انتقل إلى المحتوى

قسما بالليل وما وسقا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قسما بالليل وما وسقا

​قسما بالليل وما وسقا​ المؤلف لسان الدين الخطيب


قسما بالليل وما وسقا
وآيات البدر إذا اتسقا
والنجم الثاقب حين هوى
راجما والصبح إذا انفلقا
وبنور الطور وقد أضحى
موسى لجلالته صعقا
لمخايل ملكك تخبرني
أن التأبيد لها خلقا
أحييت الدين وقد أودى
وأعدت الملك وقد خلقا
يا ناصر دين الله ومن
بعنايته الوثقى وثقا
مهدت لملكك مصطبحا
في ظل الأنس ومغتبقا
ونظمت المجد فوافره
غناك السعد به وسقا
طابت بوجودك أندلس
حسنت بجوارك مرتفقا
إن طاف بها شيطان عدى
يبغي لسمائك مسترقا
أو جاس خلال منازلها
قذفته سعودك فاحترقا
الله تخير يوسف من
غرر الأملاك هدى ونقا
كهف لجأ الإسلام له
فعفا وحمى وكفى ووقا
وأعز الرشد به فرقا
وأذل الغمى به فرقا
وافى وصباح الملك دجى
فانجاب الغاسق وأئتلقا
والأرض تضيق بساكنها
وتغص بريقتها شرقا
فاهتزت حين أتى وربت
وأسال بها ماء غدقا
وتداركها بعزائمه
ما مثل صفاح الهند رقا
وأقام الحق وجاء به
فإذا بالباطل قد زهقا
يجري في محكم راحته
أحكام سعادات وشقا
لو عاد البدر بغرته
لم يخش الخسف ولا امحقا
أو أم اليم بعزمته
يوما لتصدع وانفرقا
أو لاذ الوحش بجانبه
لم يرهب من عاد طرقا
مهلا فمواطر كفك ما
أبقت محتاجا ومرتزقا
ولقد أمرت حتى غمرت
وتخوف سائلك الغرقا
أبني الأنصار لك شرف
حكم آي القرآن به نطقا
آووا نصروا أو أذوا صبروا
كانوا لرسول الله وقا
حفظوه ببذل النفس كما
حفظوا بجفونهم الحدقا
ووفوا لله ما عهدوا
فما كذبوه إذ صدقا
ورضوا بالصبر فما وهنوا
جزعا في الدين ولا قلقا
أمجاهد دين الله لقد
أمنت بصارمك الطرقا
وخليفته في أمة من
بالوحي أتى وبه فرقا
هجرت النوم لطاعته
بالغزو وواصلت الأرقا
هذا النيروز أتاك بما
تهواه وبالبشرى سبقا
فسنملك أرض الروم فما
أبقيت بها إلا رمقا
كفروا بالله فأرهقهم
وملكت فزادهم رهقا
فالرمح ينضنض من شره
لهم والصارم قد دلقا
والخيل تهد مرابطها
وتقد أعنتها حنقا
شهب كالشهب إذا قذفت
دهم كالليل إذا غسقا
صفر كالشمس إذا جنحت
حمر وقد ألبست الشفقا
إما صهلت في أرض عدى
فغراب البين بهم نعقا
ما أرعد ركض سنابكها
إلا والصارم قد فرقا
يعتد بها ملك شهم
لو رام بها الشعرى لحقا
أو عارضها بالبرق كبا
أو أورد عين الشمس سقا
لولا كلمات سبقت
بالسلم وعهد قد سبقا
لتركت ديارهم قفر السلهام
وسلمهم نفقا
وجعلت مياههم غورا
وتركت صعيدهم زلقا
يا حزب الله وناصره
بالحق ومدرك ما سحقا
أنت المدخور ليومهم
أنت المفتاح لما غلقا
وافيت إليك بركض
لغمر نوالك مستبقا
فسبكت التبر لها لحما
وجعلت أجتلها شرقا
فأنل واحمل وأعد وأبد
وانعم في ظل حمى وبقا
ما لاح النور بمشرقه
أو هزت ريح غصن نقا