كتاب الأم/كتاب الرد على محمد بن الحسن/في عقل المرأة
[قال الشافعي]: قال أبو حنيفة رضي الله عنه في عقل المرأة إن عقل جميع جراحها ونفسها على النصف من عقل الرجل في جميع الأشياء، وكذلك أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب أنه قال عقل المرأة على النصف من عقل الرجل في النفس وفيما دونها وقال أهل المدينة عقلها كعقله إلى ثلث الدية فأصبعها كأصبعه وسنها كسنه وموضحتها كموضحته ومنقلتها كمنقلته فإذا كان الثلث أو أكثر من الثلث كان على النصف قال محمد بن الحسن وقد روى الذي قال أهل المدينة عن زيد بن ثابت قال يستوي الرجل والمرأة في العقل إلى الثلث، ثم النصف فيما بقي أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن حماد عن إبراهيم عن زيد بن ثابت أنه قال يستوي الرجل والمرأة في العقل إلى الثلث، ثم النصف فيما بقي وأخبرنا أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن حماد عن إبراهيم أنه قال قول علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في هذا أحب إلي من قول زيد وأخبرنا محمد بن أبان عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما أنهما قالا عقل المرأة على النصف من دية الرجل في النفس وفيما دونها فقد اجتمع عمر وعلي على هذا فليس ينبغي أن يؤخذ بغيره ومما يستدل به على صواب قول عمر وعلي أن المرأة إذا قطعت أصبعها خطأ وجب على قاطعها في قول أهل المدينة عشر دية الرجل، فإن قطع أصبعين وجب عليه عشرا الدية، فإن قطع ثلاث أصابع وجب عليه ثلاثة أعشار الدية، فإن قطع أربع أصابع وجب عليه عشرا الدية فإذا عظمت الجراحة قل العقل.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: القياس الذي لا يدفعه أحد يعقل ولا يخطئ به أحد فيما نرى أن نفس المرأة إذا كان فيها من الدية نصف دية الرجل وفي يدها نصف ما في يده ينبغي أن يكون ما صغر من جراحها هكذا فلما كان هذا من الأمور التي لا يجوز لأحد أن يخطئ بها من جهة الرأي وكان ابن المسيب يقول في ثلاث أصابع المرأة ثلاثون وفي أربع عشرون ويقال له حين عظم جرحها نقص عقلها فيقول هي السنة وكان يروي عن زيد بن ثابت أن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، ثم تكون على النصف من عقله لم يجز أن يخطئ أحد هذا الخطأ من جهة الرأي لأن الخطأ إنما يكون من جهة الرأي فيما يمكن مثله فيكون رأي أصح من رأي فأما هذا فلا أحسب أحدا يخطئ بمثله إلا اتباعا لمن لا يجوز خلافه عنده فلما قال ابن المسيب هي السنة أشبه أن يكون عن النبي ﷺ أو عن عامة من أصحابه ولم يشبه زيد أن يقول هذا من جهة الرأي لأنه لا يحتمله الرأي، فإن قال قائل فقد يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خلافه قيل فلا يثبت عن علي ولا عن عمر ولو ثبت كان يشبه أن يكونا قالاه من جهة الرأي الذي لا ينبغي لأحد أن يقول غيره فلا يكون قلة علم من قبل أن كل أحد يعقل ما قالا إذا كانت النفس على نصف عقل نفسه واليد كان كذلك ما دونهما ولا يكون فيما قال سعيد السنة إذا كانت تخالف القياس والعقل إلا عن علم اتباع فيما نرى والله تعالى أعلم وقد كنا نقول به على هذا المعنى، ثم وقفت عنه وأسأل الله تعالى الخيرة من قبل أنا قد نجد منهم من يقول السنة، ثم لا نجد لقوله السنة نفاذا بأنها عن النبي ﷺ فالقياس أولى بنا فيها على النصف من عقل الرجل ولا يثبت عن زيد كثبوته عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والله تعالى أعلم.