخذ زكاة حمل النخل بخرص لظهوره ولا حائل دونه ولم أحفظ عنه ولا عن أحد من أهل العلم أن شيئا من الحبوب تؤخذ زكاته بخرص ولو احتاج إليه أهله رطبا لأنه لا يدرك علمه كما يدرك علم ثمرة النخل والعنب مع أشياء شبيهة بهذا قال وبيع التمر فيه النوى جائز من قبل أن المشترى المأكول من التمر ظاهر وأن النواة تنفع وليس من شأن أحد أن يخرج النوى من التمر وذلك أن التمرة إذا جنيت منزوعة النوى تغيرت بالسناخ والضمر ففتحت فتحا ينقص لونها وأسرع إليها الفساد ولا يشبه الجوز والرطب من الفاكهة الميبسة وذلك أنها إذا رفعت في قشورها ففيها رطوبتان رطوبة النبات التي تكون قبل البلوغ ورطوبة لا تزايلها من لين الطباع لا يمسك تلك الرطوبة عليها إلا قشورها فإذا زايلتها قشورها دخلها اليبس والفساد بالطعم والريح وقلة البقاء وليس تطرح تلك القشور عنها إلا عند استعمالها بالأكل وإخراج الدهن وتعجيل المنافع ولم أجدها كالبيض الذي إن طرحت قشرته ذهب وفسد ولا إن طرحت وهي منضج لم تفسد والناس إنما يرفعون هذا لأنفسهم في قشره والتمر فيه نواه لأنه لا صلاح له إلا به وكذلك يتبايعونه وليس يرفعون الحنطة والحبوب في أكمامها ولا كذلك يتبايعونه في أسواقهم ولا قراهم وليس بفساد على الحبوب طرح قشورها عنها كما يكون فسادا على التمر إخراج نواه والجوز واللوز والرانج وما أشبهه يسرع تغيره وفساده إذا ألقى ذلك عنه وادخر وعلى الجوز قشرتان قشرة فوق القشرة التي يرفعها الناس عليه ولا يجوز بيعه وعليه القشرة العليا ويجوز وعليه القشرة التي إنما يرفع وهي عليه لأنه يصلح بغير العليا ولا يصلح بدون السفلى وكذلك الرانج وكل ما كانت عليه قشرتان وقد قال غيري يجوز بيع كل شيء من هذا إذا يبس في سنبله ويروى فيه عن ابن سيرين أنه أجازه وروى فيه شيئا لا يثبت مثله عمن هو أعلى من ابن سيرين ولو ثبت اتبعناه ولكنا لم نعرفه ثبت والله تعالى أعلم ولم يجز في القياس إلا إبطاله كله والله تعالى أعلم قال ويجوز بيع الجوز واللوز والرانج وكل ذي قشرة يدخره الناس بقشرته مما إذا طرحت عنه القشرة ذهبت رطوبته وتغير طعمه ويسرع الفساد إليه مثل البيض والموز في قشوره فإن قال قائل ما فرق بين ما أجزت في قشوره وما لم تجز منه قيل له إن شاء الله تعالى إن هذا لا صلاح له مدخورا إلا بقشره ولو طرحت عنه قشرته لم يصلح أن يدخر وإنما يطرح الناس عنه قشرته عندما يريدون أكله أو عصر
صفحة : 856
ما عصر منه وليست تجمع قشرته إلا واحدة منه أو توأما لواحد وأن ما على الحب من الأكمام يجمع الحب الكثير تكون الحبة والحبتان منها في كمام غير كمام صاحبتها فتكون الكمام منها ترى ولا حب فيها والأخرى ترى وفيها الحب ثم يكون مختلفا أو يدق على أن يكون تضبط معرفته كما تضبط معرفة البيضة التي تكون ملء قشرتها والجوزة التي تكون ملء قشرتها واللوزة التي قلما تفصل من قشرتها لامتلائها وهذا إنما يكون فساده بتغير طعمه أو بأن يكون لا شيء فيه وإذا كان هكذا رد مشتريه بما كان فاسدا منه على بيعه وكان ما فسد منه يضبط والحنطة قد تفسد بما وصفت ويكون لها فساد بأن تكون مستحشفة ولو قلت أرده بهذا لم أضبطه ولم أخلص بعض الحنطة من بعض لأنها إنما تكون مختلطة وليس من هذا واحد يعرف فساده إلا وحده فيرد مكانه ولا يعرف فساد حب الحنطة إلا مختلطا وإذا اختلط خفي عليك كثير من الحب الفاسد فأجزت عليه بيع ما لم ير وما يدخله ما وصفت باب الخلاف في بيع الزرع قائما قال الشافعي رحمه الله فخالفنا في بيع الحنطة في سنبلها وما كان في معناها بعض الناس واجتمعوا على إجازتها وتفرقوا في الحبوب في بعض ما سألناهم عنه من العلة في إجازتها فقلت لبعضهم أتجيزها على ما أجزت عليه بيع الحنطة القائمة على الموضع الذي اشتريتها فيه أو حاضرة ذلك الموضع غائبة عن نظر المشترى بغرارة أو جراب أو وعاء ما كان أو طبق قال لا وذلك أني لو أجزتها لذلك المعنى جعلت له الخيار إذا رآها قلت فبأي معنى أجزتها قال بأنه ملك السنبلة فله ما كان مخلوقا فيها إن كان فيها خلق ما كان الخلق وبأي حال معيبا وغير معيب كما يملك الجارية فيكون له ولدان كان فيها وكانت ذات ولد أو لم تكن أو كان ناقصا أو معيبا لم أرده بشيء ولم أجعل له خيارا فقلت له أما ذوات الأولاد فمقصود بالبيع قصد أبدانهن يشترين للمنافع بهن وما وصفت في أولادهن كما وصفت في الشجر كما وصفت أفي السنبلة شيء يشترى غير المغيب فيكون المغيب لا حكم له كالولد وذات الولد والثمرة في الشجرة ام لا قال وما تعني بهذا قلت أرأيت إذا اشتريت ذات ولد أليس إنما تقع الصفقة عليها دون ولدها فكذلك ذات حمل من الشجر فإن أثمرت أو ولدت الأمة كان لك بأنه لا حكم له إلا حكم أمه ولا للثمر إلا حكم شجرة ولا حصة لواحد منهما من الثمن وإن لم يكونا لم ينقص الثمن وإن كان مثمرا كثيرا وسالما أو لم يكن أو معيبا فللمشتري أفهكذا الحنطة عندك في أكمامها قال فإن قلت
صفحة : 857
نعم قلت فما المبيع قال فإن قلت ما ترى قلت فإن لم أجد فيما أرى شيئا قال يلزمني أن أقول يلزمه كالجارية إذا لم يكن في بطنها ولد وليس كهي لأن المشتري الأمة لاحملها والمشتري الحب لاكمامه فهما مختلفان هنا ومخالف للجوز وما أشبهه لأن ادخار الحب بعد خروجه من أكمامه وادخار اللوز وشبهه بقشره فهذا يدخله ما وصفت وليس يقاس بشيء من هذا ولكنا اتبعنا الأثر قلت لو صح لكنا أتبع له باب بيع العرايا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي ﷺ نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه وعن بيع التمر بالتمر قال عبد الله وحدثنا زيد بن ثابت أن النبي ﷺ أرخص في العرايا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن إسمعيل الشيباني أو غيره قال بعت ما في رؤوس نخلى بمائة وسق إن زاد فلهم وإن نقص فعليهم فسألت ابن عمر فقال نهى رسول الله ﷺ عن هذا إلا أنه أرخص في بيع العرايا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله ﷺ أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي احمد عن أبي هريرة أن النبي ﷺ أرخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق شك داود قال خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق قال الشافعي وقيل لمحمود بن لبيد أو قال محمود بن لبيد لرجل من أصحاب النبي ﷺ إما زيد بن ثابت وإما غيره ما عراياكم هذه قال فلان وفلان وسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي ﷺ أن الرطب يأنى ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطبا يأكلونه مع الناس وعندهم فضول من قوتهم من التمر فرخص لهم أن يتبايعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبا قال وحديث سفيان يدل على مثل هذا الحديث أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار قال سمعت سهل ابن أبي حثمة يقول نهى رسول الله ﷺ عن بيع التمر بالتمر إلا أنه رخص في العرية أن تباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن رسول الله صلى
صفحة : 858
الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمزابنة بيع التمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرايا قال الشافعي والأحاديث قبله تدل عليه إذا كانت العرايا داخلة في بيع الرطب بالتمر وهو منهي عنه في المزابنة وخارجة من أن يباع مثلا بمثل بالكيل فكانت داخلة في معان منهي عنها كلها خارجة منه منفردة بخلاف حكمه إما بأن لم يقصد بالنهي قصدها وإما بأن أرخص فيها من جملة ما نهى عنه والمعقول فيها أن يكون أذن لمن لا يحل له أن يبتاع بتمر من النخل ما يستجنيه رطبا كما يبتاعه بالدنانير والدراهم فيدخل في معنى الحلال أو يزايل معنى الحرام وقوله ﷺ يأكلها أهلها رطبا خير أن مبتاع العرية يبتاعها ليأكلها يدل على أنه لا رطب له في موضعها يأكله غيرها ولو كان صاحب الحائط هو المرخص له أن يبتاع العرية ليأكلها كان له حائطه معها أكثر من العرايا فأكل من حائطه ولم يكن عليه ضرر إلى أن يبتاع العرية التي هي داخلة في معنى ما وصفت من النهي قال ولا يبتاع الذي يشتري العرية بالتمر العرية إلا بأن تخرص العرية كما تخرص للعشر فيقال فيها الآن وهي رطب كذا وإذا تيبس كان كذا ويدفع من التمر مكيلة حرزها تمرا يؤدي ذلك إليه قبل أن يتفرقا فإن تفرقا قبل دفعه فسد البيع وذلك أنه يكون حينئذ تمر بتمر أحدهما غائب والآخر حاضر وهذا محرم في سنة رسول الله ﷺ وإجماع أكثر فقهاء المسلمين قال ونهى رسول الله ﷺ عن أن تباع العرايا إلا في خمسة أوسق أو دونها دلالة على ما وصفت من أنه إنما رخص فيها لمن لا تحل له وذلك أنه لو كان كالبيوع غيره كان بيع خمسة ودونها وأكثر منها سواء ولكنه أرخص له فيه بما يكون مأكولا على التوسع له ولعياله ومنع ما هو أكثر منه ولو كان صاحب الحائط المرخص له خاصة لأذى الداخل عليه الذي أعراه وكان إنما أرخص له لتنحية الأذى كان أذى الداخل عليه في أكثر من خمسة أوسق مثل أو أكثر من أذاه فيما دون خمسة أوسق فإذا حظر عليه أن يشتري إلا خمسة أوسق لزمه الأذى إذا كان قد أعرى أكثر من خمسة أوسق قال فمعنى السنة والذي أحفظ عن أكثر من لقيت ممن أجاز بيع العرايا أنها جائزة لمن ابتاعها ممن لا يحل له في موضعها مثلها بخرصها تمرا وأنه لا يجوز البيع فيها حتى يقبض النخلة بثمرها ويقبض صاحب النخلة التمر بكيله قال ولا يصلح أن يبيعها بجزاف من التمر لأنه جنس لا يجوز في بعضه ببعض الجزاف وإذا بيعت العرية بشيء من المأكول أو المشروب غير التمر فلا بأس أن يباع جزافا ولا يجوز بيعها حتى يتقابضا قبل أن يتفرقا وهو حينئذ مثل بيع التمر بالحنطة والحنطة بالذرة ولا يجوز أن يبيع
صفحة : 859
صاحب العرية من العرايا إلا خمسة أوسق أو دونها وأحب إلي أن يكون المبيع دونها لأنه ليس في النفس منه شيء قال وإذا ابتاع خمسة أوسق لم أفسخ البيع ولم أقسط له وإن ابتاع أكثر من خمسة أوسق فسخت العقدة كلها لأنها وقعت على ما يجوز ومالا يجوز قال ولا بأس أن يبيع صاحب الحائط من غير واحد عرايا كلهم يبتاعون دون خمسة أوسق لأن كل واحد منهم لم يحرم على الافتراق للترخيص له أن يبتاع هذه المكيلة وإذا حل ذلك لكل واحد منهم لم يحرم على رب الحائط أن يبيع ماله وكان حلالا لمن أبتاعه ولو أتى ذلك على جميع حائطه قال والعرايا من العنب كهى من التمر لا يختلفان لأنهما يخرصان معا قال وكل ثمرة ظاهرة من أصل ثابت مثل الفرسك والمشمش والكمثرى والأجاص ونحو ذلك مخالفة للتمر والعنب لأنها لا تخرص لتفرق ثمارها والحائل من الورق دونها وأحب إلى أن لا تجوز بما وصفت ولو قال رجل هي وإن لم تخرص فقد رخص منها فيما حرم من غيرها أن يباع بالتحري فأجيزه كان مذهبا والله أعلم قال فإذا بيعت العرايا بمكيل أو موزون من المأكول أو المشروب لم يجز أن يتفرقا حتى يتقابضا والمعدود من المأكول والمشروب عندي بمنزلة المكيل والموزون لأنه مأكول وموزون يحل وزنه أو كيله وموجود من يزنه ويكيله وإذا بيعت بعرض من العروض موصوف بمثل ثوب من جنس يذرع وخشبة من جنس يذرع وحديد موصوف يوزن وصفر وكل ما عدا المأكول والمشروب مما تقع عليه الصفقة من ذهب أو ورق أو حيوان وقبض المشتري العرية وسمي أجلا للثمن كان حلالا والبيع جائز فيها كهو في طعام موضوع ابتيع بعرض وقبض الطعام ولم يقبض العرض إما كان حالا فكان لصاحبه قبضه من بيعه متى شاء وإما كان إلى أجل فكان له قبضه منه عند انقضاء مدة الأجل قال ولا تباع العرايا بشيء من صنفه جزافا لا تباع عرية النخل بتمره جزا فأولا بتمرة نخلة مثلها ولا أكثر لأن هذا محرم إلا كيلا بكيل إلا العرايا خاصة لأن الخرص فيها يقوم مقام الكيل بالخبر عن رسول الله ﷺ ويباع تمر نخلة جزافا بثمر عنبة وشجرة وغيرها جزافا لأنه لا بأس بالفضل في بعض هذا على بعض موضوعا بالأرض والذي أذهب إليه أن لا بأس أن يبتاع الرجل العرايا فيما دون خمسة أوسق وإن كان موسرا لأن النبي ﷺ إذ أحلها فلم يستثن فيها أنها تحل لأحد دون أحد وإن كان سببها بما وصفت فالخبر عنه ﷺ جاء بإطلاق إحلالهما ولم يحظره على أحد فنقول يحل لك ولمن كان مثلك كما قال في الضحية بالجذعة تجزيك ولا تجزي غيرك وكما حرم الله عز وجل الميتة فلم يرخص
صفحة : 860
