انتقل إلى المحتوى

كتاب الأم/كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى/باب القضاء

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
كتاب الأم المؤلف الشافعي
باب القضاء



باب القضاء


[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أثبت القاضي في ديوانه الإقرار وشهادة الشهود ثم رفع إليه ذلك وهو لا يذكره فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول: لا ينبغي له أن يجيزه وكان ابن أبي ليلى رحمه الله يجيز ذلك وبه يأخذ قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: إن كان يذكره ولم يثبته عنده أجازه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجيزه حتى يثبته عنده وإن ذكره.

[قال الشافعي]: رحمه الله وإذا وجد القاضي في ديوانه خطا لا يشك أنه خطه أو خط كاتبه بإقرار رجل لآخر أو بثبت حق عليه بوجه لم يكن له أن يقضي به حتى يذكر منه أو يشهد به عنده كما لا يجوز إذا عرف خطه ولم يذكر الشهادة أن يشهد.

وإذا جاء رجل بكتاب قاض إلى قاض والقاضي لا يعرف كتابه ولا خاتمه فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول: لا ينبغي للقاضي الذي أتاه الكتاب أن يقبله حتى يشهد شاهدا عدل على خاتم القاضي وعلى ما في الكتاب كله إذا قرئ عليه عرف القاضي الكتاب والخاتم أو لم يعرفه ولا يقبله إلا بشاهدين على ما وصفت لأنه حق وهو مثل شهادة على شهادة ثم رجع أبو يوسف رحمه الله وقال: لا يقبل الكتاب حتى يشهد الشهود أنه قرأه عليهم وأعطاهم نسخة معهم يحضرونها هذا القاضي مع كتاب القاضي وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا شهدوا على خاتم القاضي قبل ذلك منهم وبه يأخذ.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا شهد الشاهدان على كتاب القاضي إلى القاضي عرف المكتوب إليه كتاب القاضي وخاتمه أو لم يعرفه فهو سواء في الحكم ولا يقبل إلا بشاهدين عدلين يشهدان أن هذا كتاب فلان قاضي بلد كذا إلى فلان قاضي بلد كذا ويشهدان على ما في الكتاب إما بحفظ له وإما بنسخة معهما توافق ما فيه ولا أرى أن يقبله مختوما وهما يقولان: لا ندري ما فيه لأن الخاتم قد يصنع على الخاتم ويبدل الكتاب.

وإذا قال الخصم للقاضي: لا أقر ولا أنكر فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول: لا أجبره على ذلك ولكنه يدعو المدعي بشهوده بهذا يأخذ [قال]: وكان ابن أبي ليلى لا يدعه حتى يقر أو ينكر وكان أبو يوسف إذا سكت يقول له: احلف مرارا فإن لم يحلف قضى عليه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا تنازع الرجلان وادعى أحدهما على الآخر دعوى فقال المدعى عليه: لا أقر ولا أنكر قيل للمدعي: إن أردت أن نحلفه عرضنا عليه اليمين فإن حلف برئ إلا أن تأتي ببينة وإن نكل قلنا لك احلف على دعواك وخذ فإن أبيت لم نعطك بنكوله شيئا دون يمينك مع نكوله.

وإذا أنكر الخصم الدعوى ثم جاء بشهادة الشهود على المخرج منه فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول: أقبل ذلك منه وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا أقبل منه بعد الإنكار مخرجا وتفسير ذلك أن الرجل يدعي قبل الرجل الدين فيقول ماله قبلي شيء فيقيم الطالب البينة على ماله ويقيم الآخر البينة أنه قد أوفاه إياه وقال أبو حنيفة: المطلوب صادق بما قال ليس قبلي شيء وليس قوله هذا بإكذاب لشهوده على البراءة.

[قال الشافعي]: رحمه الله وإذا ادعى الرجل على الرجل دينا فأنكر المدعى عليه فأقام عليه المدعى بينة فجاء المشهود عليه بمخرج مما شهد به عليه قبلته منه وليس إنكاره الدين إكذابا للبينة فهو صادق لأنه ليس عليه شيء في الظاهر إذا جاء بالمخرج منه ولعله أراد أولا أن يقطع عنه المؤنة.

وإذا ادعى رجل قبل رجل دعوى فقال: عندي المخرج فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول: ليس هذا عندي بإقرار إنما يقول: عندي البراءة وقد تكون عند البراءة من الحق ومن الباطل وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هذا إقرار فإن جاء بمخرج وإلا ألزمه الدعوى وأبو حنيفة يقول: إن لم يأت بالمخرج لم تلزمه الدعوى إلا ببينة.

[قال الشافعي]: رحمه الله وإذا ادعى الرجل على الرجل حقا فقال المدعى عليه: عندي منها المخرج فسأل المدعي القاضي أن يجعل هذا إقرارا يأخذه به إلا أن يجيء منه بالمخرج فليس هذا بإقرار لأنه قد يكون عنده المخرج بأن لا يقر به ولا يوجد عليه بينة ولا يأخذ المدعي إلا ببينة يثبتها ويقبل من المدعى عليه المخرج وإن شهد عليه.

قال: وإذا أقر الرجل عند القاضي بشيء فلم يقض به القاضي عليه ولم يثبته في ديوانه ثم خاصمه إليه فيه بعد ذلك فإن أبا حنيفة رحمه الله قال: إذا ذكر القاضي ذلك أمضاه عليه وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى رحمه الله يقول لا يمضي ذلك عليه وإن كان ذاكرا له حتى يثبته في ديوانه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أقر الرجل عند الحاكم فأثبت الحاكم إقراره في ديوانه أو كان ذاكرا لإقراره ولم يثبت في ديوانه فسواء فإن كان ممن يأخذ بالإقرار عنده أخذه به ولا معنى للديوان إلا الذكر وإذا كان القاضي ذاكرا فسواء كان في الديوان أو لم يكن [قال الربيع]: وكان الشافعي يجيز الإقرار عند القاضي وإنما كره أن يتكلم بإجازته لحال ظلم بعض القضاة.

كتاب الأم - كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى
كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى | باب الغصب | باب الاختلاف في العيب | باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها | باب المضاربة | باب السلم | باب الشفعة | باب المزارعة | باب الدعوى والصلح | باب الصدقة والهبة | باب في الوديعة | باب في الرهن | باب الحوالة والكفالة في الدين | باب في الدين | باب في الأيمان | باب الوصايا | باب المواريث | باب في الأوصياء | باب في الشركة والعتق وغيره | باب في المكاتب | باب في العارية وأكل الغلة | باب في الأجير والإجارة | باب القسمة | باب الصلاة | باب صلاة الخوف | باب الزكاة | باب الصيام | باب في الحج | باب الديات | باب السرقة | باب القضاء | باب الفرية | باب النكاح | باب الطلاق | باب الحدود