كتاب الأم - المجلدالثاني4
يكون من يكفر في زمان غلاء السعر ببلد أقل كفارة من أهل المدينة إن كان إنما زعم أن هذا لغلاء سعر أهل المدينة وقيل له هل رأيت من فرائض الله شيئا خفف عن أحد أو اختلفوا في صلاة أو زكاة أو حد أو غيره قال الشافعي وزعم زاعم غير قائل هذا أنه قال الطعام حيث شاء المكفر في الحج والصوم كذلك قال الشافعي فقيل له لئن زعمت أن الدم لا يكون إلا بمكة ما ينبغي أن يكون الطعام إلا بمكة كما قلت لأنهما طعامان قال فما حجتك في الصوم قلت أذن الله للمتمتع أن يكون من صومه ثلاث في الحج وسبعة إذا رجع ولم يكن في الصوم منفعة لمساكين الحرم وكان على بدن الرجل فكان عملا بغير وقت فيعمله حيث شاء
باب هل لمن أصاب الصيد أن يفديه بغير النعم
قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة إلى قوله صياما فكان المصيب مأمورا بأن يفديه وقيل له من النعم أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما فاحتمل أن يكون جعل له الخيار بأن يفتدى بأي ذلك شاء ولا يكون له أن يخرج من واحد منها وكان هذا أظهر معانيه وأظهرها الأولى بالآية وقد يحتمل أن يكون أمر بهدى إن وجده فإن لم يجده فطعام فإن لم يجده فصوم كما أمر في التمتع وكما أمر في الظهار والمعنى الأول أشبههما وذلك أن رسول الله ﷺ أمر كعب ابن عجرة بأن يكفر بأي الكفارات شاء في فدية الأذى وجعل الله تعالى إلى المولى أن يفيء أو يطلق وإن احتمل الوجه الآخر فإن قال قائل فهل قال ما ذهبت إليه غيرك قيل نعم أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما قال عطاء فإن أصاب إنسان نعامة كان عليه إن كان ذا يسار أن يهدى جزورا أو عدلها طعاما أو عدلها صياما أيتهن شاء من أجل قوله الله عز وجل فجزاء كذا وكذا وكل شيء في القرآن أو أو فليختر منه صاحبه ما شاء قال ابن جريج فقلت لعطاء أرأيت إن قدر على الطعام ألا يقدر على عدل الصيد الذي أصاب قال ترخيص الله عسى أن يكون عنده طعام وليس عنده ثمن الجزور وهي الرخصة قال الشافعي إذا جعلنا إليه ذلك كان له أن يفعل أية شاء وإن كان قادرا على اليسير معه
صفحة : 706
والاختيار والاحتياط له أن يفدى بنعم فإن لم يجد فطعام وأن لا يصوم إلا بعد الإعواز منهما أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو ابن دينار في قول الله عز وجل ففدية من صيام أو صدقة أو نسك له أيتهن شاء أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال كل شيء في القرآن أو أو له أية شاء قال ابن جريج إلا في قوله إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله فليس بمخير فيها قال الشافعي وكما قال ابن جريج وعمرو في المحارب وغيره في هذه المسألة أقول قيل للشافعي فهل قال أحد ليس هو بالخيار فقال نعم أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن الحسن ابن مسلم قال من أصاب من الصيد ما يبلغ فيه شاة فذلك الذي قال الله فجزاء مثل ما قتل من النعم وأما أو كفارة طعام مساكين فذلك الذي لا يبلغ أن يكون فيه هدى العصفور يقتل فلا يكون فيه هدى قال أو عدل ذلك صياما عدل النعامة وعلد العصفور قال ابن جريج فذكرت ذلك لعطاء فقال عطاء كل شيء في القرآن أو أو يختار منه صاحبه ما شاء قال الشافعي وبقول عطاء في هذا أقول قال الله عز وجل في جزاء الصيد هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما وقال جل ثناؤه فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وروى عن رسول الله ﷺ أنه قال لكعب بن عجرة أي ذلك فعلت أجزأك قال الشافعي ووجدتهما معا فدية من شيء أفيت قد منع المحرم من إفاتته الأول الصيد والثاني الشعر قال الشافعي فكل ما أفاته المحرم سواهما مما نهى عن إفاتته فعليه جزاؤه وهو بالخيار بين أن يفديه من النعم أو الطعام أو الصوم أي ذلك شاء فعل كان واجدا وغير واجد قال الله عز وجل فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام الآية قال الشافعي فكان التمتع بالعمرة إلى الحج ليس فإفاتة شيء جعل الله عز وجل فيه الهدى فما فعل المحرم من فعل تجب عليه فيه الفدية وكان ذلك الفعل ليس بإفاتة شيء فعليه أن يفديه من النعم إن بلغ النعم وليس له أن يفديه بغير النعم وهو يجد النعم وذلك مثل طيب ما تطيب به أو لبس ما ليس له لبسه أو جامع أو نال من امرأته أو ترك من نسكه أو ما في معنى هذا
صفحة : 707
قال الشافعي فإن قال فما معنى قول الله عز وجل فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه قلت الله أعلم أما الظاهر فإنه مأذون بحلاق الشعر للمرض والأذى في الرأس وإن لم يمرض فإذا جعلت عليه في موضع الفدية النعم فقلت لا يجوز إلا من النعم ما كانت موجودة فأعوز المفتدى من النعم لحاجة أو انقطاع من النعم فكان يقدر على طعام قوم الذي وجب عليه دراهم والدراهم طعاما ثم تصدق بالطعام على كل مسكين بمد وإن أعوز من الطعام صام عن كل مد يوما فإن قال قائل فإذا قسته على هذه المتعة فكيف لم تقل فيه ما قلت في المتمتع قيل له إن شاء الله قسته عليه في أنه جامعه في أنه فعل لا إفاتة وفرقت بينه وبينه أنه يختلف فيكون بدنة على قدر عظم ما أصاب وشاة دون ذلك فلما كان ينتقل فيقل ويكثر بقدر عظم ما أصاب فارق في هذا المعنى هدى المتعة الذي لا يكون على أحد إذا وجد أقل ولا أكثر منه وإن زاد عليه كان متطوعا قال الشافعي فصرنا بالطعام والصوم إلى المعنى المعقول في القرآن من كفارة المظاهر والقتل والمصيب أهله في شهر رمضان ومن هذا ترك البيتوته ب منى وترك المزدلفة والخروج قبل أن تغيب الشمس من عرفة وترك الجمار وما أشبهه الإعواز من هدى المتعة ووقته قال الشافعي قال الله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى إلى قوله عشرة كاملة قال الشافعي فدل الكتاب على أن يصوم في الحج وكان معقولا في الكتاب أنه في الحج الذي وجب به الصوم ومعقولا أنه لا يكون الصوم إلا بعد الدخول في الحج لا قبله في شهور الحج ولا غيرها قال الشافعي فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فإن أهل بالحج في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة كان له أن يصوم حين يدخل في الحج وعليه أن لا يخرج من الحج حتى يصوم إذا لم يجد هديا وأن يكون آخر ماله من الأيام في آخر صيامه الثلاث يوم عرفة وذلك أنه يخرج من الغد من يوم عرفة أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها في المتمتع إذا لم يجد هديا ولم يصم قبل يوم عرفة فليصم أيام منى أخبرنا إبراهيم عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه مثل ذلك
صفحة : 708
قال الشافعي وبهذا نقول وهو معنى ما قلنا والله أعلم ويشبه القرآن قال الشافعي واختلف عطاء وعمرو بن دينار في وجوب صوم المتمتع أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال لا يجب عليه الصوم حتى يوافي عرفة مهلا بالحج وقال عمرو ابن دينار إذا أهل بالحج وجب عليه الصوم قال الشافعي وبقول عمرو بن دينار نقول وهو أشبه بالقرآن ثم الخبر عن عائشة وابن عمر قال الشافعي فإذا أهل بالحج ثم مات من ساعته أو بعد قبل أن يصوم ففيها قولا أحدهما أن عليه دم المتعة لأنه دين عليه لأنه لم يصم ولا يجوز أن يصام عنه وهذا قول يحتمل والقول الثاني لا دم عليه ولا صوم لأن الوقت الذي وجب عليه فيه الصوم وقت زال عنه فرض الدم وغلب على الصوم فإن كان بقى مدة يمكنه أن يصوم فيها ففرط تصدق عنه مكان الثلاثة الأيام ثلاثة أمداد حنطة لأن السبعة لا تجب عليه إلا بعد الرجوع إلى أهله ولو رجع إلى أهله ثم مات ولم يصم الثلاثة ولا السبع تصدق عنه في الثلاث وما أمكنه صومه من السبع فتركه يوما كان ذلك أو أكثر قال الشافعي في صوم المتمتع أيام منى نهى رسول الله ﷺ عن صوم أيام منى ولا نجد السبيل إلى أن يكون النهي خاصا إذا لم يكن عن النبي ﷺ دلالة بأن نهيه إنما هو على ما لا يلزم من الصوم وقد يجوز أن يكون من قال يصوم المتمتع أيام مني ذهب عليه نهي النبي ﷺ عنها فلا أرى أن يصوم أيام منى وقد كنت أراه وأسأل الله التوفيق قال الشافعي ووجدت أيام منى خارجا من الحج يحل به إذا طاف بالبيت النساء فلم يجز أن أقول هذا في الحج وهو خارج منه وإن بقى عليه بعض عمله فإن قال قائل فهل يحتمل اللسان أن يكون في الحج قيل نعم يحتمله اللسان ما بقى عليه من الحج شيء احتمالا مستكرها باطنا لا ظاهرا ولو جاز هذا جاز إذا لم يطف الطواف الذي يحل به من حجه النساء شهرا أو شهرين يصومهن على أنه صامهن في الحج قال ولو جاز أن يصوم أيام منى جاز فيها يوم النحر لأنه منهى عن صومه وصومها ونهى رسول الله ﷺ عن صومها مرة كنهيه عن صوم يوم النحر مرة ومرارا
ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
صفحة : 709
باب الحال التي يكون المرء فيها معوزا بما لزمه من فدية
قال الشافعي إذا حج الرجل وقد وجبت عليه بدنة فليس له أن يخرج منها إذا كان قادرا عليها فإن قدر على الهدى لم يطعم وإن لم يقدر على الهدى أطعم ولا يكون الطعام والهدى إلا بمكة وإن لم يقدر على واحد منهما صام حيث شاء ولو صام في فوره ذلك كان أحب إلى أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في صيام المفتدى ما بلغني في ذلك شيء وإني لأحب أن يصنعه في فوره ذلك أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال كان مجاهد يقول فدية من صيام أو صدقة أو نسك في حجه ذلك أو عمرته أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن سليمان بن موسى قال في المفتدى بلغني أنه فيما بين أن صنع الذي وجبت عليه فيه الفدية وبين أن يحل إن كان حاجا أن ينحر وإن كان معتمرا بأن يطوف قال الشافعي وهذا إن شاء الله هكذا فإن قال قائل ما دل على ما وصفت قيل إن كانت الفدية شيئا وجبت بحج وعمرة فأحب إلى أن يفتدى في الحج والعمرة وذلك أن إصلاح كل عمل فيه كما يكون إصلاح الصلاة فيها وإن كان هذا يفارق الصلاة بأن الفدية غير الحج وإصلاح الصلاة فالاختيار فيه ما وصفت وقد روى أن ابن عباس أمر رجلا يصوم ولا يفتدى وقدر له نفقته فكأنه لولا أنه رأى الصوم يجزيه في سفره لسأله عن يسره ولقال آخر هذا حتى تصير إلى قال الشافعي فأنظر إلى حال من وجبت عليه الفدية في حج أو عمرة في ذلك الحج أو العمرة فإن كان واجدا للفدية التي لا يجزيه إذا كان واجدا غيرها جعلتها عليه لا مخرج له منها فإذا جعلتها عليه فلم يفتد حتى أعوز كان دينا عليه حتى يؤديه متى قدر عليه وأحب إلى أن يصوم احتياطا لا إيجابا ثم إذا وجد أهدى قال الشافعي وإذا كان غير قادر تصدق فإن لم يقدر صام فإن صام يوما أو أكثر ثم أيسر في سفره أو بعد فليس عليه أن يهدى وإن فعل فحسن قال وإن كان معوزا حين وجبت فلم يتصدق ولم يصم حتى أيسر أهدى ولا بد له لأنه مبتديء شيئا فلا يبتديء صدقة ولا صوما وهو يجد هديا قال وإن رجع إلى بلده وهو معوز في سفره ولم يفتد حتى أيسر ثم أعوز كان عليه هدى لا بد له لأنه لم يخرج من الهدى إلى غيره حتى أيسر فلا بد من هدى وأحب إلى أن يصوم احتياطا لا واجبا وإذا جعلت الهدى عليه دينا فسواء بعث به من بلده أو اشترى له بمكة فنحر عنه لا
صفحة : 710
يجزي عنه حتى يذبح بمكة ويتصدق به وكذلك الطعام وأما الصوم فيقضيه حيث شاء إذا أخره عن سفره وهكذا كل واجب عليه من أي وجه كان من دم أو طعام لا يجزيه إلا بمكة
فدية النعام
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء الخراساني أن عمر بن الخطاب وعثمان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية رضي الله تعالى عنهم قالوا في النعامة يقتلها المحرم بدنة من الإبل قال الشافعي هذا غير ثابت عند أهل العلم بالحديث وهو قول الأكثر ممن لقيت في قولهم إن في النعامة بدنة وبالقياس قلنا في النعامة بدنة لا بهذا فإذا أصاب المحرم نعامة ففيها بدنة أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء فكانت ذات جنين حين سميتها أنها جزاء النعامة ولدت فمات ولدها قبل أن يبلغ محله أغرمه قال لا قلت فابتعتها ومعها ولدها فأهديتها فمات ولدها قبل أن يبلغ محله أغرمه قال لا قال الشافعي وهذا يدل على أن عطاء يرى في النعامة بدنة وبقوله نقول في البدنة والجنين في كل موضع وجبت فيه بدنة فأوجبت جنينا معها فينحر معها ونقول في كل صيد يصاد ذات جنين ففيه مثله ذات جنين
ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
صفحة : 711
باب بيض النعامة يصيبه المحرم
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال إن أصبت بيض نعامة وأنت لا تدري غرمتها قال الشافعي وبهذا نقول لأن بيضة من الصيد جزء منها لأنها تكون صيدا ولا أعلم في هذا مخالفا ممن حفظت عنه ممن لقيت وقول عطاء هذا يدل على أن البيضة تغرم وأن الجاهل يغرم لأن هذا إتلاف قياسا على قتل الخطأ وبهذا نقول قال الشافعي وفي بيض النعام قيمته لأنه حيث يصاب من قبل أنه خارج مما له مثل من النعم وداخل فيما له قيمة من الطير مثل الجرادة وغيرها قياسا على الجرادة فإن فيها قيمتها فقلت للشافعي فهل تروي فيها شيئا عاليا قال أما شيء يثبت مثله فلا فقلت فما هو فقال أخبرني الثقة عن أبي الزناد عن الأعرج أن النبي ﷺ قال في بيضة النعامة يصيبها المحرم قيمتها أخبرنا سعيد بن سالم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن عبدالله بن الحصين عن أبي موسى الأشعري أنه قال في بيضة النعامة يصيبها المحرم صوم يوم أو إطعام مسكين أخبرنا سعيد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي عبيدة عن عبدالله بن مسعود مثله فقلت للشافعي أفرأيت إن كان في بيضة النعامة فرخ فقال لي كل ما أصاب المحرم مما لا مثل له من النعم ولا أثر فيه من الطائر فعليه فيه قيمته بالموضع الذي أصابه فيه وتقومه عليه كما تقومه لو أصابه وهو لإنسان فتقوم البيضة لا فرخ فيها قيمة بيضة لا فرخ فيها والبيضة فيها فرخ قيمة بيضة فيها فرخ وهو أكثر من قيمة بيضة لا فرخ فيها قلت فإن كانت البيضة فاسدة قال تقومها فاسدة إن كانت لها قيمة وتتصدق بقيمتها وإن لم يكن لها قيمة فلا شيء عليك فيها قلت للشافعي أفيأكلها المحرم قال لا لأنها من الصيد وقد يكون منها صيد قلت للشافعي فالصيد ممتنع وهو غير ممتنع قال الشافعي وقد يكون من الصيد ما يكون مقصوصا وصغيرا فيكون غير ممتنع والمحرم يجزيه إذا أصابه إن ذلك قد كان ممتنعا أؤ يؤول إلى الامتناع قال وقد تؤول البيضة إلى أن يكون منها فرخ ثم يؤول إلى أن يمتنع الخلاف في بيض النعام فقلت للشافعي أخالفك أحد في بيض النعامة قال نعم قلت قال ماذا قال قال قوم إذا كان في النعامة بدنة فتحمل على البدنة وروي هذا عن علي رضي الله عنه من
صفحة : 712
وجه لا يثبت أهل العلم بالحديث مثله ولذلك تركناه وبأن من وجب عليه شيء لم يجزه بمغيب يكون ولا يكون وإنما يجزيه بقائم قلت للشافعي فهل خالفك غيره قال نعم رجل كأنه سمع هذا القول فاحتذى عليه قلت وما قال فيه قال عليه عشر قيمة أمه كما يكون في جنين الأمة عشر قيمة الأمة قلت أفرأيت لهذا وجها قال لا البيضة إن كانت جنينا كان لم يصنع شيئا من قبل أنها مزايلة لأمها فحكمها حكم نفسها والجنين لو خرج من أمه ثم قتله إنسان وهو حي كانت فيه قيمة نفسه ولو خرج ميتا فقطعه إنسان لم يكن عليه شيء فإن شئت فاجعل البيضة في حال ميت أوحى فقد فرق بينهما وما للبيضة والجنين إنما حكم البيضة حكم نفسها فلا يجوز إذا كانت ليست من النعم إلا أن يحكم فيها بقيمتها قال الشافعي ولقد قال لي قائل ما في هذه البيضة شيء لأنها مأكولة غير حيوان وللمحرم أكلها ولكن هذا خلاف مذهب أهل العلم
باب بقر الوحش وحمار الوحش والثيتل والوعل
قلت للشافعي أرأيت المحرم يصيب بقرة الوحش أو حمار الوحش فقال في كل واحد منهما بقرة فقلت للشافعي ومن أين أخذت هذا فقال قال الله تبارك وتعالى لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم قال الشافعي ومثل ما قتل من النعم يدل على أن المثل على مناظرة البدن فلم يجز فيه إلا أن ينظر إلى مثل ما قتل من داوب الصيد فإذا جاوز الشاة رفع إلى الكبش فإذا جاوز الكبش رفع إلى بقرة فإذا جاوز البقرة رفع إلى بدنة ولا يجاوز شيء مما يؤدي من دواب الصيد بدنة وإذا كان أصغر من شاة ثنية أو جذعة خفض إلى أصغر منها فهكذا القول في دواب الصيد أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في بقرة الوحش بقرة وفي حمار الوحش بقرة وفي الأروى بقرة أخبرنا سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحق الهمداني عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال في بقرة الوحش بقرة وفي الإبل بقرة قال الشافعي وبهذا نقول قال الشافعي والأروى دون البقرة المسنة وفوق الكبش وفيه عضب ذكرا وأنثى أي ذلك شاء فداه به
صفحة : 713
قال الشافعي وإن قتل حمار وحش صغيرا أو ثيتلا صغيرا فداه ببقرة صغيرة ويفدى الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى قال وإذا أصاب أروى صغيرة خفضناه إلى أصغر منه من البقر حتى يجعل فيه مالا يفوته وهكذا ما فدى من دواب الصيد قال الشافعي إن كان ما أصيب من الصيد بقرة رقوب فضربها فألقت ما في بطنها حيا فمات فداهما ببقرة وولد بقرة مولود وهكذا هذا في كل ذات حمل من الدواب قال الشافعي وإن خرج ميتا وماتت أمه فأراد فداءه طعاما يقوم المصاب منه ماخضا بمثله من النعم ماخضنا ويقوم ثمن ذلك المثل من النعم طعاما أخبرنا مالك وسفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في الضبع بكبش قال الشافعي وهذا قول من حفظت عنه من مفتينا المكيين قال الشافعي في صغار الضبع صغار الضأن وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول في الضبع كبش حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عكرمة مولى ابن عباس قال أنزل رسول الله ﷺ ضبعا صيدا وقضى فيها كبشا قال الشافعي وهذا حديث لا يثبت مثله لو انفرد وإنما ذكرناه لأن مسلم بن خالد أخبرنا عن ابن جريج عن عبدالله بن عبيد بن عمير عن ابن أبي عمار قال ابن أبي عمار سألت جابرا ابن عبدالله عن الضبع أصيد هي قال نعم قلت أتؤكل قال نعم قلت سمعته من رسول الله ﷺ قال نعم قال الشافعي وفي هذا بيان أنه إنما يفدى ما يؤكل من الصيد دون ما لا يؤكل أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه قال الضبع
ID ' ' (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
صفحة : 714
باب في الغزال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وسفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر أن عمر ابن الخطاب قضى في الغزال بعنز قال الشافعي وبهذا نقول والغزال لا يفوت العنز أخبرنا سعيد عن إسرائيل ابن يونس عن أبي إسحق عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال في الظبي تيس أعفر أو شاة مسنة قال الشافعي يفدى الذكران بالذكران والإناث بالإناث مما أصيب والإناث في هذا كله أحب إلى أن يفدى به إلا أن يكون يصغر عن بدل المقتول فيفدى الذكر ويفدى بالذي يلحق بأبدانهما أخبرنا سعيد بن سالم عن إسرائيل بن يونس عن سماك عن عكرمة أن رجلا بالطائف أصاب ظبيا وهو محرم فأتى عليا فقال أهد كبشا أو قال تيسا من الغنم قال سعيد ولا أراه إلا قال تيسا قال الشافعي وبهذا نأخذ لما وصفت قبله مما يثبت فأما هذا فلا يثبته أهل الحديث أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في الغزال شاة أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب قضى في الأرنب بعناق أخبرنا سعيد بن سالم عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحق عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال في الأرنب شاة أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن مجاهدا قال في الأرنب شاة قال الشافعي الصغيرة والكبيرة من الغنم يقع عليها اسم شاة فإن كان عطاء ومجاهد أرادا صغيرة فكذلك نقول ولو كانا أرادا مسنة خالفناهما وقلنا قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وما روي عن ابن عباس من أن فيها عناقا دون المسنة وكان أشبه بمعنى كتاب الله تعالى وقد روى عن عطاء ما يشبه قولهما أخبرنا سعيد بن سالم عن الربيع بن صبيح عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في الأرنب عناق أو حمل
ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
صفحة : 715
باب في اليربوع
أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في اليربوع بجفرة أخبرنا سفيان عن عبدالكريم الجزري عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود أخبرنا سعيد عن الربيع بن صبيح عن عطاء ابن أبي رباح أنه قال في اليربوع جفرة قال الشافعي وبهذا كله نأخذ
باب الثعلب
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه كان يقول في الثعلب شاة أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عياش ابن عبدالله بن معبد أنه كان يقول في الثعلب شاة
باب الضب
أخبرنا ابن عيينة عن مخارق عن طارق بن شهاب قال خرجنا حجاجا فأوطأ رجل منا يقال له أربد ضبا ففقر ظهره فقدمنا على عمر فسأله أربد فقال له عمر احكم فيه يا أربد فقال أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم فقال له عمر إنما أمرتك أن تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني فقال أربد أرى فيه جديا قد جمع الماء والشجر فقال عمر فذاك فيه أخبرنا سعيد بن سالم عن عطاء أنه قال في الضب شاة قال الشافعي إن كان عطاء أراد شاة صغيرة فبذلك نقول وإن كان أراد مسنة خالفناه وقلنا بقول عمر فيه وكان أشبه بالقرآن
ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
صفحة : 716
باب الوبر
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في الوبر إن كان يؤكل شاة قال الشافعي قول عطاء إن كان يؤكل يدل على أنه إنما يفدى ما يؤكل قال الشافعي فإن كانت العرب تأكل الوبر ففيه جفرة وليس بأكثر من جفرة بدنا أخبرنا سعيد أن مجاهدا قال في الوبر شاة
باب أم حبين
أخبرنا سفيان عن مطرف عن أبي السفر أن عثمان بن عفان قضى في أم حبين بحملان من الغنم قال الشافعي يعنى حملا قال الشافعي إن كانت العرب تأكلها فهي كما روى عن عثمان يقضى فيها بولد شاة حمل أو مثله من المعز مما لا يفوته
باب دواب الصيد التي لم تسم
قال الشافعي رحمه الله تعالى كل دابة من الصيد المأكول سميناها ففداؤها على ما ذكرنا وكل دابة من دواب الصيد المأكول لم نسمها ففداؤها قياسا على ما سمينا فداءه منها لا يختلف فيما صغر عن الشاة منها أولاد الغنم يرفع في أولاد الغنم بقدر ارتفاع الصيد حتى يكون الصيد مجزيا بمثل بدنه من أولاد الغنم أو أكبر بدنا منه شيئا ولا يجزي دابة من الصيد إلا من النعم والنعم الإبل والبقر والغنم قال الشافعي فإن قال قائل ما دل على ما وصفت والعرب تقول للابل الأنعام وللبقر البقر وللغنم الغنم قيل هذا كتاب الله تعالى كما وصفت فإذا جمعتها قلت نعما كلها وأضفت الأدنى منها إلى الأعلى وهذا معروف عند أهل العلم بها وقد قال الله تعالى أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم فلا أعلم مخالفا أنه عنى الإبل والبقر والغنم والضأن وهي الأزواج الثمانية قال الله تعالى من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرام أم الأثنيين الآية وقال ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين فهي بهيمة الأنعام وهي الأزواج الثمانية وهي الأنسية التي منها الضحايا والبدن التي يذبح المحرم ولا يكون ذلك من غيرها من الوحش