فيها إلا للمضطر وهي بالمسح على الخفين أشبه إذا مسح رسول الله ﷺ مسافرا فلم يحرم على مقيم أن يمسح وكثير من الفرائض قد نزلت بأسباب قوم فكان لهم وللناس عامة إلا ما بين الله عز وجل أنه أحل لمعنى ضرورة أو خاصة قال ولا بأس إذا اشترى رجل عرية أن يطعم منها ويبيع لأنه قد ملك ثمرتها ولا بأس أن يشتريها في الموضع من له حائط بذلك الموضع لموافقة ثمرتها أو فضلها أو قربها لأن الإحلال عام لا خاص إلا أن يخص بخبر لازم قال وإن حل لصاحب العرية شراؤها حل له هبتها وإطعامها وبيعها وادخارها وما يحل له من المال في ماله وذلك انك إذا ملكت حلالا حل لك هذا كله فيه وأنت ملكت العرية حلالا قال والعرايا ثلاثة أصناف هذا الذي وصفنا أحدهما وجماع العرايا كل ما أفرد ليأكله خاصة ولم يكن في جملة البيع من ثمر الحائط إذا بيعت جملته من واحد والصنف الثاني أن يخص رب الحائط القوم فيعطى الرجل ثمر النخلة وثمر النخلتين وأكثر عرية يأكلها وهذه في معنى المنحة من الغنم يمنح الرجل الرجل الشاة أو الشاتين أو أكثر ليشرب لبنها وينتفع به وللمعرى أن يبيع ثمرها ويتمره ويصنع فيه ما يصنع في ماله لأنه قد ملكه قال والصنف الثالث من العرايا أن يعرى الرجل الرجل النخلة وأكثر من حائطه ليأكل ثمرها ويهديه ويتمره ويفعل فيه ما أحب ويبيع ما بقي من ثمر حائطه فتكون هذه مفردة من المبيع منه جملة قال الشافعي رحمه الله وقد روى أن مصدق الحائط يأمر الخارص أن يدع لأهل البيت من حائطهم قدر ما يراهم يأكلون ولا يخرصه ليأخذ زكاته وقيل قياسا على ذلك أنه يدع ما أعرى للمساكين منها فلا يخرصه وهذا موضوع بتفسيره في كتاب الخرص ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
صفحة : 861
باب العرية قال الشافعي رحمه الله والعرية التي رخص رسول الله ﷺ في بيعها أن قوما شكوا إلى رسول الله ﷺ أن الرطب يحضر وليس عندهم ما يشترون به من ذهب ولا ورق وعندهم فضول تمر من قوت سنتهم فرخص لهم رسول الله ﷺ أن يشتروا العرية بخرصها تمرا يأكلونها رطبا ولا تشتري بخرصها إلا كما سن رسول الله ﷺ أن تخرص رطبا فيقال مكيلته كذا وينقص كذا إذا صار تمرا فيشتريها المشتري لها بمثل كيل ذلك التمر ويدفعه إليه قبل أن يتفرقا فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فالبيع فاسد ولا يشتري من العرايا إلا أقل من خمسة أوسق بشيء ما كان فإذا كان أقل من خمسة أوسق جاز البيع وسواء الغني والفقير في شراء العرايا لأن رسول الله ﷺ لما نهى عن بيع الرطب بالتمر والمزابنة والعرايا تدخل في جملة اللفظ لأنها جزاف بكيل وترم برطب استدللنا على أن العرايا ليست مما نهى عنه غني ولا فقير ولكن كان كلامه فيها جملة عام المخرج يريد به الخاص وكما نهى عن صلاة بعد الصبح والعصر وكان عام المخرج ولما أذن في الصلاة للطواف في ساعات الليل والنهار وأمر من نسي صلاة أن يصليها إذا ذكرها فاستدللنا على أن نهيه ذلك العام إنما هو على الخاص والخاص أن يكون نهى عن أن يتطوع الرجل فأما كل صلاة لزمته فلم ينه عنه وكما قال البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه وقضى بالقسامة وقضى باليمين مع الشاهد فاستدللنا على أنه إنما اراد بجملة المدعي والمدعى عليه خاصا وأن اليمين مع الشاهد والقسامة استثناء مما أراد لأن المدعي في القسامة يحلف بلا بينة والمدعي مع الشاهد يحلف ويستوجبان حقوقهما والحاجة في العرية والبيع وغيرهما سواء قال الشافعي ولا تكون العرايا إلا في النخل والعنب لأنه لا يضبط خرص شيء غيره ولا بأس أن يبيع ثمر حائطه كله عرايا إذا كان لا يبيع واحدا منهم إلا أقل من خمسة أوسق ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
صفحة : 862
باب الجائحة في الثمرة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن حميد بن قيس عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع السنين وأمر بوضع الجوائح قال الشافعي سمعت سفيان يحدث هذا الحديث كثيرا في طول مجالستي له لا أحصى ما سمعته يحدثه من كثرته لا يذكر فيه أمر بوضع الجوائح لا يزيد على أن النبي ﷺ نهى عن بيع السنين ثم زاد بعد ذلك وأمر بوضع الجوائح قال الشافعي قال سفيان وكان حميد يذكر بعد بيع السنين كلاما قبل وضع الجوائح لا أحفظه فكنت أكف عن ذكر وضع الجوائح لأني لا أدري كيف كان الكلام وفي الحديث امر بوضع الجوائح أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ﷺ مثله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الرجال محمد بن عبدالرحمن عن أمه عمره أنه سمعها تقول ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله ﷺ فعالجه واقام فيه حتى تبين له النقصان فسأل رب الحائط أن يضع عنه فحلف أن لا يفعل فذهبت أم المشتري إلى رسول الله ﷺ فذكرت ذلك له فقال رسول الله ﷺ تألى أن لا يفعل خيرا فسمع بذلك رب المال فأتى إلى رسول الله ﷺ فقال يارسول الله هو له قال الشافعي قال سفيان في حديثه عن جابر عن النبي ﷺ في وضع الجوائح ما حكيت فقد يجوز أن يكون الكلام الذي لم يحفظه سفيان من حديث حميد يدل على أن أمره بوضعها على مثل أمره بالصلح على النصف وعلى مثل أمره بالصدقة تطوعا حضا على الخير لا حتما وما أشبه ذلك ويجوز غيره فلما احتمل الحديث المعنيين معا ولم يكن فيه دلالة على أيهما أولى به لم يجز عندنا أن نحكم والله أعلم على الناس بوضع ما وجب لهم بلا خبر عن رسول الله ﷺ يثبت بوضعه قال الشافعي وحديث مالك عن عمرة مرسل وأهل الحديث ونحن لا نثبت مرسلا قال الشافعي ولو ثبت حديث عمرة كانت فيه والله تعالى أعلم دلالة على أن لا توضع الجائحة لقولها قال رسول الله ﷺ تألى أن لا يفعل خيرا ولو كان الحكم عليه أن يضع الجائحة لكان أشبه أن يقول ذلك لازم له حلف أو لم يحلف وذلك أن كل من كان عليه حق قيل هذا يلزمك أن تؤديه إذا امتنعت من حق فأخذ منك بكل حال قال وإذا اشترى الرجل الثمرة فخلى بينه وبينها فأصباتها جائحة فلا نحكم له على البائع أن يضع عنه من
صفحة : 863
ثمنها شيئا قال ولو لم يكن سفيان وهن حديثه بما وصفت وثبتت السنة بوضع الجائحة وضعت كل قليل وكثير أصيب من السماء بغير جناية أحد عليه فأما أن يوضع الثلث فصاعدا ولا يوضع ما دون الثلث فهذا لا خبر ولا قياس ولا معقول قال ولو صرت إلى وضع الجائحة ما كانت الحجة فيها إلا اتباع الخبر لو ثبت ولا أقول قياسا على الدار إذا تكاراها سنة أو أقل فاقبضها على الكراء فتنهدم الدار ولم يمض من السنة إلا يوم أو قد مضت إلا يوم فلا يجب على إلا إجارة يوم أو يجب على إجارة سنة إلا يوم وذلك أن الذي يصل إلى منفعة الدار ما كانت الدار في يدي فإذا انقطعت منفعة الدار بانهدامها يجب على كراء ما لم أجد السبيل إلى أخذه فإن قال قائل فما منعك أن تجعل ثمرة النخل قياسا على ما وصفت من كراء الدار وأنت تجيز بيع ثمر النخل فيترك إلى غاية في نخله كما تجيز أن يقبض الدار ويسكنها إلى مدة قال الشافعي فقيل له إن شاء الله تعالى الدار تكتري سنة ثم تنهدم من قبل تمام السنة مخالفة للثمرة تقبض من قبل أن سكانها ليس بعين ترى إنما هي بمدة تأتي فكل يوم منها يمضي بما فيه وهي بيد المكترى يلزمه الكراء فيه وإن لم يسكنها إذا خلى بينه وبينها والثمرة إذا ابتيعت وقبضت وكلها في يد المشتري يقدر على أن يأخذها كلها من ساعته ويكون ذلك له وإنما يرى تركه إياها اختيارا لتبلغ غاية يكون له فيها أخذه قبلها وقد يكون رطبا يمكنه أخذه وبيعه وتيبيسه فيتركه ليأخذه يوما بيوم ورطبا ليكون أكثر قيمة إذا فرقة في الأيام وأدوم لأهله فلو زعمت أني أضع الجائحة بعد أن يرطب الحائط كله أو أكثره ويمكن فيه أن يقطع كله فيباع رطبا وإن كان ذلك أنقص لمالك الرطب أو ييبس تمرا وإن كان ذلك أنقص على مالكه زعمت أني أضع عنه الجائحة وهو تمر وقد ترك قطعه وتمييزه في وقت يمكنه فيه إحرازه وخالفت بينه وبين الدار التي إذا ترك سكناها سنة لزمه كراؤها كما يلزمه لو سكنها لأنه ترك ما كان قادرا عليه قال ولو جاز أن يقاس على الدار بما وصفت جاز ذلك ما لم يرطب لأن ذلك ليس وقت منفعتها والحين الذي لا يصلح أن يتمر فيه وأما بعد ما يرطب فيختلفان قال وهذا مما استخير الله فيه ولو صرت إلى القول به صرت إلى ما وصفت من وضع قبضة رطبا أو بسرا لو ذهب منه كما أصير إلى وضع كراء يوم من الدار لو انهدمت قبله وكما أصير إلى وضع قبضة حنطة لو ابتاع رجل صاعا فاستوفاه إلا قبضة فاستهلكه لم يلزمه ثمن ما لم يصل إليه ولا يجوز أن يوضع عنه الكثير بمعنى أنه لم يصل إليه ولا يوضع عنه القليل وهو في معناه ولو صرت إلى وضعها فاختلفا في الجائحة فقال البائع لم
صفحة : 864
تصبك الجائحة أو قد أصابتك فأذهبت لك فرقا وقال المشتري بل أذهبت لي ألف فرق كان القول قول البائع مع يمينه لأن الثمن لازم للمشتري ولا يصدق المشتري على البراءة منه بقوله وعلى المشتري البينة بما ذهب له قال وجماع الجوائح كل ما أذهب الثمرة أو بعضها بغير جناية آدمي قال ويدخل على من وضع الجائحة من قبل أن المشتري لم يقبض الثمرة زعم وأن جناية الآدميين جائحة توضع لأني إذا وضعت الجائحة زعمت أن البائع لا يستحق الثمن إلا إذا قبضت كما لا يستحق الكراء إلا ما كانت السلامة موجودة في الدار وهي في يدي وكان البائع ابتاع مهلك الثمرة بقيمة ثمرته أو يكون لمشتري الثمرة الخيار بين أن يوضع عنه أو لا يوضع ويبيع مهلك ثمرته بما أهلك منها كما يكون له الخيار في عبد أبتاعه فجنى عليه قبل أن يقبضه وهذا قول فيه ما فيه قال الشافعي رحمه الله تعالى فإن قال فهل من حجة لمن ذهب إلى أن لا توضع الجائحة قيل نعم فيما روى والله أعلم من نهي رسول الله ﷺ عن بيع الثمر حتى ينجو من العاهة ويبدو صلاحه وما نهى عنه من قوله أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه ولو كان مالك الثمرة لا يملك ثمن ما اجتيح من ثمرته ما كان لمنعه أن يبيعها معنى إذا كان يحل بيعها طلعا وبلحا ويلقط ويقطع إلا أنه أمره ببيعها في الحين الذي الأغلب فيها أن تنجو من العاهة لئلا يدخل المشتري في بيع لم يغلب أن ينجو من العاهة ولو لم يلزمه ثمن ما اصابته الجائحة فجاز البيع على أنه يلزمه على السلامة ما ضر ذلك البائع والمشتري قال ولو ثبت الحديث في وضع الجائحة لم يكن في هذا حجة وأمضى الحديث على وجهه فإن قال قائل فهل روى في وضع الجائحة أو ترك وضعها شيء عن بعض الفقهاء قيل نعم لو لم يكن فيها إلا قول لم يلزم الناس فإن قيل فابنه قيل أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو ابن دينار فيمن باع ثمرا فأصابته جائحة قال ما أرى إلا أنه إن شاء لم يضع قال سعيد يعني البائع قال الشافعي وروى عن سعد بن أبي وقاص أنه باع حائطا له فاصابت مشتريه جائحة فأخذ الثمن منه ولا أدري أيثبت أم لا قال ومن وضع الجائحة فلا يضعها إلا على معنى أن قبضها قبض إن كانت السلامة ولزمه إن أصاب ثمر النخل شيء يدخله عيب مثل عطش يضمره أو جمح يناله أو غير ذلك من العيوب أن يجعل للمشتري الخيار في أخذه معيبا أورده فإن كان أخذ منه شيئا فقدر عليه رده وإن فات لزمه مثله إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل وقال يحسب عليه ما أخذ بحصته من الثمن ويرد ما بقي بما يلزمه من الثمن إلا أن يختار أن يأخذه معيبا فإن أصابته جائحة بعد
صفحة : 865
العيب رجع بحصته من الثمن لأن الجائحة غير العيب قال ولعله يلزمه لو غضب ثمرته قبل أن يقطعها أو تعدى فيها عليه وال فأخذ أكثر من صدقته أن يرجع على البائع لأنه لم يسلم له كما لو باعه عبدا لم يقبضه أو عبيدا قبض بعضهم ولم يقبض بعضا حتى عدا عاد على عبد فقتله أو غصبه أو مات موتا من السماء كان للمشتري فسخ البيع وللبائع اتباع الغاصب والجاني بجنايته وغصبه ومات العبد الميت من مال البائع وكان شبيها أن يكون جملة القول فيه أن يكون الثمر المبيع في شجره المدفوع إلى مبتاعه من ضمان البائع حتى يستوفي المشتري ما اشترى منه لا يبرأ البائع من شيء منه حتى يأخذه المشتري أو يؤخذ بأمره من شجره كما يكون من ابتاع طعاما في بيت أو سفينة كله على كيل معلوم فما استوفى المشتري برئ منه البائع وما لم يستوف حتى يسرق أو تصيبه آفة فهو من مال البائع وما أصابه من عيب فالمشتري بالخيار في أخذه أو رده قال وينبغي لمن وضع الجائحة أن يضعها من كل قليل وكثير أتلفها ويخير المشتري إن تلف منها شيء أن يرد البيع أو يأخذ الباقي بحصته من الثمن ما لم يرطب النخل عامة فإذا أرطبه عامة حتى يمكنه جدادها لا يضع من الجائحة شيئا قال وكذلك كل ما أرطبت عليه فأصابتها جائحة انبغى أن لا يضعها عنه لأنه قد خلى بينه وبين قبضها ووجد السبيل إلى القبض بالجداد فتركه إذا تركه بعد أن يمكنه أن يجده فيها حتى يكون أصل قوله فيها أن يزعم أن الثمرة مضمونة من البائع حتى يجتمع فيها خصلتان أن يسلمها إلى المشتري ويكون المشتري قادرا على قبضها بالغة صلاحها بأن ترطب فتجد لا يستقيم فيه عندي قول غير هذا وما أصيب فيها بعد إرطابه من مال المشتري قال وهذا يدخله أن المشتري قابض قادر على القطع وإن لم يرطب من قبل أنه لو قطعه قبل أن يرطب كان قطع ماله ولزمه جميع ثمنه ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
