كتاب الأم/باب الولاء والحلف/ميراث الولد الولاء
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا مات الرجل وترك ابنين وبنات وموالي هو أعتقهم فمات المولى المعتق ورثه ابناه، ولم يرثه أحد من بناته. فإن مات أحد الابنين وترك ولدا ثم مات أحد الموالي الذين أعتقهم ورثه ابن المعتق لصلبه دون بني أخيه؛ لأن المعتق لو مات يوم يموت المولى كان ميراثه لابنه لصلبه دون ابن ابنه ثم هكذا ميراث الولد وولد الولد أبدا، وإن تسفلوا في الموالي انسب ولد الولد أبدا إلى المولى المعتق يوم يموت المولى المعتق فأيهم كان أقرب إليه بأب واحد فاجعل له جميع ميراث المولى المعتق.
ولو أعتق رجل غلاما، ثم مات المعتق وترك ثلاثة بنين ثم مات البنون الثلاثة وترك أحدهم ابنا والآخر أربعة بنين والآخر خمسة بنين، ثم مات المولى المعتق اقتسموا ميراث المولى على عشرة أسهم للابن سهم وللأربعة البنين أربعة أسهم وللخمسة خمسة أسهم كما يقتسمون ميراث الجد لو مات يومئذ وهم ورثته لاختلاف حال ميراث الولاء والمال، ولو كان الجد الميت فورثه ثلاثة بنون، ثم مات البنون وترك أحدهم ابنا والآخر أربعة والآخر خمسة، ثم ظهر للجد مال اقتسم بنو البنين على أنه ورثه ثلاثة بنين، ثم ورث الثلاثة البنين أبناؤهم فللابن المنفرد بميراث أبيه ثلث ميراث الجد، وذلك حصة أبيه من ميراث الجد وللأربعة البنين ثلث ميراث الجد أرباعا بينهم، وذلك حصة ميراث أبيهم، وللخمسة البنين ثلث ميراث الجد أخماسا بينهم. وذلك حصة أبيهم من ميراث جدهم. ولو كان معهم في المال بنات دخلن، ولا يدخلن في ميراث الولاء.
فإذا أعتق رجل عبدا فمات المولى المعتق وترك أباه وأولادا ذكورا فميراث المولى المعتق لذكور ولده دون بناته وجده لا يرث الجد مع ولد المعتق شيئا ما كان فيهم ذكر، ولا ولد ولده، وإن سفلوا، فإذا مات المولى المعتق وترك أباه وإخوته لأبيه وأمه، أو لأبيه فالمال للأب دون الإخوة؛ لأنهم إنما يلقون الميت عند أبيه فأبوه أولى بولاء الموالي إذا كانوا إنما يدلون بقرابته.
فإذا مات المولى المعتق وترك جده وإخوته لأبيه وأمه، أو لأبيه فاختلف أصحابنا في ميراث الجد والأخ، فمنهم من قال: الميراث للأخ دون الجد، وذلك؛ لأنه يجمعه والميت أب قبل الجد، ومن قال هذا القول قال: وكذلك ابن الأخ وابن ابنه، وإن سفلوا؛ لأن الأب يجمعهم والمولى المعتق قبل الجد وبهذا أقول؛ ومن أصحابنا من قال: الجد والأخ في ولاء الموالي بمنزلة؛ لأن الجد يلقى المولى المعتق عند أول أب ينتسب إليه فيجمعه والميت المعتق أب يكونان فيه سواء، وأول من ينسب إليه الميت أبو الميت والميت ابنه والجد أبوه فذهب إلى أن يشرك الجد والميت المعتق أب هما شرع فيه الجد بالأبوة والابن بولادته ويذهب إلى أنهما سواء، ومن قال: هذا قال: الجد أولى بولاء الموالي من بنى الأخ إذا سوى بينه وبين الأخ جعل المال للجد بالقرب من الميت.
[قال الشافعي]: الإخوة أولى بولاء الموالي من الجد، وبنو الإخوة أولى بولاء الموالي من الجد. فعلى هذا الباب كله وقياسه، فأما إن مات المولى المعتق وترك جده وعمه ومات المولى المعتق فالمال للجد دون العم؛ لأن العم لا يدلي بقرابة إلا بأبوة الجد فلا شيء له مع من يدلي بقرابته، ولو مات رجل وترك عمه وجد أبيه كان القول فيها على قياس من قال: الإخوة أولى بولاء الموالي من الجد أن يكون المال للعم؛ لأنه يلقى الميت عند جد يجمعهما قبل الذي ينازعه، وكذلك ولد العم، وإن تسفلوا؛ لأنهم يلقونه عند أب لهم ولد قبل جد أبيه ومن قال: الأخ والجد سواء فجد الأب والعم سواء؛ لأن العم يلقاه عند جده وجد أبيه أبو جده.
[قال الشافعي]: فإن كان المنازع لجد الأب ابن العم فجد الأب أولى كما يكون الجد أولى من ابن الأخ للقرب من المولى المعتق.
[قال الشافعي]: وإذا مات المولى المعتق، ثم مات المولى المعتق، ولا وارث للمولى المعتق وترك أخاه لأمه وابن عم قريب، أو بعيد فالمال لابن العم القريب، أو البعيد؛ لأن الأخ من الأم لا يكون عصبة، فإن كان الأخ من الأم من عصبته وكان في عصبته من هو أقعد منه من أخيه لأمه الذي هو من عصبته كان للذي هو أقعد إلى المولى المعتق فإن استوى أخوه لأمه الذي هو من عصبته وعصبته فالميراث كله للأخ من الأم؛ لأنه ساوى عصبته في النسب وانفرد منهم بولادة الأم، وكذلك القول في عصبته بعدوا أو قربوا، لا اختلاف في ذلك، والله تعالى الموفق.