ID ' ' عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
صفحة : 717
فدية الطائر يصيبه المحرم
قال الشافعي رحمه الله قال الله تعالى لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم إلى قوله فجزاء مثل ما قتل من النعم قال الشافعي وقول الله عز وجل مثل ما قتل من النعم يدل على أنه لا يكون المثل من النعم إلا فيما له مثل منه والمثل لدواب الصيد لأن النعم دواب رواتع في الأرض والدواب من الصيد كهي في الرتوع في الأرض وأنها دواب مواش لا طوائر وأن أبدانها تكون مثل أبدان النعم ومقاربة لها وليس شيء من الطير يوافق خلق الدواب في حال ولا معانيها معانيها فإن قال قائل فكيف تقدى الطائر ولا مثل له من النعم قيل فديته بالاستدلال بالكتاب ثم الآثار ثم القياس والمعقول فإن قال فأين الاستدلال بالكتاب قيل قال الله عز وجل أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما فدخل الصيد المأكول كله في التحريم ووجدت الله عز وجل أمر فيما له مثل منه أن يفدى بمثله فلما كان الطائر لا مثل له من النعم وكان محرما ووجدت رسول الله ﷺ يقضى بقضاء في الزرع بضمانه والمسلمون يقضون فيما كان محرما أن يتلف بقيمته فقضيت في الصيد من الطائر بقيمته بأنه محرم في الكتاب وقياسا على السنة والإجماع وجعلت تلك القيمة لمن جعل الله له المثل من الصيد المحرم المقضى بجزائه لأنهما محرمان معا لا مالك لهما أمر بوضع المبدل منهما فيمن بحضرة الكعبة من المساكين
ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
صفحة : 718
فدية الحمام
أخبرنا سعيد بن سالم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن عبدالله بن كثير الداري عن طلحة بن أبي حفصة عن نافع بن عبدالحرث قال قدم عمر بن الخطاب مكة فدخل دار الندوة في يوم الجمعة وأراد أن يستقرب منها الرواح إلى المسجد فألقى رداءه على واقف في البيت فوقع عليه طير من هذا الحمام فأطاره فانتزته حية فقتلته فلما صلى الجمعة دخلت عليه أنا وعثمان بن عفان فقال احكما علي في شيء صنعته اليوم إني دخلت هذه الدار وأردت أن أستقرب منها الرواح إلى المسجد فألقيت ردائي على هذا الواقف فوقع عليه طير من هذا الحمام فخشيت أن يلطخه بسلحه فأطرته عنه فوقع على هذا الواقف الآخر فانتهزته حية فقتلته فوجدت في نفسي أني أطرته من منزلة كان فيها آمنا إلى موقعة كان فيها حتفه فقلت لعثمان كيف ترى في عنز ثنية عفراء نحكم بها على أمير المؤمنين قال إنى أرى ذلك فأمر بها عمر أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أن عثمان بن عبيدالله بن حميد قتل ابن له حمامة فجاء ابن عباس فقال له ذلك فقال ابن عباس اذبح شاة فتصدق بها قال ابن جريج فقلت لعطاء أمن حمام مكة قال نعم قال الشافعي ففي قول ابن عباس دلالتان إحداهما أن في حمام مكة شاة والأخرى أنه يتصدق بالفداء على المساكين وإذا قال يتصدق به فإنما يعني كله لا بعضه أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء وأخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء في الحمامة شاة أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قال مجاهد أمر عمر بن الخطاب بحمامة فأطيرت فوقعت على المروة فأخذتها حية فجعل فيها شاة قال الشافعي من أصاب من حمام مكة بمكة حماية ففيها شاة ابتاعا لهذه الآثار التي ذكرنا عن عمر وعثمان وابن عباس وابن عمر وعاصم بن عمر وعطاء وابن المسيب لا قياسا
ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
صفحة : 719
في الجراد
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن عبدالله بن أبي عمار أخبره أنه أقبل مع معاذ بن جبل وكعب الأحبار في أناس محرمين من بيت المقدس بعمرة حتى إذا كنا ببعض الطريق وكعب على نار يصطلى مرت به رجل من جراد فأخذ جرادتين فملهما ونسى إحرامه ثم ذكر إحرامه فألقاهما فلما قدمنا المدينة دخل القوم على عمر ابن الخطاب ودخلت معهم فقص كعب قصة الجرادتين على عمر فقال عمر من بذلك أمرك يا كعب قال نعم قال إن حمير تحب الجراد قال ما جعلت في نفسك قال درهمين قال بخ درهمان خير من مائة جرادة اجعل ما جعلت في نفسك قال الشافعي في هذا الحديث دلائل منها إحرام معاذ وكعب وغيرهم من بيت المقدس وهو وراء الميقات بكثير وفيه أن كعبا قتل الجرادتين حين أخذهما بلا ذكاة وهذا كله قد قص على عمر فلم ينكره وقول عمر درهمان خير من مائة جرادة أنك تطوعت بما ليس عليك فافعله متطوعا أخبرنا سعيد عن بكير بن عبدالله ابن الأشج قال سمعت القاسم بن محمد يقول كنت جالسا عند عبدالله بن عباس فسأله رجل عن جرادة قتلها وهو محرم فقال فيها قبضة من طعام ولنأخذن بقبضة جرادات ولكن ولو وهذا يدل على أنه إنما رأى عليه قيمة الجرادة وأمره بالإحتياط وفي الجرادة قيمتها في الموضع الذي يصيبها فيه كان تمرة أو أقل أو أكثر وهذا مذهب القوم والله أعلم ووجدت مذهب عمر وابن عباس وغيرهم في الجرادة أن فيها قيمتها ووجدت كذلك مذهبهم أن في دواب الصيد مثله من النعم بلا قيمة لأن الضبع لا يسوى كبشا والغزال قد يسوى عنزا ولا يسوى عنزا واليربوع لا يسوي جفرة والأرنب لا يسوي عناقا قلما رأيتهم ذهبوا في دواب الصيد على تقارب الأبدان لا القيم لما وصفت ولأنهم حكموا في بلدان مختلفة أزمان شتى ولو حكموا بالقيم لاختلفت أحكامهم لاختلاف البلدان والأزمان ولقالوا فيه قيمته كما قالوا في الجرادة ووجدت مذاهبهم مجتمعة على الفرق بين الحكم في الدواب والطائر لما وصفت من أن في الدواب مثلا من النعم وفي الجرادة من الطائر قيمة وفيما دون الحمام قال الشافعي ثم وجدت مذاهبهم تفرق بين الحمام وبين الجرادة لأن العلم يحيط أن ليس يسوى حمام مكة شاة وإذا كان هذا هكذا فإنما فيه اتباعهم لأنا لا نتوسع في خلافهم إلا إلى مثلهم ولم
صفحة : 720
نعلم مثلهم خالفهم والفرق بين حمام مكة وما دونه من صيد الطير يقتله المحرم لا يجوز فيه إلا أن يقال بما تعرف العرب من أن الحمام عندهم أشرف الطائر وأغلاه ثمنا بأنه الذي كانت تؤلف في منازلهم وتراه أعقل الطائر وأجمعه للهداية بحيث يؤلف وسرعة الألفة وأصواته التي لها عندهم فضل لاستحسانهم هديرها وأنه كانوا يستمتعون بها لأصواتها وإلفها وهدايتها وفراخها وكانت مع هذا مأكولة ولم يكن شيء من مأكول الطائر ينتفع به عندها إلا لأن يؤكل فيقال كل شيء من الطائر سمته العرب حمامة ففيه شاة وذلك الحمام نفسه واليمام والقماري والدباسي والفواخت وكل ما أوقعت العرب عليه اسم حمامة قال الشافعي وقد كان من العرب من يقول حمام الطائر ناس الطائر أي يعقل عقل الناس وذكرت وقال الشاعر أحن إذا حمامة بطن وج تغنت فوق مرقبة حنينا وقال جرير إني تذكرني الزبير حمامة تدعو بمدفع رامتين هديلا قال الربيع وقال الشاعر وقفت على الرسم المحيل فهاجني بكاء حمامات على الرسم وقع قال الشافعي مع شعر كثير قالوه فيها ذهبوا فيه إلى ما وصفت من أن أصواتها غناء وبكاء معقول عندهم وليس ذلك في شيء من الطائر غير ما وقع عليه اسم الحمام قال الشافعي فيقال فيما وقع عليه اسم الحمام من الطائر فيه شاة لهذا الفرق باتباع الخبر عمن سميت في حمام مكة ولا أحسبه يذهب فيه مذهب أشبه بالفقه من هذا المذهب ومن ذهب هذا المذهب انبغى أن يقول ما لم يقع عليه اسم حمامة مما دونها أو فوقها ففيه قيمته في الموضع الذي يصاب فيه
ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
صفحة : 721
الخلاف في حمام مكة
قال الشافعي وقد ذهب ذاهب إلى أن في حمام مكة شاة وما سواه من حمام غير حمام مكة وغيره من الطائر قيمته قال الشافعي ويدخل على الذي قال في حمام مكة شاة إن كان إنما جعله لحرمة الحمام نفسه أن يجعل على من قتل حمام مكة خارجا من الحرم وفي غير إحرام شاة قال الشافعي ولا شيء في حمام مكة إذا قتل خارجا من الحرم وقتله غير محرم وإذا كان هذا مذهبنا ومذهبه فلس لحمام مكة إلا ما لحمام غير مكة وإن كان ذهب إلى أنه جمع أنه في الحرم ومن حمام مكة انبغى أن يقول هذا في كل صيد غيره قتل في الحرم قال الشافعي ومذهبنا ومذهبه أن الصيد يقتله المحرم القارن في الحرم كالصيد يقتله المحرم المفرد أو المعتمر خارجا من الحرم وما قال من هذا قول إذا كشف لم يكن له وجه ولا يصح أن يقول في حمام الحرم فيه شاة ولا يكون في غير حمام الحرم شاة إذا كان قوله إن حمام الحرم إذا أصيب خارجا منه في غير إحرام فلا شيء فيه أخبرنا سعيد بن سالم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أنه قال إن أصاب المحرم حمامة خارجا من الحرم فعليه درهم وإن أصاب من حمام الحرم في الحرم فعليه شاة قال الشافعي وهذا وجه من القول الذي حكيت قبله وليس له وجه يصح من قبل أنه يلزمه أن يجعل في حمام مكة إذا أصيب خارجا من الحرم وفي غير إحرام فدية ولا أحسبه يقول هذا ولا أعلم أحدا يقوله وقد ذهب عطاء في صيد الطير مذهبا يتوجه ومذهبنا الذي حكينا أصح منه أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في كل شيء صيد من الطير الحمامة فصاعدا شاة وفي اليعقوب والحجلة والقطاة والكروان والكركي وابن الماء ودجاجة الحبش والخرب شاة شاة فقلت لعطاء أرأيت الخرب فإنه أعظم شيء رأيته قط من صيد الطير أيختلف أن يكون فيه شاة قال لا كل شيء من صيد الطير كان حمامة فصاعدا ففيه شاة قال الشافعي وإنما تركناه على عطاء لما وصفنا وأنه كان يلزمه إذا جعل في الحمامة شاة لا لفضل الحمامة ومباينتها ما سواها أن يزيد فيما جاوزها من الطائر عليها لا يستقيم إلا هذا إذا لم يفرق بينهما بما فرقنا به بينهما أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في القمري والدبسي شاة شاة
صفحة : 722
قال الشافعي وعامة الحمام ما وصفت ما عب في الماء عبا من الطائر فهو حمام وما شربه قطرة قطرة كشرب الدجاج فليس بحمام وهكذا أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء
بيض الحمام
قال الشافعي رحمه الله وفي بيض حمام مكة وغيره من الحمام وغيره مما يبيض من الصيد الذي قال الشافعي كما قلنا في بيض النعامة بالحال التي يكسرها بها فإن كسرها لافرخ فيها ففيها قيمة بيضة وإن كسرها وفيها فرخ ففيها قيمة بيضة فيها فرخ لو كانت لإنسان فكسرها غيره وإن كسرها فاسدة فلا شيء عليه فيها كما لا يكون عليه شيء فيها لو كسرها لأحد قال الشافعي وقول عطاء في بيض الحمام خلاف قولنا فيه أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء كم في بيضة حمام مكة قال نصف درهم بين البيضتين درهم وإن كسرت بيضة فيها فرخ ففيها درهم قال الشافعي أرى عطاء أراد بقوله هذا القيمة يوم قاله فإن كان أراد هذا فالذي نأخذ به قيمتها في كل ما كسرت وإن كان أراد بقوله أن يكون قوله هذا حكما فيها فلا نأخذ به
ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
صفحة : 723
الطير غير الحمام
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال لم أر الضوع أو الضوع شك الربيع فإن كان حماما ففيه شاة قال الشافعي الضوع طائر دون الحمام وليس يقع عليه اسم الحمام ففيه قيمته وفي كل طائر أصابه المحرم غير حمام ففيه قيمته كان أكبر من الحمام أو أصغر وذلك أن الله تبارك وتعالى قال قال الشافعي فخرج الطائر من أن يكون له مثل وكان معروفا بأنه داخل في التحريم فالمثل فيه بالقيمة إذا كان لا مثل له من النعم وفيه أن هذا قياس على قول عمر وابن عباس في الجرادة وقول من وافقهم فيها وفي الطائر دون الحمام وقد قال عطاء في الطائر قولا إن كان قاله لأنه يومئذ ثمن الطائر فهو موافق قولنا وإن كان قاله تحديدا له خالفناه فيه للقياس على قول عمر وابن عباس وقوله وقول غيره في الجراد وأحسبه عمد به إلى أن يحدد به ولا يجوز أن يحدد إلا بكتاب أو سنة أو أمر لم يختلف فيه أو قياس ولولا أنه لم يختلف في حمام مكة ما فديناه بشاة لأنه ليس بقياس وبذلك تركنا على عطاء تحديده في الطائر فوق الحمام ودونه وفي بيض الحمام ولم نأخذ ما أخذنا من قوله إلا بأمر وافق كتابا أو سنة أو أثرا لا مخالف له أو قياسا فإن قال قائل ما حد ما قال عطاء فيه قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قال لي عطاء في العصافير قولا بين لي فيه وفسر قال أما العصفور ففيه نصف درهم قال عطاء وأرى الهدهد دون الحمامة وفوق العصفور ففيه درهم قال عطاء والكعيت عصفور قال الشافعي ولما قال من هذا تركنا قوله إذا كان في عصفور نصف درهم عنده وفي هدهد درهم لأنه بين الحمامة وبين العصفور فكان ينبغي أن يجعل في الهدهد لقربه من الحمامة أكثر من
ID ' ' يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
صفحة : 724
باب الجراد
أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال سمعت عطاء يقول سئل ابن عباس عن صيد الجراد في الحرم فقال لا ونهى عنه قال أنا قلت له أو رجل من القوم فإن قومك يأخذونه وهم محتبون في المسجد فقال لا يعلمون أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مثله إلا أنه قال منحنون قال الشافعي ومسلم أصوبهما وروى الحفاظ عن ابن جريج منحنون أخبرنا سعيد ومسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في الجرادة يقتلها وهو لا يعلم قال إذا يغرمها الجرادة صيد أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرنا بكير بن عبدالله قال سمعت القاسم بن محمد يقول كنت جالسا عند ابن عباس فسأله رجل عن جرادة قتلها وهو محرم فقال ابن عباس فيها قبضة من طعام ولنأخذن بقبضة جرادات ولكن ولو قال الشافعي وقوله ولنأخذن بقبضة جرادات إنما فيها القيمة وقوله ولو يقول تحتاط فتخرج أكثر مما عليك بعد أن أعلمتك أنه أكثر مما عليك أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك عن عبدالله بن أبي عمار أخبره أنه أقبل مع معاذ بن جبل وكعب روى الحديث وهو معاذ قال الشافعي قول عمر درهمان خير من مائة جرادة يدل على أنه لا يرى في الجراد إلا قيمته وقوله اجعل ما جعلت في نفسك أنك هممت بتطوع بخير فافعل لا أنه عليك قال الشافعي والدبا جراد صغار ففي الدباة منه أقل من تمرة إن شاء الذي يفديه أو لقمة صغيرة وما فدى به فهو خير منه أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه سأل عطاء عن الدبا أقتله قال لا ها الله إذا فإن قتلته فاغرم قتل ما أغرم قال قدر ما تغرم في الجرادة ثم اقدر قدر غرامتها من غرامة الجرادة أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء قتلت وأنا حرام جرادة أودبا وأنا لا أعلمه أو قتل ذلك بعيري وأنا عليه قال اغرم كل ذلك تعظم بذلك حرمات الله قال الشافعي إذا كان المحرم على بعيره أو يقوده أو يسوقه غرم ما أصاب بعيره منه وإن كان بعيره متفلتا لم يغرم ما أصاب بغيره منه
صفحة : 725
أخبرنا سعيد عن طلحة بن عمرو عن عطاء أنه قال في جرادة إذا ما أخذها المحرم قبضة من طعام قال الشافعي إذا كسر بيض الجراد فداه وما فدى به كل بيضة منه من طعام فهو خير منها وإن أصاب بيضا كثيرا احتاط حتى يعلم أنه أدى قيمته أو أكثر من قيمته قياسا على بيض كل صيد
باب العلل فيما أخذ من الصيد لغير قتله
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في إنسان أخذ حمامة يخلص ما في رجلها فماتت قال ما أرى عليه شيئا قال الشافعي ومن قال هذا القول قاله إذا أخذها ليخلصها من شيء ما كان من في هر أو سبع أو شق جدار لحجت فيه أو أصابتها لدغة فسقاها ترياقا أو غيره ليداويها وكان أصل أخذها ليطرح ما يضرها عنها أو يفعل بها ما ينفعها لم يضمن وقال هذا في كل صيد قال الشافعي وهذا وجه محتمل ولو قال رجل هو ضامن له وإن كان أراد صلاحا فقد تلف على يديه كان وجها محتملا والله أعلم أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء بيضة حمامة وجدتها على فراشي فقال أمطها عن فراشك قال ابن جريج فقلت لعطاء وكانت في سهوة أو في مكان في البيت كهيئة ذلك معتزل قال فلا تمطها قال الشافعي وهذا قول وبه آخذ فإن أخرجها فتلفت ضمن وهذا وجه يحتمل من أن له أن يزيل عن فراشه إذا لم يكسره فلو فسدت بإزالته بنقل الحمام عنها لم يكن عليه فدية ويحتمل إن فسدت بإزالته أن تكون عليه فدية ومن قال هذا قال الحمام لو وقع على فرشاه فأزاله عن فراشه فتلف بإزالته عن فراشه كانت عليه فيه فدية كما أزال عمر الحمام عن ردائه فتلف بإزالته ففداه أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال وإن كان جراد أو دبا وقد أخذ طريقك كلها ولا تجد محيصا عنها ولا مسلكا فقتلته فليس عليك غرم قال الشافعي يعني إن وطئته فأما أن تقتله بنفسه بغير الطريق فتغرمه لا بد قال الشافعي وقوله هذا يشبه قوله في البيضة تماط عن الفراش وقد يحتمل ما وصفت من أن هذا كله قياس على ما صنع عمر بن الخطاب في إزالته الحمام عن ردائه فأتلفته حية ففداه
صفحة : 726
نتف ريش الطائر
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن مجاهد عن أبيه وعن عطاء قالا من نتف ريش حمامة أو طير من طير الحرم فعليه فداؤه بقدر ما نتف قال الشافعي وبهذا نقول يقوم الطائر عافيا ومنتوفا ثم يجعل فيه قدر ما نقصه من قيمته ما كان يطير ممتنعا من أن يؤخذ ولا شيء عليه غير ذلك فإن تلف بعد فالاحتياط أن يفديه بجميع ما فيه لا بما ذهب منه لأنه لا يدري لعله تلف من نتفه والقياس لا شيء عليه إذا طار ممتنعا حتى يعلم أنه مات من نتفه قال وإن كان المنتوف من الطائر غير ممتنع فحبسه في بيته أو حيث شاء فألقطه وسقاه حتى يطير ممتنعا فدى ما نقص النتف منه ولا شيء عليه غير ذلك قال الشافعي وإن أخر فداءه فلم يدر ما يصنع فداه احتياطا والقياس أن لا يفديه حتى يعلمه تلف قال الشافعي وما أصابه في حال نتفه فأتلفه ضمن فيه التالف لأنه منعه الامتناع وإن طار طيرانا غير ممتنع به كان كمن لا يطير في جميع جوابنا حتى يكون طيرانه طيرانا ممتنعا ومن رمى طيرا فجرحه جرحا يمتع معه أو كسره كسرا لا يمتنع معه فالجواب فيه كالجواب في نتف ريش الطائر سواء لا يخالفه فإن حبسه حتى يجبر ويصير ممتنعا قوم صحيحا ومكسورا ثم غرم فضل ما بين قيمتيه من قيمة جزائه وإن كان جبر أعرج لا يمتنع فداه كله لأنه صيره غير ممتنع بحال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال إن رمى حرام صيدا فأصابه ثم لم يدر ما فعل الصيد فليغرمه أخبرنا سعيد عن ابن جريج أراه عن عطاء قال في حرام أخذ صيدا ثم أرسله فمات بعد ما أرسله يغرمه قال سعيد بن سالم إذا لم يدر لعله مات من أخذه إياه أو مات من إرساله له أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال إن أخذته ابنته فلعبت به فلم يدر ما فعل فليتصدق قال الشافعي الاحتياط أن يجزيه ولا شيء عليه في القياس حتى يعلمه تلف
ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
صفحة : 727
الجنادب والكدم
أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء كيف ترى في قتل الكدم والجندب أتراهما بمنزلة الجرادة قال لا الجرادة صيد يؤكل وهما لا يؤكلان وليستا بصيد فقلت أقتلهما فقال ما أحب فإن قتلتهما فليس عليك شيء قال الشافعي إن كانا لا يؤكلان فهما كما قال عطاء سواء لا أحب أن يقتلا وإن قتلا فلا شيء فيهما وكل ما لا يؤكل لحمه فلا يفديه المحرم
قتل القمل
أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح قال سمعت ميمون بن مهران قال كنت عند ابن عباس فسأله قال الشافعي من قتل من المحرمين قملة ظاهرة على جسده أو ألقاها أو قتل قملا حلال فلا فدية عليه والقملة ليست بصيد ولو كانت صيدا كانت غير مأكولة فلا تفدى وهي من الإنسان لا من الصيد وإنما قلنا إذا أخرجها من رأسه فقتلها أو طرحها افتدى بلقمة وكل ما افتدى به أكثر منها وإنما قلنا يفتدى إذا أخرجها من رأسه فقتلها أو طرحها لأنها كالإماطة للأذى فكرهناه كراهية قطع الظفر والشعر قال الشافعي والصئبان كالقمل فيما أكره من قتلها وأجيز
ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
صفحة : 728
المحرم يقتل الصيد الصغير أو الناقص
قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم قال الشافعي فالمثل مثل صفة ما قتل وشبهه الصحيح بالصحيح والناقص بالناقص والتام بالتام قال الشافعي ولا تحتمل الآية إلا هذا ولو تطوع فأعطى بالصغير والناقص تاما كبيرا كان أحب إلى ولا يلزمه ذلك أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء أرأيت لو قتلت صيدا فإذا هو أعور أو أعرج أو منقوص فمثله أغرم إن شئت قال نعم قال ابن جريج فقلت له وواف أحب إليك قال نعم أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال إن قتلت ولد ظبي ففيه ولد شاة مثله أو قتلت ولد بقرة وحشى ففيه ولد بقرة أنسى مثله قال فإن قتلت ولد طائر ففيه ولد شاة مثله فكل ذلك على ذلك
ما يتوالد في أيدي الناس من الصيد وأهل بالقرى
أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء أرأيت كل صيد قد أهل بالقرى فتوالد بها من صيد الطير وغيره أهو بمنزلة الصيد قال نعم ولا تذبحه وأنت محرم ولا ما ولد في القرية أولادها بمنزلة أمهاتها أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر ولم يسمعه منه أنه كان يرى داجنة الطير والظباء بمنزلة الصيد قال الشافعي بهذا كله نأخذ ولا يجوز فيه إلا هذا ولو جاز إذا تحولت حال الصيد عن التوحش إلى الاستئناس أن يصير حكمه حكم الإنسى جاز للمحرم ذبحه وأن يضحى به ويجزي به ما قتل من الصيد وجاز إذا توحش الإنسى من الإبل والبقر والشاء أن يكون صيدا يجزيه المحرم لو ذبحه أو قتله ولا يضحى به ولا يجزيء به غيره ولكن كل هذا على أصله قال الشافعي وإذا اشترك الوحشى في الولد أو الفرخ لم يجز للمحرم قتله فإن قتله فداه كله كاملا وأي أبوي الولد والفرخ كان أما أو أب وذلك أن ينزو حمار وحشى أتانا أهلية أو حمار أهلى أتانا وحشية فتلد أو يعقوب دجاجة أو ديك يعقوبة فتبيض أو تفرخ فكل هذا إذا قتله المحرم فداه من قبل أن المحرم منه على المحرم يختلط بالحلال له لا يتميز منه وكل حرام اختلط بحلال فلم يتميز منه حرم كاختلاط الخمر بالمأكول وما أشبه هذا وإن أشكل على قالت شيء من هذا
صفحة : 729
أخلطه وحشى أو لم يخلطه أو ما قتل منه وحشى أو إنسى فداه احتياطا ولم يجب فداؤه حتى يعلم أن قد قتل وحشيا أو ما خالطه وحشى أو كسر بيض وحشى أو ما خالطه وحشى
مختصر الحج المتوسط
أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال ميقات أهل المدينة من ذي الحليفة ومن وراء المدينة من أهل الشام والمغرب ومصر وغيرها من الحجفة وأهل تهامة اليمن يلملم وأهل نجد اليمن وكل نجد قرن وأهل المشرق ذات عرق ولو أهلوا من العقيق كان أحب إلى والمواقيت لأهلها ولكل من مر عليها ممن أراد حجا أو عمرة فلو مر مشرقي أو مغربي أو شامى أو مصري أو غيره بذي الحليفة كانت ميقاته وهكذا لو مر مدني بميقات غير ميقاته ولم يأت من بلده كان ميقاته ميقات أهل البلد الذي مر به والمواقيت في الحج والعمرة والقران سواء قال ومن سلك على غير المواقيت برا أو بحرا أهل إذا حاذى المواقيت ويتأخى حتى يهل من جدر المواقيت أو من ورائه ولا بأس أن يهل أحد من وراء المواقيت إلا أنه لا يمر بالميقات إلا محرما فإن ترك الإحرام حتى يجاوز الميقات رجع إليه فإن لم يرجع إليه أهراق دما قال وإذا كان الميقات قرية أهل من أقصاها مما يلى بلده وهكذا إذا كان الميقات واديا أو ظهرا أهل من أقصاه مما يلي بلده من الذي هو أبعد من الحرم وأقل ما عليه فيه أن يهل من القرية لا يخرج من بيوتها أو من الوادي أو من الظهر إلا محرما ولو أنه أتى على ميقات من المواقيت لا يريد حجا ولا عمرة فجاوزه لم يحرم ثم بدا له أن يحرم أحرم من الموضع الذي بدا له وذلك ميقاته ومن كان أهله دون الميقات مما يلى الحرم فميقاته من حيث يخرج من أهله لا يكون له أن يجاوز ذلك إلا محرما فإن جاوزه غير محرم ثم أحرم بعدما جاوزه رجع حتى يهل من أهله وكان حراما في رجوعه ذلك وإن لم يرجع إليه أهراق دما
ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
صفحة : 730
الطهارة للاحرام
قال الشافعي أستحب للرجل والمرأة الطاهر والحائض والنفساء الغسل للاحرام فإن لم يفعلوا فأهل رجل على غير وضوء أو جنبا فلا إعادة عليه ولا كفارة وما كانت الحائض تفعله كان للرجل أن يفعله جنبا وغير متوضيء
اللبس للاحرام
قال الشافعي يجتمع الرجل والمرأة في اللبوس في الإحرام في شيء ويفترقان في غيره فأما ما يجتمعان فيه فلا يلبس واحد منهما ثوبا مصبوغا بطيب ولا ثوبا فيه طيب والطيب الزعفران والورس وغير ذلك من أصناف الطيب وإن أصاب ثوبا من ذلك شيء فغسل حتى يذهب ريحه فلا يوجد له ريح إذا كان الثوب يابسا أو مبلولا فلا بأس أن يلبسه وإن لم يذهب لونه ويلبسان الثياب المصبغة كلها بغير طيب مثل الصبغ بالسدر والمدر والسواد والعصفر وإن نفض وأحب إلى في هذا كله أن يلبس البياض وأحب إلى أن تكون ثيابهما جددا أو مغسولة وإن لم يتكن جددا ولا مغسولة فلا يضرهما ويغسلان ثيابهما ويلبسان من الثياب ما لم يحرما فيه ثم لا يلبس الرجل عمامة ولا سراويل ولا خفين ولا قميصا ولا ثوبا محيطا مما يلبس بالخياطة مثل القباء والدراعة وما أشبهه ولا يلبس من هذا شيئا من حاجة إليه إلا أنه إذا لم يجد إزارا لبس أخبرنا سفيان قال سمعت عمرو بن دينار يقول سمعت أبا الشعثاء يقول سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين وإذا لم يجد إزارا لبس سراويل أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال من لا يجد نعلين يلبس خفين ويقطعهما أسفل من الكعبين قال الشافعي وإذا اضطر المحرم إلى لبس شيء غير السراويل والخفين لبسه وافتدى والفدية صيام ثلاثة أيام أو نسك شاة أو صدقة على ستة مساكين مدين بمد النبي ﷺ وتلبس المرأة الخمار والخفين ولا تقطعهما والسراويل من غير ضرورة والدرع والقميص والقباء وحرمها من لبسها في وجهها فلا تخمر وجهها وتخمر رأسها فإن خمرت وجهها عامدة افتدت وإن خمر المحرم رزسه عامدا افتدى وله أن يخمر وجهه وللمرأة أن تجافى الثوب عن وجهها تستتر به وتجافى الخمار ثم تسدله على وجهها لا يمس وجهها ويلبس الرجل والمرأة المنطقة للدراهم والدنانير فوق الثياب وتحتها قال وإن لبست المرأة والرجل ما ليس لهما أن يلبساه
صفحة : 731
ناسيين أو تطيبا ناسيين لإحرامهما أو جاهلين لما عليهما في ذلك غسلا الطيب ونزعا الثياب ولا فدية عليهما أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه أن أعرابيا جاء إلى النبي ﷺ وعليه مقطعة وبه أثر صفرة فقال أحرمت بعمرة وعلى ما ترى فقال النبي ما كنت فاعلا في حجك قال أنزع المنطقة وأغسل هذه الصفرة فقال النبي ﷺ فافعل في عمرتك ما تفعل في حجك قال الشافعي ولم يأمر النبي ﷺ بكفاة ولا بأس أن تلبس المرأة المحرمة القفازين كان سعد بن أبي وقاص يأمر بناته أن يلبسن القفازين في الإحرام ولا تتبرقع المحرمة قال الشافعي وإذا مات المحرم لم يقرب طيبا وغسل بماء وسدر ولم يلبس قميصا وخمر وجهه ولم يخمر رأسه يفعل به في الموت كما يفعل هو بنفسه في الحياة أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كنا مع النبي ﷺ فخر رجل محرم عن بعيره فوقص فمات فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه اللذين مات فيهما فإنه يبعث يوم القيامة مهلا أو ملبيا قال سفيان وأخبرني إبراهيم بن أبي جرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ﷺ مثله وزاد فيه ولا تقربوه طيبا أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب أن عثمان بن عفان فعل بابن له مات محرما شبيها بهذا
ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
صفحة : 732
الطيب للاحرام
قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب وهشام بن عروة أو عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة وعبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت طيبت رسول الله ﷺ بيدي هاتين لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت وزاد عثمان بن عروة عن أبيه قلت بأي شيء قالت بأطيب الطيب أخبرنا سفيان عن ابن عجلان عن عائشة بنت سعد أنها طيبت أباها للاحرام بالسك والذريرة أخبرنا سعيد بن سالم عن حسن ابن زيد ولا أعلم إلا وقد سمعته من الحسن عن أبيه قال رأيت ابن عباس محرما وفي رأسه ولحيته مثل الرب من الغالية قال الشافعي ولا بأس أن يتطيب المحرمان الرجل والمرأة بأقصى غاية الطيب الذي يبقى من غالية ونضوح وغيره لأن الطيب كان في الإحلال وإن بقى في الإحرام شيء فالإحرام شيء أحدث بعده وإذا أحرما فليس لهما أن يتطيبا ولا أن يمسا طيبا فإن مساه بأيديهما عامدين وكان يبقى أثره وريحه فعليهما الفدية وسواء قليل ذلك وكثيره وإن كان يابسا وكان لا يبقى له أثر فإن بقى له ريح فلا فدية ولا بأس أن يجلسا عند العطار ويدخلا بيته ويشتريا الطيب ما لم يمساه بشيء من أجسادهما وأن يجلسا عند الكعبة وهي تجمر وأن يمساها ما لم يتكن رطبة فإن مساها وهما لا يعلمان أنها رطبة فعلقت بأيدهما غسلا ذلك ولا شيء عليها وإن عمدا أن يمساها رطبة فعلقت بأيدهما اتفديا ولا يدهنان ولا يمسان شيئا من الدهن الذي يكون طيبا وذلك مثل البان المنشوش والزنبق والخيري والأدهان التي فيها الأبقال وإن مسا شيئا من هذا عامدين افتديا وإن شما الريحان افتديا وإن شما من نبات الأرض ما يكون طيبا مما لا يتخذه الناس طيبا فلا فدية وكذلك إن أكلا التفاح أو شماه أو الأترج أو السفرجل أو ما كان طعاما فلا فدية فيه وإن أدخلا الزعفران أو الطيب في شيء من الطعام فكان يوجد ريحه أو طعمه أو يصبغ اللسان فأكلاه افتديا وإن لم يوجد ريحه ولا طعمه ولا يصبغ اللسان فلا فدية لأنه قد صار مستهلكا في الطعام وسواء كان نيئا أو نضيجا لا فرق بين ذلك ويدهنان جميع أجسادهما بكل ما أكلا مما ليس بطيب من زيت وشيرق وسمن وزبد وسقسق ويستعطان ذلك إذا اجتنبا أن يدهنا الرأس أو يدهن الرجل اللحية فإن هذين موضع الدهن فإن دهن الرجل أو المرأة الرأس أو الرجل اللحية بأي هذا كان افتدى وإن احتاجا إلى أن يتداويا بشيء من الطيب تداويا به
صفحة : 733
وافتديا قال وكل ما كرهت للمحرم أن يشمه أويلبسه من طيب أو شيء فيه طيب كرهت له النوم عليه وإن نام عليه مفضيا إليه بجلده افتدى وإن نام وبينه ثوب فلا فدية عليه قال الشافعي وإذا أراد الرجل أن يحرم كان ممن حج أو لم يكن فواسع له أن يهل بعمرة وواسع له أن يهل بحج وعمرة وواسع له أن يفرد وأحب إلى أن يفرد لأن الثابت عندنا أن النبي ﷺ أفرد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن النبي ﷺ أفرد الحج قال الشافعي وتكفيه النية في هذا كله من أن يسمى حجا أو عمرة فإن سمى قبل الإحرام أو معه فلا بأس قال وإن لبى بحج وهو يريد عمرة فهو عمرة وإن لبى بعمرة وهو يريد حجا فهو حج وإن لبى لا يريد حجا ولا عمرة فليس بحج ولا عمرة وإن لبى ينوي الإحرام ولا ينوي حجا ولا عمرة فله الخيار أن يجعله أيهما شاء وإن لبى وقد نوى أحدهما فنسى فهو قارن لا يجزيه غير ذلك لأنه إن كان معتمرا فقد جاء بالعمرة وزاد حجا وإن كان حاجا فقد جاء بحج وعمرة وإن كان قارنا فقد جاء بالقران وإذا لبى قال لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ولا أحب أن يزيد على هذا في التلبية حرفا إلا أن يرى شيئا يعجبه فيقول لبيك إن العيش عيش الآخرة فإنه لا يروى عن النبي ﷺ أنه زاد في التلبية حرفا غير هذا عند شيء رآه فأعجبه وإذا فرغ من التلبية صلى على النبي ﷺ وسأل الله تعالى رضاه والجنة واستعاذه برحمته من النار فإنه يروي ذلك عن النبي ﷺ قال ويلبى قائما وقاعدا وراكبا ونازلا وجنبا ومتطهرا وعلى كل حال ويرفع صوته بالتلبية في جميع المساجد مساجد الجماعات وغيرها وفي كل موضع من المواضع وليس على المرأة رفع الصوت بالتلبية لتسمع نفسها وكان السلف يستحبون التلبية عند اضطمام الرفاق وعند الإشراف والهبوط وخلف الصلوات وفي الأسحار وفي استقبال الليل ونحن نحبه على كل حال
ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صفحة : 734
الصلاة عند الإحرام
قال الشافعي وإذا أراد الرجل أن يبتديء الإحرام أحببت له أن يصلى نافلة ثم يركب راحلته فإذا استقلت به قائمة وتوجهت للقبلة سائرة أحرم وإن كان ماشيا فإذا توجه ماشيا أحرم قال الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن النبي ﷺ قال لهم فإذا رحتم متوجهين إلى منى فأهلوا قال الشافعي وروى ابن عمر عن النبي ﷺ أنه لم يره يهل حتى تنبعث به قال الشافعي فإن أهل قبل ذلك و أهل في إثر مكتوبة إذا صلى أو في غير إثر صلاة فلا بأس إن شاء الله تعالى ويلبى الحاج والقارن وهو يطوف بالبيت وعلى الصفا والمروة وفي كل حال وإذا كان إماما فعلى المنبر بمكة وعرفة ويلبى في الموقف بعرفة وبعد ما يدفع وبالمزدلفة وفي موقف مزدلفة وحين يدفع من مزدلفة إلى أن يرمى الجمرة بأول حصاة ثم يقطع التلبية أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال أخبرني الفضل بن عباس أن النبي ﷺ أردفه من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة أخبرنا سفيان عن محمد بن أبي حرمله عن كريب عن ابن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي ﷺ مثله قال الشافعي وروى ابن مسعود عن النبي ﷺ مثله ولبى عمر حتى رمى الجمرة وميمونة زوج النبي ﷺ حتى رمت الجمرة وابن عباس حتى رمى الجمرة وعطاء وطاوس ومجاهد قال ويلبى المعتمر حتى يفتتح الطواف مستلما أو غير مستلم أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال يلبى المعتمر حتى يفتتح الطواف مستلما أو غير مستلم قال وسواء في التلبية من أحرم من وراء الميقات أو الميقات أو دونه أو المكي أو غيره قال الشافعي رحمه الله ولا بأس أن يغتسل المحرم متبردا أو غير متبرد يفرغ الماء على رأسه وإذا مس شعره رفق به لئلا ينتفه وكذلك لا بأس أن يستنقع في الماء ويغمس رأسه اغتسل النبي ﷺ محرما أخبرنا سفيان عن عبدالكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال ربما قال لي عمر تعال أماقلك في الماء أينا أطول نفسا ونحن محرمان أخبرنا سفيان أن ابنا لعمر وابن أخيه تماقلا في الماء
صفحة : 735
بين يديه وهما محرمان فلم ينههما قال الشافعي ولا بأس أن يدخل المحرم الحمام أخبرنا الثقة إما سفيان وإما غيره عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم قال الشافعي أخبرنا ابن أبي نجيح أن الزبير بن العوام أمر بوسخ في ظهره فحك وهو محرم
غسل المحرم جسده
قال الشافعي رحمه الله ولا بأس أن يدلك المحرم جسده بالماء وغيره ويحكه حتى يدميه إن شاء ولا بأس أن يحك رأسه ولحيته وأحب إذا حكهما أن يحكهما ببطون أنامله لئلا يقطع الشعر وإن حكهما أو مسهما فخرج في يديه من شعرهما أو شعر أحدهما شيء أحببت له أني يفتدى احتياطا ولا فدية عليه حتى يعلم أن ذلك خرج من فعله وذلك أنه قد يكون الشعر ساقطا في الرأس واللحية فإذا مسه تبعه والفدية في الشعرة مد بمد النبي ﷺ من حنطة يتصدق به على مسكين وفي الاثنتين مدان على مسكينين وفي الثلاث فصاعدا دم ولا يجاوز بشيء من الشعر وإن كثر دم
ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
صفحة : 736
ما للمحرم أن يفعله
قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاوس أحدهما أو كلاهما عن ابن عباس أن النبي ﷺ احتجم وهو محرم قال الشافعي فلا بأس أن يحتجم المحرم من ضرورة أو غير ضرورة ولا يحلق الشعر وكذلك يفتح العرق ويبط الجرح ويقطع العضو للدواء ولا شيء عليه في شيء من ذلك فلو احتاط إذا قطع عضوا فيه شعر افتدى كان أحب إلى وليس ذلك عليه بواجب لأنه لم يقطع الشعر إنما قطع العضو الذي له أن يقطعه ويختتن المحرم ويلصق عليه الدواء ولا شيء عليه ولو حج أغلف أجزأ عنه وإن داوى شيئا من قرحه وألصق عليه خرقة أو دواء فلا فدية عليه في شيء من الجسد إلا أن يكون ذلك في الرأس فتكون عليه الفدية
ما لبس للمحرم أن يفعله
قال الشافعي رحمه الله وليس للمحرم أن يقطع شيئا من شعره ولا شيئا من أظفاره وإن انكسر ظفر من أظفاره فبقى متعلقا فلا بأس أن يقطع ما انكسر من الظفر وكان غير متصل ببقية الظفر ولا خير في أن يقطع منه شيء موتصل بالبقية لأنه حينئذ ليس بثابت فيه وإذا أخذ ظفرا من أظفاره أو بعض ظفر أطعم مسكينا وإن أخذ ظفرا ثانيا أطعم مسكينين فإن أخذ ثلاثة في مقام واحد أهراق دما وإن أخذها متفرقة أطعم عن كل ظفر مدا وكذلك الشعر وسواء النسيان والعمد في الأظفار والشعر وقتل الصيد لأنه شيء يذهب فلا يعود ولا بأس على المحرم أن يقطع أظفار المحل وأن يحلق شعره وليس للمحل أن يقطع أظفار المحرم ولا يحلق شعره فإن فعل بأمر المحرم فالفدية على المحرم وإن فعله بغير أمر المحرم والمحرم راقد أو مكره افتدى المحرم ورجع بالفدية على المحل
ID ' ' فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
صفحة : 737
باب الصيد للمحرم
قال الشافعي رحمه الله وصيد البر ثلاثة أصناف صنف يؤكل وكل ما أكل منه فهو صنفان طائر ودواب فما أصاب من الدواب نظر إلى أقرب الأشياء من المقتول من الصيد شبها من النعم والنعم الإبل والبقر والغنم فيجزى به ففي النعامة بدنة وفي بقرة الوحش بقرة وفي حمار الوحش بقرة وفي الثيتل بقرة وفي الغزال عنز وفي الضبع كبش وفي الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة وفي صغار أولادها صغار أولاد هذه فإذا أصيب من هذا أعور أو مكسور فدى مثله أعور أو مكسورا وأن يفديه بصحيح أحب إلى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع يجفرة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبدالكريم الجزري عن أبي عبيدة بن عبدالله ابن مسعود عن أبيه ابن مسعود أنه قضى في اليربوع بجفر أو جفرة أخبرنا سفيان عن مخارق عن طارق أن أربد أوطأ ضبا ففزر ظهره فأتى عمر فسأله فقال عمر ما ترى فقال جدى قد جمع الماء والشجر فقال عمر فذاك فيه أخبرنا سفيان عن مطرف عن أبي السفر أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قضى في أم حبين بحملان من الغنم والحملان الحمل أخبرنا عبدالوهاب عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح أنه قال لو كان معي حكم لحكمت في الثعلب بجدى أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في صغار الصيد صغار الغنم وفي المعيب منها المعيب من الغنم ولو فداها بكبار صحاح من الغنم كان أحب إلى قال وإذا ضرب الرجل صيدا فجرحه فلم يدر أمات أم عاش فالذي يلزمه عندي فيه قيمة نا نقصه الجرح فإن كان ظبيا قوم صحيحا وناقصا فإن نقصه العشر فعليه العشر من ثمن شاة وهكذا إن كان بقرة أو نعامة وإن قتله إنسان بعد فعليه شاة مجروحة وإن فداه بصحيحة كان أحب إلى وأحب إلى إذا جرحه فغاب عنه أن يفديه احتياطا ولو كسره كان هكذا عليه أن يطعمه حتى يبرأ ويمتنع فإن لم يمتنع فعليه فدية تامة ولو أنه ضرب ظبيا ماخضا فمات كان عليه قيمة شاة ماخض يتصدق بها من قبل أنى لو قلت له اذبح شاة ماخضا كانت شرا من شاة غير ماخض للمساكين فإذا أردت
صفحة : 738
الزيادة لهم لم أزدد لهم ما أدخل به النقص عليهم ولكني أزداد لهم في الثمن وأعطيهموه طعاما قال وإذا قتل المحرم الصيد الذي عليه جزاؤه جزاه إن شاء بمثله فإن لم يرد أن يجزيه بمثله قوم المثل دراهم ثم الدراهم طعاما ثم تصدق بالطعام وإذا أراد الصيام صام عن كل مد يوما ولا يجزيه أن يتصدق بالطعام ولا باللحم إلا بمكة أو منى فإن تصدق به بغير مكة أو منى أعاد بمكة أو منى ويجزيه في فوره ذلك قبل أن يحل وبعد ما يحل فإن صدر ولم يجزه بعث بجزائه حتى يجزى عنه فإن جزاه بالصوم صام حيث شاء لأنه لا منفعة لمساكين الحرم في صيامه وإذا أصاب المحرم الصيد خطأ أو عمدا جزاه وإذا أصاب صيدا جزاه ثم كلما عاد جزى ما أصاب فإن أصابه ثم أكله فلا زيادة عليه في الأكل وبئس ما صنع وإذا أصاب المحرمان أو الجماعة صيدا فعليهم كلهم جزاء واحد قال الشافعي أخبرنا مالك عن عبدالملك بن قريب عن ابن سيرين أن عمر قضى هو ورجل من أصحاب النبي ﷺ قال مالك هو عبدالرحمن بن عوف على رجلين أوطآ ظبيا فقتلاه بشاة وأخبرني الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد مولى بني مخزوم وكان ثقة أن قوما حرما أصابوا صيدا فقال لهم ابن عمر عليكم جزاء فقالوا على كل واحد منا جزاء أم علينا كلنا جزاء واحد فقال ابن عمر إنه لمغرر بكم بل عليكم كلكم جزاء واحد قال الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء في النفر يشتركون في قتل الصيد قال عليهم كلهم جزاء واحد قال وهذا موافق لكتاب الله عز وجل لأن الله تبارك وتعالى يقول فجزاء مثل ما قتل من النعم وهذا مثل ومن قال عليه مثلان فقد خالف معنى القرآن قال الشافعي الطائر صنفان حمام وغير حمام فما كان منه حماما ذكرا أو أنثى ففدية الحمامة منه شاة اتباعا وأن العرب لم تزل تفرق بين الحمام وغيره من الطائر وتقول الحمام سيد الطائر والحمام كل ما هدر وعب في الماء وهي تسميه أسماء جماعة الحمام وتفرق به بعد أسماء وهي الحمام واليمام والدباسي والقماري والفواخت وغيره مما هدر أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه قضى في حمامة من حمام مكة بشاة قال الشافعي وقال ذلك عمر وعثمان ونافع بن عبدالحرث وعبدالله بن عمر وعاصم بن عمر
صفحة : 739
وسعيد بن المسيب وعطاء قال وهذا إذا أصيبت بمكة أو أصابها المحرم قال وما كان من الطائر ليس بحمام ففية قيمته في الموضع الذي يصاب فيه قلت أو كثرت قال الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن بكير بن عبدالله عن القاسم عن ابن عباس أن رجلا سأله عن محرم أصاب جرادة فقال يتصدق بقبضة من طعام وقال ابن عباس وليأخذن بقبضه جرادات ولكن على ذلك رأى قال الشافعي وقال عمر في الجرادة تمرة قال الشافعي وكل ما فدى من الصيد فباض مثل النعامة والحمامة وغيرها فأصيب بيضه ففيه قيمته في الموضع الذي يصاب فيه كقيمته لو أصيب لإنسان وما أصيب من الصيد لإنسان فعلى المحرم قيمته دراهم أو دنانير لصاحبه وجزاؤه للمساكين وما أصاب المحرم من الصيد في الحل والحرم قارنا كان أو مفردا أو معتمرا فجزاؤه واحد لا يزاد عليه في تباعد الحرم عليه لأن قليل الحرم وكثيره سواء إذا منع بها الصيد وكل ما أصاب المحرم إلى أن يخرج من إحرامه مما عليه فيه الفدية فداه وخروجه من العمرة بالطواف والسعى والحلق أو التقصير وخروجه من الحج خروجان فالأول الرمي والحلاق فلو أصاب صيدا خارجا من الحرم لم يكن عليه جزاؤه لأنه قد خرج من جميع إحرامه إلا النساء وهكذا لو طاف بالبيت أو حلق بعد عرفة وإن لم يرم ويأكل المحرم الصيد ما لم يصده أو يصد لهقال الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن المطلب بن عبدالله بن حنطب عن جابر بن عبدالله أن رسول الله ﷺ قال لحم الصيد حلال لكم في الإحرام ماله تصيدوه أو يصد لكم قال الشافعي وهكذا رواه سليمان بن بلال قال الشافعي وأخبرنا الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سلمة عن جابر ابن عبدالله أن رسول الله ﷺ قال لحم الصيد حلال لكم في الإحرام ما لم تصيدوه أو يصد لكم قال الشافعي ولو أن محرما صيد من أجله صيد فذبحه غيره فأكله هو أكل محرما عليه ولم يكن عليه جزاؤه لأن الله تعالى إنما جعل جزاءه بقتله وهو لم يقتله وقد يأكل الميتة وهي محرمة فلا يكون عليه جزاء ولو دل محرم حلالا على صيد أو أعطاه سلاحا أو حمله على دابة ليقتله فقتله لم يكن عليه جزاء وكان مسيئا كما أنه لو أمره بقتل مسلم كان القصاص على القاتل لا على الآمر
صفحة : 740
وكان الآمر آثما قال ولو صاد حلال صيدا فاشتراه منه محرم أو اتهبه فذبحه كان عليه جزاؤه لأنه قاتل له والحلال يقتل الصيد في الحرم مثل المحرم يقتله في الحرم والإحرام ويجزيه إذا قتله
قطع شجر الحرم
قال الشافعي ومن قطع من شجر الحرم شيئا جزاه حلالا كان أو حراما وفي الشجرة الصغيرة شاة وفي الكبير بقرة ويروى هذا عن ابن الزبير وعطاء قال الشافعي وللمحرم أن يقطع الشجر في غير الحرم لأن الشجر ليس بصيد
ما لا يؤكل من الصيد
قال الشافعي وما لا يؤكل لحمه من الصيد صنفان عدو عاد ففيه ضرر وفيه أنه لا يؤكل فيقتله المحرم وذلك مثل الأسد والذئب والنمر والغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور ويبدأ هذا المحرم ويقتل صغاره وكباره لأنه صنف مباح ويبتدئه وإن لم يضره وصنف لا يؤكل ولا ضرر له مثل البغاثة والرخمة واللحكاء والقطا والخنافس والجعلان ولا أعلم في مثل هذا قضاء فآمره بابتدائه وإن قتله فلا فدية عليه لأنه ليس من الصيد أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء قال لا يفدى المحرم من الصيد إلا ما يؤكل لحمه قال وهذا موافق معنى القرآن والسنة ويقتل المحرم القردان والحمنان والحلم والكتالة والبراغيث والقملان إلا أنه إذا كان القمل في رأسه لم أحب أن يفلى عنه لأنه إماطة أذى وأكره له قتله وآمره أن يتصدق فيه بشيء وكل شيء تصدق به فهو خير منه من غير أن يكون واجبا وإذا ظهر له على جلده طرحه وقتله وقتله من الحلال قال الشافعي أخبرنا سفيان ابن عيينة عن ابن أبي نجيح ميمون بن مهران قال جلست إلى ابن عباس فجلس إليه رجل لم أر رجلا أطول شعرا منه فقال أحرمت وعلي هذا الشعر فقال ابن عباس اشتمل على ما دون الأذنين منه قال قبلت امرأة ليست بامرأتي قال زنا فوك قال رأيت قملة فطرحتها قال تلك الضالة لا تبتغي أخبرنا مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة بن الهدير أنه رأي عمر بن الخطاب يقود بعير له في طين بالسقيا وهو محرم
ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
صفحة : 741
صيد البحر
قال الشافعي قال الله تعالى أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وقال الله عز وجل وما يستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طيرا قال الشافعي فكل ما كان فيه صيد في بئر كان أو ماء مستنقع أو غيره فهو بحر وسواء كان في الحل والحرم يصاد ويؤكل لأنه مما لم يمنع بحرمة شيء وليس صيده إلا ما كان يعيش فيه أكثر عيشه فأما طائره فإنما يأوى إلى أرض فيه فهو من صيد البر إذا أصيب جزى
دخول مكة