صفحة : 866
باب في الجائحة قال الشافعي وإذا اشترى الرجل الثمر فقبضه فأصابته جائحة فسواء من قبل أن يجف أو بعد ما جف ما لم يجده وسواء كانت الجائحة ثمرة واحدة أو أتت على جميع المال لا يجوز فيها إلا واحد من قولين إما أن يكون لما قبضها وكان معلوما أن يتركها إلى الجداد كان في غير معنى من قبض فلا يضمن إلا ما قبض كما يشتري الرجل من الرجل الطعام كيلا فيقبض بعضه ويهلك بعضه قبل أن يقبضه فلا يضمن ما هلك لأنه لم يقبضه ويضمن ما قبض وإما أن يكون إذا قبض الثمرة كان مسلطا عليها إن شاء قطعها وإن شاء تركها فما هلك في يديه فإنما هلك من ماله لا من مال البائع فأما ما يخرج من هذا المعنى فلا يجوز أن يقال يضمن البائع الثلث إن اصابته جائحة فأكثر ولا يضمن أقل من الثلث وإنما هو اشتراها بيعة واحدة وقبضها قبضة واحدا فكيف يضمن له بعض ما قبض ولا يضمن له بعضا أرأيت لو قال رجل لا يضمن حتى يهلك المال كله لأنه حينئذ الجائحة أو قال إذا هلك سهم من الف سهم هل الحجة عليهما إلا ما وصفنا قال الشافعي والجائحة من المصائب كلها كانت من السماء أو من الآدميين قال الشافعي الجائحة في كل ما اشترى من الثمار كان مما ييبس أو لا ييبس وكذلك هي في كل شيء اشترى فيترك حتى يبلغ أوانه فأصابته الجائحة دون أوانه فمن وضع الجائحة وضعه لأن كلا لم يقبض بكمال القبض وإذا باع الرجل الرجل ثمرة على أن يتركها إلى الجذاذ ثم انقطع الماء وكانت لا صلاح لها إلا به فالمشتري بالخيار بين أن يأخذ جميع الثمرة بجميع الثمن وبين أن يردها بالعيب الذي دخلها فإن ردها بالعيب الذي دخلها وقد أخذ منها شيئا كان ما أخذ منها بحصته من أصل الثمن وإن اختلفا فيه فالقول قول المشتري وإذا ابتاع الرجل من الرجل ثمر حائط فالسقي على رب المال لأنه لا صلاح للثمرة إلا به وليس على المشتري شيء فإن اختلفا في السقي فأراد المشتري منه أكثر مما يسقي البائع لم ينظر إلى قول واحد منهما ويسأل أهل العلم به فإن قالوا لا يصلحه من السقي إلا كذا جبرت البائع عليه وإن قالوا في هذا صلاحه وإن زيد كان أزيد في صلاحه لم أجبر البائع على الزيادة على صلاحه وإذا اشترط البائع على المشتري أن عليه السقي فالبيع فاسد من قبل أن السقي مجهول ولو كان معلوما أبطلناه من قبل أنه بيع وإجارة ID ' ' الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
صفحة : 867
باب الثنيا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة أن القاسم بن محمد كان يبيع ثمر حائطه ويستثنى منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو أن جده محمد بن عمرو باع حائطا له يقال له الأفراق بأربعة آلاف وساتثنى منه بثمانمائة درهم ثمرا أو تمرا أنا أشك قال الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الرجال عن أمه عمرة أنها كانت تبيع ثمارها وتستثنى منها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال قلت لعطاء أبيعك حائطي إلا خمسين فرقا أو كيلا مسمى ما كان قال لا قال ابن جريج فإن قلت هي من السواد سواد الرطب قال لا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال قلت لعطاء أبيعك نخلي إلا عشر نخلات أختارهن قال لا إلا أن تستثنى أيتهن هي قبل البيع تقول هذه وهذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء أيبيع الرجل نخله أو عنبه أو بره أو عبده أو سلعته ما كانت على أنى شريكك بالربع وبما كان من ذلك قال لا بأس بذلك أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال قلت لعطاء أبيعك ثمر حائطي بمائة دينار فضلا عن نفقة الرقيق فقال لا من قبل أن نفقة الرقيق مجهولة ليس لها وقت فمن ثم فسد قال الشافعي وما قال عطاء من هذا كله كما قال إن شاء الله وهو في معنى السنة والإجماع والقياس عليهما أو على أحدهما وذلك أنه لا يجوز بيع بثمن مجهول وإن اشترى حائطا بمائة دينار ونفقة الرقيق فالثمن مسمى غير معلوم والبيع فاسد وإذا باع ثمر حائطه واستثنى مكيلة منه فليس ما باع منه بمعلوم وقد يكون يستثنى مدا ولا يدري كم المد من الحائط أسهم من ألف سهم أم مائة سهم أم أقل أم أكثر فإذا استثنى منه كيلا لم يكن ما اشترى منه بجزاف معلوم ولا كيل مضمون ولا معلوم وقد تصيبه الآفة فيكون المد نصف ثمر الحائط وقد يكون سهما من ألف سهم منه حين باعه وهكذا إذا استثنى عليه نخلات يختارهن أو يتشررهن فقد يكون في الخيار والشرار النخل بعضه أكثر ثمنا من بعض وخيرا منه بكثرة الحمل وجودة الثمر فلا يجوز أن يستثنى من الحائط نخلا لا بعدد ولا كيل بحال ولا جزءا إلا جزء معلوما ولا نخلا إلا نخلا معلوما قال وإن باعه الحائط إلا ربعه أو نصفه أو ثلاثة أرابعه أو الحائط إلا نخلات يشير إليهن بأعيانهن فإنما وقعت الصفقة على ما لم يستثن فكان الحائط فيه مائة نخلة استثنى منهن
صفحة : 868
عشر نخلات فإنما وقعت الصفقة على تسعين بأعيانهن وإذا استثنى ربع الحائط فإنما وقعت الصفقة على ثلاثة أرباع الحائط والبائع شريك بالربع كما يكون رجال لو اشتروا حائطا مع شركاء فيما اشتروا من الحائط بقدر ما اشتروا منه قال ولو باع رجل ثمر حائطه بأربعة آلاف واستثنى منه بألف فإن كان عقد البيع على هذا فإنما باعه ثلاث أرباع الحائط فإن قال أستثنى ثمرا بالألف بسعر يومه لم يجز لأن البيع وقع غير معلوم للبائع ولا للمشتري ولا لواحد منهما قال الشافعي وهكذا من باع رجلا غنما قد حال عليها الحول أو بقرا أو إبلا فأخذت الصدقة منها فالمشترى بالخيار في رد البيع لأنه لم يسلم له ما اشترى كاملا أو أخذ ما بقي بحصته من الثمن ولكن إن باعه إبلا دون خمسة وعشرين فالبيع جائز وعلى البائع صدقة الإبل التي حال عليها الحول في يده ولا صدقة على المشتري فيها قال ومثل هذا الرجل يبيع الرجل العبد قد حل دمه عنده بردة أو قتل عمد أو حل قطع يده عنده في سرقة فيقتل فينفسخ البيع ويرجع بما أخذ منه أو يقطع فله الخيار في فسخ البيع أو إمساكه لأن العيوب في الأبدان مخالفة نقص العدد ولو كان المشتري كيلا معينا كان هكذا إذا كان ناقصا في الكيل أخذ بحصته من الثمن إن شاء صاحبه وإن شاء فسخ فيه البيع ولو قال أبيعك ثمر نخلات تختارهن لم يجز لأن البيع قد وقع على غير معلوم وليس يفسد إلا من هذا الوجه فأما أن يكون بيع ثمر بأكثر منه فهو لم يجب له شيء فكيف يبيع ما لم يجب له ولكنه لا يصلح إلا معلوما ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
صفحة : 869
باب صدقة الثمر قال الشافعي رحمه الله الثمر يباع ثمران ثمر فيه صدقة وثمر لا صدقة فيه فأما الثمر الذي لا صدقة فيه فبيعه جائز لا علة فيه لأنه كله لمن اشتراه وأما ما بيع مما فيه صدقة منه فالبيع يصح بأن يقول أبيعك الفضل من ثمر حائطي هذا عن الصدقة وصدقته العشر أو نصف العشر إن كان يسقى بنضح فيكون كما وصفنا في الاستثناء كأنه باعه تسعة أعشار الحائط أو تسعة أعشار ثمره ونصف عشر ثمره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال قلت لعطاء أبيعك ثمر حائطي هذا باربعمائة دينار فضلا عن الصدقة فقال نعم لأن الصدقة ليست لك إنما هي للمساكين قال الشافعي ولو باعه ثمر حائطه وسكت عما وصفت من أجزاء الصدقة وكم قدرها كان فيه قولان أحدهما أن يكون المشتري بالخيار في أخذ ما جاوز الصدقة بحصته من ثمن الكل وذلك تسعة أعشار الكل أو تسعة أعشار ونصف عشر الكل أو يرد البيع لأنه لم يسلم إليه كل ما اشترى والثاني إن شاء أخذ الفضل عن الصدقة بجميع الثمن وإن شاء ترك قال الربيع وللشافعي فيه قول ثالث إن الصفقة كلها باطلة من قبل أنه باعه ما ملك وما لم يملك فلما جمعت الصفقة حرام البيع وحلال البيع بطلت الصفقة كلها قال الشافعي ولو قال بائع الحائط الصدقة علي لم يلزم البيع المشتري إلا أن يشاء وذلك أن على السلطان أخذ الصدقة من الثمرة التي في يده وليس عليه أن يأخذ بمكيلتها ثمرا من غيرها قال وكذلك الرطب لا يكون تمرا لأن للسطان أن يأخذ عشر الرطب فإن صار السلطان إلى أن يضمن عشر رطبه تمرا مثل رطبه لو كان يكون تمرا أو اشترى المتشري بعدها رجوت أن يجوز الشراء فأما إن اشترى قبل هذا فهو كمن اشترى من ثمر حائط فيه العشر لما وصفت من أن يؤخذ عشره رطبا وإن من الناس من يقول يأخذ عشر ثمن الرطب لأنه شريك له فيه فإذا كان هذا هكذا فالبيع وقع على الكل ولم يسلم له وله في أحد القولين الخيار بين أن يأخذ تسعة أعشاره بتسعة أعشار الثمن أورده كله قال ومن أصحابنا من أجاز البيع بينهما إن كان قد عرف المتبايعان معا أن الصدقة في الثمرة فإنما اشترى هذا وباع هذا الفضل عن الصدقة والصدقة معروفة عندهما أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء قال إن بعت ثمرك ولم تذكر الصدقة أنت ولا بيعك فالصدقة على المبتاع قال إنما الصدقة على الحائط قال هي على المبتاع قال ابن جريج فقلت له إن بعته قبل أو يخرص أو بعد ما يخرص قال نعم أخبرنا الربيع قال أخبرنا
صفحة : 870
الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عبد الله بن عبيدالله بن أبي مليكة قال في مثل ذلك مثل قول عطاء إنما هي على المبتاع قال الشافعي وما قالا من هذا كما قالا إنما الصدقة في عين الشيء بعينه فحيثما تحول ففيه الصدقة ألا ترى أن رجلا لو ورث أخذت الصدقة من الحائط وكذلك لو وهب له ثمره أو تصدق به عليه أو ملكه بوجه من الوجوه قال وقد قيل في هذا شيء آخر إن الثمرة إذا وجبت فيها الصدقة ثم باعها فالصدقة في الثمرة والمبتاع مخير لأنه باعه ماله وما للمساكين في أخذ غير الصدقة بحصته من الثمن أورد البيع قال وأما إذا وهبها أو تصدق بها أو ورث الثمرة عن أحد وقد وجبت فيه الصدقة أو لم تجب فهذا كله مكتوب في كتاب الصدقات بتفريعه قال وقد قال غير من وصفت قوله الصدقة على البائع والبيع جائز والثمرة كلها للمبتاع قال وإذا كان للوالي أن يأخذ الصدقة من الثمرة فلم تخلص الثمرة له كلها وإن قال يعطيه رب الحائط ثمرا مثلها فقد أحال الصدقة في غير العين التي وجبت فيها الصدقة والعين موجوده قال ومن قال هذا القول فإنما يقول هو لو وجب عليه في أربعين دينارا دينار كان له أن يعطي دينارا مثله من غيرها وكذلك قوله في الماشية وصنوف الصدقة قال قول الله عز وجل خذ من أموالهمصدقة يدل على أنه إذا كان في المال صدقة والشرط من الصدقة فإنما يؤخذ منه لا من غيره فبهذا أقول وبهذا اخترت القول الأول من أن البيع لازم فيما لا صدقة فيه وغير لازم فيما فيه الصدقة إذا عرفت عرف البائع والمشتري ما يبيع هذا ويشتري هذا قال وإذا سمى البائع للمشتري الصدقة وعرفاها فتعدى عليه الوالي فأخذ أكثر من هذا فالوالي كالغاصب فيما جاوز الصدقة والقول فيها كالقول في الغاصب فمن لم يضع الجائحة قال هذا رجل ظلم ماله ولا ذنب على بائعه في ظلم غيره وقد قبض ما ابتاع ومن وضع الجائحة كان إنما يضعها بمعنى أنها غير تامة القبض يشبه أن يلزمه أن يضع عنه بقدر العدوان عليه ويخيره بعد العدوان في رد البيع أو أخذه بحصته من الثمن لأنه لم يسلم إليه كما باعه قال الشافعي فإن قال قائل المظلمة ليست بجائحة قيل وما معنى الجائحة أليس ما أتلف من مال الرجل فالمظلمة إتلاف فإن قال قل ما أصاب من السماء قيل أفرأيت ما ابتعت فلم أقبضه فاصابه من السماء شيء يتلفه أليس ينفسخ البيع فإن قال بلى قيل فإن اصابه من الآدميين فأنا بالخيار بين أن أفسخ البيع أو آخذه وأتبع الآدمي بقيمته فإن قال نعم قبل فقد جعلت ما أصاب من السماء في أكثر من معنى ما أصاب من الآدميين أو مثله لأنك فسخت به البيع وإن قال إذا ملكته فهو منك وإن لم تقبضه فإذا هلك
صفحة : 871
هلك منك فالثمرة قد ابتعتها وقبضتها فهي أولى أن لا توضع عني بتلف أصابها.
