كتاب الأم/كتاب الأقضية/السهمان في القسم
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ينبغي للقاسم إذا أراد القسم أن يحصي أهل القسم، ويعلم مبلغ حقوقهم فإن كان منهم من له سدس وثلث ونصف قسمه على أقل السهمان، وهو السدس فجعل لصاحب السدس سهما، ولصاحب الثلث سهمين، ولصاحب النصف ثلاثة أسهم ثم قسم الدار ستة أجزاء، وكتب أسماء أهل السهمان في رقاع من قراطيس صغار ثم أدرجها في بندق من طين ثم دور البندق فإذا استوى درجه ثم ألقاه في حجر رجل لم يحضر البندقة ولا الكتاب أو حجر عبد أو صبي ثم جعل السهمان فسماها أولا وثانيا وثالثا ثم قال أدخل يدك وأخرج على الأول بندقة واحدة، فإذا أخرجها فضها فإذا خرج اسم صاحبها جعل له السهم الأول، فإن كان صاحب السدس فهو له، ولا شيء له غيره، وإن كان صاحب الثلث فهو له، والسهم الذي يليه، وإن كان صاحب النصف فهو له، والسهمان اللذان يليانه، ثم يقال أدخل يدك فأخرج بندقة على السهم الفارغ الذي يلي ما خرج، فإذا خرج فيها اسم رجل فهو كما وصفت حتى تنفذ السهمان، وإذا قسم أرضا فيها أصل أو بناء أو لا أصل فيها ولا بناء فإنما يقسمها على القيمة لا على الذرع فيقومها قيما ثم يقسمها كما وصفت، وإن كان المقسوم عليهم بالغين فاختاروا أن نقسمها على الذرع ثم نعيد عليها القيمة ثم يضرب عليها بالسهمان فأيهم خرج سهمه على موضع أخذه، وإذا فضل رد فيه عليه، وأخذ فضلا إن كان فيه لم نجز القسم بينهم حتى يلزم على هذا إلا بعدما يعرف كل واحد منهم بموقع سهمه، وما يلزمه، ويسقط عنه فإذا علمه كما يعلم البيوع ثم رضي به أجزته في ذلك الوقت لا على الأول كما كنت ألزمهم القرعة الأولى، ولهم أن ينقضوه متى شاءوا، وإن كان فيهم صغير أو مولى عليه لم يجز هذا القسم، وإنما يجوز القسم حتى يجبر عليه إذا كان كما وصفت في القسم الأول يخرج كل واحد منهم لا شيء له، ولا عليه إلا ما كان خرج عليه سهمه.
[قال]: ولا يجوز أن يقسم الرجل الدار بين القوم فيجعل لبعضهم سفلا، ولبعضهم علوا لأن أصل الحكم أن من ملك السفل ملك ما تحته من الأرض، وما فوقه من الهواء فإذا أعطي هذا سفلا لا هواء له، وأعطي هذا علوا لأسفل له فقد أعطي كل واحد منهما على غير أصل ما يملك الناس، ولكنه يقسم ذلك بالقيمة، ولا يعطي أحدا بقعة إلا ما ملكه ما تحتها، وهواءها، وإن كان في الناس قسام عدول أمر القاضي من يطلب القسم أن يختاروا لأنفسهم قساما عدولا إن شاءوا من غيرهم، وإن رضوا بواحد لم يقبل ذلك حتى يجتمعوا على اثنين، ولا ينبغي له أن يشرك بين قسامه في الجعل فيتحكموا على الناس، ولكن يدع الناس حتى يستأجروا لأنفسهم من شاءوا.