قال الشافعي رحمه الله تعالى أحب للرجل إذا أراد دخول مكة أن يغتسل في طرفها ثم يمضى إلى البيت ولا يعرج فيبدأ بالطواف وإن ترك الغسل أو عرج لحاجة فلا بأس عليه وإذا رأى البيت قال اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وعظمه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام فإذا انتهى إلى الطواف اضطبع فأدخل رداءه تحت منكبه الأيمن ورده على منكبه الأيسر حتى يكون منكبه الأيمن مكشوفا ثم استلم الركن الأسود إن قدر على استلامه وقال عند استلامه اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد ﷺ ثم يمضى عن يمينة فيرمل ثلاثة أطواف من الحجر إلى الحجر ليس بينهما مشى ويمشى أربعة فإن كان الزحام شيئا لا يقدر على أن يرمل فكان إذا وقف لم يؤذ أحدا وقف حتى ينفرج له ما بين يديه ثم يرمل وإن كان يؤذى أحدا في الوقوف مشى مع الناس بمشيهم وكلما انفرجت له فرجة رمل وأحب إلى لو تطرف حتى يخرج من الناس حاشية ثم يرمل فإن ترك الرمل في طواف رمل في اثنين وإن تركه في اثنين رمل في واحد وإن تركه في الثلاثة لم يقض إذا ذهب موضعه لم يقضه فيما بقى ولا فدية عليه ولا إعادة وسواء تركه ناسيا أو عامدا إلا أنه مسيء في تركه عامدا وهكذا الاضطباع والاستلام إن تركه فلا فدية ولا إعادة عليه قال وأحب إلى أن يستلم فيما قدر عليه ولا يستلم من الأركان إلا الحجر واليماني يستلم اليماني بيده ثم يقبلها ولا يقبله ويستلم الحجر بيده ويقبلها ويقبله إن أمكنه التقبيل ولم يخف على عينيه ولا وجهه أن يجرح وأحب كلما حاذى به أن يكبر وأن يقول في رمله اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا
صفحة : 742
مشكورا ويقول في الأطواف الأربعة اللهم اغفر وارحم واعف عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار فإذا فرغ من طوافه صلى خلف المقام ركعتين فيقرأ في الأولى ب قل يا أيها الكافرون وفي الأخرى ب قل هو الله أحد وكل واحدة منهما بعد أم القرآن ثم يعود إلى الركن فيستلمه وحيثما صلى أجزأه وما قرأ مع أم القرآن أجزأه وإن ترك استلام الركن اليماني فلا شيء عليه ولا يجزيه الطواف بالبيت ولا الصلاة إلا طاهرا ولا يجزئه من الطواف بالبيت أقل من سبع تام فإن خرج قبل سبع فسعى بين الصفا والمروة ألغى سعيه حتى يكون سعيه بعد سبع كامل على طهارة وإن قطع عليه الطواف للصلاة بنى من حيث قطع عليه وإن انتقض وضوؤه أو رعف خرج فتوضأ ثم رجع فبنى من حيث قطع وهكذا إن انتقض وضوؤه وإن تطاول ذلك استأنف الطواف وإن شك في طوافه فلم يدر خمسا طاف أو أربعا بنى على اليقين وألغى الشك حتى يستيقن أن قد طاف سبعا تاما أو أكثر
الخروج إلى الصفا
قال الشافعي وأحب إلى أن يخرج إلى الصفا من باب الصفا ويظهر فوقه في موضع يرى منه البيت ثم يستقبل البيت فيكبر ويقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما هدانا وأولانا ولا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ثم يدعو ويلبى ثم يعود فيقول مثل هذا القول حتى يقوله ثلاثا ويدعو فيما بين كل تكبيرتين بما بدا له في دين أودنيا ثم ينزل يمشى حتى إذا كان دون الميل الأخضر المعلق في ركن المسجد بنحو من ستة أذرع سعى سعيا شديدا حتى يحاذى الميلين الأخضرين اللذين بفناء المسجد ودار العباس ثم يمشى حتى يرقى على المروة حتى يبدو له البيت إن بدا له ثم يصنع عليها ما صنع على الصفا حتى يكمل سبعا يبدأ بالصفا ويختم بالمروة وأقل ما عليه في ذلك أن يستوفى ما بينهما مشيا أو سعيا وإن لم يظهر عليهما ولا على واحد منهما ولم يكبر ولم يدع ولم يسع في السعي فقد ترك فضلا ولا إعادة ولا فدية عليه وأحب إلى أن يكون طاهرا في السعي بينهما وإن كان غير طاهر جنبا أو على غير وضوء لم يضره لأن الحائض تفعله وإن أقيمت الصلاة وهو يسعى بين الصفا والمروة دخل فصلى ثم رجع فبنى من حيث قطع وإن رعف أو انتقض وضوؤه انصرف فتوضأ
صفحة : 743
ثم رجع فبنى والسعي بين الصاف والمروة واجب لا يجزي غيره ولو تركه رجل حتى جاء بلده فكان معتمرا كان حراما من كل شيء حتى يرجع وإن كان حاجا قد رمى الجمرة وحلق كان حراما من النساء حتى يرجع ولا يجزى بين الصفا والمروة إلا سبع كامل فلو صدر ولم يكمله سبعا فإن كان إنما ترك من السابع ذراعا كان كهيئته لو لم يطف ورجع حتى يبتديء طوافا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبدالله بن المؤمل العابدي عن عمر بن عبدالرحمن بن محيصن عن عطاء بن أبي رباح عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني بنت أبي تجزأة إحدى نساء بني عبد الدار قالت دخلت مع نسوة من قريش دار ابن أبي الحسين ننظر إلى رسول الله ﷺ وهو يسعى بين الصفا والمروة فرأيته يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعى حتى إنى لأقول إني لا أرى ركبتيه وسمعته يقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي قال الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال أخبرني من رأي عثمان بن عفان رضي الله عنه يقوم في حوض في أسفل الصفا ولا يظهر عليه قال الشافعي وليس على النساء رمل بالبيت ولا بين الصفا والمروة ويمشين على هينتهن وأحب للمشهورة بالجمال أن تطوف وتسعى ليلا وإن طافت بالنهار سدلت ثوبها على وجهها أو طافت في ستر ويطوف الرجل والمرأة بالبيت وبين الصفا والمروة ماشيين ولا بأس أن يطوفا محمولين من علة وإن طافا محمولين من غير علة فلا إعادة عليهما ولا فدية أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله بن عباس أن النبي ﷺ طاف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه قال الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه أن النبي ﷺ أمر أصحابه أن يهجروا بالإفاضة وأفاض في نسائه ليلا وطاف بالبيت يستلم الركن بمحجنه أظنه قال ويقبل طرف المحجن
ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
صفحة : 744
الرجل يطوف بالرجل يحمله
قال الشافعي وإذا كان الرجل محرما فطاف بمحرم صبي أو كبير يحمله ينوي بذلك أن يقضى عن الكبير والصغير طوافه وعن نفسه فالطواف طواف المحمول لا طواف الحامل وعليه الإعادة وعليه أن يطوف لأنه كمن لم يطف
ما يفعل المرء بعد الصفا والمروة
قال الشافعي إذا كان الرجل معتمرا فإن كان معه هدى أحببت له إذا فرغ من الصفا والمروة أن ينحره قبل أن يحلق أو يقصر وينحره عند المروة وحيثما نحره من مكة أجزأه وإن حلق أو قصر قبل أن ينحره فلا فدية عليه وينحر الهدى وسواء كان الهدى واجبا أو تطوعا وإن كان قارنا أو حاجا أمسك عن الحلق فلم يحلق حتى يرمى الجمرة يوم النحر ثم يحلق أو يقصر والحلق أحب إلى وإن كان الرجل أصلع ولا شعر على رأسه أو محلوقا أمر الموسى على رأسه وأحب إلى لو أخذ من لحيته وشاربيه حتى يضع من شعره شيئا لله وإن لم يفعل فلا شيء عليه لأن النسك إنما هو في الرأس لا في اللحية وليس على النساء حلق الشعر ويؤخذ من شعورهن قدر أنملة ويعم بالأخذ وإن أخذ أقل من ذلك أو من ناحية من نواحي الرأس ما كان ثلاث شعرات فصاعدا أجزأ عنهن وعن الرجال وكيفما أخذوا تحديده أو غيرها أو نتفا أو قرضا أجزأ إذا وقع عليه اسم أخذ وكان شيء موضوعا منه لله عز وجل يقع عليه اسم جماع شعر وذلك ثلاث شعرات فصاعدا
ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
صفحة : 745
ما يفعل الحاج والقارن
قال الشافعي وأحب للحاج والقارن أن يكثر الطواف بالبيت وإذا كان يوم التروية أحببت أن يخرجا إلى منى ثم يقيما بها حتي يصليا الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ثم يغدوا إذا طلعت الشمس على ثبير وذلك أول بزوغها ثم يمضيا حتى يأتيا عرفة فيشهدا الصلاة مع الإمام ويجمعا بجمعه بين الظهر والعصر إذا زالت الشمس وأحب للامام مثل ما أحببت لهما ولا يجهر يومئذ بالقراءة لأنها ليست بجمعة ويأتي المسجد إذا زالت الشمس فيجلس على المنبر فيخطب الخطبة الأولى فإذا جلس أخذ المؤذن في الأذان وأخذ هو في الكلام وخفف الكلام الآخر حتي ينزل بقدر فراغ المؤذن من الأذان فيقيم المؤذن فيصلى الظهر ثم يقيم المؤذن إذا سلم الإمام من الظهر فيصلى العصر ثم يركب فيروح إلى الموقف عند موقف الإمام عند الصخرات ثم يستقبل القبلة فيدعو حتى الليل ويصنع ذلك الناس وحيثما وقف الناس من عرفة أجزأهم لأن النبي ﷺ قال هذا الموقف وكل عرفة موقف ويلبى في الموقف ويقف قائما وراكبا ولا فضل عندى للقيام على الركوب إن كانت معه دابة إلا أن يعلم أنه يقوى فلا يضعف فلا بأس أن ينزل فيقوم ولو نزل فجلس لم يكن عليه شيء وحيثما وقف من سهل أو جبل فسواء وأقل ما يكفيه في عرفة حتى يكون به مدركا للحج أن يدخلها وإن لم يقف ولم يدع فيما بين الزوال إلى طلوع الفجر من ليلة النحر فمن لم يدرك هذا فقد فاته الحج وأحب إلى لو تفرغ يومئذ للدعاء ولو اتجر أو تشاغل عن الدعاء لم يفسد عليه حجه ولم يكن عليه فيه فدية ولو خرج من عرفة بعد الزوال وقبل مغيب الشمس كان عليه أن يرجع فيما بينه وبين طلوع الفجر فإن فعل فلا فديةب عليه وإن لم يفعل فعليه الفدية والفدية أن يهريق دما وإن خرج منها ليلا بعد ما تغيب الشمس ولم يكن وقف قبل ذلك نهارا فلا فدية عليه وعرفة ما جاوز وادي عرنة الذي فيه المسجد وليس المسجد ولا وادي عرنة من عرفة إلى الجبال القابلة على عرفة كلها مما يلى حوائط ابن عامر وطريق الحصن فإذا جاوز ذلك فليس من عرفة وإن ترك الرجل المرور ب منى في البداءة فلا شيء عليه وكذلك إن مر بها وترك المنزل ولا يدفع من عرفة حتى تغيب الشمس ويبين مغيبها
ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
صفحة : 746
باب ما يفعل من دفع من عرفة
قال الشافعي رحمه الله تعالى وأحب إذا دفع من عرفة أن يسير على هينته راكبا كان أو ماشيا وإن سار أسرع من هينته ولم يؤذ أحدا لم أكرهه وأكره أن يؤذى فإن أذى فلا فدية عليه وأحب أن يسلك بين المأزمين وإن سلك طريق ضب فلا بأس عليه ولا يصلى المغرب والعشاء حتى يأتى المزدلفة فيصليهما فيجمع بينهما بإقامتين ليس معهما أذان وإن أدركه نصف الليل قبل أن يأتى المزدلفة صلاهما دون المزدلفة والمزدلفة من حين يفضى من مأزمى عرفة وليس المأزمان من المزدلفة إلى أن يأتى قرن محسر وقرن محسر ما عن يمينك وشمالك من تلك المواطن القوابل والظواهر والشعاب والشجار كلها من المزدلفة ومزدلفة منزل فإذا خرج منه رجل بعد نصف الليل فلا فدية عليه وإن خرج قبل نصف الليل فلم يعد إلى المزدلفة افتدي والفدية شاة يذبحها ويتصدق بهاوأحب أن يقيم حتى يصلى الصبح في أول وقتها ثم يقف على قرح حتى يسفر وقيل تطلع الشمس ثم يدفع وحيثما وقف من مزدلفة أو نزل أجزأه وإن استأخر من مزدلفة إلى أن تطلع الشمس أو بعد ذلك كرهت ذلك له ولا فدية عليه وإن ترك المزدلفة فلم ينزلها ولم يدخلها فيما بين نصف الليل الأول إلى صلاة الصبح افتدى وإن دخلها في ساعة من هذا الوقت فلا فدية عليه ثم يسير من المزدلفة على هينته كما وصفت السير من عرفة وأحب أن يحرك في بطن محسر قدر رمية حجر فإن لم يفعل فلا شيء عليه قال الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه وأخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة وزاد أحدهما على الآخر واجتمعا في المعنى أن النبي ﷺ قال كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير كيما نغير فأخر الله تعالى هذه وقدم هذه يعني قدم المزدلفة قبل أن تطلع الشمس وأخر عرفة إلى أن تغيب الشمس قال الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر وأخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد ابن المنكدر وعن سعيد بن عبدالرحمن بن يربوع عن أبي الحويرث قال رأيت أبا بكر الصديق واقفا على قزح وهو يقول أيها الناس أصبحوا أيها الناس أصبحوا ثم دفع فرأيت فخذه مما يحرش بعيره بمحجنة قال الشافعي أخبرنا الثقة ابن أبي يحيى أو سفيان أو هما عن هشام ابن عروة عن أبيه أن عمر
صفحة : 747
قال الشافعي أخبرنا سفيان أنه سمع عبيدالله بن أبي يزيد يقول سمعت ابن عباس يقول كنت فيمن قدم النبي ﷺ من ضعفة أهله يعنى من المزدلفة إلى منى
دخول منى
قال الشافعي أحب أن لا يرمى أحد حتى تطلع الشمس ولا بأس عليه أن يرمى قبل طلوع الشمس وقبل الفجر إذا رمى بعد نصف الليل أخبرنا داود بن عبدالرحمن وعبدالعزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه قال دار رسول الله ﷺ يوم النحر إلى أم سلمة فأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى ترمى الجمرة وتوافى صلاة الصبح بمكة وكان يومها فأحب أن توافيه أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة عن النبي ﷺ مثله قال الشافعي وهذا لا يكون إلا وقد رمت الجمرة قبل الفجر بساعة ولا يرمى يوم النحر إلا جمرة العقبة وحدها ويرميها راكبا وكذلك يرميها يوم النفر راكبا ويمشى في اليومين الآخرين أحب إلى وإن ركب فلا شيء عليه أخبرنا سعيد ابن سالم قال أخبرني أيمن بن نابل قال أخبرني قدامة بن عبدالله ابن عمار الكلابي قال رأيت النبي ﷺ يرمى جمرة العقبة على ناقته الصهباء ليس ضرب ولا طرد وليس قيل إليك إليك قال الشافعي وأحب إلى أن يأخذ حصى الجمرة يوم النحر من مزدلفة ومن حيثما أخذه أجزأه وكذلك في أيام منى كلها من حيث أخذه أجزأه إلا أني أكرهه من ثلاثة مواضع من المسجد لئلا يخرج حصى المسجد منه وأكرهه من الحش لنجاسته ومن كل موضع نجس وأكرهه من الجمرة لأنه حصى غير متقبل وأنه قد رمى به مرة وإن رماها بهذا كله أجزأه قال ولا يجزيء الرمى إلا بالحجارة وكل ما كان يقع عليه اسم حجر من مروا أو مرمر أو حجر برام أو كذان أو صوان أجزأه وكل ما لا يقع عليه اسم حجر لا يجزيه مثل الآجر والطين المجموع مطبوخا كان أو نيئا والملح والقوارير وغير ذلك مما لا يقع عليه اسم الحجارة فمن رمى بهذا أعدا وكان كمن لم يرم ومن رمى الجمار من فوقها أو تحتها أو بحذائها من أي وجه لم يكن عليه شيء ولا يرمى الجمار في شيء من أيام منى غير يوم النحر إلا بعد الزوال ومن رماها قبل الزوال أعاد ولا يرمي منها
صفحة : 748
شيء بأقل من سبع حصيات فإن رماها بست ست أو كان معه حصى إحدى وعشرون فرمى الجمار ولم يدر أي جمرة رمى بست عاد فرمى الأولى بواحدة حتى يكون على يقين من أنه قد أكمل رميها بسبع ثم رمى الاثنتين بسبع سبع وإن رمى بحصاة فأصابت إنسانا أو محملا ثم استنت حتى أصابت موضع الحصى من الجمرة أجزأت عنه وإن وقعت فنفضها الإنسان أو البعير فأصابت موقف الحصى لم تجز عنه ولو رمى إنسان بحصاتين أو ثلاث أو أكثر في مرة لم يكن إلا كحصاة واحدة وعليه أن يرمى سبع مرات وأقل ما عليه في الرمى أن يرمى حتى يوقع حصاه في موضع الحصى وإن رمى بحصاة فغابت عنه فلم يدر أين وقعت أعادها ولم تجز عنه حتى يعلم أنها قد وقعت في موضع الحصى ويرمى الجمرتين الأولى والوسطى يعلوهما علوا ومن حيث رماهما أجزأه ويرمى جمرة العقبة من بطن الوادي ومن حيث رماها أجزأه وإذا رمى الجمرة الأولى تقدم عنها فجعلها في قفاه في الموضع الذي لا يناله ما تطاير من الحصى ثم وقف فكبر وذكر الله ودعا بقدر سورة البقرة ويصنع مثل ذلك عند الجمرة الوسطى إلا أنه يترك الوسطى بيمين لأنها على أكمة لا يمكنه غير ذلك ويقف في بطن المسيل منقطعا عن أن يناله الحصى ولا يصنع ذلك عند جمرة العقبة ويصنعه في أيام منى كلها وإن ترك ذلك فلا إعادة عليه ولا فدية ولا بأس إذا رمى الرعاء الجمرة يوم النحر أن يصدروا ويدعوا المبيت ب منى ويبيتوا في إبلهم ويقيموا ويدعوا الرمى الغد من بعد يوم النحر ثم يأتوا بعد الغد من يوم النحر وذلك يوم النفر الأول فيبتدئوا فيرموا لليوم الماضي الذي أعيوه في الإبل حتى إذا أكملوا الرمى أعادوا على الجمرة الأولى فاستأنفوا رمى يومهم ذلك فإن أرادوا الصدر فقد قضوا ما عليهم من الرمى وإن رجعوا إلى الإبل أو أقاموا بمنى لا يريدون الصدر رموا الغد وهو يوم النفر الآخر قال ومن نسى رمى جمرة من الجمار نهارا رماها ليلا ولا فدية عليه وكذلك لو نسى رمى الجمار حتى يرميها في آخر أيام منى وسواء رمى جمرة العقبة إذا نسيه أو رمى الثلاث إذا رمى ذلك في أيام الرمى فلا شيء عليه وإن مضت أيام الرمى وقد بقيت عليه ثلاث حصيات لم يرم بهن أو أكثر من جميع الرمي فعليه دم وإن بقيت عليه حصاة فعليه مد وإن بقيت حصاتان فمدان وإن بقيت عليه ثلاث فدم وإذا تدارك عليه رميان ابتدأ الرمى الأول حتى يكمله ثم عاد فابتدأ الآخر ولا يجزيه أن يرمى في مقام واحد بأربع عشرة حصاة فإن أخر ذلك إلى آخر أيام منى فلم يكمل جميع ما عليه من الرمى إلى أن تغيب الشمس افتدى كما وصفت الفدية في ثلاثة حصيات فصاعدا
صفحة : 749
دم ولا رمى إذا غابت الشمس قال وكذلك لو نفر يوم النفر الأول ثم ذكر أنه قد بقى عليه الرمى أهراق دما ولو احتاط فرمى لم أكره ذلك ولا شيء عليه لأنه قد قطع الحج وله القطع ويرمى عن المريض الذي لا يستطيع الرمى وقد قيل يرمى المريض في يد الذي يرمى عنه ويكبر فإن فعل فلا بأس وإن لم يفعل فلا شيء عليه فإن صح في أيام منى فرمى ما رمى عنه أحببت ذلك له فإن لم يفعل فلا شيء عليه ويرمى عن الصبى الذي لا يستطيع الرمي فإن كان يعقل أن يرمى إذا أمر رمى عن نفسه وإذا رمى الرجل عن نفسه ورمى عن غيره أكمل الرمى عن نفسه ثم عاد فرمى عن غيره كما يفعل إذا تدارك عليه رميان وأحب إذا رمى أن يرفع يديه حتى يرى بياض ما تحت منكبيه ويكبر مع كل حصاة وإن ترك ذلك فلا فدية عليه قال وإذا كان الحصى نجسا أحببت غسله وكذلك إن شككت في نجاسته لئلا ينجس اليد أو الإزار وإن لم يفعل ورمى به أجزأه ويرمى الجمار بقدر حصى الخذف لا يجاوز ذلك أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن النبي ﷺ رمي الجمار بمثل حصى الخذف أخبرنا سفيان عن حميد ابن قيس عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن رجل من قومه من بني تيم يقال له معاذ أو ابن معاذ رأى النبي ﷺ ينزل الناس بمنى منازلهم وهو يقول ارموا ارموا بمثل حصى الخذف قال الشافعي والخذف ما خذف به الرجل وقدر ذلك أصغر من الأنملة طولا وعرضا وإن رمى بأصغر من ذلك أو أكبر كرهت ذلك وليس عليه إعادة
ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
صفحة : 750
ما يكون بمنى غير الرمي
قال الشافعي وأحب للرجل إذا رمى الجمرة فكان معه هدى أن يبدأ فينحره أو يذبحه ثم يحلق أو يقصر ثم يأكل من لحم هديه ثم يفيض فإن ذبح قبل أن يرمى أو حلق قبل أن يذبح أو قدم نسكا قبل نسك مما يعمل يوم النحر فلا حرج ولا فدية قال الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيدالله عن عبدالله بن عمرو قال وقف رسول الله ﷺ في حجة الوداع بمنى للناس يسأولنه فجاء رجل فقال يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج فجاءه رجل فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمى قال ارم ولا حرج قال فما سئل رسول الله ﷺ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج قال الشافعي ولو أفاض قبل أن يرمى فطاف كان عليه أن يرمى ولم يكن عليه إعادة الطواف ولو أخر الإفاضة حتي تمضى أيام منى أو بعد ذلك لميكن عليه فدية ولا وقت للعمل في الطواف قال الشافعي ولا يبيت أحد من الحاج إلا بمنى ومنى ما بين العقبة وليست العقبة من منى ولا رخصة لأحد في ترك المبيت عن منى إلا رعاء الإبل وأهل السقاية سقاية العباس بن عبدالمطلب دون السقايات ولا رخصة فيها لأحد من أهل السقايات إلا لمن ولى القيام عليها منهم وسواء من استعملوا عليها من غيرهم أو هم قال الشافعي أخبرنا يحيى بن سليم عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي ﷺ رخص لأهل السقاية من أهل بيته أن يبيتوا بمكة ليالي منى قال الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء مثله وزاد عطاء من أجل سقايتهم قال الشافعي ومن بات عن منى غير من سميت تصدق في ليلة بدرهم وفي ليلتين بدرهمين وفي ثلاث بدم قال ولا بأس إذا كان الرجل أكثر ليله بمنى أن يخرج من أول ليله أو آخره عن منى قال الشافعي ولو أن رجلا لم يفض فأفاض فشغله الطواف حتى يكون ليله أكثره بمكة لم يكن عليه فدية من قبل أنه كان لازما له من عمل الحج وأنه كان له أن يعمله في ذلك الوقت ولو كان عمله إنما هو تطوع افتدى وكذلك لو كان إنما هو لزيارة أحد أو حديثه ومن غابت له الشمس يوم النفر الأول بمنى ولم يخرج منها نافرا فعليه أن يبيت تلك الليلة ويرمى من الغد ولكنه لو خرج
صفحة : 751
منها قبل أن تغيب الشمس نافرا ثم عاد إليها مارا أو زائرا لم يكن عليه شيء إن بات ولم يكن عليه لو بات أن يرمى من الغد
طواف من لم يفض ومن أفاض
قال الشافعي ومن قدم طوافه للحج قبل عرفة بالبيت وبين الصفا والمروة فلا يحل حتى يطوف بالبيت سبعا وليس عليه أن يعود للصفا والمروة وسواء كان قارنا أو مفردا ومن أخر الطواف حتى يرجع من منى فلا بد أن يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة وسواء كان قارنا أو مفردا والقارن والمفرد سواء في كل أمرهما إلا أن على القارن دما وليس ذلك على المفرد ولأن القارن قد قضى حجة الإسلام وعمرته وعلى المفرد إعادة عمرته فأما ما أصابا مما عليهما فيه الفدية فهما فيه سواء وسواء الرجل والمرأة في هذا كله إلا أن المرأة تخالف الرجل في شيء واحد فيكون على الرجل أن يودع البيت وإن طاف بعد منى ولا يكون على المرأة وداع البيت إذا طافت بعد منى إن كانت حائضا وإن كانت طاهرا فهي مثل الرجل لم يكن لها أن تنفر حتى تودع البيت وإذا كانت لم تطف بالبيت بعد منى لم يكن لها أن تنفر حتى تطوف وليس على كريها ولا على رفقائها أن يحتسبوا عليها وحسن لو فعلوا قال وإذا نفر الرجل قبل أن يودع البيت فإن كان قريبا والقريب دون ما تقصر فيه الصلاة أمرته بالرجوع وإن بلغ ما تقصر فيه الصلاة بعث بدم يهراق عنه بمكة فلو أنه عمد ذلك كان مسيئا ولم يكن ذلك مفسدا لحجه وأجزأه من ذلك دم يهريقه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس قال أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه رخص للمرأة الحائض قال ولو طاف رجل بالبيت الطواف الواجب عليه ثم نسى الركعتين الواجب حتى يسعى بين الصفا والمروة لم يكن عليه إعادة وهكذا نقول في كل عمل يصلح في كل موضع والصلاة في كل موضع وكان عليه أن يصلى ركعتي الطواف حيث ذكرهما من حل أو حرم
ID ' ' والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
صفحة : 752
الهدى