باب في المزابنة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ نهى عن المزابنة والمزابنة بيع التمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي سعيد الخدري أو أبي هريرة أن رسول الله ﷺ نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة اشتراء التمر بالتمر في رؤوس النخل والمحاقلة استكراء الأرض بالحنطة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله ﷺ نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة اشتراء التمر بالتمر والمحاقلة اشتراء الزرع بالحنطة واستكراء الأرض بالحنطة قال ابن شهاب فسألت عن استكراء الأرض بالذهب والفضة فقال لا بأس بذلك قال الشافعي والمحاقلة في الزرع كالمزابنة في التمر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء ما المحاقلة قال المحاقلة في الحرث كهيئة المزابنة في النخل سواء بيع الزرع وبالقمح قال ابن جريج فقلت لعطاء أفسر لكم جابر في المحاقلة كما أخبرتني قال نعم قال الشافعي وتفسير المحاقلة والمزابنة في الأحاديث يحتمل أن يكون عن النبي ﷺ منصوصا والله تعالى أعلم ويحتمل أن يكون على رواية من هو دونه والله تعالى أعلم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن رسول الله ﷺ نهى عن المخابرة والمحاقلة والمزابنة والمحاقلة أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة والمزابنة أن يبيع التمر في رءوس النخل بمائة فرق والمخابرة كراء الأرض بالثلث والربع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه أخبره عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول نهى رسول الله ﷺ عن بيع الصبرة من التمر لا تعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء سمعت من جابر بن عبد الله خبرا أخبرنيه أو الزبير عنه في الصبرة قال حسبت قال فيكف ترى أنت في ذلك فنهى عنه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاوس أخبره عن أبيه أنه كان يكره أن تباع صبرة بصيرة من طعام لا تعلم مكيلهما أو تعلم مكيلة إحداهما ولا تعلم مكيلة
صفحة : 872
الأخرى أو تعلم مكيلتهما جميعا هذه بهذه وهذه بهذه قال لا إلا كيلا بكيل يدا بيد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء ما المزابنة قال التمر في النخل يباع بالتمر فقلت إن علمت مكيلة التمر أو لم تعلم قال نعم قال ابن جريج فقال إنسان لعطاء أفبالرطب قال سواء التمر والرطب ذلك مزابنة قال الشافعي وبهذا نقول إلا في العرايا التي ذكرناها قبل هذا قال وجماع المزابنة أن تنظر كل ما عقدت بيعه مما الفضل في بعضه على بعض يدا بيد ربا فلا يجوز فيه شيء يعرف كيله بشيء منه جزافا لا يعرف كيله ولا جزاف منه بجزاف وذلك لأنه يحرم عليه أن يأخذه إلا كيلا بكيل وزنا بوزن يدا بيد فإذا كان جزافا بجزاف لم يستويا في الكيل وكذلك إذا كان جزافا بمكيل فلا بد أن يكون أحدهما أكثر وذلك محرم فيهما عندنا لا يجوز لأن الأصل أن لا يكونا إلا كيلا بكيل أو وزنا بوزن فكل ما عقد على هذا مفسوخ قال ولو تبايعا جزافا بكيل أو جزافا بجزاف من جنسه ثم تكايلا فكانا سواء كان البيع مفسوخا لأنه عقد غير معلوم أنه كيل بكيل قال ولو عقدا بيعهما على أن يتكايلا هذين الطعامين جميعا بأعيانهما مكيالا بمكيال فتكايلاه فكانا مستويين جاز وإن كانا متفاضلين ففيهما قولان أحدهما أن للذي نقصت صبرته الخيار في رد البيع لأنه بيع كيل شيء فلم يسلم له لأنه لا يحل له أخذه أو رد البيع والقول الثاني أن البيع مفسوخ لأنه وقع على شيء بعضه حرام وبعضه حلال فالبيع مفسوخ وبهذا أقول والقول الذي حكيت ضعيف ليس بقياس إنما يكون له الخيار فيما نقص مما لا ربا في زيادة بعضه على بعض فأما ما فيه الربا فقد انعقد البيع على الكل فوجد البعض محرما أن يملك بهذه العقدة فكيف يكون له الخيار في أن يأخذ بعض بيعة وفيها حرام قال وما وصفت من المزابنة جامع بجيمعها كاف من تفريعها ومن تفريعها أن أبتاع منك مائة صاع تمر بتمر مائة نخلة لي أو أكثر أو أقل فهذا مفسوخ من وجهين أحدهما أنه رطب بتمر وجزاف بكيل من جنسه ومن ذلك أن آخذ منك تمرا لا أعرف كيله بصاع تمر أو بصبرة تمر لا أعرف كيلها لأن الأصل أنه محرم الفضل في بعضه على بعض وأنه لم يبح إلا مثل بمثل يدا بيد قال وهكذا هذا في الحنطة وكل ما في الفضل في بعضه على بعض الربا قال فأما ثمر نخل بحنطة مقبوضة كيلا أو صبرة تمر بصبرة حنطة أو صنف بغير صنفه جزاف بكيل أو كيل بجزاف يدا بيد مما لا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد فلا بأس قال فأمل الرجل يقول للرجل وعنده صبرة تمر له أضمن لك هذه الصبرة بعشرين صاعا فإن زادت على عشرين صاعا فلي فإن كانت عشرين
صفحة : 873
فهي لك وإن نقصت من عشرين فعلي إتمام عشرين صاعا لك فهذا لا يحل قبل أنه من أكل المال بالباطل الذي وصفت قبل هذا وهذا بالمخاطرة والقمار أشبه وليس من معنى المزابنة بسبيل ليس المزابنة إلا ما وصفت لا تجاوزه قال وهذا جماعة وهو كاف من تفريعه ومن تفريعه ما وضعت فأما أن يقول الرجل للرجل عد قثاءك أو بطيخك هذا المجموع فما نقص من مائة فعلي تمام مائة مثله وما زاد فلي أو اقطع ثوبك هذا قلانس أو سراويلات على قدر كذا فما نقص من كذا وكذا قلنسوة أو سراويل فعلي وما زاد فلي أو اطحن حنطتك هذه فما زاد على مد دقيق فلي وما نقص فعلي فهذا كله مخالف للمزابنة ومحرم من أنه أكل المال بالباطل لا هو تجارة عن تراض ولا هو شيء أعطاه مالك المال المعطي وهو يعرفه فيؤجر فيه أو يحمد ولا هو شيء أعطاه إياه على منفعة فأخذها منه ولا على وجه خير من الوجه المأذون فيه دون غيره الذي هو من وجوه البر قال ولا بأس بثمر نخلة بثمر عنبة أو بثمر فرسكة كلاهما قد طابت كان ذلك موضوعا بالأرض أو في شجره أو بعضه موضوعا بالأرض إذا خالفه وكان الفضل يحل في بعضه على بعض حالا وكان يدا بيد فإن دخلت النسيئة فسد أو تفرقا بعد البيع قبل أن يتقابضا فسد البيع قال وكذلك لا بأس أن يبيع ثمر نخلة في رأسها بثمر شجرة فرسك في رأسها أو يبيع ثمر نخلة في رأسها بفرسك موضوع في الأرض أو يبيع رطبا في الأرض بفرسك موضوع في الأرض جزافا قال وجماعه أن تبيع الشيء بغير صنفه يدا بيد كيف شئت قال الشافعي وما كان بصفة واحدة لم يحل إلا مثلا بمثل كيلا بكيل وزنا بوزن يدا بيد ولا يتفرقان حتى يتقابضا ولا يباع منه رطب بيابس ولا رطب يبس برطب إلا العرايا خاصة قال الشافعي وكذلك لا يجوز أن يدخل في صفقة شيئا من الذي فيه الربا في الفضل في بعضه على بعض يدا بيد ومن ذلك أن يشتري صبرة تمر مكيلة أو جزافا بصبرة حنطة مكيلة أو جزافا ومع الحنطة من التمر قليل أو كثير وذلك أن الصفقة في الحنطة تقع على حنطة وتمر بتمر وحصة التمر غير معروفة من قبل أنها إنما تكون بقيمتها والحنطة بقيمتها والتمر بالتمر لا يجوز إلا معلوما كيلا بكيل ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
صفحة : 874
باب وقت بيع الفاكهة أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وقت بيع جميع ما يؤكل من تمر الشجر أن يؤكل من أوله الشيء ويكون آخره قد قارب أوله كمقاربة ثمر النخل بعضه لبعض فإذا كان هكذا حل بيع ثمرته الخارجة فيه مرة واحدة والشجر منه الثابت الأصل كالنخل لا يخالفه في شيء منه إلا في شيء سأذكره يباع إذا طاب أوله الكمثرى والسفرجل والأترج والموز وغيره إذا طاب منه الشيء الواحد فبلغ أن ينضج بيعت ثمرته تلك كلها قال وقد بلغني أن التين في بعض البلدان ينبت منه الشيء اليوم ثم يقيم الأيام ثم ينبت منه الشيء بعد حتى يكون ذلك مرارا والقثاء والخربز حتى يبلغ بعضه وفي موضعه من شجر القثاء والخربز ما لم يحرج فيه شيء فكان الشجر يتفرق مع ما يخرج فيه ولم يبع ما لم يخرج فيه فإن كان لا يعرف لم يجز بيعه لاختلاط المبيع منه بغير المبيع فيصير المبيع غير معلوم فيأخذ مشتريه كله أو ما حمل مما لم يشتر فإن بيع وهو هكذا فالبيع مفسوخ قال الشافعي في موضع آخر إلا أن يشاء البائع أن يسلم ما زاد على ما باع فيكون قد أعطاه حقه وزاده قال فينظر من القثاء والخربز في مثل ما وصفت من التين فإن كان ببلد يخرج الشيء منه في جميع شجره فإذا ترك في شجره لتتلاحق صغاره خرج من شجره شيء منه كان كما وصفت في التين إن استطيع تمييزه جاز ما خرج اولا ولم يدخل ما خرج بعده في البيع وإن لم يستطع تمييزه لم يجز فيه البيع بما وصفت قال وإن حل بيع ثمرة من هذا الثمر نخل أو عنب أو قثاء أو خربز أو غيره لم يحل أن تباع ثمرتها التي تاتي بعدها بحال فإن قال قائل ما الحجة في ذلك قلنا لما نهى رسول الله ﷺ عن بيع السنين ونهى عن بيع الغرر ونهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه كان بيع ثمرة لم تخلق بعد أولى في جميع هذا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر قال نهيت ابن الزبير عن بيع النخل معاومة قال فإذا نهى رسول الله ﷺ عن بيع النخل والتمر بلحا شديدا لم تر فيه صفرة لأن العاهة قد تأتي عليه كان بيع ما لم ير منه شيء قط من قثاء أو خربز أدخل في معنى الغرر وأولى أن لا يباع مما قد رؤى فنهى النبي ﷺ عن بيعه وكيف يحرم أن يباع قثاء أو خربز حين بدا قبل أن يطيب منه شيء وقد روى رجل أن يبتاع ولم يخلق قط وكيف أشكل على أحد أنه لا يكون بيع أبدا أولى بالغرر من هذا البيع الطائر في السماء والعبد الآبق والجمل الشارد أقرب من أن يكون الغرر فيه أضعف من هذا ولأن ذلك شيء قد خلق وقد يوجد وهذا لم
صفحة : 875
يخلق بعد وقد يخلق فيكون غاية في الكثرة وغاية في القلة وفيما بين الغايتين منازل أورأيت إن أصابته الجائحة بأي شيء يقاس أبأول حمله فقد يكون ثانيه أكثر وثالثه فقد يختلف ويتباين فهذا عندنا محرم بمعنى السنة والأثر والقياس عليهما والمعقول والذي يمكن من عيوبه أكثر مما حكينا وفيما حكينا كفاية إن شاء الله تعالى قال فكل ما كيل من هذا أو وزن أو بيع عددا كما وصفت في الرطب بالتمر لا يحل التمر منه برطب ولا جزاف منه بكيل ولا رطب برطب عندي بحال ولا يحل إلا يابسا بيابس كيلا بكيل أو ما يوزن وزنا بوزن ولا يجوز فيه عدد بعدد ولا يجوز أصلا إذا كان شيء منه رطب يشترى بصنفه رطب فرسك بفرسك وتين بتين وصنف بصنفه فإذا اختلف الصنفان فبعه كيف شئت يدا بيد جزافا بكيل ورطبا بيابس وقليله بكثيره لا يختلف هو وما وصفت من ثمر النخل والعنب في هذا المعنى ويختلف هو وثمر النخل والعنب في العرايا ولا يجوز في شيء سوى النخل والعنب العرية بما يجوز فيه بيع العرايا من النخل والعنب لا يجوز أن يشتري ثمر تينة في راسها بمكيلة من التين موضوعا بالأرض ولا يجوز أن يشتري من غير تينة في رأسها بثمر منها يابس موضوع بالأرض ولا في شجره أبدا جزافا ولا كيلا ولا بمعنى فإن قال قائل فلم لم تجزه قلت لأن رسول الله ﷺ إذ سن الخرص في التمر والعنب وفيهما أنهما مجتمعا الثمر لا حائل دونه يمنع الإحاطة وكان يكون في المكيال مستجمعا كاستجماعه في نبته كان له معان لا يجمع أحد معانيه شيء سواه وغيره وإن كان يجتمع في المكيال فمن فوق كثير منه حائل من الورق ولا يحيط البصر به وكذلك الكمثرى وغيره وأما الأترج الذي هو أعظمه فلا يجتمع في مكيال وكذلك الخربز والقثاء وهو مختلف الخلق لا يشبههما وبذلك لم يجتمع في المكيال ولا يحيط به البصر إحاطته بالعنب والتمر ولا يوجد منه شيء يكون مكيلا يخرص بما في رءوس شجره لغلطه وتجافى خلقته عن أن يكون مكيلا فلذلك لم يصلح أن يباع جزافا بشيء منه كما يباع غيره من النخل والعنب إذا خالفه ومن أراد أن يبتاع منه شيئا فيستعريه أبتاعه بغير صنفه ثم استعراه كيف شاء ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 876
