كتاب الأم/كتاب القرعة/باب كيف قيم الرقيق
[قال الشافعي]: رضي الله تعالى عنه: وإذا كان الرقيق أعتقوا عتق بتات في مرض المعتق، أو رقيق أعتقوا بتدبير، أو وصية فمات المدبر، أو الموصي ولم يرفع إلى الحاكم حتى تغيرت قيم الرقيق بزيادة، أو نقصان فالقول في قيم الرقيق أنهم يقومون في يوم وقع لهم العتق ولا ينظر إلى زيادتهم ولا نقصانهم بعد ذلك، وذلك أن الرقيق الذين عتقوا عتق بتات كان العتق لهم تاما لو عاش وتاما لو مات فخرجوا من الثلث، وواقع على جماعتهم إنما يردون بأن لا يدع الميت مالا يخرجون به فيردون، أو يرد منهم من رد فإذا تم عتق بعضهم ورد في بعض فإنما أعتقوا بالعتق المتقدم في حياة المعتق لا أن أيهم يعتق بالحكم بالقرعة؛ لأن الحكم بالقرعة حكم مستأنف كأنهم عتقوا يومئذ ولا أن القرعة أوقعت لمعتق عتقا لم يكن له ولا زادته ما لم يستوجب، إنما فرقت بين العتق والرق، فأما زيادة في شيء بأمر لم يكن فلا ولكنه تمييز بين من يرق ويعتق ممن وقع له العتق بالقول المتقدم، فإذا كان هذا هكذا انبغي أن تكون القيمة يوم يقع العتق لا يوم يقع الحكم، وأما المدبرون والمعتقون بوصية فقيمتهم يوم يموت الميت؛ لأنه وقع لهم يومئذ ومن قال هذا القول انبغى أن يقول إن كان المعتقون إماء، أو كان فيهم إماء حبالى قومهن حبالى، فإن استأخرت قيمهن إلى أن يلدن فقيمتهن حبالى وأيتهن عتقت فولدها حر معها؛ لأنها لما وقعت لها القرعة وهي حامل فكان حكم حملها حكمها يعتق بعتقها ويرق برقها، ولو كان زايلها قبل العتق كان حكمه غير حكمها، وهكذا كل من رق منهن رق معها ولدها، لا حكم للولد إلا حكم أمهاتهم ولو ولدت بعد العتق وقبل القرعة ثم عتقت كان ولدها أحرارا مثلها، ولو ولدت قبل أن تعتق عتق بتات كان ولدها كغيره من رقيق سيدها، وما كان في أيدي هؤلاء الرقيق المعتقين عتق بتات عند الموت، أو المعتقين بعد الموت من مال قبل أن يقع العتق على المعتقين فهو كله مال تركه الميت، فيؤخذ فيكون ميراثا كما ترك من مال سواه، وكذلك أرش كل جناية جنيت على أحد منهم قبل وقوع العتق وإن لم يوجد إلا بعد العتق وكل ما وهب لهم، أو صار لهم من أجرة ومهر جارية وغير ذلك فكله مال من مال الميت؛ لأنه وجب قبل وقوع العتق لهم وهم رقيق ومال الرقيق لمالكه، ولو زوج أمة منهم بمائة دينار فلم يدخل بها الزوج حتى أعتقها فالمائة للسيد إذا دخل بها أو مات عنها، والمائة وجبت بالعقد كاملة، وهي مملوكة إلا أن يطلق فيكون له أن يرجع بنصف المائة، ويكون الخمسون للسيد [قال]: وما أفاد العبيد المعتقون والإماء بعد وقوع العتق من كسب وهبة وأرش جناية وغير ذلك وقف ومنعوه، فإن خرجوا من الثلث فهم أحرار وأموالهم التي كسبوا وأفادوا، أو صارت لهم بأي وجه ما كانت أموال أحرار لم يملكها الميت قط فيدفع إلى كل واحد منهم ماله، وإن لم يخرجوا كلهم من الثلث أقرع بينهم فأيهم وقعت له الحرية عتق وصير إليه ماله الذي صار له بعد وقوع الحرية بالكلام بها في عتق البتات، أو موت المعتق بموته وصار من معه رقيقا فأخذ ما في أيديهم من الأموال وما وجب لهم من أرش الجناية ومهر المنكوحة وغيرها مما ملكوه، فإذا أخذ فقد زاد مال الميت وإذا زاد مال الميت وجب علينا أن نعتق ما حمل ثلث الزيادة من الرقيق، فعلينا نقض قسم الرقيق الذين قسمناهم بين الورثة والاقتراع بينهم فأيهم خرج عليه سهم العتق أعتقناه، أو ما حمل ما يبقى من ثلث مال الميت وصار ما بقي من الرقيق وما بقي من أحدهم إن عتق بعضه مماليك، فإن أرادوا الورثة أن. يقتسموها أعدنا قسمتهم مستقبلا كأنا وجدنا مال الميت زاد بما في أيدي العبيد والإماء الذين خرج عليهم الرق ألفا ومائتين، فكان ثلث مال الميت منها أربعمائة دينار وقيمة الرقيق الذين أعتقهم الميت ألفا فصار لهم من العتق الخمسان على معنى، وذلك أنا نقرع بينهم فإذا خرج سهم العتق من الرقيق على واحد قيمته أربعمائة ولم يكن كسب شيئا نأخذه من يده عتق ورق من بقي وصح المعنى، فإن خرج سهم العتق على واحد قيمته أربعمائة أوقعنا له العتق، وإذا نظرنا فكنا قد أخذنا من ماله شيئا كان علينا أن نرده عليه فكأنا أخذنا من كسبه أربعمائة، فإذا أردنا ردها عليه وجدنا مال الميت ينقص فينقص عتقهم فنقف الأربعمائة ونعتق منه ثلث ثمانمائة فيكون ثلثاه حرا وثلثه مملوكا، ثم يكون له ثلثا أربعمائة، ثم نزيده في العتق بقدر ثلثي أربعمائة، فإذا تم زدناه في العتق شيئا، ثم زدناه عليه من ذلك بقدره حتى يصير إليه من كسبه وماله بقدر ما يعتق منه إن عتق ثلاثة أرباعه صيرنا إليه ثلاثة أرباع ماله، ثم رددنا ما بقي من كسبه ميراثا للوارث وهذا من الدور، وأصل هذا أن تنظر أبدا إلى الرقيق إذا عجز ثلث مال الميت فأعتقت نصفهم بالقرعة، ثم زاد مال الميت بأي وجه ما كان فأحسب ثلث الزيادة ثم أعتق ممن يبقى من الرقيق المعتقين بقدر ما زاد مال الميت.