قال الشافعي الهدى من الإبل والبقر والغنم وسواء البخت والعراب من الإبل والبقر والجواميس والضأن والمعز ومن نذر هديا فسمى شيئا لزمه الشيء الذي سمى صغيرا كان أو كبيرا ومن لم يسم شيئا أو لزمه هدى ليس بجزاء من صيد فيكون عدله فلا يجزيه من الإبل ولا البقر ولا المعز إلا ثنى فصاعدا ويجزيه الذكر والأنثى ويجزى من الضأن وحده الجذع والموضع الذي يجب عليه في الحرم لا محل للهدى دونه إلا أن يسمى الرجل موضعا من الأرض فينحر فيه هديا أو يحصر رجل بعدو فينحر حيث أحصر ولا هدى إلا في الحرم لا في غير ذلك قال والاختيار في الهدى أن يتركه صاحبه مستقبل القبلة ثم يقلده نعلين ثم يشعره في الشق الأيمن والإشعار في الهدى أن يضرب بحديدة في سنام البعير أو سنام البقر حتى يدمي والبقر والإبل في ذلك سواء ولا يشعر الغنم ويقلد الرقاع وخرب القرب ثم يحرم صاحب الهدى مكانه وإن ترك التقليد والإشعار فلا شيء عليه وإن قلد وأشعر وهو لا يريد الإحرام فلا يكون محرما قال وإذا ساق الهدى فليس له أن يركبه إلا من ضرورة وإذا اضطر إليه ركبه ركوبا غير فادح له وله أن يحمل الرجل المعيي والمضطر علي هديه وإذا كان الهدى أنثى فنتجت فإن تبعها فصيلها ساقه وإن لم يتبعها حمله عليها وليس له أن يشرب من لبنها إلا بعد رى فصيلها وكذلك ليس له أن يسقى أحدا وله أن يحمل فصيلها وإن حمل عليها من غير ضرورة فأعجفها غرم قيمة ما نقصها وكذلك إن شرب من لبنها ما ينهك فصيلها غرم قيمة اللبن الذي شرب وإن قلدها وأشعرها ووجهها إلى البيت أو وجهها بكلام فقال هذه هدى فليس له أن يرجع فيها ولا يبدلها بخير ولا بشر منها كانت زاكية أو غير زاكية وكذلك لو مات لم يكن لورثته أن يرثوها وإنما أنظر في الهدى إلى يوم يوجب فإن كان وافيا ثم أصابه بعد ذلك عور أو عرج أو ما لا يكون به وافيا على الابتداء لم يضره إذا بلغ المنسك وإن كان يوم وجب ليس بواف ثم صح حتى يصير وافيا قبل أن ينحر لم يجز عنه ولم يكن له أن يحبسه ولا عليه أن يبدله إلا أ ن يتطوع بإبداله مع نحره أو يكون أصله واجبا فلايجزي عنه فيه إلا واف والهدى هديان هدى أصله تطوع فذلك إذا ساقه فعطب فأدرك ذكاته فنحره أحببت له أن يغمس قلادته في دمه ثم يضرب بها صفحته ثم يخلى بين الناس وبينه يأكلونه فإن لم يحضره أحد تركه بتلك الحال وإن عطب فلم يدرك ذكاته فلا بدل عليه في واحد من الحالين فإن أدرك ذكاته فترك أن يذكيه أو ذكاه فأكله أو أطعمه أغنياء أو باعه فعليه بدله وإن أطعم بعضه
صفحة : 753
أغنياء وبعضه مساكين أو أكل بعضه وخلى بين الناس وبين ما بقى منه غرم قيمة ما أكل وما أطعم الأغنياء فيتصدق به على مساكين الحرم لا يجزيه غير ذلك وهدى واجب فذلك إذا عطب دون الحرم صنع به صاحبه ما شاء من بيع وهبة وإمساك وعليه بدله بكل حال ولو تصدق به في موضعه على مساكين كان عليه بدله لأنه قد خرج من أن يكون هديا حين عطب قبل أن يبلغ محله وإذا ساق المتمتع الهدى معه أو القارن لمتعته أو قرانه فلو تركه حتى ينحره يوم النحر كان أحب إلى وإن قدم فنحره في الحرم أجزأ عنه من قبل أن على الناس فرضين فرض في الأبدان فلا يكون إلا بعد الوقت وفرض في الأموال فيكون قبل الوقت إذا كان شيئا مما فيه الفرض وهكذا إن ساقه مفردا متطوعا به والاختيار إذا ساقه معتمرا أن ينحره بعد ما يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل أن يحلق عند المروة وحيث نحره من فجاج مكة أجزأه والاختيار في الحج أن ينحره يعنى بعد أن يرمى جمرة العقبة وقبل أن يحلق وحيثما نحره من منى أو مكة إذا أعطاه مساكين الحرم أجزأه ولو أن رجلين كان عليهما هديان واجبان فأخطأ كل واحد منهما بهدى صاحبه فذبحه ثم أدركه قبل أن يتصدق به أخذ كل واحد منهما هدى نفسه ورجع كل واحد منهما على صاحبه بقيمة ما بين الهديين حيين ومنحورين وأجزأ عنهما وتصدقا بكل ما ضمن كل واحد منهما لصاحبه ولو لم يدركاه حتى فات تصدقه ضمن كل واحد منهما لصاحبه قيمة الهدى حيا وكان على كل واحد منهما البدل ولا أحب أن يبدل واحد منهما إلا بجميع ثمن هديه وإن لم يجد بثمن هديه هديا زاد حتى يبدله هديا لو أن رجلا نحر هديه فمنع المساكين دفعه إليهم أو نحره بناحية ولم يحل بين المساكين وبينه حتى ينتن كان عليه أن يبدله والنحر يوم النحر وأيام منى كلها حتى تغيب الشمس من آخر أيامها فإذا غابت الشمس فلا نحر إلا أن من كان عليه هدى واجب نحره وأعطاه مساكين الحرم قضاء ويذبح في الليل والنهار وإنما أكره ذبح الليل لئلا يخطيء رجل في الذبح أو لا يوجد مساكين حاضرون فأما إذا أصاب الذبح ووجد مساكين حاضرين فسواء وفي أي الحرم ذبحه ثم أبلغه مساكين الحرم أجزأه وإن كان ذبحه إياه في غير موضع ناس وينحر الإبل قياما غير معقولة فإن أحب عقل إحدى قوائمها وإن نحرها باركة أو مضطجعة أجزأت عنه وينحر الإبل ويذبح البقر والغنم وإن نحر البقر والغنم أو ذبح الإبل كرهت له ذلك وأجزأت عنه ومن أطاق الذبح من امرأة أو رجل أجزأ أن يذبح النسيكة وهكذا من حلت ذكاته إلا أني أكره أن يذبح النسيكة يهودي أو نصراني فإن فعل فلا إعادة على صاحبه وأحب إلى أن
صفحة : 754
يذبح النسيكة صاحبها أو يحضر الذبح فإنه يرجى عند سفوح الدم المغفرة قال الشافعي وإذا سمى الله على النسيكة أجزأ عنه وإن قال اللهم تقبل منى أو تقبل عن فلان الذي أمره بذبحه فلا بأس وأحب أن يأكل من كبد ذبيحته قبل أن يفيض أو لحمها وإن لم يفعل فلا بأس وإنما آمره أن يأكل من التطوع والهدى هديان واجب وتطوع فكل ما كان أصله واجبا على إنسان ليس له حبسه فلا يأكل منه شيئا وذلك مثل هدى الفساد والطيب وجزاء الصيد والنذور والمتعة وإن أكل من الهدى الواجب تصدق بقيمة ما أكل منه وكل ما كان أصله تطوعا مثل الضحايا والهدايا تطوعا أكل منه وأطعم وأهدى وادخر وتصدق وأحب إلى أن لا يأكل ولا يحبس إلا ثلثا ويهدى ثلثا ويتصدق بثلث وإن لم يقلد هديه ولم يشعره قارنا كان أو غيره أجزأه أن يشتري هديا من منى أو مكة ثم يذبحه مكانه لأنه ليس على الهدى عمل إنما العمل على الآدميين والنسك لهم وإنما هذا مال من أموالهم يتقربون به إلى الله عز وجل ولا بأس أن يشترك السبعة المتمتعون في بدنة أو بقرة وكذلك لو كانوا سبعة وجبت على كل واحد منهم شاة أو محصرين ويخرج كل واحد منهم حصته من ثمنها قال الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن جابر قال نحرنا مع رسول الله ﷺ بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة قال الشافعي إذا أهل الرجل بعمرة ثم أصاب أهله فيما بين أن يهل إلى أن يكمل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة فهو مفسد وإذا أهل الرجل بحج أو بحج وعمرة ثم أصاب أهله فيما بينه وبين أن يرمى جمرة العقبة بسبع حصيات ويطوف بالبيت وإن لم يرم جمرة العقبة بعد عرفة فهو مفسد والذي يفسد الحج الذي يوجب الحد من أن يغيب الحشفة لا يفسد الحج شيء غير ذلك من عبث ولا تلذذ وإن جاء الماء الدافق فلا شيء وما فعله الحاج مما نهى عنه من صيد أو غيره وإذا أفسد رجل الحج مضى في حجه كما كان يمضى فيه لو لم يفسده فإذا كان قابل حج وأهدى بدنة تجزي عنهما معا وكذلك لو كانت امرأته حلالا وهو حرام أجزأت عنه بدنة وكذلك لو كانت هي حراما وكان هو حلالا كانت عليه بدنة ويحجها من قابل من قبل أنه الفاعل وأن الآثار إنما جاءت ببدنة واحدة تجزي عن كليهما ولو وطيء مرارا كان واحدا من قبل أنه قد أفسده مرة ولو وطيء نساء كان واحدا من قبل أنه أفسده مرة إلا أنهن إن كن محرمات فقد أفسد عليهن وعليه أن يحجهن كلهن ثم ينحر عن كل واحدة منهن بدنة لأن إحرام كل واحدة
صفحة : 755
منهن غير إحرام الأخرى وما تلذذ به من امرأته دون ما وصفت من شيء من أمر الدنيا فشاة تجزيه فيه وإذا لم يجد المفسد بدنة ذبح بقرة وإن لم يجد بقرة ذبح سبعا من الغنم وإذا كان معسرا عن هذا كله قومت البدنة له دراهم بمكة والدراهم طعاما ثم أطعم وإن كان معسرا عن الطعام صام عن كل مد يوما وهكذا كل ما وجب عليه فأعسر به مما لم يأت فيه نفسه نص خبر صنع فيه هكذا وما جاء فيه نص خبر فهو على ما جاء فيه ولا يكون الطعام ولا الهدى إلا بمكة ومنى ويكون الصوم حيث شاء لأنه لا منفعة لأهل الحرم في صيامه
الإحصار
قال الشافعي الإحصار الذي ذكره الله تبارك وتعالى فقال فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى نزلت يوم الحديبية وأحصر النبي ﷺ بعدو ونحر عليه الصلاة والسلام في الحل وقد قيل نحر في الحرم وإنما ذهبنا إلى أنه نحر في الحل وبعضها في الحرم لأن الله عز وجل يقول وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله والحرام كله محله عند أهل العلم فحيثما أحصر الرجل قريبا كان أو بعيدا بعدو حائل مسلم أو كافر وقد أحرم ذبح شاة وحل ولا قضاء عليه إلا أن يكون حجه حجة الإسلام فيحجها وهكذا السلطان إن حبسه في سجن أو غيره وهكذا العبد يحرم بغير إذن سيده وكذلك المرأة تحرم بغير إذن زوجها لأن لهما أن يحبساهما وليس هذا للوالد على الولد ولا للولي على المولى عليه ولو تأنى الذي أحصر رجاء أن يخلى كان أحب إلى فإذا رأي أنه لا يخلى حل وإذا حل ثم خلى فأحب إلى لو جدد إحراما وإن لم يفعل فلا شيء عليه لأني إذا أذنت له أن يحل بغير قضاء لم أجعل عليه العودة وإذا لم يجد شاة يذبحها للفقراء فلو صام عدل الشاة قبل أن يحل كان أحب إلى وإن لم يفعل وحل رجوت أن لا يكون عليه شيء ومتى أصابه أذى وهو يرجو أن يخلى نحاه عنه وافتدى في موضعه كما يفتدى المحصر إذا خلى عنه في غير الحرم وكان مخالفا لما سواه لمن قدر على الحرم ذلك لا يجزيه إلا أن يبلغ هديه الحرم
ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
صفحة : 756
الإحصار بالمرض وغيره
قال الشافعي رحمه الله أخبرنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس وغيره عن ابن عباس أنه قال لا حصر إلا حصر العدو وزاد أحدهما ذهب الحصر الآن قال الشافعي والذي يذهب إلى أن الحصر الذي ذكر الله عز وجل يحل منه صاحبه حصر العدو فمن حبس بخطأ عدد أو مرض فلا يحل من إحرامه وإن احتاج إلى دواء عليه فيه فدية أو تنحية أذى فعله وافتدى ويفتدى في الحرم بأن يفعله ويبعث بهدى إلى الحرم فمتى أطاق المضي مضى فحل من إحرامه بالطواف والسعي فإن كان معتمرا فلا وقت عليه ويحل ويرجع وإن كان حاجا فأدرك الحج فذاك وإن لم يدرك طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وعليه حج قابل وما استيسر من الهدي وهكذا من أخطا العدد قال الشافعي ومن لم يدخل عرفة إلا مغمى عليه لم يعقل ساعة ولا طرفة عين وهو بعرفة فقد فاته الحج وإن طيف به وهو لا يعقل فلم يطف وإن أحرم وهو لا يقعل فلم يحرم وإذا عقل بعرفة ساعة أو عقل بعد الإحرام ساعة وهو محرم ثم أغمى عليه فيما بين ذلك لم يضره إلا أنه إن لم يعقل حتى تجاوز الوقت فعليه دم لترك الوقت ولا يجزي عنه في الطواف ولا في الصلاة إلا أن يكون عاقلا في هذا كله لأن هذا عمل لا يجزيه قليله من كثيره وعرفة يجزيه قليلها من كثيرها وكذلك الإحرام
ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
صفحة : 757
مختصر الحج الصغير
أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي من سلك على المدينة أهل من ذي الحليفة ومن سلك على الساحل أهل من الجحفة ومن سلك بحرا أو غير الساحل أهل إذا حاذي الجحفة ولا بأس أن يهل من دون ذلك إلى بلده وإن جاوز رجع إلى ميقاته وإن لم يرجع أهراق دما وهي شاة يتصدق بها على المساكين قال وأحب للرجل والمرأة إذا كانت حائضا أو نفساء أن يغتسلا للاحرام ويأخذا من شعورهما وأظفارهما قبله فإن لم يفعلا وتوضآ أجزأهما قال وأحب أن يهلا خلف الصلاة مكتوبة أو نافلة وإن لم يفعلا وأهلا على غير وضوء فلا بأس عليها قال وأحب للرجل أن يلبس ثوبين أبيضين جديدين أو غسيلين وللمرأة أن تلبس ثيابا كذلك ولا بأس عليهما فيما لبسا ما لم يكن مصبوغا بزعفران أو ورس أو طيب ويلبس الرجل الإزار والرداء أو ثوبا نظيفا يطرحه كما يطرح الرداء إلا أن لا يجد إزارا فيلبس سراويل وأن لا يجد نعلين فيلبس خفين ويقطعهما أسفل من الكعبين ولا يلبس ثوبا مخيطا ولا عمامة إلا أن يطرح ذلك على كتفيه أو ظهره طرحا وله أن يغطى وجهه ولا يغطى رأسه وتلبس المرأة السراويل والخفين والقميص والخمار وكل ما كانت تلبسه غير محرمة إلا ثوبا فيه طيب ولا تخمر وجهها وتخمر رأسها إلا أن تريد أن تستر وجهها فتجافى الخمار ثم تسدل الثوب على وجهها متجافيا ويستظل المحرم والمحرمة في القبة والكنيسة وغيرهما ويبدلان ثيابهما التي أحرما فيها ويلبسان غيرها قال وإذا مات المحرم غسل بماء وسدر ولم يقرب طيبا وكفن في ثوبيه ولم يقمص وخمر وجهه ولم يخمر رأسه قال وإذا ماتت المحرمة غسلت بماء وسدر وقمصت وأزرت وشد رأسها بالخمار وكشف عن وجهها قال ولا تلبس المحرمة قفازين ولا برقعا قال ولا بأس أن يتطيب المحرم والمحرمة بالغالية والنضوح والمجمر وما تبقى رائحته بعد الإحرام إن كان الطيب قبل الإحرام وكذلك يتطيبان إذا رميا جمرة العقبة قال وإذا أخذا من شعورهما قبل الإحرام فإذا أهلا فإن شاءا قرنا وإن شاءا أفردا الحج وإن شاءا تمتعا بالعمرة إلى الحج والتمتع أحب إلى قال وإذا تمتعا أو قرنا أجزأهما أن يذبحا شاة فإن لم يجداها صاما ثلاثة أيام فيما بين أن يهلا بالحج إلى يوم عرفة فإن لم يصوماها لم يصوما أيام منى وصاما ثلاثة بعد منى بمكة أو في سفرهما وسبعة بعد ذلك وأختار لهما التمتع وأيهما أراد أن يحرما به كفتهما النية وإن سمياه فلا بأس
صفحة : 758
التلبية
لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك فإذا فرغ من التلبية صلى على النبي ﷺ وسأل الله تعالى رضاه والجنة واستعاذه من سخطه والنار ويكثر من التلبية ويجهر بها الرجل صوته ما لم يفدحه وتخافت بها المرأة وأستحبها خلف الصلوات ومع الفجر ومع مغيب الشمس وعند اضطمام الرفاق والهبوط والإصعاد وفي كل حال أحبها ولا بأس أن يلبى على وضوء وعلى غير وضوء وتلبى المرأة حائضا ولا بأس أن يغتسل الرجل ويدلك جسده من الوسخ ولا يدلك رأسه لئلا يقطع شعره وأحب له الغسل لدخول مكة فإذا دخلها أحببت له أن لا يخرج حتى يطوف بالبيت قال وأحب له إذا رأي البيت أن يقول اللهم زذ هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا وأن يستلم الركن الأسود ويضطبع بثوبه وهو أن يدخل رداءه من تحت منكبه الأيمن حتى يبرز منكبه ثم يهرول ثلاثة أطواف من الحجر إلى الحجر ويمشى أربعة ويستلم الركن اليماني والحجر ولا يستلم غيرهما فإن كان الزحام كثيرا مضى وكبر ولم يستلم قال وأحب أن يكون أكثر كلامه في الطواف ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار فإذا فرغ صلى خلف المقام أو حيثما تيسر ركعتين قرأ فيهما بأم القرآن و قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد وما قرأ به مع أم القرآن أجزأه ثم يصعد على الصفا صعودا لا يتوارى عنه البيت ثم يكبر ثلاثا ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ثم يدعو في أمر الدين والدنيا ويعيد هذا الكلام بين أضعاف كلامه حتى يقول ثلاث مرات ثم يهبط عن الصفا فإذا كان دون الميل الأخضر الذي في ركن المسجد بنحو من ستة أذرع عدا حتى يحاذى الميلين المتقابلين بفناء المسجد ودار العباس ثم يظهر على المروة جهده حتى يبدو له البيت إن بدا له ثم يصنع عليها مثل ما صنع على الصفا وما دعا به عليها أجزأه حتى يكمل الطواف بينهما سبعا يبدأ بالصفا ويختم بالمروة وإن كان متمتعا أخذ من شعره وأقام حلالا فإذا أراد التوجه إلى منى توجه يوم التروية قبل الظهر فطاف بالبيت سبعا للوداع ثم أهل بالحج متوجها من المسجد ثم أتى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ثم غدا منها إلى عرفة فنزل حيث شاء
صفحة : 759
وأختار له أن يشهد الظهر والعصر مع الإمام ويقف قريبا منه ويدعو ويجتهد فإذا غابت الشمس دفع وسار على هينته حتى يأتى المزدلفة فيصلى بها المغرب والعشاء والصبح ثم يغدو فيقف ثم يدعو ويدفع قبل أن تطلع الشمس إذا أسفر إسفارا بينا ويأخذ حصى جمرة واحدة سبع حصيات فيرمى جمرة العقبة وحدها بهن ويرمى من بطن المسيل ومن حيث رمى أجزأه ثم قد حل له ما حرم عليه الحج إلا النساء ويلبى حتى يرمى جمرة العقبة بأول حصاة ثم يقطع التلبية فإذا طاف بالبيت سبعا وبين الصفا والمروة سبعا فقد حل له النساء وإن كان قارنا أو مفردا فعليه أن يقيم محرما بحاله ويصنع ما وصفت غير أنه إذا كان قارنا أو مفردا أجزأه إن طاف قبل منى وبين الصفا والمروة أن يطوف بالبيت سبعا واحدا بعد عرفة تحل له النساء ولا يعود إلى الصفا والمروة وإن لم يطف قبل منى فعليه بعد عرفة أن يطوف بالبيت سبعا وبين الصفا والمروة سبعا وأحب له أن يغتسل لرمى الجمار والوقوف بعرفة والمزدلفة وإن لم يفعل وفعل عمل الحج كله على غير وضوء أجزأه لأن الحائض تفعله إلا الصلاة والطواف بالبيت لأنه لا يفعله إلا طاهرا فإذا كان بعد يوم النحر فذبح شاة وجبت عليه تصدق بجلدها ولحمها ولم يحبس منها شيئا وإن كانت نافلة تصدق منها وأكل وحبس ويذبح في أيام منى كلها ليلا ونهارا والنهار أحب إلى من الليل ويرمى الجمار أيام منى كلها وهي ثلاث كل واحدة منهن بسبع حصيات ولا يرميها حتى تزول الشمس في شيء من أيام منى كلها بعد يوم النحر وأحب إذا رمى أن يكبر مع كل حصاة ويتقدم عن الجمرة الدنيا حيث يرى الناس يقفون فيدعو ويطيل قدر قراءة سورة البقرة ويفعل ذلك عند الجمرة الوسطى ولا يفعله عند جمرة العقبة وإن أخطأ فرمى بحصاتين في مرة واحدة فهي حصاة واحدة حتى يرمى سبع مرات ويأخذ حصى الجمار من حيث شاء إلا من موضع نجس أو مسجد أو من الجمار فإني أكره له أن يأخذ من هذه المواضع ويرمى بمثل حصى الخذف وهو أصغر من الأنامل ولا بأس أن يطهر الحصى قبل أن يحمله وإن تعجل في يومين بعد يوم النحر فذلك له وإن غابت الشمس من اليوم الثاني أقام حتى يرمى الجمار من يوم الثالث بعد الزوال وإن تتابع عليه رميان بأن ينسى أو يغيب فعليه أن يرمى فإذا فرغ منه عاد فرمى رميا ثانيا ولا يرمى بأربع عشرة في موقف واحد فإذا صدر وأراد الرحيل عن مكة طاف بالبيت سبعا يودع به البيت يكون آخر كل عمل يعمله فإن خرج ولم يطف بعث بشاة تذبح عنه والرجل والمرأة في هذا سواء إلا الحائض فإنها تصدر بغير وداع إذا طافت الطواف الذي عليها
صفحة : 760
وأحب له إذا ودع البيت أن يقف في الملتزم وهو بين الركن والباب فيقول اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى سيرتني في بلادك وبغلتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري هذا أو ان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فاصحبني بالعافية في بدني والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أحييتني وما زاد إن شاء الله تعالى أجزأه
كتاب الضحايا
أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله تعالى الضحايا سنة لا أحب تركها ومن ضحى فأقل ما يجزيه الثنى من العز والإبل والبقر ولا يجزى جذع إلا من الضأن وحدها ولو زعمنا أن الضحايا واجبة ما أجزأ أهل البيت أن يضحوا إلا عن كل إنسان بشاة أو عن كل سبعة بجزور ولكنها لما كانت غير فرض كان الرجل إذا ضحى في بيته كانت قد وقعت ثم اسم ضحية ولم تعطل وكان من ترك ذلك من أهله لم يترك فرضا قال ووقت الضحايا انصراف الإمام من الصلاة فإذا إبطأ الإمام أو كان الأضحى ببلد لا إمام به فقدر ما تحل الصلاة ثم يقضى صلاته ركعتين وليس على الإمام إن أبطأ بالصلاة عن وقتها لأن الوقت إنما هو وقت رسول الله ﷺ لا ما أحدث بعده وإن كان النبي ﷺ أمر الذي أمره بإعادة ضحيته بضائنة جذعة فهي تجزي وإن كان أمره بجذعة غير الضأن فقط حفظ عن النبي ﷺ أنه قال تجزيك ولا تجزي أحدا بعدك وأما سوى ما ذكرت فلا يعد ضحايا حتى يجتمع السن والوقت وما بعد من أيام منى خاصة فإذا مضت أيام منى فلا ضحية وما ذبح يومئذ فهي ذبيحة غير الضحية وإنما أمرنا بالضحية في أيام مني وزعمنا أنها لا تفوت لأنا حفظنا أن النبي ﷺ قال هذه أيام نسك ورمي فيها كلها الجمار ورأينا المسلمين إذ نهى النبي ﷺ عن أيام منى نهوا عنها ونهوا عن العمرة فيها من كان حاجا لأنه في بقية من حجه فإن ذهب ذاهب إلى أن النبي ﷺ إنما ضحى في يوم النحر فذلك أفضل الأضحى وإن كان يجزي فيما بعده لأن النبي ﷺ قال هذه أيام نسك فلما قال المسلمون ما وصفنا لزمه أن يزعم أن اليوم الثالث كاليومين وإنما كرهنا أن يضحى بالليل على نحو ما كرهنا من الحداد بالليل لأن الليل سكن والنهار ينتشر فيه لطلب المعاش
صفحة : 761
فأحببنا أن يحضر من يحتاج إلى لحوم الضحايا لأن ذلك أجزل عن المتصدق وأشبه أن لا يجد المتصدق في مكارم الأخلاق بدا من أن يتصدق على من حضره للحياء ممن حضره من المساكين وغيرهم مع أن الذي يلى الضحايا يليها بالنهار أخف عليه وأحرى أن لا يصيب نفسه بأذى ولا يفسد من الضحية شيئا وأهل الأمصار في ذلك مثل أهل منى فإذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق ثم ضحى أحد فلا ضحية له
باب ما تجزي عنه البدنة من العدد في الضحايا
قال الشافعي رحمه الله أقول بحديث مالك عن أبي الزبير عن جابر أنهم نحروا مع رسول الله قال الشافعي وكانوا محصرين قال الله تبارك وتعالى فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى فلما قال فما استيسر من الهدى شاة فأجزأت البدنة عن سبعة محصورين ومتمتعين وعن سبعة وجبت عليهم من قران أو جزاء صيد أو غير ذلك إذا كانت على كل واحد منهم شاة لأن هذا في معنى الشاة ولو أخرج كل واحد منهم حصته من ثمنها أجزأت عنهم وإذا ملكوها بغير بيع أجزأت عنهم وإذا ملكوها بثمن وسواء في ذلك كانوا أهل بيت أو غيرهم لأن أهل الحديبية كانوا من قبائل شتى وشعوب متفرقة ولا تجزيء عن أكثر من سعبة وإذا كانوا أقل من سبعة أجزأت عنهم وهم متطوعون بالفضل كما تجزي الجزور عمن لزمته شاة ويكون متطوعا بفضلها عن الشاة وإذا لم توجد البدنة كان عدلها سعبة من الغنم قياسا على هذا الحديث وكذلك البقرة وإذا زعم أنه قد سمى الله تعالى عند الذبح فهو أمين وللناس أن يأكلوها وهو أمين على أكثر من هذا الإيمان والصلاة قال الشافعي وكل ذبح كان واجبا على مسلم فلا أحب له أن يولى ذبحه النصراني ولا أحرم ذلك عليه إن ذبحه لأنه إذا حل له لحمه فذبيحته أيسر وكل ذبح ليس بواجب فلا بأس أن يذبحه النصراني والمرأة والصبي وإن استقبل الذابح القبلة فهو أحب إلى وإن أخطأ أو نسى فلا شيء عليه إن شاء الله وإذا كانت الضحايا إنما هو دم يتقرب به إلى الله تعالى فخير الدماء أحب إلى وقد زعم بعض المفسرين أن قول الله عز وجل ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب استسمان الهدى واستحسانه وسئل رسول الله ﷺ أي الرقاب أفضل قال أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها قال الشافعي والعقل مضطر إلى أن يعلم أن كل ما تقرب به إلى الله عز وجل إذا كان نفيسا كلما
صفحة : 762
عظمت رزيته على المتقرب به إلى الله تبارك وتعالى كان أعظم لأجره
الضحايا الثاني
قال الشافعي رحمه الله الضحايا الجذع من الضأن والثنى من المعز والإبل والبقر ولا يكون شيء دون هذا ضحية والضحية تطوع سنة فكل ما كان من تطوع فهو هكذا وكل ما كان من جزاء صيد صغير أو كبير إذا كان مثل الصيد أجزأ لأنه بدل والبدل مثل ما أصيب وهذا مكتوب بحججه في كتاب الحج قال الشافعي وقت الأضحى قدر ما يدخل الإمام في الصلاة حين تحل الصلاة وذلك إذا برزت الشمس فيصلى ركعتين ثم يخطب خطبتين خفيفتين فإذا مضى من النهار قدر هذا الوقت حل الأضحى وليس الوقت في عمل الرجال الذين يتولون الصلاة فيقدمونها قبل وقتها أو يؤخرونها بعد وقتها أرأيت لو صلى رجل تلك الصلاة بعد الصبح وخطب وانصرف مع الشمس أو قبلها أو أخر ذلك إلى الضحى الأعلى هل كان يجوز أن يضحى في الوقت الأول أو يحرم أن يضحى قبل الوقت الآخر لا وقت في شيء وقته رسول الله ﷺ إلا وقته فأما تأخر الفعل وتقدمه عن فعله فلا وقت فيه قال الشافعي وأهل البوادي وأهل القرى الذين لهم أئمة في هذا سواء ولا وقت إلا بقدر صلاة النبي ﷺ فأما صلاة من بعده فليس فيها وقت لأن منهم من يؤخرها ومنهم من يقدمها قال الشافعي وليس في القرن نقص فيضحى بالجلحاء وإذا ضحى بالجلحاء فهي أبعد من القرن من مكسورة القرن وسواء كان قرنها يدمي أو صحيحا لأنه لا خوف ليها في دم قرنها فتكون به مريضة فلا تجزي من جهة المرض ولا يجوز فيها إلا هذا وإن كان قرنها مكسورا كسرا قليلا أو كثيرا يدمي أو لا يدمي فهو يجزي قال الشافعي ومن شاء من الأئمة أن يضحى في مصلاه ضحى ومن شاء ضحى في منزله وإذا صلى الإمام فقد علم من معه أن الضحية قد حلت فليسوا يزدادون علما بأن يضحى ولا يضيق عليهم أن يضحوا أرأيت لو لم يضح على حال أو أخر الضحية إلى بعض النهار أو إلى الغد أو قال الشافعي ولا تجزي المريضة أي مرض ما كان بينا في الضحية وإذا أوجب الرجل الشاة ضحية وإيجابها أن يقول هذه ضحية ليس شراؤها والنية أن يضحى بها إيجابا فإذا أوجبها لم