باب ما ينبت من الزرع قال الشافعي رحمه الله كل ما كان من نبات الأرض بعضه مغيب فيها وبعضه ظاهر فأراد صاحبه بيعه لم يجز بيع شيء منه إلا الظاهر منه يجز مكانه فأما المغيب فلا يجوز بيعه وذلك مثل الجزر والفجل والبصل وما أشبهه فيجوز أن يباع ورقه الظاهر مقطعا مكانه ولا يجوز أن يباع ما في داخله فإن وقعت الصفقة عليه كله لم يجز البيع فيه إذا كان بيع نبات وبيع النبات بيع الإيجاب وذلك لو أجزت بيعه لم أجزه إلا على أحد معان إما على ما يجوز عليه بيع العين الغائبة فتلك إذا رآها المشتري فله الخيار في أخذها أو تركها فلو أجزت البيع على هذا فقلع جزرة أو فجلة أو بصلة فجعلت للمشتري الخيار كنت قد أدخلت على البائع ضررا في أن يقلع ما في ركيبه وأرضه التي اشترى ثم يكون له أن يرده من غير عيب فيبطل أكثره على البائع قال وهذا يخالف العبد يشترى غائبا والمتاع وذلك أنهما قد يريان فيصفهما للمشتري من يثق به فيشتريهما ثم يكون له خيار الرؤية فلا يكون على البائع ضرر في رؤية المشتري لهما كما يكون عليه ضرر فيما قلع من زرعه ولو أجزت بيعه على أن لم يكن فيه عيب لزم المشتري كان فيه الصغير والكبير والمختلف الخلقة فكان المشتري اشترى ما لم ير وألزمته ما لم يرض بشرائه قط ولو أجزته على أن يبيعه إياه على صفة موزونا كنت أجزت بيع الصفات غير مضمونة وإنما تباع الصفة مضمونة قال ولو أسلم إليه في شيء منه موصوف موزون فجاء به على الصفة جاز السلف وذلك أنه مأخوذ به يأتي به حيث شاء لا من أرض قد يخطيء زرعها ويصيب فلا يجوز في شيء من هذا بيع إلا بصفة مضمون موزون أو حتى يقلع فيراه المشتري قال ولا يشبه الجوز والبيض وما أشبهه هذا لاصلاح له في الأرض إلا بالبلوغ ثم يخرج فيبقى ما بقي منه ويباع ما لا يبقى مثل البقل وذلك لاصلاح له إلا ببقائه في قشره وذلك إذا رئى قشره استدل على قدره في داخله وهذا لا دلالة على داخله وإن رئى خارجه قد يكون الورق كبيرا والرأس صغيرا وكبيرا ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
صفحة : 877
باب ما اشترى مما يكون مأكوله داخله قال الشافعي من اشترى رانجا أو جوزا أو لوزا أو فستقا أو بيضا فكسره فوجده فاسدا أو معيبا فأراد رده والرجوع بثمنه ففيها قولان أحدهما أن له أن يرده والرجوع بثمنه من قبل أنه لا يصل إلى معرفة عيبه وفساده وصلاحه إلا بكسره وإذا كان المقصود قصده بالبيع داخله فبائعه سلطه عليه وهذا قول قال ومن قال هذا القول انبغى أن يقول على المشتري الكاسر أن يرد القشر على البائع إن كانت له قيمة وإن قلت إن كان يستمتع به كما يستمتع بقشر الرانج ويستمتع بما سواه أو يرد فإن لم يفعل أقيم قشرها فكانت للقشر قيمة منه وداخله على أنه صحيح وطرح عنه حصة ما لم يرده من قشره من الثمن ويرجع بالباقي ولو كانت حصة القشر سهما من ألف سهم منه والقول الثاني أنه إذا كسره لم يكن له رده إلا أن يشاء البائع ويرجع بما بين قيمته صحيحا وقيمته فاسدا وبيض الدجاج كله لا قيمة له فاسدا لأن قشره ليس فيه منفعة فإذا كسره رجع بالثمن وأما بيض النعام فلقشرته ثمن فيلزم المشتري بكل حال لأن قشرتها ربما كانت أكثر ثمنا من داخلها فإن لم يرد قشرتها صحيحة رجع عليه بما بين قيمتها غير فاسدة وقيمتها فاسدة وفي القول الأول يردها ولا شيء عليه لأنه سلطه على كسرها إلا أن يكون أفسدها بالكسر وقد كان يقدر على كسر لا يفسد فيرجع بما بين القيمتين ولا يردها قال الشافعي فأما القثاء والخربز وما رطب فإنه يذوقه بشيء دقيق من حديد أو عود فيدخله فيه فيعرف طعمه إن كان مرا أو كان الخربز حامضا فله رده ولا شيء عليه في نقبه في القولين لأنه سلطه على ذلك أو أكثر منه ولا فساد في النقب الصغير عليه وكان يلزم من قال لا يرده إلا كما أخذه بأن يقول يرجع بما بين قيمته سالما من الفساد وقيمته فاسدا قال ولو كسرها لم يكن له ردها ورجع عليه بنقصان ما بين قيمته صحيحا وفاسدا ما كان ذلك الفضل إلا أن يشاء البائع أن يأخذه مكسورا ويرد عليه الثمن لأنه قد كان يقدر على أن يصير إليه طعمه من ثقبه صحيحا ليس كالجوز لا يصل إلى طعمه من نقبه وإنما يصل إليه ريحه لا طعمه صحيحا فأما الدود فلا يعرف بالمذاقة فإذا كسره ووجد الدود كان له في القول الأول رده وفي القول الثاني الرجوع بفضل ما بين القيمتين ولو اشترى من هذا شيئا رطبا من القثاء والخربز فحبسه حتى ضمر وتغير وفسد عنده ثم وجده فاسدا بمرارة أو دود كان فيه فإن كان فساده من شيء يحدث مثله عند المشتري فالقول قول البائع في فساده مع يمينه وذلك مثل البيض يقيم عند الرجل زمانا ثم يجده فاسدا وفساد
صفحة : 878
مسألة بيع القمح في سنبله أخبرنا الربيع قال قلت للشافعي إن علي بن معبد روى لنا حديثا عن أنس أن رسول الله ﷺ أجاز بيع القمح في سنبله إذا ابيض فقال الشافعي إن ثبت الحديث قلنا به فكان الخاص مستخرجا من العام لأن النبي ﷺ نهى عن بيع الغرر وبيع القمح في سنبله غرر لأنه لا يرى وكذلك بيع الدار والأساس لا يرى وكذلك بيع الصبرة بعضها فوق بعض أجزنا ذلك كما أجازه النبي ﷺ فكان هذا خاصا مستخرجا من عام وكذلك نجيز بيع القمح في سنبله إذا ابيض إن ثبت الحديث كما أجزنا بيع الدار والصبرة باب بيع القصب والقرط أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في القصب لا يباع إلا جزة أو قال صرمة قال الشافعي وبهذا نقول لا يجوز أن يباع القرط إلا جزة واحدة عند بلوغ الجزاز ويأخذ صاحبه في جزازه عند ابتياعه فلا يؤخره مدة أكثر من قدر ما يمكنه جزازه فيه من يومه قال الشافعي فإن اشتراه ثابتا على أن يدعه أياما ليطول أو يغلظ أو غير ذلك فكان يزيد في تلك الأيام فلا خير في الشراء والشراء مفسوخ لأن أصله للبائع وفرعه الظاهر للمشتري فإن كان يطول فيخرج من مال البائع إلى مال المشتري منه شيء لم يقع عليه صفقة البيع فيملكه كنت قد أعطيت المشتري ما لم يشتر وأخذت من البائع ما لم يبع ثم أعطيته منه شيئا مجهولا لا يرى بعين ولا يضبط بصفة ولا يتميز فيعرف ما للبائع فيه مما للمشتري فيفسد من وجوه قال ولو اشتراه ليقطعه فتركه وقطعه له ممكن مدة يطول في مثلها كان البيع فيه مفسوخا إذا كان على ما شرط في أصل البيع أن يدعه لما وصفت مما اختلط به من مال البائع مما لا يتميز كما لو اشترى حنطة جزافا وشرط له أنها إن انهال له عليها حنطة فهي داخلة في البيع فانهالت عليها حنطة للبائع لم يبعها انفسخ البيع فيها لأن ما اشترى لا يتميز ولا يعرف قدره مما لم يشتر فيعطى ما اشترى ويمنع ما لم يشتر وهو في هذا كله بائع شيء قد كان وشيء لم يكن غير مضمون على أنه إن كان دخل في البيع وإن لم يكن لم يدخل فيه وهذا البيع مما لا يختلف المسلمون في فساده لأن رجلا لو قال أبيعك شيئا إن نبت في أرضي بكذا فإن لم ينبت أو نبت قليلا لزمك الثمن كان مفسوخا وكذلك لو قال أبيعك شيئا إن جاءني من تجارتي بكذا وإن لم يأت لزمك الثمن قال ولكنه لو اشتراه كما وصفت وتركه بغير شرط أياما وقطعه يمكنه في أقل منها
صفحة : 879
كان المشتري منه بالخيار في أن يدع له الفضل الذي له بلا ثمن أو ينقض البيع قال كما يكون إذا باعه حنطة جزافا فانهالت عليها حنطة له فالبائع بالخيار في أن يسلم ما باعه وما زاد في حنطته أو يرد البيع لاختلاط ما باع بما لم يبع قال وما أفسدت فيه البيع فأصاب القصب فيه آفة تتلفه في يدي المشتري فعلى المشتري ضمانه بقيمته وما أصابته آفة تنقصه فعلى المشتري ضمان ما نقصته والزرع لبائعه وعلى كل مشتر شراء فاسدا أن يرده كما أخذه أو خيرا مما أخذه وضمانه إن تلف وضمان نقصه إن نقص في كل شيء باب حكم المبيع قبل القبض وبعده أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أما الذي نهى عنه رسول الله ﷺ أن يباع حتى يقبض الطعام قال ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله قال الشافعي وبهذا نأخذ فمن ابتاع شيئا كائنا ما كان فليس له أن يبيعه حتى يقبضه وذلك أن من باع ما لم يقبض فقد دخل في المعنى الذي يروي بعض الناس عن النبي ﷺ أنه قال لعتاب بن أسيد حين وجهه إلى أهل مكة أنههم عن بيع ما لم يقبضوا وربح ما لم يضمنوا قال الشافعي هذا بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن وهذا القياس على حديث النبي ﷺ أنه نهى عن بيع الطعام حتى يقبض ومن ابتاع طعاما كيلا فقبضه أن يكتاله ومن أبتاعه جزافا فقبضه أن ينقله من موضعه إذا كان مثله ينقل وقد روى ابن عمر عن النبي ﷺ أنهم كانوا يتبايعون الطعام جزافا فبعث رسول الله ﷺ من يأمرهم بانتقاله من الموضع الذي ابتاعوه فيه إلى موضع غيره وهذا لا يكون إلا لئلا يبيعوه قبل أن ينقل قال الشافعي ومن ملك طعاما بإجارة فالإجارة بيع من البيوع فلا يبيعه حتى يقبضه ومن ملكه بميراث كان له أن يبيعه وذلك أنه غير مضمون على غيره بثمن وكذلك ما ملكه من وجه غير وجه البيع كان له أن يبيعه قبل أن يقبضه إنما لا يكون له بيعه إذا كان مضمونا على غيره بعوض يأخذه منه إذا فات والأرزاق التي يخرجها السلطان للناس يبيعها قبل أن يقبضها ولا يبيعها الذي يشتريها قبل أن يقبضها لأن مشتريها لم يقبض وهي مضمونة له على بائعها بالثمن الذي باعه إياها به حتى يقبضها أو يرد البائع إليه الثمن ومن ابتاع من رجل طعاما فكتب إليه المشتري أن يقبضه له من نفسه فلا يكون الرجل قابضا له من نفسه وهو ضامن عليه حتى يقبضه المبتاع أو وكيل
صفحة : 880
المبتاع غير البائع وسواء أشهد على ذلك أو لم يشهد وإذا وكل الرجل الرجل أن يبتاع له طعاما فابتاعه ثم وكله أن يبيعه له من غيره فهو بنقد لا بدين حتى يبيح له الدين فهو جائز كأنه هو أبتاعه وباعه وإن وكله أن يبيعه من نفسه لم يجز البيع من نفسه وإن قال قد بعته من غيري فهلك الثمن أو هرب المشتري فصدقه البائع فهو كما قال وإن كذبه فعليه البينة أنه قد باعه ولا يكون ضامنا لو هرب المشتري أو أفلس أو قبض الثمن منه فهلك لأنه في هذه الحالة أمين قال الشافعي ومن باع طعاما من نصراني فباعه النصراني قبل أن يستوفيه فلا يكيله له البائع حتى يحضر النصراني أو وكيله فيكتاله لنفسه قال ومن سلف في طعام ثم باع ذلك الطعام بعينه قبل أن يقبضه لم يجز وإن باع طعاما بصفة ونوى أن يقضيه من ذلك الطعام فلا بأس لأن له أن يقضيه من غيره لأن ذلك الطعام لو كان على غير الصفة لم يكن له أن يعطيه منه ولو قبضه وكان على الصفة كان له أن يحبسه ولا يعطيه إياه ولو هلك كان عليه أن يعطيه مثل صفة طعامه الذي باعه قال ومن سلف في طعام أو باع طعاما فأحضر المشتري عند اكتياله من بائعه وقال أكتاله لك لم يجز لأنه بيع طعام قبل أن يقبض فإن قال أكتاله لنفسي وخذه بالكيل الذي حضرت لم يجز لأنه باع كيلا فلا يبرأ حتى يكتاله من مشتريه ويكون له زيادته وعليه نقصانه وهكذا روى الحسن عن النبي ﷺ أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان فيكون له زيادته وعليه نقصانه قال الشافعي ومن باع طعاما مضمونا عليه فحل عليه الطعام فجاء بصاحبه إلى طعام مجتمع فقال أي طعام رضيت من هذا اشتريت لك فأوفيتك كرهت ذلك له وإن رضي طعاما فاشتراه له فدفعه إليه بكيله لم يجز لأنه ابتاعه فباعه قبل أن يقبضه وإن قبضه لنفسه ثم كاله له بعد جاز وللمشتري له بعد رضاه به أن يرده عليه إن لم يكن من صفته وذلك أن الرضا إنما يلزمه بعض القبض قال الشافعي ومن حل عليه طعام فلا يعطى الذي له عليه الطعام ثمن طعام يشتري به لنفسه من قبل أنه لا يكون وكيلا لنفسه مستوفيا لها قابضا لها منها ولا يوكل غيره حتى يدفع إليه ومن اشترى طعاما فخرج من يديه قبل أن يستوفيه بهبة أو صدقة أو قضاه رجلا من سلف أو أسلفه آخر قبل أن يستوفيه فلا يبيعه أحد ممن صار إليه على شيء من هذه الجهات حتى يستوفيه من قبل أنه صار إنما يقبض عن المشتري كقبض وكيله قال الشافعي ومن كان بيده ثمر فباعه واستثنى شيئا منه بعينه فالبيع واقع على المبيع لا على المشتري والمستثنى على مثل ما كان في ملكه لم يبع قط فلا بأس أن يبيعه صاحبه لأنه لم يشتره إنما يبيعه
صفحة : 881
على الملك الأول قال الشافعي ولا يصلح السلف حتى يدفع المسلف إلى المسلف الثمن قبل أن يتفرقا من مقامهما الذي تبايعا فيه وحتى يكون السلف بكيل معلوم بمكيال عامة يدرك علمه ولا يكون بمكيال خاصة إن هلك لم يدرك علمه أو بوزن عامة كذلك وبصفة معلومة جيد نقي وإلى أجل معلوم إن كان إلى أجل ويستوفى في موضع معلوم ويكون من أرض لا يخطيء مثلها أرض عامة لا أرض خاصة ويكون جديدا طعام عام أو طعام عامين ولا يجوز أن يقول أجود ما يكون من الطعام لأنه لا يوقف على حده ولا أردأ ما يكون لأنه لا يوقف على حده فإن الرديء يكون بالغرق وبالسوس وبالقدم فلا يوقف على حده ولا بأس بالسف في الطعام حالا وآجلا إذا حل أن يباع الطعام بصفة إلى أجل كان حالا أو إلى أن يحل قال الشافعي وإن سلف رجل دنانير على طعام إلى آجال معلومة بعضها قبل بعض لم يجز عندي حتى يكون الأجل واحدا وتكون الأثمان متفرقة من قبل أن الطعام الذي إلى الأجل القريب أكثر قيمة من الطعام الذي إلى الأجل البعيد وقد أجازه غيري على مثل ما أجاز عليه ابتياع العروض المتفرقة وهذا مخالف للعروض المتفرقة لأن العروض المتفرقة نقد وهذا إلى أجل والعروض شيء متفرق وهذا من شيء واحد قال الشافعي وإذا ابتاع الرجلان طعاما مضمونا موصوفا حالا أو إلى أجل فتفرقا قبل أن يقبض الثمن فالبيع مفسوخ لأن هذا دين بدين قال الشافعي وإن اشترى الرجل طعاما موصوفا مضمونا عند الحصاد وقبل الحصاد وبعده فلا بأس وإذا اشترى منه من طعام أرض بعينها غير موصوف فلا خير فيه لأنه قد يأتي جيدا أو رديئا قال وإن اشتراه منه من الأندر مضمونا عليه فلا خير فيه لأنه قد يهلك قبل أن يذريه قال الشافعي ولا بأس بالسلف في الطعام إلى سنة قبل أن يزرع إذا لم يكن في زرع بعينه قال الشافعي ولا خير في السلف في الفدادين القمح ولا في القرط لأن ذلك يختلف قال الشافعي ومن سلف رجلا في طعام يحل فأراد الذي عليه الطعام أن يحيل صاحب الطعام على رجل له عليه طعام مثله من بيع أبتاعه منه فلا خير فيه وهذا هو نفس بيع الطعام قبل أن يقبض ولكنه إن أراد أن يجعله وكيلا يقبض له الطعام فإن هلك في يديه كان أمينا فيه وإن لم يهلك وأراد أن يجعله قضاء جاز قال وكذلك لو ابتاع منه طعاما فحل فأحاله على رجل له عليه طعام أسلفه إياه من قبل أن أصل ما كان له عليه بيع والإحالة بيع منه له بالطعام الذي عليه بطعام على غيره قال الشافعي ومن ابتاع طعاما بكيل فصدقه المشتري بكيله فلا يجوز إلى أجل وإذا قبض الطعام فالقول في كيل الطعام قول القابض مع يمينه وإن ذكر نقصانا كثيرا أو قليلا
صفحة : 882
أو زيادة قليلة أو كثيرة وسواء اشتراه بالنقد كان أو إلى أجل وإنما لم أجز هذا لما وصفت من حديث الحسن عن النبي ﷺ وإني ألزم من شرط لرجل شرطا من كيل أو صفة أن يوفيه شرطه بالكيل والصفة فلما شرط له الكيل لم يجز إلا أن يوفيه شرطه فإن قال قائل فقد صدقه فلم لا يبرأ كما يبرأ من العيب قيل لو كان تصديقه يقوم مقام الإبراء من العيب فشرط له مائة فوجد فيه واحد لم يكن له أن يرجع عليه بشيء كما يشترط له السلامة فيجد العيب فلا يرجع عليه به إذا أبرأه منه قال الشافعي وإذا ابتاع الرجل الطعام كيلا لم يكن له أن يأخذه وزنا إلا أن ينقض البيع الأول ويستقبل بيعا بالوزن وكذلك لا يأخذه بمكيال إلا بالمكيال الذي أبتاعه به إلا أن يكون يكيله بمكيال معروف مثل المكيال الذي أبتاعه به فيكون حينئذ إنما أخذه بالمكيال الذي أبتاعه به وسواء كان الطعام واحدا أو من طعامين مفترقين وهذا فاسد من وجهين أحدهما أنه أخذه بغير شرطه والآخر أنه أخذه بدلا قد يكون أقل أو أكثر من الذي له والبدل يقوم مقام البيع وأقل ما فيه أنه مجهول لا يدري أهو مثل ماله أو أقل أو أكثر قال الشافعي ومن سلف في حنطة موصوفة فحلت فأعطاه البائع حنطة خيرا منها بطيب نفسه أو أعطاه حنطة شرا منها فطابت نفس المشتري فلا بأس بذلك وكل واحد منهما متطوع بالفضل وليس هذا بيع طعام بطعام ولو كان أعطاه مكان الحنطة شعيرا أو سلتا أو صنفا غير الحنطة لم يجز وكان هذا بيع طعام بغيره قبل أن يقبض وهكذا التمر وكل صنف واحد من الطعام قال الشافعي ومن سلف في طعام إلى أجل فعجله قبل أن يحل الأجل طيبة به نفسه مثل طعامه أو شرا منه فلا بأس ولست أجعل للتهمة أبدا موضعا في الحكم إنما أقضى على الظاهر قال الشافعي ومن سلف في قمح فحل الأجل فأراد أن يأخذ دقيقا أو سويقا فلا يجوز وهذا فاسد من وجهين أحدهما أني أخذت غير الذي أسلفت فيه وهو بيع الطعام قبل أن يقبض وإن قيل هو صنف واحد فقد أخذت مجهولا من معلوم فبعت مد حنطة بمد دقيق ولعل الحنطة مد وثلث دقيق ويدخل السويق في مثل هذا ومن سلف في طعام فحل فسأل الذي حل عليه الطعام الذي له الطعام أن يبيعه طعاما إلى أجل ليقبضه إياه فلا خير فيه إن عقدا عقد البيع على هذا من قبل أنا لا نجيز أن يعقد على رجل فيما يملك أن يمنع منه أن يصنع فيه ما يصنع في ماله لأن البيع ليس بتام ولو أنه باعه إياه بلا شرط بنقد أو إلى أجل فقضاه إياه فلا بأس وهكذا لو باعه شيئا غير الطعام ولو نويا جميعا أن يكون يقضيه ما يبتاع منه بنقد أو إلى أجل لم يكن بذلك بأس ما لم
صفحة : 883
يقع عليه عقد البيع قال الشافعي وهكذا لو أسلفه في طعام إلى أجل فلما حل الأجل قال له بعني طعاما بنقد أو إلى أجل حتى أقضيك فإن وقع العقد على ذلك لم يجز وإن باعه على غير شرط فلا بأس بذلك كان البيع نقدا أو إلى أجل قال الشافعي ومن سلف في طعام فقبضه ثم اشتراه منه الذي قضاه إياه بنقد أو نسيئة إذا كان ذلك بعد القبض فلا بأس لأنه قد صار من ضمان القابض وبرئ المقبوض منه ولو حل طعامه عليه فقال له اقضني على أن أبيعك فقضاه مثل طعامه أو دونه لم يكن بذلك بأس وكان هذا موعدا وعده إياه إن شاء وفى له به وإن شاء لم يف ولو أعطاه خيرا من طعامه على هذا الشرط لم يجز لأن هذا شرط غير لازم وقد أخذ عليه فضلا لم يكن له والله أعلم باب النهي عن بيع الكراع والسلاح في الفتنة قال الشافعي رحمه الله تعالى أصل ما أذهب إليه أن كل عقد كان صحيحا في الظاهر لم أبطله بتهمة ولا بعادة بين المتبايعين وأجزته بصحة الظاهر وأكره لهما النية إذا كانت النية لو أظهرت كانت تفسد البيع وكما أكره للرجل أن يشتري السيف على أن يقتل به ولا يحرم على بائعه أن يبيعه ممن يراه أنه يقتل به ظلما لأنه قد لا يقتل به ولا أفسد عليه هذا البيع وكما أكره للرجل أن يبيع العنب ممن يراه أنه يعصره خمرا ولا أفسد البيع إذا باعه إياه لأنه باعه حلالا وقد يمكن أن لا يجعله خمرا أبدا وفي صاحب السيف أن لا يقتل به أحدا أبدا وكما أفسد نكاح المتعة ولو نكح رجل امرأة عقدا صحيحا وهو ينوي أن لا يمسكها إلا يوما أو أقل أو أكثر لم أفسد النكاح إنما أفسده أبدا بالعقد الفاسد ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
صفحة : 884
باب السنة في الخيار قال الشافعي رحمه الله ولا بأس ببيع الطعام كله جزافا ما يكال منه وما يوزن وما يعد كان في وعاء أو غير وعاء إلا أنه إذا كان في وعاء فلم ير عينه فله الخيار إذا رآه قال الربيع رجع الشافعي فقال ولا يجوز بيع خيار الرؤية ولا بيع الشيء الغائب بعينه لأنه قد يتلف ولا يكون عليه أن يعطيه غيره ولو باعه إياه جزافا على الأرض فلما انتقل وجده مصبوبا على دكان أو ربوة أو حجر كان هذا نقصا يكون للمشتري فيه الخيار إن شاء أخذه وإن شاء رده ولا بأس بشراء نصف الثمار جزافا ويكون المشتري بنصفها شريكا للذي له النصف الآخر ولا يجوز إذا أجزنا الجزاف في الطعام نسيئة لسنة رسول الله ﷺ إلا أن يجوز الجزاف في كل شيء من رقيق وماشية وغير ذلك إلا أن للمشتري الخيار في كل واحد منهم إذا رآه والرد بالعيب من قبل أن كل واحد منهم غير الآخر والمكيل والموزون من الطعام إذا كان من صنف واحد كاد أن يكون مشتبها قال ولا بأس أن يقول الرجل أبتاع منك جميع هذه الصبرة كل إردب بدينار وإن قال أبتاع منك هذه الصبرة كل إردب بدينار على أن تزيدني ثلاثة أرداب أو على أن أنقصك منها إردبا فلا خير فيه من قبل أني لا أدري كم قدرها فأعرف الأردب الذي نقص كم هو منها والأرادب التي زيدت كم هي عليها قال الشافعي ولا خير في أن أبتاع منك جزافا ولا كيلا ولا عددا ولا بيعا كائنا ما كان على أن أشتري منك مدا بكذا وعلى أن تبيعني كذا بكذا حاضرا كان ذلك أو غائبامضمونا كان ذلك أو غير مضمون وذلك من بيعتين في بيعة من أنى إذا اشتريت منك عبدا بمائة على أن أبيعك دارا بخمسين فثمن العبد مائة وحصته من الخمسين من الدار مجهولة وكذلك ثمن الدار خمسون وحصته من العبد مجهولة ولا خير في الثمن إلا معلوما قال الشافعي وإن كان قد علم كيله ثم انتقص منه شيء قل أو كثر إلا أنه لا يعلم مكيلة ما انتقص فلا أكره له بيعه جزافا قال الشافعي ومن كان له على رجل طعام حالا من غير بيع فلا بأس أن يأخذ به شيئا من غير صنفه إذا تقابضا من قبل أن يتفرقا من ذهب أو ورق أو غير صنفه ولا أجيزه قبل حلول الأجل بشيء من الطعام خاصة فأما بغير الطعام فلا بأس به قال الشافعي ومن كان له على رجل طعام من قرض فلا بأس أن يأخذ بالطعام من صنفه أجود أو أردأ أو مثله إذا طابا بذلك نفسا ولم يكن شرطا في أصل القرض وكذلك لا بأس أن يأخذ بالطعام غيره من غير صنفه اثنين بواحد أكثر إذا تقابضا قبل أن يتفرقا ولو كان هذا من بيع لم يجز له أن يأخذ به من
صفحة : 885
غير صنفه لأنه بيع الطعام قبل أن يقبض فلا بأس أن يأخذ به من صنفه أجود أو أردأ قبل محل الأجل أو بعده إذا طاب بذلك نفسا قال الشافعي في الرجل يشتري من الرجل طعاما موصوفا فيحل فيسأله رجل أن يسلفه إياه فيأمره أن يتقاضى ذلك الطعام فإذا صار في يده أسلفه إياه أو باعه فلا بأس بهذا إذا كان إنما وكله بأن يقبضه لنفسه ثم أحدث بعد القبض السلف أو البيع وإنما كان أولا وكيلا له وله منعه السلف والبيع وقبض الطعام من يده ولو كان شرط له أنه إذا تقاضاه أسلفه إياه أو باعه إياه لم يكن سلفا ولا بيعا وكان له أجر مثله في التقاضي قال ولو أن رجلا جاء إلى رجل له زرع قائم فقال ولني حصاده ودراسه ثم أكتاله فيكون على سلفا لم يكن في هذا خير وكان له أجر مثله في الحصاد والدراس إن حصده ودرسه ولصاحب الطعام أخذ الطعام من يديه ولو كان تطوع له بالحصاد والدراس ثم أسلفه إياه لم يكن بذلك بأس وسواء القليل في هذا والكثير في كل حلال وحرام قال الشافعي ومن أسلف رجلا طعاما فشرط عليه خيرا منه أو أزيد أو أنقص فلا خير فيه وله مثل ما أسلفه إن استهلك الطعام فإن أدرك الطعام بعينه أخذه فإن لم يكن له مثل فله قيمته وإن أسلفه إياه لا يذكر من هذا شيئا فأعطاه خيرا منه متطوعا أو أعطاه شرا منه فتطوع هذا بقبوله فلا بأس بذلك وإن لم يتطوع واحد منهما فله مثل سلفه قال الشافعي ولو أن رجلا أسلف رجلا طعاما على أن يقبضه إياه ببلد آخر كان هذا فاسدا وعليه أن يقبضه إياه في البلد الذي أسلفه فيه قال ولو أسلفه إياه ببلد فلقيه ببلد آخر فتقاضاه الطعام أو كان استهلك له طعاما فسأل أن يعطيه ذلك الطعام في البلد الذي لقيه فيه فليس ذلك عليه ويقال إن شئت فاقبض منه طعاما مثل طعامك بالبلد الذي استهلكه لك أو أسلفته إياه فيه وإن شئت أخذناه لك الآن بقيمة ذلك الطعام في ذلك البلد قال الشافعي ولو أن الذي عليه الطعام دعا إلى أن يعطي طعاما بذلك البلد فامتنع الذي له الطعام لم يجبر الذي له الطعام على أن يدفع إليه طعاما مضمونا له ببلد غيره وهكذا كل ما كان لحمه مؤنة قال الشافعي وإنما رأيت له القيمة في الطعام يغصبه ببلد فيلقى الغاصب ببلد غيره أني أزعم أن كل ما استهلك لرجل فأدركه بعينه أو مثله أعطيته المثل أو العين فإن لم يكن له مثل ولا عين أعطيته القيمة لأنها تقوم مقام العين إذا كانت العين والمثل عدما فلما حكمت أنه إذا استهلك له طعاما بمصر فلقيه بمكة أو بمكة فلقيه بمصر لم أقض له بطعام مثله لأن من أصل حقه أن يعطي مثله بالبلد الذي ضمن له بالإستهلاك لما في ذلك من النقص والزيادة على كل واحد منهما وما في