صفحة : 763
يكن له أن يبدلها بخير ولا شر منها ولو أبدلها فذبح التي أبدل كان عليه أن يعود فيذبح الأولى ولم يكن له إمساكها ومتى لم يوجبها فله الامتناع من أن يضحى بها أبدلها أو لم يبدلها كما يشتري العبد ينوي أن يعقته والمال ينوي أن يتصدق به فلا يكون عليه أن يعتق هذا ولا يتصدق بهذا ولو فعل كان خيرا له قال ولا تجزي الجرباء والجرب قليله وكثيره مرض بين مفسد للحم وناقص الثمن قال الشافعي وإذا باع الرجل الضحية قد أوجبها فالبيع مفسوخ فإن فاتت فعليه أن يشتري بجميع ثمنها أضحية فيضحى بها فإن بلغ ثمنها أضحيتين اشتراهما لأن ثمنها بدل منها ولا يكون له أن يملك منه شيئا وإن بلغ أضحية وزاد شيئا لا يبلغ ثانية ضحى بالضحية وأسلك الفضل مسلك الضحية قال الشافعي وأحب إلى لو تصدق به وإن نقص عن ضحية فعليه أن يزيد حتى يوفى ضحية لا يجزيه غير ذلك لأنه مستهلك الضحية فأقل ما يلزمه ضحية مثلها قال الشافعي الضحايا سنة لا يجب تركها فمن ضحى فأقل ما يكفيه جذع الضأن أو ثنى المعز أو ثني المعز أو ثني الإبل والبقر والإبل أحب إلى أن يضحى بها من البقر والبقر أحب إلى أن يصحى بها من الغنم وكل ما غلا من الغنم كان أحب إلى مما رخص وكل ما طاب لحمه كان أحب إلى مما يخبث لحمه قال والضأن أحب إلى من المعز والعفر أحب إلى من السود وسواء في الضحايا أهل منى وأهل الأمصار فإذا كانت الضحايا إنما هو دم يتقرب به إلى الله تعالى فخير الدماء أحب إلى وقد زعم بعض المفسرين أن قول الله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله استسمان الهدى واستحسانه وسئل رسول الله ﷺ أي الرقاب أفضل فقال أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها والعقل مضطر إلى أن يعلم أن كل ما تقرب به إلى الله تعالى إذا كان نفيسا كلما عظمت رزيته على المتقرب به إلى الله تعالى كان أعظم لأجره وقد قال الله تعالى في المتمتع فما استيسر من الهدى وقال ابن عباس ما استيسر من الهدى شاة وأمر رسول الله ﷺ أصحابه الذين تمتعوا بالعمرة إلى الحج أن يذبحوا شاة شاة وكان ذلك أقل ما يجزيهم لأنه إذا أجزأه أدنى الدم فأعلاه خير منه ولو زعمنا أن الضحايا واجبة ما أجزأ أهل البيت أن يضحوا إلا عن كل إنسان بشاة أو عن كل سبعة بجزور ولكنها لما كانت غير فرض كان الرجل إذا ضحى في بيته فقد وقع اسم ضحية عليه ولم تعطل وكان من ترك ذلك من أهله لم يترك فرضا ولا يلزم الرجل أن يضحى عن امرأة ولا ولد ولا نفسه وقد بلغنا أن أبا بكر
صفحة : 764
وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان كراهية أن يقتدى بهما ليظن من رآهما أنها واجبة وعن ابن عباس أنه جلس مع أصحابه ثم أرسل بدرهمين فقال اشتروا بهما لحما ثم قال هذه أضحية ابن عباس وقد كان قلما يمر به يوم إلا نحر فيه أو ذبح بمكة وإنما أراد بذلك مثل الذي روى عن أبي بكر وعمر ولا يعدو القول في الضحايا هذا أن تكون واجبة فهي على كل أحد صغير أو كبير لا تجزي غير شاة عن كل أحد فأما ما سوى هذا من القول فلا يجوز قال الشافعي فإذا أوجب الضحية فولدت ذبح ولدها معها كما يوجب البدنة فتنتج فيذبح ولدها معها وإذا لم يوجبها فقد كان له فيها إمساكها وولدها بمنزلتها إن شاء أمسكه وإن شاء ذبحه ومن زعم أنه ليس له أن يبدل الضحية بمثلها ولا دونها مما يجزي فقد جلعها في هذا الموضع واجبة فيلزمه أن يقول في هذا الموضع مثل ما قلنا ويلزم أن يقول ولا له أن يبدلها بما هو خير منها لأنه هكذا يقول في كل ما أوجب ولا تعدو اضحية إذا اشتريت أن يكون حكمها حكم واجب الهدى فلا يجوز أن تبدل بألف مثلها أو حكمها حكم ماله يصنع به ما شاء فلا بأس أن يبدلها بما شاء مما يجوز ضحية وإن كان دونها ويحبسها قال الشافعي وإذا أوجب الضحية لم يجز صوفها وما لم يوجبها فله أن يجز صوفها والضحية نسك من النسك مأذون في أكله وإطعامه وادخاره فهذا كله جائز في جميع الضحية جلدها قال الشافعي فإن قال قائل ومن أين كرهت أن تباع وأنت لا تكره أن تؤكل وتدخر قيل له لما كان نسكا فكان الله حكم في البدن التي هي نسك فقال عز وجل فكلوا منها وأطعموا وأذن رسول الله ﷺ في أكل الضحايا والإطعام كان ما أذن الله فيه ورسوله ﷺ مأذونا فيه فكان أصل ما أخرج لله عز وجل معقولا أن لا يعود إلى مالكه منه شيء إلا ما أذن الله فيه أو رسوله ﷺ فاقتصرنا على ما أذن الله عز وجل فيه ثم رسوله ومنعنا البيع على أصل النسك أنه ممنوع من البيع فإن قال أفتجد ما يشبه هذا قيل نعم الجيش يدخلون بلاد العدو فيكون الغلول محرما عليهم ويكون ما أصابوا من العدو بينهم وأذن رسول الله ﷺ لما أصابوا في المأكول لمن أكله فأخرجناه من الغلول إذا كان مأكولا وزعمنا أنه إذا كان مبيعا إنه غلول وإن على بائعه رد ثمنه ولم أعلم بين الناس في هذا اختلافا أن من باع من ضحيته جلدا أو غيره أعاد ثمنه أو قيمة ما باع منه إن كانت القيمة أكثر من الثمن فيما يجوز أن تجعل فيه الضحية والصدقة به أحب إلى كما الصدقة بلحم الضحية
صفحة : 765
أحب إلى ولبن الضحية كلبن البدنة إذا أوجبت الضحية لا يشرب منه صاحبه إلا الفضل عن ولدها وما لا ينهك لحمها ولو تصدق به كان أحب إلى فإذا لم يوجب صنع ما شاء قال الشافعي ولا تجزي العوراء وأقل البياض في السواد على الناظر كان أو على غيره يقع به اسم العورة البين ولا تجزيء العرجاء وأقل العرج بين أنه عرج إذا كان من نفس الخلقة أو عرج خارج ثابت فذلك العرج البين قال ومن اشترى ضحية فأوجبها أو أهدى هديا ما كان فأوجبه وهو تام ثم عرض له نقص وبلغ المنسك أجزأ عنه إنما أنظر في هذا كله إلى يوم يوجبه فيخرج من ماله إلى ما جلعه له فإذا كان تاما وبلغ ما جلعه له أجزأ عنه بتمامه عند الإيجاب وبلوغه أمده وما اشترى من هذا فلم يوجبه إلا بعد ما نقص فكان لا يجزيء ثم أوجبه ذبحه ولم يجز عنه لأنه أوجبه وهو غير مجزيء فما كان من ذلك لازما له فعليه أن يأتى بتام وما كان تطوعا فليس عليه بدله قال الشافعي وإذا اشترى الرجل الضحية فأوجبها أو لم يوجبها فماتت أو ضلت أو سرقت فلا بدل عليه وليست بأكثر من هدى تطوع يوجبه صاحبه فيموت فلا يكون عليه بدل إنما تكون الأبدال في الواجب ولكنه إن وجدها بعد ما أوجبها ذبحها وإن مضت أيام النحر كلها كما يصنع في البدن من الهدى تضل وإن لم يكن أوجبها فوجدها لم يكن عليه ذبحها ولو ذبحها كان أحب إلى قال الشافعي وإذا اشترى الرجل الضحية فلم يوجبها حتى أصابها ما لا تجوز معه بحضرة الذبح قبل أن يذبحها أو قبل ذلك لم تكن ضحية ولو أوجبها سالمة ثم أصابها ذلك وبلغت أيام الأضحى ضحى بها وأجزأت عنه إنما أنظر إلى الضحية في الحال التي أوجبها فيها وليس فيما أصابها بعد ذبحها شيء يسأل عنه أحد إنما هي حينئذ ذكية مذبوحة لا عين لها قائمة إلا وقد فارقها الروح لا يضرها ما كسرها ولا ما أصابها وإلى الكسر تصير قال الشافعي وإذا زعمنا أن العرجاء والعوراء لا تجوز في الضحية كانت إذا كانت عوراء أو لا يد لها ولا رجل داخلة في هذا المعنى وفي أكثر منه وليس في القرن نقص وإذا خلقت لها أذن ما كانت أجزأت وإن خلقت لا أذن لها لم تجز وكذلك لو جدعت لم تجز لأن هذا نقص من المأكول منها قال الشافعي فإذا أوجب الرجل ضحية أو هديا فذبحا عنه في وقتهما بغير إذنه فأدركهما قبل
صفحة : 766
أن يستهلك لحمها أجزأتا معا عنه لأنهما ذكاتان ومذبوحتان في وقت وكان له أن يرجع على الذي تعدى بما بين قيمتهما قائمتين ومذبوحتين ثم يجعله في سبيل الهدى وفي سبيل الضحية لا يجزيه غير ذلك وإن ذبح له شاة وقد اشتراها ولم يوجبها في وقتها وأدركها فشاء أن تكون ضحية لم تجز عنه ورجع عليه بما بين قيمتها قائمة ومذبوحة وإن شاء أن يحبس لحمها حبسه لأنه لم يكن أوجبها فإن فات لحمها في هذا كله يرجع على الذابح بقيمتها حية وكان عليه أن يبتاع بما أخذه من قيمة الواجب منها ضحية أو هديا وإن نقص عن ثمنها زاده من عنده حتى يوفى أقل ما يلزمه فإن زاد جعله كله في سبيل الضحية والهدى حتى لا يكون حبس مما أخذ منها شيئا والجواب في هذا كله كالجواب في حاجين لو نحر كل واحد منهما هدى صاحبه ومضحيين لو ذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه ضمن كل واحد منهما هديه لصاحبه ما بين قيمة ما ذبح حيا ومذبوحا وأجزأ عن كل واحد منهما هديه أو ضحيته إذا لم تفت وإن استهلك كل واحد منهما هدى صاحبه أو ضحيته ضمن كل واحد منهما قيمة ما استهلك حيا وكان على كل واحد منهما البدل في كل واجب قال الشافعي والحاج المكي والمنتوي والمسافر والمقيم والذكر والأنثى ممن يجد ضحية سواء كلهم لا فرق بينهم إن وجبت على كل واحد منهم وجبت عليهم كلهم وإن سقطت عن واحد منهم سقطت عنهم كلهم ولو كانت واجبة على بعضهم دون بعض كان الحاج أولى أن تكون عليه واجبة لأنها نسك وعليه نسك وغيره لا نسك عليه ولكنه لا يجوز أن يوجب على الناس إلا بحجة ولا يفرق بينهم إلا بمثلها ولست أحب لعبد ولا أجيز له ولا مدبر ولا مكاتب ولا أم ولد أن يضحوا لأنهم لا أموال لهم وإنما أموالهم لمالكيهم وكذلك لا أحب للمكاتب ولا أجيز له أن يضحي لأن ملكه على ماله ليس بتام لأنه يعجز فيرجع ماله إلى مولاه ويمنع من الهبة والعتق لأن ملكه لم يتم على ماله قال الشافعي والأضحية جائزة يوم النحر وأيام منى كلها لأنها أيام النسك وإن ضحى في الليل من أيام من أجزأ عنه وإنما أكره له أن يضحى في الليل وينحر الهدى لمعنيين أحدهما خوف الخطأ في الذبح والنحر أو على نفسه أو من يقاربه أو خطأ المنحر والثاني أن المساكين لا يحضرونه في الليل حضورهم إياه في النهار فأما لغير هذا فلا أكرهه فإن قال قائل ما الحجة في أن أيام منى أيام أضحى كلها قيل كما كانت الحجة بأن يومين بعد يوم النحر يومى ضحية فإن قال قائل
صفحة : 767
فكيف ذلك قيل نحر النبي ﷺ وضحى في يوم النحر فلما لم يحظر على الناس أن يضحوا بعد يوم النحر بيوم أو يومين لم نجد اليوم الثالث مفارقا لليومين قبله لأنه ينسك فيه ويرمى كما ينسك ويرمى فيهما فإن قال فهل في هذا من خبر قيل نعم عن النبي ﷺ فيه دلالة سنة
كتاب الصيد والذبائح
أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال الكلب المعلم الذي إذا أشلى استشلى وإذا أخذ حبس ولم يأكل فإذا فعل هذا مرة بعد مرة كان معلما يأكل صاحبه ما حبس عليه وإن قتل ما لم يأكل فإذا أكل فقد قيل يخرجه هذا من أن يكون معلما وامتنع صاحبه من أن يأكل من الصيد الذي أكل منه الكلب لأن الكلب أمسكه على نفسه وإن أكل منه صاحب الكلب أكل من صيد غير معلم ويحتمل القياس أن يأكل وإن أكل منه الكلب من قبل أنه إذا صار معلما صار قتله ذكاة فأكل ما لم يحرم أكله ما كان ذكيا كما لو كان مذبوحا فأكل منه كلب لم يحرم وطرح ما حول ما أكل وهذا قول ابن عمر وسعد بن أبي وقاص وبعض أصحابنا وإنما تركنا هذا للأثر الذي ذكر الشعبي عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي ﷺ يقول فإذا أكل فلا تأكل قال الشافعي وإذا ثبت الخبر عن النبي ﷺ لم يجز تركه لشيء وإذا قلنا هذا في المعلم من الكلاب فأخذ المعلم فحبس بلا أكل فذلك يحل وإن قتله يقوم مقام الذكاة فإن حبس وأكل فذلك موضع ترك فيه أن يكون معلما فصار كهو على الابتداء لا يحل أكهل كما كان لا يحل على الابتداء وهذا وجه يحتمله القياس ويصح فيه وفيه أن متأولا لو ذهب فقال إن الكلب إذا كان نجسا فأكل من شيء رطب قد يمكن أن يجري بعضه في بعض نجسه ولكن لا يجوز أن يقول حتى يكون آكلا والحياة فيه والدم بالروح يدور فيه فأما إذا كان بعد الموت فلا يدور فيه دم وإنما ينجس حينئذ موضع ما أكل منه وما قاربه قال الربيع وفيه قول آخر ولو نجسه كله كان له أن يغسله ويعصره كما يغسل الثوب ويعصر فيطهر ويغسل الجلد فيطهر فتذهب نجاسته وكذلك تذهب نجاسة اللحم فيأكله
ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
صفحة : 768
باب صيد كل ما صيد به من وحش أو طير
قال الشافعي وتعليم الفهد وكل دابة علمت كتعليم الكلب لا فرق بينهما غير أن الكلب أنجسها ولا نجاسة في حي إلا الكلب والخنزير وتعليم الطائر كله واحد البازي والصقر والشاهين والعقاب وغيرها وهو أن يجمع أن يدعى فيجيب ويستشلى فيطير ويأخذ فيحبس فإذا فعلت هذا مرة بعد مرة فهي معلمة يؤكل ما أخذت وقتلت فإن أكلت فالقياس فيها كهو في الكلب زعم بعض المشرقيين أنه يؤكل ما قتلت وإن أكلت وزعم أنه إذا أكل الكلب لا يؤكل وزعم أن الفرق بينهما عنده أن الكلب يضرب والبازي لا يضرب فإذا زعم أنها تفترق في هذا فكيف زعم أن البازي لا يؤكل صيده حتى يكون يدعى فيجيب ويستشلى فيطير وأنه لو طار من نفسه فقتل لم يؤكل إذا لم يكن معلما أفرأيت إذا استجاز في معلمين يفرق بينهما فلو فرق بينهما رجل حيث جمع بينهما أو جمع بينهما حيث فرق بينهما هل كانت الحجة عليه إلا كهي عليه
باب تسمية الله عز وجل عند إرسال ما يصطاد به
قال الشافعي وإذا أرسل الرجل المسلم كلبه أو طائرة المعلمين أحببت له أن يسمى فإن لم يسم ناسيا فقتل أكل لأنهما إذا كان قتلهما كالذكاة فهو لو نسى التسمية في الذبيحة أكل لأن المسلم يذبح على اسم الله عز وجل وإن نسى وكذلك ما أصبت بشيء من سلاحك الذي يمور في الصيد
ID ' ' للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
صفحة : 769
باب إرسال المسلم والمجوسي الكلب
قال الشافعي وإذا أرسل المسلم والمجوسي كلبا واحدا أو كلبين متفرقين أو طائرين أو سهمين فأصابا الصيد ثم لم تدرك ذكاته فلا يؤكل فهو كذبيحة مسلم ومجوسي لا فرق بينهما فإذا دخل في الذبيحة ما لا يحل لم تحل وكذلك لو أعانه كلب غير معلم وسواء أنفذ السهم أو الكلب المعلم مقاتله أو لم ينفذها إذا أعانه على قتله غيره مما لا يحل لأن مقاتله قد تنفذ فيحيا إلا أن يكون قد بلغ منه ما يبلغ الذبح التام بالمذبوح مما لا يعيش بعده طرفة عين ومما تكون حركته كحركة المذبوح كحشاشة روح الحياة التي يتتام خروجه فإن خرج إلى هذا فلا يضره ما أصابه لأنه قد أصابه وهو ميت
باب إرسال الصيد فيتوارى عنك ثم تجد الصيد مقتولا
قال الشافعي وإذا رمى الرجل الصيد أو أرسل عليه بعض المعلمات فتوارى عنه ووجده قتيلا فالخبر عن ابن عباس والقياس أن لا يأكله من قبل أنه قد يمكن أن يكون قتله غير ما أرسل عليه من دواب الأرض وقد سئل ابن عباس فقال له قائل إني أرمى فأصمى وأنمى فقال له ابن عباس كل ما أصميت ودع ما أنميت قال الشافعي ما أصميت ما قتله الكلب وأنت تراه وما أنميت ما غاب عنك مقتله فإن كان قد بلغ وهو يراه مثل ما وصفت من الذبح ثم تردى فتوارى أكله فأما إنفاذ المقاتل فقد يعيش بعد ما ينفذ بعض المقاتل ولا يجوز فيه عندي إلا هذا إلا أن يكون جاء عن النبي ﷺ شيء فإني أتوهمه فيسقط كل شيء خالف أمر النبي ﷺ ولا يقوم معه رأي ولا قياس فإن الله عز وجل قطع العذر بقوله ﷺ قال الشافعي وإذا أصابت الرمية الصيد والرامى لا يراه فذبحته أو بلغت به ما شاءت لم يأكله ووجد به أثرا من غيرها أو لم يجده لأنه قد يقتله ما لا أثر له فيه وإذا أدرك الرجل الصيد ولم يبلغ سلاحه منه أو معلمه منه ما يبلغ الذبح من أن لا يبقى فيه حياة فأمكنه أن يذبحه فلم يذبحه فلا يأكله وإمكانه أن يكون ما يذكي به حاضرا ويأتى عليه مدة يمكنه فيها أن يذبحه فلا يذبحه لأن الذكاة ذكاتان إحداهما ما قدر عليه فذلك لا يذكي إلا بالنحر والذبح والأخرى ما لم يقدر عليه فيذكي بما يقدر عليه فإذا لم يبلغ ذكاته وقدر عليه فلا يجزي فيه إلا الذبح أو النحر فإن أغفل السكين وقدر على الذبح فرجع له فمات لم يأكله إنما يأكله إذا لم يقدر من حين يصيده على
صفحة : 770
ذكاته ولو أجزنا له أكله بالرجوع بلا تذكية أجزنا له إن تعذر عليه ما يذكيه به يوما فمات قبل أن يجده أن يأكله وإذا أدركته ومعك ما تذكيه به فلم يمكنك مذبحه ولم تفرط فيه حتى مات فكله وإن أمكنك مذبحه فلم تفرط وأدنيت السكين فمات قبل أن تضعها على حلقه فكله وإن وضعتها على حلقه ولم تمرها حتى مات ولم تتوان فكله لأنه يمكنك في شيء من هذا ذكاته وإن أمررتها فكلت ومات فلا تأكله لأنه قد يكون قد مات خنقا والذكاة التي إذا بلغها الذابح أو الرامي أو المعلم أجزأت من الذبح أن يجتمع قطع الحلقوم والمريء لا شيء دون ذلك وتمامها الودجين ولو قطع الودجان ولم يقطع الحلقوم والمريء لم تكن ذكاة من قبل أن الودجين قد يقطعان من الإنسان ويحيا وأما الذكاة فيما لا حياة فيه إذا قطع فهو الحلقوم والمريء لأنهما أظهر منهما فإذا أتى عليهما حتى استؤصلا فلا يكون إلا بعد إبانة الحلقوم والمريء وإذا أرسل الرجل كلبه أو سهمه وسمى الله تابك وتعالى وهو يرى صيدا فأصاب غيره فلا بأس بأكله من قبل أنه قدر رأى صيدا ونواه وإن أصاب غيره وإن أرسلهما ولا يرى صيدا ونوى فلا يأكل ولا تعمل المنية إلا مع عين تراه وهكذا لو رمى صيدا مجتمعا ونوى أنه أصاب أكل ما أصاب منه ولو كان لا يجوز أن يأكل إذا رمى إلا ما نوى بعينه كان العلم يحيط أن رجلا لو أرسل سهما على مائة طير أو كلبا على مائة ظبي لم يقتلها كلها وإذا نواها كلها فأصاب واحدا فالواحد المصاب غير منوي بعينه وكان يلزم من قال لا يأكل الصيد إلا أن يرميه بعينه أن لا يأكل من هذه شيئا لأن العلم يحيط أنه لا يقتلها كلها فإذا أحاط العلم بهذا فالذي نوى بغير عينه والله أعلم وكل ما أصاب كلب غير معلم أو حجر أو بندقة أو شيء غير سلاح لم يؤكل إلا أن تدرك ذكاته فيكون مأكولا بالذكاة كما تؤكل الموقذة والمتردية والنطيحة إذا ذكيت قال الشافعي وأكثر ما تكون كلاب الصيد في غير أيدهم إلا أنها تتبعهم وإذا استشلى الرجل كلبه على الصيد قريبا كان منه أو بعيدا فانزجر واستشلى باستشلائه فأخذ الصيد أكل وإن قتله وكان كإرساله إياه من يده وإن كان الكلب قد توجه للصيد قبل استشلاء صاحبه فمضى في سننه فأخذه فلا يأكله إلا بإدراك ذكاته إلا أن يكن يزجره فيقف أو ينعرج ثم يستشليه فيتحرك باستشلائه الآخر فيكون قد ترك الأمر الأول واستشلى باستشلاء مستأنف فيأكل ما أصاب كما يأكله لو أرسله فيقف على الابتداء وإن كان في سننه فاستشلاه فلم يحدث عرجة ولا وقوفا وازداد في سننه استشلاء فلا يأكل وسواء في ذلك استشلاه صاحبه أو غير صاحبه
صفحة : 771
ممن تجوز ذكاته قال الشافعي وصيد الصبي أسهل من ذبيحته فلا بأس بصيده لأن فعله الكلام والذكاة بغيره فلا بأس بذبيحته إذا أطاق الذبح وأتى منه على ما يكون ذكاة وكذلك المرأة وكل من تجوز ذكاته من نصراني ويهودي قال الشافعي وإذا رمى الرجل الصيد أو طعنه أو ضربه أو أرسل إليه كلبه فقطعه قطعتين أو قطع رأسه أو قطع بطنه وصلبه وإن لم يكن من النصف أكل الطرفين معا وهذ ذكاته وكل ما كان ذكاة لبعضه كان ذكاة لكل عضو فيه ولكنه لو قطع منه يدا أو رجلا أو إربا أو شيئا يمكن لو لم يزد علي ذلك أن يعيش بعده ساعة أو مدة أكثر منها بعد أن يكون ممتنعا ثم قتله بعد برمية أكل ما كان باقيا فيه من أعضائه ولم يأكل العضو الذي بان منه وفيه الحياة التي يبقى بعدها لأنه عضو مقطوع من حي ولا يؤكل ما قطع من حي أدركت ذكاته أو لم تدرك ولو كان موته من القطع الأول أكلهما معا وقال بعض الناس إذا ضربه فقطعه نصفين أكل وإن قطعه بأقل من النصف فكان الأقل مما يلي العجز أكل الذي يلي الرأس ولم يأكل الذي يلي العجز قال الشافعي وإذا كانت الضربة التي مات منها ذكاة لبعضه كانت ذكاة لكله ولم يصلح أن يؤكل منهما واحد دون صاحبه قال الشافعي وكل ما كان يعيش في الماء من حوت أو غيره فأخذه ذكاته لا ذكاة عليه ولو ذكاه لم يحرم ولو كان من شيء تطول حياته فذبحه لأن يستعجل موته ما كرهته وسواء من أخذه من مجوسي أو وثني لا ذكاة له لأنه ذكى في نفسه فلا يبالى من أخذه وسواء ما كان منه يموت حين يخرج من الماء وما كان يعيش إذا كان منسوبا إلى الماء وفيه أكثر عيشه وإذا كان هكذا فسواء ما لفظ البحر وطفا من ميتته وما أخرج منه وقد خالفنا بعض المشرقيين فزعم أنه لا بأس بما لفظ البحر ميتا وما أخذه الإنسان ميتا قبل أن يطفو فإذا طفا فلا خير فيه ولا أدري أي وجه لكراهية الطافي والسنة تدل على أكل ما لفظ البحر ميتا بضع عشرة ليلة وهو يقول ذلك والقياس أنه كله سواء ولكنه بغلنا أن بعض أصحاب النبي ﷺ سمى جابرا أو غيره كره الطافي فاتبعنا فيه الأثر قال الشافعي قلنا لو كنت تتبع الآثار أو السنن حين تفرق بين المجتمع منها بالاتباع حمدناك ولكنك تتركها ثابتة لا مخالف لها عن النبي ﷺ وأصحابه وتأخذ ما زعمت
صفحة : 772
برواية عن رجل من أصحاب النبي ﷺ أنه كره الطافي وقد أكل أبو أيوب سمكا طافيا وهو رجل من أصحاب النبي ﷺ ومعه زعمت القياس وزعمنا السنة وأنت تزعم أنه لو لم تكن سنة فقال الواحد من أصحاب النبي ﷺ قولا معه القياس وعدد منهم قولا يخالف كان علينا وعليك اتباع القول الذي يوافق القياس وقد تركته في هذا ومعه السنة والقياس وذكر أيوب عن محمد ابن سيرين أن أبا أيوب أكل سمكا طافيا
باب ما ملكه الناس من الصيد
قال الشافعي كل ما كان له أصل في الوحش وكان في أيدي الناس منه شيء قد ملكوه فأصابه رجل فعليه رده فإن تلف في يده فعليه قيمته وذلك مثل الظباء والأروى وما أشبهه والقماري والدباسي والحجل وما أشبهها وكل ما صار إلى رجل من هذا بأن صاده أو صيد له أو صار إليه بوجه من الوجوه فلم يعرف له صاحبا فلا بأس عليه فيه لأن أصله مباح ولا يحرم عليه حتى يعلم أن غيره قد ملكه فإن أخذه فاستهلكه أو بقى في يديه فادعاه مدع فالورع أن يصدقه ويرده عليه أو قيمته والحكم أن ليس عليه تصديقه إلا ببينة يقيمها عليه وكل ما كان في أيدي الناس مما لا أصل له في الوحش مثل الحمام غير حمام مكة فهو كالشاة والبعير فليس لأحد أخذه بوجه من الوجوه لأنه لا يكون إلا مملوكا وكذلك لو أصابه في الجبل أو غيره قد فرخ فيه لم يكن له أخذه من قبل أن أفراخه لمالك أمهاته كما لو أصاب الحمر الأهلية مباحة لم يكن له أخذها لأنها لا تكون إلا لمالك وهذا عندنا كما وصفت فإن كان بلد فيه شيء من هذا معروفا أنه لغير مالك فهو كما وصفت من الحجل والقطا قال الشافعي وإذا كان لرجلين برجان فتحول بعض حمام هذا إلى برج هذا فلازم له أن يرده كما يرد ضوال الإبل إذا أوت إلى إبله فإن لم يعرفها إلا بادعاء صاحبها لها كان الورع أن يصدقه فيما ادعى ما لم يعرفه ادعى ما ليس له والحكم أن لا يجبر على تصديقه إلا ببينة يقيمها ولا نحب له حبس شيء يشك فيه ونرى له إعطاءه ما عرف وتأخى ما لم يعرف واستحلال صاحبه فيما جهل والجواب في الحمام مثله في الإبل والبقر والرقيق قال الشافعي فإذا ملك الرجل الصيد ساعة ثم انفلت منه فأخذه غيره كان عليه رده إليه كان ذلك من ساعة انفلت منه فأخذه أو بعد مائة سنة لا فرق بين ذلك ولا يجوز غير هذا أو يكون حين زايل يد لا يملكه فلو أخذه من ساعته لم يرده إليه فأما يرده إذا انفلت قريبا ولا يرده إذا
صفحة : 773