صفحة : 886
الحمل على المستوفى فكان الحكم في هذا أنه لا عين ولا مثل له أقضى به وأجبره على أخذه فجعلته كما لا مثل له فأعطيته قيمته إذا كنت أبطل الحكم له بمثله وإن كان موجودا قال الشافعي ولو كان هذا من بيع كان الجواب في ذلك أن لا أجبر واحدا منهما على أخذه ولا دفعه ببلد غير البلد الذي ضمنه وضمن له فيه هذا ولا أجعل له القيمة من قبل أن ذلك يدخله بيع الطعام قبل أن يقبض وأجبره على أن يمضي فيقبضه أو يوكل من يقبضه بذلك البلد وأؤجله فيه أجلا فإن دفعه إليه إلى ذلك الأجل وإلا حبسته حتى يدفعه إليه أو إلى وكيله قال الشافعي السلف كله حال سمى له المسلف أجلا أو لم يسمه وإن سمى له أجلا ثم دفعه إليه المسلف قبل الأجل جبر على أخذه لأنه لم يكن له إلى أجل قط إلا أن يشاء أن يبرئه منه ولو كان من بيع لم يجبر على أخذه حتى يحل أجله وهذا في كل ما كان يتغير بالحبس في يدي صاحبه من قبل أنه يعطيه إياه بالصفة قبل يحل الأجل فيتغير عن الصفه عند محل الأجل فيصير بغير الصفة ولو تغير في يدي صاحبه جبرناه على أن يعطيه طعاما غيره وقد يكون يتكلف مؤنة في خزنه ويكون حضور حاجته إليه عند ذلك الأجل فكل ما كان لخزنه مؤنة أو كان يغير في يدي صاحبه لم يجبر على أخذه قبل حلول الأجل وكل ما كان لا يتغير ولا مؤنة في خزنه مثل الدراهم والدنانير وما أشبههما جبر على أخذه قبل محل الأجل قال الشافعي في الشركة والتولية بيع من البيوع يحل ما تحل به البيوع ويحرم بما تحرم به البيوع فحيث كان البيع حلالا فهو حلال وحيث كان البيع حراما فهو حرام والإقالة فسخ البيع فلا بأس بها قبل القبض لأنها إبطال عقدة البيع بينهما والرجوع إلى حالهما قبل أن يتبايعا قال ومن سلف رجلا مائة دينار في مائة إردب طعاما إلى أجل فحل الأجل فسأله الذي عليه الطعام أن يدفع إليه خمسين إردبا ويفسخ البيع في خمسين فلا بأس بذلك إذا كان له أن يفسخ البيع في المائة كانت الخمسون أولى أن تجوز وإذا كان له أن يقبض المائة كانت الخمسون أولى أن يقبضها وهذا أبعد ما خلق الله من بيع وسلف والبيع والسلف الذي نهى عنه أن تنعقد العقدة على بيع وسلف وذلك أن أقول أبيعك هذا بكذا على أن تسلفني كذا وحكم السلف أنه حال فيكون البيع وقع بثمن معلوم ومجهول والبيع لا يجوز إلا أن يكون بثمن معلوم وهذا المسلف لم يكن له قط إلا طعام ولم تنعقد العقدة قط إلا عليه فلما كانت العقدة صحيحة وكان حلالا له أن يقبض طعامه كله وأن يفسخ البيع بينه وبينه في كله كان له أن يقبض بعضه ويفسخ البيع بينه وبينه في بعض وهكذا قال ابن عباس وسئل عنه فقال هذا المعروف الحسن الجميل قال
صفحة : 887
الشافعي ومن سلف رجلا دابة أو عرضا في طعام إلى أجل فلما حل الأجل فسأله أن يقيله منه فلا بأس بذلك كانت الدابة قائمة بعينها أو فائتة لأنه لو كانت الإقالة بيعا للطعام قبل أن يقبض لم يكن له إقالته فيبيعه طعاما له عليه بدابة للذي عليه الطعام ولكنه كان فسخ البيع وفسخ البيع إبطاله لم يكن بذلك بأس كانت الدابة قائمة أو مستهلكة فهي مضمونة وعليه قيمتها إذا كانت مستهلكة قال الشافعي ومن أقال رجلا في طعام وفسخ البيع وصارت له عليه دنانير مضمونة فليس له أن يجعلها سلفا في شيء قبل أن يقبضها كما لو كانت له عليه دنانير سلف أو كانت له في يديه دنانير وديعة لم يكن له أن يجعلها سلفا في شيء قبل أن يقبضها ومن سلف مائة في صنفين من التمر وسمي رأس مال كل واحد منهما فأراد أن يقيل في أحدهما دون الآخر فلا بأس لأن هاتين بيعتان مفترقتان وإن لم يسم رأس مال كل واحد منهما فهذا بيع أكرهه وقد أجازه غيري فمن أجازه لم يجعل له أن يقيل من البعض قبل أن يقبض من قبل أنهما جميعا صفقة لكل واحد منهما حصة من الثمن لا تعرف إلا بقيمة والقيمة مجهولة قال الشافعي ولا خير في أن أبيعك تمرا بعينه ولا موصوفا بكذا على أن تبتاع مني تمرا بكذا وهذان بيعتان في بيعة لأني لم أملك هذا بثمن معلوم إلا وقد شرطت عليك في ثمنه ثمنا لغيره فوقعت الصفقة على ثمن معلوم وحصة في الشرط في هذا البيع مجهولة وكذلك وقعت في البيع الثاني والبيوع لا تكون إلا بثمن معلوم قال الشافعي ومن سلف رجلا في مائة أردب فاقتضى منه عشرة أو أقل أو أكثر ثم سأله الذي عليه الطعام أن يرد عليه العشرة التي أخذ منه أو ما أخذ ويقيله فإن كان متطوعا بالرد عليه تمت الإقالة فلا بأس وإن كان ذلك على شرط أني لا أرده عليك إلا أن تفسخ البيع بيننا فلا خير في ذلك ومن كانت له على رجل دنانير فسلف الذي عليه الدنانير رجلا غيره دنانير في طعام فسأله الذي له عليه الدنانير أن يجعل له تلك الدنانير في سلفه أو يجعلها له تولية فلا خير في ذلك لأن التولية بيع وهذا بيع الطعام قبل أن يقبض ودين بدين وهو مكروه في الآجل والحال قال الشافعي ومن ابتاع من رجل مائة أردب طعام فقبضها منه ثم سأله البائع الموفى أن يقيله منها كلها أو بعضها فلا بأس بذلك وقال مالك لا بأس أن يقيله من الكل ولا يقيله من البعض قال الشافعي ولو أن نفرا اشتروا من رجل طعاما فأقاله بعضهم وأبى بعضهم فلا بأس بذلك ومن ابتاع من رجل طعاما كيلا فلم يكله ورضى أمانة البائع في كيله ثم سأله البائع أو غيره أن يشركه فيه قبل كيله فلا خير في ذلك لأنه لا يكون قابضا حتى يكتاله وعلى البائع أن يوفيه الكيل فإن
صفحة : 888
هلك في يد المشتري قبل أن يوفيه الكل فهو مضمون على المشتري بكيله والقول في الكيل قول المشتري مع يمينه فإن قال المشتري لا أعرف الكيل فأحلف عليه قيل للبائع إدعي في الكيل ما شئت فإذا ادعى قيل للمشتري إن صدقته فله في يديك هذا الكيل وإن كذبته فإن حلفت على شيء تسميه فأنت أحق باليمين وإن أبيت فأنت راد لليمين عليه حلف على ما ادعى وأخذه منك قال الشافعي الشركة والتولية بيع من البيوع يحل فيه ما يحل في البيوع ويحرم فيه ما يحرم في البيوع فمن ابتاع طعاما أو غيره فلم يقبضه حتى أشرك فيه رجلا أو يوليه إياه فالشركة باطلة والتوليه وهذا بيع الطعام قبل أن يقبض والإقالة فسخ للبيع قال الشافعي ومن ابتاع طعاما فاكتال بعضه ونقد ثمنه ثم سأل أن يقيله من بعضه فلا بأس بذلك قال الشافعي ومن سلف رجلا في طعام فاستغلاه فقال له البائع أنا شريكك فيه فليس بجائز قال الشافعي ومن باع من رجل طعاما بثمن إلى أجل فقبضه المبتاع وغاب عليه ثم ندم البائع فاستقاله وزاده فلا خير فيه من قبل أن الإقالة ليست ببيع فإن أحب أن يجدد فيه بيعا بذلك فجائز وقال مالك لا بأس به وهو بيع محدث قال الشافعي ومن باع طعاما حاضرا بثمن إلى أجل فحل الأجل فلا بأس أن يأخذ في ذلك الثمن طعاما ألا ترى أنه لو أخذ طعاما فاستحق رجع بالثمن لا بالطعام وهكذا إن أحاله بالثمن على رجل قال مالك لا خير فيه كله قال الشافعي ومن ابتاع بنصف درهم طعاما على أن يعطيه بنصف درهم طعاما حالا أو إلى أجل أو يعطي بالنصف ثوبا أو درهما أو عرضا فالبيع حرام لا يجوز وهذا من بيعتين في بيعة قال الشافعي رحمه الله تعالى ولو باع طعاما بنصف درهم الدرهم نقدا أو إلى أجل فلا بأس أن يعطيه درهما يكون نصفه له بالثمن ويبتاع منه بالنصف طعاما أو ما شاء إذا تقابضا من قبل أن يتفرقا وسواء كان الطعام من الصنف الذي باع منه أو غيره لأن هذه بيعة جديدة ليست في العقدة الأولى قال الشافعي وإذا ابتاع الرجل من الرجل طعاما بدينار حالا فقبض الطعام ولم يقبض البائع الدينار ثم اشترى البائع من المشتري طعاما بدينار فقبض الطعام ولم يقبض الدينار فلا بأس أن يجعل الدينار قصاصا من الدينار وليس أن يبيع الدينار بالدينار فيكون دينا بدين ولكن يبرئ كل واحد منهما صاحبه من الدينار الذي عليه بلا شرط فإن كان بشرط فلا خير فيه ID ' ' (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
صفحة : 889
باب بيع الآجال قال الشافعي وأصل ما ذهب إليه من ذهب في بيوع الآجال أنهم رووا عن عالية بنت أنفع أنها سمعت عائشة أو سمعت امرأة أبي السفر تروي عن عائشة أن امرأة سألتها عن بيع باعته من زيد بن أرقم بكذا وكذا إلى العطاء ثم اشترته منه بأقل من ذلك نقدا فقالت عائشة بئس ما اشتريت وبئس ما ابتعت أخبري زيد بن أرقم أن الله عز وجل قد أبطل جهاده مع رسول الله ﷺ إلا أن يتوب قال الشافعي قد تكون عائشة لو كان هذا ثابتا عنها عابت عليها بيعا إلى العطاء لأنه أجل غير معلوم وهذا مما لا نجيزه لا أنها عابت عليها ما اشترت منه بنقد وقد باعته إلى أجل ولو اختلف بعض أصحاب النبي ﷺ في شيء فقال بعضهم فيه شيئا وقال بعضهم بخلافه كان أصل ما نذهب إليه أنا نأحذ بقول الذي معه القياس والذي معه القياس زيد بن أرقم وجملة هذا أنا لا نثبت مثله على عائشة مع أن زيد بن أرقم لا يبيع إلا ما يراه حلالا ولا يبتاع مثله فلو أن رجلا باع شيئا أو ابتاعه نراه نحن محرما وهو يراه حلالا لم نزعم أن الله يحبط من عمله شيئا فإن قال قائل فمن اين القياس مع قول زيد قلت أرأيت البيعة الأولى أليس قد ثبت بها عليه الثمن تاما فإن قال بلى قيل أفرأيت البيعة الثانية أهي الأولى فإن قال لا قيل أفحرام عليه أن يبيع ماله بنقد وإن كان اشتراه إلى أجل فإن قال لا إذا باعه من غيره قيل فمن حرمه منه فإن قال كأنها رجعت إليه السلعة أو اشترى شيئا دينا بأقل منه نقدا قيل إذا قلت كان لما ليس هو بكائن لم ينبغ لأحد أن يقبله منك أرأيت لو كانت المسألة بحالها فكان باعها بمائة دينار دينا واشتراها بمائة أو بمائتين نقدا فإن قال جائز قيل فلا بد أن تكون أخطأت كان ثم أو ههنا لأنه لا يجوز له أن يشتري منه مائة دينار دينا بمائتي دينار نقدا فإن قلت إنما اشتريت منه السلعة قيل فهكذا كان ينبغي أن تقول أولا ولا تقول كان لما ليس هو كائن أرأيت البيعة الآخرة بالنقد لو انتقدت أليس ترد السلعة ويكون الدين ثابتا كما هو فتعلم أن هذه بيعة غير تلك البيعة فإن قلت إنما اتهمته قلنا هو أقل تهمة على ماله منك فلا تركن عليه إن كان خطأ ثم تحرم عليه ما أحل الله له لأن الله عز وجل أحل البيع وحر الربا وهذا بيع وليس بربا وقد روى إجازة البيع إلى عطاء عن غير واحد وروى عن غيرهم خلافه وإنما اخترنا أن لا يباع إليه لأن العطاء قد يتأخر ويتقدم وإنما الآجال معلومة بأيام موقوتة أو اهله وأصلها في القرآن قال الله عز وجل يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وقال تعالى واذكروا الله في
صفحة : 890