انفلت بعيدا فليس هذا مما يعذر أحد بجهالته وإذا أصاب الرجل الصيد مقلدا أو مقرطا أو موسوما أو به علامة لا يحدثها إلا الناس فقد علم أنه مملوك لغيره فلا يحل له إلا بما تحل به ضالة الغنم وذلك أن ضالة الغنم لا تغنى عن نفسها قد تحل بالأرض المهلكة ويغرمها من أخذها إذا جاء صاحبها والوحش كله في معنى الإبل وقد قال رسول الله ﷺ معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يأتى ربها فقلنا كل ما كان ممتنعا بنفسه يعيش بغير راعيه كما يعيش البعير فلا سبيل إليه والوحش كله في هذا المعنى فكذلك البقرة الإنسية وبقرة الوحش والظباء والطير كله قال وما يدل عليه الكتاب ثم السنة ثم الآثار ثم القياس أنه لا يجزي المحرم من الصيد شيئا لا يؤكل لحمه ويجزي ما كان لحمه مأكولا منه والبازي والصوائد كلها لا تؤكل لحومها كما لا تؤكل لحوم الغربان فإن قتل المحرم بازا لإنسان معلما ضمن له قيمته في الحال التي يقتله بها معلما كما يقتل له العبد الخباز أو الصباغ أو الكاتب فيضمن له قيمته في حاله التي قتله فيها ويقتل له البعير النجيب والبرذون الماشي فيضمن له قيمته في الحال التي قتله فيها ولا فدية في الإحرام عليه لأنه لو قتله وليس لأحد لم يكن عليه فيه فدية ولو قتل له ظبيا كانت عليه شاة يتصدق بها على مساكين الحرم وقيمته بالغة ما بغلت لصاحبه كانت أقل من شاة أو أكثر قال الشافعي نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب فلا يحل بيع كلب ضار ولا غيره وهكذا قال بعض أصحابنا وقال فإن قتله فعليه قيمته وقيمته بيع وذلك مردود لأنه ثمن المحرم والمحرم لا يكون إلا مردودا أعلم بذلك من ساعته أو بعد مائة سنة كما يكون الخمر والخنزير وما لا يحل ثمنه بحال مردودا وليس فيه إلا هذا أو ما قال المشرقيون بأن ثمنه يجوز كما يجوز ثمن الشاة فأما أن يزعم أن أصله محرم يرده إن قرب ولا يرده إن بعد فهذا لا يجوز لأحد ولا يعذر به ولو جاز هذا لأحد بلا خبر يلزم جاز عليه أن يرد الثمن إذا بعد ولا يرده إذا قرب فإن قال استحسنت في هذا قيل له ونحن نستحسن ما استقبحت ونستقبح ما استحسنت ولا يحرم بيع حي من دابة ولا طير ولا نجاسة في واحد منهما إلا الكلب والخنزير فإنهما نجسان حيين وميتين ولا يحل لهما ثمن بحال قال الشافعي ومن قتل كلب زرع أو كلب ماشية أو صيد أو كلب الحرس لم يكن عليه قيمته من قبل أن الخبر إذا كان عن رسول الله ﷺ بالنهي عن ثمنه وهو حي لم يحل أن
صفحة : 774
يكون له ثمن حيا ولا ميتا وأنا إذا أغرمت قاتله ثمنه فقد جعلت له ثمنا حيا وذلك ما نهى عنه رسول الله ﷺ ولو جاز أن يكون له ثمن في إحدى حالتيه كان ثمنه في الحياة مبيعا حين يقتنيه المشتري للصيد والماشية والزرع أجوز منه حين يكون لا منفعة فيه قال الشافعي وإذا كان لك على نصراني حق من أي وجه ما كان ثم قضاكه من ثمن خمر أو خنزير تعلمه لم يحل لك أن تأخذه وسواء في ذلك حلاله وحرامه فيما قضاكه أو وهب لك أو أطعمك كما لو كان لك على مسلم حق فأعطاك من مال غصبه أو ربا أو بيع حرام لم يحل لك أخذه وإذا غاب عنك معناه من النصراني والمسلم فكان ما أعطاك من ذلك أو أطعمك أو وهب لك أو قضاك يحتمل أن يكون من حلال وحرام وسعك أن تأخذه على أنه حلال حتى تعلم أنه حرام والورع أن تتنزه عنه ولا يعدو ما أعطاك نصراني من ثمن خمر أو خنزير بحق لك أو تطوع منه عليك أن يكون حلالا له إذا كان يستحله من أصل دينه أو يكون حراما عليك باختلاف حكمك وحكمه ولا فرق بين ما أعطاك من ذلك تطوعا أو بحق لزمه وأما أن يكون حلالا فحلال الله تعالى لجميع خلقه وحرامه عليهم واحد وكذلك هو في الخمر والخنزير وثمنهما محرمان على النصراني كهو على المسلم فإن قال قائل فلم لا تقول إن ثمن الخمر والخنزير حلال لأهل الكتاب وأنت لا تمنعهم من اتخاذه والتبايع به قيل قد أعلمنا الله عز وجل أنه لا يؤمنون به ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله إلى قوله وهم صاغرون قال الشافعي فكيف يجوز لأحد عقل عن الله عز وجل أن يزعم أنها لهم حلال وقد أخبرنا الله تعالى أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله فإن قال قائل فأنت تقرهم عليها قلت نعم وعلى الشرك بالله لأن الله عز وجل أذن لنا أن نقرهم على الشرك به واستحلالهم شربها وتركهم دين الحق بأن نأخذ منهم الجزية قوة لأهل دينه وحجة الله تعالى عليهم قائمة لا مخرج لهم منها ولا عذر لهم فيها حتى يؤمنوا بالله ورسوله ويحرموا ما حرم الله ورسوله وكل ما صاده حلال في غير حرم مما يكون بمكة من حمامها وغيره فلا بأس به لأنه ليس في الصيد كله ولا في شيء منه حرمة يمنع بها نفسه إنما يمنع بحرمة من غيره من بلد أو إحرام محرم أو بحرمة لغيره من أن يكون ملكه مالك فأما بنفسه فليس بممنوع
ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
صفحة : 775
باب ذبائح أهل الكتاب
قال الشافعي رحمه الله أحل الله طعام أهل الكتاب وكان طعامهم عند بعض من حفظت عنه من أهل التفسير ذبائحهم وكانت الآثار تدل على إحلال ذبائحهم فإن كانت ذبائحهم يسمونها لله تعالى فهي حلال وإن كان لهم ذبح آخر يسمون عليه غير اسم الله تعالى مثل اسم المسيح أو يذبحونه باسم دون الله تعالى لم يحل هذا من ذبائحهم ولا أثبت أن ذبائحهم هكذا فإن قال قائل وكيف زعمت أن ذبائحهم صنفان وقد أبيحت مطلقة قيل قد يباح الشيء مطلقا وإنما يراد بعضه دون بعض فإذا زعم زاعم أن المسلم إن نسى اسم الله تعالى أكلت ذبيحته وإن تركه استخفافا لم تؤكل ذبيحته وهو لا يدعه للشرك كان من يدعه على الشرك أولى أن تترك ذبيحته وقد أحل الله عز وجل لحوم البدن مطلقة فقال فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ووجدنا بعض المسلمين يذهب إلى أن لا يؤكل من البدنة التي هي نذر ولا جزاء صيد ولا فدية فلما احتملت هذه الآية ذهبنا إليه وتركنا الجملة لا أنها خلاف للقرآن ولكنها محتملة ومعقول أن من وجب عليه شيء في ماله لم يكن له أن يأخذ منه شيئا لأنا إذا جعلنا له أن يأخذ منه شيئا فلم نجعل عليه الكل إنما جعلنا عليه البعض الذي أعطى فهكذا ذبائح أهل الكتاب بالدلالة على شبيه ما قلنا
ID ' ' (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
صفحة : 776
ذبائح نصارى العرب
قال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبدالله بن دينار عن سعد الفلجة مولى عمر أو ابن سعد الفلجة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ما نصارى العرب بأهل كتاب وما تحل لنا ذبائحهم وما أنا بتاركهم حتى يسلموا أو أضرب أعناقهم قال الشافعي أخبرنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة عن علي رضي الله عنه أنه قال لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب فإنهم لم يتمسكوا من دينهم إلا بشرب الخمر قال الشافعي كأنهما ذهبا إلى أنهم لا يضبطون موضع الدين فيعقلون كيف الذبائح وذهبوا إلى أن أهل الكتاب هم الذين أوتوه لا من دان به بعد نزول القرآن وبهذا نقول لا تحل ذبائح نصارى العرب بهذا المعنى والله أعلم وقد روى عكرمة عن ابن عباس أنه أحل ذبائحهم وتأول ومن يتولهم منكم فإنه منهم وهو لو ثبت عن ابن عباس كان المذهب إلى قول عمر وعلي رضي الله تعالى عنهما أولى ومعه المعقول فأما من يتولهم منكم فإنه منهم فمعناها على غير حكمهم وهكذا القول في صيدهم من أكلت ذبيحته أكل صيده ومن لم تحل ذبيحته لم يحل صيده إلا بأن تدرك ذكاته
ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
صفحة : 777
ذبح نصارى العرب
قال الشافعي رحمه الله لا خير في ذبائح نصارى العرب فإن قال قائل فما الحجة في ترك ذبائحهم فما يجمعهم من الشرك وأنهم ليسوا الذين أوتوا الكتاب فإن قال فقد نأخذ منهم الجزية قلنا ومن المجوس ولا نأكل ذبائحهم ومعنى الذبائح معنى غير معنى الجزية فإن قال فهل من حجة من أثر يفزع إليه فنعم ثم ذكر حديثا أن عمر بن الخطاب قال ما نصارى العرب بأهل كتاب ولا تحل لنا ذبائحهم ذكره إبراهيم بن أبي يحيى ثم لم أكتبه فإن قال قائل فحديث ثور عن ابن عباس رضي الله عنهما قيل ثور روى عن عكرمة عن ابن عباس ولم يدرك ثور ابن عباس فإن قال قائل ما دل على الذي رواه عكرمة فحدثنا إبراهيم عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس بهذا الحديث قال وما أفرى الأوداج غير مثرد ذكي به غير الظفر والسن فإنه لا تحل الذكاة بهما لنهي النبي ﷺ عن الذكاة بهما
المسلم يصيد بكلب المجوسي
قال الشافعي رحمه الله في المسلم يصيد بكلب المجوسي المعلم يؤكل من قبل أن الصيد قد جمع المعنيين اللذين يحل بهما الصيد وهما أن الصائد المرسل هو الذي تجوز ذكاته وأنه قد ذكى بما تجوز به الذكاة وقد اجتمع الأمران اللذان يحل بهما الصيد وسواء تعليم المجوسي وتعليم المسلم لأنه ليس في الكلب معنى إلا أن يتأدب بالإمساك على من أرسله فإذا تأدب به فالحكم حكم المرسل لا حكم الكلب وكذلك كلب المسلم يرسله المجوسي فيقتل لا يحل أكله لأن الحكم حكم المرسل وإنما الكلب أداة من الأداة
ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع
صفحة : 778
ذكاة الجراد والحيتان
قال الشافعي إن ذوات الأرواح التي يحل أكلها صفنان صنف لا يحل إلا بأن يذكيه من تحل ذكاته والصيد والرمي ذكاة ما لا يقدر عليه وصنف يحل بلا ذكاة ميته ومقتوله إن شاء وبغير الذكاة وهو الحوت والجراد وإذا كان كل واحد منهما يحل بلا ذكاة حل ميتا فأي حال وجدتهما ميتا أكل لا فرق بينهما فمن فرق بينهما فالحوت كان أولى أن لا يحل ميتا لأن ذكاته أمكن من ذكاة الجراد فهو يحل ميتا والجرادة تحل ميتة ولا يجوز الفرق بينهما فإن فرق بينهما فارق فليدلل من سن له ذكاة الجراد أو أحل له بعضه ميتا وحرم عليه بعضه ميتا ما رأيت الميت يحل من شيء إلا الجراد والحوت قال الشافعي أخبرنا عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان الحوت والجراد والدمان أحسبه قال الكبد والطحال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حاتم بن إسماعيل والدراوردي أو أحدهما عن جعفر عن أبيه رضي الله عنهما قال النون والجراد ذكي
ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
صفحة : 779
ما يكره من الذبيحة
قال الشافعي رحمه الله إذا عرفت في الشاة الحياة تتحرك بعد الذكاة أو قبلها أكلت وليس يتحرك بعد الذكاة ما مات قبلها إنما يتحرك بعدها ما كان فيه الروح قبلها قال وكل ما عرفت فيه الحياة ثم ذبحت بعده أكلت قال الشافعي في ذبح الجنين إنما ذبيحته تنظيف وإن لم يفعل فلا شيء عليه وقد نهى رسول الله ﷺ عن المصبورة الشاة تربط ثم ترمى بالنبل
ذبائح من اشترك في نسبه من أهل الملل وغيرهم
قال الشافعي في الغلام أحد أبويه نصراني والآخر مجوسي يذبخ أو يصيد لا تؤكل ذبيحته ولا صيده لأنه من أبويه وليس هذا كالمسلم يكون ابنه الصغير على دينه ولا كالمسلمة يكون ابنها على دينها من قبل أن حظ الإسلام إذا شرك حظ الكفر فيمن لم يدن كان حظ الإسلام أولى به وليس حظ النصرانية بأولى من حظ المجوسية ولا حظ المجوسية بأولى من حظ النصرانية كلاهما كفر بالله ولو ارتد نصراني إلى مجوسية أو مجوسي إلى نصرانية لم نستتبه ولم نقتله لأنه خرج من كفر إلى كفر ومن خرج من دين الإسلام إلى غيره قتلناه إن لم يتب فإذا بلغ هذا المولود فدان دين أهل الكتاب فهو منهم أكلت ذبيحته فإن ذهب رجل يقيس الإسلام بالكفر ألحق الولد بالنصرانية فزعم أن النصرانية تعمل ما يعمل الإسلام دخل عليه أن يفرق بين من يرتد من نصرانية إلى مجوسية ودخل لغيره عليه أن يقول ولد الأمة من الحر عبد حكمه حكم أمه وولد الحرة من العبد حر حكمه حكم أمه فجعل حكم الولد المسلم حكم الأم دون الأب فإن قال قائل المرتد عن الإسلام يقتل والإسلام غير الشرك ولا يؤكل صيد لم يصده مسلم ولا كتابي يقر على دينه ولا أعلم من الناس أحدا مجوسيا ولا وثنيا أشر ذبيحة منه من قبل أنه يجوز للحاكم أن يأخذ الجزية من المجوسي ويقره على دينه ويجوز له بعد القدرة على الحربي أن يدعه بلا قتل ولا يجوز له هذا في المرتد فيحل دمه بما يحل به دم المحارب ولا يحل فيه تركه كما يحل في المحارب لعظم ذنبه بخروجه من دين الله الذي ارتضى
ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
صفحة : 780
الذكاة وما أبيح أكله وما لم يبح
قال الشافعي الذكاة وجهان وجه فيما قدر عليه الذبح والنحر وفيما لم يقدر عليه ما ناله الإنسان بسلاح بيده أو رميه بيده فهي عمل يده أو ما أحل الله عز وجل من الجوارح ذوات الأرواح المعلمات التي تأخذ بفعل الإنسان كما يصيب السهم بفعله فأما المحفرة فإنها ليست واحدا من ذا كان فيها سلاح يقتل أو لم يكن ولو أن رجلا نصب سيفا أو رمحا ثم اضطر صيد إليه فأصابه فذكاه لم يحل أكله لأنها ذكاة بغير قتل أحد وكذلك لو مرت شاة أو صيد فاحتكت بسيف فأتى على مذبحها لم يحل أكلها لأنها قاتلة نفسها لا قاتلها غيرها ممن له الذبح والصيد وإذا صاد رجل حيتانا وجرادا فأحب إلى لو سمى الله تعالى ولو ترك ذلك لم نحرمه إذا أحللته ميتا فالتسمية إنما هي من سنة الذكاة فإذا سقطت الذكاة حلت بترك التسمية والذكاة ذكاتان فأما ما قدر على قتله من أنسى أو وحشي فلا ذكاة إلا في اللبة والحلق وأما ما هرب منه من أنسى أو وحشي فما ناله به من السلاح فهو ذكاته إذا قتله ومثله البعير وغيره يتردى في البئر فلا يقدر على مذبحه ولا منحره فيضرب بالسكين على أي آرابه قدر عليه ويسمى وتكون تلك ذكاة له قال ولو حدد المعراض حتى يمور موران السلاح فلا بأس بأكله
ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
صفحة : 781
الصيد في الصيد
قال الشافعي وإذا وجد الحوت في بطن حوت أو طائر أو سبع فلا بأس بأكل الحوت ولو وجد في ميت لم يحرم لأنه مباح ميتا ولو كنت أحرمه لأن حكمه حكم ما في بطنها لم يحل ما كان منه في بطن سبع لأن السبع لا يؤكل ولا في بطن طائر إلا إن أدرك ذكاته ثم ما كان لي أن أجعل ذكاته بذكاة الطائر لأنه ليس بمخلوق من الطائر إنما تكون ذكاة الجنين في البطن ذكاة أمه لأنه مخلوق منها وحكمه حكمها ما لم يزايلها في الآدميين والدواب فأما ما ازدرده طائر فلو ازدرد عصفورا ما كان حلالا بأن يذكى المزدرد وكان على من وجده أن يطرحه فكذلك ما أصبنا في بطن طائر سوى الجراد والحوت فلا يؤكل لحما كان أو طائرا لأنه شيء من غيره فإنما تقع ذكاته على ما هو منه لا على ما هو من غيره فكذلك الحوت لو ازدرد شاة أكلنا الحوت وألقينا الشاة لأن الشاة غير الحوت
إرسال الرجل الجارح
قال الشافعي رحمه الله وإذا أرسل الرجل الجارح طائرا كان أو دابة على الصيد فمضى ثم صرعه فرأى الصيد أو لم يره فإن كان إنما رجع عن سننه وأخذ طريقا إلى غيرها فهذا طالب غير راجع فإن قتل الصيد أكل وإذا رجع إلى صاحبه رأى الصيد أو لم يره ثم عاد بعد رجوعه فقتله لم يؤكل من قبل أن الإرسال الأول قد انقضى وهذا إحداث طلب بعد إرسال فإن زجره صاحبه برجوعه فانزجر أو في وقفة وقفها فاستقبل أو في طريق غير طريق الصيد فعاد في جريه فقتله أكل وكان ذلك كإرساله إياه من يده قال الشافعي وإذا رمى الصيد فأثبته إثباتا لا يقدر معه على أن يمتنع من أن يؤخذ أو كان مريضا أو مكسورا أو صغيرا لا يستطيع الامتناع من أن يؤخذ فرمى فقتل لم يحل أكله ولا يحل هذا إلا بالذكاة وجهان ما كان من وحشى أو أنسى فما قدر عليه بغير الرمي والسلاح لم يحل إلا بذكاة وما لم يقدر عليه إلا برمي أو بسلاح فهو ذكاة له قال الشافعي رحمه الله أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد بن مسروق عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال قلنا يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا وليس معنا مدى أنذكي بالليط فقال النبي ﷺ ما أنهر الدم وذكر عليه اسم الله فكلوه إلا ما كان من سن أو ظفر فإن السن عظم من الإنسان والظفر مدى الحبش
صفحة : 782
قال الشافعي فإن كان رجل رمى صيدا فكسره أو قطع جناحه أو بلغ به الحال التي لا يقدر الصيد أن يمتنع فيها من أن يكون مأخوذا فرماه أحد فقتله كان حراما وكان على الرامي قيمته بالحال التي رماه بها مكسورا أو مقطوعا لأنه مستهلك لصيد قد صار لغيره ولو رماه فأصابه ثم أدرك ذكاته فذكى كان للرامي الأول وكان على الرامي الثاني ما نقصته الرمية في الحال التي أصابه فيها ولو رماه الأول فأصابه وكان ممتنعا بطيران إن كان طائرا أو بعد وإن كان دابة ثم رماه الثاني فأثبته حتى لا يستطيع أن يمتنع كان للثاني ولو رماه الأول في هذه الحال فقتله ضمن قيمته للثاني لأنه قد صار له دونه ولو رمياه معا فمضى ممتنعا ثم رماه ثالث فصيره غير ممتنع كان للثالث دون الأولين ولو رماه الأولان بعد رمية الثالث فقتلاه ضمناه ولو رمياه معا أو أحدهما قبل الآخر فأخطأته إحدى الرميتين وأصابته الأخرى كان الذي أصابته رميته ضامنا ولو أصابتاه معا أو إحداهما قبل الأخرى كانت الرميتان مستويتين أو مختلفتين إلا أنهما قد جرحتاه فأنفذت إحداهما مقالته ولم تنفذه الأخرى كانا جميعا قاتلين له وكان الصيد بينهما كما يجرح الرجلان الرجل أحدهما الجرح الخفيف والآخر الجرح الثقيل أو عدد الجراح الكثيرة فيكونان جميعا قاتلين فإن كانت إحدى الرميتين أتت منه على ما لا يعيش منه طرفة عين مثل أن تقطع حلقومه أو مريئه أو رأسه أو تقطعه باثنين فإن كانت هي التي وقعت أولا ثم وقعت الرمية الآخرى آخرا فإنما رمى الآخر ميتا فلا ضمان عليه إلا أن يكون أفسد بالرمية جلدا أو لحما فيضمن قدر ما زفسد من الجلد أو اللحم ويكون الصيد للرامي الذي ذكاه ولو كانت الرمية التي لم تبلغ ذكاته أولا والرمية التي بلغت ذكاته آخرا كان للرامي الآخر لأنه الذي ذكاه ولم يكن على الرامي الأول شيء لأنه لم يجن عليه بعد ما صار له ولا على الذي ذكاه شيء لأنه إنما رمى صيدا ممتنعا له رميه ولو كان رماه فبلغ أن لا يمتنع مثله وتحامل فدخل دار إرسال الرجل الجارح قال الشافعي رحمه الله وإذا أرسل الرجل الجارح طائرا كان أو دابة على الصيد فمضى ثم صرعه فرأى الصيد أو لم يره فإن كان إنما رجع عن سننه وأخذ طريقا إلى غيرها فهذا طالب غير راجع فإن قتل الصيد أكل وإذا رجع إلى صاحبه رأى الصيد أو لم يره ثم عاد بعد رجوعه فقتله لم يؤكل من قبل أن الإرسال الأول قد انقضى وهذا إحداث طلب بعد إرسال فإن زجره صاحبه برجوعه فانزجر أو في وقفة وقفها فاستقبل أو في طريق غير طريق الصيد فعاد في جريه
صفحة : 783
فقتله أكل وكان ذلك كإرساله إياه من يده قال الشافعي وإذا رمى الصيد فأثبته إثباتا لا يقدر معه على أن يمتنع من أن يؤخذ أو كان مريضا أو مكسورا أو صغيرا لا يستطيع الامتناع من أن يؤخذ فرمى فقتل لم يحل أكله ولا يحل هذا إلا بالذكاة وجهان ما كان من وحشى أو أنسى فما قدر عليه بغير الرمي والسلاح لم يحل إلا بذكاة وما لم يقدر عليه إلا برمي أو بسلاح فهو ذكاة له
باب في الذكاة والرمي
قال الشافعي رحمه الله أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد بن مسروق عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال قلنا يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا وليس معنا مدى أنذكي بالليط فقال النبي ﷺ ما أنهر الدم وذكر عليه اسم الله فكلوه إلا ما كان من سن أو ظفر فإن السن عظم من الإنسان والظفر مدى الحبش قال الشافعي فإن كان رجل رمى صيدا فكسره أو قطع جناحه أو بلغ به الحال التي لا يقدر الصيد أن يمتنع فيها من أن يكون مأخوذا فرماه أحد فقتله كان حراما وكان على الرامي قيمته بالحال التي رماه بها مكسورا أو مقطوعا لأنه مستهلك لصيد قد صار لغيره ولو رماه فأصابه ثم أدرك ذكاته فذكى كان للرامي الأول وكان على الرامي الثاني ما نقصته الرمية في الحال التي أصابه فيها ولو رماه الأول فأصابه وكان ممتنعا بطيران إن كان طائرا أو بعد وإن كان دابة ثم رماه الثاني فأثبته حتى لا يستطيع أن يمتنع كان للثاني ولو رماه الأول في هذه الحال فقتله ضمن قيمته للثاني لأنه قد صار له دونه ولو رمياه معا فمضى ممتنعا ثم رماه ثالث فصيره غير ممتنع كان للثالث دون الأولين ولو رماه الأولان بعد رمية الثالث فقتلاه ضمناه ولو رمياه معا أو أحدهما قبل الآخر فأخطأته إحدى الرميتين وأصابته الأخرى كان الذي أصابته رميته ضامنا ولو أصابتاه معا أو إحداهما قبل الأخرى كانت الرميتان مستويتين أو مختلفتين إلا أنهما قد جرحتاه فأنفذت إحداهما مقالته ولم تنفذه الأخرى كانا جميعا قاتلين له وكان الصيد بينهما كما يجرح الرجلان الرجل أحدهما الجرح الخفيف والآخر الجرح الثقيل أو عدد الجراح الكثيرة فيكونان جميعا قاتلين فإن كانت إحدى الرميتين أتت منه على ما لا يعيش منه طرفة عين مثل أن تقطع حلقومه أو مريئه أو رأسه أو تقطعه باثنين فإن كانت هي التي وقعت أولا ثم وقعت الرمية الآخرى آخرا فإنما رمى الآخر ميتا فلا ضمان عليه إلا أن يكون أفسد بالرمية جلدا أو لحما
صفحة : 784
فيضمن قدر ما زفسد من الجلد أو اللحم ويكون الصيد للرامي الذي ذكاه ولو كانت الرمية التي لم تبلغ ذكاته أولا والرمية التي بلغت ذكاته آخرا كان للرامي الآخر لأنه الذي ذكاه ولم يكن على الرامي الأول شيء لأنه لم يجن عليه بعد ما صار له ولا على الذي ذكاه شيء لأنه إنما رمى صيدا ممتنعا له رميه ولو كان رماه فبلغ أن لا يمتنع مثله وتحامل فدخل دار إرسال الرجل الجارح قال الشافعي رحمه الله وإذا أرسل الرجل الجارح طائرا كان أو دابة على الصيد فمضى ثم صرعه فرأى الصيد أو لم يره فإن كان إنما رجع عن سننه وأخذ طريقا إلى غيرها فهذا طالب غير راجع فإن قتل الصيد أكل وإذا رجع إلى صاحبه رأى الصيد أو لم يره ثم عاد بعد رجوعه فقتله لم يؤكل من قبل أن الإرسال الأول قد انقضى وهذا إحداث طلب بعد إرسال فإن زجره صاحبه برجوعه فانزجر أو في وقفة وقفها فاستقبل أو في طريق غير طريق الصيد فعاد في جريه فقتله أكل وكان ذلك كإرساله إياه من يده قال الشافعي وإذا رمى الصيد فأثبته إثباتا لا يقدر معه على أن يمتنع من أن يؤخذ أو كان مريضا أو مكسورا أو صغيرا لا يستطيع الامتناع من أن يؤخذ فرمى فقتل لم يحل أكله ولا يحل هذا إلا بالذكاة وجهان ما كان من وحشى أو أنسى فما قدر عليه بغير الرمي والسلاح لم يحل إلا بذكاة وما لم يقدر عليه إلا برمي أو بسلاح فهو ذكاة له قال الشافعي رحمه الله أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد بن مسروق عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال قلنا يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا وليس معنا مدى أنذكي بالليط فقال النبي ﷺ ما أنهر الدم وذكر عليه اسم الله فكلوه إلا ما كان من سن أو ظفر فإن السن عظم من الإنسان والظفر مدى الحبش قال الشافعي فإن كان رجل رمى صيدا فكسره أو قطع جناحه أو بلغ به الحال التي لا يقدر الصيد أن يمتنع فيها من أن يكون مأخوذا فرماه أحد فقتله كان حراما وكان على الرامي قيمته بالحال التي رماه بها مكسورا أو مقطوعا لأنه مستهلك لصيد قد صار لغيره ولو رماه فأصابه ثم أدرك ذكاته فذكى كان للرامي الأول وكان على الرامي الثاني ما نقصته الرمية في الحال التي أصابه فيها ولو رماه الأول فأصابه وكان ممتنعا بطيران إن كان طائرا أو بعد وإن كان دابة ثم رماه الثاني فأثبته حتى لا يستطيع أن يمتنع كان للثاني ولو رماه الأول في هذه الحال فقتله ضمن
صفحة : 785