أيام معدودات وقال عز وجل فعدة من أيام أخر فقد وقت بالأهلة كما وقت بالعدة وليس العطاء من مواقيته تبارك وتعالى وقد يتأخر الزمان ويتقدم وليس تتأخر الأهلة أبدا أكثر من يوم فإذا اشترى الرجل من الرجل السلعة فقبضها وكان الثمن إلى أجل فلا بأس أن يبتاعها من الذي اشتراها منه ومن غيره بنقد أقل او أكثر مما اشتراها به أو بدين كذلك أو عرض من العروض ساوى العرض ما شاء أن يساوي وليست البيعة الثانية من البيعة الأولى بسبيل ألا ترى أنه كان للمشتري البيعة الأولى إن كانت أمة أن يصيبها أو يهبها أو يعتقها أو يبيعها ممن شاء غير بيعه بأقل أو أكثر مما اشتراها به نسيئة فإذا كان هكذا فمن حرمها على الذي اشتراها وكيف يتوهم أحد وهذا إنما تملكها ملكا جديدا بثمن لها لا بالدنانير المتأخرة أن هذا كان ثمنا للدنانير المتأخرة وكيف إن جاز هذا على الذي باعها لا يجوز على أحد لو اشتراها قال الشافعي المأكول والمشروب كله مثل الدنانير والدراهم لا يختلفان في شيء وإذا بعت منه صنفا بصنفه فلا يصلح إلا مثلا بمثل يدا بيد إن كان كيلا فكيل وإن كان وزنا فوزن كما لا تصلح الدنانير بالدنانير إلا يدا بيد وزنا بوزن ولا تصلح كيلا بكيل وإذا اختلف الصنفان منه فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة كما يصلح الذهب بالورق متفاضلا ولا يجوز نسيئة وإذا اختلف الصنفان فجاز الفضل في أحدهما على الآخر فلا بأس أن يشتري منه جزافا بجزاف لأن أكثر ما في الجزاف أن يكون متفاضلا والتفاضل لا بأس به وإذا كان شيء من الذهب أو الفضة أو المأكول أو المشروب فكان الآدميون يصنعون فيه صنعة يستخرجون بها من الأصل شيئا يقع عليه اسم دون اسم فلا خير في ذلك الشيء بشيء من الأصل وإن كثرت الصنعة فيه كما لو أن رجلا عمد إلى دنانير فجعلها طستا أو قبة أو حليا ما كان لم تجز بالدنانير أبدا إلا وزنا بوزن وكما لو أن رجلا عمد إلى تمر فحشاه في شن أو جرة أو غيرها نزع نواه أو لم ينزعه لم يصلح أن يباع بالتمر وزنا بوزن لأن أصلهما الكيل والوزن بالوزن قد يختلف في أصل الكيل فكذلك لا يجوز حنطة بدقيق لأن الدقيق من الحنطة وقد يخرج من الحنطة من الدقيق ما هو أكثر من الدقيق الذي بيع بها وأقل ذلك أن يكون مجهولا بمعلوم من صنف فيه الربا وكذلك حنطة بسويق وكذلك حنطة بخبز وكذلك حنطة بفالوذج إن كان نشا سععة من حنطة وكذلك سمسم بسمسم وزيت بزيتون لا يصلح هذا لما وصفت وكذلك لا يصلح التمر المنثور بالتمر المكبوس لأن أصل التمر الكيل قال الشافعي وإذا بعت شيئا من المأكول أو المشروب أو الذهب أو الورق بشيء من
صفحة : 891
صنفه فلا يصلح إلا مثلا بمثل وإن يكون ما بعت منه صنفا واحدا جيدا أو رديئا ويكون ما اشتريت منه صنفا واحدا ولا يبالي أن يكون أجود أو اردأ مما اشتريته به ولا خير في أن يأخذ خمسين دينارا مروانية وخمسين حدبا بمائة هاشمية ولا بمائة غيرها وكذلك لا خير في أن يأخذ صاع بردى وصاع لون بصاعي صيحاني وإنما كرهت هذا من قبل أن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفين فكل واحد منهما مبيع بحصته من الثمن فيكون ثمن صاع البردى بثلاثة دنانير وثمن صاع اللون دينار وثمن صاع الصيحاني يسوى دينارين فيكون صاع البردى بثلاثة أرباع صاعي الصحياني وذلك صاع ونصف وصاع اللون بربع صاعى الصيحاني وذلك نصف صاع صيحاني فيكون هذا التمر بالتمر متفاضلا وهكذا هذا في الذهب والورق وكل ما كان فيه الربا في التفاضل في بعضه على بعض قال الشافعي وكل شيء من الطعام يكون رطبا ثم ييبس فلا يصلح منه رطب بيابس لأن النبي ﷺ سئل عن الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس فقال نعم فنهى عنه فنظر في المعتقب فكذلك ننظر في المعتقب فلا يجوز رطب برطب لأنهما إذا تيبسا اختلف نقصهما فكانت فيهما الزيادة في المعتقب وكذلك كل مأكول لا ييبس إذا كان مما ييبس فلا خير في رطب منه برطب كيلا بكيل ولا وزنا بوزن ولا عددا بعدد ولا خير في أترجة بأترجة ولا بطيخة ببطيخة وزنا ولا كيلا ولا عددا فإذا اختلف الصنفان فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض ولا خير فيه نسيئة ولا بأس بأترجة ببطيخة وعشر بطيخات وكذلك ما سواهما فإذا كان من الرطب شيء لا ييبس بنفسه أبدا مثل الزيت والسمن والعسل واللبن فلا بأس ببعضه على بعض إن كان مما يوزن فوزنا وإن كان مما يكال فكيلا مثلا بمثل ولا تفاضل فيه حتى يختلف الصنفان ولا خير في التمر بالتمر حتى يكون ينتهى يبسه وإن انتهى يبسه إلا أن بعضه أشد انتفاخا من بعض فلا يضره إذا انتهى يبسه كيلا بكيل قال الشافعي وإذا كان منه شيء مغيب مثل الجوز واللوز وما يكون مأكوله في داخله فلا خير في بعضه ببعض عددا ولا كيلا ولا وزنا فإذا اختلف فلا بأس به من قبل أن مأكوله مغيب وأن قشره يختلف في الثقل والخفة فلا يكون أبدا إلا مجهولا بمجهول فإذا كسر فخرج مأكوله فلا بأس في بعضه ببعض يدا بيد مثلا بمثل وإن كان كيلا فكيل وإن كان وزنا فوزنا ولا يجوز الخبز بعضه ببعض عددا ولا وزنا ولا كيلا من قبل أنه إذا كان رطبا فقد يبس فينقص وإذا انتهى يبسه فلا يستطاع أن يكتال وأصله الكيل فلا خير فيه وزنا لأنا لا نحيل الوزن إلى الكيل أخبرنا الربيع قال قال الشافعي
صفحة : 892
وأصله الوزن والكيل بالحجاز فكل ما وزن على عهد النبي ﷺ فأصله الوزن وكل ما كيل فأصله الكيل وما أحدث الناس منه مما يخالف ذلك رد إلى الأصل قال الشافعي وإذا ابتاع الرجل ثمر النخلة أو النخل بالحنطة فتقابضا فلا بأس بالبيع لأنه لا أجل فيه وإني أعد القبض في رؤوس النخل قبضا كما أعد قبض الجزاف قبضا إذا خلى المشتري بينه وبينه لا حائل دونه فلا بأس فإن تركته أنا فالترك من قبلي ولو أصيب كان علي لأني قابض له ولو أني اشتريته على أن لا أقبضه إلى غد أو أكثر من ذلك فلا خير فيه لأني إنما اشتريت الطعام بالطعام إلى أجل وهكذا اشتراؤه بالذهب والفضة لا يصلح أن أشتريه بهما على أن أقبضه في غد أو بعد غد لأنه قد يأتي غد أو بعد غد فلا يوجد ولا خير في اللبن الحليب باللبن المضروب لأن في المضروب ماء فهو ماء ولبن ولو لم يكن فيه ماء فأخرج زبده لم يجز بلبن لم يخرج زبده لأنه قد اخرج منه شيء هو من نفس جسده ومنفعته وكذلك لا خير في تمر قد عصر وأخرج صفوه بتمر لم يخرج صفوه كيلا بكيل من قبل أنه قد أخرج منه شيء من نفسه وإذا لم يغير عن خلقته فلا بأس به قال الشافعي ولا يجوز اللبن باللبن إلا مثلا بمثل كيلا بكيل يدا بيد ولا يجوز إذا خلط في شيء منه ماء بشيء قد خلط فيه ماء ولا بشيء لم يخلط فيه ماء لأنه ماء ولبن بلبن مجهول والألبان مختلفة فيجوز لبن الغنم بلبن الغنم الضأن والمعز وليس لبن الظباء منه ولبن البقر بلبن الجواميس والعراب وليس لبن البقر الوحش منه ويجوز لبن الإبل بلبن الإبل العراب والبخت وكل هذا صنف الغنم صنف والبقر صنف والإبل صنف وكل صنف غير صاحبه فيجوز بعضه ببعض متفاضلا يدا بيد ولا يجوز نسيئة ويجوز أنسيه بوحشيه متفاضلا وكذلك لحومه مختلفة يجوز الفضل في بعضها على بعض يدا بيد ولا يجوز نسيئة ويجوز رطب يابس إذا اختلف ورطب برطب ويابس بيابس فإذا كان منها شيء من صنف واحد مثل لحم غنم بلحم غنم لم يجز رطب برطب ولا رطب بيابس وجاز إذا يبس فانتهى يبسه بعضه ببعض وزنا والسمن مثل اللبن قال الشافعي ولا خير في مد زبد ومد لبن بمدى زبد ولا خير في جبن بلبن لأنه قد يكون من اللبن جبن إلا أن يختلف اللبن والجبن فلا يكون به بأس قال الشافعي وإذا أخرج زبد اللبن فلا بأس بأن يباع بزبد وسمن لأنه لا زبد في اللبن ولا سمن وإذا لم يخرج زبده فلا خير فيه بسمن ولا زبد ولا خير في الزيت إلا مثلا بمثل يدا بيد إذا كان من صنف واحد فإذا اختلف فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة ولا بأس بزيت الزيتون بزيت الفجل وزيت الفجل
صفحة : 893
بالشيرق متفاضلا قال الشافعي ولا خير في خل العنب بخل العنب إلا سواء ولا بأس بخل العنب بخل التمر وخل القصب لأن أصوله مختلفة فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض وإذا كان خل لا يوصل إليه إلا بالماء مثل خل التمر وخل الزبيب فلا خير فيه بعضه ببعض من قبل أن الماء يكثر ويقل ولا بأس به إذا اختلف والنبيذ الذي لا يسكر مثل الخل قال الشافعي ولا بأس بالشاة الحية التي لا لبن فيها حين تباع باللبن يدا بيد ولا خير فيها إن كان فيها لبن حين تباع باللبن لأن للبن الذي فيها حصة من اللبن الموضوع لا تعرف وإن كانت مذبوحة لا لبن فيها فلا بأس بها بلبن ولا خير فيها مذبوحة بلبن إلى أجل ولا بأس بها قائمة لا لبن فيها بلبن إلى أجل لأنه عرض بطعام ولأن الحيوان غير الطعام فلا بأس بما سميت من أصناف الحيوان بأي طعام شئت إلى أجل لأن الحيوان ليس من الطعام ولا مما فيه ربا ولا بأس بالشاة للذبح بالطعام إلى أجل قال الشافعي ولا بأس بالشاة باللبن إذا كانت الشاة لا لبن فيها من قبل أنها حينئذ بمنزلة العرض بالطعام والمأكول كل ما أكله بنو آدم وتداووا به حتى الأهليلج والصبر فهو بمنزلة الذهب بالذهب والورق بالذهب وكل ما لم يأكله بنو آدم واكلته البهائم فلا بأس ببعضه ببعض متفاضلا يدا بيد والى أجل معلوم قال الشافعي والطعام بالطعام إذا اختلف بمنزلة الذهب بالورق سواء يجوز فيه ما يجوز فيه ويحرم فيه ما يحرم فيه قال الشافعي وإذا اختلف أجناس الحيتان فلا بأس ببعضها ببعض متفاضلا وكذلك لحم الطير إذا اختلف أجناسها ولا خير في اللحم الطري بالمالح والمطبوخ ولا باليابس على كل حال ولا يجوز الطري بالطري ولا اليابس بالطري حتى يكونا يابسين أو حتى تختلف أجناسهما فيجوز على كل حال كيف كان قال الربيع ومن زعم أن اليمام من الحمام فلا يجوز لحم اليمام بلحم الحمام متفاضلا ولا يجوز إلا يدا بيد مثلا بمثل إذا انتهى يبسه وإن كان من غير الحمام فلا بأس به متفاضلا قال الشافعي ولا يباع اللحم بالحيوان على كل حال كان من صنفه أو من غير صنفه قال الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الحيوان باللحم قال الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة قال قدمت المدينة فوجدت جزورا قد جزرت فجزئت أجزاء كل جزء منها بعناق فأردت أن أبتاع منها جزءا فقال لي رجل من أهل المدينة إن رسول الله ﷺ نهى أن يباع حي بميت فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيرا قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق أنه كره بيع الحيوان باللحم قال
صفحة : 894
الشافعي سواء كان الحيوان يؤكل لحمه أو لا يؤكل قال الشافعي سواء اختلف اللحم والحيوان أو لم يختلف ولا بأس بالسلف في اللحم إذا دفعت ما سلفت فيه قبل أن تأخذ من اللحم شيئا وتسمى اللحم ما هو والسمانة والموضع والأجل فيه فإن تركت من هذا شيئا لم يجز ولا خير في أن يكون الأجل فيه إلا واحدا فإذا كان الأجل فيه واحدا ثم شاء أن يأخذ منه شيئا في كل يوم أخذه وإن شاء أن يترك ترك قال الشافعي ولا خير في أن يأخذ مكان لحم ضأن قد حل لحم بقر لأن ذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى قال الشافعي ولا خير في السلف في الرؤوس ولا في الجلود من قبل أنه لا يوقف للجلود على ذرع وأن خلقتها تختلف فتتباين في الرقة والغلظ وأنها لا تستوي على كيل ولا وزن ولا يجوز السلف في الرءوس لأنها لا تستوي على وزن ولا تضبط بصفة فتجوز كما تجوز الحيوانات المعروفة بالصفة ولا يجوز أن تشتري إلا يدا بيد قال الشافعي ولا بأس بالسلف في الطري من الحيتان إن ضبط بوزن وصفة من صغر وكبر وجنس من الحيتان مسمى لا يختلف في الحال التي يحل فيها فإن أخطأ من هذا شيئا لم يجز قال الشافعي ولا بأس بالسلف في الحيوان كله في الرقيق والماشية والطير إذا كان تضبط صفته ولا يختلف في الحين الذي يحل فيه وسواء كان مما يستحيا أو مما لا يستحيا فإذا حل من هذا شيء وهو من أي شيء ابتيع لم يجز لصاحبه أن يبيعه قبل أن يقبضه ولا يصرفه إلى غيره ولكنه يجوز له أن يقيل من أصل البيع ويأخذ الثمن ولا يجوز أن يبيع الرجل الشاة ويستثنى شيئا منها جلدا ولا غيره في سفر ولا حضر ولو كان الحديث ثبت عن النبي ﷺ في السفر أجزناه في السفر والحضر قال الشافعي فإن تبايعا على هذا فالبيع باطل وإن أخذ ما استثنى من ذلك وفات رجع البائع على المشتري فأخذ منه قيمة اللحم يوم أخذه قال الشافعي ولا خير في أن يسلف رجل في لبن غنم بأعيانها سمي الكيل أو لم يسمه كما لا يجوز أن يسلف في طعام أرض بعينها فإن كان اللبن من غنم بغير أعيانها فلا بأس وكذلك إن كان الطعام من غير أرض بعينها فلا بأس قال ولا يجوز أن يسلف في لبن غنم بعينها الشهر ولا أقل من ذلك ولا أكثر بكيل معلوم كما لا يجوز أن يسلف في ثمر حائط بعينه ولا زرع بعينه ولا يجوز السلف بالصفة إلا في الشيء المأمون أن ينقطع من أيدي الناس في الوقت الذي يحل فيه ولا يجوز أن يباع لبن غنم بأعيانها شهرا يكون للمشتري ولا أقل من شهر ولا أكثر من قبل أن الغنم يقل لبنها ويكثر وينفد وتأتي عليه الآفة وهذا بيع ما لم يخلق قط وبيع ما إذا خلق كان غير موقوف على حده بكيل لأنه يقل ويكثر وبغير صفة لأنه يتغير
صفحة : 895