قيمته للثاني لأنه قد صار له دونه ولو رمياه معا فمضى ممتنعا ثم رماه ثالث فصيره غير ممتنع كان للثالث دون الأولين ولو رماه الأولان بعد رمية الثالث فقتلاه ضمناه ولو رمياه معا أو أحدهما قبل الآخر فأخطأته إحدى الرميتين وأصابته الأخرى كان الذي أصابته رميته ضامنا ولو أصابتاه معا أو إحداهما قبل الأخرى كانت الرميتان مستويتين أو مختلفتين إلا أنهما قد جرحتاه فأنفذت إحداهما مقالته ولم تنفذه الأخرى كانا جميعا قاتلين له وكان الصيد بينهما كما يجرح الرجلان الرجل أحدهما الجرح الخفيف والآخر الجرح الثقيل أو عدد الجراح الكثيرة فيكونان جميعا قاتلين فإن كانت إحدى الرميتين أتت منه على ما لا يعيش منه طرفة عين مثل أن تقطع حلقومه أو مريئه أو رأسه أو تقطعه باثنين فإن كانت هي التي وقعت أولا ثم وقعت الرمية الآخرى آخرا فإنما رمى الآخر ميتا فلا ضمان عليه إلا أن يكون أفسد بالرمية جلدا أو لحما فيضمن قدر ما زفسد من الجلد أو اللحم ويكون الصيد للرامي الذي ذكاه ولو كانت الرمية التي لم تبلغ ذكاته أولا والرمية التي بلغت ذكاته آخرا كان للرامي الآخر لأنه الذي ذكاه ولم يكن على الرامي الأول شيء لأنه لم يجن عليه بعد ما صار له ولا على الذي ذكاه شيء لأنه إنما رمى صيدا ممتنعا له رميه ولو كان رماه فبلغ أن لا يمتنع مثله وتحامل فدخل دار إرسال الرجل الجارح قال الشافعي رحمه الله وإذا أرسل الرجل الجارح طائرا كان أو دابة على الصيد فمضى ثم صرعه فرأى الصيد أو لم يره فإن كان إنما رجع عن سننه وأخذ طريقا إلى غيرها فهذا طالب غير راجع فإن قتل الصيد أكل وإذا رجع إلى صاحبه رأى الصيد أو لم يره ثم عاد بعد رجوعه فقتله لم يؤكل من قبل أن الإرسال الأول قد انقضى وهذا إحداث طلب بعد إرسال فإن زجره صاحبه برجوعه فانزجر أو في وقفة وقفها فاستقبل أو في طريق غير طريق الصيد فعاد في جريه فقتله أكل وكان ذلك كإرساله إياه من يده قال الشافعي وإذا رمى الصيد فأثبته إثباتا لا يقدر معه على أن يمتنع من أن يؤخذ أو كان مريضا أو مكسورا أو صغيرا لا يستطيع الامتناع من أن يؤخذ فرمى فقتل لم يحل أكله ولا يحل هذا إلا بالذكاة وجهان ما كان من وحشى أو أنسى فما قدر عليه بغير الرمي والسلاح لم يحل إلا بذكاة وما لم يقدر عليه إلا برمي أو بسلاح فهو ذكاة له
ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
صفحة : 786
باب في الذكاة والرمي
قال الشافعي رحمه الله أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد بن مسروق عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال قلنا يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا وليس معنا مدى أنذكي بالليط فقال النبي ﷺ ما أنهر الدم وذكر عليه اسم الله فكلوه إلا ما كان من سن أو ظفر فإن السن عظم من الإنسان والظفر مدى الحبش قال الشافعي فإن كان رجل رمى صيدا فكسره أو قطع جناحه أو بلغ به الحال التي لا يقدر الصيد أن يمتنع فيها من أن يكون مأخوذا فرماه أحد فقتله كان حراما وكان على الرامي قيمته بالحال التي رماه بها مكسورا أو مقطوعا لأنه مستهلك لصيد قد صار لغيره ولو رماه فأصابه ثم أدرك ذكاته فذكى كان للرامي الأول وكان على الرامي الثاني ما نقصته الرمية في الحال التي أصابه فيها ولو رماه الأول فأصابه وكان ممتنعا بطيران إن كان طائرا أو بعد وإن كان دابة ثم رماه الثاني فأثبته حتى لا يستطيع أن يمتنع كان للثاني ولو رماه الأول في هذه الحال فقتله ضمن قيمته للثاني لأنه قد صار له دونه ولو رمياه معا فمضى ممتنعا ثم رماه ثالث فصيره غير ممتنع كان للثالث دون الأولين ولو رماه الأولان بعد رمية الثالث فقتلاه ضمناه ولو رمياه معا أو أحدهما قبل الآخر فأخطأته إحدى الرميتين وأصابته الأخرى كان الذي أصابته رميته ضامنا ولو أصابتاه معا أو إحداهما قبل الأخرى كانت الرميتان مستويتين أو مختلفتين إلا أنهما قد جرحتاه فأنفذت إحداهما مقالته ولم تنفذه الأخرى كانا جميعا قاتلين له وكان الصيد بينهما كما يجرح الرجلان الرجل أحدهما الجرح الخفيف والآخر الجرح الثقيل أو عدد الجراح الكثيرة فيكونان جميعا قاتلين فإن كانت إحدى الرميتين أتت منه على ما لا يعيش منه طرفة عين مثل أن تقطع حلقومه أو مريئه أو رأسه أو تقطعه باثنين فإن كانت هي التي وقعت أولا ثم وقعت الرمية الآخرى آخرا فإنما رمى الآخر ميتا فلا ضمان عليه إلا أن يكون أفسد بالرمية جلدا أو لحما فيضمن قدر ما زفسد من الجلد أو اللحم ويكون الصيد للرامي الذي ذكاه ولو كانت الرمية التي لم تبلغ ذكاته أولا والرمية التي بلغت ذكاته آخرا كان للرامي الآخر لأنه الذي ذكاه ولم يكن على الرامي الأول شيء لأنه لم يجن عليه بعد ما صار له ولا على الذي ذكاه شيء لأنه إنما رمى صيدا ممتنعا له رميه ولو كان رماه فبلغ أن لا يمتنع مثله وتحامل فدخل دار رجل فأخذه الرجل فذكاه كان للأول لأنه الذي بلغ به أن يكون غير ممتنع وكان على صاحب الدار ما نقصته الذكاة
صفحة : 787
إن كانت نقصته شيئا ولو أخذه صاحب الدار ولم يذكه كان عليه رده إلى صاحبه ولو مات في يده قبل أن يرده كان ضامنا له من قبل أنه متعد بأخذه ومنع من صاحبه ذكاته ولو كانت الرمية لم تبلغ به أن يكون غير ممتنع وكان فيه ما يتحامل طائرا أو عاديا فدخل دار رجل فأخذه كان لصاحب الدار قال الشافعي ولو رماه الأول ورماه الثاني فلم يدر أبلغ به الأول أن يكون ممتنعا أو غير ممتنع جعلناه بينهما نصفين كما نجعل القاتلين معا وهو على الذكاة حتى يعلم أنه قد صار إلى حال لا يقدر فيها على الامتناع ويكون مقدورا على ذكاته قال وإذا رمى الرجل طائرا يطير فأصابه أي إصابة ما كانت أو في أي موضع ما كان إذا جرحته فأدمته أو بلغت أكثر من ذلك فسقط إلى الأرض ووجدناه ميتا لم ندر أمات في الهواء أو بعد ما صار إلى الأرض أكل من قبل أنه مما أحل من الصيد وأنه لا يوصل إلى أن يكون مأخوذا إلا بالوقوع ولو حرمنا هذا خوفا أن تكون الأرض قتلته حرمنا صيد الطير كله إلا ما أخذ منه فذكي وكذلك لو وقع على جبل أو غيره فلم يحرك عنه حتى أخذ ولكنه لو وقع على جبل فتردى عن موضعه الذي وقع عليه قليلا أو كثيرا كان مترديا لا يؤكل إلا أن يذكى حتى يحيط العلم أنه مات قبل أن يتردى أو تجد الرمية قد قطعت رأسه أو ذبحته أو قطعته باثنين فيعلم حينئذ أنه لم يقع إلا ذكيا فإن وقع على موضع فتردى فمر بحجارة حداد أو شوك أو شيء يمكن أن يكون قطع رأسه أو نصفه أو أتى على ذلك لم يؤكل حتى يحيط العلم أنه لم يترد إلا بعد ما مات وإذا رمى الرجل بسهمه صيدا فأصاب غيره أو أصابه فأنفذه وقتل غيره فسواء ويأكل كل ما أصاب إذا قصد بالرمية قصد صيد يراه فقد جمع الرمية التي تكون بها الذكاة وإن نوى صيدا وإذا رمى الرجل الصيد بحجر أو بندقة فخرقت أو لم تخرق فلا يأكله إلا أن يدرك ذكاته لأن الغالب منها أنها غير ذكاة وواقذة وأنها إنما قتلت بالثقل دون الخرق وأنها ليست من معاني السلاح الذي يكون ذكاة ولو رمى بمعراض فأصاب بصفحه فقتل كان موقوذا لا يؤكل ولو أصاب بنصله وحده ونصله محدد فخرق أكل من قبل أنه سهم إنما يقتل بالخرق لا بالثقل ولو رمى بعصا أو عود كان موقوذا لا يؤكل ولو خسق كل واحد منهما فإن كان الخاسق منهما محددا يمور مور السلاح بعجلة السلاح أكل وإن كان لا يمور إلا مستكرها نظرت فإن كان العود أو العصا خفيفين كخفة السهم أكلت لأنهما إذا خفا قتلا بالمور وان أبطئا وإن كان أثقل من ذلك بشيء متباين لم يؤكل من قبل أن الأغلب على أن القتل بالثقل فيكون
صفحة : 788
موقذا الذكاة قال الشافعي رحمه الله أحب الذكاة بالحديد وأن يكون ما ذكي به من الحديد موحيا أخف على المذكي وأحب أن يكون المذكي بالغا مسلما فقيها ومن ذكى من امرأة أو صبي من المسلمين جازت ذكاته وكذلك من ذكى من صبيان أهل الكتاب ونسائهم وكذلك كل ما ذكى به من شيء أنهر الدم وفرى الأوداج والمذبح ولم يثرد جازت به الذكاة إلا الظفر والسن فإن النهى جاء فيهما عن النبي ﷺ فمن ذكى بظفره أو سنه وهما ثابتان فيه أو زائلان عنه أو بظفر سبع أو سنه أو ما وقع عليه اسم الظفر من أظفار الطير أو غيره لم يجز الأكل به لنص السنة فيه عن النبي ﷺ قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمر بن سعيد بن مسروق قال الشافعي كمال الذكاة بأربع الحلقوم والمريء والودجين وأقل ما يكفى من الذكاة اثنان الحلقوم والمريء وإنما أحببنا أن يؤتى بالذكاة على الودجين من قبل أنه إذا أتى على الودجين فقد استوظف قطع الحلقوم والمريء حتى أبانهما وفيهما موضع الذكاة لا في الودجين لأن الودجين عرقان قد يسيلان من الإنسان ثم يحيا والمريء هو الموضع الذي يدخل فيه طعام كل خلق يأكل من بشر أو بهيمة والحلقوم موضع النفس وإذا بانا فلا حياة تجاوز طرفة عين فلو قطع الحلقوم والودجين دون المريء لم تكن ذكاة لأن الحياة قد تكون بعد هذا مدة وإن قصرت وكذلك لو قع المريء والودجين دون الحلقوم لم تكن ذكاة من قبل أن الحياة قد تكون بعد هذا مدة وإن قصرت فلا تكون الزكاة إلا ما يكون بعده حياة طرفة عين وهذا لا يكون إلا في اجتماع قطع الحلقوم والمريء دون غيرهما
ID ' ' فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
صفحة : 789
باب موضع الزكاة في المقدور على زكاته
وحكم غير المقدور عليه
قال الشافعي الذكاة ذكاتان فذكاة ما قدر عليه من وحشى أو أنسي الذبح أو النحر وموضعهما اللبة والمنحر والحلق لا موضع غيره لأن هذا موضع الحلقوم والمريء والودجين فذلك الذكاة فيه بما جاءت السنة والآثار وما لم يقدر عليه فذكاته ذكاة الصيد أنسيا كان أو وحشيا فإن قال قائل بأي شيء قست هذا قيل قسته بالسنة والآثار وقد كتبت ذلك في غير هذا الموضع لأن السنة أنه أمر في الأنسى بالذبح والنحر إذا قدر على ذلك منه وفي الوحشي بالرمي والصيد بالجوارح فلما قدر على الوحشي فلم يحل إلا بما يحل به الأنسي كان معقولا عن الله تعالى أنه إنما أراد به الصيد في الحال التي لا يقدر عليها على أن يكون فيها مذكي بالذبح والنحر وكذلك لما أمر بالذبح والنحر في الأنسي فامتنع امتناع الوحشي كان معقولا أنه يذكي بما يذكي به الوحشي الممتنع فإن قال قائل لا أجد هذا في الأنسي قيل ولا تجد في الوحشي الذبح فإذا أحلته إلى الذبح والأصل الذي في الصيد غير الذبح حين صار مقدورا عليه فكذلك فأحل الأنسي حين صار إلى الامتناع إلى ذكاة الوحشي فإن قلت لا أحيل الأنسي وإن امتنع إلى ذكاة الوحشي جاز عليك لغيرك أن يقول لا أحيل الوحشي إذا قدر عليه إلى ذكاة الأنسي وأثبت على كل واحد منهما ذكاته في أي حال ما كان ولا أحيلهما عن حالهما بل هذا لصاحب الصيد أولى لأني لا أعلم في الصيد خبرا يثبت عن النبي ﷺ في هذا وأعلم في الأنسي يمتنع خبرا عن النبي ﷺ يثبت بأنه رأي ذكاته كذكاة الوحشي كيف يجوز لأحد أن يفرق بين المجتمع ثم إذا فرق أبطل الثابت من جهة الخبر ويثبت غيره من غير جهة الخبر قال وإذا رمى الرجل بسيف أو سكين صيدا فأصابه بحد السيف أو حد السكين فمار فيه فهو كالسهم يصيبه بنصله وإن أصابه بصفح السيف أو بمقبضه أو قفاه إن كان ذا قفا أو بنصاب السكين أو قفاه أو صفحه فانحرف الحد عليه حتى يمور فلا يأكله إلا أن يدرك ذكاته وهذا كالسهم يرمى به والخشبة والخنجر فلا يؤكل لأنه لا يدري أيهم قتله قال وإن رمى صيدا بعينه بسيف أو سهم ولا ينوي أن يأكله فله أن يأكله كما يذبح الشاة لا ينوي أن يأكلها فيجوز له أكلها ولو رمى رجل شخصا يراه يحسبه خشبة أو حجرا أو شجرا أو شيئا فأصاب صيدا فقتله كان أحب إلى أن يتنزه عن أكله ولو أكله ما رأيته محرما عليه وذلك أن رجلا لو أخطأ بشاة له فذبحها لا يريد
صفحة : 790
ذكاتها أو أخذها بالليل فحز حلقها حتى أتى على ذكاتها وهو يراها خشبة لينة أو غيرها ما بلغ علمي أن يكون ذا محرما عليه ولو دخل علينا بالتحريم عليه إذا أتى على ما يكون ذكاة إذا لم ينو الذكاة دخل علينا أن يزعم أن رجلا لو أخذ شاة ليقتلها لا ليذكيها فذبحها وسمى لم يكن له أكلها ودخل علينا أن لو رمى ما لا يؤكل من الطائر والدواب فأصاب صيدا يؤكل لم يأكله من قبل أنه قصد بالرمية قصد غير الذكاة ولا نية المأكول ودخل علينا أن لو أراد ذبح شاة فأخطأ بغيرها فذبحه لم يكن له أكله ولو أضجع شاتين ليذبح إحداهما ولا يذبح الأخرى فسمى وأمر السكين فذبحهما حل له أكل التي نوى ذبحها ولم يحل له أكل التي لم ينو ذبحها ودخل علينا أكثر من هذا وأولي أن يدخل مما أدخله بعض أهل الكلام وذلك أن يذبح الرجل شاة غيره فيدركها الرجل المالك لها فزعم أنه لا يحل أكلها لواحد منهما من قبل أن ذابحها عاص لا يحل له أكلها ومالكها غير ذابح لها ولا آمر بذبحها وهذا قول لا يستقيم يخالف الآثار ولا أعلم في الأمر بالذبح ولا في النية عمل غير الذكاة ولقد دخل على قائل هذا القول منه ما تفاحش حتى زعم أن رجلا لو غصب سوطا من رجل فضرب به أمته حد الزنا ولو كان الغاصب السلطان فضرب به الحد لم يكن واحد من هذين محدودا وكان عليهما أن يقام عليهما الحد بسوط غير مغصوب فإذا كان هذا عند أهل العلم على غير ما قال فالنية أولى أن لا تكون في الذبائح والصيد تعمل شيئا والله أعلم قال الشافعي وما طلبته الكلاب أو البزاة فأتعبته فمات ولم تنله فلا يؤكل لأنه ميتة وإنما تكون الذكاة فيما نالت لأنها بما نالت تقوم مقام الذكاة ولو أن رجلا طلب شاة ليذبحها فأتعبها حتى ماتت لم يأكلها وما أصيب من الصيد بأي سلاح ما كان ولم يمر فيه فلا يؤكل حتى يبلغ أن يمر فيدمى أو يجاوز الإدماء فيخرق أو يهتك وما نالته الكلاب والصقور والجوارح كلها فقتلته ولم تدمه احتمل معنيين أحدهما أن لا يؤكل حتى يخرق شيئا لأن الجارح ما خرق وقد قال الله تبارك وتعالى الجوارح والمعنى الثاني أن فعلها كله ذكاة فبأي فعلها قتلت حل وقد يكون هذا جائزا فيكون فعلها غير فعل السلاح لأن فعل السلاح فعل الآدمي وأدنى ذكاة الآدمي ما خرق حتى يدمى وفعلها عمد القتل لا على أن في القتل فعلين أحدهما ذكاة والآخر غير ذكاة وقد تسمى جوارح لأنها تجرح فيكون اسما لا رما وأكل ما أمسكن مطلقا فيكون ما أمسكن حلالا بالإطلاق ويكون الجرح إن جرحها هو اسم موضوع عليها لا أنها إن لم تجرح لم يؤكل ما قتلت وإذا
صفحة : 791
أحرز الرجل الصيد فربطه وأقام عنده أو لم يقم فانفلت منه فصاده غيره من ساعته أو بعد دهر طويل فسواء ذلك كله وهو لصاحبه الذي أحرزه لأنه قد ملكه ملكا صحيحا كما يملك شاته ألا ترى أن رجلا لو قتله في يديه ضمن له قيمته كما يضمن له قيمة شاته فإذا كان هذا هكذا فقد ملكه ملك الشاة ألا ترى أن حمار الأنسي لو استوحش فأخذه رجل كان للمالك الأول وسنة الإسلام أن من ملك من الآدميين شيئا لم يخرج من ملكه إلا بأن يخرجه هو ولو كان هرب الوحشي من يديه يخرجه من ملكه كان هرب الأنسي يخرجه من ملكه ويسأل من خالف هذا القول إذا هرب خرج من ملكه بهرب نفسه يملك نفسه فلا يجوز لأحد غيره أن يملكه فإن قال لا وكيف تملك البهائم أنفسها قيل وهكذا لا يملكها غير من ملكها على من ملكها إلا بإخراجه إياها من يده ويسأل ما فرق بين أن يخرج من يده فيصير ممتنعا فإن أخذه غيره كان للأول إذا تقارب ذلك وإن تباعد كان للآخر أفرأيت إن قال قائل إذا تباعد كان للأول وإذا تقارب كان للآخر ما الحجة عليه هل هي إلا أن يقال لا يجوز إلا أن يكون للأول بكل حال وإذا انفلت كان لمن أخذه من ساعته وهكذا كل وحشى في الأرض من طائر أو غيره والحوت وكل ممتنع من الصيد قال الشافعي وإذا ضرب الرجل الصيد أو رماه فأبان يده أو رجله فمات من تلك الضربة فسواء ذلك ولو أبان نصفه فيأكل النصفين واليد والرجل وجميع البدن لأن تلك الضربة إذا وقعت موقع الذكاة كانت ذكاة على ما بان وبقى كما لو ضربه أو ذبحه فأبان رأسه كانت الذكاة على الرأس وجميع البدن ولا تعدو الضربة أو الرمية أن تكون ذكاة والذكاة لا تكون على بعض البدن دون بعض أو لا تكون ذكاة فلا يؤكل منه شيء ولكنه لو أبان منه عضوا ثم أدرك ذكاته فذكاه لم يأكل العضو الذي أبان لأن الضربة الأولى صارت غير ذكاة وكانت الذكاة في الذبح ولا يقع إلا على البدن وما ثبت فيه منه ولم يزايله وما زايله كان بمنزلة الميتة ألا ترى أنه لو ضرب منه عضوا ثم أدرك ذكاته فتركها لم يأكل منه شيئا لأن الذكاة قد أمكنته فصارت الضربة الأولى غير الذكاة
ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 792
باب فيه مسائل مما سبق
قال الشافعي رحمه الله تعالى وكل ما كان مأكولا من طائر أو دابة فأن يذبح أحب إلى وذلك سنته ودلالة الكتاب فيه والبقر داخلة في ذلك لقوله عز وجل إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة وحكايته فقال فذبحوها وما كادوا يفعلون إلا الإبل فقط فإنها تنحر لأن رسول الله ﷺ نحر بدنه فموضع النحر في الاختيار في السنة في اللبة وموضع الذبح في الاختيار في السنة أسفل من اللحيين والذكاة في جميع ما ينحر ويذبح ما بين اللبة والحلق فأين ذبح من ذلك أجزأه فيه ما يجزيه إذا وضع الذبح في موضعه وإن نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر كرهته له ولم أحرمه عليه وذلك أن النحر والذبح ذكاة كله غير أني أحب أن يضع كل شيء من ذلك موضعه لا يعدوه إلى غيره قال ابن عباس الذكاة في اللبة والحلق لمن قدر وروى مثل ذلك عن عمر بن الخطاب وزاد عمر ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق قال الشافعي والذكاة ذكاتان فما قدر على ذكاته مما يحل أكله فذكاته في اللبة والحلق لا يحل بغيرهما أنسيا كان أو وحشيا وما لم يقدر عليه فذكاته أن ينال بالسلاح حيث قدر عليه أنسيا كان أو وحشيا فإن تردى بعير في نهر أو بئر فلم يقدر على منحره ولا مذبحه حيث يذكى فطعن فيه بسكين أو شيء تجوز الذكاة به فأنهر الدم منه ثم مات أكل وهكذا ذكاة ما لا يقدر عليه قد تردى بعير في بئر فطعن في شاكلته فسئل عنه ابن عمر فأمر بأكله وأخذ منه عشيرا بدرهمين وسئل ابن المسيب عن المتردي ينال بشيء من السلاح فلا يقدر على مذبحه فقال حيثما نلت منه بالسلاح فكله وهذا قول أكثر المفتين قال الشافعي وأحب في الذبيحة أن توجه إلى القبلة إذا أمكن ذلك وإن لم يفعل الذابح فقد ترك ما أستحبه له ولا يحرمها ذلك قال الشافعي نهى عمر ابن الخطاب رضى الله عنه عن النخع وأن تعجل الأنفس أن تزهق والنخع أن يذبح الشاة ثم يكسر قفاها من موضع الذبح لنخعه ولمكان الكسر فيه أو تضرب ليعجل قطع حركتها فأكره هذا وأن يسلخها أو يقطع شيئا منها ونفسها تضطرب أو يمسها بضرب أو غيره حتى تبرد ولا يبقى فيها حركة فإن فعل شيئا مما كرهت له بعد الإتيان على الذكاة كان مسيئا ولم يحرمها ذلك لأنها ذكية قال الشافعي ولو ذبح رجل ذبيحة فسبقته يده فأبان رأسها أكلها وذلك أنه أتى بالذكاة قبل
صفحة : 793
قطع الرأس ولو ذبحها من قفاها أو أحد صفحتي عنقها ثم لم يعلم متى ماتت لم يأكلها حتى يعلم فإن علم أنها حييت بعد قطع القفا أو أحد صفحتي العنق حتى وصل بالمدية إلى الحلقوم والمريء فقطعهما وهي حية أكل وكان مسيئا بالجرح الأول كما لو جرحها ثم ذكاها كان مسيئا وكانت حلالا ولا يضره بعد قطع الحلقوم والمريء معا أقطع ما بقى من رأسها أو لم يقطعه إنما أنظر إلى الحلقوم والمريء فإذا وصل إلى قطعهما وفيها الحياة كانت ذكية وإذا لم يصل إلى ذلك وفيها الحياة كانت ميتة وإذا غاب ذلك عني وقد ابتدأ من غير جهتها جعلت الحكم على الذي ابتدأ منه إذا لم أستيقن بحياة بعد قال الشافعي والتسمية على الذبيحة باسم الله فإذا زاد على ذلك شيئا من ذكر الله عز وجل فالزيادة خير ولا أكره مع تسميته على الذبيحة أن يقول ﷺ بل أحبه له وأحب له أن يكثر الصلاة عليه فصلى الله عليه في كل الحالات لأن ذكر الله عز وجل والصلاة عليه إيمان بالله تعالى وعبادة له يؤجر عليها إن شاء الله تعالى من قالها وقد ذكر عبدالرحمن بن عوف أنه كان مع النبي ﷺ فتقدمه النبي ﷺ قال فاتبعه فوجده عبدالرحمن ساجدا فوقف ينتظره فأطال ثم رفع فقال عبدالرحمن لقد خشيت أن يكون الله عز ذكره قد قبض روحك في سجودك فقال يا عبدالرحمن إني لما كنت حيث رأيت لقيني جبريل فأخبرني عن الله عز وجل أنه قال من صلى عليك صليت عليه فسجدت لله شكرا فقال رسول الله ﷺ من نسى الصلاة علي خطيء به طريق الجنة قال الربيع قال مالك لا يصلى على النبي ﷺ مع التسمية على الذبيحة وإن ذا لعجب والشافعي يقول يصلى على النبي ﷺ مع التسمية على الذبيحة قال الشافعي ولسنا نعلم مسلما ولا نخاف عليه أن تكون صلاته عليه ﷺ إلا الإيمان بالله ولقد خشيت أن يكون الشيطان أدخل على بعض أهل الجهالة النهي عن ذكر اسم رسول الله ﷺ عند الذبيحة ليمنعهم الصلاة عليه في حال لمعنى يعرض في قلوب أهل الغفلة وما يصلي عليه أحد إلا إيمانا بالله تعالى وإعظاما له وتقربا إليه ﷺ وقربنا بالصلاة عليه منه زلفى والذكر على الذبائح كلها سواء وما كان منها نسكا فهو كذلك فإن أحب أن يقول اللهم تقبل مني قاله وإن قال اللهم منك وإليك فتقبل مني وإن ضحى بها عن أحد فقال تقبل من فلان فلا بأس هذا دعاء له لا يكره في حال وقد روى عن النبي
صفحة : 794
ﷺ من وجه لا يثبت مثله أنه ضحى بكبشين فقال في أحدهما بعد ذكر اسم الله عز وجل اللهم عن محمد وعن آل محمد وفي الآخر اللهم عن محمد وعن أمة محمد قال الربيع رأيت الشافعي إذا حضر الجزار ليذبح الضحية حضره حتى يذبح
باب الذبيحة وفيه من يجوز ذبحه
قال الشافعي رحمه الله وذبح كل من أطاق الذبح من امرأة حائض وصبي من المسلمين أحب إلى من ذبح اليهودي والنصراني وكل حلال الذبيحة غير أني أحب للمرء أن يتولى ذبح نسكه فإنه يروى أن النبي ﷺ قال لامرأة من أهله فاطمة أو غيرها احضري ذبح نسيكتك فإنه يغفر لك عند أول قطرة منها قال الشافعي وإن ذبح النسيكة غير مالكها أجزأت لأن النبي ﷺ نحر بعض هديه ونحر بعضه غيره وأهدى هديا فإنما نحره من أهداه معه غير أني أكره أن يذبح شيئا من النسائك مشرك لأن يكون ما تقرب به إلى الله على أيدي المسلمين فإن ذبحها مشرك تحل ذبيحته أجزأت مع كراهتي لما وصفت ونساء أهل الكتاب إذا أطقن الذبح كرجالهم وما ذبح اليهود والنصارى لأنفسهم مما يحل للمسلمين أكله من الصيد أو بهيمة الأنعام وكانوا يحرمون منه شحما أو حوايا أو ما اختلط بعظم أو غيره إن كانوا يحرمونه فلا بأس على المسلمين في أكله لأن الله عز وجل إذا أحل طعامهم فكان ذلك عند أهل التفسير ذبائحهم فكل ما ذبحوا لنا ففيه شيء مما يحرمون فلو كان يحرم علينا إذا ذبحوه لأنفسهم من أصل دينهم بتحريمهم لحرم علينا إذا ذبحوه لنا ولو كان يحرم علينا بأنه ليس من طعامهم وإنما أحل لنا طعامهم وكان ذلك على ما يستحلون كانوا قد يستحلون محرما علينا يعدونه لهم طعاما فكان يلزمنا لو ذهبنا هذا المذهب أن نأكله لأنه من طعامهم الحلال لهم عندهم ولكن ليس هذا معنى الآية معناها ما وصفنا والله أعلم قال الشافعي وقد أنزل الله عز ذكره على نبيه ﷺ فما أحل فيه فهو حلال إلى يوم القيامة كان ذلك محرما قبله أو لم يكن محرما وما حرم فيه فهو حرام إلى يوم القيامة كان ذلك حراما قبله أو لم يكن ونسخ به ما خالفه من كل دين أدركه أو كان قبله وافترض على الخلق اتباعه غير أنه أذن جل ثناؤه بأن تؤخذ الجزية من أهل الكتاب وهم صاغرون غير عاذر لهم بتركهم الإيمان ولا محرم عليهم شيئا أحله في كتابه ولا محل لهم شيئا حرمه الجزء 2 الصفحة 240 الأم للشافعي.
_________________